الانتشار الواسع لمرض الاكتئاب في العالم، يثير القلق، ويؤكد أنه من أخطر أمراض هذا العصر، وأوسعها انتشاراً، فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أن الاضطرابات العقلية والعصبية كالاكتئاب والتشنج تصيب 400 مليون شخص في العالم، وهذا الرقم في طريقه للزيادة بوضوح خلال العقدين القادمين، وتوقعت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن يقفز الاكتئاب بحلول عام 2020م ليحتل المرتبة الثانية بين أهم أسباب الوفاة والإعاقة في جميع أنحاء العالم بعد أمراض القلب، ومعروف أن الاكتئاب يحتل اليوم المرتبة الخامسة بين المسببات العظمى للوفاة والإعاقة.
ومما يلفت النظر في تقرير المنظمة الدولية عن الاكتئاب تأكيده أن معظم ضحايا الاكتئاب هم من الأمريكيين وسكان مناطق غرب المحيط الهادي واليابان، وأن أقل نسبة للإصابة به في أفريقيا، وهذا يعني أن الاكتئاب تقل نسبته في المناطق التي تدين بالإسلام، في حين ترتفع نسبته في الدول والمناطق التي تعتنق ديانات أخرى غير الإسلام دين الله الحق.
ويذكر التقرير أن هناك مليون حالة انتحار في العالم سنوياً من بين عشرة ملايين محاولة، وأعداد الأشخاص المقبلين على الانتحار على مستوى العالم في تزايد مستمر، وجميع الدول العشر التي تتصدر قائمة حالات الانتحار من دول الاتحاد السوفييتي السابق، وتتقدمها روسيا، حيث يعاني الكثير من سكانها تغيرات اقتصادية واجتماعية هائلة.
ويُعَدّ الاكتئاب من الأمراض القاتلة، فإن 15 % من المصابين ينتهي بهم الأمر إلى الانتحار، كما أثبتت الدراسات أن 50 % من المنتحرين سبق أن شخصت لهم حالات اكتئاب في وقت من الأوقات.
برنامج إسلامي:
بشأن موقف الإسلام من مرض الاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية، والعلاج الذي يقدمه المنهج الإسلامي لمثل هذه الأمراض، يقول الدكتور يوسف القرضاوي: لا يوجد في الدنيا داء عضال لا دواء له، ولا شفاء منه، فقد أخبرنا رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -، أن الله تعالى ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من عمله، وجهله من جهله، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله تعالى، وهذا ينطبق على الأدواء العضوية، والأدواء النفسية سواء، بل هو يشمل الأدواء الفردية، والأدواء الاجتماعية، فكلها قابلة للشفاء بإذن الله، إذا أصبنا دواءها.
ونحن - المسلمين - أقل الناس نصيباً من هذه الأمراض النفسية كالاكتئاب وغيره، وإن لم يخل من بيننا من يشكو مثل هذه الأمراض، وعلاج الاكتئاب متوافر في الصيدلية القرآنية النبوية، وتتلخص هذه الوصفة الدوائية أو (الروشتة) الدينية، في الخطوات التالية:
الاعتصام بالله تعالى:
1- الاعتصام بالله تعالى واللجوء إليه، والتحصن بحصنه الحصين، والأمل في فضله، والرجاء في رحمته، هذا هو الأصل، أن يضع الإنسان نفسه في يد مولاه عز وجل، وأن يؤمن بأنه لن يضيعه، ولن يتخلى عنه، وأنه أبر به من نفسه، وأرحم به من أمه وأبيه، ولا ييئس من روحه أبدًا، ولا يقنط من رحمته أبدًا، {فإنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون}، والله تعالى لا يستعصي عليه مرض، ولا مشكلة مادية ولا معنوية، فكم من مريض شفاه، وكم من فقير أغناه، وكم من سائل أعطاه، وكم من مشرف على الهلاك نجَّاه، وكم من ضال هداه، وكم من مشرَّد آواه، وكم من ضعيف قواه، وكم من مبتلىً عافاه، فهو سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. ألم تر كيف كشف غمة يعقوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وجمع بينه وبين أولاده، حين قال: {إنما أشكو بثِّي وحزني إلى الله}، {فصبر جميل، عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا، إنه هو العليم الحكيم}، ألم تر كيف كشف الضر عن أيوب، بعد مرض طويل، {إذ نادى ربَّه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ووهبنا له أهله ومثلهم معهم، رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}.
