خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كيف تكونُ معلماً محبوباً ؟

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية كيف تكونُ معلماً محبوباً ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 17:46

    كما أنّ العشبَ لا ينبُتُ في الصّخورِ الصمّ مهما سُقِي بماءِ المطر، فإنّ أذهانَ الطلاب لا تنتفعُ بمعارفِ المعلمِ مالم يُنَدِّها بابتسامةٍ حانية، ويُهيِّئْها بقصّةٍ شائقة؛ لأنّ أذهانَ التلاميذِ كالورود الرقيقة لا تفوحُ بالعطر إلا إذا حرّكها النسيمُ العليل، وأيقظَها سنا الشمس الدافئ...

    تفنّنَ علماءُ التربيةِ من القدامى والمحدثين في ابتكارِ وصفةٍ تحملُ المتعلّمين على الانتباه، وتحفّزُهم على الانطلاق، وتفتّحُ عقولهم، فلم يجدوا أنجعَ من وصفة المحبّة...
    يقولُ عالمُ الرياضياتِ الإنجليزيّ (برتراند راسل): "لن يصلَ أيُّ إنسانٍ إلى مرتبةِ المعلمِ الجيّد إلا إذا كانت لديه مشاعرُ الدفءِ والحبّ تجاهَ تلاميذه، وكانت لديه الرغبةُ الأصيلةُ لينقلَ لهم ما يؤمنُ هو نفسه بأنّه ذو قيمة"[1].

    إذًا ما العواملُ التي تجعلُ المعلمَ محبوباً عند تلاميذه؟
    أولاً: إظهارُ روحِ الدّعابة والمرح، فالابتسامة خيرُ رسالة، وأنجعُ لقاء بين المعلم وطلابه، وهذا من هَدي المصطفى -صلى الله عليه وسلّم- فقد قال -صلى الله عليه وسلّم-: "وتبسّمكَ في وجه أخيك صدقة"[2].
    فالابتسامةُ تجعل الطالبَ يُقبل على المدرسة والدّرس برغبة وشوق فضلاً عن كونها تبدّد المخاوف من نفسه...

    ثانياً: التشجيعُ على المواقف الحسنة والإجابات الصحيحة، وإذكاءُ روحِ التنافس بين الطلاب، وبذلك يوجّهُ اهتمامَهم إلى ما هو نافع، وذلك عن طريق المسابقات، وتكليفهم باستظهار الآيات من القرآن، والقصائد وعواصم الدول وغير ذلك. فالطلابُ طاقاتٌ كامنة تنتظرُ من يستثمرُها، وأذهانٌ هائمة تنتظرُ من يقودُها ويوجّهها.
    "من أسمى فنون المعلم أن يوقظَ روح الحماسة لدى الطلبة للتعبير عن أفكارهم وآرائهم بطرق إبداعية"[3].

    لقد أثبتت التجاربُ الميدانية التربويّة أنّ التشجيعَ في كلّ الأحوال ناجعٌ، ويؤثر تأثيرًا إيجابيًا على الطالب شريطةَ أن يكونَ في وقته، وبقدرِ الحاجة إليه، والأهمّ أن يكون متنوعاً، ومتقطعاً حتى لا يسأم الطالب.
    "وكذلك ينبغي لكلّ معلم راشد أن يشيدَ بالمواقفِ الحسنة لتلاميذه، وينوّهَ بكلِّ من له موهبةٌ أو قدرة، وينمي فيه الطموح بالحق، والتفوق بالعدل، ولينبه الآخرين على فضلهم، فينافسوهم في الخير إن استطاعوا، أو يعترفوا لهم بالفضل إن عجزوا. وإن كلمة تقدير وتكريم من أستاذ له قدر في شأن أحد تلاميذه، قد تصنع منه- بتوفيق الله تعالى- نابغة من نوابغ العلم"[4].

    ثالثاً: الاهتمام بشؤونهم وعوالمهم، فحريّ بالمعلم أن يسائلَ الطلاب عن المساجد التي يصلّون فيها، وعن المكتباتِ التي يشترون قصصَهم منها، وعن البرامج التلفزيونية النافعة التي يشاهدونها، وعن الأندية الرياضيّة التي يشجعونها، وإذا ما شعرَ الطلابُ باهتمام معلمهم باهتماماتهم فإنهم يمنحونه كلّ محبّتهم وتقديرهم ليصبحَ هو الأمَّ والأبَ والصديقَ والقائد.. ومن خلال ذلك يستطيعُ المعلمُ أن يستثمرَ هذه المحبّة فيما يعودُ على الأبناء بالخير والفائدة العلمية والأخلاقية... فيبثّ في نفوسهم حبَّ الإسلام، ويؤصِّلُ في قلوبهم القيمَ السامية والفضائل الراقية.. ويحبّبُهم في العلم..

    رابعاً: محاورةُ الطلاب، فالحوار هو الفنُّ السّامي عند المعلمين، ونبضُ حسّهم الواعد، وأبجديّةُ أفكارهم الواعية، التي إنما تمتصُّ المعاني من نفوس الطلاب كما تمتصّ الزهورُ ذراتِ الهواء ثمّ تَبعثها من جديد أريجاً وعبقاً وسناً يُفتّق إبداعاتِ الطلاب، ويثيرُ ملكاتهم المعطاءة لتنتج عنها الآمال المنشودة والأماني الواعدة..

    ومن أبرز فوائد الحوار بين المعلم والطالب:
    - إقناعُ الطالب بحقيقة علميّة، أو معلومة ما.
    - تعزيزُ ثقةِ الطالب بنفسه من خلال إيجادِ الفرصة المناسبة للتعبير عن أفكاره، والتخلّص من الخوف من مواجهة الآخرين.
    - تنميةُ روابطِ الألفة والمحبّة مع المعلم.
    - تنميةُ شخصية الطالب، وتعويدُه حلّ المشكلات بطرق جديدة.
    - شدّ الانتباه والتّشويق.
    - التّمييز بين الحقيقة، ووجهة النّظر.
    - تعويدُ الطالب اختيار الكلمات المناسبة وردّ الحجة بالحجة.
    - احترامُ رأي الطرف الآخر.
    - إبعادُ الملل عن جوّ الفصل..
    - مساعدةُ الطالب على التفاعل والتواصل مع حياته الاجتماعية بطريقة أفضل.
    - ترسيخُ المعلومات.. لأنّ الحوار ذو طبيعة مؤثّرة ومحبّبة وجذّابة للطفل...

    خامساً: التركيزُ على الجانب العمليّ، واستنتاجُ المعلومةِ من أفواه التلاميذ، فالطلاب يحبّون العمل، ويحبّون الاستكشافَ، ويسعَدون عندما يستنبطونَ حقيقةً علمية ما، وإنّ تركيزَ المعلم على الجانب التطبيقي ليفجّرُ الرغبةَ في نفوسهم، ويحفّزُ عقولَهم على التفكير، فإذا ما شرحَ المعلمُ درسَ أجزاء النبتة في الحديقة، أو أحضرها إلى الصفّ، وراحَ الطلاب يشاهدون الجذورَ والسّاق والأوراق، فلا شكّ أنّ فهمَهُم سيكون أكثرَ رسوخاً وثباتاً، وكذلك فإنّ بوسع معلم اللغة العربية أن يصطحبَ طلابه إلى الحديقة المجاورة ويجعل الطلاب يصِفون ما يشاهدونه، ومن الممكن أيضاً أن يُريَهم مادةً مصوّرة من خلال شاشات العرض التي باتت متوفّرة في معظم المدارس..
    يقول جون لوك: "تدرّجوا في التدريس من السهل إلى الصعب، واعتمدوا على الأمثلة الحسية، ثم انتقلوا من المجردات، وتجنّبوا الشدّة، وركّزوا على المناقشة والمحاورة، ونوّعوا أساليب التدريس"[5].

    ثمّ إنّ المعلمَ يستخدمُ الطريقةَ الاستنباطيةَ ومهارةَ طرحِ الأسئلة في تفتيحِ أذهانِ التلاميذ، لتلقّي المعلومة بعد تشوّق نفوسهم إليها، وتطلُّعِ عقولهم إلى معرفتها. ذكرَ الإمام البخاري في صحيحه باباً بعنوان "باب طرح الإمامِ المسألةَ على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم"، وأخرج فيه حديث عبد الله بن عمر أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- قال: "إنّ من الشّجرة شجرةً لا يسقط ورقُها، وإنّها مثل المسلم حدّثوني ما هي؟ قال: فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله: فوقعَ في نفسي أنّها النخلة. ثمّ قالوا: حدّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة"[6].

