الشيعة ومخافتهم آل البيت
ان الشيعة حاولوا خداع الناس بأنهم موالون لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم
أقرب الناس إلى الصحة والصواب من بين طوائف المسلمين، وأفضلهم وأهداهم؛ لتمسكهم
بأقارب النبي صلى الله عليه وسلم وذويه، ويزعمون مؤكدين أن المتمسكين بأقوالهم،
والعاملين بهديهم، والسالكين مسلكهم، والمتتبعين آثارهم وتعاليمهم هم وحدهم لا
غيرهم. ولقد فصلنا القول فيما قبل أن القوم لا يقصدون من أهل البيت أهل بيت
النبوة، بل يريدون ويقصدون من وراء ذلك علياً رضي الله عنه وأولاده المخصوصين
المعدودين
الصحابة
في الكتاب:-
ونريد أن نثبت في هذا الباب أن الشيعة لا يصدقون في زعمهم إطاعة أهل البيت، واتباعهم لا
أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا أهل بيت علي رضي الله عنه؛ فإنهم لا يهتدون
بهديهم، ولا يقتدون برأيهم، ولا ينهجون منهجهم، ولا يسلكون مسلكهم، ولا يتبعون
أقوالهم وآراءهم، ولا يطيعونهم في أوامرهم وتعليماتهم، بل عكس ذلك، يعارضونهم
ويخالفونهم مجاهرين معلنين قولاً وعملاً، ويخالفون آراءهم وصنيعهم مخالفة صريحة،
وخاصة في خلفاء النبي الراشدين، وأزواجه الطاهرات المطهرات، وأصحابه البررة، حملة
هذا الدين والمبلغين رسالته إلى الآفاق والأنفس، والناشرين دين الله، والرافعين
راية الله، والمعلنين كلمته، والمجاهدين في سبيله حق جهاده، والمقدمين المضحين بكل
غال وثمين في رضاه، الراجين رحمته، الخائفين عذابه، القوامين بالليل، الصوامين
بالنهار، الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه المحكم الذي: ((لا يَأْتِيهِ
الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ
حَمِيدٍ)) [فصلت:42] ذكرهم فيه جل وعلا: ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ
الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنفِقُونَ))[السجدة:16].
وقال تبارك وتعالى: ((الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى
جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا
خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [آل عمران:191].
وقال وهو أصدق القائلين -حيث يصف أصحاب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم-: ((مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ
بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ
وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ
مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ
شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ
لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) [الفتح:29].
وقال سبحانه -ما أعظم شأنه- في شركاء غزوة تبوك: ((لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى
النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ
الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ
عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة:117].
كما قال في الذين شاركوه في غزوة الحديبية: ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ
السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)) [الفتح:18]* ((وَمَغَانِمَ
كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)) [الفتح:19].
وقال سبحانه: ((فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي
سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ)) [آل عمران:195].
وشهد بإيمانهم الحقيقي الثابت بقوله: ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ
حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) [الأنفال:74].
وذكر السابقين من الأصحاب -المهاجرين منهم والأنصار- قال جل وشأنه: ((وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ)) [التوبة:100].
كما ذكر المهاجرين والأنصار عامة، وضمن لهم الفلاح والنجاح بقوله سبحانه: ((لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ)) [الحشر:8]* ((وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ
وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ
فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ
كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ
الْمُفْلِحُونَ)) [الحشر:9].
ويذكر جل مجده المؤمنين المنفقين قبل الفتح - أي فتح مكة - وبعده مثنياً عليهم مادحاً
لهم بقوله تعالى: ((لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ
وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ
وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرٌ)) [الحديد:10].
ثم يقرن ذكر الأصحاب مع نبيه وصفيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بدون فاصل، حيث
يذكرهم جميعاً معاً في قوله عز من قائل: ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ
لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)) [آل عمران:68].
وايضا في قوله: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)) [المائدة:55].
وأيضاً:((وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ))
[التوبة:105].
وأيضاً يقول تعالى: ((لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ)) [التوبة:88].
وقال سبحانه وتعالى: ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ
الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)) [المنافقون:8].
وأيضاً
يقول سبحانه: ((بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ
إِلَى أَهْلِيهِمْ)) [الفتح:12].
وقال
سبحانه: ((فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ))
[الفتح:26] يذكر الله المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم أصحابه
رضي الله عنهم، المؤمنين الأولين الحقيقيين قارناً ذكرهم بذكر النبي صلى الله عليه
وسلم.
وقال
سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ
يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)) [الفتح:10].
كما
ذكر الله عز وجل خروج نبيه صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته منها، مع ذكر خروج
أصحابه وهجرتهم، حيث قال سبحانه: ((يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ)) [الممتحنة:1].
كما
ذكر صديقه ورفيقه في الغار: ((إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ)) [التوبة:40].
ويقول
في أزواجه المطهرات: ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)) [الأحزاب:6].
ويقول
سبحانه: ((يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ)) [الأحزاب:32].
وغير
ذلك من الآيات الكثيرة الكثيرة.
