قصة أبي الدرداء والذكر الجنوني
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي وجدت في بعض التفاسير، واتخذها أصحاب الذكر البدعي دليلا لذكر أسماء الله الحسنى بالوقوف والتمايل والرقص.
في الشهر الماضي شهر شعبان قام صاحب الذكر البدعي وتابعوه بمحاولة لإيهام القراء في المجلة التي هو مدير تحريرها بصحة الحديث المنكر "حديث الجنون" ورمانا بالخيانة العلمية لأننا لم نوافقه على هذا الحديث المنكر، ولكن كما عوَّدنا القارئ الكريم أن نقدم بحوثا علمية حديثية منها يتبين للقارئ من المتمتع بالخيانة العلمية؟
في تلك المحاولة من صاحب الذكر البدعي وتابعيه في الشهر الماضي؛ لتقوية حديث الجنون المنكر؛ جاءوا بقصة منسوبة للصحابي الجليل أبي الدرداء تجعله من أصحاب ذكر الجنون، ويُرْمى بالجنون.
القصة كما أوردها صاحب الذكر البدعي وتابعوه
قال : "معنى الجنون في الذكر كيف يكون"؟
فأجاب على هذا السؤال الذي سأله لنفسه حول ذكر الجنون قائلا: "ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره (5-159) قال: "أخرج عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جلس رسول الله # ذات يوم فأخذ عودًا يابسا فحط ورقه، ثم قال: إن قول لا(1) إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله تحط الخطايا كما تحط ورق هذه الشجرة الريحُ، خذهن يا أبا الدرداء، قبل أن يحال بينك وبينهن، هن الباقيات الصالحات وهن من كنوز الجنة، قال أبو سلمة: فكان أبو الدرداء إذا ذكر هذا الحديث قال: "لأهللن الله، ولأكبرن الله ولأحمدن الله حتى إذا رآني الجاهل حسب أني مجنون" اه.
ثم قال صاحب الذكر البدعي في تعليقه على هذه القصة:
"في كلام ابن كثير على الإسناد فائدة فلا تفوتك هناك".
قلت: هذا كل ما قاله صاحب الذكر البدعي حول القصة التي انتهت بالجنون وهو يبين معنى الجنون في الذكر كيف يكون؟
وسأذكر للقارئ الكريم كلام الحافظ ابن كثير على الإسناد ثم أبين بعد ذلك عدم دراية صاحب الذكر البدعي وتابعيه بهذا العلم:
أولا: "كلام الحافظ ابن كثير على إسناد القصة"
قال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (4-135) عند تفسير الآية {76-مريم}:
"وهذا ظاهره أنه مرسل ولكن قد يكون من رواية أبي سلمة عن أبي الدرداء والله أعلم وهكذا وقع في سنن ابن ماجه من حديث أبي معاوية عن عمر بن راشد، عن يحىى، عن أبي سلمة، عن أبي الدرداء فذكر نحوه" اه.
ثانيا : أوهام
1 توهم صاحب الذكر البدعي وتابعوه أن علة القصة الإرسال لأن أبا سلمة بن عبد الرحمن تابعي وقال: "جلس رسول الله #" وهو لم ير رسول الله #.
2 وتوهم أن هذا الإرسال عالجه الإمام ابن كثير بالوصل عندما قال: "وهذا ظاهره مرسل، ولكن قد يكون من رواية أبي سلمة عن أبي الدرداء والله أعلم وهكذا وقع في سنن ابن ماجه...." اه.
3 وهذا يبين أن صاحب الذكر البدعي وتابعيه مجرد نقلة فهل حققوا سند حديث ابن ماجه؟ وإن كان موصولا فهو أوهن من بيت العنكبوت كما سنبين وليس فيه "معنى الجنون في الذكر كيف يكون"؟
وهذا هو الحديث في "سنن ابن ماجه" (2-1253) ح(3813):
حدثنا علي بن محمد، ثنا أبو معاوية، عن عمر بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله # "عليك ب (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فإنها يعني، يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها" اه.
4 من الأوهام الشديدة التي وقع فيها صاحب الذكر البدعي وتابعوه: أن مجرد ذكر ابن كثير للقصة وكذلك غيره يكون دليلا على صحة القصة عند السكوت عن درجة الحديث وغاب عنهم:
أ أن ابن كثير درج على طريق أهل الحديث الذين قرروا أن من أسند فقد أحال ومن أسند ذكر الوسيلة إلى معرفة درجة الحديث.
