خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    |[ الوفاق في تأويل حديث الافتراق ]| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية |[ الوفاق في تأويل حديث الافتراق ]| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 21.04.10 17:02

    |[ الوفاق في تأويل حديث الافتراق ]| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى 1

    للحـــــ ( اضغط هنـــا ) ـــــــفظ


    عدل سابقا من قبل أبو محمد عبدالحميد الأثري في 21.04.10 17:16 عدل 3 مرات
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: |[ الوفاق في تأويل حديث الافتراق ]| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 21.04.10 17:04

    المقدمة



    يقول الله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [ التوبة: 71].



    قال العلامة الشوكاني ـ رحمه الله تعالى ـ قوله { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} أي : قلوبهم متحدة في التوادد والتحابب والتعاطف بسبب ما جمعهم من أمر الدين وضمهم من الإيمان"



    وقال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : "وتعلمون أن من القواعد العظيمة التي هي من جماع الدين : تأليف القلوب واجتماع الكلمة وصلاح ذات البين"



    وعلة التحابب والتوادد هي - كما تقدم - الاستمساك بالوحي والاستسلام للنص، وفيه قال تعالى : "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" [آل عمران : 103]



    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : "وهذا الأصل العظيم : وهو الاعتصام بحبل الله جميعا وأن لا يتفرق هو من أعظم أصول الإسلام، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم ومما عظمت به وصية النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن عامة وخاصة"



    هذا .. وقد شرع الله تعالى من الدين ما يقوي تلك الوشيجة، ومن أدل الدلائل : الصلاة – والصلاة خير موضوع – إذ يتجلى لنا فيها مثال يحمل بين تضاعيفه تحقيق هذا الأصل العظيم كواحدة من جملة تشريعات، ومفردة من مفردات دالات :



    ففي الاجتماع لأداء الصلاة في المسجد - كمثال متكرر مشهور لاجتماع طاهر مبرور- فيه مع الزلفى : ترادف الأجور، وتألف القلوب، والتحام الأبدان، واتحاد الجماعة في أقوالهم وأفعالهم، ولين بعضهم لبعضهم، وتطاوعهم، وتواضعهم، مع ما تتضمنها من دعاء بعضهم لبعض .



    جاء فيها كذلك الأمر بتسوية الصفوف وإتمامها الأول فالأول، وقام البيان أن اختلاف الصف سبب لاختلاف القلوب وتنافر النفوس؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم" رواه الإمام مسلم وغيره . ومنه الحديث الآخر : "لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم""صحيح جامع الترمذي" (1/438) برقم(227)



    ثم أمرهم تعالى بمقتضى ما تقدم أمرا عاما جامعا : "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" [المائدة : 2]



    ومع هذا وغيره، لا زلنا نستعلن الفزع ونستدفع الجزع من التفرق وأهله : فبين الفينة والأخرى يتمخض الهوى بولادة فرقة؛ تزيد الخرق خرابا، وتزيد التفرق فسادا، ويحسبون أنهم على شيء، وما هو إلا التفرق والشقاق، والشين والشر .



    الله تعالى أسأل وفاقا على الحق، وإتلافا على الخير، وتوفيقا للبر، ووقوفا مع النصّ، أمين .



    الشروع في الموضوع :






    عن معاوية - رضي الله عنه-([1]) قال : قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "

    ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة

    وإنه ليخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله" انظر "صحيح الترغيب والترهيب" برقم(51)



    أقول فيه :



    أولاً : فضيلة كاتب الوحي، خال المؤمنين، ملك الإسلام، أفضل ملوك هذه الأمة، معاوية – رضي الله تعالى عنه- إذ حفظ لنا من السُّنَّة([2]) كما كتب القرآن؛ وكذا حُسن سياسته الأمة - على ما كان- فجزاه الله تعالى خيرا عن الإسلام وأهله .



    ثانياً : بيان عظمة الصحابة – رضي الله تعالى عنهم- وحرصهم على تلمس الهدى، كيف نقلوا لنا مع القول الحال، نقل قوبل بعرفان – من أهله- وامتنان .



    ثالثاً : أدب الصحابة – رضوان الله عليهم- "رسول الله" موافقة منهم للقرآن المجيد .



    رابعاً : بيان خصوصية الصحابة – رضي الله تعالى عنهم- "فينا" واصطفائهم، الناطق بشرفهم، الصارخ بعلوهم؛ فتبا لمنتقصهم – تلميحاً كان أو تصريحا .



    خامساً : بيان أن في جيل الصحابة القدوة، إذ عصموا من التفرق والابتداع([3]) وما كان من بعضهم لا علاقة له بالتفرق ولا ابتداع([4]).



    سادساً – وهو ذو صلة بسابقه : تزكية العهد الأزهر والقرن الأنور، وسلامتهم من الإحداث، "وسيخرج"([5]) في اختصاص قاض بإخلاص وحسن اتباع، لم يكن في سواهم، ولم يقم مثله في عداهم، موجب لاتباعهم وحبهم وشكرهم، وتبا للرافضة ومن نحا نحوهم .



    سابعاً : عادة الصحابة – رضي الله تعالى عنهم- الاجتماع، وفي الاجتماع التواصي بالاتفاق عند الفراق([6]) .



    ثامناً : حرص النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- على اجتماع الأبدان وتآلف القلوب على الحق بالحق وللحق([7]) .



    تاسعاً : جواز الوقوف- بغض النظر عن كون القيام حسياً أو معنويا- بين يدي الموعظة، واتخاذ كرسيا – من غير بهيمة إلا إذا دعت حاجة- أو منبرا([8])



    عاشراً : مراعاة "ألا" التنبيهية، وما بعدها : "إن" التوكيدية، مع اسم الموصول، في دلالة على عظم تاليها .



    الحادي عشر : شرف المخاطب ابتداءً، وبيان أن الخطاب عام، وقد فقهوه – رضي الله تعالى عنهم-

    وبلّغوه، وانتفعوا به وتأولوه! صدقوا صدقا؛ فسبقوا سبقا !

    وابتلي به من بعدهم "سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً" ( الأحزاب : 38 ) .



    الثاني عشر : حسن تعليمه، بتنوع الخطاب والحال، وتقديمه بما يستجلب الهمم، ويشحذ الأذهان .



    الثالث عشر : كمال حرصه – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم- وتمام تبليغه .



    الرابع عشر : بيان أن الكتاب اسم جنس، والمقصود كل كتاب رباني – ولا أقول سماوي .



    الخامس عشر : أن أهل الكتاب في الجملة خير ممن دونهم من المشركين واللادينيين .



    السادس عشر : في قوله "قبلكم" مع كونه عام مخصوص، فيه تقديم الدلالة الشرعية على اللغوية .



    السابع عشر : جريان سنة الابتلاء بالافتراق، فكان للإسلام الحظّ منه، كما كان للأديان قبله، في دلالة على أنه الابتلاء، وإيماءة إلى وجوب الحذر كل الحذر منه بالاتباع عماد الوفاق .



    الثامن عشر : القول بأن اختلاف أهل الإسلام – ولو شابه خلاف– يختلف عن افتراق غيرهم ؛ فخلافنا وإن كان في الفهم والتطبيق، يؤول إلى اتفاق؛ لعصمة الأصل – الوحي- وهذا ما لم يكن لغيرنا .



    التاسع عشر- وهو مترتب على عاليه : بقاء اختلاف أهل الكتاب في الأصول والفروع إلى قيام الساعة، الدال على ضلالهم . خلافاٍ لاختلاف الأمة المرحومة، فهو مع قيامه مدفوع، بالنصّ، محجوج بالأصل، اعتبارا لحفظ الوحي .



