من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 19.08.08 6:53
[size=21]أسامة بن لادن وانتهاكه لحرمة الحرمين الشريفين ومكره بجزيرة العرب
المقدمة
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد: [/size]
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( سيأتي على الناس سنوات خداعات؛ يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة)) قيل: وما الرويبضة؟ قَالَ: ((الرجل التافه في أمر العامة ))
وقد نبتت نابتة فِي العصر الحاضر لَيْسَ لها حظ كافٍ من علم أو ورع، تَدَّعِي نصرة الإسلام، وتطهير الحرمين الشريفين من الاحتلال، والسعي فِي حرب الكفار وتطهير جزيرة العرب منهم، ونحو ذلك من الدعاوى التي خالفوها، وقاموا بضد ما ادَّعَوْهُ، وَدَعَوا إليه..
ومن هؤلاء الرويبضات أسامة بن محمد بن لادن الذي أعرض عن كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتبع هواه، وأطلق لسانه في ولاة أمور المسلمين بالشتم والتكفير، وفي علماء المسلمين بالطعن والتخوين.
فأصبح كمن قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: ((لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ))
وقد بينت شيئاً من حكمه بالقوانين الوضعية -التي اخترعها بهواه نابذاً كتاب الله وراءه ظهرياً- في هذا المقال:
http://www.otiby.net/makalat/articles.php?id=47= = = = = = = = = = = = =
الحرمان الشريفان وموقف أسامة بن لادن من تعظيمهما
لقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة الدالة على حرمة الحرمين الشريفين، ووجوب تعظيمهما، والمحافظة على حقوقهما، وحرمة إخافة أهلهما، وحرمة تعدي حدود الله فيهما، وتغليظ العقوبة في ذلك.
قال تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}.
وقال تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}.
قال القرطبي -رحمهُ اللهُ- في تفسيره(4/140) : "قوله تعالى: {ومن دخله كان آمناً} قال قتادة: ذلك أيضاً من آيات الحرم. قال النَّحَّاسُ: وهو قول حَسَنٌ، لأنَّ النَّاسَ كانوا يتخطفون من حواليه، ولا يصل إليه جَبَّارٌ، وقد وصل إلى بيتِ المقدس وخُرِّبَ، ولم يوصل إلى الحرم".
وقال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يوم فتح مكة: ((إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها)) فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم. فقال: ((إلا الإذخر)). متفق عليه واللفظ لمسلم.
وعن سعد بن أبي وقاص -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: سمعت رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقول: ((لا يكيد أهل المدينة أحدٌ إلا انماع كما ينماع الملح في الماء)) رواه البخاري في صحيحه.
وقال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ أخافَ أهلَ المدينةِ فقدْ أخافَ ما بين جَنْبَيَّ))
فما هو موقف أسامة بن لادن من تلك النصوص الإلهية، والأحاديث النبوية؟
= = = = = = = = = = = = =
انتهاك أسامة بن لادن لحرمة الحرمين الشريفين
لقد عمل أسامة بن لادن بضد تلك النصوص، ودعا الناس إلى العمل بخلافها، وحثهم على اتباع هواه وذلك من وجوه:
الوجه الأول: زعم أسامة بن لادن أن الحرمين الشريفين محتلان، وتحت تسلط الكفار، حيث كتب كتاباً سماه "إعلان الجهاد على الأمريكيين المحتلين لبلاد الحرمين"!!!
وهذا من الكذب واقعاً وشرعاً، فالواقع المشاهد أن الحرمين الشريفين لم تمس أرضهما قدم كافر محتل على رغم أنف هذا الخارجي المفسد، بل هما تحت ولاية المملكة العربية السعودية حرسها الله.
وأما شرعاً فبينته في مقالي:
البراهين الجلية على امتناع احتلال الكفار للبلاد السعوديَّة
http://www.otiby.net/makalat/articles.php?id=53
الوجه الثاني: حثه أتباعه على القتال في بلاد الحرمين مما جعل أتباعه من تنظيم القاعدة يستخدمون السلاح في الحرمين الشريفين، وحملهم على قتل بعض المسلمين.
