الشبهة الأولى
أن ولاة الأمر يحكمون بغير ما أنزل الله ، والحاكم بغير ما أنزل الله مبدل للشرع فهو كافر!!
أن ولاة الأمر يحكمون بغير ما أنزل الله ، والحاكم بغير ما أنزل الله مبدل للشرع فهو كافر!!
وهذه أعظم شبهة عند المتطرفين والخوارج في هذا الزمان ، وفرعوا على هذه الشبهة شبهاً عديدة سيأتي تفنيدها -إنْ شاءَ اللهُ تعالَى- .
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول : أن ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية يصرحون ويعلنون في كل مناسبة أنهم يحكمون بشرع الله ، بالكتاب والسنة ولا يرضون بغيرهما بديلاً مهما كان الأمر([1]) .
جاء في أول نظام وضع للملكة كانت مادته من إملاء الإمام المجدد الملك عبد العزيز -رحمَهُ اللهُ- بمكة سنة 1345هـ وقد جاء فيه : "5- جميع أحكام المملكة تكون منطبقة على كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه الصحابة والسلف الصالح"([2])
وأعلنت المملكة العربية السعودية عام 1364هـ للدول العربيَّة: أنَّها ستمتنع عن تنفيذ أي مبدأ في التعليم أو التَّشريع يخالف قواعد الدِّين الإسلامي وأصوله([3]) .
وكان الإمام المجدد الملك عبد العزيز -رحمَهُ اللهُ- كلَّما سئل عن دستور بلاده أجاب: دستورنا القرآن وهو يعني تقيّده هو ومملكته بأحكام الشَّرع الإسلامي المستمدة من معاني القرآن ، وما لم يكن فيه فمن حديث رسوله وعمله ، وما لم يكن فيهما فمن قضاء أصحابه وسيرتهم.."([4]) .
وقد جاء النظام الأساسي للحكم ونظام الشورى ونظام المناطق ونظام مجلس الوزراء ؛ أنظمة تقوم على النظام الأساسي في الإسلام حيث يستند الحاكم المسلم في إصدار قراراته على القرآن الكريم والسنة المطهرة واجتهاد العلماء، وعلى الإجماع في إطار تبادل المشورة بين رجال دولته والعلماء المختصين والخبراء ([5]) .
ويؤكد خادم الحرمين الشريفين على أن نظام الحكم في هذه البلاد هو كتاب الله وسنة رسوله -r- لا محيد عنهما ولا بديل بهما حين أصدر النظام الأساسي للمملكة العربية السعودية في 27 شعبان من عام 1412هـ.
إذ نصت المادة الأولى منه على أن المملكة العربية السعودية : دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة ، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله -r- ولغتها العربية وعاصمتها مدينة الرياض.
يقول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد –حفظه الله- : "إن دستورنا في المملكة العربية السعودية هو كتاب الله الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وسنة رسوله -r- الذي لا ينطق عن الهوى ، ما اختلفنا في شيء إلا رددناه إليهما وهما الحاكمان على كل ما تصدره الدولة من أنظمة ، إننا ثابتون بحول الله وقوَّته على الإسلام نتواصى بذلك جيلاً بعد جيل ، حاكماً بعد حاكم"([6]) .
وقال الأمير نايف بن عبد العزيز -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- : " نحن سلفيون بمنطلقاتها وليس باجتهادات عالم، والكاتب عندما يكتب يجب عليه أن يتفقه بذلك الأمر ويحيط به، وإذا لم يكن متمكناً فخير له أن يترك أهل العلم يتحدثون ويتفرغ هو لما يمكن أن يلم به ويكتب عنه من أمور أخرى، والسلفي لا يقتصر على صاحب مذهب معين، فكل صاحب مذهب هو سلفي بالحجة التي منبعها القرآن الكريم والسنَّة المطهرة".
والوجه الثاني : أن لسان الحال أبلغ من لسان المقال ؛ فالواقع الملموس المشاهد يدل دلالة صريحة أن المملكة تحكم بشرع الله في كل مرافق الحياة .