    العشرون : بيان أن اختلاف من هم دون الكتابيين من المشركين واللادينيين أفحش وأغلظ ومن ثم لا تغتر باتحادهم اليوم "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" هم أفزع شيء عند الصيّحة، وأجزع شيء عند النزلة "وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ" [النساء: 104]



    الحادي والعشرون : ركل علومهم القديمة : الفلسفة والمنطق([9]) المفسدة للأديان وعقول الجنان . ولطم مكرهم الحديث الخبيث الكامن في تضاعيف دعاوى : الحريّة والمساواة، والعدل والإنسانية .



    الثاني والعشرون : فيه إبطال دعاوى : التعددية الدينية! واحترام الرأي الآخر! وثالثة الأثافي احترام الأديان .



    الثالث والعشرون : بيان أن اختلاف أمة الإجابة المذكور - ذاك المترتب عليه الابتداع- خلاف الأصول الدينية([10]) لا الفروع الفقهية، وهو المخصوص بالذمّ هنا .



    الرابع والعشرون : التعويل - في باب الاستدلال- ليس على الاختلاف! وإنما على الاجتماع . لذا استصحبوه في محل الخلاف، وفيه ردّ على الذين يحتجون بالخلاف، وأزواجهم الزاعمين أن في الاختلاف رحمة .



    الخامس والعشرون : الاعتبار بحال الأمم قبلنا، فيه مع السلامة، دليل خيريتنا .



    السادس والعشرون - وهو ذو صلة بعاليه : الاعتبار بحال من سبقنا في هذه الأمة، المورث : اتباعاً، فيه شكر . أو اجتنابا، معه حرص .



    السابع والعشرون- وهو مترتب على سابقه – الإيماءة لترسم هدي الصحابة والتابعين وتابعيهم خصوصاً، والتابع لهم بإحسان عموماً، وهو المعبر عنه بـ فهم السلف الصالح([11])



    الثامن والعشرون : جواز إطلاق لفظ الملل - تغليبا أو اعتبارا للأصل- وكذا الشرائع، والأديان على المعتقدات، في تفاصيل .



    التاسع والعشرون : هذا الإعلام علم من أعلام نبوته – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم



    الثلاثون : النهي عن الافتراق([12]) والأمر بالاجتماع، في دليل من أدلة، وواحد من أهلة



    الحادي والثلاثون : ورود الوعيد بإعدام كل عربيد ساعي لتفريق الأمة بعد وحدتها، وتشتيتها بعد جمعيتها، إذ قال رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان" "صحيح الجامع" برقم(2393)



    الثاني والثلاثون : بيان أن مردّ الإتلاف والاختلاف، الاجتماع والافتراق إلى النصوص .

    وعليه .. لا يضرّ افتراقا لأجل النصّ، ولا يقبل وفاقا على حساب النصّ، بل يجب تقديم النصوص على هوى النفوس .



    الثالث والثلاثون : بيان أن العدد غير معتبر هنا([13]) تبعا لمفهوم العدد، وإنما المراد أن اختلاف هذه الأمة أكثر من غيرها([14]) .



    الرابع والثلاثون : بيان أن تلك الفرق النارية مع كثرتها – لا كثرها الله تعالى- داخلة تحت نصوص الوعيد، بدلالة " أمتي" فلا يلزم من ذلك الخلود في النار، وإنما المعني أن عملها مما تستحق به دخولالنار([15]).



    الخامس والثلاثون- وهو تابع لعاليه : أن نجاة آحاد الفرقة الناجية لا يلزم منه عدم تعذيبه،

    نعم .. ينجوا– بفضل الله تعالى- ثم عقيدته، منهجه، عمله، بيد أنه قد يؤاخذ بما اقترفت يداه من كبائر ولمم .



    السادس والثلاثون : بيان أن الوعيد الناري وإن كان أخروي، بيد أنهم كذلك يتلظون بنيران المخالفة والاختلاف كلما تعاقب النيران، واعتبر لا باختلاف بل بتكفير الفصيل الواحد لسوائمه! .



    السابع والثلاثون : كون المؤمن يحرص أشد الحرص على اجتناب النارويحتاط ، وجب عليه كذلك اجتناب أسبابها لكيلا ينحطّ في الحطمة، ومنها : التفرق في الدين .



    الثامن والثلاثون : بيان أن الخلاف – خلاف التضاد لا الأفهام-شرّ، حالاً أو مآلاً، أو فيهما .



    التاسع والثلاثون : بيان الصلة بين الاختلاف والافتراق، وترتب الثاني على الأول . في تفاصيل([16]) .



    الأربعون : أن الافتراق وإن كان واقعا قدراً، غير أنه مدفوع شرعا .



    الحادي والأربعون : الخبر عن افتراق الأوليين والأخريين وإن جاء في ثوب الإخبار، غير أن حقيقته النهي، فهو خبر بمعنى النهي، وهذا كثير .



    الثاني والأربعون– وهو تابع لعاليه : الاستمرارية الدالة عليها المضارعة في "وستفترق" فيها : سلوى للسائرين، ودعوة للثبات والجدّ، والنصح ذي الترفق، وطرح الوحشة واستشعار الغربة وعدم الملل والكلل في دعوة الخلق إلى الحق .



    الثالث والأربعون : أن هذه الفرقة الفريدة مع كونها بين فرق متكاثرة هالكة، هي - مع استصحاب كونها المنصورة الناجية- شطر أهل الجنة ([17]) فطوبى لها وحُسن مآب .



    الرابع والأربعون - وهي مترتبة على سابقتها : أن النّسبة إلى هذه الفرقة مع كونها نسبة شريفة منيفة غير أنه التأويل والحقائق؛ إذ لكل قول حقيقة، كما لكل دعوى مستند؛ وإلا كان ادعاء، وما أكثر الأدعياء من الخصماء .



    الخامس والأربعون : أن الصراط واحد، مهيع ممتع، قويم مستقيم([18]) موصل إلى المأمول.



    السادس والأربعون– وهو متفرع عن عاليه : أن الحق واحد لا يتعدد([19]) ومن ثم وجب تلمسه والاستسلام له، فالتمسك به؛ وطرح ما سواه .



    السابع والأربعون : أن اجتماع تلك الفرق على الفِرقة، زاهق . كما أن اجتماعهم على الفُرقة زائف ذاهب .



    الثامن والأربعون :الحقلا يمحوه الباطل وإن كدّ، والباطل زاهق وإن امتد .



    التاسع والأربعون : إن الفرقة والاختلاف عذاب وعقوبة من الله عز وجل للأمة حينما تعصيه، كما أن الاجتماع والائتلاف رحمة بالأمة ونعمة من الله على عباده المؤمنين؛ فليتحقق الشرط للنعم بالمشروط .



    الخمسون : في الحديث : كثرة أهل الضلال وقلة أهل الكمال، وكيف لا ؟! ولجنهم ألف – تغليبا- وللجنة واحد! .



    الحادي والخمسون : عقيدة قلة الناجين وكثرة الهالكين([20]) تحمل بين طياتها : هوى غلاب، وقلب مرتاب،وعقل خلاب([21]) وبذل عذاب([22])
    ] والسعيد من عصم.



    الثاني والخمسون : الحق لا يقبل لقائله إنما لدلائله، كما أنه لا يعرف فضلاً أن يقبل بكثرة ولا بقلة؛ واعرف الحق تعرف أهله .



    الثالث والخمسون : هذه الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؛ باقية إلى الباقية؛ تقوم بها الحجة، ويهتدي بها طلبة الهدى، ويقتدي بها ذوي التقى، فكيف؟! .



    الرابع والخمسون- وهو فرع عن عاليه : وجوب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، ولزوم ماعليه جماعتها، ومجاهدة ملل الكفر، وعصابات أرباب الابتداع، وفلول فرق الأهواء، كل بحسبه، وبحسبه .



    الخامس والخمسون : أن التعويل على الحقائق لا الألفاظ ، المعاني لا المسميات، مأخوذ من إبهام تسمية الفرق، مع بيان الأصل العام .



