جناية الصحفيين في استخفافهم بأهل العلم والدين
كتب
"/ الشيخ العلامة / عبد الرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده :
أما بعد ، فالواجب على جميع الناس أن يتقوا الله فيما يقولون ويفعلون ويتركون فإن
تقوى الله سبب سعادة الدارين وأولى الناس برعاية ما أوجب الله والقيام به هم
المسلمون .
ومما أوجب الله على عباده المؤمنين نصيحة بعضهم لبعض بمحبة الخير لهم قال صلى الله
عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) ...إلى قوله ( ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
ومن النصيحة ورعاية حقوق الأخوة الإيمانية بذل الإحسان وكف العدوان واحترام ذوي
الفضل والعلم والدين ولا ريب أن الاستخفاف بأهل العلم العاملين من أقبح العدوان
ولا يصدر إلا من جاهل أو صاحب هوى ومن ذلك ما حصل في هذه الأيام من تهجم بعض
الكتاب على بعض العلماء وذلك بمجادلتهم ومعارضتهم في بعض مسائل الأحكام .
ولم يكن هذا الجدال وهذه الاعتراضات ممن هو معروف بالاستقامة في دينه فكراً
وسلوكاً بل هم المعروفون بالتوجهات العصرانية التغريبية فهم يعارضون كل دعوة أو
فتوى تقف في طريق هذا التوجه وإذا قلنا ذلك لم نكن مخالفين قوله تعالى ( يا أيها
الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) فالظن الذي هو إثم هو ما لا
دليل عليه ولا أصل له إلا ما يلقيه الشيطان .
وهؤلاء الكتاب المعنيون معروف مذهبهم وتوجههم في لحن قولهم أو صريح قولهم أحياناً
وأكثر ما يستثمرونه في مجادلاتهم ومعارضاتهم خلاف العلماء فينتقون من أقوال
العلماء ما يوافق التوجه الذي يسيرون فيه ويوافق أهواء أكثر الناس ويطّرحون ما
خالف ذلك ولا يحترمون من خالفهم بل يثورون عليه ويسفهون رأيه فلا يحترمون الآخر
كما يدْعون ويدَّعون ، فهم يكيلون بمكيالين .
هذا ولا ينفع هؤلاء الكتاب أنهم قد يجادلون عن رأيهم ببعض الآيات والأحاديث لأنه
ليس كل من جادل بالقرآن أو السنة يكون محقاً بل لابد من الأهلية وسلامة النية فقد
قال المشركون : ( لو شاء الله ما أشركنا )
فهذا القول حق ولكن الله أكذبهم لفساد قصدهم وجاء في الأثر : ( إنما يَهدم الإسلام زلة العالم ، وجدال
المنافق بالقرآن ) والله يغفر للعالم المجتهد زلته ولا يغفر للمنافق ما لم يتب.
ومما يدل على فساد قصد هؤلاء الكتاب في نقدهم للدوائر والمؤسسات الشرعية تكثيف
النقد لها وإغماضهم عن غيرها.
ومن ينافح عن الدوائر الشرعية وعن القائمين عليها لا يدعي لهم العصمة ولكن يرى
التحامل المغرض والنقد الذي يهدم ولا يبني ،
ومن طرق المنافقين للطعن في الدين تسفيه أهله و الاستهزاء بهم قال تعالى : ( وإذا
قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء
ولكن لا يعلمون . وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا
إنا معكم إنما نحن مستهزئون ) .
وأما أهل الإيمان الصادق فيعظمون الدين وأهله ويتبعون سبيل المؤمنين وذلك بإتباع
الكتاب والسنة والاعتماد في فهم نصوصهما على فهم الصحابة رضوان الله عليهم
والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين فمن قال أنه ليس ملزما بفهم السلف الصالح وأن له
أن يفسر النصوص بما يوافق أهواء الناس تيسيرا عليهم فهو من أضل الناس قال تعالى (
فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من
الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .
ومما يدل على أن هؤلاء الكتاب متبعون لأهوائهم أنهم يقبلون ويؤيدون من فتاوى
العلماء ما يوافق مناهجهم توجهاتهم ويردون ما خالفها ، فهم كالذين قال الله فيهم (
وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق
يأتوا إليه مذعنين ) . فيجب الإنكار عليهم وبيان تناقضهم والتحذير من مذاهبهم
المخالفة للكتاب والسنة نسأل الله أن يردهم إلى صوابه.
وإنا
بهذه المناسبة نُذَكِّر الصحفيين والكتاب أن يتقوا الله فيما ينشرون كما
نُذَكِّرهم أنهم مسئولون عما يقولون ويكتبون ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا
يعملون ) وفي الحديث ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما
بلغت فيرضى الله بها عنه إلى يوم القيامة ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله
ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيسخط الله بها إلى يوم يلقاه ) . فما يكتبه البنان كالذي
ينطقه اللسان أو أعظم خطرا وقد جاء في شأن اللسان قوله صلى الله عليه وسلم : ( وهل
يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) .
ولا يخفى أن من أعظم واجبات الإسلام إنكار المنكر فيجب على كل أحد من ذلك بقدر
استطاعته .
فيجب على ولاة الأمور وعلى العلماء من حفظ الدين وصيانة حرماته ما لا يجب على
غيرهم لما أعطاهم الله من سلطان القدرة وسلطان الحجة . وكفى بربك هادياً ونصيراً
وفق الله ولاة أمرنا لما فيه صلاح أمر الأمة وسعادتها في دينها ودنياها . والله
أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منقول من موقع العلامة البراك حفظه الله
كتب
"/ الشيخ العلامة / عبد الرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده :
أما بعد ، فالواجب على جميع الناس أن يتقوا الله فيما يقولون ويفعلون ويتركون فإن
تقوى الله سبب سعادة الدارين وأولى الناس برعاية ما أوجب الله والقيام به هم
المسلمون .