وهذه الثقة الوطيدة بالله هي بداية العلاج، وهي المشعل الذي يضيء الطريق، إن حط المرء أعماله وأفعاله عند باب الله، وتمرَّغ على عتبته، ولم يبرح هذا الباب أبدًا، فهو سبحانه لا يرد من طرق بابه، وخصوصًا إذا دعاه دعاء المضطر الذي لا ملجأ له من الله إلا إليه، ولا جناب يلوذ به إلا جنابه، فهو يدعوه بحرقة وحرارة واضطرار وافتقار. وليعلم أن أشد ساعات الليل ظلمة وسوادًا، هي السويعات التي تسبق انبلاج الفجر، وأن سنة الله أن يجعل بعد العسر يسرًا، وبعد الضيق فرجًا.
الصلاة زاد روحي:
2- من أهم ما يلجأ إليه المسلم في شدته وكربه واكتئابه – كما يؤكد الدكتور القرضاوي - الصلاة التي يقف فيها المسلم بين يدي ربه خائفًا متضرعًا، فهي عدة للإنسان المؤمن في معركة الحياة، تمده بروح القوة، وقوة الروح، وتمنحه طاقة نفسية، وزاداً روحيًا يعينه على مواجهة الشدائد، قال تعالى في توجيه المؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة، إن الله مع الصابرين}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، أي اشتد عليه، فزع إلى الصلاة.
ولا سيما إذا اجتهد المسلم أن يسبغ وضوءها، ويتم ركوعها وسجودها وخشوعها، ويستحضر فيها جلال الله تعالى ومعيته له، وخصوصًا مع قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم} فهو يستعين برب العالمين، الذي يجيب دعاء المضطرين، ويكشف حزن المحزونين، وينبغي له أن ينتهز فرصة السجود ليدعوه تعالى بما يحب، ففي الحديث: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فاجتهدوا في الدعاء)).
مساعدة الضعفاء:
3- مما يساعد المسلم على الخروج من حالة الكرب والاكتئاب، الاجتهاد في مساعدة الناس، وخصوصًا الضعفاء منهم، مثل الفقراء واليتامى والأرامل والمعوقين وأصحاب الحاجات، والعمل بجد لإغاثة الملهوفين، وتفريج كربة المكروبين، ومسح دمعة المحزونين، وإدخال البسمة على شفاههم، والبهجة على قلوبهم، فهذا يفيد الإنسان المكروب والمكتئب عدة فوائد منها:
- إنه يتعبَّد بهذا العمل لله، وهو من أحب ما تقرب به عباد الله تعالى إلى ربهم، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله، وفي الحديث: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا.
- إنه يخرج المرء المكتئب من سجن الوحدة والوحشة، الذي فرضه على نفسه، ويشعره بكيانه، وبأنه قادر على أن ينجز ويؤثر، ويشغله بهموم غيره، بعد أن كان مشغولاً بهم نفسه، لا ينظر إلا إليها، ولا يدور إلا حولها، كما يدور الوثني حول صنمه.
- إن نجدته للناس، ومعونته للمستضعفين وأهل الحاجة، تكسبه حبهم له، ودعاءهم له بإخلاص، من أعماق قلوبهم، لا من أطراف ألسنتهم، وهذا الدعاء له أثره وقبوله عند الله تعالى.
أدعية نبوية لعلاج الكرب:
4- هناك مجموعة من الأذكار والأدعية النبوية لعلاج الكرب والهم والحزن، أو ما يسمى في عصرنا بـ (الاكتئاب) أو (القلق المرضي) وقد ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم (زاد المعاد في هدي خير العباد) حين تحدث عن هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الأمراض الحسية المختلفة، وأطال فيها، ثم تحدث في فصل خاص عن علاجه للمكروب والمهموم والمحزون، وهو علاج يقوم على الأذكار والدعوات التي تصل الإنسان بربه عز وجل.
