هل يجوز تقبيل الرجل زوجته أمام الناس ؟!
ما صحة أثر تقبيل ابن عمر رضي الله عنه لامرأة سباها أمام الصحابة ؟
( هناك أثر أن ابن عمر قَبّل سبيّة سباها ، قبّلها على رقبتها " جيدِها " أمام الصحابة ) .
وهل الشافعية يقولون بجواز تقبيل الرجل زوجته أمام الناس ؟!
==========
الأثر في مصنف حماد بن سلمة - والله أعلم ومن طريقه خرجه ابن المنذر في الأوسط
والإمام البخاري في التاريخ الكبير
قال الإمام البخاري - رحمه الله
( أيوب بن عبد الله اللخمي سمع ابن عمر قال وقعت في سهمي يوم جالولاء جارية كأن عنقها إبريق فضة فما ملكت نفسي حتى قبلتها والناس ينظرون إلي قاله لنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أيوب)
والأثر في مصنف حجاج بن منهال أيضا
والله أعلم
ومصنف حجاج من أهم مصادر ابن المنذر - رحمه الله - في كتبه
قال الشيخان عبد القادر - رحمه الله - وشعيب - وفقه الله - الألبانيان
في تعليقهما على الهدي النبوي لابن القيم ( 5\715)
(علي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف وأيوب بن عبد الله اللخمي مجهول )
وأما ابن بطال فقد ذكر في شرح البخاري
(واختلفوا فى تقبيل الجارية ومباشرتها قبل الاستبراء، فأجاز ذلك الحسن البصرى وعكرمة، وبه قال أبو ثور، وثبت عن ابن عمر أنه قبل جارية وقعت فى سهمه يوم جلولاء ساعة قبضها. وكره ذلك ابن سيرين، وهو قول الليث ومالك و أبى حنيفة والشافعى، ووجه كراهتهم لذلك قطعا للذريعة، وحفظاُ للانساب.
وحجة الذين أجازوا ذلك قوله تعالى: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} وقوله عليه السلام: « لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض » .
فدل هذا أن ما دون الوطء من المباشرة والقبلة فى حيز المباح وسفر النبى عليه السلام بصفية قبل أن يستبرئها حجة فى ذلك لأنه لو لم يحل له من مباشرتها ما دون الجماع لم يسافر بها معه، لأنه لا بد أن يرفعها أو ينزلها، وكان عليه السلام لا يمس بيده امرأة لا تحل له، )
انتهى
===========
قال ابن حزم - رحمه الله
(وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولاءَ كَأَنَّ عُنُقَهَا إبْرِيقُ فِضَّةٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا مَلَكْت نَفْسِي أَنْ جَعَلْت أُقَبِّلُهَا - وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ -
فَقَدْ أَجَازَ التَّلَذُّذَ قَبْلَ الاسْتِبْرَاءِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
=======
البخاري في التاريخ الكبير
- ايوب بن صالح الاودى ان عمر بن عبد العزيز، ايوب بن عبد الله اللخمى سمع ابن عمر قال وقعت في سهمي يوم جلولاء جارية كأن عنقها ابريق فضة فما ملكت نفسي حتى قبلتها والناس ينظرون إلى، قاله لنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن على بن زيد عن ايوب.
العلل للإمام أحمد
سمعت أبي يقول حدثنا هشيم عن علي بن زيد عن أيوب اللخمي عن بن عمر أنه وقع في سهمه جارية يوم جلولاء كأن عنقها إبريق فضة قال فما صبرت أن قمت إليها فقبلتها والناس ينظرون سمعت أبي يقول لم يسمعه هشيم من علي من زيد (2190) سمعت القواريري يقول كتب وكيع إلى هشيم بلغني أنك تفسد أحاديثك بهذا الذي تدلسها فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم كان استاذاك يفعلانه الاعمش وسفيان
التلخيص الحبير
- 1833 - ( 4 ) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ : " وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ مِنْ سَبْيِ جَلُولَاءَ ، فَنَظَرْت إلَيْهَا فَإِذَا عُنُقُهَا مِثْلُ إبْرِيقِ الْفِضَّةِ ، فَلَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ وَقَعْت عَلَيْهَا ، فَقَبَّلْتهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيَّ أَحَدٌ " .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْكِتَابِ الْأَوْسَطِ : نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، نَا حَجَّاجٌ نَا حَمَّادٌ ، نَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّخْمِيِّ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولَاءَ .
.
جاء في الشرح الكبير
فاما المسبية ففيها روايتان (احداهما) تحريم مباشرتها وهو ظاهر كلام الخرقي وهو الظاهر عن احمد إذا كان لشهوة قياسا على العدة ولانه داعية إلى الوطئ المحرم المفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الانساب فأشبهت المبيعة والرواية الثانية لا يحرم لما روي عن ابن عمر انه قال وقع في سهمي يوم جلولاء جارية كان عنقها ابريق فضة فما ملكت نفسي ان قمت إليها فقبلتها والناس ينظرون ولانه لا نص في المسبية ولا يصح قياسها على المبيعة لانها تحتمل ان تكون ام ولد للبائع فيكون مستمتعا بأم ولد غيره ومباشر لمملوكة غيره والمسبية مملوكة له على كل حال وانما حرم وطؤها لئلا يسقى ماءه زرع غيره
========
أما أثر ابن عمر رضي الله عنهما فرواه العبسي في كتابه
وفي إسناده
وقد احتج بالأثر أبو يعقوب الحنظلي كما في مسائل الأثط عنه
وأما حكم المسألة عند الشافعية - رحمهم الله -
فقد ذكروا في الخوارم
تقبيل الزوجة بحضرة الأجانب
فذكر الإمام النووي - رحمه الله في المنهاج
(وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ)
قال الشربيني في المغني
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ ) لَهُ ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا مِنْ صَدْرٍ وَنَحْوِهِ ، وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا فَلَوْ عَبَّرَ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ كَانَ أَوْلَى .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ الَّذِينَ يَسْتَحْيِي مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَالتَّقْبِيلُ الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ ، فَلَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ ، أَوْ بِحَضْرَةِ زَوْجَاتٍ لَهُ غَيْرُهَا ، فَإِنَّ
ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ ، وَقَرَنَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّقْبِيلِ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ مِمَّا يُسْتَحْيَا مِنْهُ ، وَكَذَا صَرَّحَ فِي النِّكَاحِ بِكَرَاهَتِهِ ، لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ حَرَامٌ .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَأَنَّهُ تَقْبِيلُ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمَتُّعٍ ، أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ)
انتهى
وفي نهاية المحتاج
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ أَجْنَبِيٍّ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَقْبِيلَهَا لَيْلَةَ جَلَائِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّاتِ يُسْقِطُهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ)
وفي إعانة الطالبين
((قوله: ولان ابن عمر الخ) معطوف على قوله لانه () الخ (قوله: من سبايا أوطاس) وقيل من سبايا جلولاء وجمع بينهما بأن جلولاء كانوا معاونين لهوازن لكونهم حلفاءهم: أي معاهدين لهم فيمكن أن السبايا من هوازن أو من جلولاء وقسموها في الموضع المسمى بأوطاس، فتكون الجارية الواقعة لابن عمر من جلولاء.
