خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 19.09.08 10:34


    تعرف على من يتسمون بالقرآنيين (منكرو السنة)


    بسم الله الرحمن الرحيم....

    هذا تلخيصي لكتاب دالجذور التاريخية لمنكري السنة (الذين يسموون أنفسهم بالقرآنيين)


    فيه حقائق لم يسبق أن قرأتها ..

    هو فعلا موضوع مهم يجدر بنا أن نكون على دراية به..لذلك وضعت لكم عملي المتواضع..

    أرجو أن تستفيدو منه وتعلمو حقيقة هؤلاء الأنجاس...

    لم أضعه هنا إلا لأهميته..ورغبة مني في إطلاعكم على مكر هؤلاء القوم...


    تلخيص كتاب الجذور التاريخية لمنكري السنة و أماكن انتشارههم...pdf ‏اضغط هنا

    والنقل
    لطفــــــــاً .. من هنــــــــــا


    =======================

    هذه مقدمتي ثم مقدمة الكتاب ملخصة ..

    المقـــــــــــــــــــــدمة

    بسم الله الرحمن الرحيم، بسم حافظ الدين، وناصر السنة على المنكرين، باسم من سن الدين وعظمه أبدأ مقدمة تلخيصي لكتاب الجذور التاريخية لمنكري السنة وأماكن انتشارهم للدكتور عادل محمد الغرياني، أنار الله بصره و بصيرته جزاءا له على جهده المبارك في هذا الكتاب القيم.

    لقد تناولت تلخيص كتاب منكري السنة الذين يسمون أنفسهم بالقرآنيين وتحدثنا فيه عن تعريفهم و أقسامهم وأماكن انتشارهم ، و من وراءهم ، و أسباب انتشارهم و ظهورهم، وأهم أعلامهم وأبرز نشاطاتهم، وسواء كانوا ممن ينسبون أنفسهم للأمة الإسلامية ، أم المستشرقين الأنجاس، وتم تلخيص الكتاب حسب المواضيع المرتيه فيه وهي كالتالي:

    مقدمة الكتاب.


    أقسام منكري السنة.
    البدايات الأولى لإنكار السنة.

    ثم تحدثنا عن منكرو السنة قديما و حديثا:


    منكرو السنة قديماً:

    1) الشيعة .
    2) الخوارج.
    3) المعتزلة.

    ] منكرو السنة حديثاً:


    1) في بلاد الهند و باكستان.

    أهم أعلامهم كالتالي:


    أ‌) السيد أحمد خان بهادر( وله افتراءات عظيمة تجدها تحت بنده)

    ب‌) المولوي جراغ علي( وهذا له آراء شاذة ،قاتله الله).

    ت‌) عبد الله جكرالوي( وهذا أنكر السنة كلها بلا تريث).

    ث‌) الخاجة أحمد الدين الأمرتسري.

    ج‌) غلام أحمد برويز (وهذا شأنه عجيب امتد لدولتين بأفكاره واستغل الحكام والسلطة)

    ح‌) الحافظ أسلم جراجبوري (وهذا أثار المواريث وأنكر السنة من خلالها).

    خ‌) محب الحق (وهذا لو أحب الحق ما أنكر السنة)

    ثم تحدثنا عن الجمعيات و الهيئات لمنكري السنة في الهند و باكستان، وهي كالتالي:-

    أ‌) طلوع إسلام " ظهور الإسلام" ، في الهند وباكستان.


    ب‌) أمت مسلم أهل الذكر و القرآن " الأمة المسلمة أهل الذكر و القرآن".

    ت‌) تحريك تعمير انسانيت" حركة تثقيف الإنسانية".


    2) منكرو السنة في بلاد العرب:


    أ‌) منكرو السنة في مصر وأهم الجمعيات السرية فيها وهي جمعية الشبان المسيحيين، و الرابطة الشرقية و مجلتها.

    ب‌) العراق.

    ت‌) الكويت.

    ث‌) سوريا.

    ج‌) ليبيا

    ح‌) السودان.


    3) منكرو السنة في بقية أنحاء العالم:


    أ‌) ماليزيا.

    ب‌) إيران.

    ت‌) تركيا.


    4) الاستشراق: وأشهر منكري السنة من المستشرقين كالتالي:


    أ‌) أغناس جولد تسيهر.

    ب‌) غاستون ويت.

    ت‌) شاخت.

    ث‌) ليوني كاتياني.

    ج‌) شبرنجر.

    ح‌) دوزي.

    وهذه هي مواضيع الكتاب أرجو أن أكون قد وفقت في تلخيصه وبيان أهمية مواضيعه، والآن أترككم مع التلخيص.

    مقدمة صاحب الكتاب

    يبين الكاتب بعد حمد الله و الثناء عليه أن السنة جاءت مفصلة ومبينة لما في القرآن الكريم، ولذلك نطلق عليها وحياً، فلا يمكن أن ينزل القرآن وحياً ، و يترك تفصيله لبشر يعيداً عن الوحي، ولهذا فلقرآن والسنة يخرجان من مشكاة واحدة ألا وهي الوحي الإلهي المعصوم ، وهذا من رحمة الله بنا إذ لم يكلنا لأنفسنا.

    وبالتالي ظهر الأعداء في ساحة المعركة ، وانقسموا إلى فريقين ، فريق أظهر العداء ونبذ الإسلام في جلاء ، كالصليبيين و الشيوعيين و الملاحدة و العلمانيين ، وهؤلاء ضررهم أقل من الصنف الثاني لأننا إذا علمنا عداوتهم حذرناهم، لكن الصنف الثاني ، والذين هم المنافقون الذين يتقنعون بأقنعة الإيمان التي تخفي خلفها ملامح الكفر و الجحود والعداء و العصيان ، وهؤلاء خطرهم عظيم ، فهم يظهرون خلاف ما يبطنون، ويطعنون في السنة ، ويقولون بأنها ليست مصدراً للتشريع و إنما هو القرآن وحده.

    ولكن الجديد في الموضوع هم منكري السنة الذين يسمون أنفسهم بالقرآنيين إيهاماً للناس أنهم متمسكون بالقرآن، و في مكر يشيرون بخفاء إلى من اهتم بالسنة بأنه ليس قرآني وقد ترك القرآن و اهتم بالسنة، وهؤلاء ينكرون السنة ويتركونها ، (ولي أن أقول أن الرد عليهم بسيط، فنقول إن كنتم قرآنيين حقاً لماذا لا تتمسكون بقوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا؟ أليست السنة مما أمرهم الرسول به أليس هم مأمورون بإتباع النبي من خلال القرآن؟ فلم يردون سنته وينكرونها ويفعلون خلاف أفعاله و يتركون أفعاله؟)


    و هؤلاء كشفت عنهم الأيام أستار الظلام التي اختبئوا خلفها في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين.

    وليس الغريب وجود مثل هؤلاء و لكن الغريب ما يثيرونه في مناظراتهم وأكتبهم وأقوالهم من شبهات يزعمون أنها أدلة على أن السنة ليست من دين الله، وسوف نتكلم في هذا الكتاب عن تعريف منكري السنة ، وأماكن انتشارهم ، وأهم زعمائهم ، أما شبههم فقد تصدى لها غير قليل من جهابذة هذه الأمة في مقدمتهم الشيخ مصطفى السباعي، ولا داعي لذكرها هاهنا.

    يقول د.عثمان أحمد أحد أئمة منكري السنة في مصر حالياً يقول في مجلة الأهرام : أن منكري السنة هم الذين يعتمدون على القرآن فقط في مرجعيتهم الإسلامية ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ إلا القرآن فقط، و أن الأوامر بالإيمان لم تأت إلا بالقرآن فقط.

    أمّا هُم (أي منكري السنة) عند علمائنا:


    1) طائفةٌ تدعو لعدم الاحتجاج بالسنة
    2) هم من يسمون أنفسهم مسلمين، أحيوا بدعة قديمة منذ زمن، وهي الاكتفاء بالقرآن عن السنة.


    وخلص الدكتور عادل إلى تعريفهم بأنهم


    هم الذين رفضوا السنة، فمنهم من يرفض بعضها و هم الأقل تشدداً أما الغلاة فقد رفضوها برمتها و جميعهم يقول : "حسبنا كتاب الله"، و يتسمون بالقرآنيين ، وإنما هم منكرو السنة ، والقرآن بريء منهم أشد البرء.


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 01.12.09 9:59 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 19.09.08 10:44

    أستاذنا الفاضل أبا خالد إليكم هذا إلى حين نقل بعض شبههم..ففيه الخير الكثير..وهو رد الأخ الأنصاري على شبه أحمد صبحي منصور رأس المنكرين في مصر

    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4090


    ============

    هناك بحث كامل عن هذه الفئة الضالة..
    على الرابط أدناه..وانتقيت لكم الشبهات منه.. كالتالي..لكن للأسف بلا ردود..فهلا شمرتم للرد عليهم اخوة الدين؟فنح لدينا الحجة ونحن أقوى منهم فلم نصمت وننتظر من غيرنا الرد؟
    http://www.mwaheb.net/vb/showthread.php?t=8874