    السادس والخمسون :- وهو متفرع عن عاليه : وجوب تسمية الأشياء بأسمائها، وعدم الاغترار بأسماء دون حقائق- جماعة الدعوة والتبليغ! الإخوان المسلمون! الجماعة الإسلامية! جماعة الجهاد! أهل الحقيقة! شيعة آل البيت!! ... في أسماء .



    السابع والخمسون :تحريم وتجريم النِّسبة إلى معظم – حسي كان أو معنوي- يؤدي إلى فراق وشقاق، فكيف بمن دونه؟!([23]) .



    الثامن والخمسون : اعتبار تفاوت المخالفة – كفرا كانت أو بدعة أو معصية- وتبعا لها المخالف، الأمر الموجب للاستفصال قبل استصدار الأحكام .



    التاسع والخمسون : الجمع بين أسلوبي الترغيب والترهيب في الاعتقاد والدعوة والتربية



    الستون : وهو متفرع عن عاليه : بيان أن الجنّة دار الأبرار، والنّار دار الفجار



    الحادي والستون : التلويح مع التصريح بأن الجنّة والنّار موجودتان مُعدّتان اتفاقا، باقيتان لا تفنيان إجماعا .



    الثاني والستون : يعدّ هذا الحديث دليل من أدلة إثبات حجية الإجماع([24]) .



    الثالث والستون : أن النجاة في الجماعة، ولا جماعة ولا اجتماع إلا على الوحي : كتاب وسُنَّة، فهما أصلان معصومان متلازمان، فلا يمكن أن تتحقق النجاة إلا بهذين الأصلين : الاتباع للسُّنَّة - بالمعنى الأعم- والاجتماع عليها .



    الرابع والستون : بقاء الجماعة المسلمة([25]) إلى قيام الساعة، مستسلمة للنصّ، سالمة من الزيادة والنقص .



    الخامس والستون : " لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة"([26])



    السادس والستون : تأمل الصلة بين الاختلاف والنار، كما الجماعة والنجاة، واسلك .



    السابع والستون : بيان أن التأويل العملي لـ "الجماعة" "السواد الأعظم"([27]) يفسره حديث حال الفرقة الناجية "ما كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي" "صحيح الجامع" برقم (5343)



    الثامن والستون : بيان أن الشرف والرفعة في الاتباع، لا اتكاءً على نسب، ولا ركونا إلى نسبة، وذلك قوله سبحانه : "فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ" [المؤمنون:101] وقول رسوله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم: "وإنما أوليائي المتقون"([28])



    التاسع والستون :بيان أثر الطاعة والمعصية في الاتفاق والافتراق، فالطاعة تجمّع، والمعصية تفرق، وهنا المناسبة .



    السبعون :"البدعة مقرونة بالفرقة، كما أن السُّنَّة مقرونةبالجماعة، فيقال: أهل السُّنَّة والجماعة كما يقال: أهل البدعة والفرقة" قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى .



    الحادي والسبعون : التفرق في الدين طرق وطريقة الشياطين، قال – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : " ... وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه" .



    الثاني والسبعون : التفرق في الدين مشاقة لله تعالى ومحاداة لسبيل المؤمنين، قال الله تعالى : "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا" [ النساء : 115]([29])

    الثالث والسبعون :في التفرق في الدين : تنازع، وفي التنازع إذهاب القوة وصرف الجهود، الأمر الموجب لجلبة العدو – الحسي والمعنوي- على الصدور والدور : " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" [ الأنفال : 46 ]



    الرابع والسبعون : أهل الفرقة في شقاق وعداء للحق، وكذلك هم في شقاق وعداء فيما بينهم؛ تراهم وقد تعددت أقوالهم، وتناقضت آراؤهم، واختلفت قلوبهم، ولا بدّ .



    الخامس والسبعون : وجوب التبرأ منهم وفرفتهم، وولاء أهل السُّنَّة وجماعتها؛ تأويلا لقول الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159]



    السادس والسبعون :ضرورة توقي الافتراق؛ بالتقوى، ومنها اتقاء أسبابه([30]) والردّ على أربابه .



    السابع والسبعون :وهو تابع لعاليه : أعني تلكم الصلة بين المعصيّة والابتداع والإشراك؛ الموجب للفراق والهلاك؛ إذا علمت هذا، فاعلم أن السلف يعدّون كل معصية؛ بدعة . كما نصّوا على أن كل معصية شرك، باعتبار الداعي من جهة، والأثر من جهة آخرى .



    الثامن والسبعون :أثر الابتداع على موت الاتباع وهلاك أهله، الأمر الموجب لخمده إبان مهده، وزجر أهله قبل مسخه، و"سحقا" .



    التاسع والسبعون : تأمل كيف شبّه النبي صلى الله عليه وسلم خطر الشبهات - مُفرزة الابتداعات ومولدتها- بداءالكَلَب، وهو داء يصيب الإنسان – بإذن الله تعالى- من عضّة الكلب، فيصير كالمجنون، ويمنع من شرب الماء حتى الموت عطشا ([31]).



    الثمانون : جواز تشبيه المخالفة والمخالف بالمذمومات – حسيّة كانت أو معنويّة .



    الحادي والثمانون- وهو فرع عن عاليه : بيان أن للمعاصي أثر حسي على البدن : قوة وضعفا، عافية وإعلالا، سلامة ومسخاً، بياضا وسوادا .



    الثاني والثمانون : الجاهل والمبتدع كثير التقلب كثير التلون، لمباينته الوحي .



    الثالث والثمانون : فضيلة التؤدة، واستصحاب الدليل والرجوع إلى أهله . فلئن تكن تابعا في الخير، أسلم من تكون رأسا في الشر .



    الرابع والثمانون :ضرورة التفريق بين البدعة والمبتدع في الحكم . أصل : هو قرة عيون الموحدين، وزينة صنيع المتقين، ومن رحمة أهل السُّنَّة بالمخالفين .



    الخامس والثمانون : بيان أن البدع مع كونها أمشاج، فهي أشكال : شواكل شوانئ . متحدة في الضلال والشر، مختلفة بالنظر إلى ذاتها وآثارها وأهلها .



    السادس والثمانون :الرفق مع من تلبس ببدعة تطببا وتطيبا هو الأصل، وإلا فالشدة – من أهلها بحسبها وحسبه-وعند المدافعة قدم الأول؛ لكونه محبوب وزينه محمود العاقبة.



    السابع والثمانون :هجر البدعة واجب فوري على من علم . وهجر المبتدع – من أهله لأهله- تابع لتكرار نصحه واعتبار أثره .



    الثامن والثمانون :يختلف الحكم بالتبديع وإنكاره، باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة، في تفاصيل .



    التاسع والثمانون : جنس البدع، أفحش من جنس المعاصي .



    التسعون - وهو تابع لعاليه : بطلان الزعم بأن من البدع ما هو حسن! فضلا عن دعوى إدراجها تحت الأحكام الخمسة!! والأصل " كل بدعة ضلالة" إذ هذه الكليّة قاضية



    الحادي والتسعون : أن أهل السُّنَّة – بالمعنى الخاص-شرفهم الله تعالى ورفع أقدارهم- هم السواد الأعظم، وأن الطوائف المخالفة لها، هم أهل الشذوذ والنشوز، والابتداع والافتراق([32]) .



    الثاني والتسعون : نبذ التقليد، ومجّ المذهبية، ولفظ الحزبية والعصبية – معتبرا التغليب



    الثالث والتسعون : ضرورة تصور المسائل، ومعرفة الخلاف، واعتبار المقاصد ومراعاة الحال والمآل، أسباب داعية للوفاق قاضية على الاختلاف فالافتراق .



    الرابع والتسعون : تقديم النقل على العقل، وعرض الآراء على العلماء، واتهام الظن، وتقديم العذر، وإرجاء الاستحسان حتى الاستبيان؛ سبيل السُّنَّة والسلامة .



