خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:21

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذه فضائل أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهي مختصرة جمعتها من صحيح البخاري كتاب المناقب مناقب ابي بكر الصديق . أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم اللهم آمين .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن رجاء ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسرائيل ‏ ‏عن ‏ ‏أبي إسحاق ‏ ‏عن ‏ ‏البراء ‏ ‏قال ‏
    ‏اشترى ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏من ‏ ‏عازب ‏ ‏رحلا بثلاثة عشر درهما فقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏لعازب ‏ ‏مر ‏ ‏البراء ‏ ‏فليحمل إلي رحلي فقال ‏ ‏عازب ‏ ‏لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حين خرجتما من ‏ ‏مكة ‏ ‏والمشركون يطلبونكم قال ارتحلنا من ‏ ‏مكة ‏ ‏فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه فإذا صخرة أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت للنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فيه ثم قلت له اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فسألته فقلت له لمن أنت يا غلام قال لرجل من ‏ ‏قريش ‏ ‏سماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قلت فهل أنت حالب لنا قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب لي ‏ ‏كثبة ‏ ‏من لبن وقد جعلت لرسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إداوة ‏ ‏على فمها خرقة ‏ ‏فصببت ‏ ‏على اللبن حتى برد أسفله فانطلقت به إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فوافقته قد استيقظ فقلت اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت ثم قلت قد ‏ ‏آن الرحيل يا رسول الله قال بلى فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غير ‏ ‏سراقة بن مالك بن جعشم ‏ ‏على فرس له فقلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال ‏
    ‏لا تحزن إن الله معنا ‏



    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا عبد الله بن رجاء ) ‏
    ‏هو الغداني بضم المعجمة وتخفيف الدال المهملة وبعد الألف نون بصري ثقة , وكذا بقية رجال الإسناد . ‏

    ‏قوله : ( فقال عازب : لا حتى تحدثنا ) ‏
    ‏كذا وقع في رواية إسرائيل عن أبي إسحاق , وقد تقدم في " علامات النبوة " من رواية زهير عن أبي إسحاق بلفظ " فقال لعازب : ابعث ابنك يحمله معي , قال : فحملته معه وخرج أبي ينتقد ثمنه , فقال له أبي : يا أبا بكر حدثني " وظاهرهما التخالف , فإن مقتضى رواية إسرائيل أن عازبا امتنع من إرسال ولده مع أبي بكر حتى يحدثهم , ومقتضى رواية زهير أنه لم يعلق التحديث على شرط , ويمكن الجمع بين الروايتين بأن عازبا اشترط أولا , وأجابه أبو بكر إلى سؤاله , فلما شرعوا في التوجه استنجز عازب منه ما وعده به من التحديث ففعل , قال الخطابي : تمسك بهذا الحديث من استجاز أخذ الأجرة على التحديث ; وهو تمسك باطل , لأن هؤلاء اتخذوا التحديث بضاعة , وأما الذي وقع بين عازب وأبي بكر فإنما هو على مقتضى العادة الجارية بين التجار بأن أتباعهم يحملون السلعة مع المشتري سواء أعطاهم أجرة أم لا , كذا قال , ولا ريب أن في الاستدلال للجواز بذلك بعدا , لتوقفه على أن عازبا لو استمر على الامتناع من إرسال ابنه لاستمر أبو بكر على الامتناع من التحديث , والله أعلم . ‏

    ‏قوله : ( فإذا أنا براع ) ‏
    ‏لم أقف على تسميته ولا على تسمية صاحب الغنم , إلا أنه جاء في حديث عبد الله بن مسعود شيء تمسك به من زعم أنه الراعي , وذلك فيما أخرجه أحمد وابن حبان من طريق عاصم , عن زر عن ابن مسعود قال : " كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط , فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال : يا غلام هل من لبن ؟ قلت : نعم , ولكني مؤتمن " الحديث وهذا لا يصلح أن يفسر به الراعي في حديث البراء لأن ذاك قيل له : " هل أنت حالب ؟ فقال : نعم " وهذا أشار بأنه غير حالب , وذاك حلب من شاة حافل وهذا من شاة لم تطرق ولم تحمل , ثم إن في بقية هذا الحديث ما يدل على أن قصته كانت قبل الهجرة لقوله فيه : " ثم أتيته بعد هذا فقلت : يا رسول الله علمني من هذا القول " فإن هذا يشعر بأنها كانت قبل إسلام ابن مسعود , وإسلام ابن مسعود كان قديما قبل الهجرة بزمان , فبطل أن يكون هو صاحب القصة في الهجرة , والله أعلم . ‏

    ‏قوله : ( فشرب حتى رضيت ) ‏
    ‏وقع في رواية أوس عن خديج عن أبي إسحاق " قال أبو إسحاق فتكلم بكلمة والله ما سمعتها من غيره " كأنه يعني قوله : " حتى رضيت " فإنها مشعرة بأنه أمعن في الشرب , وعادته المألوفة كانت عدم الإمعان . ‏

    ‏قوله : ( قد آن الرحيل يا رسول الله ) ‏
    ‏أي دخل وقته , وتقدم في علامات النبوة " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم , ألم يأن للرحيل ؟ قلت : بلى " فيجمع بينهما بأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بدأ فسأل , فقال له أبو بكر : بلى , ثم أعاد عليه بقوله " قد آن الرحيل " قال المهلب بن أبي صفرة : إنما شرب النبي صلى الله عليه وسلم من لبن تلك الغنم لأنه كان حينئذ في زمن المكارمة , ولا يعارضه حديثه " لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه " لأن ذلك وقع في زمن التشاح , أو الثاني محمول على التسور والاختلاس والأول لم يقع فيه ذلك بل قدم أبو بكر سؤال الراعي هل أنت حالب ؟ فقال : نعم , كأنه سأله هل أذن لك صاحب الغنم في حلبها لمن يرد عليك ؟ فقال : نعم أو جرى على العادة المألوفة للعرب في إباحة ذلك والإذن في الحلب على المار ولابن السبيل , فكان كل راع مأذونا له في ذلك . وقال الداودي : إنما شرب من ذلك على أنه ابن سبيل وله شرب ذلك إذا احتاج , ولا سيما النبي صلى الله عليه وسلم " وأبعد من قال : إنما استجازه لأنه مال الحربي , لأن القتال لم يكن فرض بعد ولا أبيحت الغنائم . وقد تقدم شيء من هذه المباحث في هذه المسألة في آخر اللقطة , وفيها الكلام على إباحة ذلك للمسافر مطلقا . وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم : خدمة التابع الحر للمتبوع في يقظته والذب عنه عند نومه , وشدة محبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وأدبه معه وإيثاره له على نفسه , وفيه أدب الأكل والشرب واستحباب التنظيف لما يؤكل ويشرب , وفيه استصحاب آلة السفر كالإداوة والسفرة ولا يقدح ذلك في التوكل , وستأتي قصة سراقة في الهجرة مستوفاة إن شاء الله تعالى , وأوردها هنا مختصرة جدا وفي علامات النبوة أتم ‏
    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏أورد الإسماعيلي هذا الحديث عن أبي خليفة عن عبد الله بن رجاء شيخ البخاري فيه فزاد في آخره " ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى أتينا المدينة ليلا , فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه " فذكر القصة مطولة , وسأذكر ما فيها من الفوائد في " باب الهجرة " إن شاء الله تعالى . ‏
    ‏قوله : ( تريحون بالعشي , تسرحون بالغداة ) هو تفسير قوله تعالى : ( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ) وهو تفسير أبي عبيدة في " المجاز " وثبت هذا في رواية الكشميهني وحده , والصواب أن يثبت في حديث عائشة في قصة الهجرة فإن فيه " ويرعى عليها عامر بن فهيرة ويريحهما عليهما " فهذا هو محل شرح هذه اللفظة بخلاف حديث البراء فلم يجر فيه لهذه اللفظة ذكر , والله تعالى أعلم .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن سنان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏همام ‏ ‏عن ‏ ‏ثابت ‏ ‏عن ‏ ‏أنس ‏ ‏عن ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
    ‏قلت للنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ‏ ‏ما ظنك يا ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏باثنين الله ثالثهما ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( عن ثابت ) ‏
    ‏في رواية حبان بن هلال في التفسير عن همام " حدثنا ثابت " . ‏

    ‏قوله : ( عن أنس عن أبي بكر ) ‏
    ‏في رواية حبان المذكورة " حدثنا أنس حدثني أبو بكر " . ‏

    ‏قوله : ( قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار ) ‏
    ‏زاد في رواية حبان المذكورة " فرأيت آثار المشركين " وفي رواية موسى بن إسماعيل عن همام في الهجرة " فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم " . ‏

    ‏قوله : ( لو أن أحدهم نظر تحت قدميه ) ‏
    ‏فيه مجيء " لو " الشرطية للاستقبال خلافا للأكثر واستدل من جوزه بمجيء الفعل المضارع بعدها كقوله تعالى : ( لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ) , وعلى هذا فيكون قاله حالة وقوفهم على الغار , وعلى القول الأكثر يكون قاله بعد مضيهم شكرا لله تعالى على صيانتهما منهم . قوله : " لو أن أحدهم نظر تحت قدميه " في رواية موسى " لو أن بعضهم طأطأ بصره " وفي رواية حبان " رفع قدميه " ووقع مثله في حديث حبشي بن جنادة أخرجه ابن عساكر , وهي مشكلة فإن ظاهرها أن باب الغار استتر بأقدامهم , وليس كذلك إلا أن يحمل على أن المراد أنه استتر بثيابهم , وقد أخرجه مسلم من رواية حبان المذكورة بلفظ " لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه " وكذا أخرجه أحمد عن عفان عن همام , ووقع في مغازي عروة بن الزبير في قصة الهجرة قال : " وأتى المشركون على الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلعوا فوقه , وسمع أبو بكر أصواتهم فأقبل عليه الهم والخوف , فعند ذلك يقول له النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تحزن إن الله معنا ) ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه السكينة , وفي ذلك يقول الله عز وجل ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) الآية " وهذا يقوي أنه قال ما في حديث الباب حينئذ , ولذلك أجابه بقوله : ( لا تحزن ) . ‏

    ‏قوله : ( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) ‏
    ‏في رواية موسى " فقال اسكت يا أبا بكر , اثنان الله ثالثهما " وقوله اثنان خبر مبتدأ محذوف تقديره نحن اثنان , ومعنى ثالثهما ناصرهما ومعينهما , وإلا فالله ثالث كل اثنين بعلمه , وستأتي الإشارة إلى ذلك في تفسير براءة . وفي الحديث منقبة ظاهرة لأبي بكر , وفيه أن باب الغار كان منخفضا إلا أنه كان ضيقا , فقد جاء في " السير للواقدي " أن رجلا كشف عن فرجه وجلس يبول فقال أبو بكر " قد رآنا يا رسول الله . قال : لو رآنا لم يكشف عن فرجه " وسيأتي مزيد لذلك في قصة الهجرة إن شاء الله تعالى . ‏
    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏اشتهر أن حديث الباب تفرد به همام عن ثابت , وممن صرح بذلك الترمذي والبزار , وقد أخرجه ابن شاهين في " الأفراد " من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت بمتابعة همام , وقد قدمت له شاهدا من حديث حبشي بن جنادة , ووجدت له آخر عن ابن عباس أخرجه الحاكم في " الإكليل " .

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثني ‏ ‏عبد الله بن محمد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو عامر ‏ ‏حدثنا ‏ ‏فليح ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏سالم أبو النضر ‏ ‏عن ‏ ‏بسر بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
    ‏خطب رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏الناس وقال ‏ ‏إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال فبكى ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عن عبد خير فكان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هو المخير وكان ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏أعلمنا فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن من أمن الناس علي في صحبته وماله ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب ‏ ‏أبي بكر ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا أبو عامر ) ‏
    ‏هو العقدي ‏
    ‏و ( فليح ) ‏
    ‏هو ابن سليمان , وهو ومن فوقه مدنيون . ‏
    ‏قوله : ( عن عبيد بن حنين ) تقدم بيان الاختلاف في إسناده في " باب الخوخة في المسجد " في أوائل الصلاة . ‏

    ‏قوله : ( خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ‏
    ‏في رواية مالك عن أبي النضر الآتية في الهجرة إلى المدينة " جلس على المنبر فقال " وفي حديث ابن عباس الماضي تلو حديث أبي سعيد في " باب الخوخة " من أوائل الصلاة " في مرضه الذي مات فيه " ولمسلم من حديث جندب " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس ليال " وفي حديث أبي بن كعب الذي سأنبه عليه قريبا " إن أحدث عهدي بنبيكم قبل وفاته بثلاث " فذكر الحديث في خطبة أبي بكر , وهو طرف من هذا , وكأن أبا بكر رضي الله عنه فهم الرمز الذي أشار به النبي صلى الله عليه وسلم من قرينة ذكره ذلك في مرض موته , فاستشعر منه أنه أراد نفسه فلذلك بكى . ‏

    ‏قوله : ( بين الدنيا وبين ما عنده ) ‏
    ‏في رواية مالك المذكورة " بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده " . ‏

    ‏قوله : ( فعجبنا لبكائه ) ‏
    ‏وقع في رواية محمد بن سنان في " باب الخوخة " المذكورة " فقلت في نفسي " وفي رواية مالك " فقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد , وهو يقول فديناك " ويجمع بأن أبا سعيد حدث نفسه بذلك فوافق تحديث غيره بذلك فنقل جميع ذلك . ‏

    ‏قوله : ( وكان أبو بكر أعلمنا ) ‏
    ‏في رواية مالك " وكان أبو بكر هو أعلمنا به " أي بالنبي صلى الله عليه وسلم , أو بالمراد من الكلام المذكور , زاد في رواية محمد بن سنان " فقال : يا أبا بكر لا تبك " . ‏

    ‏قوله : ( إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ) ‏
    ‏في رواية مالك كذلك , وفي رواية محمد بن سنان " إن من أمن الناس علي " بزيادة من , وقال فيها " أبا بكر " بالنصب للأكثر , ولبعضهم " أبو بكر " بالرفع , وقد قيل إن الرفع خطأ والصواب النصب لأنه اسم إن , ووجه الرفع بتقدير ضمير الشأن أي إنه , والجار والمجرور بعده خبر مقدم وأبو بكر مبتدأ مؤخر , أو على أن مجموع الكنية اسم فلا يعرب ما وقع فيها من الأداة أو " إن " بمعنى نعم أو إن " من " زائدة على رأي الكسائي , وقال ابن بري : يجوز الرفع إذا جعلت من صفة لشيء محذوف تقديره إن رجلا أو إنسانا من أمن الناس فيكون اسم إن محذوفا والجار والمجرور في موضع الصفة , وقوله : " أبو بكر " الخبر , وقوله " أمن " أفعل تفضيل من المن بمعنى العطاء والبذل , بمعنى إن أبذل الناس لنفسه وماله , لا من المنة التي تفسد الصنيعة , وقد تقدم تقرير ذلك في " باب الخوخة " وأغرب الداودي فشرحه على أنه من المنة وقال : تقديره لو كان يتوجه لأحد الامتنان على نبي الله صلى الله عليه وسلم لتوجه له , والأول أولى . وقوله : " أمن الناس " في رواية الباب ما يوافق حديث ابن عباس بلفظ " ليس أحد من الناس أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر " وأما الرواية التي فيها " من " فإن قلنا زائدة فلا تخالف , وإلا فتحمل على أن المراد أن لغيره مشاركة ما في الأفضلية إلا أنه مقدم في ذلك بدليل ما تقدم من السياق وما تأخر , ويؤيده ما رواه الترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ " ما لأحد له عندنا يد إلا كافأناه عليها ; ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة " فإن ذلك يدل على ثبوت يد لغيره , إلا أن لأبي بكر رجحانا . فالحاصل أنه حيث أطلق أراد أنه أرجحهم في ذلك , وحيث لم يطلق أراد الإشارة إلى من شاركه في شيء من ذلك , ووقع بيان ذلك في حديث آخر لابن عباس رفعه نحو حديث الترمذي وزاد " منة أعتق بلالا ومنة هاجر بنبيه " أخرجه الطبراني , وعنه في طريق أخرى " ما أحد أعظم عندي يدا من أبي بكر : واساني بنفسه وماله , وأنكحني ابنته " أخرجه الطبراني , وفي حديث مالك بن دينار عن أنس رفعه " إن أعظم الناس علينا منا أبو بكر , زوجني ابنته , وواساني بنفسه . وإن خير المسلمين مالا أبو بكر , أعتق منه بلالا , وحملني إلى دار الهجرة " أخرجه ابن عساكر , وأخرج من رواية ابن حبان التيمي عن أبيه عن علي نحوه , وجاء عن عائشة مقدار المال الذي أنفقه أبو بكر , فروى ابن حبان من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت " أنفق أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألف درهم " وروى الزبير بن بكار عن عروة عن عائشة " أنه لما مات ما ترك دينارا ولا درهما " . ‏

