- بدعة الإعجاز العلمي في القرآن: تأويل لليقين بالظنِّ
- أ- تلقيت اتصالاً كريماً بالهاتف من: د. عبد العزيز العطيشان ثم رسالة كريمة من:
- الأستاذ عبد الله الصبياني منسق فريق اللجنة التأسيسية لمؤسسة الاكتشافات
- العلمية من الكتاب والسنة (تحت التأسيس) تبيِّن أهم أهداف المؤسسة، وهذا
- موجزها:
- 1) تشجيع العلماء المسلمين للوصول إلى اكتشافات علمية جديدة مستنبطة من المؤشرات العلمية في الكتاب والسنة ومنتجات علمية تطبيقية.
- 2) تخفيف تعلق الطلاب المسلمين في الخارج بالعلم الغربي المنفصل عن الدين.
- 3) تصحيح صورة المسلم في الإعلام الغربي بنقله من الاستهلاك إلى الاختراع.
- ب- ويعتمد إنشاء المؤسسة على ما يلي موجزه:
- 1) ورود إشارات علمية في نحو (1200) آية من كتاب الله، يدعو إلى التعمق فيها واستنباط حقائقها: تحقيقاً لمبدأ الاستخلاف في الأرض.
- 2) ورود كلمة (العلم) والتشجيع على التفكر في مئات الآيات.
- ج- ويتوقع المؤسِّسُون الوصول إلى نتائج هذا موجزها:
- 1- اكتشاف أمراض وراثية بالرضاعة المحرمة من قول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23].
- 2- اكتشاف مواد جديدة من مثل قول الله تعالى: {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} [الإنسان: 16].
- 3- اكتشاف أدوية جديدة من مثل قول الله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} [الصافات: 146].
- 4- اكتشاف طرق بناء جديدة مما قصَّ الله عن سد ذي القرنين ومن قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً".
- د- ويتعلق بعض الإخوة المهتمين بهذا المشروع ومن سبقهم بفهمهم لقول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] وبفهمهم لقول الله تعالى: {يَا
- مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ
- أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا
- بِسُلْطَانٍ}
- [الرحمن: 33] دليلاً على صحة ظنهم أنه يجوز القول على الله وكلماته بما لم
- يقله ولم يعمل به ولم يقره النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه ولا
- صحابته ولا تابعوه في القرون المفضلة.
- وبعد الاطلاع على أهداف المؤسسين وقواعد عملهم وتوقعاتهم للنتائج رأيت ما يلي وبالله التوفيق:
- أ- لا يجوز شرعاً أن يقال على الله (وعلى مراده بكلامه) قول يخالف قول النبي صلى
- الله عليه وسلم وأصحابه، فلا دين إلا ما كانوا عليه، قال الله تعالى: {وَمَنْ
- يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
- وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى
- وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
- [النساء: 115] وقد أفتت اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء بتحريم ذلك
- وذكرت مثالاً له قول أهل بدعة الإعجاز العلمي في قول الله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا...} المخالف لجميع المفسرين القدوة.
- ومع تفهمي للعاطفة من وراء هذه البدعة وحسن ظني بنية مبتدعيها؛ فهم مخطئون
- (ولو أصابوا) لتجاوزهم حدود إدراكهم وتعديهم على كتاب الله تعالى وعلى
- مراده بكلامه، وهم بذلك مقترفون لكبيرة من الكبائر لا يعذرون في اقترافها
- بدعوى حسن النية مع فساد العمل.
- ب- وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}
- [النحل: 44]، وما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن استدراك على الله ورسوله
- يتضمن اتهام الرسول بعدم التبيان واتهام الدين بعدم الكمال، وقد أنزل الله
- تعالى في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فلا يجوز لمسلم المساهمة فيه ولا الإعانة عليه ولا الإنفاق عليه.
- جـ- وتوجد هيئة للإعجاز العلمي في القرآن بمكة المباركة سعى التابعون لمنهج
- (حزب الإخوان المسلمين) لايجادها والسيطرة عليها فلم يول عليها منذ
- إنشائها غيرهم، ولو كان في هذا النهج خير، أو لم يكن فيه شر لكفتنا البلوى
- بها عن البلوى بغيرها، والإثم باقترافها عن غيرها.