    الخامس والتسعون : التحذير من طرح الأحكام والمفاهيم بين العامة في ثوب إجمال، الأمر المورث للإيهام، فتحار معه العقول، وتختلف الأهواء فتتأجج الآراء، لتحترق القلوب فراقا، ويشتعل الفراق فواقا - قليلاً .. قليلاً- وهذا حاصل، والله سبحانه وتعالى المستعان .



    السادس والتسعون : الشرف العظيم للجماعة السُّنيَّة في كون الله تعالى معها "يد الله مع الجماعة"([33]) وهذا ما لم يكن لمناوئهم فتنازعوا بعد أن اختلفوا، وتقاتلوا بعد أن افترقوا .



    السابع والتسعون : بيان عصمة الجماعة المسلمة لقضاء الله تعالى لها- رحمة وفضلا- أنها عصبة لا تجتمع على ضلالة ([34]).



    الثامن والتسعون : التنويه بشرف العلم وخيريته، وعلو كعب أهله وسلامتهم، والناس لهم تبع .



    التاسع والتسعون : تمام النعمة على الصدور والدور بأهل السُّنَّة، فهم حفظة أمنة مباركون، طوبى لهم وحسن مآب .



    المتمم مائة – وهو فرع عن عاليه : مجالسة أهل العلم الراسخين، وصحبة الربانيين، فيها معالجة الشبهات واعتلاج الشهوات، وهي كذلك من أعظم أسباب الوفاق، ودفع الافتراق، ورفع الشقاق([35]) .



    الحادي بعد المائة - وهو مترتب على سابقه : التنبيه على أثر الصحبة، وتأثير الخلطة، الأمر الموجب حفظ الجوارح وصيانة الأركان .



    الثاني بعد المائة :شيوع شعيرة النصح، وتقديم واجب الرفق، واستعمال الإحسان من أعظم أسباب الألفة فالاتفاق .



    الثالث بعد المائة : الثبات والرسوخ سمت الجماعة الناجية، فهم : متمَسِّكونَ بالحقِّ، ناصحونَ للخلْق؛ لَا يَخافون في الله لومة لائم! أعلام عظام؛ وإن تكالبت عليهم أهواء الملل، وتداعت عليهم أمم النحل .



    الرابع بعد المائة : التكاتف والتعاضد لإيصاد باب الغلو، والذي منشأه الجهل، ومركبه الشدة والتشديد ([36]) ومآله الشقاء والشقاق فالانحراف : انتكاسة في الشهوات فالهلاك، أو ارتجاسة في التكفير فالتدمير .



    الخامس بعد المائة : ضرورة مدارسة العقائد، كفرع عن التوحيد، إذ الابتداع في مخالفته، خلافا لغيره من العلوم .



    السادس بعد المائة - وهو فرع عن عاليه : ضرورة الإعراب عن المعتقدات لتقويتها أو تقويمها .



    السابع بعد المائة : ترسم خطى الاتباع، ودومومة الحذر من الابتداع، مع سؤال الله تعالى العافية، وشكر نعمة الثبات على السُّنَّة .



    الثامن بعد المائة : " ليس العجب فيمن هلك كيف هلك؟ ولكن العجب فيمن نجا كيف نجا؟!" قول حسن من أبي سعيد الحسن - رحمه الله تعالى .



    التاسع بعد المائة : دعوة ولاة الأمر- والناس لهم تبع- إلى تلمس سبل الوفاق كذا الفراق ومتابعتها : قبولاً ورداً، إسلاما وسلامة، قبل السؤال .



    العاشر بعد المائة : تقلد الصفوة زمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومناصحة ولاة الأمور، والاحتساب على المخالفين، وفق الضوابط الشرعية والآداب المرعية .



    الحادي عشر بعد المائة : الحذر من مستجلبات الاختلاف ومستدعيات الافتراق، من ترك تعليم السُنن وحضّ المكلفين على الاستسلام لها والاستمساك بها، وتربية الناس على تعظيم الشعائر، وتقديم الأمر والنهي، وتهادي الفضائل([37])



    الثاني عشر بعد المائة – وله تعلق بعاليه : سؤال الله تعالى حسن الخاتمة، وصحبة النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وصحبه في الآخرة .



    الثالث عشر بعد المائة : بيان غنى الرب سبحانه "


    عدل سابقا من قبل أبو محمد عبدالحميد الأثري في 21.04.10 17:28 عدل 2 مرات
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: |[ الوفاق في تأويل حديث الافتراق ]| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 21.04.10 17:12

    ------- ( الحاشية ) -------


    ([1])
    معاوية رضي الله عنه من تلك الفئة التي اهتمّت بتعليم الناس دينهم، وكيف لا يهتمبتعليم الناس دينهم وهو الراوي لحديث النبي صلى الله عليه وسلّم : "من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين "رواه الإمامان "البخاري"(71)و"مسلم" (1037)

    وكان قلّما يخطب إلاّ ذكر هذا الحديث في خطبته ليحثّ الناس علىالتفقه في الدين" رواه الإمام أحمد (16954) وحسنه العلامة الألباني في "السلسلة الصحيحة"(1196) .ولهذا الصحابي الجليل 136 حديثاً مسنداًإلى رسولالله صلى الله عليه وسلّم، بعضها في الصحيحين والسنن الأربعة، وهذا يدلّنا علىاهتمامه بنشر العلم والسنة، وقد شهد له أهل عصره بالفقه والأمانة في نقل الحديث .وقد شكا غلامٌ لابن عباس إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن معاوية أوتر بعد صلاةالعِشاء بركعة

    واحدة، فقال له ابن عباس : إنه فقيه، وفي رواية : إنه قد صَحِبَ رسولالله صلى الله عليه وسلّم" رواه الإمام البخاري (3764 و 3765) وقال ابن سيرين : كانمعاوية لا يُتّهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم" رواه أبو داود 4129 (

    قلت : إذا اجتمع له مع الصحبة! كتابة الوحي وحفظ الحديث وروايته والدعوة إليه، لله أبوه، لله دره


    ([2]) ومن الجدير بالذكر أن حديث الافتراق قد ورد عن طريق عدد من الصحابة العظام- وكلهم كذلك- من حديث : أبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وأنس بن مالك، وعوف بن مالك الأشجعي، وأبي أمامة الباهلي، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن عوف المزني، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي الدرداء، وواثلة بن الأسقع - رضي الله عنهم .

    " قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالى : "و إن كان بعض الناس كابن حزم يضعف هذهالأحاديث ، فأكثر أهل العلم قبلوها و صدقوه" اهـ . الفتاوى(16/491 (ومن هؤلاءالأجلة – رحمهم الله جميعا :
    الترمذي : قال في حديث أبي هريرة : "حسن صحيح"-
    وأقره المنذري كما في "تحفة الأحوذي"(7/333) .وقال في حديث عبد الله بنعمرو "حسن غريب مفسر"
    وقال الحاكم (1/218) : "هذا حديث كثر فيالأصول"

    وقال أيضا:" هذه أسانيد تقوم بها الحجة في تصحيح هذا الحديث"
    ووافقهالذهبي في "تلخيص المستدرك"
    ورواه بعض الأئمة ممن اشترط الصحة: كابن خزيمة في "صحيحه"
    وابن حبان في "صحيحه" أيضاو الضياء المقدسي في "المختارة"..
    وسكت عنه أبو داود ، فهو صالح عنده – كما عُلم من اصطلاحه -
    ونقل الزركشيعن البيهقي تصحيحه - كما في كشف الخفاء (2/368) وقال ابن تيمية في الفتاوى (3/345): "الحديث صحيح "
    وقال ابن كثير في "التفسير"(2/610): "طرقه يشد بعضهابعضا"
    وقال الحافظ العراقي في "تخريج الاحياء"(3/230): أسانيده جياد"
    وقالالهيثمي في المجمع (6/350) : "رجاله ثقات"
    وحسنه الحافظ ابن حجر في "تخريجالكشاف"(ص63) وأورد السخاوي في "المقاصد" تصحيح الترمذي الحاكم و سكتعليه.
    وقال البوصيري في "الزوائد": "إسناده صحيح ، رجاله ثقات"
    وصححهالسيوطي ، بل عده من المتواتر- كما في "فيض القدير" (2/20) وقال المناوي فيالتيسير "أسانيده جيدة" – كما في نظم المتناثر (ص31)وقال الفتني في "تذكرةالموضوعات" (ص 62) : "حسن صحيح"
    وصححه الشاطبي في "الاعتصام" (2/189-191 )
    وصححه الأمير الصنعاني في رسالة " افتراق الأمة"
    وصححه ابن الوزير في "الروض الباسم" و المقبلي في "العلم الشامخ"(7) و من المعاصرين(8) :أحمد شاكروالألباني رحمهما الله، والأرناؤوط وغيرهم . وأظن أن في هذه النقول مقنعا وكفاية لطلاب الحق وأولي العقول، والله أعلم" عن "دفع الاختلاق عن حديث الافتراق" .