    ‏قوله : ( لو كنت متخذا خليلا ) ‏
    ‏يأتي الكلام عليه بعد باب , قال الداودي : لا ينافي هذا قول أبي هريرة وأبي ذر وغيرهما " أخبرني خليلي صلى الله عليه وسلم , لأن ذلك جائز لهم , ولا يجوز للواحد منهم أن يقول أنا خليل النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا يقال إبراهيم خليل الله ولا يقال الله خليل إبراهيم . قلت : ولا يخفى ما فيه . ‏
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:23

    ‏قوله : ( ولكن أخوة الإسلام ومودته ) ‏
    ‏أي حاصلة , ووقع في حديث ابن عباس الآتي بعد باب " أفضل " وكذا أخرجه الطبراني من طريق عبيد الله بن تمام عن خالد الحذاء بلفظ " ولكن أخوة الإيمان والإسلام أفضل " وأخرجه أبو يعلى من طريق يعلى بن حكيم عن عكرمة بلفظ " ولكن خلة الإسلام أفضل " وفيه إشكال , فإن الخلة أفضل من أخوة الإسلام لأنها تستلزم ذلك وزيادة , فقيل المراد أن مودة الإسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم يفضل من مودته مع غيره , وقيل : أفضل بمعنى فاضل , ولا يعكر على ذلك اشتراك جميع الصحابة في هذه الفضيلة لأن رجحان أبي بكر عرف من غير ذلك , وأخوة الإسلام ومودته متفاوتة بين المسلمين في نصر الدين وإعلاء كلمة الحق وتحصيل كثرة الثواب , ولأبي بكر من ذلك أعظمه وأكثره , والله أعلم . ووقع في بعض الروايات " ولكن خوة الإسلام " بغير ألف فقال ابن بطال : لا أعرف معنى هذه الكلمة ولم أجد خوة بمعنى خلة في كلام العرب , وقد وجدت في بعض الروايات " ولكن خلة الإسلام " وهو الصواب : وقال ابن التين : لعل الألف سقطت من الرواية فإنها ثابتة في سائر الروايات , ووجه ابن مالك بأنه نقلت حركة الهمزة إلى النون فحذف الألف , وجوز مع حذفها ضم نون لكن وسكونها , قال : ولا يجوز مع إثبات الهمزة إلا سكون النون فقط . وفي قوله : " ولو كنت متخذا خليلا إلخ " منقبة عظيمة لأبي بكر لم يشاركه فيها أحد . ونقل ابن التين عن بعضهم أن معنى قوله : " ولو كنت متخذا خليلا " لو كنت أخص أحدا بشيء من أمر الدين لخصصت أبا بكر , قال : وفيه دلالة على كذب الشيعة في دعواهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خص عليا بأشياء من القرآن وأمور الدين لم يخص بها غيره . قلت : والاستدلال بذلك متوقف على صحة التأويل المذكور وما بعدها . ‏

    ‏قوله : ( لا يبقين ) ‏
    ‏بفتح أوله وبنون التأكيد , وفي إضافة النهي إلى الباب تجوز لأن عدم بقائه لازم للنهي عن إبقائه , فكأنه قال : لا تبقوه حتى لا يبقى . وقد رواه بعضهم بضم أوله وهو واضح . ‏

    ‏قوله : ( إلا سد ) ‏
    ‏بضم المهملة , وفي رواية مالك " خوخة " بدل " باب " والخوخة طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء ولا يشترط علوها , وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب , وهو المقصود هنا , ولهذا أطلق عليها باب , وقيل : لا يطلق عليها باب إلا إذا كانت تغلق . ‏

    ‏قوله : ( إلا باب أبي بكر ) ‏
    ‏هو استثناء مفرغ , والمعنى لا تبقوا بابا غير مسدود إلا باب أبي بكر فاتركوه بغير سد , قال الخطابي وابن بطال وغيرهما : في هذا الحديث اختصاص ظاهر لأبي بكر , وفيه إشارة قوية إلى استحقاقه للخلافة , ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر . وقد ادعى بعضهم أن الباب كناية عن الخلافة والأمر بالسد كناية عن طلبها كأنه قال : لا يطلبن أحد الخلافة إلا أبا بكر فإنه لا حرج عليه في طلبها , وإلى هذا جنح ابن حبان فقال بعد أن أخرج هذا الحديث : في هذا دليل على أنه الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه حسم بقوله : " سدوا عني كل خوخة في المسجد " أطماع الناس كلهم عن أن يكونوا خلفاء بعده . وقوى بعضهم ذلك بأن منزل أبي بكر كان بالسنح من عوالي المدينة كما سيأتي قريبا بعد باب فلا يكون له خوخة إلى المسجد , وهذا الإسناد ضعيف لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد , ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار , وقد كان له إذ ذاك زوجة أخرى وهي أسماء بنت عميس بالاتفاق وأم رومان على القول بأنها كانت باقية يومئذ . وقد تعقب المحب الطبري كلام ابن حبان فقال : وقد ذكر عمر بن شبة في " أخبار المدينة " أن دار أبي بكر التي أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقة للمسجد ولم تزل بيد أبي بكر حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض من وفد عليه فباعها فاشترتها منه حفصة أم المؤمنين بأربعة آلاف درهم فلم تزل بيدها إلى أن أرادوا توسيع المسجد في خلافة عثمان فطلبوها منها ليوسعوا بها المسجد فامتنعت وقالت : كيف بطريقي إلى المسجد ؟ فقيل لها نعطيك دارا أوسع منها ونجعل لك طريقا مثلها , فسلمت ورضيت . ‏
    ‏قوله : ( إلا باب أبي بكر ) زاد الطبراني من حديث معاوية في آخر هذا الحديث بمعناه " فإني رأيت عليه نورا " . ‏
    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏جاء في سد الأبواب التي حول المسجد أحاديث يخالف ظاهرها حديث الباب , منها حديث سعد بن أبي وقاص قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي " أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي , وفي رواية للطبراني في " الأوسط " رجالها ثقات من الزيادة " فقالوا يا رسول الله سددت أبوابنا , فقال : ما أنا سددتها ولكن الله سدها " وعن زيد بن أرقم قال : " كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سدوا هذه الأبواب إلا باب علي , فتكلم ناس في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشيء فاتبعته " أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات , وعن ابن عباس قال : " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي " وفي رواية " وأمر بسد الأبواب غير باب علي فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره " أخرجهما أحمد والنسائي ورجالهما ثقات . وعن جابر بن سمرة قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي , فربما مر فيه وهو جنب " أخرجه الطبراني . وعن ابن عمر قال : " كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم : رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر , ولقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم : زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له , وسد الأبواب إلا بابه في المسجد , وأعطاه الراية يوم خيبر " أخرجه أحمد وإسناده حسن . وأخرج النسائي من طريق العلاء بن عرار بمهملات قال : " فقلت لابن عمر : أخبرني عن علي وعثمان - فذكر الحديث وفيه - وأما علي فلا تسأل عنه أحدا وانظر إلى منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , قد سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه " ورجاله رجال الصحيح إلا العلاء وقد وثقه يحيى بن معين وغيره . وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلا عن مجموعها . وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات , أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص وزيد بن أرقم وابن عمر مقتصرا على بعض طرقه عنهم , وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته , وليس ذلك بقادح لما ذكرت من كثرة الطرق , وأعله أيضا بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر انتهى , وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة , مع أن الجمع بين القصتين ممكن , وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده فقال : ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة علي , وورد من روايات أهل المدينة في قصة أبي بكر , فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد الخدري يعني الذي أخرجه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لأحد أن يطرق هذا المسجد جنبا غيري وغيرك " والمعنى أن باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره فلذلك لم يؤمر بسده , ويؤيد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب " أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب إلا لعلي بن أبي طالب لأن بيته كان في المسجد " ومحصل الجمع أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين , ففي الأولى استثني علي لما ذكره , وفي الأخرى استثني أبو بكر , ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة علي على الباب الحقيقي وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه , وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخا يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأمروا بعد ذلك بسدها , فهذه طريقة لا بأس بها في الجمع بين الحديثين , وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار , وهو في أوائل الثلث الثالث منه , وأبو بكر الكلاباذي في " معاني الأخبار " وصرح بأن بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى داخل المسجد , وبيت علي لم يكن له باب إلا من داخل المسجد , والله أعلم . وفي حديث الباب من الفوائد غير ما تقدم فضيلة ظاهرة لأبي بكر الصديق وأنه كان متأهلا لأن يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم خليلا لولا المانع المتقدم ذكره , ويؤخذ منه أن للخليل صفة خاصة تقتضي عدم المشاركة فيها , وأن المساجد تصان عن التطرق إليها لغير ضرورة مهمة , والإشارة بالعلم الخاص دون التصريح لإثارة أفهام السامعين وتفاوت العلماء في الفهم وأن من كان أرفع في الفهم استحق أن يطلق عليه أعلم , وفيه الترغيب في اختيار ما في الآخرة على ما في الدنيا , وفيه شكر المحسن والتنويه بفضله والثناء عليه . وقال ابن بطال : فيه أن المرشح للإمامة يخص بكرامة تدل عليه كما وقع في حق الصديق في هذه القصة .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏عبد العزيز بن عبد الله ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سليمان ‏ ‏عن ‏ ‏يحيى بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال ‏
    ‏كنا نخير بين الناس في زمن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فنخير ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏ثم ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏ثم ‏ ‏عثمان بن عفان ‏ ‏رضي الله عنهم ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا سليمان ) ‏
    ‏هو ابن بلال , ويحيى بن سعيد هو الأنصاري , والإسناد كله مدنيون . ‏

    ‏قوله : ( كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ‏
    ‏أي نقول : فلان خير من فلان إلخ , وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع الآتية في مناقب عثمان " كنا لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان , ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم " وقوله : " لا نعدل بأبي بكر " أي لا نجعل له مثلا , وقوله : " ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الكلام فيه ولأبي داود من طريق سالم عن ابن عمر " كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي : أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان " زاد الطبراني في رواية " فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره " وروى خيثمة بن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن ابن عمر " كنا نقول : " إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس , فيسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره " وهكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي أويس عن سليمان بن بلال في حديث الباب دون آخره . وفي الحديث تقديم عثمان بعد أبي بكر وعمر , كما هو المشهور عند جمهور أهل السنة , وذهب بعض السلف إلى تقديم علي على عثمان , وممن قال به سفيان الثوري ويقال إنه رجع عنه , وقال به ابن خزيمة , وطائفة قبله وبعده , وقيل لا يفضل أحدهما على الآخر قاله مالك في " المدونة " وتبعه جماعة منهم يحيى القطان , ومن المتأخرين ابن حزم , وحديث الباب حجة للجمهور , وقد طعن فيه ابن عبد البر واستند إلى ما حكاه عن هارون بن إسحاق قال : سمعت ابن معين يقول : من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقيته وفضله فهو صاحب سنة , قال فذكرت له من يقول أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ , وتعقب بأن ابن معين أنكر رأي قوم وهم العثمانية الذين يغالون في حب عثمان وينتقصون عليا , ولا شك في أن من اقتصر على ذلك ولم يعرف لعلي بن أبي طالب فضله فهو مذموم , وادعى ابن عبد البر أيضا أن هذا الحديث خلاف قول أهل السنة أن عليا أفضل الناس بعد الثلاثة , فإنهم أجمعوا على أن عليا أفضل الخلق بعد الثلاثة , ودل هذا الإجماع على أن حديث ابن عمر غلط وإن كان السند إليه صحيحا , وتعقب أيضا بأنه لا يلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام , وبأن الإجماع المذكور إنما حدث بعد الزمن الذي قيده ابن عمر فيخرج حديثه عن أن يكون غلطا , والذي أظن أن ابن عبد البر إنما أنكر الزيادة التي وقعت في رواية عبيد الله بن عمر وهي قول ابن عمر " ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ " لكن لم ينفرد بها نافع فقد تابعه ابن الماجشون أخرجه خيثمة من طريق يوسف بن الماجشون عن أبيه عن ابن عمر " كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان , ثم ندع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم " ومع ذلك فلا يلزم من تركهم التفاضل إذ ذاك أن لا يكونوا اعتقدوا بعد ذلك تفضيل علي على من سواه والله أعلم . وقد اعترف ابن عمر بتقديم علي على غيره كما تقدم في حديثه الذي أوردته في الباب الذي قبله , وقد جاء في بعض الطرق في حديث ابن عمر تقييد الخيرية المذكورة والأفضلية بما يتعلق بالخلافة , وذلك فيما أخرجه ابن عساكر عن عبد الله بن يسار عن سالم عن ابن عمر قال : " إنكم لتعلمون أنا كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر وعمر وعثمان , يعني في الخلافة " كذا في أصل الحديث . ومن طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر " كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يكون أولى الناس بهذا الأمر ؟ فنقول : أبو بكر ثم عمر " . وذهب قوم إلى أن أفضل الصحابة من استشهد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعين بعضهم منهم جعفر بن أبي طالب . ومنهم من ذهب إلى العباس وهو قول مرغوب عنه ليس قائله من أهل السنة بل ولا من أهل الإيمان , ومنهم من قال : أفضلهم مطلقا عمر متمسكا بالحديث الآتي في ترجمته في المنام الذي فيه في حق أبي بكر " وفي نزعه ضعف " وهو تمسك واه . ونقل البيهقي في " الاعتقاد " بسنده إلى أبي ثور عن الشافعي أنه قال : أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:25

    ‏حدثنا ‏ ‏مسلم بن إبراهيم ‏ ‏حدثنا ‏ ‏وهيب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏عكرمة ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏رضي الله عنهما ‏
    ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏ولكن أخي وصاحبي ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث ابن عباس أخرجه من طرق ثلاثة : ‏
    ‏الأولى : ‏
    ‏قوله : ( لو كنت متخذا خليلا ) ‏
    ‏زاد في حديث أبي سعيد " غير ربي " وفي حديث ابن مسعود عند مسلم " وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا " . وقد تواردت هذه الأحاديث على نفي الخلة من النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من الناس , وأما ما روي عن أبي بن كعب قال : " إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس , دخلت عليه وهو يقول : إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا , وإن خليلي أبو بكر . ألا وإن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا " أخرجه أبو الحسن الحربي في فوائده , وهذا يعارضه ما في رواية جندب عند مسلم كما قدمته أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل " فإن ثبت حديث أبي أمكن أن يجمع بينهما بأنه لما برئ من ذلك تواضعا لربه وإعظاما له أذن الله تعالى له فيه من ذلك اليوم لما رأى من تشوفه إليه وإكراما لأبي بكر بذلك , فلا يتنافى الخبران , أشار إلى ذلك المحب الطبري . وقد روي من حديث أبي أمامة نحو حديث أبي بن كعب دون التقييد بالخمس , أخرجه الواحدي في تفسيره , والخبران واهيان , والله أعلم . ‏

    ‏قوله : ( ولكن أخي وصاحبي ) ‏
    ‏في رواية خيثمة في " فضائل الصحابة " عن أحمد بن الأسود عن مسلم بن إبراهيم وهو شيخ البخاري فيه " ولكنه أخي وصاحبي في الله تعالى " وفي الرواية التي بعدها " ولكن أخوة الإسلام أفضل " وقد تقدم توجيهها قبل باب . وقوله : في الرواية الثانية " حدثنا معلى بن أسد وموسى بن إسماعيل التبوذكي " كذا للأكثر وهو الصواب , ووقع في رواية أبي ذر وحده " التنوخي " وهو تصحيف , وقد تقدم تفسير الخليل في ترجمة إبراهيم عليه السلام من أحاديث الأنبياء , واختلف في المودة والخلة والمحبة والصداقة هي مترادفة أو مختلفة , قال أهل اللغة : الخلة أرفع رتبة , وهو الذي يشعر به حديث الباب , وكذا قوله عليه السلام " لو كنت متخذا خليلا غير ربي " فإنه يشعر بأنه لم يكن له خليل من بني آدم , وقد ثبتت محبته لجماعة من أصحابه كأبي بكر وفاطمة وعائشة والحسنين وغيرهم , ولا يعكر على هذا اتصاف إبراهيم عليه السلام بالخلة ومحمد صلى الله عليه وسلم بالمحبة فتكون المحبة أرفع رتبة من الخلة , لأنه يجاب عن ذلك بأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد ثبت له الأمران معا فيكون رجحانه من الجهتين , والله أعلم . وقال الزمخشري : الخليل هو الذي يوافقك في خلالك ويسايرك في طريقك , أو الذي يسد خللك وتسد خلله , أو يداخلك خلال منزلك انتهى . وكأنه جوز أن يكون اشتقاقه مما ذكر . وقيل : أصل الخلة انقطاع الخليل إلى خليله , وقيل : الخليل من يتخلله سرك , وقيل : من لا يسع قلبه غيرك , وقيل : أصل الخلة الاستصفاء , وقيل : المختص بالمودة , وقيل : اشتقاق الخليل من الخلة بفتح الخاء وهي الحاجة , فعلى هذا فهو المحتاج إلى من يخاله , وهذا كله بالنسبة إلى الإنسان , أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له ومعاونته .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏معلى بن أسد ‏ ‏وموسى بن إسماعيل التبوذكي ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏وهيب ‏ ‏عن ‏ ‏أيوب ‏ ‏وقال ‏
    ‏لو كنت متخذا خليلا لاتخذته خليلا ولكن أخوة الإسلام أفضل ‏
    ‏حدثنا ‏ ‏قتيبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الوهاب ‏ ‏عن ‏ ‏أيوب ‏ ‏مثله
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏سليمان بن حرب ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏حماد بن زيد ‏ ‏عن ‏ ‏أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن أبي مليكة ‏ ‏قال ‏
    ‏كتب ‏ ‏أهل الكوفة ‏ ‏إلى ‏ ‏ابن الزبير ‏ ‏في الجد فقال أما الذي قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذته أنزله أبا ‏ ‏يعني ‏ ‏أبا بكر ‏



    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث ابن الزبير في المعنى , وسيأتي الكلام على ما يتعلق منه بالجد في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى . والمراد بقوله " كتب أهل الكوفة " بعض أهلها وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود , وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة , أخرجه أحمد من طريق سعيد بن جبير قال : " كنت عند عبد الله بن عتبة , وكان ابن الزبير جعله على القضاء فجاءه كتابه : كتبت تسألني عن الجد " فذكره نحوه وزاد بعد قوله : " لاتخذت أبا بكر : ولكنه أخي في الدين , وصاحبي في الغار " ووقع في رواية أحمد من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة في هذا الحديث " لو كنت متخذا خليلا سوى الله حتى ألقاه .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏الحميدي ‏ ‏ومحمد بن عبيد الله ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏إبراهيم بن سعد ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏محمد بن جبير بن مطعم ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال ‏
    ‏أتت امرأة النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأمرها أن ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن لم تجديني فأتي ‏ ‏أبا بكر ‏



    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه . ‏

    ‏قوله : ( أتت امرأة ) ‏
    ‏لم أقف على اسمها . ‏

    ‏قوله : ( أرأيت ) ‏
    ‏أي أخبرني . ‏

    ‏قوله : ( إن جئت ولم أجدك , كأنها تقول الموت ) ‏
    ‏في رواية يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عند البلاذري " قالت فإن رجعت فلم أجدك , تعرض بالموت " , وكذا عند الإسماعيلي من طريق ابن معمر عن إبراهيم , وهو يقوي جزم القاضي عياض أنه كلام جيد . وفي رواية الحميدي الآتي ذكرها في الأحكام " كأنها تعني الموت " ومرادها إن جئت فوجدتك قد مت ماذا أعمل ؟ واختلف في تعيين قائل " كأنها " فجزم عياض بأنه جبير بن مطعم راوي الحديث وهو الظاهر , ويحتمل من دونه . وروى الطبراني من حديث عصمة بن مالك قال : " قلنا يا رسول الله إلى من ندفع صدقات أموالنا بعدك ؟ قال : إلى أبي بكر الصديق " وهو لو ثبت كان أصرح في حديث الباب من الإشارة إلى أنه الخليفة بعده , لكن إسناده ضعيف . وروى الإسماعيلي في معجمه من حديث سهل بن أبي خيثمة قال : " بايع النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فسأله إن أتى عليه أجله من يقضيه ؟ فقال : أبو بكر . ثم سأله من يقضيه بعده ؟ قال : عمر " الحديث . وأخرجه الطبراني في " الأوسط " من هذا الوجه مختصرا . وفي الحديث أن مواعيد النبي صلى الله عليه وسلم كانت على من يتولى الخلافة بعده تنجيزها . وفيه رد على الشيعة في زعمهم أنه نص على استخلاف علي والعباس , وسيأتي شيء من ذلك في " باب الاستخلاف " من كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثني ‏ ‏أحمد بن أبي الطيب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن مجالد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏بيان بن بشر ‏ ‏عن ‏ ‏وبرة بن عبد الرحمن ‏ ‏عن ‏ ‏همام ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏عمارا ‏ ‏يقول ‏
    ‏رأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وما معه إلا ‏ ‏خمسة أعبد ‏ ‏وامرأتان ‏ ‏وأبو بكر ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا أحمد بن أبي الطيب ) ‏
    ‏هو المروزي , بغدادي الأصل يكنى أبا سليمان واسم أبيه سليمان , وصفه أبو زرعة بالحفظ , وضعفه أبو حاتم ; وليس له في البخاري غير هذا الحديث . وقد أخرجه من رواية غيره كما سيأتي في " باب إسلام أبي بكر " . ‏

    ‏قوله : ( حدثنا إسماعيل بن مجالد ) ‏
    ‏بالجيم هو الكوفي , قواه يحيى بن معين وجماعة , ولينه بعضهم , وليس له عند البخاري أيضا غير هذا الحديث . ووبرة بفتح الواو والموحدة تابعي صغير . ‏

    ‏قوله : ( عن همام ) ‏
    ‏هو ابن الحارث , وعند الإسماعيلي من طريق جهور بن منصور عن إسماعيل " سمعت همام بن الحارث " وهو من كبار التابعين , وعمار هو ابن ياسر , والإسناد من إسماعيل فصاعدا كوفيون . ‏

    ‏قوله : ( وما معه ) ‏
    ‏أي ممن أسلم . ‏

    ‏قوله : ( إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر ) ‏
    ‏أما الأعبد فهم بلال وزيد بن حارثة وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر , فإنه أسلم قديما مع أبي بكر , وروى الطبراني من طريق عروة أنه كان ممن كان يعذب في الله فاشتراه أبو بكر وأعتقه , وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف ذكر ابن إسحاق أنه أسلم حين أسلم بلال فعذبه أمية فاشتراه أبو بكر فأعتقه . وأما الخامس فيحتمل أن يفسر بشقران , فقد ذكر ابن السكن في " كتاب الصحابة " عن عبد الله بن داود أن النبي صلى الله عليه وسلم ورثه من أبيه هو وأم أيمن , وذكر بعض شيوخنا بدل أبي فكيهة عمار بن ياسر وهو محتمل , وكان ينبغي أن يكون منهم أبوه فإن الثلاثة كانوا ممن يعذب في الله وأمه أول من استشهدت في الإسلام طعنها أبو جهل في قلبها بحربة فماتت , وأما المرأتان فخديجة والأخرى أم أيمن أو سمية , وذكر بعض شيوخنا تبعا للدمياطي أنها أم الفضل زوج العباس , وليس بواضح لأنها وإن كانت قديمة الإسلام إلا أنها لم تذكر في السابقين , ولو كان كما قال لعد أبو رافع مولى العباس لأنه أسلم حين أسلمت أم الفضل . كذا عند ابن إسحاق . وفي هذا الحديث أن أبا بكر أول من أسلم من الأحرار مطلقا , ولكن مراد عمار بذلك ممن أظهر إسلامه , وإلا فقد كان حينئذ جماعة ممن أسلم لكنهم كانوا يخفونه من أقاربهم , وسيأتي قول سعد إنه كان ثلث الإسلام , وذلك بالنسبة إلى من اطلع على إسلامه ممن سبق إسلامه .

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:26

    ‏حدثني ‏ ‏هشام بن عمار ‏ ‏حدثنا ‏ ‏صدقة بن خالد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏زيد بن واقد ‏ ‏عن ‏ ‏بسر بن عبيد الله ‏ ‏عن ‏ ‏عائذ الله أبي إدريس ‏ ‏عن ‏ ‏أبي الدرداء ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
    ‏كنت جالسا عند النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذ أقبل ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أما صاحبكم فقد ‏ ‏غامر ‏ ‏فسلم وقال إني كان بيني وبين ‏ ‏ابن الخطاب ‏ ‏شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال يغفر الله لك يا ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏ثلاثا ثم إن ‏ ‏عمر ‏ ‏ندم فأتى منزل ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏فسأل أثم ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فقالوا لا فأتى إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فسلم فجعل وجه النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يتمعر حتى أشفق ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فجثا ‏ ‏على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا زيد بن واقد ) ‏
    ‏هو الدمشقي , ثقة قليل الحديث , وليس له في البخاري غير هذا الحديث الواحد , وكلهم دمشقيون , وبسر بضم الموحدة وبالمهملة . ‏

    ‏قوله : ( عن بسر بن عبيد الله ) ‏
    ‏في رواية عبد الله بن العلاء بن زيد عند المصنف في التفسير " حدثني بسر بن عبيد الله حدثني أبو إدريس سألت أبا الدرداء " . ‏

    ‏قوله : ( أما صاحبكم ) ‏
    ‏في رواية الكشميهني " أما صاحبك " بالإفراد . ‏


    ‏قوله : ( فقد غامر ) ‏
    ‏بالغين المعجمة أي خاصم , والمعنى دخل في غمرة الخصومة , والغامر الذي يرمي بنفسه في الأمر العظيم كالحرب وغيره . وقيل هو من الغمر بكسر المعجمة وهو الحقد , أي صنع أمرا اقتضى له أن يحقد على من صنعه معه ويحقد الآخر عليه , ووقع في تفسير الأعراف في رواية أبي ذر وحده " قال أبو عبد الله هو المصنف : غامر أي سبق أي سبق بالخير " وذكر عياض أنه في رواية المستملي وحده عن أبي ذر , وهو تفسير مستغرب والأول أظهر , وقد عزاه المحب الطبري لأبي عبيدة بن المثنى أيضا , فهو سلف البخاري فيه , وقسيم قوله : " أما صاحبكم " محذوف أي وأما غيره فلا . ‏

    ‏قوله : ( فسلم ) ‏
    ‏بتشديد اللام من السلام , ووقع في رواية محمد بن المبارك عن صدقة بن خالد عند أبي نعيم في الحلية " حتى سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقع في الحديث ذكر الرد وهو مما يحذف للعلم به . ‏

    ‏قوله : ( كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ) ‏
    ‏في الرواية التي في التفسير " محاورة " وهو بالحاء المهملة أي مراجعة , وفي حديث أبي أمامة عند أبي يعلى " معاتبة " وفي لفظ " مقاولة " . ‏

    ‏قوله : ( فأسرعت إليه ) ‏
    ‏في التفسير " فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه مغضبا فاتبعه أبو بكر " . ‏

    ‏قوله : ( ثم ندمت ) ‏
    ‏زاد محمد بن المبارك " على ما كان " . ‏

    ‏قوله : ( فسألته أن يغفر لي ) ‏
    ‏في الرواية التي في التفسير " أن يستغفر لي فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه " . ‏

    ‏قوله : ( فأبى علي ) ‏
    ‏زاد محمد بن المبارك " فتبعته إلى البقيع حتى خرج من داره " وللإسماعيلي عن الهسنجاني عن هشام بن عمار " وتحرز مني بداره " وفي حديث أبي أمامة " فاعتذر أبو بكر إلى عمر فلم يقبل منه " . ‏

    ‏قوله : ( يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ) ‏
    ‏أي أعاد هذه الكلمة ثلاث مرات . ‏

    ‏قوله : ( يتمعر ) ‏
    ‏بالعين المهملة المشددة أي تذهب نضارته من الغضب , وأصله من العر وهو الجرب يقال أمعر المكان إذا أجرب , وفي بعض النسخ " يتمغر " بالغين المعجمة أي يحمر من الغضب فصار كالذي صبغ بالمغرة , وللمؤلف في التفسير " وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفي حديث أبي أمامة عند أبي يعلى في نحو هذه القصة " فجلس عمر فأعرض عنه - أي النبي صلى الله عليه وسلم - ثم تحول فجلس إلى الجانب الآخر فأعرض عنه , ثم قام فجلس بين يديه فأعرض عنه , فقال : يا رسول الله ما أرى إعراضك إلا لشيء بلغك عني , فما خير حياتي وأنت معرض عني ؟ فقال : أنت الذي اعتذر إليك أبو بكر فلم تقبل منه , ووقع في حديث ابن عمر عند الطبراني في نحو هذه القصة " يسألك أخوك أن تستغفر له فلا تفعل " فقال : والذي بعثك بالحق ما من مرة يسألني إلا وأنا أستغفر له , وما خلق الله من أحد أحب إلي منه بعدك . فقال أبو بكر : وأنا والذي بعثك بالحق كذلك . ‏

    ‏قوله : ( حتى أشفق أبو بكر ) ‏
    ‏زاد محمد بن المبارك " أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر ما يكره " . ‏

    ‏قوله : ( فجثا ) ‏
    ‏بالجيم والمثلثة أي برك . ‏

    ‏قوله : ( والله أنا كنت أظلم ) ‏
    ‏في القصة المذكورة " وإنما قال ذلك لأنه الذي بدأ " كما تقدم في أول القصة . ‏

    ‏قوله : ( مرتين ) ‏
    ‏أي قال ذلك القول مرتين , ويحتمل أنه من قول أبي بكر فيكون معلقا بقوله " كنت أظلم " . ‏

    ‏قوله : ( وواساني ) ‏
    ‏في رواية الكشميهني وحده " واساني " والأول أوجه , وهو من المواساة وهي بلفظ المفاعلة من الجانبين , والمراد به أن صاحب المال يجعل يده ويد صاحبه في ماله سواء . ‏

    ‏قوله : ( تاركو لي صاحبي ) ‏
    ‏في التفسير " تاركون لي صاحبي " وهي الموجهة حتى قال أبو البقاء : إن حذف النون من خطأ الرواة , لأن الكلمة ليست مضافة ولا فيها ألف ولام , وإنما يجوز الحذف في هذين الموضعين . ووجهها غيره بوجهين : أحدهما : أن يكون " صاحبي " مضافا وفصل بين المضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الإضافة , وفي ذلك جمع بين إضافتين إلى نفسه تعظيما للصديق , ونظيره قراءة ابن عامر ( وكذلك زين للكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم ) بنصب أولادهم وخفض شركائهم وفصل بين المضافين بالمفعول , والثاني أن يكون استطال الكلام فحذف النون كما يحذف من الموصول المطول , ومنه ما ذكروه في قوله تعالى : ( وخضتم كالذي خاضوا ) . ‏

    ‏قوله : ( مرتين ) ‏
    ‏أي قال ذلك القول مرتين , وفي رواية محمد بن المبارك " ثلاث مرات " . ‏

    ‏قوله : ( فما أوذي بعدها ) ‏
    ‏أي لما أظهره النبي صلى الله عليه وسلم لهم من تعظيمه , ولم أر هذه الزيادة من غير رواية هشام بن عمار , ووقع لأبي بكر مع ربيعة بن جعفر قصة نحو هذه : فأخرج أحمد من حديث ربيعة " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه أرضا وأعطى أبا بكر أرضا , قال : فاختلفا في عذق نخلة , فقلت أنا : هي في حدي , وقال أبو بكر : هي في حدي , فكان بيننا كلام , فقال له أبو بكر كلمة ثم ندم فقال : رد علي مثلها حتى يكون قصاصا , فأبيت فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما لك وللصديق - فذكر القصة - فقال : أجل فلا ترد عليه , ولكن قل : غفر الله لك يا أبا بكر , فقلت . فولى أبو بكر وهو يبكي " . وفي الحديث من الفوائد فضل أبي بكر على جميع الصحابة , وأن الفاضل لا ينبغي له أن يغاضب من هو أفضل منه , وفيه جواز مدح المرء في وجهه , ومحله إذا أمن عليه الافتتان والاغترار . وفيه ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى , لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأولى كقوله تعالى : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ) وفيه أن غير النبي ولو بلغ من الفضل الغاية ليس بمعصوم . وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم , وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أو جده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر " كان بيني وبين ابن الخطاب " فلم يذكره باسمه , ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم : " إلا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم " , وفيه أن الركبة ليست عورة .

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:27

    ‏حدثنا ‏ ‏معلى بن أسد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد العزيز بن المختار ‏ ‏قال ‏ ‏خالد الحذاء ‏ ‏حدثنا عن ‏ ‏أبي عثمان ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏عمرو بن العاص ‏ ‏رضي الله عنه ‏
    ‏أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت ‏ ‏أي الناس أحب إليك قال ‏ ‏عائشة ‏ ‏فقلت من الرجال فقال أبوها قلت ثم من قال ثم ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏فعد رجالا ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( خالد الحذاء حدثنا ) ‏
    ‏هو من تقديم الاسم على الصفة وقد استعملوه كثيرا , والإسناد كله بصريون إلا الصحابي , وأبو عثمان هو النهدي . ‏

    ‏قوله : ( بعثه على جيش ذات السلاسل ) ‏
    ‏بالمهملتين والمشهور أنها بفتح الأولى على لفظ جمع السلسلة , وضبطه كذلك أبو عبيد البكري , قيل سمي المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة , وضبطها ابن الأثير بالضم , وقال هو بمعنى السلسال أي السهل , وسيأتي شرحها وتسميتها في المغازي إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله : ( أي الناس أحب إليك ) ‏
    ‏زاد في رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص " يا رسول الله فأحبه " أخرجه ابن عساكر من طريق علي بن مسهر عن إسماعيل عن قيس , وقع عند ابن سعد سبب هذا السؤال وأنه وقع في نفس عمرو لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم على الجيش وفيهم أبو بكر وعمر أنه مقدم عنده في المنزلة عليهم فسأله لذلك . ‏

    ‏قوله : ( فقلت من الرجال ) ‏
    ‏في رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو عند ابن خزيمة وابن حبان " قلت إني لست أعني النساء إني أعني الرجال " وفي حديث أنس عند ابن حبان أيضا " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة , قيل له ليس عن أهلك نسألك " وعرف بحديث عمر اسم السائل في حديث أنس . ‏

    ‏قوله : ( فقلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر بن الخطاب , فعد رجالا ) ‏
    ‏زاد في المغازي من وجه آخر " فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم " ووقع في حديث عبد الله بن شقيق قال : " قلت لعائشة : أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه ؟ قالت : أبو بكر , قلت : ثم من ؟ قالت : عمر , قلت : ثم من ؟ قالت : أبو عبيدة بن الجراح , قلت : ثم من ؟ فسكتت " أخرجه الترمذي وصححه فيمكن أن يفسر بعض الرجال الذي أبهموا في حديث الباب بأبي عبيدة , وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال : " استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم , فسمع صوت عائشة عاليا وهي تقول : والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي " الحديث , فيكون علي ممن أبهمه عمرو بن العاص , وهو أيضا وإن كان في الظاهر يعارض حديث عمرو لكن يرجح حديث عمرو أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من تقريره , ويمكن الجمع باختلاف جهة المحبة : فيكون في حق أبي بكر على عمومه بخلاف علي , ويصح حينئذ دخوله فيمن أبهمه عمرو , ومعاذ الله أن نقول كما تقول الرافضة من إبهام عمرو فيما روى لما كان بينه وبين علي رضي الله عنهما , فقد كان النعمان مع معاوية على علي ولم يمنعه ذلك من التحديث بمنقبة علي , ولا ارتياب في أن عمرا أفضل من النعمان , والله أعلم .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏أبو اليمان ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏شعيب ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ‏ ‏أن ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
    ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه ‏ ‏الراعي ‏ ‏فالتفت إليه الذئب فقال من لها ‏ ‏يوم السبع ‏ ‏يوم ليس لها راع غيري وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث قال الناس سبحان الله قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فإني أومن بذلك ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏وعمر بن الخطاب ‏ ‏رضي الله عنهما ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث أبي هريرة في قصة الذئب الذي كلم الراعي , وفي قصة البقرة التي كلمت من حملها , وقد تقدم الكلام على ما في إسناده في ذكر بني إسرائيل . ‏

    ‏قوله : ( بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب ) ‏
    ‏الحديث لم أقف على اسم هذا الراعي , وقد أورد المصنف الحديث في ذكر بني إسرائيل , وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام , وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصة , فروى أبو نعيم في " الدلائل " من طريق ربيعة بن أوس عن أنيس بن عمرو عن أهبان بن أوس قال : " كنت في غنم لي , فشد الذئب على شاة منها , فصحت عليه فأقعى الذئب على ذنبه يخاطبني وقال : من لها يوم تشتغل عنها ؟ تمنعني رزقا رزقنيه الله تعالى , فصفقت بيدي وقلت : والله ما رأيت شيئا أعجب من هذا , فقال : أعجب من هذا , هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين هذه النخلات يدعو إلى الله , قال فأتى أهبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وأسلم " فيحتمل أن يكون أهبان لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كان أبو بكر وعمر حاضرين , ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأبو بكر وعمر غائبين , فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر " وقد تقدمت هذه الزيادة في هذه القصة من وجه آخر عن أبي سلمة في المزارعة وفيه : " قال أبو سلمة : وما هما يومئذ في القوم " أي عند حكاية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك لما اطلع عليه من غلبة صدق إيمانهما وقوة يقينهما , وهذا أليق بدخوله في مناقبهما . ‏

    ‏قوله : ( يوم السبع ) ‏
    ‏قال عياض : يجوز ضم الموحدة وسكونها , إلا أن الرواية بالضم , وقال الحربي : هو بالضم والسكون وجزم بأن المراد به الحيوان المعروف , وقال ابن العربي : هو بالإسكان والضم تصحيف , كذا قال , وقال ابن الجوزي : هو بالسكون والمحدثون يروونه بالضم وعلى هذا - أي الضم - فالمعنى إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها منه فلا يرعاها حينئذ غيري , أي إنك تهرب منه وأكون أنا قريبا منه أرعى ما يفضل لي منها . وقال الداودي : معناه من لها يوم يطرقها السبع - أي الأسد - فتفر أنت منه فيأخذ منها حاجته وأتخلف أنا لا راعي لها حينئذ غيري , وقيل : إنما يكون ذلك عند الاشتغال بالفتن فتصير الغنم هملا فتنهبها السباع فيصير الذئب كالراعي لها لانفراده بها . وأما بالسكون فاختلف في المراد به فقيل : هو اسم الموضع الذي يقع فيه الحشر يوم القيامة , وهذا نقله الأزهري في " تهذيب اللغة " عن ابن الأعرابي , ويؤيده أنه وقع في بعض طرقه عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة " يوم القيامة " وقد تعقب هذا بأن الذئب حينئذ لا يكون راعيا للغنم ولا تعلق له بها , وقيل : هو اسم يوم عيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون فيه باللهو واللعب فيغفل الراعي عن غنمه فيتمكن الذئب من الغنم , وإنما قال : " ليس لها راع غيري " مبالغة في تمكنه منها , وهذا نقله الإسماعيلي عن أبي عبيدة , وقيل : هو من سبعت الرجل إذا ذعرته , أي من لها يوم الفزع ؟ أو من أسبعته إذا أهملته , أي من لها يوم الإهمال . قال الأصمعي : السبع الهمل , وأسبع الرجل أغنامه إذا تركها تصنع ما تشاء , ورجح هذا القول النووي . وقيل : يوم الأكل , يقال سبع الذئب الشاة إذا أكلها . وحكى صاحب " المطالع " أنه روي بسكون التحتانية آخر الحروف وفسره بيوم الضياع , يقال أسيعت وأضيعت بمعنى , وهذا نقله ابن دحية عن إسماعيل القاضي عن علي بن المديني عن معمر بن المثنى , وقيل : المراد بيوم السبع يوم الشدة كما روي عن ابن عباس أنه سئل عن مسألة فقال : أجرأ من سبع , يريد أنها من المسائل الشداد التي يشتد فيها الخطب على المفتي , والله أعلم . ‏

    ‏قوله : ( وبينما رجل يسوق بقرة ) ‏
    ‏تقدم الكلام عليه في المزارعة , ووقع عند ابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في آخره في القصتين " فقال الناس آمنا بما آمن به رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفي الحديث جواز التعجب من خوارق العادات , وتفاوت الناس في المعارف .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏عبدان ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عبد الله ‏ ‏عن ‏ ‏يونس ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏ابن المسيب ‏ ‏سمع ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
    ‏سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏بينا أنا نائم رأيتني على ‏ ‏قليب ‏ ‏عليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ‏ ‏ابن أبي قحافة ‏ ‏فنزع بها ‏ ‏ذنوبا ‏ ‏أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ضعفه ثم ‏ ‏استحالت غربا ‏ ‏فأخذها ‏ ‏ابن الخطاب ‏ ‏فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع ‏ ‏عمر ‏ ‏حتى ‏ ‏ضرب الناس بعطن ‏

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن مقاتل ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عبد الله ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏موسى بن عقبة ‏ ‏عن ‏ ‏سالم بن عبد الله ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمر ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال ‏
    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من جر ثوبه ‏ ‏خيلاء ‏ ‏لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إنك لست تصنع ذلك ‏ ‏خيلاء ‏
    ‏قال ‏ ‏موسى ‏ ‏فقلت ‏ ‏لسالم ‏ ‏أذكر ‏ ‏عبد الله ‏ ‏من جر إزاره قال لم أسمعه ذكر إلا ثوبه ‏
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:28

    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث ابن عمر في الزجر عن جر الثوب خيلاء , وسيأتي شرحه في كتاب اللباس , وفيه فضيلة ظاهرة لأبي بكر لشحه على دينه , ولشهادة النبي صلى الله عليه وسلم بما ينافي ما يكره . ‏

    ‏قوله : ( فقلت لسالم ) ‏
    ‏هو مقولة موسى بن عقبة , وسيأتي هناك الإشارة إلى تسوية ابن عمر بين الثوب والإزار في الحكم . ‏

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏أبو اليمان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏شعيب ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏حميد بن عبد الرحمن بن عوف ‏ ‏أن ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏قال ‏
    ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب ‏ ‏يعني الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان فقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة وقال هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله قال نعم وأرجو أن تكون منهم يا ‏ ‏أبا بكر ‏



    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث أبي هريرة فيمن أنفق زوجين أي شيئين . ‏

    ‏قوله : ( من شيء من الأشياء ) ‏
    ‏أي من أصناف المال . ‏

    ‏قوله : ( في سبيل الله ) ‏
    ‏أي في طلب ثواب الله , وهو أعم من الجهاد وغيره من العبادات . ‏

    ‏قوله : ( دعي من أبواب يعني الجنة ) ‏
    ‏كذا وقع هنا وكأن لفظة " الجنة " سقطت من بعض الرواة فلأجل مراعاة المحافظة على اللفظ زاد " يعني " , وقد تقدم في الصيام من وجه آخر عن الزهري بلفظ " من أبواب الجنة " بغير تردد . ومعنى الحديث أن كل عامل يدعى من باب ذلك العمل , وقد جاء ذلك صريحا من وجه آخر عن أبي هريرة " لكل عامل باب من أبواب الجنة يدعى منه بذلك العمل " أخرجه أحمد وابن أبي شيبة بإسناد صحيح . ‏

    ‏قوله : ( يا عبد الله هذا خير ) ‏
    ‏لفظ " خير " بمعنى فاضل لا بمعنى أفضل وإن كان اللفظ قد يوهم ذلك , ففائدته زيادة ترغيب السامع في طلب الدخول من ذلك الباب , وتقدم في أوائل الجهاد بيان الداعي من وجه آخر عن أبي هريرة ولفظه " دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب " أي خزنة كل باب " أي فل هلم " , ولفظة " فل " لغة في فلان , وهي بالضم , وكذا ثبت في الرواية , وقيل إنها ترخيمها فعلى هذا فتفتح اللام . ‏

    ‏قوله : ( فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ) ‏
    ‏وقع في الحديث ذكر أربعة أبواب من أبواب الجنة , وتقدم في أوائل الجهاد " وإن أبواب الجنة ثمانية " وبقي من الأركان الحج فله باب بلا شك , وأما الثلاثة الأخرى فمنها باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس رواه أحمد بن حنبل عن روح بن عبادة عن أشعث عن الحسن مرسلا " إن لله بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة " ومنها الباب الأيمن وهو باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب , وأما الثالث فلعله باب الذكر فإن عند الترمذي ما يومئ إليه , ويحتمل أن يكون باب العلم والله أعلم , ويحتمل أن يكون بالأبواب التي يدعى منها أبواب من داخل أبواب الجنة الأصلية لأن الأعمال الصالحة أكثر عددا من ثمانية , والله أعلم . ‏