ب وأن ابن كثير يصرح بدرجة الحديث تارة، ويسكت عن ذلك تارة، فلا يغتر صاحب الذكر البدعي وتابعوه بذكر ابن كثير للقصة في تفسيره والسكوت عن درجتها وليرجع إلى هذه الأصول ليعرف منهج الإمام الحافظ ابن كثير في تخريج أحاديث تفسيره.
ثالثا: (نقل بغير تخريج ولا تحقيق)
1 لقد نقل صاحب الذكر البدعي القصة من تفسير ابن كثير حيث قال: "ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره (5-159) قال: أخرج عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جلس رسول الله #...." القصة.
2 هل رجع صاحب الذكر البدعي إلى تصانيف عبد الرزاق ليقف على هذا السند في أصوله خوفًا من حدوث تصحيف في رجال سند عبد الرزاق، خاصة وهو في مقام الدفاع عن ذكره البدعي في بيانه "لمعنى الجنون في الذكر كيف يكون" ويتهم الصحابي الجليل بذكر الجنون؟
رابعا : التصحيف
قال السيوطي في "التدريب" (2-193) النوع الخامس والثلاثون: معرفة المصحَّف: "هو فن جليل مهم وإنما يحققه الحذَّاق من الحفاظ".
قلت: ولقد قسَّم العلماء المصَحَّف إلى ثلاثة أقسام:
الأول: باعتبار موقعه: ينقسم المصَحَّف باعتبار موقعه إلى قسمين هما:
1 تصحيف في الإسناد.
2 تصحيف في المتن.
الثاني: باعتبار منشئه: ينقسم إلى قسمين:
1 تصحيف بصر: (وهو الأكثر) أي يشتبه الخط على بصر القارئ إما لرداءة الخط أو عدم نقطه.
2 تصحيف السمع: أي تصحيف منشؤه رداءة السمع.
الثالث: باعتبار لفظه أو معناه ينقسم إلى قسمين:
1 تصحيف لفظ وهو الأكثر.
2 تصحيف في المعنى: أي يبقى الراوي المصَحّف اللفظ على حاله لكن يفسره تفسيرا يدل على أنه فهم معناه فهما غير مراد.
خامسا: تطبيق التصحيف على سند القصة
مما أوردناه في أقسام التصحيف؛ وعند تطبيقه على سند القصة المذكور في تفسير ابن كثير سيكون التصحيف بالنسبة للاعتبارات التي أوردناها: (تصحيف سند، وبصر، ولفظ) كما سنبين.
التخريج
لم أكتف بالتخريج بالواسطة فهذا يجعل التخريج بعيدا عن مصدره الأصلي، وهذا الصنيع له أثره السيء حيث قد يحدث تصحيف في السند أو المتن وهو لا يدري.
وهذا ما فعله صاحب الذكر البدعي وتابعوه في تخريج هذه القصة حيث قال: "ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره (5-195) قال: "أخرج عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جلس رسول الله #...." القصة.
قلت: هذا تخريج غير مباشر للقصة عند عبد الرزاق بواسطة "تفسير ابن كثير" من غير بحث عند عبد الرزاق في تصانيفه.
"البحث عن سند القصة في تصانيف عبد الرزاق"
1 بالبحث عن القصة في تصانيف عبد الرزاق لم نجدها في مصنف عبد الرزاق ولكن وجدناها في "تفسير عبد الرزاق" (2-12) طبعة مكتبة الرشد بالرياض ووجدنا تصحيفا خطيرا حيث وجدنا السند:
عبد الرزاق قال: أخبرنا: عمير بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن به.
2 بالرجوع إلى النسخة (م) للمخطوط لتفسير عبد الرزاق وجدنا أن شيخ عبد الرزاق هو (عمر بن راشد) كذا ذكره محقق تفسير عبد الرزاق في هامشه لسند هذه القصة.
3 بالمقارنة بين سند القصة في الأصول عند عبد الرزاق، وبين السند المنقول في تفسير ابن كثير:
أ وجدنا أن شيخ عبد الرزاق في تفسير ابن كثير هو (معمر بن راشد).
ب الأصول بيّنت أن شيخ عبد الرزاق في سند القصة لم يكن هو (معمر بن راشد) ولكنه في الأصل المطبوع (عمير بن راشد) وفي الأصل المخطوط (عمر بن راشد).
ج إذن الأصول أخرجت (معمر بن راشد) من سند القصة وتبين أن الإسم حدث فيه تصحيف.