    سادساً: مرافقتهم في رحلاتهم الترفيهيّة والعلميّة لتزدادَ معرفتهُ بهم، وكلّما تمكّن المعلم من فهم السمات الشخصية لطلابه ازدادَ تفاعلاً معهم، ومحبةً لهم، ومن ثم يُصبح كالطبيب الذي يسهُلُ عليه أمرُ وصفةِ الدواء الناجعة إذا ما اتّضحَ له تشخيصُ الحالة، ولا بأس من زيارة المعلم طلابه عند مرضهم أو مرض ذويهم... تصوّروا فرحة الطالب وهو يرى معلمَه يزورُه وهو على سرير المرض.. حقاً إنه موقف يمتلئ خلقاً ونبلاً وإنسانية.
    "يُعد القلبُ الذكي المتعاطف كلَّ شيء في المدرس، ولا يمكن أحدًا أن يقدّره حقّ قدره، وإنّ المرء ينظر بكلّ التقدير للمعلمين الرائعين، ولكن ينظر بامتنان أكثر إلى أولئك الذي أثروا في مشاعرنا الإنسانية"[7].

    سابعاً: التغاضي عن هفواتهم الصّغيرة، فمن صفات القائد الناجح التغاضي عن بعض تصرّفات مرؤوسيه.
    المعلم الودود لا يحاسبُ طلابَه على كلّ صغيرة وكبيرة، ولكنّه يتركُ جزءًا لطفولتهم النامية وفتوّتهم الثائرة، فتارةً يتجاهلُ إزاء تصرّف غير لائقٍ من طالب، فيناديه في الفسحة، ويتكلّم معه بأخوّة واحترام، عندئذ سيتأثّر الطالبُ ويندمُ على ما فعل، ويبتعدُ عن كلّ تصرّف غير لائق بإذن الله..

    ثامناً: بثّ الحياة في المنهج، وتحويل السّطور إلى زهور، والصفحات إلى نجمات..
    ليست المناهجُ في نظرِ المعلمين البناةِ سوى دروعٍ واقية لنسيجِ الأمة المتين، ومناجم ذهب متدفّقة توفّر لهم الحياة الرّغيدة ولأبنائهم المستقبلَ الآمن الواعد، وبساتين عامرة بشتى صنوف الثّمر والزّهر تجلبُ لهم الصّفاء والنّقاء، وتحملُ نفوسهم على تأمل عظمة صُنع الخالق جلّ جلاله... والرغبة في الاستزادة من طلب العلم والمعارف.
    "لا أحد ينكر أنّ المنهج الدراسي على قدر كبير من الأهمية كمادة خام، ولكنّ الدفء هو العنصر الحيوي للنباتات الآخذة في النمو، وكذلك روح الطفل"[8].

    تاسعاً: الإكثارُ من قراءة القصص، وتعويدُهم الإلقاء وتمثيل الأدوار المسرحيّة.
    للقصص أثرٌ كبير في شدّ انتباه الطلاب، فَيُنصِتون إلى المعلم بحماسة، ويستغرقون في أحداث القصّة، ويتغلغلون بين الحروف، حتى إنهم يجعلون من أنفسهم جزءاً من عالم القصّة، ويتمثّلون نهجَ الأشخاص الذين يحبّونهم في القصّة كشخصية البطل، والكريم، وذاك الذي يُساعد المرضى، والذي يطردُ الثعلب لينقذَ الأرانب، ذاك الذي يطفئُ الحريقَ لينجوَ الأطفالُ الصغار، ولكلّ مرحلة من المراحل الدراسيّة قصصٌ تناسبها.. فالمعلم الحاذقُ يجعلُ من القصةِ سلاحاً يُعينهُ على ضبط الفصل، وتأصيلِ القيم والمفاهيم الأصيلة في نفوسهم فيروي ظمأَهم من سيرِ الصحابة والتابعين بما يحمل نفوسهم على الاستقامة..
    وتعويدُ الطلاب الإلقاء أمام الزملاء في الصف يعوّدُهم الجرأة القدرة على مواجهة الآخرين
    "دخلَ المأمون مرّةً بيت الديوان، فرأى غلاماً صغيراً على أذنه قلم. فقال له: من أنت ؟ قال: أنا الناشئ في دولتك، والمتقلّبُ في نعمتك، والمؤمّل لخدمتك، أنا الحسن بن رجاء، فعجب المأمون من حُسن إجابته، وقال: بالإحسان في البديهة تفاضلت العقولُ، ارفعوا هذا الغلام فوق مرتبته"[9].

    وللمسرح دورٌ كبير في شدّ انتباه الأطفال وفهم الموقف التعليمي، والمعلم اليَقظ يُكثر من استعماله في المناهج؛ لأنّ الموقف المسرحيّ المؤثّر قد يُكسِبُ الطالب خُلُقاً يتبنّاه طوال حياته ويَعكُفُ عليه... فقد يكلّف المعلم طالبين بالمناظرة واحدٌ منهما يمثّل دور الصّيف والآخر دور الشّتاء.. إلخ. المهم أن ّباب المسرح واسع.
    "ومن خصائص المسرحيّة أنْ تُقدِّم القيم والمُثل، وتؤكّد النماذج الرياديّة والمثاليّة، والمثل الرفيعة والمواقف النبيلة، وأن تثير في المتلقي خيالَه العاقل الراشد،... وتشجيع المغامرات التي تستهدف الكشف عن الألغاز والحلول، والحقائق، وتدور حول شخصيات لديها القدرةُ على تحمّل الصعاب في سبيل الآخرين، مما يبعثُ في الطفل القدرةَ على التكيف الاجتماعي والبيئي"[10].

    عاشراً: العدل بين الطلاب، فيشاركُ الجميع، ويعطي الفرصةَ للجميع، فلا يميّزُ بين طالب وآخر، ويشيعُ المحبةَ والألفةَ بينهم، ويشجعُهم على الإيثارِ والتعاون ونبذِ الأثرة.. فالطلابُ على مقاعد التعلّم تتملّكُهم حساسيةٌ مفرطةٌ تجاهَ المعلمين، فهم يحاسبونهم على الابتسامات والنظرات، وإذا أعطى المعلمُ الفرصةَ لطالب مرتين على التوالي للإجابة عن سؤال ما، ولم يُعط الآخر، ضاقَ صدرُه، وأسرعَ يبوحُ بخلجاتِ نفسه الرقيقة معاتباً إياه، وهذا حصل معي غير مرّة؛ إذ إنّني كنتُ -ذات يوم- أضعُ النجومَ الملوّنة على دفاتر طلابي المتميزين، وبعد أن انتهيت، تبعني طالبٌ مسرعاً، وقال: أرجوك يا أستاذ، أنا لا أحبّ النجومَ البيض، ضَع لي نجمةً صفراء مثل زملائي...

    أخي المعلم، أختي المعلمة، إنّ المحبّةَ زهرةُ الحياة، وربيعُ الكون، فأشيعوا المحبّة بين طلابكم، وعاملوهم باحترام، واحتملوا عالمَهم الثائر كازدهار الربيع، عالمهم الثرّ "بما يسكنُ فيه من البراءة والصفاء، وبما يشتجرُ فيه من خصومات ومشاكسات ومن أهواء ورغبات، وكدر وصفاء يقترنان معاً على نحو عجيب وفي وقت واحد عاكسَيْن عفوية عالم التلاميذ وتلقائيته"[11].