- د- لم يقل عالم بشرع الله يقتدى به بمثل ما قال به أهل هذه البدعة المفتراة
- على الإسلام باسم الإسلام، وإنما كان المرجع في تفسير القرآن ما ثبت عن
- النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وعن الفقهاء في الدين في القرون
- الخيرة، حتى ذر قرن الفكر فأزيح الفقه في الدين وقدم الفكر.
- وإنما بدأ الانحراف عن منهاج النبوة بمحاولة أهل الفرق الضالة عنه الاستدلال
- لصحة مناهجهم بتحكيم عقولهم القاصرة في مراد الله بكلامه، (المعتزلة
- والخوارج والرافضة بخاصة)، وللتفصيل اقرأ كتاب (بدع التفاسير في الماضي
- والحاضر د. رمزي نعناعة) فهو خير ما قرأت ونقلت عنه، ونشرته مشكورة وزارة
- الأوقاف الأردنية عام 1390. قال مقدمه د. عز الدين الخطيب التميمي (وكيل
- الوزارة ثم مفتي الأردن ثم رئيس القضاة أثابه الله) عن دوافع المفسر
- المنحرف:
- 1) قصوره في فهم الحديث وجهله باللغة.
- 2) جعل مذهبه أصلاً في فهم الآية والتفسير تباعاً.
- 3) الجزم بأن مراد الله بالآية كذا من غير دليل شرعي.
- 4) تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
- 5) التفسير بالهوَى [الفكر]. ص 8.
- هـ- لعل أول وأعلم من اشتهر في بدعة الإعجاز العلمي في القرآن: أبو حامد
- الغزالي رحمه الله فنقل عن غيره دعوى (أن القرآن يحوي سبعة وسبعين ألف علم
- ومئتي علم إذ كل كلمة علم، مضاعفة أربع مرات إذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد
- ومطلع)، وهو رحمه الله قد اجتالته عن العلم الشرعي شياطين الفلسفة ولما
- تبين ضلالها حاول البعد فاجتالته شياطين التصوف (فلسفلة ودروشة) واقرأ
- كتاب (أبو حامد الغزالي والتصوف) للشيخ عبد الرحمن دمشقية أو مهذبنا له:
- (وقفات مع كتاب إحياء علوم الدين للغزالي) تجد فيه من الطامات والشطحات في
- العقيدة فما دونها ما ينهاك عن الثقة في كل ما يقول وينقل بلا دليل، وعن
- قلة بضاعته في الحديث بل واللغة.
- و- لا يظهر لي فيما تلقيته من الإخوة القائمين على هذه المؤسسة أنها تقوم على
- أساس صالح من أي وجه لاستباحة حمى الله والقول على الله بغير علم والحكم
- على مراده من كلامه بغير دليل من الوحي بفهم سلف هذه الأمة من الفقهاء
- الأول في دينه.
- وليس بينهم عالم واحد بشرع الله يبين لهم حدود الله فلا يتعدوها، بل مبلغ علمهم
- (أو جهلهم) الفكر المجرَّد عن العلم والاتباع. ولو ترك الدين للفكر لضاع
- الدين فالفكر مشترك بين الناس، بل إن بعض تصرفات الحيوان لجلب منفعته أو
- دفع مضرته تدل على نوع من التفكر قد يسمى بغير لفظه، أما العلم الشرعي
- المحمود فلأهله وحدهم.
- ز- وقد يظنون أن كل مجتهد مأجور مرتين إن أصاب أو مرة إن أخطأ، وهذا الظن إثم
- إذا تعلق بالقول في الأمور الشرعية، فلا يجوز الاجتهاد في أمور الشريعة
- إلا لعلماء الشريعة.
- وكل الخائضين في بدعة الإعجاز العلمي في القرآن من الخلف (القرن الأخير بخاصة)
- قاصرون عن العلم الشرعي ومقلدون في النظريات الكونية منذ طنطاوي جوهري (ت:
- 1358 هـ) إلى مصطفى محمود الطبيب (مع وقف التنفيذ) الصحفي، وزغلول النجار
- الجيولوجي.
- حـ- وأبرز من رد باطل الإعجاز بين الأوائل من علماء السنة إبراهيم أبو موسى
- الشاطبي العالم الأصولي المشهور (ت: 790) وهو من أئمة المالكية من غرناطة،
- قال في (الموافقات) عن الإعجاز بين السابقين بأنهم: (تجاوزوا الحدَّ في
- الدعوى على القرآن فأضافوا إليه كل علم)، وقال: (إن السلف الصالح من
- الصحابة والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه،
- ولم يبلغنا أنه تكلَّم أحد منهم في شيء من هذا المدَّعى ... وذلك دليل على
- أنَّ القرآن لم يقصد فيه تقرير لشيء مما زعموا) جـ 2 ص 69 – 82.
- جزى الله الشاطبي في السابقين ورمزي نعناعة في اللاحقين وأمثالهما خير ما يجزي به الله النافين عن كتابه تأويل المبطلين.
- ط- وغاية ما وجدت في خطاب القائمين على هذه المؤسسة:
- 1) ظنهم أن الحضارة الغربية هي معيار رقي المسلم ورفعة شأنه بشرط ألا يأخذها
- المسلم من مصدرها الغربي بل من القرآن والله تعالى يقول: {وَلَوْلَا
- أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ
- بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا
- يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ
- أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ
- ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ
- رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}
- [الزخرف: 33 - 35]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدنيا سجن المسلم
- وجنة الكافر" رواه مسلم، فهم أولى بها، وكل الحضارات القديمة وثنية:
- الهندية والصينية والفارسية واليونانية والفرعونية والرومانية والإنكا
- والخِمْر وغيرهم.
- وللمسلم التعامل الدنيوي مع الجميع بالعدل والبر والإحسان كما كان رسول الله صلى
- الله عليه وسلم يفعل مع المشرك والنصراني واليهودي حتى مات ودرعه مرهون
- عند يهودي واليهود يعملون في خيبر بنصف ما يخرج منها وهم المحاربون له
- الناقضون لعهده.
- 2) تعلقهم بلفظ في القرآن حسب فهمهم الساذج مثل: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] فيتعسفون استنباط دواء منه لا دليل عليه من الشرع ولا من العقل.
- والجرأة على القول على كتاب الله بغير علم زيَّنَتْ لأبي زيدٍ الدمنهوري تفسير قول الله تعالى: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} [آل
- عمران: 49] بقوله: (يعلمكم التدبير المنزليَّ)، ولمصطفى محمود: (سيمفونية
- الفاتحة)، ولسيد قطب: وصف القرآن بالسحر والتصوير والرسم والموسيقى
- والمشاهد السينمائية والمسرحية، وزيَّنتْ قبلهم لأبي الفضل المرسي استنباط
- فنِّ الهندسة من قول الله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30]، وزيَّنتْ لطنطاوي جوهري استنباط تحضير الأرواح من سورة البقرة، آية (76). والله الهادي. (الطائف: 24/8/1428 هـ).
بدعة الإعجاز العلمي في القرآن: تأويل لليقين بالظنِّ
أبو عبد الله أحمد بن نبيل- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 2798
العمر : 48
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 19
تاريخ التسجيل : 27/04/2008
- مساهمة رقم 1
بدعة الإعجاز العلمي في القرآن: تأويل لليقين بالظنِّ
» "فتاوى العلماء في الإعجاز العلمي في القرآن" جمعها : الشيخ محمد بن أحمد الفيفي
» بحث مهم : في نقض أصول الإعجاز العلمي ..
» تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)
» "بدعة قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة" للشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي - رحمه الله تعالى
» الإعجاز في الوضوء.. تكشفه التكنولوجيا
» بحث مهم : في نقض أصول الإعجاز العلمي ..
» تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)
» "بدعة قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة" للشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي - رحمه الله تعالى
» الإعجاز في الوضوء.. تكشفه التكنولوجيا