فلنر
الشيعة الزاعمين اتباع أهل البيت، المدّعين موالاتهم وحبهم، ونرى أئمتهم المعصومين
- حسب قولهم - آل البيت ماذا يقولون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماذا
يعتقدون فيهم؟
وهل
أهل بيت النبي يبغضون أصحاب نبيهم، ويشتمونهم، بل ويكفرونهم ويلعنونهم كما يلعنهم
هؤلاء المدعون؟ أم أن الأصل غير ذلك... يوالونهم، ويتوددون إليهم، ويتعاطفون معهم،
ويساعدونهم في مشاكلهم، ويشاورونهم في أمورهم، ويقاسمونهم همومهم وآلامهم،
ويشاركونهم في دينهم ودنياهم، ويشاطرونهم الحكم والحكومة، ويبايعونهم على إمرتهم
وسلطانهم، ويجاهدون تحت رايتهم، ويأخذون من الغنائم التي تحصل من طريقهم،
ويتصاهرون معهم، يتزوجون منهم ويزوجونهم، ويسمون أبناءهم بأسمائهم، ويتبركون
بذكرهم في مجالسهم، ويرجعون إليهم في مسائلهم، ويذكرون فضائلهم ومحامدهم، ويقرّون
بفضل أهل الفضل منهم، وعلم أهل العلم، وتقوى المتقين، وطهارة سائرهم وزهدهم.
نسرد
هذا كله وقد عاهدنا ألا نرجع إلا إلى كتب القوم أنفسهم لعل الحق يظهر، والصدق
ينجلي، والباطل يكبو، والكذب يخبو، اللهم إلا نادراً نذكر شيئاً تأييداً
واستشهاداً، لا أصلاً، ولا استدلالاً، ولا استقلالاً، ولا يكون إلزام الخصم إلا من
كتبهم هم، وبعباراتهم أنفسهم، ومن أفواه أناس يزعمونهم أئمتهم، وهم منهم براء، وقد
قيل قديماً: إن السحر ما يُقر به المسحور. والحق ما يشهد به المنكر.
وما
نريد من وراء ذلك إلا الإظهار بأن أئمة الحق وأهل البيت ليسوا مع القوم في القليل
ولا في الكثير، ولعل الله يهدي به أناساً اغتروا بحب أهل البيت، حيث ظنوا أن معتقدات
الشيعة وضعها أئمة أهل البيت، وأسسوا قواعدها، ورسخوا أصولها، فهم يحبونهم،
ويبغضون أعداءهم - حسب زعمهم - الذين غصبوا حقهم وحرموهم من ميراث النبي صلى الله
عليه وسلم، وظلموهم.
[يتبع]
أقرب الناس إلى الصحة والصواب من بين طوائف المسلمين، وأفضلهم وأهداهم؛ لتمسكهم
بأقارب النبي صلى الله عليه وسلم وذويه، ويزعمون مؤكدين أن المتمسكين بأقوالهم،
والعاملين بهديهم، والسالكين مسلكهم، والمتتبعين آثارهم وتعاليمهم هم وحدهم لا
غيرهم. ولقد فصلنا القول فيما قبل أن القوم لا يقصدون من أهل البيت أهل بيت
النبوة، بل يريدون ويقصدون من وراء ذلك علياً رضي الله عنه وأولاده المخصوصين
المعدودين
الصحابة
في الكتاب:-
ونريد أن نثبت في هذا الباب أن الشيعة لا يصدقون في زعمهم إطاعة أهل البيت، واتباعهم لا
أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا أهل بيت علي رضي الله عنه؛ فإنهم لا يهتدون
بهديهم، ولا يقتدون برأيهم، ولا ينهجون منهجهم، ولا يسلكون مسلكهم، ولا يتبعون
أقوالهم وآراءهم، ولا يطيعونهم في أوامرهم وتعليماتهم، بل عكس ذلك، يعارضونهم
ويخالفونهم مجاهرين معلنين قولاً وعملاً، ويخالفون آراءهم وصنيعهم مخالفة صريحة،
وخاصة في خلفاء النبي الراشدين، وأزواجه الطاهرات المطهرات، وأصحابه البررة، حملة
هذا الدين والمبلغين رسالته إلى الآفاق والأنفس، والناشرين دين الله، والرافعين
راية الله، والمعلنين كلمته، والمجاهدين في سبيله حق جهاده، والمقدمين المضحين بكل
غال وثمين في رضاه، الراجين رحمته، الخائفين عذابه، القوامين بالليل، الصوامين
بالنهار، الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه المحكم الذي: ((لا يَأْتِيهِ
الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ
حَمِيدٍ)) [فصلت:42] ذكرهم فيه جل وعلا: ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ
الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنفِقُونَ))[السجدة:16].
وقال تبارك وتعالى: ((الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى
جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا
خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [آل عمران:191].
وقال وهو أصدق القائلين -حيث يصف أصحاب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم-: ((مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ
بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ
وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ
مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ
شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ
لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) [الفتح:29].
وقال سبحانه -ما أعظم شأنه- في شركاء غزوة تبوك: ((لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى
النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ
الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ
عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة:117].
كما قال في الذين شاركوه في غزوة الحديبية: ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ
السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)) [الفتح:18]* ((وَمَغَانِمَ
كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)) [الفتح:19].
وقال سبحانه: ((فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي
سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ)) [آل عمران:195].
وشهد بإيمانهم الحقيقي الثابت بقوله: ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ
حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) [الأنفال:74].
وذكر السابقين من الأصحاب -المهاجرين منهم والأنصار- قال جل وشأنه: ((وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ)) [التوبة:100].
كما ذكر المهاجرين والأنصار عامة، وضمن لهم الفلاح والنجاح بقوله سبحانه: ((لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ)) [الحشر:8]* ((وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ
وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ
فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ
كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ
الْمُفْلِحُونَ)) [الحشر:9].
ويذكر جل مجده المؤمنين المنفقين قبل الفتح - أي فتح مكة - وبعده مثنياً عليهم مادحاً
لهم بقوله تعالى: ((لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ
وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ
وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرٌ)) [الحديد:10].
ثم يقرن ذكر الأصحاب مع نبيه وصفيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بدون فاصل، حيث
يذكرهم جميعاً معاً في قوله عز من قائل: ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ
لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)) [آل عمران:68].
وايضا في قوله: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)) [المائدة:55].
وأيضاً:((وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ))
[التوبة:105].
وأيضاً يقول تعالى: ((لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ)) [التوبة:88].
وقال سبحانه وتعالى: ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ
الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)) [المنافقون:8].
وأيضاً
يقول سبحانه: ((بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ
إِلَى أَهْلِيهِمْ)) [الفتح:12].
وقال
سبحانه: ((فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ))
[الفتح:26] يذكر الله المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم أصحابه
رضي الله عنهم، المؤمنين الأولين الحقيقيين قارناً ذكرهم بذكر النبي صلى الله عليه
وسلم.
وقال
سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ
يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)) [الفتح:10].
كما
ذكر الله عز وجل خروج نبيه صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته منها، مع ذكر خروج
أصحابه وهجرتهم، حيث قال سبحانه: ((يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ)) [الممتحنة:1].
كما
ذكر صديقه ورفيقه في الغار: ((إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ)) [التوبة:40].
ويقول
في أزواجه المطهرات: ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)) [الأحزاب:6].
ويقول
سبحانه: ((يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ)) [الأحزاب:32].
وغير
ذلك من الآيات الكثيرة الكثيرة.
فلنر
الشيعة الزاعمين اتباع أهل البيت، المدّعين موالاتهم وحبهم، ونرى أئمتهم المعصومين
- حسب قولهم - آل البيت ماذا يقولون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماذا
يعتقدون فيهم؟
وهل
أهل بيت النبي يبغضون أصحاب نبيهم، ويشتمونهم، بل ويكفرونهم ويلعنونهم كما يلعنهم
هؤلاء المدعون؟ أم أن الأصل غير ذلك... يوالونهم، ويتوددون إليهم، ويتعاطفون معهم،
ويساعدونهم في مشاكلهم، ويشاورونهم في أمورهم، ويقاسمونهم همومهم وآلامهم،
ويشاركونهم في دينهم ودنياهم، ويشاطرونهم الحكم والحكومة، ويبايعونهم على إمرتهم
وسلطانهم، ويجاهدون تحت رايتهم، ويأخذون من الغنائم التي تحصل من طريقهم،
ويتصاهرون معهم، يتزوجون منهم ويزوجونهم، ويسمون أبناءهم بأسمائهم، ويتبركون
بذكرهم في مجالسهم، ويرجعون إليهم في مسائلهم، ويذكرون فضائلهم ومحامدهم، ويقرّون
بفضل أهل الفضل منهم، وعلم أهل العلم، وتقوى المتقين، وطهارة سائرهم وزهدهم.
نسرد
هذا كله وقد عاهدنا ألا نرجع إلا إلى كتب القوم أنفسهم لعل الحق يظهر، والصدق
ينجلي، والباطل يكبو، والكذب يخبو، اللهم إلا نادراً نذكر شيئاً تأييداً
واستشهاداً، لا أصلاً، ولا استدلالاً، ولا استقلالاً، ولا يكون إلزام الخصم إلا من
كتبهم هم، وبعباراتهم أنفسهم، ومن أفواه أناس يزعمونهم أئمتهم، وهم منهم براء، وقد
قيل قديماً: إن السحر ما يُقر به المسحور. والحق ما يشهد به المنكر.
وما
نريد من وراء ذلك إلا الإظهار بأن أئمة الحق وأهل البيت ليسوا مع القوم في القليل
ولا في الكثير، ولعل الله يهدي به أناساً اغتروا بحب أهل البيت، حيث ظنوا أن معتقدات
الشيعة وضعها أئمة أهل البيت، وأسسوا قواعدها، ورسخوا أصولها، فهم يحبونهم،
ويبغضون أعداءهم - حسب زعمهم - الذين غصبوا حقهم وحرموهم من ميراث النبي صلى الله
عليه وسلم، وظلموهم.
[يتبع]
عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في 03.08.08 19:32 عدل 1 مرات