    شبهات منكري السنة حول القرآن الكريم
    •ولما استمرأ منكروا السنة، التشكيك في السنة النبوية ورجالها، واستبدت بهم الأهواء، فكان حتماً أن يستدرجهم هذا الفهم المعوج المشبوه، إلى الطعن في جلال الله، ومن ثم في كتابه الكريم.
    •ومن صور هذه الشبهات، نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
    •الشك في وجود الله(140).
    •السخرية بالخالق عز وجل (141).
    •القرآن إنتاج أدبي (142).
    •لماذا لم ينقد القرآن؟ (143).
    •القرآن كاف عن السنة (144).
    •ولما سيطر عليهم الشيطان، أخذوا في الخلاف فيما بينهم في قضايا كثيرة، خاصة عند منكري السنة في الهند، نذكر منها في موطن القرآن، مذهبان:
    •القرآن يشمل كل الأصول وكل الجزئيات
    •الأول لـ (جكرالوي) و (حشمت)، وتري أن القرآن كاملاً يشمل كل الأصول والجزئيات التي يحتاج إليها البشر عاجلاً وآجلاً.
    •القرآن يشمل كل الأصول وبعض الجزئيات
    •الثانية لبرويز وأسلم، قالت أن القرآن كاملاً يشكل كل الأصول وبعض جزئيات يسيرة، وما لم يرد به يتولاه مركز الملة. وهذا هو ما قال به الترابي، فيما أسماه: (البرلمان الشعبي) والقذافي فيما أسماه: (اللجان الشعبية).
    •** وكانت في مصر عند منكري السنة، شبهة أخرى مشابهة، فقالت فئة بتجزييء القرآن، وقالت أخرى بتجزيء أسمائه:
    •بتجزييء القرآن (145).قائلين أن القرآن جزءان منفصلان، أولهما جاف شديد فيه القسوة والعنف، وهو الذي نزل بمكة، وثانيهما لين وديع مسالم تلوح عليه أمارات الثقافة والاستنارة، وهو الذي نزل بالمدينة.
    •تجزييء القرآن بحسب أسمائه
    •وهو ما أعلن به مؤخراً في سوريا محمد شحرور، عندما فرق بين أسماء وصفات القرآن الكريم،ففرق بين: القرآن والكتاب، والذكر.
    •كما فرق بين معاني: القرآن المجيد، القرآن العظيم، اللوح المحفوظ، الكتاب المبين، الكتاب، الذكر، القرآن....إلخ.
    •فجعل لكل اسم من هذه الأسماء والصفات، نوعاً مستقلاً من القرآن، وبالتالي استطاع تجزيىء القرآن إلى مجموعة من الكتب، لكل منها اسم وأحكام تخصه في التشريع والفقه والمهام... إلخ (146).
    •كما ذهب بعض آخر إلى القول بأن:
    •القرآن نزل على المعاني وليس باللفظ (147).
    •** كما قالت طوائف منهم:
    •لا نسخ في القرآن (148).
    •لا إجمال في القرآن (149).
    •لا تخصيص في القرآن (150).
    •التخصيص من حق السلطة (151).
    •لا سند لأسباب التنزيل (152).
    •القرآن صياغة الواقع (153).
    •انكار المتشابه في القرآن (154).
    • •نتائج شبهات منكري السنة حول السنة والقرآن الكريم
    •وكما كانت للشبهات التي ارتكز عليها منكري السنة، نتائجاً تولدت عن هذا الفهم وذاك الاعتقاد، تولدت أيضاً نتائجاً للشبهات التي أثاروها حول كتاب الله الكريم، ثم نتائجاً تولدت عن إنكار المصدرين الشرعيين معاً، الكتاب والسنة، واعتقدوا فيها وسعوا إلى نشرها، مما أدي إلى تبديل كثير من التشريعات العقدية، كان أخطرها تلك التي تعلقت بأركان الإسلام الخمسة، كما جاء في كتاب (البيان بالقرآن) لمؤلفه (مصطفى كمال المهدوي) (155)، والذي هو بمثابة (سنة بديلة) للسنة النبوية الصحيحة، نجملها فيما يلي:
    •الصلاة: الصلاة في السنة البديلة، ستة فروض وليست خمسة، وهي: الفجر والصبح (التي لا يقيمها المسلمون إلا في يومي الفطر والأضحي) والظهر والعصر والمغرب، ثم صلاة الدلوك من غسق الشمس إلى دلوك الليل، لا يقرأ فيها فاتحة ولا يردد فيها تسبيح ولا تقرأ فيها التحيات ولا سلام عند ختامها، كما يرى المهدوي أن صلاة الجمعة لا تلغي صلاة الظهر وكل الفروض ركعتين.
    •الصوم: لا يعتمدفي الصوم على رؤية الهلال، إنما على الحسابات الفلكية، وإذا كان الإمساك عن الطعام يبدأ من حين يتبين الخط الأبيض من الخيط الأسود، فإن موعد الإفطار ليس مع غروب الشمس إنما يمتد إلي بداية وقت العشاء عند انسلاخ الليل من النهار.
    •الزكاة:
    •قال كمال المهدوي أن الزكاة ليس فيها شيء مفروض مسمي من حيث القيمة، وما يعرفه المسلمون اليوم ومنذ أيام النبي ما هو إلا بدعة ابتدعوها ما كتبها الله عليهم.
    •الحج: هو بداية يرفض ما في مناسك الحج من سنن نبوية، قولية أو فعلية، ثم:
    •ـ جعل وقت الحج يبدأ من هلال شوال إلي هلال صفر، لمدة أربعة أشهر ولا أصل لتحديد يوم العاشر من ذي الحجة أو تحديد وقت ملزم للوقوف في عرفات.
    •ورفضاً للسنة فلا زي خاص للإحرام ولا تحريم لقص الأظافر أو إزالة الشعر أو تقصيره، ولا حرج في الزواج أو التزويج وتكفي المسلم دورة واحدة (كما يسمونها) حول الكعبة، ولا رمي أو سعي أو تهليل أو تقبيل للحجر الأسود، والطواف المعتمد عندهم إنما يكون حول الصفا والمروة.
    •** ومن النتائج أيضاً:
    •* التهوين من قدسية القرآن (156).
    •* الطعن في سلامة النص القرآني (157).
    •* لا تفسير للقرآن غير اللغة (158).
    •وبناء على هذا الفهم، رفضوا علي الأخذ بالتفاسير القرآنية الموجودة بين أيدي المسلمين إطلاقاً، قائلين:
    •ـ إن الروايات التي اعتمدت عليها هذه التفاسير، لم يصح منها إلا القليل.
    •ـ وإن جلها فرضيات وأوهام.
    •ـ أن هذا المسلك الذي يسير عليه قانون الشريعة والفقه عند المسلمين حالياً، يحجز عن الرقي والتقدم ومسايرة ظروف الحياة (159).
    •* إنكار عذاب القبر (160).
    •* انكار شفاعة النبي (161).
    •* إنكار الطواف حول الكعبة (162).
    •* القول أن عدة المرأة المتوفى عنها زوجها، هي أربعة عشر شهراً وليس شهراً وعشرة أيام. (163).
    •القول بأنه لا عرش للرحمن (164).
    •اختلافهم حول معجزات السابقين:
    •فمنهم من يقر بالخوارق التي ذكرت في القرآن للأنبياء والصالحين.
    •ومنهم من يرفض ذلك بالكلية، وحملوا ماورد منها في القرآن على المعاني المجازية لا الحقيقية، كإلقاء سيدنا إبراهيم عليه السلام في النار، ونفى ولادة عيسي عليه السلام من غير أب، ونفى ابتلاع الحوت ليونس عليه السلام (165).
    •* إنكار الجنة والنار والملائكة والجن(166).
    •* إنكار وجود الملائكة والجن والشياطين وتأويل معانيهما القرآنية،،والقول بأنه لا وصية للمسلم المتوفى (167).
    •* الطعن في التشريعات الإسلامية
    المتعلقة بالمرأة والأسرة (168).
    رفض فكرة الثواب والعقاب في الآخرة (169).
    انكار البعث بعد الموت (170).
    تكذيب القصص القرآني (171).
    تعطيل الحدود القرآنية (172) فيقولون: >فهل لنا أن نجتهد في الأمر الوارد في حد السرقة وهو قوله تعالى: {فاقطعوا} والأمر الوارد في حد الزنا {فاجلدوا} فنجعل كلاً منهما للإباحة لا للوجوب، ويكون الأمر فيهما مثل الأمر في قوله تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} فيكون القطع في السرقة هو أقصى عقوبة فيها، ويجوز العدول عنه في بعض الحالات إلى عقوبة أخرى رادعة، ويكون شأنه في ذلك شأن كل المباحات التي تخضع لتصرفات ولي الأمر، وتقبل التأثر بكل زمان ومكان، وهكذا الأمر في حد الزنا سواء أكان رجماً أم جلداً؟<.
    اخضاع الإيمان للتجارب العلمية (173).
    الطاعة لمركز المله (إدارة الفتوى) (174).
    • الفرق والشخصيات
    حاول بعض الباحثين تقسيم منكري السنة إلى مستويات، تبعًا لمساحة ما ينكرونه من السنة، فقالوا أن هناك:
    ـ من ينكر السنة إجمالاً وتفصيلاً.
    ـ من ينكر أكثر السنة ويقبل بعض منها بشروط.
    ـ من ينكر السنة القولية إجمالاً، ويقبل السنة العملية إجمالاً.
    ـ من ينكر بعض السنة القولية، ويقبلون السنة العملية إجمالاً.
    ـ من ينكر بعض السنة القولية، وينكر بعض السنة العملية.
    ـ من يقبل السنة إجمالاً ويرفضها تفصيلاً.
    ـ من يقبل السنة إجمالاً ويرفض أحاديث بعينها، تبعاً للهوى لا تبعاً لعلم من علوم الأحاديث وشروطها.
    غير أننا لم نقبل بهذا التقسيم، لعلمنا أن إنكار حديث واحد على غير سند علمي وتبعاً لهوى أو مجاراة لاتجاه سياسي أو مذهب خارجي، أو عناداً، لهو مخرج صاحبه من ملة المسلمين، كمنكر فروض الصلاة الخمسة على هيئتها وأركانها، أو الحج بشروطه، أو الزكاة بقواعدها، أو الحدود بأحكامها، أو عصمة الأنبياء ومعجزاتها، عند إجماع الأمة.
    ونؤكد استناداً لدراستنا وما اطلعنا عليه من كتبهم ومخطوطاتهم المكتوبة والمطبوعة، ومحاضراتهم وحواراتهم ومناقشاتهم المسجلة صوتياً، أن إنكار أحدهم لم يكن وقفاً على ما كتب أو نشر أو سجل، إنما كان الظاهر منه هو قدر جهده في تسجيل موقفه من السنة، إذ وجدنا أشخاصاً ينكرون السنة إجمالاً وتفصيلاً، وكانوا شيوخاً ومعلمين لكثيرين من منكري السنة في مصر ويُعظـّم قدرهم بين أتباعهم، إلا أنهم لم يتركوا أثراً مطبوعاً أو مخطوطاً أو مسموعاً، ومازالوا يمارسون دعوتهم في مساجد خاصة بهم، أو جلسات منزلية.
    لهذا لا نرى حاجة للتفريق بين فرقة وأخرى، أو شخص وآخر، ممن تجرأوا على أصل من أصول العقيدة، وكانوا فتنة للمسلمين، مهما بلغ شأنهم بين المسلمين وبلغوه من مراتب العلم، يغفر الله لنا ولهم.