وقصة ابن عمر رضي الله عنهما أنه اتفق أن واحدة سبيت من نسائهم فلما نظر عنقها كإبريق أي سيف فضة فلم يتمالك الصبر عن تقبيلها والناس ينظرونه ولم ينكر أحد عليه فصار إجماعا سكوتيا لا يقال الاجماع لا ينعقد في حياته () لانا نقول المراد ولم ينكر عليه أحد من الصحابة بعد موته () لا يقال تقبيله لها خارم للمروءة لانا نقول: لعله اعتقد عدم وجود أحد عنده فقوله والناس ينظرون: أي وهو لم يعلم بذلك أو أنه فعله إغاظة للكفار أو باجتهاده )
انتهى
===========
تنبيه :
(وقد احتج بالأثر أبو يعقوب الحنظلي كما في مسائل الأثط عنه)
المقصود احتج بالأثر في مسألة الاستمتاع بالمسبيةقبل الاستبراء بما هو دون الوطء
لا على التقبيل أمام الناس
قال أبو يعقوب الحنظلي كما في مسائل السناطي عنه
( لا بأس أن يقبلها ويباشرها لأنها ممن لا يخشى أن ترد من حبل، ولا نرى بالمدركة بأساً أن يقبلها ويباشرها قبل الاستبراء لحديث1 ابن عمر -رضي الله عنهما-)
وهذه رواية رويت عن الإمام أحمد ذكرها ابن قدامة
وأيضا وجه مشهور في مذهب الإمام الشافعي
رغم أن نص الشافعي في الأم على خلافه
((قال الشافعي) وإذا اشترى الرجل فجارية من المغنم أو وقعت في سهمه أو من سوق المسلمين لم
يقبلها ولم يباشرها ولم يتلذذ منها بشئ حتى يستبرئها.
)
انتهى
والمقصود أنه لم يحتج به على التقبيل أمام الناس
والأثر لو صح لم كان فيه حجة من وجوه ذكرها علماء الشافعية - رحمهم الله
كما في المشاركات السابقة وهناك أجوبة أخرى ذكرها بعض فقهاء الشافعية
ثم لو سلمنا جدلا بصحة الخبر وبالاحتجاج به في هذا الموضع فحكم الأمة يختلف عن حكم الزوجة من وجوه
والحرة غير الأمة
ثم إن الحرة أمرت بالستر والحجاب
ففي جميع الأحوال لا حجة في الأثر على جواز تقبيل الزوجة ( قبلة جنسية ) أمام الناس
ثم هناك مفسدة عظيمة لهذا الأمر
وإنما اطلت في هذا الباب لأني رأيت بعض المعاصرين قد أفتى بجواز هذا في ليلة الدخلة
أمام الحضور في بلاد الكفر وعلل ذلك بأمور غريبة عجيبة
والله المستعان
============
من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله مفتي الديار السعودية سابقا :
( تقرير )
تقبيلها أمام الناس
( بعض الناس –والعياذ بالله- من سوء المعاشرة أنه قد يباشرها بالقبلة أمام الناس ونحو ذلك ، وهذا شيء لا يجوز ) أ.هـ .(10/277)
============
ولا يجوز للرجل ولا للمرأة أن يتحدثوا لأحد عما يحصل بينهم في الفراش مما لا ينبغي أن يطلع عليه غيرهما ، لما يفضي إليه ذلك من المفاسد والفتن وفتح باب الشيطان
وهذا فيمن تحدث يصف فعله مع زوجته فكيف بمن فعل أمام الناس حتى شاهدوه ؟!
=========
في شرح مسلم للنووي - رحمه الله
( قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ أَشَرّ النَّاس عِنْد اللَّه مَنْزِلَة يَوْم الْقِيَامَة الرَّجُل يُفْضِي إِلَى اِمْرَأَته وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُر سِرّهَا )
. قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا وَقَعَتْ الرِّوَايَة ( أَشَرّ ) بِالْأَلِفِ وَأَهْل النَّحْو يَقُولُونَ : لَا يَجُوز ( أَشَرّ ) وَ ( أَخْيَر ) وَإِنَّمَا يُقَال هُوَ خَيْر مِنْهُ وَشَرّ مِنْهُ . قَالَ : وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا وَهِيَ حُجَّة فِي جَوَازهَا جَمِيعًا وَأَنَّهُمَا لُغَتَانِ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم إِفْشَاء الرَّجُل مَا يَجْرِي بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته مِنْ أُمُور الِاسْتِمْتَاع ، وَوَصْف تَفَاصِيل ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَة فِيهِ مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل وَنَحْوه . فَأَمَّا مُجَرَّد ذِكْر الْجِمَاع ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَائِدَة وَلَا إِلَيْهِ حَاجَة فَمَكْرُوه لِأَنَّهُ خِلَاف الْمُرُوءَة . وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت " . وَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَة أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَة بِأَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ إِعْرَاضه عَنْهَا أَوْ تَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْز عَنْ الْجِمَاع أَوْ نَحْو ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَة فِي ذِكْره كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَأَفْعَلَهُ أَنَا وَهَذِهِ " وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَة : " أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَة ؟ " وَقَالَ لِجَابِرٍ : " الْكَيْس الْكَيْس " .
