باب: قول الله: "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي"
حديث: "إن الله ليس بأعور"
17 - باب قول الله -تعالى- وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي تغذى، وقوله جل ذكره تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا
7407 - حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ذكر الدجال عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور -وأشار بيده إلى عينه- وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية .
7408 - حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة أخبرنا قتادة قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب، إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر .
--------------------------------------------------------------------------------
الشرح:
هذه الترجمة أراد بها المؤلف إثبات العين لله -تعالى- وأن لله عينين، وهما من الصفات الذاتية، فالله -تعالى- له عينان تليقان بجلاله وعظمته، لا يشبه المخلوق في شيء من صفاته كما قال -تعالى- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقوله -تعالى-: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي العين هنا جاءت مفردة مضافة إلى الضمير، والمراد إثبات جنس العين، وأن لله -تعالى- عين. وقوله -تعالى- تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جاءت بصيغة الجمع؛ لأنها مضافة إلى: (نا) وهي للعظمة على سبيل التعظيم.
قوله: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي أي: تربى وتغذى على عيني. وقوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا أي: على مرأى منا، وكلاءتنا وحفظنا. ففيه إثبات العين لله -تعالى- وإثبات الحفظ والكلأ والرعاية.
وأن موسى يربى، ويغذى على مرأى من الله وعناية من الله عز وجل.
وفي الحديثين اللذين ذكرهما المؤلف -رحمه الله- إثبات أن لله عينين سليمتين؛ لأنه قال: (أن الدجال أعور عين اليمنى، وإن ربكم ليس بأعور): فلما نفى عن الله أن يكون أعور، وهو الذي لا يبصر إلا بعين واحدة، دل على أن له عينين سليمتين، لا يشبه المخلوق في شيء من صفاته، سبحانه وتعالى.
وفي الحديث إثبات العين، وإثبات البصر لله -عز وجل- كما في الحديث: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ قوله -تعالى-: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (أشار بإصبعه إلى عينه وأذنه) وهذا ليس المراد منه التشبيه، إنما المراد تحقيق الصفة، والمعنى إثبات أن لله سمعًا وبصرًا، وأن لله عينًا حقيقية لا مجازًا.
وفيه دليل على عظم فتنة الدجال، وأنه أنذره جميع الأنبياء؛ وذلك لعظم أمره وفتنته، وقد ثبت في صحيح مسلم: ما بين خلق آدم وقيام الساعة أمر أعظم من الدجال ولهذا أمرنا بالاستعاذة بالله من فتنة المسيح الدجال في آخر كل صلاة، كما في حديث: أُمِرْنا بالاستعاذة بالله من أربع: من فتنة القبر الحديث. ونبينا -صلى الله عليه وسلم- أبدأ فيه وأعاد، مع أنه لا يخرج في زمانه، وذلك حتى يكون أمره معلومًا ومنتشرًا.
والدجال رجل من بني آدم يدعي الصلاح أولا، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الربوبية،وهو أعور عين اليمنى ليس له إلا عين واحدة، كأن عينه عنبة طافية، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن، فهذه من العلامات الواضحة لمن أراد الله هدايته.
فائدة:
قال العَيْنِيّ -رحمه الله تعالى-: (.... أن له صفة سماها عينًا، ليست هو ولا غيره، وليست كالجوارح معقولة بيننا لقيام الدليل على استحالة وصفه بأن له جوارح وأعضاء، خلافًا لما يقوله المجسمة من أنه -تعالى- جسم لا كالأجسام، وقيل على عَيْنِي أي: على حفظي... ) إلخ.
قلت: كل هذا ليس بصحيح، فمسألة الجارحة: لا تثبت، ولا تنفى، فلله عين حقيقية هي صفة من صفاته، وليس في هذا تشبيه؛ لأن الله -تعالى- نفى التشبيه عن نفسه فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقال: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا وقال: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ فالله -تعالى- لا يشبه المخلوقين لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، سبحانه وتعالى.
فائدة:
قال ابن حجر رحمه الله:(وقد سئلت: هل يجوز لقارئ هذا الحديث أن يصنع كما صنع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأجبت وبالله التوفيق: أنه إن حضر عنه من يوافقه على معتقده، وكان يعتقد تنزيه الله -تعالى- عن صفات الحدوث، وأراد التأسي محضًا جاز، والأولى به الترك خشية أن يدخل على من يراه شبهة التشبيه...) إلخ.
قلت: هذا ليس بصحيح، فالصحيح أن لا بأس أن يفعل الإنسان كما فعل الرسول، وينبه الناس أن المراد تحقيق الصفة وإثباتها، وليس المراد التشبيه. كذلك إذا أراد تحقيق صفة القدم لله -عز وجل- لا بأس أن يشير إلى القدم، وذلك بقصد تحقيق الصفة لا للتشبيه.
ولو أراد إثبات صفة النزول، ونزل من مكان عال، نقول: هذا غير صحيح؛ لأن النزول لا يكيف، ولا يقال: إن هذا من تحقيق الصفة؛ لأن صفة النزول معناها في اللغة معقول، ليس فيه شيء يشار إليه، ليست كالصفات التي في الإنسان. فإذا نزل وقال مثل هذا، فمعناه أنه كَيَّف الصفة؛ لأن هذا هو نزول المخلوق. أما أصل النزول، فمعناه في اللغة معروف.
نقلا عن موقع الشيخ
http://www.sh-rajhi.com/rajhi/?action=Display&docid=6&page=Twh00042.Htm
حديث: "إن الله ليس بأعور"
17 - باب قول الله -تعالى- وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي تغذى، وقوله جل ذكره تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا
7407 - حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ذكر الدجال عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور -وأشار بيده إلى عينه- وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية .
7408 - حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة أخبرنا قتادة قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب، إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر .
--------------------------------------------------------------------------------
الشرح:
هذه الترجمة أراد بها المؤلف إثبات العين لله -تعالى- وأن لله عينين، وهما من الصفات الذاتية، فالله -تعالى- له عينان تليقان بجلاله وعظمته، لا يشبه المخلوق في شيء من صفاته كما قال -تعالى- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقوله -تعالى-: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي العين هنا جاءت مفردة مضافة إلى الضمير، والمراد إثبات جنس العين، وأن لله -تعالى- عين. وقوله -تعالى- تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جاءت بصيغة الجمع؛ لأنها مضافة إلى: (نا) وهي للعظمة على سبيل التعظيم.
قوله: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي أي: تربى وتغذى على عيني. وقوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا أي: على مرأى منا، وكلاءتنا وحفظنا. ففيه إثبات العين لله -تعالى- وإثبات الحفظ والكلأ والرعاية.
وأن موسى يربى، ويغذى على مرأى من الله وعناية من الله عز وجل.
وفي الحديثين اللذين ذكرهما المؤلف -رحمه الله- إثبات أن لله عينين سليمتين؛ لأنه قال: (أن الدجال أعور عين اليمنى، وإن ربكم ليس بأعور): فلما نفى عن الله أن يكون أعور، وهو الذي لا يبصر إلا بعين واحدة، دل على أن له عينين سليمتين، لا يشبه المخلوق في شيء من صفاته، سبحانه وتعالى.
وفي الحديث إثبات العين، وإثبات البصر لله -عز وجل- كما في الحديث: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ قوله -تعالى-: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (أشار بإصبعه إلى عينه وأذنه) وهذا ليس المراد منه التشبيه، إنما المراد تحقيق الصفة، والمعنى إثبات أن لله سمعًا وبصرًا، وأن لله عينًا حقيقية لا مجازًا.
وفيه دليل على عظم فتنة الدجال، وأنه أنذره جميع الأنبياء؛ وذلك لعظم أمره وفتنته، وقد ثبت في صحيح مسلم: ما بين خلق آدم وقيام الساعة أمر أعظم من الدجال ولهذا أمرنا بالاستعاذة بالله من فتنة المسيح الدجال في آخر كل صلاة، كما في حديث: أُمِرْنا بالاستعاذة بالله من أربع: من فتنة القبر الحديث. ونبينا -صلى الله عليه وسلم- أبدأ فيه وأعاد، مع أنه لا يخرج في زمانه، وذلك حتى يكون أمره معلومًا ومنتشرًا.
والدجال رجل من بني آدم يدعي الصلاح أولا، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الربوبية،وهو أعور عين اليمنى ليس له إلا عين واحدة، كأن عينه عنبة طافية، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن، فهذه من العلامات الواضحة لمن أراد الله هدايته.
فائدة:
قال العَيْنِيّ -رحمه الله تعالى-: (.... أن له صفة سماها عينًا، ليست هو ولا غيره، وليست كالجوارح معقولة بيننا لقيام الدليل على استحالة وصفه بأن له جوارح وأعضاء، خلافًا لما يقوله المجسمة من أنه -تعالى- جسم لا كالأجسام، وقيل على عَيْنِي أي: على حفظي... ) إلخ.
قلت: كل هذا ليس بصحيح، فمسألة الجارحة: لا تثبت، ولا تنفى، فلله عين حقيقية هي صفة من صفاته، وليس في هذا تشبيه؛ لأن الله -تعالى- نفى التشبيه عن نفسه فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقال: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا وقال: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ فالله -تعالى- لا يشبه المخلوقين لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، سبحانه وتعالى.
فائدة:
قال ابن حجر رحمه الله:(وقد سئلت: هل يجوز لقارئ هذا الحديث أن يصنع كما صنع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأجبت وبالله التوفيق: أنه إن حضر عنه من يوافقه على معتقده، وكان يعتقد تنزيه الله -تعالى- عن صفات الحدوث، وأراد التأسي محضًا جاز، والأولى به الترك خشية أن يدخل على من يراه شبهة التشبيه...) إلخ.
قلت: هذا ليس بصحيح، فالصحيح أن لا بأس أن يفعل الإنسان كما فعل الرسول، وينبه الناس أن المراد تحقيق الصفة وإثباتها، وليس المراد التشبيه. كذلك إذا أراد تحقيق صفة القدم لله -عز وجل- لا بأس أن يشير إلى القدم، وذلك بقصد تحقيق الصفة لا للتشبيه.
ولو أراد إثبات صفة النزول، ونزل من مكان عال، نقول: هذا غير صحيح؛ لأن النزول لا يكيف، ولا يقال: إن هذا من تحقيق الصفة؛ لأن صفة النزول معناها في اللغة معقول، ليس فيه شيء يشار إليه، ليست كالصفات التي في الإنسان. فإذا نزل وقال مثل هذا، فمعناه أنه كَيَّف الصفة؛ لأن هذا هو نزول المخلوق. أما أصل النزول، فمعناه في اللغة معروف.
نقلا عن موقع الشيخ
http://www.sh-rajhi.com/rajhi/?action=Display&docid=6&page=Twh00042.Htm