فقد أطلقت مجموعة من الخوارج النار على بعض العساكر في نقطة تفتيش، وقتلوا أحد الضباط غيلة، وقاوموا رجال الأمن وقاتلوهم في مكة المشرفة، وفعلوا كذلك في المدينة النبوية، حيث خبؤوا بعض الأسلحة في الحرم المدني، وواجهوا رجال الأمن بالسلاح في مواجهة قتل فيها بعض الخوارج وكان منهم رأسهم صالح العوفي..
فهذا القتل والترويع للمؤمنين الآمنين في المدينة من انتهاك حرمة الحرمين الشريفين ..وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من حمل علينا السلاح فليس منا)) متفق عليه.
الوجه الثالث: أن أسامة بن لادن دعا الناس في جزيرة العرب ومنها مكة والمدينة إلى إيواء المسلحين المفسدين الذين يسميهم "مجاهدين" حيث قال في كتابه "إعلان الجهاد على الأمريكيين المحتلين لبلاد الحرمين!" : " والذي يرجوه إخوانكم وأبناؤكم المجاهدون منكم في هذه المرحلة هو تقديم كل عون ممكن من المعلومات والمواد والأسلحة اللازمة لعملهم ، ويرجون من رجال الأمن خاصة التستر عليهم ، وتخذيل العدو عنهم ، والإرجاف في صفوفه ، وكل ما من شأنه إعانة المجاهدين على العدو المحتل"
وإيواء المفسدين في الأرض من كبائر الذنوب لا سيما في الحرمين الشريفين ..
لقوله -صلى الله عليه وسلم- : ((لعن الله من آوى محدثاً)) رواه مسلم في صحيحه .
وَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : ((الْمَدِينَةُ حَرَمٌ ما بين عَائِرٍ إلى كَذَا، من أَحْدَثَ فيها حَدَثًا، أو آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ)) .
الوجه الرابع: أن أسامة بن لادن شابه الكفرة أصحاب الفيل، وشابه القرامطة الَّذِينَ استحلوا حرمة البيت الحرام، وروعوا أهل مكة فيخشى عليه أن يصيبه مَا أصاب أولئك المشركين من عقوبة الله.
الوجه الخامس: أن أسامة بن لادن سعى لإخافة وترويع أهل المدينة، بحث أولئك المجرمين عَلَى تحرير المدينة! من احتلال الصليبيين عَلَى حد زعمه! وقد جاء الوعيد الشديد فيمن أخاف أهل المدينة ..
عن سعد بن أبي وقاص -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: قال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء)) رواه مسلم .
بل من كاد أهل المدينة فإنه معرض لذلك الوعيد.
وفي رواية عن سعد بن أبي وقاص -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: سمعت رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقول: ((لا يكيد أهل المدينة أحدٌ إلا انماع كما ينماع الملح في الماء)) رواه البخاري في صحيحه.
وفي لفظ عند مسلم في صحيحه: ((ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء)).
فهذه الأوجه كلها تدل عَلَى عِظَمِ جرم المفسد أسامة بن لادن، وَأَنَّهُ مُعْرِضٌ عن الكتاب وَالسُّنَّة، محارب للحق وأهله، منتهك لحرمة الحرمين الشريفين.
= = = = = = = = = = = = =
مكر أسامة بن لادن بجزيرة العرب
إن انتهاك أسامة بن لادن لحرمات الله، ومكره بالبلاد الإسلامية لم يتوقف عند انتهاكه لحرمة الحرمين الشريفين، بَلْ تعدى ذَلِكَ إِلَى المكر بجزيرة العرب، بَلْ تعدى مكره إِلَى بلاد المسلمين وبالمسلمين فِي جميع بقاع الأرض، كما حصل بسببه من دمار فِي أفغانستان، والعراق، ولبنان، وما حصل بسببه من فتن وخطوب فِي باكستان وفلسطين والمغرب العربي، وما حصل بسببه من تضييق عَلَى المسلمين فِي بلاد العالم كأمريكا وأوروبا وأستراليا وروسيا وغيرها..
ولكن من أشد مكره أذى للإسلام والمسلمين بعد مكره وانتهاكه لحرمة الحرمين الشريفين: مَا قام به من مكر وغدر فِي جزيرة العرب .