    حاول جراغ علي، صبغ الإسلام بالحضارة الغربية سيراً على درب أستاذه خان، فاشتهر بآرائه الشاذة مثل (184):
    \ نفى أن حجاب المرأة أمر به الإسلام.
    \ دعي إلى تعطيل الجهاد، نافياً أن يكون المقوقس أهدى إلى الرسول # مارية المصرية.
    \ نفي زواج الرسول # منها أو أنها والدة ابنه.
    \ طعن في إباحة تعدد الأزواج حتى بالنسبة للرسول #.
    \ قال بأن القرآن كامل من كل الوجود، مستغن عن كل ماسواه قاصداً السنة].
    \ رفض الأخذ بالتفاسير القرآنية، لأن رواياتها لم يصح منها إلا القليل وجلها فرضيات وأوهام، وهذا المسلك الذي يسير عليه قانون الشريعة والفقه، يحجز عن الرقي ومسايرة الحياة (185)، وهو ما قال به حسن الترابي في السودان



    ===================

    نجد على هذا الرابط الكثير من شبههم والرد عليها..

    http://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=14

    http://www.ansarsunna.com/vb/


    ==============================

    فنحن بحاجة إلى كشف شبهاتهم وما يتشبثون به من أباطيل حتى لا يغتر بهم أحد
    وخصوصا وأنهم يسمون أنفسهم بالقرآنيين ... وهي كلمة حق لمن عمل بقتضاها لكن أرادوا بها باطل ، فلو كانوا قرآنيين لما تعاموا عن الآيات التي توجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .. إليكم هذه الآيات العظيمة :

    وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)

    وقال تعالى :
    قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)

    وقال تعالى :
    إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

    وقال تعالى :
    وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

    وقال تعالى :
    الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ

    وقال تعالى :
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً

    وقال تعالى

    ) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65

    وقال تعالى :
    يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً

    وقال تعالى :
    مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً

    وقال تعالى :
    وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً

    وقال تعالى :
    لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً

    وغير ذلك .. أين هم عن هذه الآيات ... فلو كانوا قرآنيين حقا ماوسعهم أن يتشبثوا بباطلهم ويحيدوا عن الصراط المستقيم .. والله المستعان

    وعن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه " رواه أبو داود وروى الدارمي نحوه وكذا ابن ماجه إلى قوله : " كما حرم الله " قال الألباني صحيح







    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية ذو صلة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 10.10.08 18:58

    القرآنيون وشبهاتهم )تأليف رياض السعيد
    ( القرآنيون وشبهاتهم )

    تأليف
    الفقير إلى الله
    رياض بن عبد المحسن بن سعيد


    بسم الله الرحمن الرحيم


    ( التعريف بهم ونشأتهم ):

    في أواخر القرن الثاني الهجري قام في الأمة من يدعو إلى إلغاء السنة بالكلية ، وعدم الاعتداد بها في مصدرية التشريع نتيجة للشبهات التي خلفها الشيعة والخوارج والمعتزلة.

    وقد ذكر الإمام الشافعي مناظرة جرت بينه وبين أحد أفراد هؤلاء ، وذلك في كتاب (جماع العلم ) المطبوع مع الأم (7/273).
    في باب ( حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها).

    وهذه الطائفة تنكر السنة وقد ناظرهم الشافعي ، « وتتلخص حجة هؤلاء في رد الأخبار كلها في قولهم :

    1- إن القرآن حوى بين دفتيه تبيان كل شيء وتفصيل ما تحتاج إليه الأمة ما لا يدع مجالاً للسنة في دين الله عز وجل .

    2- إذا جاءت الأخبار بأحكام جديدة لم ترد في القرآن كان ذلك معارضة من ظني الثبوت وهي الأخبار – لقطعية القرآن ولا يقوى الظنى على معارضة القطعي البتة ، وإن جاءت مؤكدة ومؤيدة لحكم القرآن كان الاتباع للقرآن لا للسنة ، وإن جاءت مبينة لما أجمله القرآن كان ذلك تبياناً للقطعي الذي يكفر منكر حرف منه بظني لا يكفر من أنكر ثبوته .

    3- تروى السنة عن طريق رجال لا يرتفع احتمال الكذب وخيانة الذاكرة عنهم ، فالسنة على هذا كلها لا تعدو مرحلة الظن والوهم» . أفاده الأستاذ خادم بخش في كتابه ( القرآنيون ص 94).

    وهذه الطائفة الذين ناظرهم الشافعي يذهب الدكتور مصطفى السباعي في كتابه( السنة ومكانتها في التشريع ) إلى أنهم معتزلة البصرة ، وخالفه الأستاذ خادم حسين بخش في كتابه ( القرآنيون ) (ص95) وذهب إلى أنهم الخوارج ، ولا أعرف ثمرة الخلاف ، فالمهم هو أن طائفة المبتدعة في القرن الثاني انكرت السنة ، وإن كان المرجح أنهم الخوارج .

    ومن المعلوم أن هذا الاتجاه لإنكار السنة لم يكن منتشراً في الأقطار بل وجد عند بعض الأفراد ولا يشكل ظاهر .

    هذا وبعد القرن الثاني لا نرى في كتب التاريخ والعقائد ومن ألف في الفرق والمذاهب ظهور هذه الفرقة وهذا المذهب واستمر الوضع هكذا أحد عشر قرناً على وجه التقريب ، كما ذكره الأعظمي في ( دراسات في الحديث النبوي ) (ص26).

    وفي القرن الثالث عشر الهجري ظهرت هذه الفتنة من جديد فكانت نشأتها في مصر وترعرعت وقويت في الهند.

    «إن الدعوة إلى الاعتماد على القرآن دون السنة في التشريع الإسلامي بدأت تغزو الهند منذ نهاية القرن التاسع عشر ، على إثر انتشار الأفكار التي بثها أعضاء حركة أحمد خان ، غير أن مفعولها سرى بشكل واضح في بنجاب بأواسط الهند الموحدة ففي سنة 1900م نهض من تلك البقعة غلام أحمد القادياني وأدعى النبوة ، ومنها في عام 1902م بدأ غلام نبي المعروف بعبد الله جكرالوي مؤسس الحركة القرآنية نشاطه الهدام ، بإنكار السنة كلها متخذاً مسجداً بلاهور مقراً لحركته تلك ، وقد تزعم حركة القرآنيين في بداية الأمر شخصيتان : محب الحق عظيم أبادي في بهار – شرقي الهند – وعبد الله جكر الوي في لا هور في آن واحد من منبع متحد»
    أفاده الأستاذ خادم بخش في كتابه ( القرآنيون ص 19-20)

    وقال في ص ( 21-24) :

    «ويمكننا القول في ضوء دراسة الظروف التي أدت إلى نشأة الحركة القرآنية بأن نشأتهم تعود إلى أسباب عديدة أهمها ما يلي :-
    1- اتفقت المصادر التي بحثت عن نشأة القرآنيين وخروجهم إلى حيز الوجود ، أنهم الثمرة التي بذر بذورها أعضاء حركة أحمد خان.

    2- الاستعمار بأساليبه المختلفة ومنها :

    أ*- تشجيع أهل الإسلام على الجهل في العلوم الدينية والعصرية مما نتج عنه فقدان العلم الصحيح بين الأوساط الإسلامية.

    ب*- شجعت الدولة المستعمرة جميع من يمد إليها العون حرصاً على بقائها في الهند بتقديم الأفكار والمقترحات ، ومن ثم منحها للأوسمة والمعونات لأولئك الأفراد ، وقد كان على رأس هؤلاء أحمد خان وأتباعه .

    ج- استغلال الدولة تربية بعض الأفراد من المسلمين وشحن أفكارهم لصالحها، وكان على رأس هؤلاء غلام أحمد القادياني وعبد الله جكر الوي وأتباعها.

    د- سياسة ( فرق تسد ) من ذلك إدخال بعض المعتقدات غير الإسلامية إلى الإسلام مما تسبب عنه تشطير الصف الإسلامي الموحد.

    3- اغترار بعض الفئات الإسلامية بالنظريات العلمية و الأوروبية المنتشرة خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وتفسير الحقائق الإسلامية على ضوءها ، والتوفيق بينها وبين الإسلام . وقد ترأس أتباع أحمد خان إيجاد هذا الانسجام، ثم تبعهم القرآنيون في هذا المسلك ، لوجود الصلة الروحية بين الفريقين.
    4- ولعل السبب المباشر لنشأة القرآنيين بين المسلمين هو شعورهم بضرورة وحدة الصف الإسلامي ، والخلاص من الفرق المتعددة والمذاهب – من الحنفية والحنابلة والشافعية وجعلهم المسلمين تحت راية واحدة . وقد استغلت الدولة هذا الأمر وشجعت على المضي فيه».

    ويقول العلامة المحدث حبيب الرحمن الأعظمي في كتابه ( نصرة الحديث ص 17) وهو يتحدث عن نشأتهم : " إن فتنة إنكار الحديث في الهند قد أثارها- ظاهرة الأمر – عبد الله الجكر الوي البنجابي ، لكن الحق أنه قد غرس بذرتها قبله بكثير طائفة الطبيعيين ، أما عبد الله الجكر الوي فإنه قد سقى تلك الشجرة الملعونة ، فنمت وازدهرت ، حتى رأى الناس – بوجه عام – أنه هو الذي أحدث هذه الفتنة.