    نذكر ذا رداً على الطاعنين فيه! زاعمين للأمة السلامة والنجاة والاستقامة، لاهثين لإزالة الفوارق العقدية والمذهبية والحزبية!!! وقد علموا أن في اتباع الحق واستصحاب الصدق : السلامة والنجاة والاستقامة، كيف والأدلة متضافرة على إثباته، وبطلان استحسانهم وسيرهم .


    ([3]) " لم يحصل من الصحابة افترق البتة، وما حصل بين الصحابة إنما هو خلافات كانت تنتهي إما بالإجماع وإما بالخضوع لرأي الجماعة والالتفاف حول الإمام، هذا ما حصل بين الصحابة، ولم يحصل من صحابي أن كان مفترقًا عن الجماعة، وليس فيهم من قال ببدعة، أو عمل محدثًا في الدين، إن الصحابة وهم الأئمة المقتدى بهم في الدين لم يحصل من أحد منهم أنه فارق الجماعة أبدًا، ولم يحصل أن أحدًا منهم أيضًا يُعد قوله أصلاً في البدع، ولا أصلاً في الافتراق، والذين نسبوا بعض المقولات أو نسبوا بعض الفرق إلى بعض الصحابة، إنما كذبوا عليهم، وافتروا عليهم أكبر الفرية، فلا صحة لما يقال من أن علي بن أبي طالب هو أصل التشيع، أو أن أبا ذر هو أصل الاشتراكية، أو أن أهل الصفة هم أصل الصوفية، أو أن معاوية هو أصل الجبرية، أو أن أبا الدرداء أصل القدرية، أو أن فلانًا من الصحابة هو أصل كذا من المقولات، أو المحدثات أو البدع أو المواقف الشاذة، بل كل ذلك إنما هو من لباطل المحض" "الافتراق : مفهومه، أسبابه، سبل الوقاية منه" للدكتور العقل .


    ([4]) ومما ينبغي أن يعلم، أن اختلاف الفهم، والذي وقع أحيانا بين بعض الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين- مع كونه لم يولد فراقا، ولم يفرز شقاقا، فيه "... توسعةً على الأمة، كما رُوِيَ أن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه- قال: ما أحب أن الصحابة لم يختلفوا في الأحكام؛ وذلك لأنهم لو اتفقوا فخالفهم شخص لَعُدَّ مبتدعا، ولَعُدَّ مخالفا؛ فإذا اختلفوا فأخذ هذا بقول هؤلاء، وهذا بقول هؤلاء لم يكن هذا أصوب من هذا، ولم يكن هذا أبعد من هذا؛ بل كل منهم له سلف من الصحابة، وله مَنْ اعتمد على قوله" .
    وبعد ذلك نقول: إن المسائل التي اختلفوا فيها كلها تتعلق بالأحكام وبالفروع، وإن الاختلافات سببها الاجتهاد في المسائل التي ليس فيها نَصٌّ صريح" الشيخ ابن جبرين – رحمه الله تعالى- حال حديثه على الافتراق في موقعه .


    قلت : واجتماعهم حجة قاطعة، واختلافهم – مع ندرته- له أسبابه المرقومة، وقبلة الجميع واحدة : النّص


    ([5]) في رواية، انظرها في "صحيح سنن أبي داود" (4/198) برقم(4597)


    ([6]) دليل ذلك : "كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ"وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ..."الآيات ثُمَّ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ" "السلسلة الصحيحة" (2648)

    وعلَّق عليه العلامة الألباني – رحمه الله تعالى- قائلاً : "وفي هذا الحديث فائدتان مما جرى عليه عمل سلفنا الصالح رضي الله عنهم جميعاً :
    أحدهما : التسليم عند الافتراق ....
    والأخرى : نستفيدها من التزام الصحابة لها . وهي قراءة سورة (العصر) لأننا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن يحدثوا في الدين عبادة يتقربون بها إلى الله إلا أن يكون ذلك بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً ، أو فعلاً ، أو تقريراً ، ولِمَ لا ؟ وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليهم أحسن الثناء ، فقال : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة/100" انتهى .



    ([7]) وهذا ظاهر هنا، ويوضحه على وجه تفصيلي حديث الصحيح : "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك" "صحيح الجامع" برقم(2679) . ‌

    وعن جابر بن سمرة – رضي الله تعالى عنه- قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهم حلق فقال مالي أراكم عزين" "صحيح سنن أبي داود" (4/258) برقم(4823)

    وكذلك حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي ناحية الصف ويسوي بين صدور القوم ومناكبهم ويقول لا تختلفوا فتختلف قلوبكم إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول" "صحيح الترغيب والترهيب" برقم(493)

    تلك في العبادات، وفي المعاملات : "وحشي بن حرب عن أبيه عن جده أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع ؟ قال : فلعلكم تفترقون ؟ قالوا : نعم . قال : فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه" "صحيح سنن أبي داود"(3/346) برقم(3764) في نصوص


    ([8]) في بعض روايات حديث جبريل المشهور : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس بين أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو، فطلبنا إليه أن نجعل له مجلسايعرفه الغريب إذا أتاه، قال: فبنينا له دكانا من طين كان يجلس عليه ".
    استنبط منه الإمام القرطبي: استحباب جلوس العالم بمكان يختص به ويكون مرتفعا إذا احتاج لذلك لضرورة تعليمونحوه" "الفتح" باب سؤالجبريلالنبي صلى الله عليه وسلم عنالإيمان والإسلام والإحسان


    ([9]) وهذا أحد الفلاسفة التائبين : ذكر أبو حامد الغزالي في كتابه "التفرقة بينالإيمان والزندقة" أن النبي– صلى الله عليه وسلم- قال : "ستفترق أمتي نيفًا وسبعين فرقة، كلهمفي الجنة إلا الزنادقة، وهي فرقة. هذا لفظ الحديث في بعض الروايات . قال : وظاهر الحديث يدل على أنه أراد الزنادقة منأمته؛ إذ قال ( ستفترقأمتي ) ومن لم يعترف بنبوته فليس منأمته .

    والذين ينكرون أصل المعاد والصانع فليسوا معترفين بنبوته؛ إذ يزعمون أن الموتعدم محض، وأن العالم لم يزل كذلك موجودًا بنفسه من غير صانع، ولا يؤمنون بالله ولاباليوم الآخر، وينسبون الأنبياء إلى التلبيس؛ فلا يمكن نسبتهم إلى الأمة" انتهى .

    قلت : يقصد منكري النبوات : أهل التخييل من الفلاسفة المخابيل، والرجل ذو بضاعة مزجاة في علم الحديث، بيد أنه فهم منه ما لم يفهمه الزاعمون .


    ([10]) قال المناوي – عفا الله تعالى عنه : " واعلم أن جميع المذاهب التي فارقت الجماعة إذا اعتبرتها وتأملتها لم تجد لها أصلافلذلك سموا فرقا لأنهم فارقوا الإجماع" "فيض القدير" تحت شرحه للحديث .