ومن هذه الأدعية:
((لا إله إلا الله العليم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع، ورب الأرض رب العرش الكريم)).
وفي "جامع الترمذي" عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)).
وفي "سنن أبي داود" عن أبي بكرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: ((اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت)).
وفيها أيضًا عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمكِ كلمات تقوليهنَّ عند الكرب، أو في الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئًا)). وفي رواية أنها تقال سبع مرات.
وفي "مسند الإمام أحمد": عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أصاب عبدًا هم ولا حزن فقال: ((اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدله مكانه فرحًا)).
وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت: ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين))، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له))، وفي رواية: ((إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرَّج الله عنه: كلمة أخي يونس)).
وفي "سنن أبي داود" عن أبي سعيد الخدري، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: ((يا أبا أمامة مالي أراك في المسجد في غير وقت الصلاة؟)) فقال: هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، فقال: ((ألا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى دينك ؟)) قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال))، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عن ديني.
وصفة إسلامية للاكتئاب:
يضع الشيخ محمد صالح المنجد علاجاً من القرآن والسنة للهم والحزن الكآبة أو الاكتئاب المسمى بمرض العصر، يقول: إن من طبيعة الحياة الدنيا الهموم والغموم التي تصيب الإنسان فيها، فهي دار الأدواء والشدة والضنك، ولهذا كان مما تميزت الجنة به عن الدنيا أنه ليس فيها هم ولا غم: {لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين}، وأهلها لا تتكدر خواطرهم ولا بكلمة: {لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً}، وطبيعة الحياة الدنيا المعاناة والمقاساة التي يواجهها الإنسان في ظروفه المختلفة وأحواله المتنوعة، كما دل عليه قول الحق تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}، فهو حزين على ما مضى، مهموم بما يستقبل، مغموم في الحال.
أما من اهتدى بهدي الإسلام فإنه يجد العلاج فيما أتى من لدن العليم الخبير الذي خلق الخلقَ وهو أعلم بما يصلحهم {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}، ومن أنواع العلاجات التي جاءت بها شريعتنا الغراء:
أولاً: التسلُّح بالإيمان المقرون بالعمل الصالح: قال الله تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}، وسبب ذلك واضح، فإن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح، المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة، معهم أصول وأسس يتعاملون بها مع كلِّ ما يرد عليهم من أنواع المسرَّات والأحزان. فيتلقون النِّعم والمسارَّ بقبول لها، وشكر عليها، ويستعملونها فيما ينفع، ويتلقَّون المكاره والمضارَّ والهمَّ والغمَّ بالمقاومة لِما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه، والصبر الجميل لما ليس لهم عنه بد.
ثانياً: النظر فيما يحصل للمسلم من تكفير الذنوب وتمحيص القلب ورفع الدرجات، إذا أصابته غموم الدنيا وهمومها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ)) رواه البخاري. فليعلم المهموم أن ما يصيبه من الأذى النفسي نتيجة للهمِّ لا يذهب سدى بل هو مفيد في تكثير حسناته وتكفير سيئاته.
ثالثاً: معرفة حقيقة الدنيا: فإذا علم المؤمن أن الدنيا فانية، ومتاعها قليل، وما فيها من لذة فهي مكدَّرة ولا تصفو لأحد، وإن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً، وإن أعطت يسيراً منعت كثيراً، والمؤمن فيها محبوس كما قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ)) رواه مسلم.
رابعاً: ابتغاء الأسوة بالرسل والصالحين واتخاذهم مثلاً وقدوة: وهم أشد الناس بلاءً في الدنيا، والمرء يبتلى على قدر دينه، والله إذا أحب عبداً ابتلاه وقد سأل سعد رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قال: الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْباً اشْتَدَّ بَلاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)) رواه الترمذي.