    ثم إن طائفة الطبيعيين ، لم تكن تبدي هذه العقيدة ، بطريق تكون أكثر شناعة ، ولكن الجكر الوي قد أظهر خرافاته ، ومعتقداته الباطلة ، دون احتشام واستحياء ، واتخذ لها أسلوباً فيه شيء كثير من الإلحاد والكفر والزندقة ، فلذلك كله نسبت إليه فتنة إنكار الحديث».


    ( أبرز دعاتهم ):

    قبل أن نذكر دعاتهم يستحسن أن نذكر من ذهب إلى إنكار حجية السنة والاعتماد على القرآن وحده من الفرق الضالة ومن تبعهم على ذلك على مر العصور.
    يقول الدكتور عبد الموجود محمد عبد اللطيف في كتابه ( السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم ص 88-89):

    " إنكار حجية السنة اعتماداً على القرآن وحده :
    إلى ذلك ذهب الخوارج ، والزنادقة ، وطائفة من غلاة مذهب الرافضة ، وتابعهم عليها أذيالهم في الأزمنة المتأخرة في القارة الهندية ... وكذا أذيالهم في مصر ...»

    أبرز وأهم دعاتهم :

    القرآنيون لهم دعاة في الهند ومصر وغيرهما من البلدان ، فأما دعاتهم في الهند فهم ما يلي :
    1- عبد الله جكر الوي
    2- أحمد الدين الأمر تسري .
    3- أسلم جراجُبوري .
    4- غلام أحمد برويز

    ويوجد في الهند في الوقت الحاضر أربع فرق من القرآنيين هي امتداد لمدارس الأربعة المذكورين وبعض هذه الفرق تتلمذ دعاتها عليهم . وهي ما يلي :
    1- الفرقة الأولى : ( فرقة أمة مسلم أهل الذكر والقرآن ) .
    2- الفرقة الثانية ( فرقة أمة مسلمة).
    3- الفرقة الثالثة : ( فرقة طلوع إسلام).
    4- الفرقة الرابعة : ( فرقة تحريك إنسانيت).

    وقد فصل الباحث خادم حسين بخش في تراجم أهم دعاتهم وفرقهم من المتقدمين والمعاصرين في كتابه ( القرآنيون ص 25-64) فمن أراد التوسع فليراجعه.
    وكذا ظهر إنكار السنة الكلي في مصر والاكتفاء بالقرآن وكان أبرز الدعاة ما يلي:
    1- الطبيب محمد توفيق صدقي.
    2- محمود أبو رية.
    3- الطبيب أبو شادي أحمد زكي.
    4- الدكتور إسماعيل أدهم.
    5- محمد أبو زيد الدمنهوري.

    وكما أن هناك دعاة إلى إنكار السنة كلها والأخذ بالقرآن ، كذلك هناك دعاة اجتهدوا في إنكار جزئيات من السنة وهم في مصر ويشاركهم بعض الدعاة في أغلب البلدان.
    ودعاة إنكار السنة الجزئي أبرزهم في مصر هم :
    1- محمد رشيد رضا .
    2- أحمد أمين .
    3- العقيد معمر القذافي.وهوفي ليبيا .
    4- عبد الله عنان.
    5- الشيخ محمود شلتوت.
    6- أحمد فوزي.
    7- الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي.
    8- عبد المتعال الصعيدي.
    وقد فصل الباحث خادم حسين بخش في كتابه ( القرآنيون ص 153-202) في ذكر تراجم ومناهج دعاة إنكار السنة الكلي والجزئي ، لم أجد هذا في غيره من الكتب ، فمن أراد التوسع في معرفتهم فليراجع هذا الكتاب القيم.


    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية تتمة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 10.10.08 19:00

    ( شبهاتهم حول السنة والرد عليهم ):
    ============


    الشبهة الأولى : القرآن يستغنى به عن السنة لأنه تكفل بذكر الأمور الدينية كلها بالشرح والتفصيل.

    الرد عليهم : لإنزاع أن القرآن شمل أُصول الشريعة كلها ، ونص على بعض جزئياتها اليسيرة ، وأما ما أدعاه هؤلاء من تنصيصه على كل صغيرة وكبيرة فهو بهتان عليه لا يقره واقع القرآن ، يقول د مصطفى السباعي في كتابه ( السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص 178) : « إن القرآن الكريم قد حوى أصول الدين وقواعد الأحكام العامة ، ونص على بعضها صراحة، وترك بعضها الآخر لرسوله صلى الله عليه وسلم فمنها ما أحكم فرضه بكتابه وبين كيف هو على لسان نبيه مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها وغير ذلك من فرائضه التي أنزل من كتابه».

    ويقول خادم حسين بخش في كتابه ( القرآنيون ص 212) : «ولعل الذي أوقعهم في اللبس هو الفهم الخاطئ لقوله تعالى [ ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء].


    ويقول عماد السيد الشربيني في كتابه ( السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام 1/193) : «إن أعداء السنة المطهرة فهموا أن المراد من الكتاب في قوله تعالى :
    [ ما فرطنا في الكتاب من شيء] القرآن ، ولكن مجموع الآيات ابتداء ونهاية ، يفيد أن المراد بالكتاب هنا هو اللوح المحفوظ الذي حوى كل شيء »


    الشبهة الثانية : السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها.


    الرد عليهم : زعم أعداء السنة أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن دون السنة ، واحتجوا بقوله تعالى : [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون].

    الرد عليهم : إن رب العزة قد تكفل بحفظ ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والدليل من القرآن على حفظ السنة قوله تعالى : [ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ] فليست كلمة الذكر في القرآن خاصة بالقرآن بل هي للسنة أيضاً، فيلزم من هذا أن يكون الله تكفل بحفظ السنة ، لأن حفظ المبين يستلزم حفظ البيان للترابط بينهما.


    يقول الدكتور عبد الله المهدي عبد القادر في كتابه ( دفع الشبهات عن السنة النبوية ص 64): « سلمنا جدلاً أن " الذكر " هو القرآن ، إلا أن الآية تفيد حفظ الله سبحانه وتعالى السنة ، فإن حفظ المبين يقتضي حفظ المبين ، فمادامت السنة بيان القرآن ، فإن حفظ القرآن يقتضي حفظ السنة ، وإلا لبقي القرآن دون بيان فلا يكون قد حفظ ! »


    الشبهة الثالثة : ( لو كانت السنة حجة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابتها، ولعمل الصحابة والتابعون من بعد على جمعها وتدوينها ، لما في ذلك من صيانتها من العبث والتبديل ، وفي صيانتها من ذلك وصولها للمسلمين مقطوعاً بصحتها.


    الرد عليهم : قال د مصطفى السباعي في كتابه ( السنة ومكانتها في التشريع ص 81) : «إن عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة السنة ونهيه عن ذلك كما ورد في بعض الأحاديث الصحيحة ، لا يدل على عدم حجيتها ، بل إن المصلحة حينئذ كانت تقتضي وبتضافر كتاب الصحابة – نظراً لقلتهم – على كتابة القرآن وتدوينه ، ويتضافر المسلمين على حفظ كتاب الله خشية من الضياع واختلاط شيء به ، وما ورد من النهي إنما كان عن كتابة الحديث وتدوينه رسمياً كالقرآن ، أما أن يكتب الكاتب لنفسه فقد ثبت وقوعه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم .


    وليست حجية السنة مقصورة على الكتابة حتى يقال : لو كانت حجية السنة مقصودة للنبي لأمر بكتابتها ، فإن الحجية تثبت بأشياء كثيرة : منها التواتر ، ومنها نقل العدول الثقات ، ومنها الكتابة ، والقرآن نفسه لم يكن جمعه في عهد أبي بكر بناء على الرقاع المكتوبة فحسب ، بل لم يكتفوا بالكتابة حتى تواتر حفظ الصحابة لكل آية منه ... »
    الشبهة الرابعة : السنة انتقدت متناً وسنداً ، وعلماء الحديث تكلموا في رجالها ومتونها، وما كان ذلك ودخله النقد وآراء الرجال لا يصلح ديناً.


    الرد عليهم : مثل هذا الكلام لا يصدر إلا ممن يجهل تاريخ الإسلام لمقاومة حركة الوضع في السنة ، فقد كان الصحابة على نقاء من السيرة والسريرة فنقلوا الدين بأمانة وإخلاص ، وفي أخر عهد عثمان رضي الله عنه خرج إلى حيز الوجود جماعة يتكلمون باسم الإسلام ، ويدسون فيه ما ليس منه ، ثم مع مرور الزمن إزداد عدد هؤلاء وكثر خداعهم ، إذ لم يكن هناك ما يردعهم عن هذا المسلك ، كما أن الخلافات السياسية والكلامية كانت من العوامل الرئيسية في حركة الوضع، يقول الباحث خادم بخش في كتابه ( القرآنيون ص 234-235) : «ثم دخل هذه الساحة الزنادقة والقصاصون والمتعصبون للجنس والبلد فاستحلوا الكذب في الحديث، وقد قاوم العلماء هذه الحركة الوضعية ، ووضعوا الأسس العلمية لفحص الحديث ومعرفة الصحيح من السقيم ، ومن بين هذه الأسس المطالبة بالإسناد المتصل الخالي من العلة والشذوذ حتى ينتهي الأمر إلى صاحب المتن ، ومن بين تلك الأصول عرض الرواة على علم الجرح والتعديل ، والبحث عن ضبطهم ومخالفتهم لغيرهم من الرواة، ثم البحث عن مضمون الحديث وعرضه على الأصول الإسلامية ، وقد أدت حركة الوضع إلى نتائج إيجابية من تشييد صرح السنة وإيجاد العلوم والفنون لضبطها سنداً ومتناً ، فهل يزعم بعد هذا أن الأحاديث قد انتقدت ، وما أنتقد لا يسعنا إقحامه في الدين وإقامة الشعائر بمقتضاه ؟! فالنقد والفحص للسنة لم يكن إلا لإزالة ما لصق بها ما ليس من أصلها .


