تزيني لزوجك لتأسري قلبه
يقول أحد الشباب بعد 3 سنوات من زواجه: "هذه ليست الفتاة الجميلة التي تزوجتها".
وتقول أحد الزوجات: "أنا أدون كل يوم الأعمال التي يجب علي أن أنفذها، فأجد نفسي في نهاية اليوم في غاية الإرهاق والتعب، ولا وقت لدي للزينة".
هذه الشكاوى ومثلها الكثير, كانت سببا رئيسا في هدم بيوت الكثير من الأزواج ونسف سعادتهم, وذلك لأن الكثير من الزوجات -للأسف الشديد- بعد فترة من الزواج تظن أن التزين للزوج أصبح من الأمور الثانوية التي قد يستغني عنها الزوج, وتفاجأ الزوجة بعد ذلك بأن زوجها يريد أن يتزوج عليها, أو على أقل تقدير أصبح بعيدا عنها وعن بيتها.
أما الزوجة المسلمة العاقلة التي تحرص على بيتها واستقراره؛ فهي تتزين لزوجها وفي نيتها إرضاء ربها, فهي تتعبد إلى الله بزينتها لزوجها, فتسر عينه, وتسعد قلبه.
وقد كانت نساء السلف رضي الله عنهن يسألن عن الزينة وأنواعها وأشكالها, فقد دخلت بكرة بنت عقبة على أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ذات يوم، فسألتها عن الحناء، فقالت: شجرة طيبة وماء طهور، وسألتها عن الحِفاف ـ أي إزالة الشعر ـ فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعتِ أن تنتزعي مقلتيك فتضعيها أحسن مما هما فافعلي [أحكام النساء، ابن الجوزي].
وفي هذا موافقة للفطرة التي جاءت في حديث الرسول r عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (( خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب )) [متفق عليه] .
والاستحداد: هو إزالة الشعر الذي حول الفرج.
ولحرص النبي r على أن تتزين الزوجة لزوجها وألا يرى منها إلا ما يسره؛ فقد نهى رسول الله r أن يطرق الرجل أهله ليلا حتى تمتشط الشعثاء، وتستحد المغيبة، وفي ذلك بيان لأهمية الاستعداد لمقابلة الزوج الغائب أو القادم من سفر، بإزالة الشعر الزائد من مواضعه، وغسل الشعر وتمشيطه.
ومن حرصه r على أن تتزين المرأة لزوجها وتتجمل بحيث لا يرى منها إلا ما يحب؛ حرّم عليها أن تظهر في ملابس الحداد فوق ثلاثة أيام، إلا على زوجها فالحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرا كما قال r: ((لا يحل لامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة أيام، إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا))[رواه البخاري].
أم سليم والقدوة الرائعة
وتضرب لنا أم سليم رضي الله عنها مثالا غاية في الروعة والقمة في فهمها لحقوق الزوج، وعلو قدره عندها، فلما جاء أبو طلحة إلى البيت وأرادت أن تخبره بخبر وفاة ابنها، كانت قد استقبلته وهي متزينة ومتطيبة، ثم تصنّعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك وتعرضت له، فكان منه ما يكون من الرجل مع زوجته.
وفي مسند الإمام أحمد: فأكل وطابت نفسه، قال: فقام إلى فراشه فوضع رأسه، قالت: وقمتُ أنا غمست شيئا من طيب، ثم جئت حتى دخلت معه الفراش، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب، فكان منه ما يكون الرجل مع أهله.
هذا الموقف الذي يبرز لنا التصرف العجيب لأم سليم تجاه زوجها، يكشف عن جانب عظيم ارتقت إليه هذه الأم الثكلى، حيث فقدت وليدها الصغير، ومع ذلك كان استعدادها لزوجها العائد إلى بيته أكبر عندها بكثير من أن تشغله ابتداء بوفاة ابنها، في الوقت الذي تتكاسل فيه كثير من النساء اليوم، بل ولا يهتممن بأمر الزينة والطيب.
إن الزوجة التي تجدد في مظهرها، ليراها زوجها متعطرة، متزينة من أجله، مما يجذب إليها الزوج ويغض به بصره عن التطلع إلى الحرام؛ أقدر على إيجاد جو المحبة والسعادة في بيتها، لأن سرور الرجل يرجع في كثير من الأحيان إلى مظهر الزوجة واعتنائها بنفسها.
ولذلك فإنه على المرأة أن تواظب على النظافة والتزين لزوجها، فذلك أدعى لشهوة الرجل, وأملأ لعينه, وأظهر لمحاسن المرأة, وأدوم للألفة، والمودة، لأن الزينة متعة للعين ومتعة للشم، والإنسان يسعد برؤية الشيء المتزين وشم الروائح الطيبة.
وعليها أن تحرص ألا تظهر أمامه بما يسبب اشمئزازه ونفوره منها, بملابس رثة أو روائح كريهة, مهما مرت السنون على زواجهما.