خامساً: أن يجعل العبد الآخرةَ همَّه: لكي يجمع الله له شمله لما رواه أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ)) رواه الترمذي.
سادساً: ذكر الموت: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أكثِروا ذِكرَ هاذِمِ اللَّذَّات ؛ الموت فإنَّه لم يَذكُره أحَدٌ في ضِيقٍ من العَيشِ إلاَّ وَسَّعَهُ عَليهِ، ولا ذَكَرَهُ في سَعَةٍ إلاَّ ضَيَّقَها عَليهِ)) رواه البزَّار عن أنس وحسَّنه الألباني.
سابعاً: دعاء الله تعالى: فقد أخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه عن حال النبيِّ صلى الله عليه وسلم معه بقوله: ((كنت أخدم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل فكنتُ أسمعه كثيراً يقول: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ)) رواه البخاري.
ثامناً: الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: وهي من أعظم ما يفرِّج الله به الهموم.
تاسعاً: التوكُّل على الله عز وجل وتفويضُ الأمر إليه: ولعلم الإنسان أن الله على كلِّ شيء قدير، وأنه المتفرِّد بالاختيار والتدبير، وأن تدبيرَه لعبده خيرٌ من تدبير العبد لنفسه، وأنه أعلم بمصلحة العبد من العبد وأقدر على جلبها وتحصيلها منه، وأنصح للعبد من نفسه وأرحم به منه وأبرُّ.
عاشراً: الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، والتوكُّل على الله فيه وفيما سيكون في المستقبل، وعدم الحزن:
لهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهمِّ والحزن، فالحزن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل، فيكون العبد ابن يومه، يجمع جِدَّه واجتهاده في إصلاح يومه ووقته الحاضر، فإن جمعَ القلب على ذلك يوجب تكميل الأعمال، ويتسلَّى به العبد عن الهمِّ والحزن.
الحادي عشر: الإكثارُ من ذكر الله: فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته، وزوال همِّه وغمِّه، قال الله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوب}.
الثاني عشر: اللجوء إلى الصلاة: قال الله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} وعَنْ حُذَيفَةَ قَالَ كانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى. رواه أبو داود.
الثالث عشر: التحدُّث بنعم الله الظاهرة والباطنة: فكلما طال تأمُّل العبد في نِعم الله الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، رأى أن ربَّه قد أعطاه خيراً كثيراً ودفع عنه شروراً عديدة، ولا شك أن هذا يدفع الهموم والغموم، ويوجب الفرح والسرور، ومن أنفع الأشياء في هذا الموضع استعمال ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَلا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)) رواه الترمذي.
الرابع عشر: أن يعلم المهموم والمغموم أن بعد العسر يسراً، وأن بعد الضِّيق فرجاً:
فليُحسن الظنَّ بالله فإنه جاعل له فرجاً ومخرجاً، وكلما استحكم الضِّيق وازدادت الكُربة قرب الفرج والمخرج. وقد قال الله تعالى في سورة الشرح: (فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً )، فذكر عسراً واحداً ويسرين، لأن العسرَ المقترن بأل في الآية الأولى هو نفس العسر في الآية الثانية، أما اليسر في الآية الثانية فهو يسرٌ آخر غير الذي في الآية الأولى.
الخامس عشر: استشارة أهل العلم والدين وطلب النصيحة، فإن نصائحهم وآراءهم من أعظم المثبتات في المصائب. وقد شكا الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يلقَون من تعذيب...
السادس عشر: ومن الأمور النافعة عدم السماح بتراكم الأعمال والواجبات، والتوقع المستمر والاستعداد النفسي لجميع الاحتمالات، والانشغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم
النافعة، والنظر إلى الجوانب الإيجابية للأحداث التي يظهر منها بعض ما يُكره، ومعرفة القيمة الحقيقية للحياة وأنها قصيرة وأنَّ الوقت أغلى من أن يذهب في الهمِّ والغمِّ.
علاج الاكتئاب / لنعيمة عبد الفتاح ناصف
منقول
http://www.alukah.net/articles/3/c_56.aspx