كانت الألعاب تمثل دوراً حيوياً في نموّ وتقدّم الأطفال، وما زالت بهذا الدور الحيوي في وقتنا الحاضر، فالحياة تعلّم، والنموّ أيضاً تعلّم، فنحن نتعلّم لنمشي، ونتعلّم لنتكلّم، ولنقرأ، ولنرمي الكرة، ولنواكب رفاقنا في العمر، فالطّفل الصغير يعمل بنشاط كي يتعلّم كيف يرمي ويمسك ويلقف الكرة.
إن الألعاب الصغيرة باستطاعتها تهيئة السُّبل لإكمال عدّة مهام ذات شأن بالنسبة للأطفال. والألعاب تكوّن عند الطفل فكرةً ناضجة عن النفس بتكوين الشعور بالقناعة، وبتعلُّم السيطرة من خلال مواقف اللعب المختلفة، ومسايرته لأصدقائه من العمر نفسه من ناحية التكيّف والتطوّر الاجتماعي، كما يمكن تعرّف موقع الطِّفل الاجتماعي من خلال تصرُّفاته وألعابه، وطريقة لعبه أيضاً، والإجابة عن تساؤل الوالدين: هل هو مقبول ومكافئ اجتماعياً أو لا؟
ولا يخفى أيضاً أن اللعب من أساسيّات تعلّم المشاركة، واحترام حقوق الآخرين، وإعطاء الفرصة للتنفيس عن النّفس.. والبدء بالتّعلّم لقضاء وقت الفراغ.
إن وقت تعلّم الأطفال باللعب يجب أن يؤخذ على أنه مختبر، إذ يبدي الطفل قابليته للعب والتكامل الاجتماعي وتكيّفه النفسي مع غيره.
ويزداد عدد الألعاب المُنتَجة تِجارياً كل عام، وكذلك عدد مرات استخدامها، فعلى المربّي الاستفادة من الفرص الطبيعيّة التي يحققها الأطفال من خلال مشاركتهم في الألعاب.
كما يمكن أن تكون الألعاب مصادر تعليميّة بدلا من أن تكون للتسلية فقط بدءاً من رياض الأطفال وانتهاءً بالمرحلة الجامعيّة، فالكبار والصغار يمارسون التمثيل الهادف، ونرى في التلفاز والطرقات ومحلات التسلية -(البلاي ستيشن) أو (السوني) وغيرها- عياناً اهتمامَ الكبار بخارطة الألعاب وآخر الإصدارات، فضلاً عن الصّغار وشغفهم واهتمامهم وحبّهم وحديثهم الدائم عن هذه الأمور..
الألعاب الفكريّة الغربيّة.. إلى متى؟
ومن المحتّم أن تؤثر الألعاب التي يلعبها الأطفال في نموّهم وزيادة مداركهم؛ لذلك نجد اهتمام الغرب بالألعاب ووضع الأفكار التي يريدون زرعها داخل أطفالهم.
ولا يفارق مخيّلتي همُّ المشرف على موقع الأطفال (sanadkids) الدكتور/ محمد صفاء حقّي حول السعي حثيثاً لإيجاد طرق إسلاميّة لجذب الأطفال وإلهائهم وإغرائهم بألعاب أجود وأفضل من الموجودة في الساحة؛ وذلك بعد أن شاهد أطفالاً يلعبون بأحد الألعاب الإلكترونية، وبعد مجاهدة وانتهاء من اللعب والفوز تقدّمت إحدى المكرِّمات لتسليم الصليب الذهبي إلى الفائز الأوّل..!!
ولكن ترى هل سيتحقّق الحلم؟
تسلية وخبرات تعليمية:
لا شكَّ أن الألعاب التي تُكسِب الأطفال الخبرات التعليميّة عن طريق التسلية والمتعة هي أفضل الألعاب؛ ولذا يمكن اعتبارها مظهراً من مظاهر تربيتهم وبياناً لسلوكهم وتحديداً لطريقة تفكيرهم، مثل التمثيليات القصيرة، ومسرحيات الدمى، وخيال الظل للأطفال من سن 6 فأكثر، وتصل إلى درجة التعقيد شيئاً فشيئاً كلّما كبر الطفل.. كما تشجّع هذه النشاطات الأبناء على المنافسة المفيدة والتعلّم المنتج، ومزاولة المهارات، واتّخاذ القرارات؛ كخبرات في تمثيل أدوار العلاقات بين الأشخاص، لذلك يجب أن لا تكون الألعابُ فقط للاستجمام والتسلية وقضاء وقت الفراغ، بل يجب أن تكون للمساعدة على التعلّم وإنجاز أهداف خاصّة، لذلك نجد الكثير من الشركات الغربيّة وبعض المؤسسات التجاريّة تسوِّق الألعاب التي تنتجها بطريقة وصفها تربوياً.
في الحلقة الثانية سيكون الحديث إن شاء الله تعالى عن بعض الألعاب وملاءمتها لحاجات تعليميّة محددة عند الطّفل؛ وسيكون أيضاً الحديث مفصّلاً عن أنواع الألعاب:
الألعاب التعليميّة ومدى الاستفادة منها.
ألعاب المحاكاة وأثرها الإيجابي على الأطفال.
وبعض نتائج الأبحاث حول أهميّة الألعاب، وبعض الطّرق الإبداعيّة لاستفادة الأطفال من الألعاب وتنمية مهاراتهم..
للاستزادة في هذا الموضوع انظر:
(1) التقنيات التربويّة بين النّظرية والتطبيق؛ ترجمة وتحرير: د. مصباح الحاج عيسى، توفيق العمري، إياد ملحم، يونس محمد حجير - مكتبة الفلاح- الكويت الصفحة من 439-469.
(2) الألعاب الصغيرة؛ السيّد كامل عبد المنعم، السيد وديع ياسين محمد - جامعة الموصل.
(3) الألعاب الشعبيّة لصبيان سامرّاء؛ يونس الشيخ إبراهيم السامرّائي - ضمن السلسلة الثقافيّة الصادرة عن وزارة الثقافة والإرشاد في الجمهوريّة العراقيّة.