د من هذا التحقيق في التخريج المقارن بين الأصل والنقل تبين أن شيخ عبد الرزاق في سند القصة إمَّا (عمير بن راشد) أو (عمر بن راشد) وهذا تصحيف آخر لابد من البحث العلمي الدقيق حتى يتبيّن لنا شيخ عبد الرزاق في سند هذه القصة.
البحث في الراوي (عمير بن راشد)
1 إن من أسباب التدقيق في هذا البحث أنه بالبحث في اسطوانة التفاسير على (الكومبيوتر) وجدت أن سند القصة في "تفسير عبد الرزاق" جعل شيخ عبد الرزاق هو (عمير بن راشد).
2 وبالبحث في كتب الجرح والتعديل باب (من روي عنه العلم ممن يسمى عميرا وابتداء اسم أبيه على الراء).
أ في كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6-376) لم أجد ما يسمى عمير بن راشد.
ب في كتاب "الكامل" لابن عدي (5-69) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
ج في كتاب "التاريخ الكبير" للبخاري (3-2-530) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
ء في كتاب "تهذيب الكمال" للمزي (14-108) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
ه في كتاب "الضعفاء الكبير" للعقيلي (3-317) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
و في كتاب "الميزان" للذهبي (3-296) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
قلت: وتتبعت بقية الكتب في "الجرح والتعديل" لم أجد ما يسمى عمير بن راشد.
"الاستنتاج"
1 لم أجد راويًا ممن رُوي عنه العلم يسمى (عمير بن راشد).
2 إذن عمير بن راشد لم يكن من شيوخ عبد الرزاق.
3 إذن شيخ عبد الرزاق في سند هذه القصة هو (عمر بن راشد) كما في النسخة (م) للمخطوط لتفسير عبد الرزاق.
الجزم بأنه (عمر بن راشد)
بعد هذا البحث الدقيق وفقني الله سبحانه لتخريج آخر للقصة من طريق عبد الرزاق فوجدت والحمد لله على ما أنعم أن شيخ عبد الرزاق في هذه القصة هو (عمر بن راشد).
فقد أخرج هذه القصة الإمام الطبري في "تفسيره" (8-413 ط دار الغد) ح(23898) حيث قال الطبري حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزاق، قال: أخبرنا عمر بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: جلس النبي # ذات يوم...." القصة(2).
قلت: بهذا يتبين ضرر النقل بغير تحقيق ولقد تبين أن الراوي (معمر بن راشد) لم يكن في سند القصة عند الرجوع إلى الأصول وثبت بالتحقيق العلمي الدقيق أن الراوي هو (عمر بن راشد) وهذا بحث ليس بالهين ولا يستهين به إلا الجاهل بهذا العلم حيث أن هناك فرقًا كبيرًا بين الراويين:
1 معمر بن راشد قال فيه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (2-266): "ثقة ثبت".
2 أما عمر بن راشد فقال فيه الإمام النسائي في "الضعفاء والمتروكين" رقم (474): "ليس بثقة".
التحقيق
القصة واهية والعلة عمر بن راشد، وهذه أقوال علماء الجرح والتعديل فيه:
1 أورده الإمام الدارقطني في كتابه "الضعفاء والمتروكين" رقم (379) وقال: "عمر بن راشد اليمامي عن يحىى بن أبي كثير" اه.
قلت: بهذا يتبين أن عمر بن راشد متروك بمجرد ذكره في "المتروكين" للدارقطني وإن لم يذكر بجواره "متروك" وذلك طبقا للقاعدة المذكورة في مقدمة الكتاب:
قال البرقاني طالت محاورتي مع ابن حمكان لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني في المتروكين من أصحاب الحديث فتقرر بيننا وبينه على ترك من أثبته على حروف المعجم في هذه الورقات" اه.
2 قال الإمام ابن حبان في "المجروحين" (2-83):
"عمر بن راشد اليمامي يروي عن يحىى بن أبي كثير، كان ممن يروي الأشياء الموضوعات عن ثقات الأئمة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب" اه قلت: وفي "التهذيب" (7-391):
3 قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: "حديثه ضعيف ليس بمستقيم حدث عن يحىى بن أبي كثير بأحاديث مناكير".
4 وقال الجوزجاني عن أحمد: "لا يسوى حديثه شيئا".
5 وقال البخاري حديثه عن يحىى بن أبي كثير مضطرب ليس بالقائم.