    ([11]) وهو المحمود في قوله تعالى : "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة : 100]

    وقوله تعالى : "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً" [النساء : 115]

    وفي الصحيح" من حديث ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه : " عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم..." الحديث "متفق عليه .


    ([12]) " الافتراق في اللغة : من المفارقة وهي المباينة والمفاصلة والانقطاع ، والافتراق أيضًا مأخوذ من الانشعاب والشذوذ ومنه الخروج عن الأصل ، والخروج عن الجادة ، والخروج عن الجماعة .

    وفي الاصطلاح : الافتراق هو الخروج عن السنة والجماعة في أصل أو أكثر من أصول الدين القطعية ، سواءً كانت الأصول الاعتقادية ، أو الأصول العملية المتعلقة بالقطعيات ، أو المتعلقة بمصالح الأمة العظمى ، أو بهما معًا .

    عن أبي هريرة - t - عن النبي - e -أنه قال : "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ، مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهدًا عهده فليس مني ولست منه" رواه الإمام مسلم .

    فمخالفة أهل السنة والجماعة في أصل من أصول الدين في العقيدة افتراق ومفارقة للجماعة ، ومخالفة إجماع المسلمين افتراق ومفارقة للجماعة ، ومخالفة جماعة المسلمين وإمامهم فيما هو من المصالح الكبرى افتراق ومفارقة للجماعة" "الافتراق مفهومه، أسبابه، سبل الوقاية منه" للدكتور ناصر العقل .


    ([13])قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : "إنه لم يكن من طريقة السلف الجزم بتعيين هذه الفرق، وإن عينوا أصولها كقولهم: أصول البدع أربع: المرجئة، والقدرية، والجهمية، والشيعة، أو ما إلى ذلك من جمل السلف"

    فهم قد يعينون أصول البدع . أما أنهم اشتغلوا بتسمية الفرق المخالفة للسلف - وهم ثنتان وسبعون فرقة- فإن هذا الاشتغال لم يقع من أحد من السلف، وإنما اشتغل به بعض المتأخرين .

    وأصل الاشتغال به من طريقة متكلمة أهل الإثبات كأصحاب أبي الحسن الأشعري المنتسبين إلى السنة والجماعة، فإنهم سموا الطوائف الثلاث والسبعين، واستعمل هذا أيضاً بعض الفقهاء من أصحاب الأئمة رحمهم الله الذين يجانبون طريقة المتكلمين.

    لكن هذا الاشتغال ليس اشتغالاً سلفياً، بل هو من القول على الله بغير علم؛ لأنه إن اعتبرت أسماء الطوائف التي ظهرت في تاريخ المسلمين فإن العدد لا يمكن أن ينضبط عليها، بل قد يزيد عنها إذا اعتبر تفرق الطوائف، كأن يقال الخوارج: خمس عشرة طائفة.. المرجئة: ثنتا عشرة طائفة، إذا اعتبر هذا التقرير كما هي طريقة أهل المقالات فإن الفرق تزيد كثيراً عن ثلاث وسبعين. وإذا اعتبرت أصول الطوائف فإن الفرق تقل عن ثلاث وسبعين؛ ولذلك إن صح هذا الحرف عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حرفٌ يعلم علماً مجملاً، كلياً، فيعلم أن الفرق ستكثر .

    وكأن المراد من كلمته صلى الله عليه وسلم : أن البدع ستكثر، وأنه سيكون لها أوجهاً متعددة.

    وأما أن المكلفين يعلمون أسماء هذه الفرق فهذا ليس بصحيح، وقد أوضحنا في شرح كتاب الإيمان لـأبي عبيد أنه لم يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سمى طائفةً بدعيةً باسمها، كاسم المرجئة أو القدرية أو الشيعة، أو ما إلى ذلك، بل كل ما روي مرفوعاً إليه لا يصح، وإنما صح كلامه صلى الله عليه وسلم في الخوارج . إذاً قوله : (على ثلاث وسبعين فرقة) هذا التحديد هو الذي أفاده هذا الحديث . فإن صح قيل: هذا من العلم المجمل الكلي، وإن لم يصح فالاعتبار بثبوت الافتراق وليس بماهية العدد"


    ([14]) ومع كونها الأخيرة الأكثر فهي المتقدمة الأتقى، في دلالة على أن اختلافها محجوج وصاحبه ممجوج وهو في ذاته منبوذ . كيف لا والوحي محفوظ؟!



    ([15]) قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : " فمن كفَّر الثنتين والسبعين فِرقة كلَّهم : فقد خالف الكتاب والسنَّة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان ... وليس قوله " ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة " بأعظم من قوله تعالى { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } ، وقوله { ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوق نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا } وأمثال ذلك من النصوص الصريحة بدخول من فعل ذلك النار" "منهاج السنة" (5/249،250) .


    ([16]) "بعض الدعاة وبعض طلاب العلم الذين لم يكتمل فقههم في الدين، لا يفرقون بين مسائل الخلاف ومسائل الافتراق، ومن هنا قد يرتب بعضهم على مسائل الاختلاف أحكام الافتراق، وهذا خطأ فاحش أصله الجهل بأصول الافتراق، ومتى يكون هذا؟ وكيف يكون؟ ومن الذي يحكم بمفارقة شخص أو جماعة ما؟

    من هنا كان لابد من ذكر بعض الفروق بين الاختلاف وبين الافتراق، وسأذكر خمسة فروق على سبيل المثال لا على سبيل الحصر :

    الفرق الأول : أن الافتراق أشد أنواع الاختلاف، بل هو من ثمار الخلاف، إذ قد يصل الخلاف إلى حد الافتراق، وقد لا يصل ، فالافتراق اختلاف وزيادة، لكن ليس كل اختلاف افتراقًا . وينبني على هذا الفرق الثاني

    الفرق الثاني : وهو أنه ليس كل اختلاف افتراقًا، بل افتراق اختلاف، فكثير من المسائل التي يتنازع فيها المسلمون هي من المسائل الخلافية، ولا يجوز الحكم على المخالفة فيها بالكفر ولا المفارقة ولا الخروج من السنة

    الفرق الثالث : أن الافتراق لا يكون إلا على أصول كبرى، أي أصول الدين التي لا يسع الخلاف فيها، والتي ثبتت بنص قاطع أو بإجماع، أو استقرت منهجًا عمليًا لأهل السنة والجماعة لا يختلفون عليه ، فما كان كذلك فهو أصل، من خالف فيه فهو مفترق، أما ما دون ذلك فإنه يكون من باب الاختلاف ...

    الفرق الرابع : أن الاختلاف قد يكون عن اجتهاد وعن حسن نية ويؤجر عليه المخطئ ما دام متحريًا للحق ، والمصيب أكثر أجرًا، وقد يحمد المخطئ على الاجتهاد أيضًا ، أما إذا وصل إلى حد الافتراق فهو مذموم كله ،

    بينما الافتراق لا يكون عن اجتهاد ، ولا عن حسن نية، وصاحبه لا يؤجر عليه ، بل هو مذموم وآثم على كل حال، ومن هنا فهو لا يكون إلا عن ابتداع أو عن اتباع هوى، أو تقليد مذموم، أو جهل مطبق .

    الفرق الخامس : أن الافتراق يتعلق به الوعيد، وكله شذوذ وهلكة، أما الاختلاف فليس كذلك، مهما بلغ الخلاف بين المسلمين في أمور يسع فيها الاجتهاد، أو يكون صاحب الرأي المخالف له مسوغ أو يحتمل أن يكون قال الرأي المخالف عن جهل بالدليل ولم تقم عليه الحجة، أو عن إكراه يعذر به قد لا يطلع عليه أحد ، أو عن تأول ولا يتبين ذلك إلا بعد إقامة الحجة" "الافتراق ..." للعقل .