    وفي الختام أتمنى على زملائي المعلمين أن يهتمّوا بتشييد جسور المحبّة بينهم وبين طلابهم قبل أن يشرعوا في رَصف المعلومات والمعارف في أذهانهم، وأن يتحَلّوا بروح الدعاة والبُناة، لا بروح القُضاة، وأن يحوّلوا غرفة الصّف إلى خميلة غنّاء، لا إلى أرض جرداء.....
    ـــــــــــــــــــــــــــــ
    [1] كتاب أفضل النصائح للمعلمين- تشارلز ماكجوير، ديانا أبيتز- ص: 117.
    [2] صحيح ابن حبان، ج2 ص: 221.
    [3] [ألبرت أنشتاين] كتاب أفضل النصائح للمعلمين- تشارلز ماكجوير، ديانا أبيتز- ص: 117.
    [4] كتاب الرسول والعلم، د. يوسف القرضاوي ص: 131.
    [5] موقع إنترنت.
    [6] البخاري مع الفتح1/156، عن كتاب الرسول والعلم د. يوسف القرضاوي.
    [7] [كارل يونج]..كتاب أفضل النصائح للمعلمين -تشارلز ماكجوير، ديانا أبيتز ص: 4.
    [8] المرجع السابق.
    [9] كتاب تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان ص: 235.
    [10] أدب الطفل من منظور إسلامي، د. نجاح بنت أحمد عبد الكريم الظهار، ص: 260-261.
    [11] انظر تقديم كتابنا: "يوميات مربّ" د. وليد قصّاب.
    كيف تكونُ معلماً محبوباً؟ / لبدر الحسين
    منقول
    http://www.alukah.net/articles/3/1530.aspx?cid=57
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: كيف تكونُ معلماً محبوباً ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 17:47


    [b]المربي الناجح


    [/b]
    القدوة
    • حسن الصلة بالله
    • نفس عظيمة وهمة عالية
    • يألف ويؤلف
    • ضبط النفس
    • سعة الاطلاع
    • الثقافة التخصصية
    • الحنان
    • التصابي.
    • الاتصال بأولياء الأمور
    • وضوح الهدف
    • تحصيل الثمرة
    • • • • •
    سواء كنت يا أخي في البيت أبًا، أو مُعلِّمًا في المدرسة، أو مُحفِّظًا في المسجد، وسواء كنتِ يا أُختي أُمًّا، أو مُعلِّمةً، أو مُحَفِّظةً، لكم جميعًا نُوَجِّه حديثنا؛ من أجل تربية إسلامية صحيحة لأبنائنا، نتحدث معًا وبإجمال أقربَ منه إلى التفصيل عن صفات المربِّي الناجح، وما يجب عليه أن يتحلَّى به، وما يجب عليه أن يتخلى عنه، ومن تلك الصفات:


    1 – القدوة:
    وهي عُمدة الصفات كلِّها؛ بل تَنبني عليها جميعُ صِفات المُربِّي، فيكون قدوةً في سُلوكه، قدوةً في مَلْبَسِه، قدوة في حديثه، قدوة في عبادته، قدوة في أخلاقه وآدابه، قدوة في حياته كلها.
    ولقد سَبَقَ أنْ تَحَدَّثْنَا فِي الجُزْءِ الأوَّل عن ذلك تحت عنوان (الاستنساخ)، وقلنا إن الطفل إذا ما افتقد القُدوة فيمَنْ يُرَبِّيهِ، فسوف يفتَقِدُ إلى كلِّ شيء، ولن يُفلِح معه وَعْظ، ولا عقاب، ولا ثواب، كيف لا وقد رأى الكبير يفْعَلُ ما يَنهاهُ عنه؟! وقلنا كذلك إنَّ عَيْنَ الطفل لكَ كالميكروسكوب ترى فيه الشيء الصغير واضحًا تمامًا، فالنظرة الحرام التي تختلسها، والكلمة القصيرة السريعة الَّتي تنطِقُ بِها وغيرُها، يستقبلها الصغير فيُخَزِّنها، ويفعل مثلها إن لم يكن أسوأَ، ولا تستطيع أن تنهاه، وإلا قال لك: أنتَ فَعَلْتَ ذلِك، وأنا أفْعَلُ مِثْلَك!! طبعًا هو لا يعانِد – غالبًا – في مثل هذه المواقف؛ ولكنه يُقلِّدُكَ، فأنت الكبير وهو يُحِبِّكَ، ويحب أن يفعل مثلما تفعل ليتشبَّهَ بكَ.


    فإن غضبتَ فشتمتَ فإنَّه سيشتُمُ عندما يغضَب، وإن طلبت منه شراء الدخان أو رَمْيَ باقي السيجارة، فسيشرب منها بعد ذلك ولو خِلْسَةً؛ حتَّى يتمكَّن مِن شُرْبِها بِحُرِّيَّة في أقربِ فرصة، فَهُو يُقَلِّدك وأنت الكبير، وإن خرجتِ الأمُّ مُتَبرِّجَةً فلن تستطيعَ إقناعَ ابْنَتِها بعد ذلك بارْتِداء الحجاب، وإن نادى المؤذِّن للصلاة وصلَّيْتَ في البيت فسيصلي في البيت، وإن ذهبت إلى المسجد فسوف يُحِبُّ الذَّهاب إلى المسجد، وإن غَفَلْتَ عنِ الصلاة ساهيًا أو عامدًا فسوف يقلِّدُكَ؛ فأنت القدوة.
    وهكذا إن طلبت منه أن يخبِرَكَ بسِرِّ أحد، أو لعبت أمامه بدون حذاء أو بغير الملابس الرياضية، وكذا إن رآك (تُبَحْلِقُ) في صور العاريات، أو فِي الفيديو، أوِ التليفزيون، أو عاكستَ أحدًا في الهاتف... إلخ.


    2 – حسن الصلة بالله:
    وهي منَ الصفات التي لا غنى للمربي عنها، وقد كنا نقصر في صلتنا بالله، فلا نرى قلوبًا مفتوحة لنا، ولا آذانًا صاغيةً، تَستَقْبِلُ بِحُبّ ما نقولُه وما نفعلُه، والعكس عندما كنا نحسن الصلة بالله، فكان الله - عز وجل - يُبارِكُ في القليل، فيستجيب الصغار لنا أسرعَ مِمَّا نتخيَّل، يُصَلُّون، ويُذَاكِرون، ويحفظون القرآن الكريم، ويظهَرُ مِنْهُم حُسن خلق أثناء اللعب، وأثناء الفسح.
    إن الصلاة في جماعة، خاصة صلاةَ الفجر، والمداومة على ورد القرآن، وأذكار الصباح، وأذكار المساء، وكثرة الاستغفار، والبُعْد عن المحرَّمات والشُّبُهات، خاصَّةً غضَّ البَصَر، والوَرَع لَفِيهَا جميعًا الخيرُ والبركة في هذا المجال، فإرضاءُ اللَّه غايةٌ، ما مِن أحد إلاَّ ويتمنَّاها ويسعى إليها؛ لِينالَ الجنَّة في الآخرة والسعادة في الدنيا، ومَن أسعد في الدنيا مِن رجل له أبناء صالحون، يحسن تربيتهم فينالُ مِنْهُم بِرًّا ودعوةً صالحةً، نسأل الله ألا يَحْرِمَنا من هذه النعمة العظيمة.


    3 – نفس عظيمة وهِمَّة عالية:
    المُربي لا بد أن يكون عظيمَ النَّفس، هِمَّتُه عالية، وإرادته قوية، ونَفَسُه طويل، لا يطلب سفاسفَ الأُمُورِ، يعلم أن تربية الأولاد في الإسلام فنٌّ له عقبات؛ كما له حلاوة، وأجر عظيم. لذلك يسعى جاهدًا أن يجعلها لِلَّه، ويُضَحّي من أجلها بِراحَتِه وبماله، وبكل شيء عنده، ويصل طموحه به إلى أن يتمنَّى أن يكون ابنه؛ كمُحَمَّد الفاتح، الَّذي علَّمه شيخُه وهو صغير أنَّ القسطنطينية سيفْتَحُها اللَّه على يد أمير مسلم، يرجو أن يكون هو، فقد قال عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فَلَنِعْمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعْمَ الجيشُ ذلك الجيش))، ومن نماذج المربين وأصحاب الهمم والطموحات الكثير والكثير.