    ‏قوله : ( فقال أبو بكر ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ) ‏
    ‏زاد في الصيام " فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها " وفي الحديث إشعار بقلة من يدعى من تلك الأبواب كلها , وفيه إشارة إلى أن المراد ما يتطوع به من الأعمال المذكورة لا واجباتها لكثرة من يجتمع له العمل بالواجبات كلها , بخلاف التطوعات فقل من يجتمع له العمل بجميع أنواع التطوعات , ثم من يجتمع له ذلك إنما يدعى من جميع الأبواب على سبيل التكريم له , وإلا فدخوله إنما يكون من باب واحد , ولعله باب العمل الذي يكون أغلب عليه والله أعلم . وأما ما أخرجه مسلم عن عمر " من توضأ ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله " الحديث وفيه " فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء " فلا ينافي ما تقدم وإن كان ظاهره أنه يعارضه , لأنه يحمل على أنها تفتح له على سبيل التكريم , ثم عند دخوله لا يدخل إلا من باب العلم الذي يكون أغلب عليه كما تقدم , والله أعلم . ‏
    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏الإنفاق في الصلاة والجهاد والعلم والحج ظاهر , وأما الإنفاق في غيرها فمشكل , ويمكن أن يكون المراد بالإنفاق في الصلاة فيما يتعلق بوسائلها من تحصيل آلاتها من طهارة وتطهير ثوب وبدن ومكان , والإنفاق في الصيام بما يقويه على فعله وخلوص القصد فيه , والإنفاق في العفو عن الناس يمكن أن يقع بترك ما يجب له من حق , والإنفاق في التوكل بما ينفقه على نفسه في مرضه المانع له من التصرف في طلب المعاش مع الصبر على المصيبة , أو ينفق على من أصابه مثل ذلك طلبا للثواب , والإنفاق في الذكر على نحو من ذلك , والله أعلم . وقيل المراد بالإنفاق في الصلاة والصيام بذل النفس فيهما , فإن العرب تسمي ما يبذله المرء من نفسه نفقة كما يقال أنفقت في طلب العلم عمري وبذلت فيه نفسي , وهذا معنى حسن . وأبعد من قال المراد بقوله : زوجين النفس والمال لأن المال في الصلاة والصيام ونحوهما ليس بظاهر إلا بالتأويل المتقدم , وكذلك من قال النفقة في الصيام تقع بتفطير الصائم والإنفاق عليه , لأن ذلك يرجع إلى باب الصدقة . ‏

    ‏قوله : ( وأرجو أن تكون منهم ) ‏
    ‏قال العلماء : الرجاء من الله ومن نبيه واقع , وبهذا التقرير يدخل الحديث في فضائل أبي بكر . ووقع في حديث ابن عباس عند ابن حبان في نحو هذا الحديث التصريح بالوقوع لأبي بكر ولفظه " قال أجل وأنت هو يا أبا بكر " وفي الحديث من الفوائد أن من أكثر من شيء عرف به , وأن أعمال البر قل أن تجتمع جميعها لشخص واحد على السواء , وأن الملائكة يحبون صالحي بني آدم ويفرحون بهم , فإن الإنفاق كلما كان أكثر كان أفضل , وأن تمني الخير في الدنيا والآخرة مطلوب .

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن عبد الله ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سليمان بن بلال ‏ ‏عن ‏ ‏هشام بن عروة ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏عروة بن الزبير ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏زوج النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏
    ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏مات ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏بالسنح ‏ ‏قال ‏ ‏إسماعيل ‏ ‏يعني ‏ ‏بالعالية ‏ ‏فقام ‏ ‏عمر ‏ ‏يقول والله ما مات رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قالت وقال ‏ ‏عمر ‏ ‏والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فكشف عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقبله قال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف ‏ ‏على رسلك ‏ ‏فلما تكلم ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏جلس ‏ ‏عمر ‏ ‏فحمد الله ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد ‏ ‏محمدا ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فإن ‏ ‏محمدا ‏ ‏قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال ‏
    ‏إنك ميت وإنهم ميتون ‏
    ‏وقال ‏
    ‏وما ‏ ‏محمد ‏ ‏إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على ‏ ‏أعقابكم ‏ ‏ومن ينقلب على ‏ ‏عقبيه ‏ ‏فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ‏
    ‏قال ‏ ‏فنشج ‏ ‏الناس يبكون قال واجتمعت ‏ ‏الأنصار ‏ ‏إلى ‏ ‏سعد بن عبادة ‏ ‏في ‏ ‏سقيفة ‏ ‏بني ساعدة ‏ ‏فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏وعمر بن الخطاب ‏ ‏وأبو عبيدة بن الجراح ‏ ‏فذهب ‏ ‏عمر ‏ ‏يتكلم فأسكته ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏وكان ‏ ‏عمر ‏ ‏يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏ثم تكلم ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال ‏ ‏حباب بن المنذر ‏ ‏لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير فقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط ‏ ‏العرب ‏ ‏دارا وأعربهم أحسابا ‏ ‏فبايعوا ‏ ‏عمر ‏ ‏أو ‏ ‏أبا عبيدة بن الجراح ‏ ‏فقال ‏ ‏عمر ‏ ‏بل ‏ ‏نبايعك ‏ ‏أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأخذ ‏ ‏عمر ‏ ‏بيده ‏ ‏فبايعه ‏ ‏وبايعه ‏ ‏الناس فقال قائل قتلتم ‏ ‏سعد بن عبادة ‏ ‏فقال ‏ ‏عمر ‏ ‏قتله الله ‏
    ‏وقال ‏ ‏عبد الله بن سالم ‏ ‏عن ‏ ‏الزبيدي ‏ ‏قال ‏ ‏عبد الرحمن بن القاسم ‏ ‏أخبرني ‏ ‏القاسم ‏ ‏أن ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏قالت ‏ ‏شخص ‏ ‏بصر النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ثم قال ‏ ‏في الرفيق الأعلى ثلاثا وقص الحديث قالت فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها لقد خوف ‏ ‏عمر ‏ ‏الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ثم لقد بصر ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون ‏
    ‏وما ‏ ‏محمد ‏ ‏إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ‏ ‏إلى ‏ ‏الشاكرين ‏
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:29

    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث عائشة في الوفاة وقصة السقيفة , وسيأتي ما يتعلق بالوفاة في مكانها في أواخر المغازي , وأما السقيفة فتتضمن بيعة أبي بكر بالخلافة , وقد أوردها المصنف أيضا من طريق ابن عباس عن عمر في الحدود , وذكر شيئا منها في الأحكام من طريق أنس عن عمر أيضا , وأتمها رواية ابن عباس , وسأذكر هنا ما فيها من فائدة زائدة . ‏

    ‏قوله : ( مات النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بالسنح ) ‏
    ‏تقدم ضبطه في أول الجنائز وأنه بسكون النون , وضبطه أبو عبيد البكري بضمها وقال : إنه منازل بني الحارث من الخزرج بالعوالي , وبينه وبين المسجد النبوي ميل . ‏

    ‏قوله : ( قال إسماعيل ) ‏
    ‏هو شيخ المصنف فيه وهو ابن أبي أويس , وقوله : " يعني بالعالية " أراد تفسير قول عائشة بالسنح . ‏

    ‏قوله : ( ما كان يقع في نفسي إلا ذاك ) ‏
    ‏يعني عدم موته صلى الله عليه وسلم حينئذ , وقد ذكر عمر مستنده في ذلك كما سأبينه في موضعه . ‏

    ‏قوله : ( لا يذيقك الله الموتتين ) ‏
    ‏تقدم شرحه في أوائل الجنائز , وقد تمسك به من أنكر الحياة في القبر , وأجيب عن أهل السنة المثبتين لذلك بأن المراد نفي الموت اللازم من الذي أثبته عمر بقوله " وليبعثه الله في الدنيا ليقطع أيدي القائلين بموته " وليس فيه تعرض لما يقع في البرزخ , وأحسن من هذا الجواب أن يقال : إن حياته صلى الله عليه وسلم في القبر لا يعقبها موت بل يستمر حيا , والأنبياء أحياء في قبورهم , ولعل هذا هو الحكمة في تعريف الموتتين حيث قال لا يذيقك الله الموتتين أي المعروفتين المشهورتين الواقعتين لكل أحد غير الأنبياء , وأما وقوع الحلف من عمر على ما ذكره فبناه على ظنه الذي أداه إليه اجتهاده , وفيه بيان رجحان علم أبي بكر على عمر فمن دونه , وكذلك رجحانه عليهم لثباته في مثل ذلك الأمر العظيم . ‏

    ‏قوله : ( أيها الحالف على رسلك ) ‏
    ‏بكسر الراء أي هينتك ولا تستعجل , وتقدم في الطريق الذي بالجنائز أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال : اجلس , فأبى , فتشهد أبو بكر , فمال الناس إليه وتركوا عمر . وقد اعتذر عمر عن ذلك كما سيأتي في " باب الاستخلاف " من كتاب الأحكام . ‏

    ‏قوله : ( فنشج الناس ) ‏
    ‏بفتح النون وكسر المعجمة بعدها جيم أي بكوا بغير انتحاب , والنشج ما يعرض في حلق الباكي من الغصة , وقيل : هو صوت معه ترجيع كما يردد الصبي بكاءه في صدره . ‏

    ‏قوله : ( واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة ) ‏
    ‏هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي ثم الساعدي , وكان كبير الخزرج في ذلك الوقت . وذكر ابن إسحاق في آخر السيرة أن أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل انحازوا إلى أبي بكر ومن معه وهؤلاء من الأوس . وفي حديث ابن عباس عن عمر " تخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة " فيجمع بأنهم اجتمعوا أولا ثم افترقوا , وذلك أن الخزرج والأوس كانوا فريقين , وكان بينهم في الجاهلية من الحروب ما هو مشهور , فزال ذلك بالإسلام وبقي من ذلك شيء في النفوس , فكأنهم اجتمعوا أولا , فلما رأى أسيد ومن معه من الأوس أبا بكر ومن معه افترقوا من الخزرج إيثارا لتأمير المهاجرين عليهم دون الخزرج . وفيه أن عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر . ‏

    ‏قوله : ( فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة ) ‏
    ‏في رواية ابن عباس المذكورة " فقلت له : يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار " وزاد أبو يعلى من رواية مالك عن الزهري فيه " فبينما نحن في منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل ينادي من وراء الجدار أن اخرج إلي يا ابن الخطاب , فقلت : إليك عني فإنا عنك مشاغيل يعني بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال له : إنه قد حدث أمر , فإن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوهم قبل أن يحدثوا أمرا يكون فيه حرب . فقلت لأبي بكر : انطلق - فذكره - قال فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان فقالا : لا عليكم ألا تقربوهم , واقضوا أمركم . قال فقلت : والله لآتينهم , فانطلقنا , فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل , فقلت : من هذا ؟ قالوا : " سعد بن عبادة " وذكر في آخر الحديث عن عروة أن الرجلين الذين لقياهم هما عويم بن ساعدة بن عباس بن قيس بن النعمان من بني مالك بن عوف , ومعن بن عدي بن الجعد بن العجلان حليفهم وهما من الأوس أيضا وكذا وقعت تسميتهما في رواية ابن عيينة عن الزهري , أخرجه الزبير بن بكار . ‏

    ‏قوله : ( فذهب عمر يتكلم , فأسكته أبو بكر إلخ ) ‏
    ‏وفي رواية ابن عباس " قال عمر : أردت أن أتكلم , وقد كنت زورت - أي هيأت وحسنت - مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر , وكنت أداري منه بعض الحد - أي الحدة - فقال : على رسلك , فكرهت أن أغضبه " . ‏

    ‏قوله : ( ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس ) ‏
    ‏بنصب أبلغ على الحال , ويجوز الرفع على الفاعلية , أي تكلم رجل هذه صفته . وقال السهيلي النصب أوجه ليكون تأكيدا لمدحه وصرف الوهم عن أن يكون أحد موصوفا بذلك غيره . وفي رواية ابن عباس قال : " قال عمر : والله ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت " . ‏

    ‏قوله : ( فقال في كلامه ) ‏
    ‏وقع في رواية حميد بن عبد الرحمن بيان ما قال في روايته " فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا ذكره " ووقع في رواية ابن عباس بيان بعض ذلك الكلام وهو " أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله , ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش , وهم أوسط العرب نسبا ودارا " وعرف المراد بقوله بعد في هذه الرواية " هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا " والمراد بالدار مكة , وقال الخطابي أراد بالدار أهل الدار ومنه قوله : " خير دور الأنصار بنو النجار " وقوله : " أحسابا " الحسب الفعال الحسان مأخوذ من الحساب إذا عدوا مناقبهم , فمن كان أكثر كان أعظم حسبا , ويقال النسب للآباء والحسب للأفعال . ‏

    ‏قوله : ( فقال حباب ) ‏
    ‏بضم المهملة وموحدتين الأولى خفيفة ‏
    ‏( ابن المنذر ) ‏
    ‏أي ابن عمرو بن الجموح الخزرجي ثم السلمي بفتحتين , وكان يقال له ذو الرأي . ‏

    ‏قوله : ( لا والله لا نفعل , منا أمير ومنكم أمير ) ‏
    ‏زاد في رواية ابن عباس أنه قال : " أنا جديلها المحكك , وعذيقها المرجب " وشرح هاتين الكلمتين أن العذيق بالذال المعجمة تصغير عذق وهو النخلة , والمرجب بالجيم والموحدة أي يدعم النخلة إذا كثر حملها , والجديل بالتصغير أيضا وبالجيم , والجدل عود ينصب للإبل الجرباء لتحتك فيه , والمحكك بكافين الأولى مفتوحة فأراد أنه يستشفى برأيه . ووقع عند ابن سعد من رواية يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد " فقام حباب بن المنذر وكان بدريا فقال : منا أمير ومنكم أمير , فإنا والله ما ننفس عليكم هذا الأمر , ولكنا نخاف أن يليه أقوام قتلنا آباءهم وإخوتهم . قال فقال له عمر : إذا كان ذلك فمت إن استطعت . قال فتكلم أبو بكر فقال : نحن الأمراء وأنتم الوزراء , وهذا الأمر بيننا وبينكم . قال فبايع الناس وأولهم بشير بن سعد والد النعمان " وعند أحمد من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد " فقام خطيب الأنصار فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استعمل رجلا منكم قرنه برجل منا , فتبايعوا على ذلك . فقام زيد بن ثابت فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين وإنما الإمام من المهاجرين , فنحن أنصار الله كما كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال أبو بكر : جزاكم الله خيرا فبايعوه " ووقع في آخر المغازي لموسى بن عقبة عن ابن شهاب أن أبا بكر قال في خطبته " وكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما ونحن عشيرته وأقاربه وذوو رحمه , ولن تصلح العرب إلا برجل من قريش , فالناس لقريش تبع , وأنتم إخواننا في كتاب الله , وشركاؤنا في دين الله , وأحب الناس إلينا , وأنتم أحق الناس بالرضا بقضاء الله , والتسليم لفضيلة إخوانكم , وأن لا تحسدوهم على خير " وقال فيه : " إن الأنصار قالوا أولا نختار رجلا من المهاجرين وإذا مات اخترنا رجلا من الأنصار , فإذا مات اخترنا رجلا من المهاجرين كذلك أبدا فيكون أجدر أن يشفق القرشي إذا زاغ أن ينقض عليه الأنصاري وكذلك الأنصاري . قال فقال عمر : لا والله لا يخالفنا أحد إلا قتلناه , فقام حباب بن المنذر فقال كما تقدم وزاد : وإن شئتم كررناها خدعة " أي أعدنا الحرب . قال فكثر القول حتى كاد أن يكون بينهم حرب فوثب عمر فأخذ بيد أبي بكر " , وعند أحمد من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال : " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في طائفة من المدينة - فذكر الحديث قال - فتكلم أبو بكر فقال : " والله لقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأنت قاعد : قريش ولاة هذا الأمر , فقال له سعد : صدقت " . ‏

    ‏قوله : ( هم أوسط العرب ) ‏
    ‏أي قريش . ‏

    ‏قوله : ( فبايعوا عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة ) ‏
    ‏في رواية ابن عباس عن عمر " وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة , فلم أكره مما قال غيرها " وقد استشكل قول أبي بكر هذا مع معرفته بأنه الأحق بالخلافة بقرينة تقديمه في الصلاة وغير ذلك , والجواب أنه استحيا أن يزكي نفسه فيقول مثلا رضيت لكم نفسي , وانضم إلى ذلك أنه علم أن كلا منهما لا يقبل ذلك , وقد أفصح عمر بذلك في القصة , وأبو عبيدة بطريق الأولى لأنه دون عمر في الفضل باتفاق أهل السنة , ويكفي أبا بكر كونه جعل الاختيار في ذلك لنفسه فلم ينكر ذلك عليه أحد , ففيه إيماء إلى أنه الأحق , فظهر أنه ليس في كلامه تصريح بتخليه من الأمر . ‏

    ‏قوله : ( فقال عمر : بل نبايعك أنت , فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ‏
    ‏قد أفرد بعض الرواة هذا القدر من هذا الحديث , فأخرجه الترمذي عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن إسماعيل بن أبي أويس شيخ المصنف فيه بهذا الإسناد " أن عمر قال لأبي بكر أنت سيدنا إلخ " وأخرجه ابن حبان من هذا الوجه , وهو أوضح ما يدخل في هذا الباب من هذا الحديث . ‏

    ‏قوله : ( فأخذ عمر بيده فبايعه ) ‏
    ‏في رواية ابن عباس عن عمر " قال فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خشينا الاختلاف , فقلت ابسط يدك يا أبا بكر , فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم الأنصار " وفي مغازي موسى بن عقبة عن ابن شهاب " قال فقام أسيد بن الحضير وبشير بن سعد وغيرهما من الأنصار فبايعوا أبا بكر , ثم وثب أهل السقيفة يبتدرون البيعة " ووقع في حديث سالم بن عبيد عند البزار في قصة الوفاة " فقالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير , فقال عمر - وأخذ بيد أبي بكر - أسيفان في غمد واحد ؟ لا يصطلحان , وأخذ بيد أبي بكر فقال : من له هذه الثلاثة ؟ ( إذ هما في الغار ) من هما ؟ ( إذ يقول لصاحبه ) من صاحبه ؟ ( إن الله معنا ) مع من ؟ ثم بسط يده فبايعه ثم قال : بايعوه , فبايعه الناس " . ‏

    ‏قوله : ( فقال قائل : قتلتم سعد بن عبادة ) ‏
    ‏أي كدتم تقتلونه , وقيل : هو كناية عن الإعراض والخذلان , ويرده ما وقع في رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب " فقال قائل من الأنصار : أبقوا سعد بن عبادة لا تطئوه , فقال عمر : اقتلوه قتله الله " . نعم لم يرد عمر الأمر بقتله حقيقة , وأما قوله " قتله الله " فهو دعاء عليه , وعلى الأول هو إخبار عن إهماله والإعراض عنه , وفي حديث مالك " فقلت وأنا مغضب قتل الله سعدا فإنه صاحب شر وفتنة " قال ابن التين : إنما قالت الأنصار " منا أمير ومنكم أمير " على ما عرفوه من عادة العرب أن لا يتأمر على القبيلة إلا من يكون منها , فلما سمعوا حديث " الأئمة من قريش " رجعوا عن ذلك وأذعنوا . قلت حديث : " الأئمة من قريش " سيأتي ذكر من أخرجه بهذا اللفظ في كتاب الأحكام , ولم يقع في هذه القصة إلا بمعناه , وقد جمعت طرقه عن نحو أربعين صحابيا لما بلغني أن بعض فضلاء العصر ذكر أنه لم يرو إلا عن أبي بكر الصديق . واستدل به الداودي على أن إقامة الخليفة سنة مؤكدة لأنهم أقاموا مدة لم يكن لهم إمام حتى بويع أبو بكر , وتعقب بالاتفاق على فرضيتها وبأنهم تركوا لأجل إقامتها أعظم المهمات وهو التشاغل بدفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى فرغوا منها , والمدة المذكورة زمن يسير في بعض يوم يغتفر مثله لاجتماع الكلمة , واستدل بقول الأنصار " منا أمير ومنكم أمير " على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف , وبذلك صرح عمر كما سيأتي ; ووجه الدلالة أنهم قالوا ذلك في مقام من لا يخاف شيئا ولا يتقيه , وكذلك ما أخرجه مسلم عن ابن أبي مليكة " سألت عائشة : من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفا ؟ قالت : أبو بكر . قيل : ثم من ؟ قالت : عمر . قيل : ثم من ؟ قالت : أبو عبيدة بن الجراح " ووجدت في الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق ما يدل على أنه هو الذي سأل عائشة عن ذلك . قال القرطبي في " المفهم " : لو كان عند أحد من المهاجرين والأنصار نص من النبي صلى الله عليه وسلم على تعيين أحد بعينه للخلافة لما اختلفوا في ذلك ولا تفاوضوا فيه , قال : وهذا قول جمهور أهل السنة , واستند من قال إنه نص على خلافة أبي بكر بأصول كلية وقرائن حالية تقتضي أنه أحق بالإمامة وأولى بالخلافة . قلت : وقد تقدم بعضها في ترجمته , وسيأتي بعضها في الوفاة النبوية آخر المغازي إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله : ( قال عبد الله بن سالم ) ‏
    ‏هو الحمصي الأشعري , تقدم ذكره في المزارعة , والزبيدي هو محمد بن الوليد صاحب الزهري , وعبد الرحمن بن القاسم أي ابن أبي بكر الصديق . وهذه الطريق لم يوردها البخاري إلا معلقة ولم يسقها بتمامها , وقد وصلها الطبراني في مسند الشاميين , وقوله : " شخص " بفتح المعجمتين ثم مهملة أي ارتفع , وقوله : " وقص الحديث " يعني فيما يتعلق بالوفاة , وقول عمر : ( إنه لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيدي رجال من المنافقين وأرجلهم ) وقول أبي بكر : ( إنه مات ) وتلاوته الآيتين كما تقدم . ‏
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:30

    ‏قوله : ( قالت عائشة فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها ) ‏
    ‏أي من خطبتي أبي بكر وعمر , و " من " الأولى تبعيضية أو بيانية , والثانية زائدة , ثم شرحت ذلك فقالت : ( لقد خوف عمر الناس ) أي بقوله المذكور , ووقع في رواية الأصيلي " لقد خوف أبو بكر الناس " وهو غلط , وقولها : ( وإن فيهم لنفاقا ) أي إن في بعضهم منافقين , وهم الذين عرض بهم عمر في قوله المتقدم . ووقع في رواية الحميدي في الجمع بين الصحيحين " وإن فيهم لتقى " فقيل إنه من إصلاحه , وإنه ظن أن قوله : " وإن فيهم لنفاقا " تصحيف فصيره " لتقى " كأنه استعظم أن يكون في المذكورين نفاقا . وقال عياض : لا أدري هو إصلاح منه أو رواية ؟ وعلى الأول فلا استعظام , فقد ظهر في أهل الردة ذلك , ولا سيما عند الحادث العظيم الذي أذهل عقول الأكابر فكيف بضعفاء الإيمان , فالصواب ما في النسخ انتهى . وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق البخاري وقال فيه " إن فيهم لنفاقا " .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن كثير ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏جامع بن أبي راشد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو يعلى ‏ ‏عن ‏ ‏محمد بن الحنفية ‏ ‏قال قلت ‏ ‏لأبي ‏
    ‏أي الناس خير بعد رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏قلت ثم من قال ثم ‏ ‏عمر ‏ ‏وخشيت أن يقول ‏ ‏عثمان ‏ ‏قلت ثم أنت قال ما أنا إلا رجل من المسلمين ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا أبو يعلى ) ‏
    ‏هو منذر بن يعلى الكوفي الثوري , وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه , والإسناد كله كوفيون , ومحمد ابن الحنفية هو ابن علي بن أبي طالب , واسم الحنفية خولة بنت جعفر كما تقدم . ‏

    ‏قوله : ( قلت لأبي : أي الناس خير ؟ ) ‏
    ‏في رواية محمد بن سوقة عن منذر عن محمد بن علي " قلت لأبي : يا أبتي من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أوما تعلم يا بني ؟ قلت : لا , قال : أبو بكر " أخرجه الدارقطني , وفي رواية الحسن بن محمد ابن الحنفية عن أبيه " قال : سبحان الله يا بني , أبو بكر " , وفي رواية أبي جحيفة عند أحمد " قال لي علي : يا أبا جحيفة ألا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها ؟ قلت : بلى , قال : ولم أكن أرى أن أحدا أفضل منه " وقال في آخره " وبعدهما آخر ثالث لم يسمه " , وفي رواية للدارقطني في الفضائل من طريق أبي الضحى عن أبي جحيفة " وإن شئتم أخبرتكم بخير الناس بعد عمر " فلا أدري أستحيا أن يذكر نفسه أو شغله الحديث . ‏

    ‏قوله : ( وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت , قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين ) ‏
    ‏في رواية محمد بن سوقة " ثم عجلت للحداثة فقلت : ثم أنت يا أبتي , فقال : أبوك رجل من المسلمين " زاد في رواية الحسن بن محمد " لي ما لهم وعلي ما عليهم " وهذا قاله علي تواضعا مع معرفته حين المسألة المذكورة أنه خير الناس يومئذ لأن ذلك كان بعد قتل عثمان , وأما خشية محمد ابن الحنفية أن يقول عثمان فلأن محمدا كان يعتقد أن أباه أفضل , فخشي أن عليا يقول عثمان على سبيل التواضع منه والهضم لنفسه فيضطرب حال اعتقاده ولا سيما وهو في سن الحداثة كما أشار إليه في الرواية المذكورة . وروى خيثمة في " فضائل الصحابة " من طريق عبيد بن أبي الجعد عن أبيه أن عليا قال , فذكر هذا الحديث وزاد " ثم قال : ألا أخبركم بخير أمتكم بعد عمر ؟ ثم سكت , فظننا أنه يعني نفسه " وفي رواية عبيد خبر عن علي أنه قال ذلك بعد وقعة النهروان وكانت في سنة ثمان وثلاثين , وزاد في آخر حديثه " أحدثنا أمورا يفعل الله فيها ما يشاء " وأخرج ابن عساكر في ترجمة عثمان من طريق ضعيفة في هذا الحديث أن عليا قال : " إن الثالث عثمان " ومن طريق أخرى أن أبا جحيفة قال : " فرجعت الموالي يقولون : كنى عن عثمان , والعرب تقول : كنى عن نفسه " وهذا يبين أنه لم يصرح بأحد , وقد سبق بيان الاختلاف في أي الرجلين أفضل بعد أبي بكر وعمر : عثمان أو علي ؟ وأن الإجماع انعقد بآخره بين أهل السنة أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة , رضي الله عنهم أجمعين . قال القرطبي في " المفهم " ما ملخصه : الفضائل جمع فضيلة , وهي الخصلة الجميلة التي يحصل لصاحبها بسببها شرف وعلو منزلة إما عند الحق وإما عند الخلق , والثاني لا عبرة به إلا إن أوصل إلى الأول , فإذا قلنا فلان فاضل فمعناه أن له منزلة عند الله , وهذا لا توصل إليه إلا بالنقل عن الرسول , فإذا جاء ذلك عنه إن كان قطعيا قطعنا به أو ظنيا عملنا به , وإذا لم نجد الخبر فلا خفاء أنا إذا رأينا من أعانه الله على الخير ويسر له أسبابه أنا نرجو حصول تلك المنزلة له لما جاء في الشريعة من ذلك , قال : وإذا تقرر ذلك فالمقطوع به بين أهل السنة بأفضلية أبي بكر ثم عمر , ثم اختلفوا فيمن بعدهما : فالجمهور على تقديم عثمان , وعن مالك التوقف , والمسألة اجتهادية , ومستندها أن هؤلاء الأربعة اختارهم الله تعالى لخلافة نبيه وإقامة دينه فمنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة والله أعلم .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏قتيبة بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحمن بن القاسم ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏أنها قالت ‏
    ‏خرجنا مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في بعض أسفاره حتى إذا كنا ‏ ‏بالبيداء ‏ ‏أو ‏ ‏بذات الجيش ‏ ‏انقطع عقد لي فأقام رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏فقالوا ألا ترى ما صنعت ‏ ‏عائشة ‏ ‏أقامت برسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏ورسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏على فخذي فنام رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله ‏ ‏آية التيمم ‏ ‏فتيمموا فقال ‏ ‏أسيد بن الحضير ‏ ‏ما هي بأول بركتكم يا آل ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏فقالت ‏ ‏عائشة ‏ ‏فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث عائشة في نزول آية التيمم , وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب التيمم , والغرض منه قول أسيد بن الحضير في آخره " ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر " وقد تقدم هناك ذكر ألفاظ أخرى تدل على فضلهم .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏آدم بن أبي إياس ‏ ‏حدثنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏ذكوان ‏ ‏يحدث عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
    ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل ‏ ‏أحد ‏ ‏ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ‏
    ‏تابعه ‏ ‏جرير ‏ ‏وعبد الله بن داود ‏ ‏وأبو معاوية ‏ ‏ومحاضر ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    حديث أبي سعيد . ‏

    ‏قوله : ( سمعت ذكوان ) ‏
    ‏هو أبو صالح السمان . ‏

    ‏قوله : ( عن أبي سعيد ) ‏
    ‏في رواية أخرى سأبينها " عن أبي هريرة " والأول أولى كما سيأتي . ‏

    ‏قوله : ( لا تسبوا أصحابي ) ‏
    ‏وقع في رواية جرير ومحاضر عن الأعمش - وكذا في رواية عاصم عن أبي صالح - ذكر سبب لهذا الحديث , وهو ما وقع في أوله قال : " كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيء , فسبه خالد " , فذكر الحديث وسيأتي بيان من أخرجه . ‏

    ‏قوله : ( فلو أن أحدكم ) ‏
    ‏فيه إشعار بأن المراد بقوله أولا " أصحابي " أصحاب مخصوصون , وإلا فالخطاب كان للصحابة , وقد قال " لو أن أحدكم أنفق " وهذا كقوله تعالى : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ) الآية , ومع ذلك فنهي بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه بذلك عن سب من سبقه يقتضي زجر من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى , وغفل من قال إن الخطاب بذلك لغير الصحابة وإنما المراد من سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل تنزيلا لمن سيوجد منزلة الموجود للقطع بوقوعه , ووجه التعقب عليه وقوع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد وهو من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق . ‏

    ‏قوله : ( أنفق مثل أحد ذهبا ) ‏
    ‏زاد البرقاني في " المصافحة " من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش " كل يوم " قال : وهي زيادة حسنة . ‏

    ‏قوله : ( مد أحدهم ولا نصيفه ) ‏
    ‏أي المد من كل شيء , والنصيف بوزن رغيف هو النصف كما يقال عشر وعشير وثمن وثمين , وقيل النصيف مكيال دون المد , والمد بضم الميم مكيال معروف ضبط قدره في كتاب الطهارة , وحكى الخطابي أنه روي بفتح الميم قال : والمراد به الفضل والطول , وقد تقدم في أول " باب فضائل الصحابة " تقرير أفضلية الصحابة عمن بعدهم , وهذا الحديث دال لما وقع الاختيار له مما تقدم من الاختلاف والله أعلم . قال البيضاوي : معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه . وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية . قلت : وأعظم من ذلك في سبب الأفضلية عظم موقع ذلك لشدة الاحتياج إليه , وأشار بالأفضلية بسبب الإنفاق إلى الأفضلية بسبب القتال كما وقع في الآية ( من أنفق من قبل الفتح وقاتل ) فإن فيها إشارة إلى موقع السبب الذي ذكرته , وذلك أن الإنفاق والقتال كان قبل فتح مكة عظيما لشدة الحاجة إليه وقلة المعتنى به بخلاف ما وقع بعد ذلك لأن المسلمين كثروا بعد الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا , فإنه لا يقع ذلك الموقع المتقدم . والله أعلم . ‏
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:31

    ‏قوله : ( تابعه جرير ) ‏
    ‏هو ابن عبد الحميد , وعبد الله بن داود هو الخريبي بالمعجمة والموحدة مصغر , وأبو معاوية هو الضرير , ومحاضر بمهملة ثم معجمة بوزن مجاهد , عن الأعمش أي عن أبي صالح عن أبي سعيد , فأما رواية جرير فوصلها مسلم وابن ماجه وأبو يعلى وغيرهم , وأما رواية محاضر فرويناها موصولة في " فوائد أبي الفتح الحداد " من طريق أحمد بن يونس الضبي عن محاضر المذكور فذكره مثل رواية جرير , لكن قال بين خالد بن الوليد وبين أبي بكر بدل عبد الرحمن بن عوف وقول جرير أصح , وقد وقع كذلك في رواية عاصم عن أبي صالح الآتي ذكرها , وأما رواية عبد الله بن داود فوصلها مسدد في مسنده عنه وليس فيه القصة , وكذا أخرجها أبو داود عن مسدد , وأما رواية أبي معاوية فوصلها أحمد عند هكذا , وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب ويحيى بن يحيى ثلاثتهم عن أبي معاوية لكن قال فيه : " عن أبي هريرة " بدل أبي سعيد وهو وهم كما جزم به خلف وأبو مسعود وأبو علي الجياني وغيرهم , قال المزي : كأن مسلما وهم في حال كتابته فإنه بدأ بطريق أبي معاوية , ثم ثنى بحديث جرير فساقه بإسناده ومتنه , ثم ثلث بحديث وكيع وربع بحديث شعبة ولم يسق إسنادهما بل قال بإسناد جرير وأبي معاوية , فلولا أن إسناد جرير وأبي معاوية عنده واحد لما أحال عليهما معا فإن طريق وكيع وشعبة جميعا تنتهي إلى أبي سعيد دون أبي هريرة اتفاقا , انتهى كلامه . وقد أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة أحد شيوخ مسلم فيه في مسنده ومصنفه عن أبي معاوية فقال : " عن أبي سعيد " كما قال أحمد , وكذا رويناه من طريق أبي نعيم في " المستخرج " من رواية عبيد بن غنام عن أبي بكر بن أبي شيبة , وأخرجه أبو نعيم أيضا من رواية أحمد ويحيى بن عبد الحميد وأبي خيثمة وأحمد بن جواس كلهم عن أبي معاوية فقال : " عن أبي سعيد " وقال بعده " أخرجه مسلم عن أبي بكر وأبي كريب ويحيى بن يحيى " فدل على أن الوهم وقع فيه ممن دون مسلم إذ لو كان عنده عن أبي هريرة لبينه أبو نعيم , ويقوي ذلك أيضا أن الدارقطني مع جزمه في " العلل " بأن الصواب أنه من حديث أبي سعيد لم يتعرض في تتبعه أوهام الشيخين إلى رواية أبي معاوية هذه , وقد أخرجه أبو عبيدة في " غريب الحديث " والجوزقي من طريق عبد الله بن هاشم وخيثمة من طريق سعيد بن يحيى والإسماعيلي وابن حبان من طريق علي بن الجعد كلهم عن أبي معاوية فقالوا : " عن أبي سعيد " وأخرجه ابن ماجه عن أبي كريب أحد شيوخ مسلم فيه أيضا عن أبي معاوية فقال : " عن أبي سعيد " كما قال الجماعة , إلا أنه وقع في بعض النسخ عن ابن ماجه اختلاف : ففي بعضها عن أبي هريرة وفي بعضها عن أبي سعيد , والصواب عن أبي سعيد لأن ابن ماجه جمع في سياقه بين جرير ووكيع وأبي معاوية ولم يقل أحد في رواية وكيع وجرير إنها عن أبي هريرة , وكل من أخرجها من المصنفين والمخرجين أورده عنهما من حديث أبي سعيد , وقد وجدته في نسخة قديمة جدا من ابن ماجه قرئت في سنة بضع وسبعين وثلثمائة وهي في غاية الإتقان وفيها " عن أبي سعيد " واحتمال كون الحديث عند أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد وأبي هريرة جميعا مستبعد , إذ لو كان كذلك لجمعهما ولو مرة , فلما كان غالب ما وجد عنه ذكر أبي سعيد دون ذكر أبي هريرة دل على أن في قول من قال عنه " عن أبي هريرة " شذوذا والله أعلم , وقد جمعهما أبو عوانة عن الأعمش ذكره الدارقطني وقال في العلل رواه مسدد وأبو كامل وشيبان عن أبي عوانة كذلك , ورواه عفان ويحيى بن حماد عن أبي عوانة فلم يذكرا فيه أبا سعيد , قال : ورواه زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة , وكذلك قال نصر بن علي عن عبد الله بن داود , قال والصواب من روايات الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد لا عن أبي هريرة , قال : وقد رواه عاصم عن أبي صالح فقال عن أبي هريرة والصحيح عن أبي صالح عن أبي سعيد انتهى , وقد سبق إلى ذلك علي بن المديني فقال في " العلل " : رواه الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد , ورواه عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة , قال والأعمش أثبت في أبي صالح من عاصم , فعرف من كلامه أن من قال فيه عن أبي صالح عن أبي هريرة فقد شذ , وكأن سبب ذلك شهرة أبي صالح بالرواية عن أبي هريرة فيسبق إليه الوهم ممن ليس بحافظ , وأما الحفاظ فيميزون ذلك . ورواية زيد بن أبي أنيسة التي أشار إليها الدارقطني أخرجها الطبراني في " الأوسط " قال : ولم يروه عن الأعمش إلا زيد بن أبي أنيسة , ورواه شعبة وغيره عن الأعمش فقالوا : " عن أبي سعيد " انتهى . وأما رواية عاصم فأخرجها النسائي في " الكبرى " والبزار في مسنده وقال : ولم يروه عن عاصم إلا زائدة , وممن رواه عن الأعمش فقال : " عن أبي سعيد " أبو بكر بن عياش عند عبد بن حميد , ويحيى بن عيسى الرملي عند أبي عوانة , وأبو الأحوص عند ابن أبي خيثمة , وإسرائيل عند تمام الرازي . وأما ما حكاه الدارقطني عن رواية أبي عوانة فقد وقع لي من رواية مسدد وأبي كامل وشيبان عنه على الشك , قال في روايته : " عن أبي سعيد أو أبي هريرة " وأبو عوانة كان يحدث من حفظه فربما وهم , وحديثه من كتابه أثبت , ومن لم يشك أحق بالتقديم ممن شك , والله أعلم . وقد أمليت على هذا الموضع جزءا مفردا لخصت مقاصده هنا بعون الله تعالى . ‏
    ‏( تكملة ) : ‏
    ‏اختلف في ساب الصحابي , فقال عياض : ذهب الجمهور إلى أنه يعزر , وعن بعض المالكية يقتل , وخص بعض الشافعية ذلك بالشيخين والحسنين فحكى القاضي حسين في ذلك وجهين , وقواه السبكي في حق من كفر الشيخين , وكذا من كفر من صرح النبي صلى الله عليه وسلم بإيمانه أو تبشيره بالجنة إذا تواتر الخبر بذلك عنه لما تضمن من تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن مسكين أبو الحسن ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى بن حسان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سليمان ‏ ‏عن ‏ ‏شريك بن أبي نمر ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏أبو موسى الأشعري ‏
    ‏أنه توضأ في بيته ثم خرج فقلت لألزمن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ولأكونن معه يومي هذا قال فجاء المسجد فسأل عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقالوا خرج ووجه ها هنا فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل ‏ ‏بئر أريس ‏ ‏فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حاجته فتوضأ فقمت إليه فإذا هو جالس على ‏ ‏بئر أريس ‏ ‏وتوسط ‏ ‏قفها ‏ ‏وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت لأكونن بواب رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏اليوم فجاء ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فدفع الباب فقلت من هذا فقال ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فقلت ‏ ‏على رسلك ‏ ‏ثم ذهبت فقلت يا رسول الله هذا ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏يستأذن فقال ‏ ‏ائذن له وبشره بالجنة فأقبلت حتى قلت ‏ ‏لأبي بكر ‏ ‏ادخل ورسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يبشرك بالجنة فدخل ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فجلس عن يمين رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وكشف عن ساقيه ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت إن يرد الله ‏ ‏بفلان ‏ ‏خيرا يريد أخاه يأت به فإذا إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏فقلت ‏ ‏على رسلك ‏ ‏ثم جئت إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فسلمت عليه فقلت هذا ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فجئت فقلت ادخل وبشرك رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بالجنة فدخل فجلس مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر ثم رجعت فجلست فقلت إن يرد الله ‏ ‏بفلان ‏ ‏خيرا يأت به فجاء إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال ‏ ‏عثمان بن عفان ‏ ‏فقلت ‏ ‏على رسلك ‏ ‏فجئت إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأخبرته فقال ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فجئته فقلت له ادخل وبشرك رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بالجنة على بلوى تصيبك فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس وجاهه من الشق الآخر ‏
    ‏قال ‏ ‏شريك بن عبد الله ‏ ‏قال ‏ ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏فأولتها قبورهم ‏


    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( عن شريك بن أبي نمر ) ‏
    ‏هو ابن عبد الله , وأبو نمر جده . ‏

    ‏قوله : ( خرج ووجه ها هنا ) ‏
    ‏كذا للأكثر بفتح الواو وتشديد الجيم أي توجه أو وجه نفسه , وفي رواية الكشميهني بسكون الجيم بلفظ الاسم مضافا إلى الظرف أي جهة كذا . ‏

    ‏قوله : ( حتى دخل بئر أريس ) ‏
    ‏بفتح الألف وكسر الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة : بستان بالمدينة معروف يجوز فيه الصرف وعدمه , وهو بالقرب من قباء . وفي بئرها سقط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من إصبع عثمان رضي الله عنه . ‏

    ‏قوله : ( وتوسط قفها ) ‏
    ‏بضم القاف وتشديد الفاء هو الداكة التي تجعل حول البئر , وأصله ما غلظ من الأرض وارتفع , والجمع قفاف . ووقع في رواية عثمان بن غياث عن أبي عثمان عند مسلم " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط من حوائط المدينة وهو متكئ ينكت بعود معه بين الماء والطين " . ‏

    ‏قوله : ( فقلت لأكونن بوابا للنبي صلى الله عليه وسلم اليوم ) ‏
    ‏ظاهره أنه اختار ذلك وفعله من تلقاء نفسه , وقد صرح بذلك في رواية محمد بن جعفر عن شريك في الأدب فزاد فيه " ولم يأمرني " قال ابن التين : فيه أن المرء يكون بوابا للإمام وإن لم يأمره , كذا قال . وقد وقع في رواية أبي عثمان الآتية في مناقب عثمان عن أبي موسى " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمره بحفظ باب الحائط " ووقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب في هذا الحديث " فقال : يا أبا موسى املك علي الباب , فانطلق فقضى حاجته وتوضأ , ثم جاء فقعد على قف البئر " أخرجه أبو عوانة في صحيحه والروياني في مسنده , وفي رواية الترمذي من طريق أبي عثمان عن أبي موسى " فقال لي : يا أبا موسى املك علي الباب فلا يدخلن علي أحد " فيجمع بينهما بأنه لما حدث نفسه بذلك صادف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحفظ عليه الباب , وأما قوله : " ولم يأمرني " فيريد أنه لم يأمره أن يستمر بوابا , وإنما أمره بذلك قدر ما يقضي حاجته ويتوضأ ثم استمر هو من قبل نفسه , وسيأتي له توجيه آخر في خبر الواحد , فبطل أن يستدل به لما قاله ابن التين , والعجب أنه نقل ذلك بعد عن الداودي وهذا من مختلف الحديث , وكأنه خفي عليه وجه الجمع الذي قررته . ثم إن قول أبي موسى هذا لا يعارض قول أنس أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له بواب كما سبق في كتاب الجنائز لأن مراد أنس أنه لم يكن له بواب مرتب لذلك على الدوام . ‏

    ‏قوله : ( فدفع الباب ) ‏
    ‏في رواية أبي بكر " فجاء رجل يستأذن " . ‏

    ‏قوله : ( يبشرك بالجنة ) ‏
    ‏زاد أبو عثمان في روايته " فحمد الله " وكذا قال في عمر . ‏

    ‏قوله : ( وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني ) ‏
    ‏كان لأبي موسى أخوان أبو رهم وأبو بردة , وقيل إن له أخا آخر اسمه محمد , وأشهرهم أبو بردة واسمه عامر , وقد خرج عنه أحمد في مسنده حديثا . ‏

    ‏قوله : ( فإذا إنسان يحرك الباب ) ‏
    ‏فيه حسن الأدب في الاستئذان , قال ابن التين . ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول قوله : ( لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا ) . قلت : وما أبعد ما قال , فقد وقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة " فجاء رجل فاستأذن " وسيأتي في آخر مناقب عمر من طريق أبي عثمان النهدي عن أبي موسى بلفظ " فجاء رجل فاستفتح " فعرف أن قوله : " يحرك الباب " إنما حركه مستأذنا لا دافعا له ليدخل بغير إذن . ‏

    ‏قوله : ( فقال : عثمان , فقلت : على رسلك , فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته , فقال : ائذن له ) ‏
    ‏في رواية أبي عثمان " ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنية ثم قال ائذن له " . ‏

    ‏قوله : ( وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبك ) ‏
    ‏في رواية أبي عثمان " فحمد الله ثم قال : الله المستعان " وفي رواية عند أحمد " فجعل يقول : اللهم صبرا , حتى جلس " وفي رواية عبد الرحمن بن حرملة " فدخل وهو يحمد الله ويقول : اللهم صبرا " ووقع في حديث زيد بن أرقم عند البيهقي في " الدلائل " قال : " بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : انطلق حتى تأتي أبا بكر فقل له : إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك : أبشر بالجنة . ثم انطلق إلى عمر كذلك , ثم انطلق إلى عثمان كذلك وزاد : بعد بلاء شديد . قال فانطلق فذكر أنه وجدهم على الصفة التي قال له وقال : أين نبي الله ؟ قلت في مكان كذا وكذا , فانطلق إليه . وقال في عثمان فأخذ بيدي حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن زيدا قال لي كذا , والذي بعثك بالحق ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك , فأي بلاء يصيبني ؟ قال هو ذاك " قال البيهقي إسناده ضعيف , فإن كان محفوظا احتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أرسل زيد بن أرقم قبل أن يجيء أبو موسى , فلما جاءوا كان أبو موسى قد قعد على الباب فراسلهم على لسانه بنحو ما أرسل به إليهم زيد بن أرقم والله أعلم . قلت : ووقع نحو قصة أبي موسى لبلال وذلك فيما أخرجه أبو داود من طريق إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي قال : " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا من حوائط المدينة فقال لبلال : أمسك علي الباب , فجاء أبو بكر يستأذن " فذكر نحوه . وأخرجه الطبراني في " الأوسط " من حديث أبي سعيد نحوه . وهذا إن صح حمل على التعدد . ثم ظهر لي أن فيه وهما من بعض رواته , فقد أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو وفي حديثه أن نافع بن عبد الحارث هو الذي كان يستأذن , وهو وهم أيضا , فقد رواه أحمد من طريق موسى بن عقبة عن أبي سلمة عن نافع فذكره وفيه " فجاء أبو بكر فاستأذن فقال لأبي موسى فيما أعلم ائذن له " وأخرجه النسائي من طريق أبي الزناد عن أبي سلمة عن نافع بن عبد الحارث عن أبي موسى وهو الصواب , فرجع الحديث إلى أبي موسى واتحدت القصة والله أعلم . وأشار صلى الله عليه وسلم بالبلوى المذكورة إلى ما أصاب عثمان في آخر خلافته من الشهادة يوم الدار , وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أصرح من هذا فروى أحمد من طريق كليب بن وائل عن ابن عمر قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة , فمر رجل فقال : يقتل فيها هذا يومئذ ظلما , قال فنظرت فإذا هو عثمان " إسناده صحيح . ‏

