مكانة الصلاة في الإسلام وآثارها الطيبة
قال فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى : " وقصدي من هذا المقال تذكير إخواني المسلمين بأهمية هذه الصلاة العظيمة ومكانتها في الإسلام، وحثهم على إقامتها في بيوت الله، وحثهم على ما أرى أن كثيراً من المسلمين المصلين أئمة ومأمومين لا يهتمون به ألا وهو تسوية الصفوف، وإلصاق المناكب بالمناكب، والكعاب بالكعاب، وسد الفرج التي يتخللها الشيطان"
من هنــــــــــــــا
قال فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى : " وقصدي من هذا المقال تذكير إخواني المسلمين بأهمية هذه الصلاة العظيمة ومكانتها في الإسلام، وحثهم على إقامتها في بيوت الله، وحثهم على ما أرى أن كثيراً من المسلمين المصلين أئمة ومأمومين لا يهتمون به ألا وهو تسوية الصفوف، وإلصاق المناكب بالمناكب، والكعاب بالكعاب، وسد الفرج التي يتخللها الشيطان"
من هنــــــــــــــا
مكانة الصلاة في الإسلام وآثارها الطيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد-
فإن للصلاة شأناً عظيماً في الإسلام ومكانة رفيعة عند الله ورسله والمؤمنين، إذ هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين.
عن ابن عمر- رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا".
وقد حث الله المؤمنين على إقامتها في آيات كثيرة، منها، قوله تعالى:
(منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ) سورة الروم، الآية(31).
وقال تعالى:
( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) سورة البينة، الآية(5).
وقال تعالى: ( قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراًَ وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال) سورة إبراهيم(31).
ومن دعاء خليل الرحمن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) سورة إبراهيم(40).
فرضها الله على كل مسلم بالغ عاقل.
وشرع تربية الصغار عليها" علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر".
وأمر بصلاتها في جماعة في بيوت الله ألا وهي المساجد ، وأشاد بذكر المصلين فيها وذكر صفاتهم الحميدة وما أعده لهم من الجزاء العظيم، قال تعالى: ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب) سورة النور(36-38).
وقال تعالى: ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) التوبة(18).
وقال تعالى: ( قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون) الأعراف(29).
فأمر عباده بالقسط وهو العدل والاستقامة واستقبال القبلة في أي مسجد كان.
وقال تعالى: ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
والمراد بالزينة ما يستر العورة في الصلاة جماعة في المساجد كانت أو غير جماعة، بل ستر العورة واجب في كل حال" والله أحق أن يستحيا منه".
والشاهد من هذه الآيات كلها .. بيان أهمية المساجد التي أمر الله برفعها للصلاة فيها جماعة، فالمساجد من أعظم شعائر الإسلام، والصلاة فيها جماعة والنداء لها من أعظم شعائر الإسلام، والتخلف عن إقامتها في الجماعة من علامات النفاق والعياذ بالله.
قال تعالى عن الصلاة:
( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) سورة البقرة(45-46).
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال:قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم الحطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" متفق عليه، أخرجه البخاري في فضل صلاة العشاء في جماعة، حديث (657)، ومسلم في المساجد، حديث (651).
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: " لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن رسول الله علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه" أخرجه مسلم في المساجد، حديث(654).
وبيَّن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فضل الصلاة في جماعة، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين درجة، قال ويجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر" قال أبو هريرة – رضي الله عنه - : اقرأوا إن شئتم: ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً)،أخرجه مسلم في المساجد حديث(649)، وأخرجه البخاري نحوه، حديث(648).
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال:" صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" متفق عليه، أخرجه البخاري في فضل صلاة الجماعة، حديث(645)، ومسلم في المساجد، حديث(650).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:
" صَلاةُ الرَّجُلِ في الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ على صَلاتِهِ في بَيْتِهِ وفي سُوقِهِ خمسة وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إذا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إلى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ لم يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَتْ له بها دَرَجَةٌ وَحُطَّ عنه بها خَطِيئَةٌ فإذا صلى لم تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه ما دَامَ في مُصَلاهُ اللهم صَلِّ عليه اللهم ارْحَمْهُ ولا يَزَالُ أحدكم في صَلاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلاةَ". متفق عليه، أخرجه البخاري في فضل صلاة الجماعة، حديث(647)، ومسلم في المساجد، حديث(649).
والصلاة تكفر بها الخطايا، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول: " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال:: " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" أخرجه البخاري، حديث(528) ومسلم، حديث(667).
وعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات" أخرجه مسلم، حديث(668)، وأحمد(2/426) من حديث جابر وأبي هريرة - رضي الله عنهما- .
إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة
عن جابر بن عبد الله الأنصاري- رضي الله عنه-قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم في الإيمان، حديث (82)، وأبو داود في كتاب السنة، حديث (4678) بلفظ: " بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة".
وأخرجه الترمذي في أبواب الإيمان، حديث (2618) بلفظ: " بين الكفر والإيمان ترك الصلاة"، وحديث (2619) بلفظ: " بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة".
وأخرجه ابن ماجة بلفظ: " بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة"، حديث (1078).
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي في أبواب الإيمان، حديث (2621)، وقال عقبه: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وفي إسناده حسين بن واقد وثقه ابن معين وتكلم فيه الإمام أحمد، وقال الحافظ: ثقة له أوهام فحديثه حسن.
وأخرج هذا الحديث من هذا الوجه ابن ماجة في الصلاة، حديث (1079)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/346) والنسائي في الصلاة، حديث (463).
واختلف العلماء في المراد بكفره، فمنهم من يرى أنه الكفر الأكبر المخرج من الملة، وحجة من كفره هذا الحديث وقول عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله لا يرون شيئا من العمل تركه كفر إلا الصلاة وأدلة أخرى.
ومنهم من يرى أنه الكفر الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة إلا إذا استحل تركها فإنه يكفر الكفر الأكبر بالإجماع، وحجة من لا يكفره قول الله تعالى: ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وعمومات أخرى.
والجماهير من السلف والخلف أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وذهب أبو حنيفة وبعض العلماء إلى أنه لا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي.
------ الحواشي ------
(1) وذلك أن كثيراً من الأئمة يكتفون بقولهم: " استووا، سووا صفوفكم" ونحو هذا، ولا يُذكرون المصلين بما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم- : " لتسونَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم"، ولا يؤكدون على سد الخلل إلى آخره.