    4 – يألف ويؤلف:
    نعم مِن صفات المُرَبِّي أن يألف ويؤلف، يألف الصغار ويحبهم، ولا يأنف الجلوس معهم، يتبسط في حديثه ويتواضع، يمزح ويلعب، يلين ولا يشتد، يعطي كثيرًا بلا مقابل، ولا تفارقه الابتسامة، وكذلك يُؤْلَف عند الصغار، وإلا فلا يتصدَّى للتعليم ولا التربية، فهي مهمة ليس هو أهلاً لها، إذ إنه دائمُ التجهُّم، شديد، عنيف، لا تعرف الرحمة طريقًا إلى قلبه، فويل لأبنائه منه تمامًا؛ كمن قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لي عَشْرَةً منَ الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحدًا"، فقال له الحبيب المُرَبّي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لا يَرحم لا يُرْحَم))، وعمر بن الخطاب عَزَل مثل ذلك الرجل عن ولاية المسلمين، فمن لا يألفه أبناؤه، لا يألفه المسلمون، وهو بالتالي لن يرحمهم.


    5 – ضبط النفس:
    شَتَمَ الصغيرُ أخاه، غَضِبَ الأبُ، وقام لِيضرِبَ الصغير، فبكى الصغير معتذِرًا عما فَعَلَ؛ لكن الأب ظلَّ غاضبًا متجَهِّمًا طوال اليوم، ورَفَضَ أن يتحدث معه.
    وفي الفصل أخطأ التلميذ فعاقبه المدرِّس وظلَّ غاضبًا طوال الحِصَّةِ، لم يبتسمِ ابتسامَةً واحدة رغم اعتذار التلميذ عمَّا فعل، أوِ اعترافه بخطئه، هذا هو ما قصدناه بضبط النفس أن تغضب ولكن ليس من قلبك، وتُعاقِبَ بمزاجك، تُعاقِبُ وأنت تهدُف من وراء العقاب شيئًا، وهو التربية؛ أي تَغْيِير السلوك؛ ولكن لا تكتشف بعد العقاب أنَّك غضبت كثيرًا، وعاقبت بشدة أكثر مما يستحقُّ السلوكُ الخطأ الذي فَعَلَهُ الصغير، وأنك عاقبتَ أصلاً كردِّ فعلٍ سريعٍ للخطأ ولم تنوِ قبل العقاب أن تغير من سلوك الصغير، وبالتالي فقد عاقبتَ بالغضب والصِّيَاح بدلاً من التصحيح الهادئ أوَّلاً، أو ضربتَ وكان الأَوْلَى أن تُظْهِر الغضب فقط، ليس هذا فحسب؛ بل مِن ضبط النفس أيضًا أن تغضب فإذا ما اعترف الصغير بخَطَئِهِ فيتلاشى غضبكَ على وجه السرعة، ويتحوَّل إلى ابتسامة رقيقة، وكذلك تتحوَّل الابتسامةُ إلى تَجَهُّم عند الخطأ، وسرعان ما يزول التجهُّم، وهكذا دون أن يُؤَثِّرَ ذلك في القلب؛ لِيُرَبِّيَ الكبيرُ الصغير، وليس العكس، فيتحكَّم الصغير في حركاته وسكناته، ابتسامِهِ وتَجَهُّمِهِ، جِدِّهِ ولَعِبِهِ.


    6 – سَعَةُ الاطلاع:
    يجب على المربِّي الاطلاعُ عامَّةً، وعلى الإصدارات في مجال الطفولة بشكل خاص؛ فالمسلم مثقَّف الفِكر، والمربِّي أَوْلَى بذلك؛ ليستطيع تعليم الصغار، وتغذيتهم أولاً بأول بالمعلومات الجديدة والمفيدة في التفسير، وفي الحديث، وفي الفقه، وفي السيرة، وفي العقيدة، وفي أخبار المسلمين، وفي الآداب والأخلاق، وفي المعلومات الإسلامية والعامة.. إلخ.
    الصغار يسألون في كل شيء، وفي أيّ شيء، فإن عجز المربي عن الإجابة، أو تَكرر تَهَرُّبُهُ منهم سقط من نظرهم، ولجؤوا لغيره؛ يسْتَقُونَ مِنْهُ معلوماتِهم، قد يكون التليفزيون، وقد يكون شخصًا سيئًا، وقد يكون مجلة داعرة، أو كتابًا فاسدًا، أو غيرَهُ.


    7 – الثقافة التخصصية:
    فالمربِّي لكي يُحسِنَ التعامل مع الصغار؛ لا بد أن يعرف خصائص كل مرحلة سِنِّية، وأن يقرأ عن أساليب التربية ومجالاتها، وكذلك يقرأ في وسائل جذب الأطفال، ويقرأ عن المشكلات النفسية والسلوكية، التي قد يُعاني منها بعض الأطفال، وقد حرصت في هذا الكتاب بجزأيه التيسير على المربي في هذا المجال بشكل عملي، لا ينقصه التنظير أيضًا، وإن كنا ننصح المربين بدوام الاطلاع على الإصدارات المطبوعة في هذا المجال، ومتابعة هذا الموضوع في الجرائد والمجلات، وببعض المواقع على شبكة الإنترنت لِمَنْ تَيَسَّر له ذلك، وإنَّ هذا الموضوعَ لَمِنَ الأهمّيَّة بمكان، بحيثُ إنَّ افتقادَه، أو ضَعْفَ المربِّي فيه، يجلب المشاكل الَّتي هو في غِنًى عنها أثناء العملية التربوية، عندما يَجِدُ طِفلاً عنيدًا ويظن أنه يفعل معه ذلك لأنَّه يكرهه، والواقع أنَّ هذه سِمَةٌ للطفل، وطبيعة فيه في مرحلة معينة، وكذلك التعرُّف من خلال الثقافة التخصصية على أن هناك فروقًا بين الأطفال، فهذا يحب القيادة، وذلك اجتماعي، والآخر كسول، وهكذا فلا تكون التربية في كُتَلٍ ثابتة؛ بل تختلف مِن طفل لآخَرَ، لذا فنحن ننصح المربي بدوام القراءة في مجال تربية الأولاد؛ من أجل الثقافة التخصصية.


    8 – الحنان:
    والمربي الذي ينقصه الحنان لا يصلح للتربية، الذي يغلب عليه التجهم، الذي يبخل بالابتسامة، الذي لا يمسح على رأس الطفل، الذي لا يعرف إلا العقاب، أما الثواب فلا حاجة به إليه، ليعلم كل هؤلاء أنه ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا))، و((من لا يَرحم لا يُرحم))، وأنه بذلك مخالف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مزاحه مع الصبيان، وتلطفه معهم.


    9 – التصابي:
    المربي الناجح يتصابَى للصغير، فينزل إلى مستواهم، فيُلاعبهم، ويمازحهم، ويحادثهم، لا يتكبر عليهم، ولا يطرُدُهم من مجالسه، يمشي معهم ولا يأنف ذلك، تأخذ البنت الصغيرة بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به في طرقات المدينة، فلا يمنعها، ويأذن للأخرى أن تفي بنذرها فتضرب بالدف بين يديه، ويعقِدُ المسابقات بين الأطفال، ويمشي على يديه ورِجْلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - ويركب الحسن والحسين فوق ظهره فلا يمنعهم، يأكل معهم ويعلمهم آداب الطعام، ويُرْدِفهم خلفَهُ على الحمار؛ كما فعل مع عبدالله بن عباس، وغير ذلك مما نتعلمه منَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يصح أبدًا أن نُبعِدَ أبناءنا عنا، ونتجنبهم كالجَرْبَى نقول لهم: (ابعد عني)، (هل ستُصَاحِبُنِي؟)، (أنسيت نفسك؟)، (لست في سِنِّي لتتحدث معي)؛ لكن لنُلاعِبْ أبناءنا، ونلعبْ معهم، ونذاكرْ لهم، ونجلسْ معهم، ونخاطِبْهُم على قَدْر عقولهم، وبما يفهمون هم لا بما نَفْهَمُ نَحْنُ، وإنَّ هذا لا يُنافِي الوقارَ والهَيْبَة والإجلال؛ بل يَزِيدُها - إن شاء الله - بما يلقاه من أبنائه وتلاميذه حينما يكبرون، ويجد أمامه ثمرةَ تَعَبِهِ، وكيف أنهم يكونون مع أبيهم وأمهم؛ كالأصحاب يُصارِحُونَهم بِمَشاكِلِهِمْ، وما يدور في نفوسهم وما يَشْغَلُهُم، فيسهل حلُّ مشكلاتهم، أمَّا الذي يهابُهُ أولاده، ويصبُّ عَلَيْهِم كل يوم وابلاً كثيفًا من الشتائم، ومختلِف أنواع العقوبات إلى جانب الفظاظة والغِلْظة، الَّتي يتحلَّى بِها، فَهَذَا يتمنَّى مِنْ أولاده حينما يكبرون أن يصارحوه ويحادثوه ويصاحبوه؛ ولكن هيهاتَ، فقد وضع الحاجز بينه وبينهم منذ زمن، ناهيك عن تمنِّيهِم لموته؛ ليستريحوا منه بعد طول عَناء؛ وربما يدعون عليه بعد موته فيحرم نفسه من خير كثير، وهو إحدى الباقيات الثلاث الصالحات للإنسان بعد موته ألا وهي ((ولد صالح يدعو له)).