    ([17]) في "الصحيح" أن رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة . أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة . أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة : إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر" "صحيح الجامع" برقم(89)




    ([18]) وفيه : حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – قال : خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوماً خطاً ثم قال : "هذه سبيل الله" ثم خط خطوطاً عن يمينه، وخطوطاً عن يساره ثم قال : "هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعوا إليه" ثم قرأ هذه الآية : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبُل فتفرق بكم عن سبيله }




    ([19]) تحت قول الله تعالى : "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" "الأنعام"(153) .

    قال الحافظ ابن كثير-رحمه الله تعالى– تحت هذه الآية : "إنما وحّد سبيله لأن الحق واحد ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها" .




    ([20]) قال الإمام الشاطبي – رحمهالله تعالى : " وهذه سنة الله في الخلق : أن أهل الحق فيجنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى : "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" [ سورةيوسف الآية 103 ] وقوله : "وقليل من عبادي الشكور" [سورة سبأ الآية 13] ولينجزالله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه فإن الغربة لا تكونإلا مع فقد الأهل أو قلتهم وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنةبدعة والبدعة سنة ..." اهـ "الاعتصام"(1/11-12)قال العلامة شمس الدين ابن القيم – رحمه الله تعالى :" ولما رأى المنافقون ومَن فى قلبه مرض قِلَّة حزبِ الله وكثرةَ أعدائه، ظنُّوا أنالغلبة إنما هى بالكثرة، وقالوا: ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) [الأنفال: 49]،فأخبر سبحانه أن النصر بالتوكل عليه لا بالكثرة، ولا بالعدد، والله عزيز لايُغالَب، حكيم ينصر مَن يستحق النصر، وإن كان ضعيفاً، فعزتُه وحكمتُه أوجبت نصرَالفئةِ المتوكِّلَةِ عليه. " "زاد المعاد" (3/181) وقال – رحمه الله تعالى- في "نونيته" :

    واصدع بما قال الرسول ولا تخف *** من قلة الأنصار والأعوان
    فالله ناصر دينه وكتابــــــه *** والله كاف عبده بأمـــان



    إلى أنقال :
    لا تخش كثرتهم فهم همج الورى *** وذبابه أتخاف منذبـــان" "النونية"ص(16-17)




    وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى- في " كتاب التوحيد : بابمن حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب بعدما ذكر حديث ابن عباس السابق" : "فيه مسائل :الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة ".اهـقال العلامة ابن باز – رحمه الله تعالى : " وليحذر كل مسلم أنيغتر بالأكثرين، ويقول : إن الناس قد ساروا إلى كذا، واعتادوا كذا ، فأنا معهم،فإن هذه مصيبة عظمى، قد هلك بها أكثر الماضين، ولكن أيها العاقل، عليك بالنظرلنفسك ومحاسبتها والتمسك بالحق وإن تركه الناس، والحذر مما نهى الله عنه وإن فعلهالناس، فالحق أحق بالاتباع، كما قال تعالى : "وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِيالْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه" وقال تعالى : "وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِوَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ" وقال بعض السلف رحمهم الله : "لا تزهد في الحق لقلةالسالكين ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين" اهـ ."نصيحة موجهة إلى كافةالمسلمين" أنظر فتاويه رحمه الله ص(12/411– 416) قال العلامة الألبانيرحمه الله تعالى : " فالمؤمن لا يستوحش من قلةالسالكين على طريق الهدى ولا يضره كثرة المخالفين "اهـ "صلاة العيدين في المصلى" ص(47)وقال معالي الشيخالعلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله تعالى " فالعبرة ليست بالكثرة, العبرة بالصواب وإصابة الحق .

    نعم, إذا كانت الكثرة على صوابفهذا طيب , ولكن سنة الله جل وعلا أن الكثرة تكون على الباطل "ومآ أكثر الناس ولوحرصت بمؤمنين" "وأن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله" اهـ "شرح مسائل الجاهلية" ص(60)


    عدل سابقا من قبل أبو محمد عبدالحميد الأثري في 21.04.10 17:33 عدل 1 مرات
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: |[ الوفاق في تأويل حديث الافتراق ]| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 21.04.10 17:13

    ([21]) " من الخلابة : وهي الخداع بالقول اللطيف" "النهاية..." ص(276) ط. ابن الجوزي




    ([22]) "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً" [الغاشية: 2- 4] وصحّ الخبر في الخوارج : "يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ..." "صحيح الجامع" برقم(8053) ‌


    ([23]) عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال : " كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري : يا للأنصار وقال المهاجري : يا للمهاجرين .

    فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما بال دعوى جاهلية ؟

    قالوا : يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار .

    فقال : دعوها فإنها منتنة" الحديث.

    فعدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الدعاوى من أمور الجاهلية ووصفها بالقبح مع أنهم انتسبوا رضي الله عنهم إلى أعمال صالحة ومفاخر عظيمة في دين الله : الهجرة والنصرة .

    ومع ذلك لما كانت للعصبية وهمت أن تفرق بين المسلمين وتوقع القتال إذ أخذ كل سلاحه سماها عليه الصلاة والسلام "دعوى جاهلية"

    ولقد عاب الله سبحانه على الذين اتخذوا مسجدا ضراراً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان مقصدهم التفريق بين جماعة المسلمين فقال الله عنهم : { وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [ التوبة: 107]

    قال الإمام أبو عبدالله محمد القرطبي : " قوله : {وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي : يفرقون به جماعتهم ليتخلف أقوام عن النبي صلى الله عليه وسلم"




    ([24]) قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : "ولهذا كان الإجماع من أشرف أصول الاستدلال عند الأئمة، ومخالفه يكون على قدر من الضلال والبدعة بخلاف من خالف ما لم يظهر له من دلائل أو من آحاد الدلائل، فإن هذا مقام يقع فيه اجتهاد"



    ([25]) ومن أدلة الجماعة على الجماعة : مارواه الإمامان النسائي وابن ماجة – رحمهما الله تعالى- عن عمر - رضي الله عنه- أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «فمن أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة».

    وما رواه الأئمة : أحمد والترمذيوالنسائي – رحمهم الله تعالى- عن الحارث الأشعري عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «من خرج منالجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلى أن يرجع».

    وما جاء في "الصحيح" من حديث حذيفة – رضي الله تعالى عنه- عندما سأل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- عن الشر مخافة أن يدركه، أجابه الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم : «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم».

    وما جاء في "الصحيح" من حديث الحارث الأشعري – رضي الله تعالى عنه : "... وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن : الجماعة، والسمع والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع، ومن دعا بدعوة الجاهلية فهو من جثاء جهنم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها : المسلمين المؤمنين عباد الله" "صحيح الجامع" برقم(1724) . ‌

    وما روى الإمام الدارمي – رحمه الله تعالى- عن عمر - رضي الله عنه- قوله : «يا معشر العريب الأرض الأرض إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولاجماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة».

    وما رواه الإمام الطبري – رحمه الله تعالى- عن سعيد بن زيد - رضي اللهعنه- قوله عن الصحابة – رضي الله تعالى عنهم : «كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة»، فمدلول لفظالجماعة صريح في إفادته لمعنى وحدة المسلمين متعاونين على البرّ، حول إمام واحد ممكن مبايع، براً كان أو فاجرا .




    ([26])"لا إسلام" ظاهر "إلا بجماعة" على حقائقه "ولا جماعة" مستقيمة "إلا بإمارة" مسلمة حازمة، "ولا جماعة" قائمة مقيمة "إلا بسمع وطاعة" في المعروف ووفق القدرة .

    ولله در القائل : "الإسلام والسلطان أخوان توأم لا يصلح واحد منهما إلا بصاحبه؛ فالإسلام أس والسلطانحارس، وما لا أس له منهدم، وما لا حارس له ضائع" الله تعالى نسأل لولاة أمور المسلمين التوفيق للخير والعمل به .