فإن الله -عزَّ وجلَّ- قد اختص جزيرة العرب بخصائص ، وفضلها بفضائل، وميزها بميزات ، ففيها مهبط الوحي، وفيها بعث سيد ولد آدم رحمة للعالمين، وهي معقل التوحيد، وحصن الإسلام الحصين، وإليها يأرز الإيمان كما تأرز الحية إلى جحرها، ومنها انتشرت الجيوش الإسلامية، وفتحت الفتوح، واتسعت رقعة العالم الإسلامي حتى وصل الإسلام إلى جميع أنحاء المعمورة.
وجزيرة العرب بلد الأمن والإيمان، والمدينة ومكة من جزيرة العرب.
ومن الطرق التي سلكها الشرع لحماية جزيرة العرب من الإخلال بأمنها وإيمانها المنع من استيطان المشركين جزيرة العرب، حسماً لمادة أعياد أهل الأوثان خشية أن يتدنس المسلم بشيء من أمر الكفار الذين قد أيس الشيطان أن يقيم أمرهم في جزيرة العرب، فالخشية من تدنسه بأوصاف الكتابيين الباقين أشد، والنهي عنه أوكد، كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم: انظر: اقتضاء الصراط(1/192) ومسألة سكنى المشركين جزيرة العرب فيها تفاصيل حول المراد بالجزيرة ، وشروط ذلك..
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أخرجوا المشركين من جزيرة العرب))
فمن الْحِكَمِ من إخراج جزيرة العرب تطهيرها من الفساد ، والمعتقدات المدمرة، والمذاهب الهدامة.
فمن عرف عقيدة الخوارج، ومذهبهم في سفك دماء المؤمنين والمعاهدين والمستأمنين، وإزهاق نفوس المعصومين، وحبهم للشر والفساد ، وحقدهم على المسلمين قطع أن تطهير جزيرة العرب منهم أمر واجب وحتمي.
فما يقوم به أسامة بن لادن من زرعٍ لتنظيم القاعدة فِي جزيرة العرب، وحثهم عَلَى القتل والتفجير فِي المسلمين أو فِي المعاهدين والمستأمنين من الفساد فِي الأرض الَّذِي يجب تطهير جزيرة العرب منه..
وما يقوم به أسامة بن لادن من تهييج للعامة عَلَى ولاة الأمر فِي المملكة العربية السعودية، وتكفيره لملوك المملكة العربية السعودية، ومخادعته للعساكر السعودية وحثه لهم عَلَى الغدر والخيانة، وطعنه فِي علماء المملكة العربية السعودية كل ذَلِكَ من مكر أسامة بن لادن بجزيرة العرب الَّتِي هِيَ معدن الرسالة، وحصن الإسلام الحصين، وَهُوَ بذلك يشابه من قَالَ الله فيهم: { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
وَأُذَكِّرُ المسلمين فِي المملكة العربية السعودية خاصة وفي العالم كافة بالآية قبلها: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين}
أسأل الله أن يهدي أسامة بن لادن إِلَى الحق، وأن يبطل كيده ومكره، وأن يجعل كيده فِي نحره، وأن يكفي المسلمين بلاءه وشَرَّهُ.
والله أعلم. وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد
كتبه:
أبو عمر أسامة بن عطايا العتيبي.
خميس مشيط 6 / 8 / 1428هـ.
تنبيه: مَا يتعلق بتلبيس الخوارج حول مَا يتعلق بإخراج المشركين من جزيرة العرب واتخاذ ذَلِكَ ذريعة لتكفير الحكام، أو ذريعة لاستحلال الدم المعصوم قد بينته فِي هَذَا المقال:
خرق الخوارج والإرهابيين إجماع المسلمين فيما يتعلق بتأمين الكفار ودخولهم جزيرة العرب
http://www.otiby.net/makalat/articles.php?id=49
وانظر مقالاً له علاقة :
أخْرِجُوا الخَوارِجَ والمفَجِّرينَ منْ جزيرةِ العربِ
http://www.otiby.net/makalat/articles.php?id=58
توثيق المقال من موقعي:
http://www.otiby.net/makalat/articles.php?id=229