    ‏قوله : ( فجلس وجاهه ) ‏
    ‏بضم الواو وبكسرها أي مقابله . ‏
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: فضائل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.06.08 6:32

    ‏قوله : ( قال شريك ) ‏
    ‏هو موصول بالإسناد الماضي . ‏
    ‏قوله : ( قال سعيد بن المسيب : فأولتها قبورهم ) فيه وقوع التأويل في اليقظة وهو الذي يسمى الفراسة والمراد اجتماع الصاحبين مع النبي صلى الله عليه وسلم في الدفن وانفراد عثمان عنهم في البقيع , وليس المراد خصوص صورة الجلوس الواقعة . وقد وقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب " قال سعيد : فأولت ذلك انتباذ قبره من قبورهم " وسيأتي في الفتن بلفظ " اجتمعت هاهنا وانفرد عثمان " ولو ثبت الخبر الذي أخرجه أبو نعيم عن عائشة في صفة القبور الثلاثة أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره لكان فيه تمام التشبيه , ولكن سنده ضعيف , وعارضه ما هو أصح منه . وأخرج أبو داود والحاكم من طريق القاسم بن محمد قال : " قلت لعائشة : يا أماه اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه , فكشفت لي " الحديث وفيه " فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أبو بكر رأسه بين كتفيه , وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم " .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

    ‏حدثني ‏ ‏محمد بن بشار ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏قتادة ‏ ‏أن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏حدثهم ‏
    ‏أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏صعد ‏ ‏أحدا ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏وعمر ‏ ‏وعثمان ‏ ‏فرجف بهم فقال ‏ ‏اثبت ‏ ‏أحد ‏ ‏فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا يحيى ) ‏
    ‏هو ابن سعيد القطان وسعيد هو ابن أبي عروبة . ‏

    ‏قوله : ( صعد أحدا ) ‏
    ‏هو الجبل المعروف بالمدينة , ووقع في رواية لمسلم ولأبي يعلى من وجه آخر عن سعيد " حراء " والأول أصح , ولولا اتحاد المخرج لجوزت تعدد القصة , ثم ظهر لي أن الاختلاف فيه من سعيد , فإني وجدته في مسند الحارث بن أبي أسامة عن روح بن عبادة عن سعيد فقال فيه : " أحدا أو حراء " بالشك , وقد أخرجه أحمد من حديث بريدة بلفظ " حراء " وإسناده صحيح , وأخرجه أبو يعلى من حديث سهل بن سعد بلفظ " أحد " وإسناده صحيح , فقوى احتمال تعدد القصة , وتقدم في أواخر الوقف من حديث عثمان أيضا نحوه وفيه " حراء " , وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة ما يؤيد تعدد القصة فذكر أنه كان على حراء ومعه المذكورون هنا وزاد معهم غيرهم , والله أعلم . ‏

    ‏قوله : ( وأبو بكر وعمر ) ‏
    ‏قال ابن التين : إنما رفع أبو بكر عطفا على الضمير المرفوع الذي في " صعد " وهو جائز اتفاقا لوجود الحائل وهو قوله : " أحدا " وهو بخلاف قوله الآتي في آخر الباب " كنت وأبو بكر وعمر . وقوله : " اثبت " وقع في مناقب عمر " فضربه برجله وقال اثبت " بلفظ الأمر من الثبات وهو الاستقرار , وأحد منادى ونداؤه وخطابه يحتمل المجاز , وحمله على الحقيقة أولى . وقد تقدم شيء منه في قوله : " أحد جبل يحبنا ونحبه " ويؤيده ما وقع في مناقب عمر أنه ضربه برجله وقال اثبت . ‏

    ‏قوله : ( فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) ‏
    ‏في رواية يزيد بن زريع عن سعيد الآتية في مناقب عمر " فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " و " أو " فيها للتنويع و " شهيد " للجنس .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

    ‏حدثني ‏ ‏أحمد بن سعيد أبو عبد الله ‏ ‏حدثنا ‏ ‏وهب بن جرير ‏ ‏حدثنا ‏ ‏صخر ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏أن ‏ ‏عبد الله بن عمر ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال ‏
    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بينما أنا على بئر أنزع منها جاءني ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏وعمر ‏ ‏فأخذ ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏الدلو فنزع ‏ ‏ذنوبا ‏ ‏أو ‏ ‏ذنوبين ‏ ‏وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها ‏ ‏ابن الخطاب ‏ ‏من يد ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏فاستحالت في يده غربا ‏ ‏فلم أر عبقريا من الناس ‏ ‏يفري ‏ ‏فريه ‏ ‏فنزع حتى ‏ ‏ضرب الناس بعطن ‏
    ‏قال ‏ ‏وهب ‏ ‏العطن مبرك الإبل يقول حتى رويت الإبل فأناخت ‏




    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا أحمد بن سعيد أبو عبد الله ) ‏
    ‏هو الرباطي واسم جده إبراهيم , وأما السرخسي فكنيته أبو جعفر , واسم جده صخر . ‏

    ‏قوله : ( حدثنا صخر ) ‏
    ‏هو ابن جويرية . ‏

    ‏قوله : ( بينا أنا على بئر ) ‏
    ‏أي في المنام كما تقدم التصريح به في هذا الباب من حديث أبي هريرة " بينا أنا نائم " وسبق من وجه آخر عن ابن عمر قبل مناقب الصحابة بباب " رأيت الناس مجتمعين في صعيد واحد " ويأتي في مناقب عمر بلفظ " رأيت في المنام " . ‏

    ‏قوله : ( أنزع منها ) ‏
    ‏أي أملأ الماء بالدلو . ‏

    ‏قوله : ( فنزع ذنوبا أو ذنوبين ) ‏
    ‏بفتح المعجمة وبالنون وآخره موحدة : الدلو الكبيرة إذا كان فيها الماء واتفق من شرح هذا الحديث على أن ذكر الذنوب إشارة إلى مدة خلافته , وفيه نظر لأنه ولي سنتين وبعض سنة , فلو كان ذلك المراد لقال ذنوبين أو ثلاثة , والذي يظهر لي أن ذلك إشارة إلى ما فتح في زمانه من الفتوح الكبار وهي ثلاثة , ولذلك لم يتعرض في ذكر عمر إلى عدد ما نزعه من الدلاء وإنما وصف نزعه بالعظمة إشارة إلى كثرة ما وقع في خلافته من الفتوحات والله أعلم . وقد ذكر الشافعي تفسير هذا الحديث في " الأم " فقال بعد أن ساقه : ومعنى قوله : " وفي نزعه ضعف " قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والازدياد الذي بلغه عمر في طول مدته , انتهى . فجمع في كلامه ما تفرق في كلام غيره , ويؤيد ذلك ما وقع في حديث ابن مسعود في نحو هذه القصة فقال : " قال النبي صلى الله عليه وسلم : فاعبرها يا أبا بكر , فقال إلي الأمر من بعدك , ثم يليه عمر , قال : كذلك عبرها الملك " أخرجه الطبراني لكن في إسناده أيوب بن جابر وهو ضعيف . ‏

    ‏قوله : ( وفي نزعه ضعف ) ‏
    ‏أي أنه على مهل ورفق . ‏

    ‏قوله : ( والله يغفر له ) ‏
    ‏قال النووي : هذا دعاء من المتكلم , أي أنه لا مفهوم له . وقال غيره : فيه إشارة إلى قرب وفاة أبي بكر , وهو نظير قوله تعالى لنبيه عليه السلام ( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) فإنها إشارة إلى قرب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : ويحتمل أن يكون فيه إشارة إلى أن قلة الفتوح في زمانه لا صنع له فيه , لأن سببه قصر مدته , فمعنى المغفرة له رفع الملامة عنه . ‏

    ‏قوله : ( فاستحالت في يده غربا ) ‏
    ‏بفتح المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة , أي دلوا عظيمة . ‏

    ‏قوله : ( فلم أر عبقريا ) ‏
    ‏بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها قاف مفتوحة وراء مكسورة وتحتانية ثقيلة , والمراد به كل شيء بلغ النهاية , وأصله أرض يسكنها الجن ضرب بها العرب المثل في كل شيء عظيم , قيل : قرية يعمل فيها الثياب البالغة في الحسن , وسيأتي بقية ما فيه في مناقب عمر . ‏

    ‏قوله : ( يفري ) ‏
    ‏بفتح أوله وسكون الفاء وكسر الراء وسكون التحتانية , وقوله : " فريه " بفتح الفاء وكسر الراء وتشديد التحتانية المفتوحة , وروي بسكون الراء وخطأه الخليل , ومعناه يعمل عمله البالغ , ووقع في حديث أبي عمر ينزع نزع عمر . ‏

    ‏قوله : ( حتى ضرب الناس بعطن ) ‏
    ‏بفتح المهملتين وآخره نون , هو مناخ الإبل إذا شربت ثم صدرت , وسيأتي في مناقب عمر بلفظ " حتى روي الناس وضربوا بعطن " ووقع في حديث أبي الطفيل بإسناد حسن عند البزار والطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينا أنا أنزع الليلة إذ وردت علي غنم سود وعفر , فجاء أبو بكر فنزع " فذكره وقال في عمر " فملأ الحياض وأروى الواردة " وقال فيه " فأولت السود العرب والعفر العجم " . ‏

    ‏قوله : ( قال وهب ) ‏
    ‏هو ابن جرير شيخ شيخه في هذا الحديث , وكلامه هذا موصول بالسند المذكور , وقوله : " يقول حتى رويت الإبل فأناخت " هو مقول وهب المذكور , وسيأتي شيء من مباحثه في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى . قال البيضاوي : أشار بالبئر إلى الدين الذي هو منبع ماؤه حياة النفوس وتمام أمر المعاش والمعاد , والنزع منه إخراج الماء , وفيه إشارة إلى إشاعة أمره وإجراء أحكامه . وقوله : " يغفر الله له " إشارة إلى أن ضعفه - المراد به الرفق - غير قادح فيه , أو المراد بالضعف ما وقع في أيامه من أمر الردة واختلاف الكلمة إلى أن اجتمع ذلك في آخر أيامه وتكمل في زمان عمر , وإليه الإشارة بالقوة . وقد وقع عند أحمد من حديث سمرة " أن رجلا قال : يا رسول الله رأيت كأن دلوا من السماء دليت , فجاء أبو بكر فشرب شربا ضعيفا . ثم جاء عمر فشرب حتى تضلع " الحديث , ففي هذا إشارة إلى بيان المراد بالنزع الضعيف والنزع القوي , والله أعلم
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ‏حدثني ‏ ‏الوليد بن صالح ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عيسى بن يونس ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي ‏ ‏عن ‏ ‏ابن أبي مليكة ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال ‏
    ‏إني لواقف في قوم فدعوا الله ‏ ‏لعمر بن الخطاب ‏ ‏وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيرا ما كنت أسمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏كنت ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏وعمر ‏ ‏وفعلت ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏وعمر ‏ ‏وانطلقت ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏وعمر ‏ ‏فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فالتفت فإذا هو ‏
    ‏علي بن أبي طالب ‏




    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا الوليد بن صالح ) ‏
    ‏هو أبو محمد الضبي الحزري النخاس بالنون والخاء المعجمة , وثقه أبو حاتم وغيره , ولم يكتب عنه أحمد لأنه كان من أصحاب الرأي فرآه يصلي فلم تعجبه صلاته , وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد , وسيأتي من وجه آخر في مناقب عمر عن ابن أبي حسين , فظهر أن البخاري لم يحتج به . ‏

    ‏قوله : ( كنت وأبو بكر وعمر ) ‏
    ‏قال ابن التين الأحسن عند النحاة أن لا يعطف على الضمير المرفوع إلا بعد تأكيده , حتى قال بعضهم إنه قبيح , لكن يرد عليهم قوله تعالى : ( ما أشركنا ولا آباؤنا ) وأجيب بأنه قد وقع الحائل وهو قوله : " لا " وتعقب بأن العطف قد حصل قبل " لا " قال : ويرد عليهم أيضا هذا الحديث انتهى . والتعقيب مردود , فإنه وجد فاصل في الجملة , وأما هذا الحديث فلم تتفق الرواة على لفظه , وسيأتي في مناقب عمر من وجه آخر بلفظ " ذهبت أنا وأبو بكر وعمر " فعطف مع التأكيد مع اتحاد المخرج , فدل على أنه من تصرف الرواة , وسيأتي شرح هذا الحديث قريبا في مناقب عمر إن شاء تعالى .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

    ‏حدثني ‏ ‏محمد بن يزيد الكوفي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏الوليد ‏ ‏عن ‏ ‏الأوزاعي ‏ ‏عن ‏ ‏يحيى بن أبي كثير ‏ ‏عن ‏ ‏محمد بن إبراهيم ‏ ‏عن ‏ ‏عروة بن الزبير ‏ ‏قال سألت ‏ ‏عبد الله بن عمرو ‏
    ‏عن أشد ما صنع المشركون برسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال رأيت ‏ ‏عقبة بن أبي معيط ‏ ‏جاء إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهو ‏ ‏يصلي ‏ ‏فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فجاء ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏حتى دفعه عنه فقال ‏
    ‏أتقتلون رجلا أن يقول ‏ ‏ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ‏






    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا محمد بن يزيد الكوفي ) ‏
    ‏قيل : هو أبو هشام الرفاعي وهو مشهور بكنيته , وقال الحاكم والكلاباذي : هو غيره , ووقع في رواية ابن السكن عن الفربري " محمد بن كثير " وهو وهم نبه عليه أبو علي الجياني ; لأن محمد بن كثير لا تعرف له رواية عن الوليد , والوليد هو ابن مسلم , وسيأتي الحديث في " باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة " من وجه آخر عن الوليد وفيه تصريحه وتصريح الأوزاعي بالتحديث , ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى . ‏
    ‏( فائدة ) : ‏
    ‏مات أبو بكر رضي الله عنه بمرض السل على ما قاله الزبير بن بكار , وعن الواقدي إنه اغتسل في يوم بارد فحم خمسة عشر يوما , وقيل : بل سمته اليهود في حريرة أو غيرها وذلك على الصحيح لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة , فكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وأياما , وقيل غير ذلك , ولم يختلفوا أنه استكمل سن النبي صلى الله عليه وسلم فمات وهو ابن ثلاث وستين , والله أعلم .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ

    اللهم أرضى عن الصحابي الجليل أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه ، الله أكبر ما أجمل الصحبه .
    أنتهى مختصراً ونسأل الله الإعانه في سرد فضائل عمر بن الخطاب وعثمان وعلي وعائشة وحفصه وفاطمه إن شاء الله تعالى .
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ......ز

    منقول

    http://www.d-sunnah.net/forum/archive/index.php/t-49351.html

      الوقت/التاريخ الآن هو 10.11.24 22:43