    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : « فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، لحاجةبعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع إلى أميرٍ يسوسهم، وقائدٍ يقودهم، وإذا كانذلك واجباً في أقل الاجتماعات، وأقصرها، فكيف بأمر المسلمين، وفي الحديث : ( إذا خرجثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ...) تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماعات" .




    ([27]) وقال اسحق بن راهويه – رحمه الله تعالى : « لو سألت الجهّال عن السّواد الأعظم لقالوا: جماعة النّاس،ولا يعلمون أنّ الجماعة عالمٌ متمِّسك بأثر النّبي – صلى الله عليه وسلم- وطريقه، فمنكان معه وتبعه فهو الجماعة » أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (9/239) .




    ([28]) في "الصحيح"عن عمير بن هانئ العنسي قال : سمعت عبد الله بن عمر، يقول : كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل يا رسول الله وما فتنة الأحلاس قال هي هرب وحرب ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني وإنما أوليائي المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة فإذا قيل انقضت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده" "صحيح سنن أبي داود" (4/94) برقم(4242) .




    ([29]) وقد وقعت – قديما كما هو الحال حديثاً- المشاقة لله تعالى ولرسوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- باتباع غير سبيل المؤمنين من أهل الشقاق والافتراق .




    ([30]) قال رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله و سلم : " لاتباغضوا و لا تقاطعوا و لا تدابروا و لا تحاسدوا، و كونوا عباد اللهإخوانا كماأمركم الله، و لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثةأيام""متفق عليه"

    قال الشيخ ابن عثيمين– رحمه الله تعالىفيشرح الحديث :" لا تسعوا بأسباب البغضاء، و إذا وقع في قلوبكم بغضلإخوانكمفاحرصوا على إزالته و قلعه من القلوب" "شرح الأربعين النووية" ص(484)




    ([31]) والمشاكلة ظاهرة : فإن البدعة تخالط قلبه، كما يخالط داء الكَلَببدن المبتلى، حتى لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله، هذا من جهة .

    ومن جهة أخرى، فلما كان العلم للقلوب كالماء للحياة، وكان أرباب البدع على اختلافهم ينفرون من العلم وهو الدواء، مؤثرين الجهل - وهو داء الأدواء- حرموه . والمعصوم من عصم، والسعيد من وقي .

    وهو أيضا يؤثر – بإذن الله تعالى- في غيره ممن هو على شاكلته بما ينفثهمن الشبه ويلقيه من الشكوك، كما يؤثر المصاب بهذا الداء على غيره إذا عضّه، والقياس ظاهر .

    ولذلك عبر - صلىالله عليه وسلم – بقوله : ( تتجارى بهم تلك الأهواء ) أي : أنها تنتشر بينهم بسرعةكانتشار النار في الهشيم، فيتلقفونها، ويتأثرون بها، وهي سمة مشتركة بين أهلالبدع، نسأل الله العافية .

    فكما أن الكلب إذ ولغ في الإناء نجسه، واستدعى تكرار الطهارة وتنوعها، فذاك إذا ولغ في أمر أفسده بجهله أو بدعته، فاقتضى تكرار تطهيره وتنوع النصح ليطهر وينصع .


    ([32]) هذا .. ومن الأدلة الأخرى ذات الدلالة مع حديث افتراق الأمة ؟



    من القرآن المجيد : قوله تعالى : " فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ" سورة "المائدة" الآيتان(13-14)



    وقوله تعالى : " فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ" [الأعراف : 165]



    وقوله سبحانه : "قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً" [الفرقان : 18]



    وقوله تعالى : "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" [صـ : 26]



    ومن الآيات التي تبين اختلاف الأمة بل الأمم من قبلنا هو قوله تعالى : وَلَوْ شَاءَرَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْكَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِفُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰلِلْمُؤْمِنِينَ" سورة "هود" الآيات(118-120) ونحوها .



    ومن السُّنَّة المقدّسة : حديث : " لتتبعن سنن من كان قبلكم ..." الحديث .

    وحديث : "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذونبسنته ويقتدون بأمره ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لايؤمرون ... " الحديث .

    وكذلك حال ومقال النبي – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم- حين رأى مع الفاروق صحيفة من التوراة إذ غضب ونهاه : "... لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي" .

    وحديث العرباض - رضي الله عنه- قال : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منهاالقلوب..." الحديث وحديث وصف حال الفرقة الناجية، وأنهم هم : "من كانوا على ما مثل أنا عليه اليوم وأصحابي" وأحاديث النبوءة بالخوارج وحالهم وخروجهم.

    وأحاديث الفتن .. والملكالعضوض بعد الخلافة الراشدة .

    وحديث الغربة : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا ..." الحديث .

    وحديث الحوض، وشاهده " لا تدري ما أحدثوا بعدك..." الحديث .

    وحديث العرض : "عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي ومعه الرجل ... " الحديث .



    ومن الآثار : أنهار أرتشف منها : قول ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه : " الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك"
    وقول أبي علي الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى : " اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطرقالضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين"

    وقول أبو شامة – رحمه الله تعالى : " وحيث جاءالأمر بلزوم الجماعة؛ فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاًوالمخالف كثيراً؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليهوسلم وأصحابة رضي الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل"اهـ"الباعث على إنكار البدع والحوادث " ص(22) واستحسنه العلامة ابن قيم الجوزيّة– رحمه الله تعالى- في «إغاثة اللهفان"(1/69) في آثار نهار



    فإذا ضممت ما سلف لآية الأنعام وتفسيرها الإمام، أعني قوله تعالى : "وأنهذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" وخطبة النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وخطّ في بيانها، دلّ مجموع ذلككله دلالة مطابقة على حديث الافتراق .




    ([33]) في الصحيح" قال رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : "ستكون بعدي هنات وهنات فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق أمر أمة محمد كائنا من كان فاقتلوه فإن يد الله مع الجماعة وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض" "صحيح الجامع " برقم(3621)




    ([34]) في "الصحيح" قال رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله على الجماعة..." "صحيح الجامع" برقم (1848) .‌




    ([35]) ومن الخلل : الخلل في منهج التلقي، فأكثر الأهواء كان وراءها . وأخطر الأحداث كان إمامها .

    وانظر تجد أصاغر يتلقفون قيء أصاغر، أخذوا علما وفهما من غير أهله، زهدوا الكبار الأكابر! وذهبوا مذاهب بل مزابل الصغار الأصاغر !! .

    ورؤوسهم الشياطين لم يسلم لهم ذا إلا بعيد طعنهم في الأئمة، فسقطت في نفوس همجهم هيبتهم؛ فخلا الجو لهم بيضا وتنقيرا؛ فضلوا بعد أن ضَلُّوا، وما الله بغافل عما يعملون .

    لذا ينبغي أن يحاربوا بنقيض عزمهم؛ فيرجع إلى أهل العلم السلفيين – أسفارا وذاتا- في المسائل الكبيرة والمهمات الجسيمة، إيصادا لباب الأهواء، ونكاية بمفسدة الأجواء .




    ([36]) ومما جاء في النهي عن التشديد، قول النبي e: " إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبـه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة"



    وفي بيان الضابط الفارق بين التشدد الموضوع والتمسك المشروع، أقول : إنه الاتباع .

    واعتبر ذا في دعاوى : الوسطية، والتيسير، والاحتياط ... وما جرى مجراها .


    ([37]) إذ جاء في بعض طرق الحديث زيادة دالة : عن عبد الله بن عمرو – رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة . قالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي" حسنة العلامة الألباني في "صحيح جامع الترمذي" (2/26) برقم(2641)
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: |[ الوفاق في تأويل حديث الافتراق ]| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 18.12.10 19:21

    alien

    ومن هنـــــــا الكتاب pdf


    http://www.4shared.com/document/zPBah1rl/____.html

      الوقت/التاريخ الآن هو 17.05.24 4:22