    10 – الاتصال بأولياء الأمور:
    فالمعلِّم لابد أن يجلس مع وليِّ الأمر أو يتصل به تليفونيًّا؛ ليطمئن على ابنه، ويُنَسِّقَ معه طُرُقَ التربية، وليَعرفْ عن قُرب بيئة الصغير، ومَنِ المسيطر في البيت الأب أو الأم، وهل هناك مشاجرات بينهما أم لا؟ وهل الأب متفرغ للتربية أم لا؟ وهل الأم لا تجلس مع ابنها إلا على مائدة الطعام أم تجلس معه في غير ذلك لتطمئنَّ عليه وتتعرَّف أخبارَهُ؟ إنَّ كُلَّ ذلك سيؤثر بالطبع على الصغير بشكلٍ أوْ بِآخَرَ، فإنَّ المشاكل الأُسْرِيَّة مثلاً لها آثار جانبية تظهر في سلوك الطفل بالسلب غالبًا، فإذا ما عرف المربي هذا فلا يعاقب الطفل إلاَّ بقدر؛ لِمَا يعلم من أسباب لتلك المشكلة.
    ومن فوائد الاتصال بالبيت التنسيق مع ولي الأمر، فإذا عاقب المعلِّم تلميذه فحَرَمَهُ من رحلة مثلاً فلا يصح للأب أو الأم أن تخرج ابنها في ذات الأسبوع في نزهة مماثلة، فلا يصبح لعقاب المعلِّم جدوى، وكذلك المعلم والذي يكون تربويًّا في الغالب، فإنه يُعْلِم ولي الأمر بوسائل التربية، وطرقها ليستفيد منها في تربية ابنه، فمن هنا نعلم أهمية اتِّصال أولياء الأمور والمربين معًا؛ لتنجح العملية التربوية وتتكامل.


    11 – وضوح الهدف:
    المربّي الناجح يضع أمامه دومًا الهدف من التربية، والفوائد الدينية، والدنيوية العائدة عليه؛ بل عليه أن يضع له أهدافًا جزئية كل فترة زمنية، فيقول مثلاً: في خلال هذا العام سيحفظ أبنائي جُزأين من القرآن، ويتعلمون ثلاثة أخلاق إسلامية، ويتعلمون ثلاثة آداب يومية، ويتقنون مهارة الإنشاد أو الكتابة على الكمبيوتر، ويعرفون كل شيء عن الأزهر، والمُتْحَف الإسلاميِّ مَثَلاً، ويعرفون أعداءهم اليهود، وما فعلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعرفون أجدادهم العَشَرَةَ المُبَشَّرِينَ بالجنة، وكذا يعرفون خطأين شائعينِ في المجتمع، وهكذا يضع المربِّي أمامَهُ هَدَفًا عامًّا، وهو تَرْبِية الطفل تربيةً إسلاميَّةً صحيحةً، وتحته أهداف جزئية كما سبق.


    12 – تحصيل الثمرة:
    فالمربي الناجح ليس هو الذي يَظَلُّ أعوامًا طويلةً يجلس مع الأطفال، ويَبْذُلُ معهمُ المجهود في أشياء لا طائل منها، ولا يأخذ منهم ثمرة أولاً بأوَّلَ، فقد يعطيهم زادًا ثقافيًّا، وقد يُحَفِّظُهُم نصف القرآن؛ ولكن أخلاقَهُم سيئةٌ في أول مباراة يلعبونها مع بعضهم بعضًا، تظهر الأنانية والسَّبُّ واللَّعْن والتباغُضُ فيما بينهم، فالتربية كانتْ ثقافيَّةً لم تتعدَّ ذلك، أما الجانب التطبيقيُّ أو الجانب العمليُّ فقد تَنَحَّى جانبًا، وهو المهمُّ في العملية التربويَّة، فلْنطلُبِ الثمرةَ؛ ولكن لا نَسْتَعْجِلْها، فكلٌّ بقَدَرٍ، والزمن جزءٌ منَ العلاج.

    منقول
    http://www.alukah.net/articles/3/1890.aspx
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: كيف تكونُ معلماً محبوباً ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 17:49

    كان الناس وما زالوا يستبشرون ويتفاخرون بكثرة الأبناء ويراودهم حلم بأن يرزقهم الله ذرية طيبة حسني الخلق والخلقة، يتحلون بعقيدة سليمة صلبة وعبادة خاشعة وخلق أصيل وبعقول متفتحة واعية ونفسيات مستقرة وأجسام قوية ومعرفة بواقع الحياة وظروف العصر وبنفس تفيض خيراً وطهراً وعطاءً. فهل يحقق الأبناء ذلك ؟
    واقع الأبناء:
    إن واقع الأبناء نستشفه مما نراه بأعيننا وما نسمعه من أغلب الوالدين فاليوم لا تكاد تجلس إلى أحد إلا وهو يشكو سلبية سلوك أبنائه ويخشى عليهم من هجمة الفساد وأهله، وأصبح الأبناء مصدر قلق في كثير من البيوتات،..
    وانطلق كثير من الناس يبحث عن الوقاية والحل ويسأل هنا وهناك. ومما يمكن أن تلمسه من سلوكيات الأبناء وتسمعه من شكاوى مريرة من الكثير من الأهالي ما يلي:
    - ولدي / ابنتي لا تفهمني.
    - لا يطيعني.
    - شخصية غير جادة.
    - يميل إلى الشلل ويصدق أقوالهم.
    - لا يحب العمل.
    - لا يقيم وزناً للعلم والدراسة.
    - لا يحرص على أداء الصلاة.
    - يتعلق بتوافه الأمور ويسير في الحياة بدون هدف.
    - لا يتذكر ولا يتعظ.
    - يهتم بمظاهر الترف.
    - يسهر في الليل وينام في النهار.
    - عنيف على إخوانه.
    - كثير الصراخ سريع الغضب.
    - لا يجلس مع الرجال ولا يخدم الضيف.
    - كثير الكذب والتحايل.
    - يرى نفسه في البيت كأنه غريب فلا يكاد يدخل حتى يخرج.
    - يعتبر طلباته ملزمة لوالديه ولا يصرح لهم بشيء عند مناقشته.
    - لا يثق بقدراته بل لا يعرفها.
    - يستهتر في الناس.
    - يكثر من الحديث في الهاتف.
    - لا تهتم بالحجاب.
    - تحاكي الغرب في لبسها وفكرها.
    - تمضي كثير من الوقت في زينتها.

    *
    إذا كان هذا هو واقع الأبناء بناءً على شهادة والديهم، فما هو واقع الوالدين؟
    إذا تفحصنا أسباب فساد الأبناء وجدنا أن عامته بسبب الوالدين أو لهم اليد الأطول فيه.فالأبناء ما بين محروم من متع الحياة وضرورياتها، وأخر ربما حصل على حاجته الجسمية فقط وحرم ما عداها لانشغال والديه أو أنانيتهما أو لعدم وعيهما بأهمية دورهما وأثرهما في حياة أبنائهم..
    قال ابن القيم رحمه الله -: "كم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمه ففاته انتفاعه بوالده وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة".