    الشبهة الخامسة : السنة أخبار آحاد تفيد الظن وهو ليس حجة.


    الرد عليهم : إن خبر الأحاد أمرنا القرآن بقبوله وجرى العمل عليه في شرع الله قال تعالى : [ واستشهدوا شهيدين من رجالكم ] ولم يشترط شهادة التواتر ، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب الرسائل إلى كسرى والنجاشي والمقوقس ، وقام بإيصال تلك الرسائل أفراد معدودون من رسله ، على اعتبار قبول خبر الآحاد والاحتجاج به فقبل أولئك الملوك تلك الرسائل دون أن يقولوا للرسل إنكم أفراد آحاد ، لا يستفاد من خبركم الحجة واليقين.


    وقد ذكر الإمام الشافعي في كتابه ( الرسالة ص 401) أدلة كثيرة على حجية خبر الآحاد منها :



    1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها »

    2- وحديث أم سلمة في الرجل الذي قبَّل امرأته وهو صائم فأرسل امرأته تسأل عن ذلك فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: « ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك» قال الشافعي : «فيه دلالة على أن خبر أم سلمة عنه مما يجوز قبوله ، لأنه لا يأمرها بأن تخبر عن النبي إلا وفي خبرها ما تكون الحجة لمن أخبرته . وهكذا خبر امرأته إن كانت من أهل الصدق عنده» .


    3- وحديث ابن عمر رضي الله عنه قال : «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت فقال: إن رسول الله قد أنزل عليه قرآن ، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها " وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم عليهم الحجة ولم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم».

    ويقول الدكتور عبد المهدى عبد الهادي في كتابه ( دفع الشبهات عن السنة النبوية) (ص51): «وهذه الشبهة مغالطة في وصف الأحاديث بأنها آحاد ، فهذا المصطلح لم يستعمله المحدثون وإنما أطلقه من أرادوا إبطال الأحكام ، ومن راجع كتب المصطلح لا يجد هذا المصطلح عند المتقدمين ، ومن راجع كتب الأصول لم يجد هذه الدعوى عن المتقدمين منهم أيضا»ً

    الشبهة السادسة : السنة فيها الصحيح والموضوع بخلاف القرآن .


    الرد عليهم : إن من قال السنة فيها الصحيح والموضوع وسكت ، أفاد أن صحيح السنة مختلط بموضوعها ، ولا يميز الغث من السمين وهذا تجن على الحقيقة ومجانبة للصواب ، ولو أن قائله أنصف لأكمل الكلام فقال : السنة فيها الصحيح والموضوع، والصحيح معلوم والموضوع معلوم.
    يقول د. عبد المهدي عبد الهادي في كتابه ( دفع الشبهات عن السنة النبوية ص 46-49) : «إن السنة لها رجالها وعلماؤها ولقد بينوا حال كل حديث ، وحكموا على الصحيح بالصحة ، وعلى الحسن بالحسن ، وعلى الضعيف بالضعف ، وعلى الموضوع بالوضع. وألف بعضهم كتباً في ذلك ، إن وجود كتب جامعة للأحاديث المقبولة وكتب للأحاديث المردودة ظاهرة طيبة في شأن السنة النبوية فمن أراد الأحاديث المقبولة فلها كتبها الكثيرة، وذلك لمعرفتها والتحذير من روايتها».


    فمن قال من أراد إنكار السنة بأن فيها الصحيح والموضوع أراد بهذا أن تمييز الصحيح من الموضوع لا يمكن بل هو مختلط بعضه مع بعض وهذا لا يصلح أن يكون تشريعاً ومصدراً في الإسلام فلهذا الخطر لابد من إنكارها والاكتفاء بالقران.


    الشبهة السابعة : التأخر في تدوين السنة النبوية فالسنة لم تدون إلا في مطلع القرن الثاني الهجري.


    الرد عليهم : قال عماد السيد الشربيني في كتابه ( السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام ص 346-353).


    «استعراض الشبهة وأصحابها : روى البخاري في صحيحة تعليقاً قال وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر «ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ، ولا تقبل إلا حديث رسول الله صلى الله عليه سلم ولتفشوا العلم ، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم ، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً »


    بهذه الرواية تعلق أعداء الإسلام من الرافضة ، والمستشرقين ، ودعاة اللادينية المتفرنجة فقالوا: إن السنة لم تدون إلا في مطلع القرن الثاني الهجري ، لأن أول من أمر بتدوينها هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وهو قد تولى الخلافة سنة 99هـ وتوفي سنة 101هـ. وهذه المدة الطويلة تكفي لأن يحصل فيها من التلاعب والفساد ما قد حصل.


    والجواب ؛ بأدئ ذي بدء – نحن نجزم بصحة هذه الرواية التي صدرنا بها البحث ، وهي التي تفيد أن عمر بن عبد العزيز ، هو أول من أمر بتدوين السنة ، نجزم بصحتها لأنها وردت في أوثق مصادرنا ، وأصحها بعد كتابه تعالى ، وهو صحيح البخاري ، ولكننا نهدف من وراء هذا البحث إلى إثبات حقائق هامة وهي :

    1- الحقيقة الأولى : أن الكثيرين خلطوا بين النهي عن كتابة السنة، وبين تدوينها حيث فهموا خطئاً أن التدوين هو الكتابة ، وعليه فإن السنة النبوية –ظلت محفوظة في الصدور لم تكتب إلا في نهاية القرن الأول الهجري في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز- رحمه الله –


    ولو أن المعاصرين فهموا حقيقة الكتابة ، وحقيقة التدوين ، وأدركوا الفرق بينهما ، لما تعارضت النصوص في فهمهم ، ولما صح تشكيك أعداء الإسلام في السنة النبوية بدعوى تأخر تدوينها مدعين أنه دخلها الزيف ، لأن العلم الذي يظل قرناً دون تسجيل لابد وأن يعتبره يعتريه ويخله التحريف ، فإن الذهن يغفل والذاكرة تنسى ، أما القلم فهو حصن آمان لما يدون به.


    الحقيقة الثانية : أن عمر بن عبد العزيز حينما أمر بتدوين السنة لم يبدأ ذلك من فراغ ، ولكنه اعتمد على أصول مكتوبة كانت تملأ أرجاء العالم الإسلامي كله من خلال روح علمية نشطة ، أشعلها الإسلام في أتباعه ، فأصبحوا يتقربون إلى الله بأن يزدادوا في كل يوم علماً ، وخير العلوم قطعاً ما كان متعلقاً بالقرآن والسنة.


    إن القول بأن السنة قد بدأت كتابتها منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن تدوينها رسمياً أصبح حقيقة علمية مؤكدة ثبتت بالبراهين القطعية ، وتضافرت على إثبات هذه الحقيقة الساطعة أقوال جملة من الباحثين الثقات الأثبات».


    وهناك شبهات كثيرة لدعاة إنكار السنة وقد رد عليها العلماء ، ودعاة إنكار السنة في الهند يحسن لطالب العلم أن يقرأ في الرد عليهم ممن عرفهم وجالسهم وهم علماء الحديث من الهند فهم أفضل من رد عليهم وذلك لمعرفتهم بهم على التفصيل.


    فقد ألف الأستاذ خادم بخش ( القرآنيون وشبهاتهم حول السنة ) وألف العلامة حبيب الرحمن الأعظمي ( نصرة الحديث في الرد على منكري الحديث) وألف د. صلاح الدين مقبول ( زوابع في وجه السنة قديماً وحديثاً ).


    وهناك دعاة لإنكار السنة قويت شوكتهم وتعددت شبهاتهم وقد اجتهدوا في الطعن في الحديث وحملته من الصحابة ومن بعدهم من أهل الحديث ، وأخبث وأشد هؤلاء الساقطين محمود أبو رية فقد ألف كتابه ( أضواء على السنة المحمدية) وكان من أفضل من رد عليه العلامة المحدث عبد الرحمن المعلمي في كتابه (الأنوار الكاشفة) وكذا الشيخ محمد أبو شهبة في كتابه ( دفاع عن السنة ).


    هذا ونسأل الله الثبات على الإسلام والسنة ، وأن يعيذنا من مضلات الفتن .
    وآخر دعوانا أن الحمد لله برب العالمين .

    ========= المـــراجــع =========

    1- القرآنيون وشبهاتهم حول السنة .
    تأليف : خادم حسين بخش ، الناشر مكتبة الصديق.
    2- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي .
    تأليف : الدكتور مصطفى السباعي ، الناشر دار الوراق.
    3-السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام مناقشتها والرد عليها.
    تأليف : عماد السيد الشربيني ، الناشر دار اليقين – مصر
    4- دفاع عن السنة ، تأليف : د. محمد أبو شهبة.
    5- السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم.
    تأليف د . عبد الموجود محمد عبد اللطيف ، الناشر مطبعة طيبة –مصر.
    6-دفع الشبهات عن السنة النبوية . تأليف د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي ، الناشر مكتبة الإيمان – مصر
    7- زاوبع في وجه السنة ، تأليف د. صلاح الدين مقبول أحمد، الناشر مجمع البحوث العلمية الإسلامية – الهند
    8- نصره الحديث في الرد على منكري الحديث ، تأليف حبيب الرحمن الأعظمي، الناشر دار رحاب طيبة – المدينة المنورة.
    9- الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة
    تأليف الشيخ عبد الرحمن المعلمي ، الناشر المكتب الإسلامي – بيروت
    10- دراسات في الحديث النبوي ، تأليف محمد الأعظمي ، ا لناشر مطابع الرياض.