وَاَللَّه أَعْلَم )
وفي المنتقى مع شرحه
(بابُ نَهْيِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ التَّحَدُّثِ بِمَا يَجْرِي حَالَ الْوِقَاعِ 2795 - ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إلَى الْمَرْأَةِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ) .
2796 - ( وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ : مَجَالِسَكُمْ ، هَلْ مِنْكُمْ الرَّجُلُ إذَا أَتَى أَهْلَهُ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَرْخَى سِتْرَهُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا وَفَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا ؟ فَسَكَتُوا ، فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ فَجَثَتْ فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ ، لِيَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعَ كَلَامَهَا ، فَقَالَتْ : إي وَاَللَّهِ إنَّهُمْ يَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ إنَّ مَثَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، مَثَلُ شَيْطَانٍ وَشَيْطَانَةٍ لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسِّكَّةِ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد .
وَلِأَحْمَدَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ) .
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ : إلَّا أَنَّ الطُّفَاوِيَّ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا نَعْرِفُ اسْمَهُ .
وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ : وَالطُّفَاوِيُّ مَجْهُولٌ .
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِهِ ، فَقَالَ : عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ .
قَوْلُهُ : ( إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ) لَفْظُ مُسْلِمٍ " أَشَرِّ " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَأَهْلُ النَّحْوِ يَقُولُونَ : لَا يَجُوزُ أَشَرُّ وَأَخْيَرُ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَشَرٌّ مِنْهُ .
قَالَ : وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَهِيَ حُجَّةٌ فِي جَوَازِ الْجَمِيعِ .
قَوْلُهُ : ( كَعَابٌ ) عَلَى وَزْنِ سَحَابٍ : وَهِيَ الْجَارِيَةُ الْمُكَعَّبُ .
وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى تَحْرِيمِ إفْشَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الْجِمَاعِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَ الْفَاعِلِ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ .
وَكَوْنَهُ بِمَنْزِلَةِ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ نَشْرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْأَسْرَارِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا الرَّاجِعَةِ إلَى الْوَطْءِ وَمُقَدَّمَاتِهِ ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ فِعْلِ الْمَكْرُوهِ لَا يَصِيرُ بِهِ فَاعِلُهُ مِنْ الْأَشْرَارِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ شَرِّهِمْ .
وَكَذَلِكَ الْجِمَاعُ بِمَرْأًى مِنْ النَّاسِ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ ، وَإِنَّمَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الرَّجُلَ ، فَجَعَلَ الزَّجْرَ الْمَذْكُورَ خَاصًّا بِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي الْغَالِبِ مِنْ الرِّجَالِ .
قِيلَ : وَهَذَا التَّحْرِيمُ إنَّمَا هُوَ فِي نَشْرِ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ التَّفَاصِيلِ الرَّاجِعَةِ إلَى الْجِمَاعِ وَإِفْشَاءِ مَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ حَالَةَ الْوِقَاعِ .
وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ نَفْسِ الْجِمَاعِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَلَا إلَيْهِ حَاجَةٌ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُرُوءَةِ وَمِنْ التَّكَلُّمِ بِمَا لَا يَعْنِي ، { وَمِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ } .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ } فَإِنْ كَانَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ تُنْكِرَ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ الزَّوْجِ لَهَا وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنْ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ الْعُنَّةَ قَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ " وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنِّي لَأَفْعَلُهُ أَنَا وَهَذِهِ } .
وَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : { أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ } ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَثِيرٌ .)