من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 17.07.08 7:52
الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
من المصائب أن يضيع عمرك وأن ترد على مفتر لا قيمة لوقته ، ولا ينظر إلى أثر عمله ، يؤلف التآليف ويخلط بها الغث بالسمين ويسود الورق.
منذ فترة اطلعت على كتاب ضخم من القياس الكبير في جزأين تجاوزت أوراقه (700) اسمه "الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية" للمؤلف السوري "يوسف خطار محمد" فأخذت أقلب بالكتاب ويشهد الله العظيم أنني وبعد النظر في الصفحة الأولى للكتاب والفهرس ، وفي أول ورقة وقعت عليها وجدت الكاتب "يوسف خطار محمد" يكتب مدافعاً عن ابن عربي وناقلاً عن الحافظ ابن حجر في مدح لابن عربي النص التالي:
((عدَّ طائفة من العلماء كتبه الصوفية من إشارات العارفين ورموز السالكين وعدها طائفة من متشابه القول وأن ظاهرها كفر وباطنها حق وعرفان وأنها صحيحة في نفسها كبيرة القدر والصواب أنه مات على الحق فقد كان عالما بالآثار والسنن قوي المشاركة في العلوم وقولي أنا([1]) فيه: يجوز أن يكون من أولياء الله تعالى الذين اجتذبهم الحق إلى جناته عند الموت وختم لهم بالحسنى)).
ــــــــ
([1]) المقصود: هو الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني راجع لسان الميزان (5/311) وما بعدها.
لتوثيق هذه النقول: تفضل بالضغط على الوثائق:
الوثيقة رقم (1) الوثيقة رقم (2) الوثيقة رقم (3)
قلت: وإليكم العبارة الموجودة في كتاب لسان الميزان:
((وصنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة فقال أشياء منكرة عدها طائفة من العلماء مروقاً وزندقة وعدها طائفة من العلماء من إشارات العارفين ورموز السالكين وعدها طائفة من متشابه القول وأن ظاهرها كفر وضلال وباطنها حق وعرفان وأنه صحيح في نفسه كبير القدر وآخرون يقولون قد قال هذا الباطل والضلال فمن الذي قال إنه مات عليه فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وتاب إلى الله فإنه كان عالماً بالآثار والسنن قوي المشاركة في العلوم وقولي أنا فيه: إنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت وختم لهم بالحسنى فأما كلامه فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم وجمع بين أطراف عباراتهم تبين له الحق في خلاف قولهم وكذلك من أمعن النظر في فصوص الحكم وأمعن التأمل لاح له العجب فإن الذكي إذا تأمل من ذلك الأقوال والنظائر والأشباه فهو يعلم بأنه أحد رجلين: إما من الاتحادية في الباطن وإما من المؤمنين بالله الذين يعدون أن هذه النحلة من أكفر الفكر نسأل الله العافية وأن يكتب الإيمان في قلوبنا وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة فوالله لأن يعيش المسلم جاهلاً خلف البقر لا يعرف من العلم شيئاً سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات ويؤمن بالله واليوم الآخر خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق ولو قرأ مائة كتاب أو عمل مائة خلوة. انتهى)).
وهي بحرفها موجودة أيضاً في كتاب ميزان الاعتدال (6ـ270)
وإليكم بيان التزوير والافتراء على الأئمة:
أولاً ـ انظروا إلى هذا المزور "يوسف خطار" كيف زاد في النص المنقول عبارة ((كتبه الصوفية)) لكي يستقيم المعنى بعد أن حذف السطر الذي قبلها وهو: ((وصنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة فقال أشياء منكرة عدها طائفة من العلماء مروقاً وزندقة)).
ثانياً ـ انظروا إلى هذا المزور "يوسف خطار" كيف زاد في النص المنقول عبارة ((والصواب أنه مات على الحق فقد ...)) لكي يستقيم المعنى الذي يريده بعد أن حذف السطر الذي قبلها وهو: ((وآخرون يقولون قد قال هذا الباطل والضلال فمن الذي قال إنه مات عليه فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وتاب إلى الله فإنه)).