    ولتوضيح ما أقصد بذلك سأعرض بعض الأساليب التربوية الخاطئة الممارسة من قبل بعض الوالدين والتي قد تكون ساهمت في سلبية سلوك الأبناء:
    * الصرامة والشدة والقسوة عليهم أكثر من اللازم إما بضربهم ضرباً مبرحاً إذا أخطئوا أو بكثرة تقريعهم وتأنيبهم عند كل صغيرة وكبيرة. يعتبر علماء التربية والنفسانيون هذا الأسلوب أخطر ما يكون على الطفل إذا استخدم بكثرة. فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك. أما العنف والصرامة فيزيدان المشكلة تعقيداً، كما أن الصرامة والشدة تجعل الطفل يخاف ويحترم المربي في وقت حدوث المشكلة فقط، ولكنها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلاً.. وقد يعلل الكبار قسوتهم على الطفل بأنهم يحاولون دفعه إلى المثالية في دراسته وسلوكه، ولكن هذه القسوة قد تأتي برد فعل عكسي

    *
    الدلال الزائد والتسامح في التعامل مع الأبناء. هذا الأسلوب في التعامل لا يقل خطورة عن القسوة والصرامة. فالمغالاة في الرعاية والدلال سيجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين أو تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة لأنه لم يمر بتجارب كافية ليتعلم منها كيف يواجه الأحداث التي قد يتعرض لها. ولا يقصد بذلك أن يفقد الوالدان التعاطف والرحمة مع الطفل، ولكن هذه العاطفة تصبح أحياناً سبباً في تدمير الأبناء حيث تجعل الطفل يعتقد أن كل شيء مسموح في طفولته وبين أسرته،ولكن إذا ما كبر وخرج إلى المجتمع صعب عليه التعامل مع القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض التصرفات ويثور في وجهها وقد يخالفها دون مبالاة ضارباً بالنتائج السلبية المترتبة على سلوكه عرض الحائط وهذا كثيراً ما يحدث في مجتمعنا.

    *
    عدم الثبات في المعاملة. فعلى الكبار أن يضعوا الأنظمة البسيطة واللوائح المنطقية ويشرحونها للطفل وعندما يقتنع فإنه سيصبح من السهل عليه اتباعها. ويجب عدم التساهل يوماً ما في تطبيق قانون ثم نعود اليوم التالي مؤكدين على ضرورة تطبيقه حيث أن ذلك سيربك الطفل ويجعله غير قادر على تحديد ما هو مقبول منه وما هو مرفوض.

    *
    عدم العدل بين الأخوة نتيجة للفروق الفردية بينهم. فمنهم من هو أكثر ذكاءً أو أكثر وسامة أو أكثر تحبباً لوالديه وقد يجد الوالدين هذه الصفات محببة لديهم وينجذبون لمن يمتلكها من أبنائهم أكثر من أخوتهم الآخرين. ولكن هذا خطأ كبير وقد يؤذي بقية الأطفال نفسياً.

    *
    تربية الأبناء على الفوضى وتعويدهم على الترف والنعيم والبذخ فينشأ الأبناء مترفين منعمين همهم أنفسهم وحسب ولا يهتمون بالآخرين ولا يسألون عن إخوانهم المسلمين ولا يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم. وفي ذلك فساد للفطرة وقتل للاستقامة والمروءة والشجاعة.

    *
    شدة التقتير عليهم أكثر من اللازم مما يجعلهم يشعرون بالنقص ويحسون بالحاجة وربما قادهم ذلك إلى البحث عن المال بطرق أخرى غير سوية كالسرقة مثلاً أو سؤال الناس أو الارتماء في أحضان رفقة السوء وأهل الإجرام.

    *
    حرمانهم من الحب والعطف والشفقة والحنان المتوازنة، مما يجعلهم يبحثون عن ذلك خارج المنزل.

    *
    الاهتمام بالمظاهر فحسب، فكثير من الناس يعتقد أن حسن التربية يقتصر على توفير الطعام الطيب والشراب الهنيء والكسوة الفخمة والدراسة المتفوقة والظهور أمام الناس بالمظهر الحسن. ولا يرون أن تنشئة الأبناء على التدين الصادق والخلق القويم أمرا مهما.

    *
    المبالغة في إحسان الظن بالأبناء حيث أن بعض الأسر تبالغ في إحسان الظن بأبنائهم فلا يسألون عنهم ولا يتفقدون أحوالهم ولا يعرفون شيئاً عن أصحابهم.

    *
    المبالغة في إساءة الظن بالأبناء، فمن الوالدين من يسيء الظن بأبنائهم ويبالغون في ذلك مبالغة تخرجه عن الحق فتجده يتهم نواياهم ولا يثق بهم أبداً ويشعرهم بأنه خلفهم في كل صغيرة وكبيرة دون أن يتغاضى عن شيء من هفواتهم.

    *
    مكث الوالدين أو أحدهما خارج المنزل طويلاً مع عدم قدرة الطرف الآخر على تغطية هذا النقص، مما يعرض الأبناء للفتن والمصائب والضياع والانحراف.

    *
    الدعاء على الأبناء حيث يلاحظ أن كثير من الوالدين من يدعو على أبنائه لأدنى سبب أو بمجرد أن يجد منهم عقوقاً أو تمرداً والذي لربما كان الوالدان سبباً فيه، وما فكر الوالدان أن هذا الدعاء ربما وافق ساعة إجابة فتقع الدعوة موقعها فيندمان بعد فوات الأوان وقد تناسيا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم -: "لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجاب لكم".رواه مسلم.

    *
    كثرة المشاكل بين الوالدين وما له من تأثير سلبي على الأبناء.

    *
    التناقض بين القول والفعل من الوالدين أو أحدهماأمام الأبناء. فترى منهم من يأمر ابنه بالصدق ويكذب ويأمره بالوفاء وهو يخلف ويأمره بالبر وصلة الأرحام وهو عاق قاطع لرحمه، أو ينهاه عن شرب الدخان وهو يشربه !

    *
    الغفلة عما يشاهده الأبناء في التلفاز وقنواته الفضائية على اختلافها أو الانترنت وما تحويه من مواقع أو ما يقرؤوه أو يسمعوه من الوسائل الإعلامية المختلفة.

    *
    العهد للخادمات والمربيات بتربية الأبناء. وهذا أمر خطير خاصة إذا كانت المربية كافرة فذلك مدعاة لانحراف الأبناء وفساد عقائدهم وأخلاقهم.

    *
    احتقار الأبناء وقلة تشجيعهم ولذلك مظاهر عدة منها:
    أ - إسكاتهم إذا تحدثوا، والسخرية بهم وبحديثهم مما يجعل الابن عديم الثقة بنفسه، قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه.

    ب
    - التشنيع بهم إذا أخطئوا أو لمزهم إذا أخفقوا في موقف أو تعثروا في مناسبة مما يولد لديهم الخجل والهزيمة.

    ج
    - ازدرائهم إذا استقاموا فتجد من الوالدين من يحتقر أبنائهم إذا رأوا منهم تقى أو صلاحاً واستقامة أو اتهام الأبناء بالتزمت والتشدد في الدين والوسوسة مما يجعلهم يضلون وعلى أعقابهم ينكصون فيصبحون بعد ذلك عالة على والديهم.

    *
    تربيتهم على عدم تحمل المسؤولية، إما لإراحتهم أو لعدم الثقة بهم أو لعدم إدراك أهمية هذا الأمر.

    *
    قلة الاهتمام بتعليم أبنائهم سواء ما يتعلق بالتعاون مع مدارسهم ومتابعة مستوى أبنائهم التعليمي ومدى التزامهم، أو ما يتعلق باختيار مدارسهم
    سبل العلاج:
    بعد ذكر بعض الأمثلة لواقع الأبناء وواقع الوالدين ربما يتساءل الواحد منا وما الحل أو المخرج من هذا المأزق ؟ لذلك سأذكر بعض السبل المعينة على حسن تربية الأبناء منها ما يلي:
    * صلاح الأبوين ومن ذلك العناية باختيار الزوجة الصالحة. و سؤال الله الذرية الصالحة فهو دأب الأنبياء والمرسلين والصالحين.

    *
    الإخلاص والاجتهاد في تربية الأبناء والاستعانة بالله عز وجل في ذلك وهو منهجإبراهيم عليه السلام وامرأة عمران. وإعانة الأولاد على البر وحسن الخلق.

    *
    الدعاء للأبناء وتجنب الدعاء عليهم. فإن كانوا صالحين دعا لهم بالثبات والمزيد، وإن كانوا طالحين دعا لهم بالهداية والتسديد.

    *
    غرس الإيمان والعقيدة الصحيحة والقيم الحميدة والأخلاق الكريمة في نفوس الأبناء وخير مصدر لذلك هو الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح.

    *
    تجنيبهم الأخلاق الرذيلة وتقبيحها في نفوسهم، فيكره الوالدان لأبنائهم الكذب والخيانة والحسد والحقد والغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وقطيعة الأرحام والأثرة ولكسل والتخاذل وغيرها من سفاسف الأخلاق والأفعال حتى ينشأوا مبغضين لها نافرين منها.

    *
    تعليمهم الأمور المستحسنة وتدريبهم عليها مثل تشميت العاطس، وكتمان التثاؤب والأكل باليمين وآداب قضاء الحاجة وآداب السلام ورده وآداب استقبال الضيوف والتعاون والبحث عن المعرفة.... فإذا تدرب الأبناء على هذه الآداب والأخلاق والأمور المستحسنة منذ الصغر، ألفوها وأصبحت سجية لهم في سني عمرهم القادمة.

    *
    الحرص على تحفيظهم كتاب الله. وتحصينهم بالأذكار الشرعية وتعليمهم إياها. واصطحابهم في رحلات إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وإلى مجالس الذكر والمحاضرات الدينية التي تقام في المسجد وغيرها وربطهم في ذلك بالسلف الصالح حتى يقتدوا بهم ويسيروا على خطاهم.

    *
    الحرص على تعليمهم بالقدوة فلا يسلك الوالدان أو أحدهما مسلكاً يناقض ما يعلمهم ويحثهم عليه لأن ذلك يجعل جهودهم لا تحقق ثمارها ويفقد نصائحهم أثرها.

    *
    تنمية الجرأة الأدبية وزرع الثقة في نفوس الأبناء وتعويدهم على التعبير عن آرائهم حتى يعيش كل منهم كريماً شجاعاً في حدود الأدب واللياقة.

    ومن الممارسات المعينة على ذلك:
    أ - استشارة الأبناء في بعض الأمور المتعلقة بالمنزل ونحوه واستخراج ما لديهم من أفكار مثل أخذ رأيهم في أثاث المنزل ولون السيارة المزمع شرائها للأسرة ومكان الرحلة والتنسيق لها مع طلب أن يبدي الطفل أسباب اختياره لرأي ما.

    ب
    - تعويد الأبناء على القيام ببعض المسؤوليات كالإشراف على أمور واحتياجات الأسرة في حال غياب الأب أو انشغاله.

    ج
    - تعويدهم على المشاركة الاجتماعية وذلك بحثهم على المساهمة في خدمة دينهم ومجتمعهم وإخوانهم المسلمين إما بالدعوة إلى الله أو إغاثة الملهوفين أو مساعدة الفقراء والمحتاجين

    د
    - تدريبهم على اتخاذ القرار وتحمل ما يترتب عليه. فإن أصابوا شجعوا وشد على أيدهم وإن أخطأوا قوموا وسددوا بلطف.

    هـ - تخصيص وقت الجلوس مع الأبناء مهما كان الوالدان مشغولين فلا بد من الجلوس الهادف معهم لمؤانستهم وتسليتهم وتعليمهم ما يحتاجون إليه فهذه الجلسات الهادفة لها من الآثار الجانبية ما لا حصر له من الشعور بالاستقرار والأمن وهدوء النفس والطباع.

    و -
    الإصغاء إليهم إذا تحدثوا وإشعارهم بأهميتهم وأهمية ما يقولون مهما كان تافهاً في نظر الوالدين وقد قيل أنصت لأبنائك ليحسنوا الإنصات لك.

    *
    تفقد أحوالهم ومراقبتهم عن بعد، ومن ذلك ملاحظة مدى أدائهم للشعائر الدينية، السؤال عن أصحابهم، مراقبة الهاتف وملاحظة مدى استخدامهم له، ملاحظة ما يقرؤونه أو ويشاهدونه في التلفاز أو يتعاملون معه في الانترنت وتحذيرهم من الكتب والبرامج والمواقع التي تفسد دينهم وأخلاقهم وإرشادهم إلى بدائل نافعة.

    *
    تهيئة الظروف المناسبة لإحاطة الأبناء بالصحبة الصالحة وتجنيبهم رفقة السوء، خاصة في مرحلة المراهقة. وإكرام الصحبة الصالحة للأبناء.

    *
    التركيز على إيجابيات الأبناء وإظهارها والإشادة بها وتنميتها، والتغافل - لا الغفلة - عن بعض ما يصدر من الأبناء من عبث أو طيش والبعد عن تضخيم الأخطاء بل عليهم أن ينزلوها منازلها ويدركوا أن الكمال لله وحده.

    *
    إعطاء الأبناء فرصة لتصحيح أخطائهم لينهضوا للأمثل ويتخذ الوالدين من ذلك الخطأ سبيلاً لتدريب الأبناء على حل مشاكلهم.

    *
    العناية باختيار المدارس المناسبة للأبناء والحرص على متابعتهم في المدارس.

    *
    تنمية مهاراتهم العقلية مثل التفكير الناقد والتحليل للأمور وإدراك النتائج المترتبة على سلوكياتهم وتحمل مسؤوليتها.

    *
    ربطهم بما يجري في مجتمعهم وفي العالم من أحداث، ومناقشتهم وتوضيح دورهم الإيجابي الذي ممكن أن يساهموا به عزة للإسلام والمسلمين وعزة لوطنهم.

    *
    ضرورة إدراك الوالدين أن استخدام أسلوب الانغلاق في التربية بهدف حماية الأبناء مما يحيط بهم من مؤثرات قد لا يجدي على المدى الطويل، لأن المؤثرات الخارجية أصبحت أمر لا مفر منه.والمقترح هو استخدام أسلوب الانفتاح الموجه في التربية.

    *
    عدم اليأس فإذا ما رأى الوالدين من أبنائهم إعراضاً أو نفوراً أو تمادياً فعليهم ألا ييأسوا من صلاحهم واستقامتهم فاليأس من روح الله ليس من صفات المؤمنين. وتذكير الوالدين أنفسهم بضرورة عدم استعجال النتائج. بل عليهم الصبر والمصابرة مع الاستمرار في العمل والدعاء لهم والحرص عليهم فقد يستجيب الله لهم بعد حين.

    *
    أن يدرك الوالدين أن النصح لا يضيع. فهو بمثابة البذر الذي يوضع في الأرض والله عز وجل يتولى سقيه ورعايته وتنميته.فالنصح ثمرته مضمونة بكل حال: فإما أن يستقيم الأولاد في الحال، وإما أن يفكروا في ذلك وإما أن يقصروا بسببه عن التمادي في الباطل أو أن يعذر الإنسان إلى الله.

    * استحضار فضائل التربية في الدنيا والآخرة هذا مما يعين الوالدين على الصبر والتحمل. فإذا صلح الأبناء كانوا قرة عين لهم في الدنيا وسبباً لإيصال الأجر لهم بعد موتهم. ولو لم يأت الوالدين من ذلك إلا أن يكفي شرهم ويسلم من تبعتهم.

    * استحضار عواقب الإهمال والتفريط في تربية الأبناء والتي منها أن الوالدين لن يسلما من أي أذى يرتكبه الأبناء في الدنيا وسيكونون سبباً لتعرضهم للعقاب في الأخرى.
    التربية بين طموح الآباء وواقع الأبناء/ لد . منيرة العيد
    منقول
    http://www.alukah.net/articles/3/61.aspx
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: كيف تكونُ معلماً محبوباً ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 17:56

    التربية.. قواعد وأصول أجمع المربون على أهمية التربية، فهي الضمان الوحيد للتصدي للتيارات المناهضة لما تؤمن به الأمة من مبادئ وقيم، في عصرٍ تقاربت فيه المسافات وتعددت فيه وسائل الاتصالات.
    إن إدراك المربي للهدف من التربية يساعده في تحديد الوسائل والطرق والأساليب التي يسير عليها في تربيته للناشئين ولنفسه وللآخرين، والهدف الأسمى من التربية هو: تنمية قدرات الفرد وإطلاق إمكانياته، وتقوية شخصيته إلى أقصى حد تسمح به استعداداته.