    __________________
    أبو سعد الأثري رياض بن عبدالمحسن بن سعيد


    والنقل
    لطفـــــاً .. من هنــــــــــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 10.10.08 19:02

    ===== تعليق ====

    إن هؤلاء ممن نسميهم القرآنيين كان الأولى أن يسموا بالشياطين، بل الشياطين تنأى بنفسها عن مشابهة هؤلاء الحثالى.

    لقد كنت أظن في بادئ الأمر أن آفة القرآنيين أنهم ينكرون السنة ويعتمدون على القرآن وحده ولكني رأيتهم قد صاروا ملاحدة علمانيين لادينيين، وذلك عندما اطلعت على مقالات لهم في شبكة الإنترنت ودخلت موقعهم العفن فرأيت أمورا منهم أنكرتها عيني وأباها فؤادي.

    رأيتهم يجيزون للمسلم أن يتنصر ولا حرج عليه في ذلك، بل يجيزون له أن يلحد ويدع الأديان كلها، كما يبيحون للرجل المتاجرة ببناته لممارسة البغاء، وأمور عظام أخرى يشيب لها الولدان بحيث لا يشك المرء في أن هؤلاء القوم قد بلغوا من الكفر غايته.


    المصدر السابق
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 6:49

    رداً على من يسمون القرآنيين: القرآن يثبت وجود السنة

    Embarassed


    لم أكن اتوقع أن أكتب في هذا الموضوع الذي كان من المفروض أن يكون بدهياً لدى كل مسلم إلا أن مما يؤسف له أننا نرى في هذا العصر الذي نعوذ بالله تعالى من فتنه من يشككون في السنة المشرفة بل ينشئون مواقع متخصصة في ذلك كموقع ذلك المتنبئ الكذاب! وغيره من مواقع الرافضة!
    وقد بادرت بكتابة هذه الكلمة للتذكير وللتحذير من هؤلاء المارقين وهذه الكلمة موجهة إلى هؤلاء أيضاً ليروا انهم ليسوا على شيء وأنهم هم الكاذبون.


    السنة متواترة

    ونبدأ بتذكيرهم بأن السنة المشرفة متواترة بعمومها عن رسول الله كتواتر القرآن العظيم مثلاً بمثل! وهذا لا يخفى على ذي بصيرة فكما أن كل مسلم على وجه الأرض قد تلقى القرآن العظيم ممن قبله وتلقاه من قبله عمن قبلهم وهكذا جيلاً بعد جيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذلك فقد تلقى المسلمون السنة جيلاً عن جيل تواتراً وإجماعاً لا يشك فيه مسلم وكما أن كل مسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ شيئاً اسمه القرآن فكذلك فكل مسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ شيئاً اسمه السنة!
    ثم إن كثيراً من امور السنة المشرفة قد تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواتراً مقطوعاً به لا يشك فيه مسلم جيلاً عن جيل.

    كالأذان والصلوات الخمس والاحتفاء بالعيدين وغير ذلك من السنن المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما أن كل مسلم على وجه الأرض صغيراً ام كبيراً ذكراً ام أنثى عربياً أم أعجمياً يحفظ الفاتحة عن ظهر قلب ويعلم أنها من القرآن الذي بلغه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل فكذلك فكل مسلم على وجه الأرض يحفظ الأذان عن ظهر قلب -من لفظ الجلالة إلى لفظ الجلالة- ويعلم أنه من السنة التي بلغها النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى بجانب القرآن العظيم! ولا شك أن هذا وحده كاف للدلالة على وجود السنة وثبوتها لقوم يعقلون.

    القرآن يؤكد وجود السنة ويثبت حجيتها

    ولكن ليس تواتر السنة هو دليلنا الوحيد وإن كان كافياً شافياً والحمد لله ولكن القرآن العظيم نفسه قد بين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبلغ الناس أخباراً وشرائع واحكاماً لم تنزل في القرآن مما يؤكد أنها جاءت في السنة قطعاً. والأمثلة على ذلك في القرآن أكثر من أن نستطيع إحصاءها هنا وسنكتفي بذكر مثال واحد في الأخبار وبمثال آخر في الأحكام.


    فقد قال الله تعالى -راوياً أحد الأخبار التي بشر بها المؤمنين(1)-: (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم ان يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين*بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين*وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم).


    فهاهو القرآن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخبر الذي تضمن بشرى بشر بها أصحابه الكرام وهي وعد الله تعالى بأن يمدهم بالملائكة.


    ومن البدهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل هذه البشرى من عند نفسه! فالإخبار عن الملائكة والإمداد بهم وتحديد المدد بهذا العدد أو ذاك كل ذلك من أمر الغيب الذي لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمه أو يعلمه غيره إلا بإطلاع الله تعالى إياه عليه فمن أين عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى سيمد المؤمنين بالملائكة؟! لا شك أن الله تعالى أطلعه على ذلك ولكن أين أطلعه الله تعالى عليه؟!


    لو قرأنا القرآن العظيم سورة سورة وآية آية فإننا لن نجد آية واحدة تذكر هذه البشرى إلا هذه الآية التي تروي إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بها ولا ترويها ابتداءً! فأين تلقى النبي صلى الله عليه وسلم هذه البشرى حتى يبلغها الناس؟! لا شك أنه تلقاها في الوحي الآخر الذي هو السنة!


    ويقول الله تعالى: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم*وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم).


    وهذه الآية تذكر حكماً شرعياً بلغه الني صلى الله عليه وسلم للناس ونسخ القرآن جزءً منه وهو استقبال القبلة الأولى -بيت المقدس فك الله أسره- ومن البدهي ايضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع استقبال تلك القبلة من عند نفسه وقد صرح القرآن بأن الله تعالى هو الذي جعلها قبلة للمسلمين فأين أنزل الله تعالى الأمر باستقبال بيت المقدس؟! إن هذا الأمر لم ينزل في القرآن فأين نزل إذن لا شك انه نزل في الوحي الآخر الذي هو السنة المشرفة.


    ونكتفي بهذين المثالين الذين يدلان يقيناً على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى وحياً آخر غير القرآن وكان يتلقى فيه الأخبار والأحكام.


    ولقد صرح القرآن العظيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى أخباراً ومبشرات وشرائع وأحكاماً في غير القرآن وصرح في آيات كثيرة بذكر الطريق الذي تلقى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمور من خلاله. فقد قال تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً).


    فهذه الآية الكريمة تصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى خبراً وبشرى متضمناً الإشارة إلى حكم شرعي -هو الحلق والتقصير وربما كان فيه الإشارة إلى جواز أي منهما- في رؤيا حق رآها النبي صلى الله عليه وسلم في المنام -وهو أحد صور الوحي- وليس في آية من القرآن العظيم.


    ما سبق يؤكد بما لا يدع مجالاً لشك أو احتمال بأن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى شيئين لا شيئاً واحداً هما القرآن والسنة.


    القرآن يؤكد حجية السنة

    وقد أكد القرآن حجية السنة المشرفة بذكره مالا نحصيه الآن من السنن ومنها ما ذكره ذكراً عارضاً كالنداء للصلاة كما في قوله تعالى: (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً) ومن المعلوم أن الأمر بالنداء لم ينزل في القرآن بل نزل في السنة ولم يرد له ذكر في القرآن إلا إشارة كما بينا ولا شك أن ذكر السنة هو إقرار لها يقيناً وهكذا في كل السنن التي اشار إليها القرآن.


    ومن السنن ما أكد عليه القرآن وشدد عليه وهذا ولا شك يدل على أهميتها وحجيتها قطعاً وذلك كصلاة الجمعة حيث قال الله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) والأمر بصلاة الجمعة لم نزل في القرآن العظيم بل في السنة المشرفة وهلنحن نرى القرآن العظيم يؤكد على أهمية هذه السنة حتى إنه ليأمر بالسعي إلى صلاة الجمعة بمجرد سماع النداء لها وترك البيع. وهل هناك ما هو أدل من ذلك على أهمية صلاة الجمعة؟!

    ومن السنن ما ذكره القرآن العظيم مبيناً حكمته وأهميته للمسلمين كما في قوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكه لكي لا يكون على المؤمنين حج في ازواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً).


    كما أكد القرآن حجيةالسنة تأكيداً عاماً بأمره العام المطلق باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته والتأسي به مطلقاً. كما حذر من معصيته ومخالفة أمره وشدد في ذلك.


    فقد أمر الله تعالى بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مطلقاً وبين ان طاعته سبب في الرحمة والهداية قال الله تعالى: (وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) وقال تعالى (وإن تطيعوه تهتدوا). وليس أدل على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم من أن طاعته جاءت مقرونة بطاعة الله تعالى في عشرات المواضع في القرآن العظيم.

    كما أمر باتباعه مطلقاً واخبر بان اتباع النبي صلى الله عليه وسلم دليل على محبة العبد لله تعالى وسبيل لنيل محبته سبحانه فقد قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم).

    كما أمر بالتأسي به مطلقاً فقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً).

    ثم إنه حذر من مخالفته أو معصيته وبين أن ذلك سبب في الفتنة بل هو دليل على عدم الإيمان والعياذ بالله! فقد قال الله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب أليم) وقال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).

    كل هذه الأدلة تؤكد حجية السنة ولهذا فقد اتفقت كلمة المسلمين على الإيمان بالسنة المشرفة كما اتفقت كلمتهم على أن من أنكر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شيئاً منها فإنه لا حظ له في الإسلام وما له في الآخرة من نصيب.

    والحمد لله رب العالمين


    أخوكم
    خالد بن عبد الرحمن

    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22700
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 6:55

    اقتراح بمناظرة تحسم مسألة حجية السنة في المنتدى

    الحمد لله الهادي بالأنبياء أولياءه المؤمنين، والصلاة والسلام على خير أصفيائه المقربين، محمد الحجة في أقواله وأفعاله وإقراره، وعلى آله وصحبه والتابعين. حشرنا الله في زمرتهم وجمعنا في وفدهم، اللهم آمين.

    وبعد، فقد طال الكلام في مسألة حجية السنة النبوية المطهرة، وليس كثرة الجدل فيها بمنقص لها قدراً. ألا ترى قريشاً جادلت في التوحيد، وليس أظهر منه شيء. فالله المستعان.

    على كل، أحببت أن أقترح أمراً حسماً لهذا الخلاف الذي طال، مستهلكاً الجهد والوقت.
    فاقتراحي أن ينتقي الإخوة المشرفين رجلاً من القائلين بعدم حجية السنة التي بين أيدينا اليوم، فأناقشه حتى ينقطع أحدنا.
    ويكون النقاش في المسألة الأم، لا في فروع، إذ النقاش في الفروع من اختلاف الأصول دَوْر مذموم لا يصح.

    وأرجو أن يتعهد كلا المناظرين بالإخلاص لله تعالى في كتابته، حيث يتبع الحق متى تبين له، من غير مكابرة ولا تكلف. فالأمر دين، والله تعالى أعظم من أن نتّجر بدينه. سبحانه وتعالى ما أحلمه على خلقه.

    وإلى الإخوة المشرفين الرأي والكلمة في تحديد طريقة الحوار.
    وإني أقترح عليهم أن يأتي المناظر بأقوى أدلة من كتاب الله تعالى أو من العقل أو من غيرها من الأدلة يثبت بها مراده، ويبين وجه دلالته من كل دليل يستدل به، ثم يمهلني أرد عليها، حيث إني مسافر معتمراً يوم الأربعاء، وأرجع الإثنين بعده بإذن الله تعالى.

    هذا اقتراح والأمر بين يدي أخينا الجندي المراقب العام، وإني أفوض له أن يقرر ما هو مناسب.
    وسأرجع لأرى رده لاحقاً إن شاء الله تعالى.

    وأذكر بأمر أخير، وهو أني - يعلم الله - لا أحب المناظرة والجدل في الدين. فقد ذمه أئمة أهل السنة رضي الله تعالى عنهم.
    إلا أن دافعي مفسدة وقعت بعدم مثل هذه المناظرة، ومصلحة أرجوها إن تمت.
    ويكفيني سلفاً الإمام عبد العزيز الكناني وشيخ الإسلام ابن تيمية والمحدث العلامة الألباني، وغيرهم من أئمة أهل السنة الذين ناظروا لما رأوا في المجادلة هدايةً للخلق، وقمعاً للبدعة.

    والله أسأل أن يوفقنا للسداد في القول والعمل، والله أعلى وأعلم.

    وكتبه فيصل سيد القلاف.


    __________________

    الأخ العزيز/ الجندي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نشكر لك دماثة أخلاقك وتقبلك للمواضيع بصدر رحب
    كما أشكر لك حسن المتابعة للحوار الذي جرى مع الزملاء والذي لم يسفر عن أي شيء سوى المهاترات والشتائم واختلاق الأسئلة التي لا تمت إلى الموضوع بصلة بقصد التمويه والمغالطة وصرف الناس عن فهم الحقيقة و التي إن دلت على شيء فإنما تدل على عجزهم وجهلهم وعدم كفائتهم للحوار البنّاء الذي يعود بالنفع والخير على المحاورين والمشاهدين
    ولقد سررت بما طرحه الأخ/ فيصل سيد القلاف
    وإنني أرحب تلبية لطلبك بالحوار البناء والهادف معه كي يقف الجميع على الحقيقة
    والحق أحق أن يتبع
    كما أرجوا أن يكون الحوار الحجة بالحجة والآية بالآية والحكم بالحكم
    أما إذا تباين الحوار فلا جدوى من ذلك
    كأن أستدل بآية من كتاب الله ويستدل المحاور برواية
    فهذا لا يجدي نفعا
    وتقبلوا تحياتي

    =========

    ( القلاف )
    بسم الله الرحمن الرحيم، وبه أستعين، هو نعم المولى ونعم النصير.

    أما وقد قبل ( من أهل الذكر ) الموضوع، فإني أقترح أن يكون الموضوع يعنوان ( دلالة القرآن على حجية السنة إثباتاً أو نفياً ).

    وأقترح أن يكون الأمر كما يلي:

    1. يكتب الزميل ( من أهل الذكر ) أظهر عشر آيات في الدلالة على مراده. أعني بأظهر عشر آيات أوضحها في الدلالة، مع كونها نصاً إن سقط سقط غيره من باب أولى.

    2. أن يكتب مع كل آية وجه الدلالة منها على مراده. فلا يكتفي بذكر الآية وحسب، بل يبين للقارئ وجه الدلالة منها.

    3. يجوز له أن يخرج قليلاً عن الاحتجاج بالقرآن وحده، فأجيز له أن يحتج علي بالسنة وبالإجماع وبالقياس وبقول الصحابي الذي لم يخالفه غيره وبالعقل الصريح.
    وأنا ألتزم ألا أحتج عليه إلا بما يراه هو دليلاً: كتاب الله والعقل الصريح. ولا أدري إن كان يحتج بالإجماع والقياس أم لا.

    4. يجب أن لا يخرج النقاش عن موضوعه الأساس إلى الفروع. لأن الفروع مبنية على الأصول، فإن استدل علي بشيء منها استددللت عليه بثبات الأصل. وهذا دور مذموم.

    5. يجب حال ردي عليه أو رده علي أن يتتبع كل دليل، لا أن يتشبث بشيء ويتجاهل باقي الموضوع. لأن سقوط الدليل المعين لا يعني سقوط المدلول.

    6. يجب على كل منا التزام الأدب في موضوعه، أعني التأدب مع زميله ومع كتاب الله ومع سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم التي أدعيها.

    7. إن ألزم المحاور خصمه بسؤال وجب عليه أن يجيب عليه، حتى يبين للناس إما أنه يلتزم أو أنه يقطع التلازم.

    8. عدم تدخل غير المناظر، ومن أحب التعليق على الموضوع، فلتفتح لذلك صفحة خاصة يعلق فيها الأعضاء على ما يرونه مناسباً.

    9. أن يكون بيننا حكم نرتضيه يفصل عند الخصام، أعني أن له حكماً في الناحية التنظيمية لا الناحية العلمية. وأرى الأخ الفاضل الجندي أنسب من يكون.

    10. أن يتعهد كلا الطرفين بالإخلاص وتحري الحق، فإن الأمر دين، والله تعالى يقول: ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ).

    11. يكون الحق لأحد الطرفين في المناظرة، إما بانقطاع الآخر عن الإجابة، أعني أنه لا يستطيع الإجابة، فيلزمه أن يسلم. أو بإقراره لخصمه بالصواب. أو بغير ذلك مما يعلمه المتابع.

    فهذا نموذج مقترح، فإن رأيتموه مناسباً كان به، وإن رأيتم غيره فلا مانع إن شاء الله تعالى.

    والله الموفق والهادي، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثراً.


    __________________

    السلام عليكم ورحمة الله

    بارك الله فيك اخى القلاف

    تم فتح مشاركة لوضع تعقيبات الاخوة على هذا الحوار

    واحب ان انبه باقى الاخوة بان هذا الحوار سيكون ثنائياً فقط فيمنع وضع اى تعليق .

    وهذا هو رابط مشاركة التعقيبات :

    http://www.sd-sunnah.com/vb/showthre...=&threadid=826

    اذكر اعضاء المنتدى انه يمنع منعاً باتاً وضع اى مشاركات لغير العضوين المتحاورين ، واى مخالفة من اى عضو لهذا الكلام سيتم حذف مشاركتة فوراً .



    ===========

    ( المخاصم )

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن النور بهر إشعاعه في حروف وكلمات وآيات بينات من لدن الله يسير في الأرض مع العباد هادياً ودليلاً إلى صراط مستقيم (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)
    ذلكم هو القرآن الذي يتلوه القارئون ويفهمه المتدبرون ويعمل به المخلصون إنه إباء الأبي وعزة العزيز ووفاء الوفي وكرم الخلق والفضيلة والصدق والأمانة وقول الحق والحكم العدل والتواضع والوداد بل أخوة بين المؤمنين قوامها التراحم (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)

    إن الإسلام الصحيح والعقيدة الصادقة والعبادة الميسرة والشريعة السمحاء والعلم النافع والوعظ والإرشاد والنظر والبحث والتفكير والفتوى القيمة والتفسير الواضح "في القرآن وحده"
    لا في الأحاديث ولا في التفاسير ولا في الأقاويل المزخرفة ولا في شعبذة المشعبذين فالقرآن يجلي عن أمره, ويوضح بعضه بعضاً (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً), ويهدي المستهدين إلى مقاصد الدين الصحيح بلسان عربي مبين , فلا استبهام, ولا استعجام, ولا تناقض في أحكامه وعلمه وتعليمه, ولا تباين في شرعه وتبيانه,و لا موقوف ولا مكذوب , الحق غير الباطل , والجاد غير الهازل ,وقد أراد جاهلون أو زائغون من اليهود وأتباعهم أن يلبسوا بالباطل الحق , ويسموا باسم الجد الهزل, و الإسمان مختلفان متباينان , و الوصفان متباعدان متعاديان, "والقرآن حقٌ كله " فأين منه الباطل , "والقرآن هو الجد بأجمعه "فكيف يعزى إليه قول هازل
    (إنه لقول فصل * وما هو بالهزل)
    (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) - سبحانه وتعالى عم يصفون -

    القرآن قول الله , فإن اختلف في الشرع مختلفان فالحكم لله ,وفصل الخطاب في كتابه العزيز
    (أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً)
    (وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أُنيب)
    وإذا تباين أثر وآية, فالآية قطعية ومحكمة والأثر ظني ورواية رواها راوون والعون بتعظيم وتقديس البشر(ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله )
    رسول الله لا يخالف ربه,و قوله لا يضاد قرآنه
    (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائتِ بقرآنٍ غير هذا أو بدِّله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إليَّ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ,قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون)
    إن الحق لن يناكر حقاً ,والصدق لن يعادي صدقاً, وإنما التشاكس و التناكر بين حق وباطل
    (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)
    والله نزل الكتاب بالحق لا بالباطل, والنبي لا ينطق بما يخالف القرآن, وهو المسدد في كلامه , المبلغ عن ربه, المتبّع لكتابه (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن)