قلت: وأخرج ابن حبان في "المجروحين" (2-83) بسنده عن يحىى بن معين قال: "عمر بن راشد ليس بشيء" اه.
فائدة 1: فهذا عمر بن راشد صاحب قصة الذكر الجنوني.
وهو أيضا صاحب حديث الاستهتار الذي ظن صاحب الذكر البدعي أن له متابعات وأوهم القارئ بذلك وعند تطبيق القواعد الأصولية لم تكن متابعات للراوي عمر بن راشد ولكن لتلاميذ عمر بن راشد فهي لا تسمن ولا تغني من جوع لأنها خارج منطقة المتابعات حيث تكون:
أ المتابعة التامة للراوي نفسه.
ب المتابعة القاصرة لشيخه فما فوقه.
فلا تغرنك كثرة الروايات التي ذكرها صاحب البدعي ومنطقة عمر بن راشد خاوية على عروشها وما ذكره صاحب الذكر البدعي ما هو إلا روايات لإثبات أن حديث عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير مضطرب ليس بالقائم كما قال أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري.
فائدة 2: لئلا يتقول علينا صاحب الذكر البدعي وتابعوه لعدم درايتهم بهذا العلم، ويدلسون على الناس في المجلة قائلين: "من الخيانة العلمية أن يخفي الباحث في حال الراوي من الرواة ويظهر جرح من جرحه فقط ولقد وقع في هذه السقطة أحد كتاب مجلة التوحيد..." اه.
"قاعدة"
وإلى القارئ الكريم بيان بهذه القاعدة التي يحاول صاحب الذكر البدعي وتابعوه هدمها حتى يعيشوا مع الأحاديث المنكرة والقصص الواهية ولكن هيهات فهي أصول ثابتة ثبوت الجبال وهذه هي القاعدة:
قال محدث وادي النيل الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "الباعث الحثيث شرح اختصار ابن كثير" ص(80): "إذا اجتمع في الراوي جرح مبيّن السبب وتعديل، فالجرح مقدم، وإن كثر عدد المعدلين لأن مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل، ولأنه مصدق للمعدل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلا أنه يخبر عن أمر باطن خفي عنه" اه.
قلت: هذه هي القاعدة عند التحقيق لأهل الصنعة انظر "الفوائد" للشوكاني، و"تنزيه الشريعة" لابن عراق، و"العلل" لابن الجوزي، بل و"المجمع للهيثمي" كما بينا قوله في سلسلة "صحح أحاديثك" العدد السابق حول حديث الجنون.
فلا يفرح صاحب الذكر البدعي وتابعوه بأقوال المتساهلين كالعجلي وابن شاهين أمام هؤلاء الجبال من أئمة الجرح والتعديل.
بهذا يتبين للقارئ الكريم أن القصة واهية وأن الصحابي الجليل أبا الدرداء بريء من هذه القصة قصة الذكر الجنوني لأبي الدرداء التي اتخذها صاحب الذكر البدعي وتابعوه شاهدًا لحديث الجنون المنكر، ولبيان معنى الجنون في الذكر كيف يكون؟
لقد تبين للقارئ الكريم من هذا البحث أن صاحب الذكر البدعي وتابعيه لا دراية لهم بأصول التخريج وقواعده، ولا دراية لهم بقواعد التحقيق مما كان سببًا في ضياع الأمانة العلمية لهذا السند الموجود في مخطوط تفسير عبد الرزاق، لولا أن وفقنا الله تعالى لكشف تصحيفه، وكشف علته، فسقطت القصة، وكشفت الأستار، عن بدعة الجنون في الأذكار.
فهذه هي أمانة البحوث العلمية الحديثية، فلينظر القارئ من أين أتت الخيانة العلمية ومن الذين يعبثون بالأحاديث؟
هذا ما وفقني الله إليه وهو وحده من وراء القصد.
هوامش:
(1) نُقلت كما جاءت في المجلة للأمانة العلمية.
(2) بعد الانتهاء من إعداد هذا "التحذير" وفقنا الله لطبعة أخرى لتفسير عبد الرزاق طبعة دار الكتب العلمية تحقيق دكتور محمود محمد عبده كلية الدعوة جامعة الأزهر "التفسير" (2-364) ح(1785) حصلنا على السند بالجزم بأن شيخ عبد الرزاق في "القصة" هو (عمر بن راشد) والسند: عند عبد الرزاق قال: أخبرنا عمر بن راشد عن يحىى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: "جلس رسول الله #......" القصة. فلله الحمد والمنه.
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي وجدت في بعض التفاسير، واتخذها أصحاب الذكر البدعي دليلا لذكر أسماء الله الحسنى بالوقوف والتمايل والرقص.
في الشهر الماضي شهر شعبان قام صاحب الذكر البدعي وتابعوه بمحاولة لإيهام القراء في المجلة التي هو مدير تحريرها بصحة الحديث المنكر "حديث الجنون" ورمانا بالخيانة العلمية لأننا لم نوافقه على هذا الحديث المنكر، ولكن كما عوَّدنا القارئ الكريم أن نقدم بحوثا علمية حديثية منها يتبين للقارئ من المتمتع بالخيانة العلمية؟
في تلك المحاولة من صاحب الذكر البدعي وتابعيه في الشهر الماضي؛ لتقوية حديث الجنون المنكر؛ جاءوا بقصة منسوبة للصحابي الجليل أبي الدرداء تجعله من أصحاب ذكر الجنون، ويُرْمى بالجنون.
القصة كما أوردها صاحب الذكر البدعي وتابعوه
قال : "معنى الجنون في الذكر كيف يكون"؟
فأجاب على هذا السؤال الذي سأله لنفسه حول ذكر الجنون قائلا: "ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره (5-159) قال: "أخرج عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جلس رسول الله # ذات يوم فأخذ عودًا يابسا فحط ورقه، ثم قال: إن قول لا(1) إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله تحط الخطايا كما تحط ورق هذه الشجرة الريحُ، خذهن يا أبا الدرداء، قبل أن يحال بينك وبينهن، هن الباقيات الصالحات وهن من كنوز الجنة، قال أبو سلمة: فكان أبو الدرداء إذا ذكر هذا الحديث قال: "لأهللن الله، ولأكبرن الله ولأحمدن الله حتى إذا رآني الجاهل حسب أني مجنون" اه.
ثم قال صاحب الذكر البدعي في تعليقه على هذه القصة:
"في كلام ابن كثير على الإسناد فائدة فلا تفوتك هناك".
قلت: هذا كل ما قاله صاحب الذكر البدعي حول القصة التي انتهت بالجنون وهو يبين معنى الجنون في الذكر كيف يكون؟
وسأذكر للقارئ الكريم كلام الحافظ ابن كثير على الإسناد ثم أبين بعد ذلك عدم دراية صاحب الذكر البدعي وتابعيه بهذا العلم:
أولا: "كلام الحافظ ابن كثير على إسناد القصة"
قال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (4-135) عند تفسير الآية {76-مريم}:
"وهذا ظاهره أنه مرسل ولكن قد يكون من رواية أبي سلمة عن أبي الدرداء والله أعلم وهكذا وقع في سنن ابن ماجه من حديث أبي معاوية عن عمر بن راشد، عن يحىى، عن أبي سلمة، عن أبي الدرداء فذكر نحوه" اه.
ثانيا : أوهام
1 توهم صاحب الذكر البدعي وتابعوه أن علة القصة الإرسال لأن أبا سلمة بن عبد الرحمن تابعي وقال: "جلس رسول الله #" وهو لم ير رسول الله #.
2 وتوهم أن هذا الإرسال عالجه الإمام ابن كثير بالوصل عندما قال: "وهذا ظاهره مرسل، ولكن قد يكون من رواية أبي سلمة عن أبي الدرداء والله أعلم وهكذا وقع في سنن ابن ماجه...." اه.
3 وهذا يبين أن صاحب الذكر البدعي وتابعيه مجرد نقلة فهل حققوا سند حديث ابن ماجه؟ وإن كان موصولا فهو أوهن من بيت العنكبوت كما سنبين وليس فيه "معنى الجنون في الذكر كيف يكون"؟
وهذا هو الحديث في "سنن ابن ماجه" (2-1253) ح(3813):
حدثنا علي بن محمد، ثنا أبو معاوية، عن عمر بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله # "عليك ب (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فإنها يعني، يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها" اه.
4 من الأوهام الشديدة التي وقع فيها صاحب الذكر البدعي وتابعوه: أن مجرد ذكر ابن كثير للقصة وكذلك غيره يكون دليلا على صحة القصة عند السكوت عن درجة الحديث وغاب عنهم:
أ أن ابن كثير درج على طريق أهل الحديث الذين قرروا أن من أسند فقد أحال ومن أسند ذكر الوسيلة إلى معرفة درجة الحديث.
ب وأن ابن كثير يصرح بدرجة الحديث تارة، ويسكت عن ذلك تارة، فلا يغتر صاحب الذكر البدعي وتابعوه بذكر ابن كثير للقصة في تفسيره والسكوت عن درجتها وليرجع إلى هذه الأصول ليعرف منهج الإمام الحافظ ابن كثير في تخريج أحاديث تفسيره.
ثالثا: (نقل بغير تخريج ولا تحقيق)
1 لقد نقل صاحب الذكر البدعي القصة من تفسير ابن كثير حيث قال: "ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره (5-159) قال: أخرج عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جلس رسول الله #...." القصة.
2 هل رجع صاحب الذكر البدعي إلى تصانيف عبد الرزاق ليقف على هذا السند في أصوله خوفًا من حدوث تصحيف في رجال سند عبد الرزاق، خاصة وهو في مقام الدفاع عن ذكره البدعي في بيانه "لمعنى الجنون في الذكر كيف يكون" ويتهم الصحابي الجليل بذكر الجنون؟
رابعا : التصحيف
قال السيوطي في "التدريب" (2-193) النوع الخامس والثلاثون: معرفة المصحَّف: "هو فن جليل مهم وإنما يحققه الحذَّاق من الحفاظ".
قلت: ولقد قسَّم العلماء المصَحَّف إلى ثلاثة أقسام:
الأول: باعتبار موقعه: ينقسم المصَحَّف باعتبار موقعه إلى قسمين هما:
1 تصحيف في الإسناد.
2 تصحيف في المتن.
الثاني: باعتبار منشئه: ينقسم إلى قسمين:
1 تصحيف بصر: (وهو الأكثر) أي يشتبه الخط على بصر القارئ إما لرداءة الخط أو عدم نقطه.
2 تصحيف السمع: أي تصحيف منشؤه رداءة السمع.
الثالث: باعتبار لفظه أو معناه ينقسم إلى قسمين:
1 تصحيف لفظ وهو الأكثر.
2 تصحيف في المعنى: أي يبقى الراوي المصَحّف اللفظ على حاله لكن يفسره تفسيرا يدل على أنه فهم معناه فهما غير مراد.
خامسا: تطبيق التصحيف على سند القصة
مما أوردناه في أقسام التصحيف؛ وعند تطبيقه على سند القصة المذكور في تفسير ابن كثير سيكون التصحيف بالنسبة للاعتبارات التي أوردناها: (تصحيف سند، وبصر، ولفظ) كما سنبين.
التخريج
لم أكتف بالتخريج بالواسطة فهذا يجعل التخريج بعيدا عن مصدره الأصلي، وهذا الصنيع له أثره السيء حيث قد يحدث تصحيف في السند أو المتن وهو لا يدري.
وهذا ما فعله صاحب الذكر البدعي وتابعوه في تخريج هذه القصة حيث قال: "ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره (5-195) قال: "أخرج عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جلس رسول الله #...." القصة.
قلت: هذا تخريج غير مباشر للقصة عند عبد الرزاق بواسطة "تفسير ابن كثير" من غير بحث عند عبد الرزاق في تصانيفه.
"البحث عن سند القصة في تصانيف عبد الرزاق"
1 بالبحث عن القصة في تصانيف عبد الرزاق لم نجدها في مصنف عبد الرزاق ولكن وجدناها في "تفسير عبد الرزاق" (2-12) طبعة مكتبة الرشد بالرياض ووجدنا تصحيفا خطيرا حيث وجدنا السند:
عبد الرزاق قال: أخبرنا: عمير بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن به.
2 بالرجوع إلى النسخة (م) للمخطوط لتفسير عبد الرزاق وجدنا أن شيخ عبد الرزاق هو (عمر بن راشد) كذا ذكره محقق تفسير عبد الرزاق في هامشه لسند هذه القصة.
3 بالمقارنة بين سند القصة في الأصول عند عبد الرزاق، وبين السند المنقول في تفسير ابن كثير:
أ وجدنا أن شيخ عبد الرزاق في تفسير ابن كثير هو (معمر بن راشد).
ب الأصول بيّنت أن شيخ عبد الرزاق في سند القصة لم يكن هو (معمر بن راشد) ولكنه في الأصل المطبوع (عمير بن راشد) وفي الأصل المخطوط (عمر بن راشد).
ج إذن الأصول أخرجت (معمر بن راشد) من سند القصة وتبين أن الإسم حدث فيه تصحيف.
د من هذا التحقيق في التخريج المقارن بين الأصل والنقل تبين أن شيخ عبد الرزاق في سند القصة إمَّا (عمير بن راشد) أو (عمر بن راشد) وهذا تصحيف آخر لابد من البحث العلمي الدقيق حتى يتبيّن لنا شيخ عبد الرزاق في سند هذه القصة.
البحث في الراوي (عمير بن راشد)
1 إن من أسباب التدقيق في هذا البحث أنه بالبحث في اسطوانة التفاسير على (الكومبيوتر) وجدت أن سند القصة في "تفسير عبد الرزاق" جعل شيخ عبد الرزاق هو (عمير بن راشد).
2 وبالبحث في كتب الجرح والتعديل باب (من روي عنه العلم ممن يسمى عميرا وابتداء اسم أبيه على الراء).
أ في كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6-376) لم أجد ما يسمى عمير بن راشد.
ب في كتاب "الكامل" لابن عدي (5-69) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
ج في كتاب "التاريخ الكبير" للبخاري (3-2-530) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
ء في كتاب "تهذيب الكمال" للمزي (14-108) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
ه في كتاب "الضعفاء الكبير" للعقيلي (3-317) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
و في كتاب "الميزان" للذهبي (3-296) باب (ما يسمى عميرا) لم أجده.
قلت: وتتبعت بقية الكتب في "الجرح والتعديل" لم أجد ما يسمى عمير بن راشد.
"الاستنتاج"
1 لم أجد راويًا ممن رُوي عنه العلم يسمى (عمير بن راشد).
2 إذن عمير بن راشد لم يكن من شيوخ عبد الرزاق.
3 إذن شيخ عبد الرزاق في سند هذه القصة هو (عمر بن راشد) كما في النسخة (م) للمخطوط لتفسير عبد الرزاق.
الجزم بأنه (عمر بن راشد)
بعد هذا البحث الدقيق وفقني الله سبحانه لتخريج آخر للقصة من طريق عبد الرزاق فوجدت والحمد لله على ما أنعم أن شيخ عبد الرزاق في هذه القصة هو (عمر بن راشد).
فقد أخرج هذه القصة الإمام الطبري في "تفسيره" (8-413 ط دار الغد) ح(23898) حيث قال الطبري حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزاق، قال: أخبرنا عمر بن راشد، عن يحىى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: جلس النبي # ذات يوم...." القصة(2).
قلت: بهذا يتبين ضرر النقل بغير تحقيق ولقد تبين أن الراوي (معمر بن راشد) لم يكن في سند القصة عند الرجوع إلى الأصول وثبت بالتحقيق العلمي الدقيق أن الراوي هو (عمر بن راشد) وهذا بحث ليس بالهين ولا يستهين به إلا الجاهل بهذا العلم حيث أن هناك فرقًا كبيرًا بين الراويين:
1 معمر بن راشد قال فيه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (2-266): "ثقة ثبت".
2 أما عمر بن راشد فقال فيه الإمام النسائي في "الضعفاء والمتروكين" رقم (474): "ليس بثقة".
التحقيق
القصة واهية والعلة عمر بن راشد، وهذه أقوال علماء الجرح والتعديل فيه:
1 أورده الإمام الدارقطني في كتابه "الضعفاء والمتروكين" رقم (379) وقال: "عمر بن راشد اليمامي عن يحىى بن أبي كثير" اه.
قلت: بهذا يتبين أن عمر بن راشد متروك بمجرد ذكره في "المتروكين" للدارقطني وإن لم يذكر بجواره "متروك" وذلك طبقا للقاعدة المذكورة في مقدمة الكتاب:
قال البرقاني طالت محاورتي مع ابن حمكان لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني في المتروكين من أصحاب الحديث فتقرر بيننا وبينه على ترك من أثبته على حروف المعجم في هذه الورقات" اه.
2 قال الإمام ابن حبان في "المجروحين" (2-83):
"عمر بن راشد اليمامي يروي عن يحىى بن أبي كثير، كان ممن يروي الأشياء الموضوعات عن ثقات الأئمة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب" اه قلت: وفي "التهذيب" (7-391):
3 قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: "حديثه ضعيف ليس بمستقيم حدث عن يحىى بن أبي كثير بأحاديث مناكير".
4 وقال الجوزجاني عن أحمد: "لا يسوى حديثه شيئا".
5 وقال البخاري حديثه عن يحىى بن أبي كثير مضطرب ليس بالقائم.
قلت: وأخرج ابن حبان في "المجروحين" (2-83) بسنده عن يحىى بن معين قال: "عمر بن راشد ليس بشيء" اه.
فائدة 1: فهذا عمر بن راشد صاحب قصة الذكر الجنوني.
وهو أيضا صاحب حديث الاستهتار الذي ظن صاحب الذكر البدعي أن له متابعات وأوهم القارئ بذلك وعند تطبيق القواعد الأصولية لم تكن متابعات للراوي عمر بن راشد ولكن لتلاميذ عمر بن راشد فهي لا تسمن ولا تغني من جوع لأنها خارج منطقة المتابعات حيث تكون:
أ المتابعة التامة للراوي نفسه.
ب المتابعة القاصرة لشيخه فما فوقه.
فلا تغرنك كثرة الروايات التي ذكرها صاحب البدعي ومنطقة عمر بن راشد خاوية على عروشها وما ذكره صاحب الذكر البدعي ما هو إلا روايات لإثبات أن حديث عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير مضطرب ليس بالقائم كما قال أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري.
فائدة 2: لئلا يتقول علينا صاحب الذكر البدعي وتابعوه لعدم درايتهم بهذا العلم، ويدلسون على الناس في المجلة قائلين: "من الخيانة العلمية أن يخفي الباحث في حال الراوي من الرواة ويظهر جرح من جرحه فقط ولقد وقع في هذه السقطة أحد كتاب مجلة التوحيد..." اه.
"قاعدة"
وإلى القارئ الكريم بيان بهذه القاعدة التي يحاول صاحب الذكر البدعي وتابعوه هدمها حتى يعيشوا مع الأحاديث المنكرة والقصص الواهية ولكن هيهات فهي أصول ثابتة ثبوت الجبال وهذه هي القاعدة:
قال محدث وادي النيل الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "الباعث الحثيث شرح اختصار ابن كثير" ص(80): "إذا اجتمع في الراوي جرح مبيّن السبب وتعديل، فالجرح مقدم، وإن كثر عدد المعدلين لأن مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل، ولأنه مصدق للمعدل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلا أنه يخبر عن أمر باطن خفي عنه" اه.
قلت: هذه هي القاعدة عند التحقيق لأهل الصنعة انظر "الفوائد" للشوكاني، و"تنزيه الشريعة" لابن عراق، و"العلل" لابن الجوزي، بل و"المجمع للهيثمي" كما بينا قوله في سلسلة "صحح أحاديثك" العدد السابق حول حديث الجنون.
فلا يفرح صاحب الذكر البدعي وتابعوه بأقوال المتساهلين كالعجلي وابن شاهين أمام هؤلاء الجبال من أئمة الجرح والتعديل.
بهذا يتبين للقارئ الكريم أن القصة واهية وأن الصحابي الجليل أبا الدرداء بريء من هذه القصة قصة الذكر الجنوني لأبي الدرداء التي اتخذها صاحب الذكر البدعي وتابعوه شاهدًا لحديث الجنون المنكر، ولبيان معنى الجنون في الذكر كيف يكون؟
لقد تبين للقارئ الكريم من هذا البحث أن صاحب الذكر البدعي وتابعيه لا دراية لهم بأصول التخريج وقواعده، ولا دراية لهم بقواعد التحقيق مما كان سببًا في ضياع الأمانة العلمية لهذا السند الموجود في مخطوط تفسير عبد الرزاق، لولا أن وفقنا الله تعالى لكشف تصحيفه، وكشف علته، فسقطت القصة، وكشفت الأستار، عن بدعة الجنون في الأذكار.
فهذه هي أمانة البحوث العلمية الحديثية، فلينظر القارئ من أين أتت الخيانة العلمية ومن الذين يعبثون بالأحاديث؟
هذا ما وفقني الله إليه وهو وحده من وراء القصد.
هوامش:
(1) نُقلت كما جاءت في المجلة للأمانة العلمية.
(2) بعد الانتهاء من إعداد هذا "التحذير" وفقنا الله لطبعة أخرى لتفسير عبد الرزاق طبعة دار الكتب العلمية تحقيق دكتور محمود محمد عبده كلية الدعوة جامعة الأزهر "التفسير" (2-364) ح(1785) حصلنا على السند بالجزم بأن شيخ عبد الرزاق في "القصة" هو (عمر بن راشد) والسند: عند عبد الرزاق قال: أخبرنا عمر بن راشد عن يحىى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: "جلس رسول الله #......" القصة. فلله الحمد والمنه.