ثالثاً ـ انظروا كيف زاد تأنيث العبارة ((وأنها صحيحة في نفسها كبيرة)) في النص المنقول ، ليرجع الضمير إلى كتب ابن عربي ، ليوهم القراء أن الحافظ ابن حجر "رحمه الله" يزكي كتب ابن عربي والتي أجمع من به عقل على فوران الكفر منها فواراً.
قال الإمام الذهبي "رحمه الله" عن ابن عربي: ((ومِن أردئ تواليفه كتاب "الفصوص" فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر ، نسأل الله العفو والنجاة. فوا غوثاه بالله)).
(سير أعلام النبلاء: 23ـ 48)
رابعاً ـ لتعلموا جهل صاحب "الموسوعة" المزور "يوسف خطار" وأنه جمع إلى التزوير جهلاً قبيحاً ، انظروا إليه كيف وقف وبكل ثقة شارحاً ومبيناً ، فقال معلقاً على العبارة المنقولة: ((وقولي أنا([1]) فيه .....))
([1]) المقصود: هو الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني راجع لسان الميزان (5/311) وما بعدها.
قلت يا صاحب الموسوعة ألم تعلم أن أصل كتاب لسان الميزان هو كتاب ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي.؟؟ ألم تعلم أن الإمام الذهبي قد مات قبل ولادة الحافظ ابن حجر بربع قرن ، فكيف ساغ أن ينقل الذهبي في كتابه عبارة تنسبها أنت للحافظ ابن حجر؟؟.!!
يا من ظلمت نفسك ألم تر كلمة ((انتهى)) في آخر النص الذي تنقله.
يا صاحب الموسوعة ألم تر أن أول العبارة التي نقلتها معزوة إلى خط أبي الفتح اليعمري كما قال الحافظ الذهبي.
وإليكم الآن قول الحافظ ابن حجر في ابن عربي
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((سألت شيخنا الإمام سراح الدين البُلقيني عن ابن عربي ، فبادر الجواب: بأنه كافر. فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه. قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد.؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشاء عدة أبيات بقوله: هذا كفر هذا كفر)). (لسان الميزان: 4ـ364).
وقال الحافظ ابن حجر: ((ولا أرى يتعصب للحلاج إلا من قال بقوله الذي ذُكر أنه عين الجمع فهذا هو قول أهل الوحدة المطلقة ولهذا ترى ابن عربي صاحب الفصوص يعظمه ويقع في الجنيد ، والله الموفق)).
(لسان الميزان: 2ـ315)
مباهلة الحافظ ابن حجر أتباع ابن عربي في حال شيخهم
قال السخاوي في الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني: ومع وفور علمه (يعني شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني) وعدم سرعة غضبه، فكان سريع الغضب في الله ورسوله ... إلى أن قال: واتفق كما سمعته منه مراراًً أنه جرى بينه وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي، أدت إلى أن نال شيخنا من ابن عربي لسوء مقالته. فلم يسهل بالرجل المنازع له في أمره، وهدَّده بأن يغري به الشيخ صفاء الذي كان الظاهر برقوق يعتقده، ليذكر للسلطان أن جماعة بمصر منهم فلان يذكرون الصالحين بالسوء ونحو ذلك. فقال له شيخنا: ما للسلطان في هذا مدخل، لكن تعالَ نتباهل؛ فقلما تباهل اثنان، فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب. فأجاب لذلك، وعلَّمه شيخنا أن يقول: اللهم إن كان ابن عربي على ضلال، فالعَنِّي بلعنتك، فقال ذلك.
وقال شيخنا: اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعنِّي بلعنتك. وافترقا.
قال: وكان المعاند يسكن الروضة، فاستضافه شخص من أبناء الجند جميل الصورة، ثم بدا له أن يتركهم، وخرج في أول الليل مصمماً على عدم المبيت، فخرجوا يشيعونه إلى الشختور، فلما رجع أحسَّ بشيءٍ مرَّ على رجله، فقال لأصحابه: مرَّ على رجلي شيء ناعم فانظروا، فنظروا فلم يروا شيئاً. وما رجع إلى منزله إلا وقد عمي ، وما أصبح إلا ميتاً.
وكان ذلك في ذي القعدة سنة سبع وتسعين (وسبع مئة)، وكانت المباهلة في رمضان منها. وكان شيخنا عند وقوع المباهلة عرَّف من حضر أن من كان مبطلاً في المباهلة لا تمضي عليه سنة. انتهى (3/1001-1002)
وكذلك نقل قصة المباهلة صاحب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (2ـ 198).
ـــــــــــــــ
الحلقة الثانية من تزوير يوسف خطار
يذكر مزور الصوفية "يوسف خطار" في كتابه "الموسوعة اليوسفية في أدلة الصوفية" في معرض دفاعه عن ابن عربي العلماء الذين دافعوا عن ابن عربي فيقول: ((وكان سراج الدين المخزومي شيخ الإسلام بالشام يقول: إياكم والإنكار على شيء من كلام الشيخ محي الدين، فإن لحوم الأولياء مسمومة، وقد أثنى عليه العلماء أمثال الشيخ قطب الدين الحموي وممن أثنى عليه الحافظ أبو عبد الله الذهبي والشيخ قطب الدين الشيرازي وكان مؤيد الدين الخجنيدي يقول: ما سمعنا بأحد من أهل الطرق اطلع على ما اطلع عليه الشيخ محي الدين ، وكذلك كان يقول الشيخ شهاب الدين السهروري ، والشيخ كمال الدين الكاشي ، مع أن هؤلاء الأشياخ كانوا من أشد الناس إنكاراً على من يخالف ظاهر الشريعة ، وممن أثنى عليه أيضا الشيخ فخر الدين الرازي وقال: كان الشيخ محي الدين ولياً عظيماً ، وسئل الإمام محي الدين النووي عن الشيخ محي الدين بن عربي فقال: تلك أمة قد خلت ، ولكن الذي عندنا أنه يحرم على كل عاقل أن يسيء الظن بأحد من أولياء الله عز وجل ويجب عليه أن يؤول أقوالهم وأفعالهم ما دام لم يلحق بدرجتهم ولا يعجز([1]) عن ذلك إلا قليل التوفيق ، قال في شرح المهذب: (ثم إذا أوَّل فليؤول كلامهم إلى سبعين وجها ولا نقبل تأويلا واحدا).
وممن أثنى عليه الشيخ محمد المغربي الشاذلي شيخ الجلال السيوطي وقد صنف الشيخ سراج الدين المخزومي كتابا في الرد عن الشيخ محي الدين وأما قاضي القضاة المالكي فقد ترك القضاء وتبع طريقة الشيخ وانقطع لخدمته وبالجملة فما أنكر على الشيخ إلا الفقهاء الذين لا حظ لهم في شرب المحققين ([2]) ... )). انتهى بحرفه من الموسوعة اليوسفية.
ــــــــ
([1]) العجز: العف وهو من باب ضرب وسمع.
([2]) اليواقيت والجواهر للإمام الشعراني ط (البابي الحلبي 1959) ص (7) وما بعدها.
لتوثيق هذه النقول: تفضل بالضغط على الوثائق:
الوثيقة رقم (1) الوثيقة رقم (2)
ولبيان التزوير والدجل إليكم
ترجمة ابن عربي من خط الإمام الذهبي
قال الإمام الذهبي "رحمه الله" في كتابه "سير أعلام النبلاء":
العلامة صاحب التواليف الكثيرة محيي الدين أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن أحمد الطائي الحاتمي المرسي ابن عربي، نزيل دمشق.
ذُكر أنه سمع من ابن بشكوال وابن صاف، وسمع بمكة من زاهر ابن رستم، وبدمشق من ابن الحرستاني، وببغداد.
وسكن الروم مدة، وكان ذكياً كثير العلم ، كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب، ثم تزهد وتفرد، وتعبد وتوحد، وسافر وتجرد، وأتهم وأنجد، وعمل الخلوات وعلق شيئاً كثيراً في تصوف أهل الوحدة.
ومن أردإ تواليفه كتاب "الفصوص" فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة فواغوثاه بالله !
وقد عظمه جماعة وتكلفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات.
وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن عربي: شيخ سوء كذاب ، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً.
قلت: إن كان محيي الدين رجع عن مقالاته تلك قبل الموت، فقد فاز، وما ذلك على الله بعزيز. توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مئة.
وقد أوردت عنه في "التاريخ الكبير" .
وله شعر رائق، وعلم واسع، وذهن وقاد، ولا ريب أن كثيرا من عباراته لها تأويل إلا كتاب " الفصوص" اهـ سير أعلام النبلاء (23ـ49)
وبعد أن بينت التزوير في قول الصوفي "يوسف خطار" الظالم لنفسه ، أقول: وقد ألف العلامة برهان الدين البقاعي تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني ، والمتوفى سنة (885 هـ) كتاباً سمّاه: "تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي" ذكر فيه أسماء جماعة من أكابر العلماء الذين صرحوا بكفر ابن عربي ، أو ذمه ذماً شنيعاً ، منهم:
العلامة بدر الدين بن جماعة.
والعلامة شمس الدين محمد بن يوسف الجزري.
وحفيده إمام القرّاء محمد بن محمد الجزري صاحب الجزرية.
وعلي بن يعقوب البكري.
ومحمد بن عقيل البالسي.
وابن هشام , صاحب مغني اللبيب.
وشمس الدين محمد العيزري.
وعلاء الدين البخاري الحنفي.
وعلي بن أيوب.
والعز بن عبد السلام.
وشرف الدين عيسى بن مسعود الزواوي المالكي.
وشمس الدين الموصلي.
وزين الدين عمر الكتاني.
وبرهان الدين السفاقيني.
وسعد الدين الحارثي الحنبلي.
ورضي الدين بن الخياط.
وشهاب الدين أحمد ابن علي الناشري.
وتقي الدين السبكي فقد قال: ((ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره, فهم ضلال جهالٌ , خارجون عن طريقة الإسلام , فضلاً عن العلماء)).
ومحمد بن علي النقاش, فقد قال: ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض)).
قلت: وكذلك منهم علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني المفسر الصوفي. كما في (الدرر الكامنة: 1ـ250)
ومنهم: أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير, فقد قال في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم﴾ (صفحة: 142-143): ((ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً , وانتمى إلى الصوفية حلولَ الله في الصور الجميلة , وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج , والشعوذي , وابن أحلى , وابن عربي المقيم بدمشق , وابن الفارض , وأتباع هؤلاء كابن سبعين)). وعد جماعة ثم قال: ((وإنما سردت هؤلاء نصحاً لدين الله وشفقة على ضعفاء المسلمين .وليحذروا , فإنهم شر من الفلاسفة الذي يكذبون الله ورسله, ويقولون بقدم العالم, وينكرون البعث , وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء, وادعائهم أنهم صفوة الله!!)).
ومنهم العلامة ابن المقرئ اليمني الشافعي "رحمه الله" حيث أفتى بأن من اطلع على حال ابن عربي ولم يكفره فقد كفر.
قلت: كذلك النقل عن الإمام النووي "رحمه الله" الذي أورده هذا المزور "يوسف خطار" فأنا أتحداه ومن وراءه أن يثبتوا هذا الكلام عن الإمام النووي من كتبه كلها فضلاً أن يخرجوه من كتاب المجموع شرح المهذب ، وقد قيل : إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت. والله المستعان.
نقلاً عن
http://www.alsoufia.com/articles.aspx?id=1867&page_id=0&page_size=15&links=False&gate_id=0