    وفي ضوء هذا الهدف تنبثق الأهداف الفرعية الموصلة إليه:

    1) تعريف الفرد بخالقه، وبناء العلاقة بينهما على أساس: ربانية الخالق وعبودية المخلوق، وإعداد الفرد للحياة الآخرة، وذلك من واقع الكتاب والسنة والسيرة النبوية وسير السلف الصالح.

    2) تطوير وتهذيب سلوك الفرد، وتنمية أفكاره، وتغيير اتجاهاته؛ بحيث تنسجم مع الاتجاهات الإسلامية، والسعي لتحقيق السمو النفسي، لكي نقيم مجتمعاً قوياً ومترابطاً.

    3) تدريب الفرد على مواجهة متطلبات الحياة المادية، وكسب الرزق الحلال والتأكيد على ذلك.

    4) توجيه المسلمين لحمل الرسالة الإسلامية إلى العالم.

    5) غرس الإيمان بوحدة الإنسانية، والمساواة بين البشر، والتفاضل إنما هو بالتقوى، بالإضافة إلى تقوية روح الجماعة.
    6) تحقيق النمو المتكامل المتوازن لجميع جوانب شخصية الفرد؛ فالإنسان: جسم وروح وقلب وعقل وعواطف وجوارح.

    الأسرة في الإسلام ودورها التربوي

    الأسرة هي اللبنة الأولى في تكون المجتمع البشري؛ بصلاحها واستقامتها وتراحمها يصلح المجتمع ويستقيم ويتراحم، وبفسادها يفسد المجتمع وتتهاوى أواصره، فمن خلال الأسرة يستلهم الطفل انفعالاته الأولى في: الحب والكره والغضب والحلم والتعاون والأنانية. فهي جسر العبور بالطفل إلى العالم الأوسع، حيث إنها تعلمه الاحترام والتقدير وتحمل المسؤولية، وتعده للتكامل وتُشبع عنده الحاجة إلى الاستقرار العقلي والعاطفي.
    [b]ومعظم مشاعر الطفل تتمركز حول الأم والأب؛ بحيث تميل إلى أن تصبح اتجاهاته وتوقعاته الاجتماعية نسخةً من اتجاهاتهما وتوقعاتهما، ويحدث هذا التعلم قبل أن يكون للطفل إدراكٌ واعٍ بنفسه وبالآخرين.

    إن علاقة الطفل بوالديه ترسم مستقبلاً طبيعة تكوينه النفسي، وسمات شخصيته، وطبيعة علاقته بالآخرين، فقد بينت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يرون أنه بالإمكان العيش مع الناس، والتعاون معهم، والتضحية من أجلهم، كانت علاقاتهم إيجابية مع والديهم، في حين أولئك الأطفال الذين يعتقدون أن العلاقات الاجتماعية عبارة عن قانون الغاب، كانت علاقاتهم سيئة مع والديهم، كما وُجِدَ أن السلوك المضطرب للوالدين ينعكس بالمِثْل على الأبناء؛ فالأطفال الذين تعرَّضوا لصرامة مفرطة في البيت أظهروا ميلاً للعدوانية أكثر من سواهم، في حين وُجِد أن الأطفال الذين يعتقدون أن الطبيعة البشرية خيِّرة بالأساس قد أقاموا علاقات إيجابية مع الوالدين، أكثر من أولئك الذين يرون الناس أشراراً بطبيعتهم.
    وكما أن للوالدين حقاً على أولادهم؛ فإن للأولاد حقاً على والديهم، فالله عز وجل كما أمرنا ببر الوالدين، أمرنا أيضاً بالإحسان إلى الأبناء.

    قال المناوي: لأن يؤدِّب الوالد ولده، ويُنشئه على أخلاق الصالحين، ويصونه عن مخالطة المفسدين، ويُعلِّمه القرآن والأدب، ويُسمعه السنن وأقاويل السلف، ويعلمه من أحكام الدين مالا غنى عنه- خيرٌ له من أن يتصدق بصاع؛ لأنه إذا أدَّبه صارت أفعاله مع صدقاته الجارية تدوم بدوام الولد، وصدقة الصاع ينقطع ثوابها.

    وعلى الرغم من عظم مسؤولية الأبناء؛ إلا أن الكثير منا قد فرَّط بها واستهان بأمرها، ولم يرعها حق رعايتها، فأضاعوا أبناءهم، وأهملوا تربيتهم، فهم لا يسألون عنهم، وإذا رأوا منهم تمرداً أو انحرافاً بدؤوا يتذمرون ويشكون من ذلك، وما علموا أنهم السبب الأول في ذلك التمرد والانحراف، متناسين أن الأدب غذاء النفوس وتربيتها للآخرة. فرسالة الوالدين رسالة عظيمة لو أحسَنَا تأديتها لفازا بخير الدارين بإذنه تعالى.
    قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).

    هذا وقد يحسب بعض الناس أن جهل الوالدين بأصول التربية الصحيحة سبب سوء سياستهما ومعاملتهما لأطفالهما، غير أن الدراسات الحديثة بيَّنت أن النضج الانفعالي للوالدين من أهم العوامل في تنشئة الطفل، فالثقافة والعلم بشروط التربية السليمة لا تنفع الوالدين إن لم يكن لديهما قدرٌ كافٍ من النضج الانفعالي الذي يعينهما على تحمُّل أعباء التربية، وتكاليف تبعاتها، وما تتطلبه من تضحية وإنكار للذات، مع حزم وحب يعطي ولا يأخذ، فماذا تنفع الثقافة ومعرفة أصول التربية مع انفعالٍ حاد وشراسة في الطبع؟

    إن الأم الحانية والأب المتزن- وما يتسمان به من متابعة لأبنائهما بالعقل الواعي والمعاملة الطيبة- يصنعان ما لا يصنعه كبار علماء التربية، حتى لو لم يعرفا تفاصيل التربية.
    ولقد دلت تجارب العلماء على ما للتربية في الأسرة من أثر عميق خطير- يتضاءل دونه أثر أية منظمة اجتماعية أخرى- في تعيين الشخصيات وتشكيلها، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة وذلك لعدة أسباب منها:

    1) أن الطفل في هذه المرحلة لا يكون خاضعاً لتأثير جماعة أخرى غير أسرته.

    2) أنه في هذه المرحلة سهل التأثر وسهل التشكيل، شديد القابلية للإيحاء والتعلم، قليل الخبرة، عاجزٌ، ضعيف الإرادة، قليل الحيلة.

    3) ثبت أن السنوات الأولى من حياة الطفل فترة خطيرة في تكوين شخصيته، وتتلخص هذه الخطورة في أن ما يُغرس في أثنائها من عادات واتجاهات وعواطف ومعتقدات يصعب أو يُستعصى تغييره أو استئصاله فيما بعد، ومن ثم يبقى أثراً ملازماً للفرد خلال سنوات عمره المقبلة.

    4) إن الطفل يولد نقياً من كل الشوائب، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). ولو تُرك الطفل على هذه الفطرة من غير تأثير لما كان إلا مسلماً، ولكن الحجب والقدوة السيئة قد تحول دونها.

    لذا فواجب الأبوين المسلمين رعاية فطرة الأبناء، والاجتهاد في تحسين تربيتهم، ولا يكفل للوالدين النجاة يوم الحساب إلا أن يبذلا ما في وسعيهما لصلاح رعيتهما، فقد أمرنا المولى عز وجل قائلاً:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
    وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:21].
    ومن هنا نؤكد على الوالدين وكل المربين أن يتقوا الله في هذه الأمانة، فهم يوم القيامة عنها مسؤولون، وقد عرف أعداؤنا أهمية الأسرة، فحرصوا على تمزيق أواصرها، وسلكوا من أجل ذلك كل السبل: فتارة بالدعوة إلى الإباحية وتفكيك روابط الأسرة، وأخرى بدعوى المرأة إلى التخلي عن واجباتها الأسرية، وثالثة بإحلال المؤسسات التربوية الجماعية محل الأسرة.
    "التربية.. قواعد وأصول" / لد . منيرة العيد
    منقول
    http://www.alukah.net/articles/3/794.aspx
    [/b]

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 4:14