ومجلس هيئة كبار العلماء قرر بالإجماع أن المملكة العربية السعودية – بحمد الله – تحكم شرع الله والمحاكم الشرعية منتشرة في جميع أرجائها ،ولا يمنع أحد من رفع ظلامته إلى الجهات المختصة في المحاكم أو ديوان المظالم .
والوجه الثالث : أن العلماء أثنوا على هذه الدولة المباركة([7]) ، وبينوا فضلها ومكانتها وخدمتها للإسلام والمسلمين وإقامتها للتوحيد والسنة ومحاربتها للشرك والبدع - جزاها الله عن الإسلام والمسلمين كل خير - .
قال مفتي عام المملكة العربية السعودية الإمام محمد بن إبراهيم -رحمهُ اللهُ-: " والحكومة بحمد الله دستورها الذي تحكم به هو كتاب الله وسنه رسوله r وقد فتحت المحاكم الشرعية من أجل ذلك تحقيقا لقول الله تعالى : {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}([8]) وما عدي ذلك فهو من حكم الجاهلية الذي قال الله تعالى فيه : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}([9])"([10]).
قال شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز -رحمَهُ اللهُ- : "الملك عبد العزيز نفع الله به المسلمين وجمع الله به الكلمة، ورفع به مقام الحق، ونصر به دينه، وأقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحصل به من الخير العظيم والنعم الكثيرة ما لا يحصيه إلا الله -عزَّ وجلَّ-.
ثم أبناؤه بعده ، حتى صارت هذه البلاد مضرب المثل في توحيد الله والبعد عن البدع والخرافات.
وهذه الدولة السعودية دولةٌ مباركةٌ، وولاتها حريصون على إقامة الحق، وإقامة العدل، ونصر المظلوم، وردع الظالم، واستتباب الأمن، وحفظ أموال الناس وأعراضهم.
فالواجب التعاون مع ولاة الأمور في إظهار الحق وقمع الباطل والقضاء عليه حتى يحصل الخير"([11]).
وقال الشيخ عبد العزيز ابن باز - رحمه الله تعالى - : العداء لهذه الدولة عداء للحق ، عداء للتوحيد ، أي دولة تقوم بالتوحيد الآن من حولنا : مصر ، الشام، العراق ، من يدعو إلى التوحيد الآن ويحكم شريعة الله ويهدم القبور التي تعبد من دون الله مَنْ ؟ أين هم ؟ أين الدولة التي تقوم بهذه الشريعة ؟ غير هذه الدولة([12]) اسأل الله لنا ولها الهداية والتوفيق والصلاح ونسأل الله أن يعينها على كل خير ونسأل الله أن يوفقها ؛ لإزالة كل شر وكل نقص علينا أن ندعو الله لها بالتوحيد والإعانة والتسديد والنصح لها في كل حال([13]) .
([1]) توسعت في بيان هذا الأمر في كتابي : "الحجج القوية على وجوب الدفاع عن الدولة السعودية".
([2]) الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز(ص/90-91) .
([3]) انظر: شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز(3/1208) .
([4]) انظر: الوجيز(ص/90) .
([5]) انظر: اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالقرآن وعلومه(ص/18) .
([6]) انظر: اتخاذ القرآن أساساً لشؤون الحياة والحكم(ص/51) .
([7]) وانظر التمهيد، وآخر المبحث الثاني من كتابي "الحجج القوية على وجوب الدفاع عن الدولة السعودية".
([8]) سورة النساء(آية/59).
([9]) سورة المائدة(آية/50).
([10]) فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم(12/288-منسوخة على الوورد) .
([11]) من شريط مسجل موجود لسماحته في 29/4/1417هـ. بعنوان "حقوق ولاة الأمر على الأمة".
([12]) تأمل هذا القول جيداً ،وقارنه بمن يزعم -كذباً وزوراً- : أن المملكة العربية السعودية لا تحكم بشرع الله .
([13]) انظر: (فتاوى علماء الحرمين في الجماعات) .