ومما أوجب الله على عباده المؤمنين نصيحة بعضهم لبعض بمحبة الخير لهم قال صلى الله
عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) ...إلى قوله ( ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
ومن النصيحة ورعاية حقوق الأخوة الإيمانية بذل الإحسان وكف العدوان واحترام ذوي
الفضل والعلم والدين ولا ريب أن الاستخفاف بأهل العلم العاملين من أقبح العدوان
ولا يصدر إلا من جاهل أو صاحب هوى ومن ذلك ما حصل في هذه الأيام من تهجم بعض
الكتاب على بعض العلماء وذلك بمجادلتهم ومعارضتهم في بعض مسائل الأحكام .
ولم يكن هذا الجدال وهذه الاعتراضات ممن هو معروف بالاستقامة في دينه فكراً
وسلوكاً بل هم المعروفون بالتوجهات العصرانية التغريبية فهم يعارضون كل دعوة أو
فتوى تقف في طريق هذا التوجه وإذا قلنا ذلك لم نكن مخالفين قوله تعالى ( يا أيها
الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) فالظن الذي هو إثم هو ما لا
دليل عليه ولا أصل له إلا ما يلقيه الشيطان .
وهؤلاء الكتاب المعنيون معروف مذهبهم وتوجههم في لحن قولهم أو صريح قولهم أحياناً
وأكثر ما يستثمرونه في مجادلاتهم ومعارضاتهم خلاف العلماء فينتقون من أقوال
العلماء ما يوافق التوجه الذي يسيرون فيه ويوافق أهواء أكثر الناس ويطّرحون ما
خالف ذلك ولا يحترمون من خالفهم بل يثورون عليه ويسفهون رأيه فلا يحترمون الآخر
كما يدْعون ويدَّعون ، فهم يكيلون بمكيالين .
هذا ولا ينفع هؤلاء الكتاب أنهم قد يجادلون عن رأيهم ببعض الآيات والأحاديث لأنه
ليس كل من جادل بالقرآن أو السنة يكون محقاً بل لابد من الأهلية وسلامة النية فقد
قال المشركون : ( لو شاء الله ما أشركنا )
فهذا القول حق ولكن الله أكذبهم لفساد قصدهم وجاء في الأثر : ( إنما يَهدم الإسلام زلة العالم ، وجدال
المنافق بالقرآن ) والله يغفر للعالم المجتهد زلته ولا يغفر للمنافق ما لم يتب.
ومما يدل على فساد قصد هؤلاء الكتاب في نقدهم للدوائر والمؤسسات الشرعية تكثيف
النقد لها وإغماضهم عن غيرها.
ومن ينافح عن الدوائر الشرعية وعن القائمين عليها لا يدعي لهم العصمة ولكن يرى
التحامل المغرض والنقد الذي يهدم ولا يبني ،
ومن طرق المنافقين للطعن في الدين تسفيه أهله و الاستهزاء بهم قال تعالى : ( وإذا
قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء
ولكن لا يعلمون . وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا
إنا معكم إنما نحن مستهزئون ) .
وأما أهل الإيمان الصادق فيعظمون الدين وأهله ويتبعون سبيل المؤمنين وذلك بإتباع
الكتاب والسنة والاعتماد في فهم نصوصهما على فهم الصحابة رضوان الله عليهم
والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين فمن قال أنه ليس ملزما بفهم السلف الصالح وأن له
أن يفسر النصوص بما يوافق أهواء الناس تيسيرا عليهم فهو من أضل الناس قال تعالى (
فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من
الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .
ومما يدل على أن هؤلاء الكتاب متبعون لأهوائهم أنهم يقبلون ويؤيدون من فتاوى
العلماء ما يوافق مناهجهم توجهاتهم ويردون ما خالفها ، فهم كالذين قال الله فيهم (
وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق
يأتوا إليه مذعنين ) . فيجب الإنكار عليهم وبيان تناقضهم والتحذير من مذاهبهم
المخالفة للكتاب والسنة نسأل الله أن يردهم إلى صوابه.
وإنا
بهذه المناسبة نُذَكِّر الصحفيين والكتاب أن يتقوا الله فيما ينشرون كما
نُذَكِّرهم أنهم مسئولون عما يقولون ويكتبون ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا
يعملون ) وفي الحديث ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما
بلغت فيرضى الله بها عنه إلى يوم القيامة ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله
ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيسخط الله بها إلى يوم يلقاه ) . فما يكتبه البنان كالذي
ينطقه اللسان أو أعظم خطرا وقد جاء في شأن اللسان قوله صلى الله عليه وسلم : ( وهل
يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) .
ولا يخفى أن من أعظم واجبات الإسلام إنكار المنكر فيجب على كل أحد من ذلك بقدر
استطاعته .
فيجب على ولاة الأمور وعلى العلماء من حفظ الدين وصيانة حرماته ما لا يجب على
غيرهم لما أعطاهم الله من سلطان القدرة وسلطان الحجة . وكفى بربك هادياً ونصيراً
وفق الله ولاة أمرنا لما فيه صلاح أمر الأمة وسعادتها في دينها ودنياها . والله
أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منقول من موقع العلامة البراك حفظه الله