    إن التفاسير والأحاديث حربان للقرآن خصمان للرسول بيّنان
    (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون, ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون)
    وكما أن الأحاديث والتفاسير خصمان للرسول فهي كذلك للأمة جمعاء
    (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها و بئس القرار وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار)
    فويل للمفسرين مما يفسرون, وويل للمحدثين مما يحدثون
    (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)

    وإن كان في الدنيا كُمْهٌ عمون فهناك الناظرون المبصرون
    (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب)
    ولن يضير حقاً في وقت خذلان خاذلين, ولن ينفع باطلاً تأييد قوم مبطلين
    (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير)
    إن من يبتغي الحق ويريد الوصول إلى التعاليم الربانية الصحيحة كي تكون عبادته خالصة لله من الشرك حتى يلقى ربه وهو راض عنه لا يجد أمامه سوى القرآن الكريم فهو الكتاب الذي حفظت أصوله وسلمت تعاليمه وتلقته الأمة عن رسول الله عن جبريل عن العليم الحكيم الأمر الذي لم يتوفر لأي كتاب من كتب البشر وأنه الجامع لأسمى المبادئ وأقوم المناهج وأفضل النظم وهو الحافل بكل ما يحتاج إليه العباد من عقيدة صادقة وعبادة صحيحة ثابتة من لدن آدم إلى قيام الساعة ومعاملات عادلة ومواعظ هادفة وإرشادات نيرة وآداب سامية وأخلاق فاضلة وهمم عالية وأحكام عادلة صالحة لكل زمان ومكان وشريعة سمحاء وآياته ميسرة للفهم وسهلة
    (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)
    (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)

    وبعد فإنني سأبدأ مستعينا بالله بالحوار الهادف والبناء مع الأخ / فيصل سيد القلاف فيما يلي:
    أولا الوحي :
    إن الوحي الذي أوحى الله به إلى رسوله هو القرآن الكريم ولا شيء سواه مستدلا على ذلك بالآيات القرآنية التالية:
    1- (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا ) النساء 163
    2- (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم * ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ءأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد) فصلت 43,44
    3- (وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرّفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا * فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدنِ علما) طه 113,114
    4- (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير) الشورى 7
    5- (قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون) الأنبياء 45
    6- (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ * وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون * اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين) الأنعام 104 _106
    7- (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون * وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون) الأنعام 50,51
    8- (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إليّ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم * قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون) يونس 15,16
    9- (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا * إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا * قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) الإسراء 86_88
    10- (الر تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) يوسف1_3
    11- (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم * وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون)
    الزخرف 43,44

    ولقد أقسم الله بأن رسوله لم يضل أو ينطق حسب هواه وأنه تلقى الوحي عن طريق جبريل وأنه قد رآه مرة أخرى عند سدرة المنتهى بقوله:
    (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علّمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه على ما يرى * ولقد رأه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى)
    النجم 1_18
    ولقد أكد الله على هذا القسم بقوله:
    (فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس * والليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس * إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون * ولقد رأه بالأفق المبين * وما هو على الغيب بضنين * وما هو بقول شيطان رجيم * فأين تذهبون * إن هو إلا ذكر للعالمين * لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) التكوير 16_29
    ولقد برأ الله رسوله مما نسب إليه من الأقوال التي ما انزل الله بها من سلطان وأنه لم يتفوه بكلمة واحدة غير القرآن:
    (فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين)الحاقة 38_43
    هذا القسم بيّن للعباد أن ما نطق به الرسول هو القرآن الكريم ومن ثم برّأه مما كتب ونسب إليه بعد وفاته بقوله:
    )ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين) الحاقة 44_47
    هذه الآيات بيّنت أن الرسول لم يتفوه على ربه أثناء حياته بكلمة واحدة غير القرآن ولو فعل لحل به ما توعّد به الله فما بالك بملايين الروايات المختلفة والمتناقضة المعارضة للنصوص القرآنية
    من أجل ذلك أكد المولى عز وجل أن كتابه تذكرة للمتقين بقوله:
    )وإنه لتذكرة للمتقين (
    كما أخبر أن من هذه الأمة من يكذب بالقرآن الكريم بقوله:
    )وإنا لنعلم أن منكم مكذبين * وإنه لحسرة على الكافرين * وإنه لحق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم)الحاقة 48_52
    كما أخبر المولى عز وجل أن القول بغير القرآن افتراء عليه :
    (وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلا * ولولا أن ثبتّناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) الإسراء 73_75
    من أجل ذلك أمر الله نبيه أن يعلن للناس كافة أن الوحي الذي أوحى به الله إليه هو القرآن ولا شيء سواه وأنه حجة الله القائمة على من بلغه إلى قيام الساعة وأن يشهده على ذلك بقوله:
    (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون) الأنعام 19

    ======= يتبع =======


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 03.08.09 7:35 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 7:00

    ( القلاف )

    الحمد لله المتكلم بالقرآن الحكيم، له الحمد أن بعث فينا الرؤوف الرحيم، فبين لنا بسنته صراط الله المستقيم، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أتم تسليم.

    وبعد، فقد كنت اتفقت مع الزميل ( من أهل الذكر ) أن يذكر لي أوضح عشر آيات في الدلالة على نفي حجية السنة النبوية المطهرة. فوفى وأتى بما عرف، لكن خالف العهد غير مرة كما سيتبين، والله المستعان.

    وها أذكر الرد مبيناً فيه بطلان ما ادعى، وثبوت خلافه، أعني وضوح دلالة القرآن الكريم على حجية السنة النبوية المطهرة.
    فأبدأ مستلهماً الله الصواب، سائلاً إياه التوفيق والسداد.

    ذكر المناظر في مقدمة كلامه قوله تعالى: ( قد جاءكم من ربكم نور وكتاب مبين ) مستدلاً بذلك على أن القرآن الكريم نور.


    وهذا خطأ، لأن العطف يقتضي المغايرة قطعاً في لغة العرب.

    وعليه فالنور مغاير للكتاب الذي هو القرآن. فما هو هذا النور؟

    معلوم أننا لم يأتنا من الله تعالى سوى القرآن والسنة، وقد تبين أن القرآن غير مراد بالنور هنا، فهو إذاً سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو هو عام يشمل كليهما.
    هذا أول دليل، قد تبين أنه لي، وليس له.

    ثم وصف القرآن بأمور، منها أنه: ( إباء الأبي )، والإباء رفض بأنفة. فأقول أي رفض جاء به القرآن؟


    إن أراد رفض المعصية ونوازع الشر، فنعم هو كذلك، وكذلك السنة النبوية المطهرة.

    أما إن أراد رفض السنة، فلا وربي، ما جاء القرآن به، وإنما جاء بذمه كما قال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ).

    ثم ادعى صاحبنا أن: ( التفسير الواضح في القرآن وحده ).


    وهذه إحدى العجائب! إذ التفسير الشرح والتوضيح. فهل القرآن شرح للقرآن؟!

    نعم في بعض القرآن شرح لبعض القرآن، لكن هذا البعض الذي هو الشرح، أين شرحه؟ إن قيل شرحه بعض آخر من القرآن، يقال: وأين شرح هذا البعض الآخر؟ وهكذا، مما يلزم منه التسلسل أو الدَّوْر، وكلاهما ممتنع مرفوض.

    وإن قال أن بعض القرآن غامض يحتاج توضيحاً، والبعض الآخر هو الذي يوضحه، ثم هذا البعض الآخر واضح لا يحتاج ما يوضحه، إن قال هذا، فمردود كذلك.


    لأن القرآن عربي، ولا شك تحتاج كل آية منه توضيحاً لغير العربي، فلزم أن يكون للقرآن شرح بشري يفهمه به غير العربي. وهذا حاصل حساً ولا خلاف، وليس في ذلك انتقاص ولا محال.


    بل والعربي، قد يكون فيه نقص فهم أو علم أو تدبر، يخفى عليه به بعض القرآن. فيأتي رجل عربي آخر فيوضحه له. وهذا حاصل حساً بلا خلاف. ولا يلزم منه محال ولا انتقاص.


    فنقول: أولى من يشرح القرآن ويوضحه للعربي ولغيره هو الذي أنزل عليه القرآن، صلوات الله وسلامه عليه، وتوضيحه هو السنة. وبالتالي فهي حجة، ولله الحمد.

    ثم ذكر المناظر قوله تعالى: ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً ). يريد أن يستدل بذلك على أن القرآن يوضح بعضه بعضاً، ولا يحتاج إلى غيره في بيانه.
    وهذا غلط في الدليل والمدلول.


    بمعنى أن الدليل لا يدل على المراد، والمراد غير صحيح أصلاً.

    بيان بطلان المدلول مر فيما سبق قريباً.


    أما بيان بطلان الدليل فكما يلي: الله تعالى تكفل في هذه الآية أن لا يأتي الكافرون النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشبهة لإبطال أمره، إلا جاءه الله بالحق الذي يدمغ ذلك الباطل، وجاءه الشرع البالغ في الوضوح غاية الحسن، بحيث لا يمكن لأحد أن يدعي فيه عيباً.


    فالخلاف إذاً في البيان الذي يأتي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فالخصم يدعي أنه القرآن وحده. وأنا أرد عليه بأن البيان إما كتاب وإما سنة. ومعلوم أن الذي أخذ الرسول من الله هو الكتاب والسنة، فمن خصص أحدهما من غير دليل فقد تحكم، وهذا مرفوض.

    فالحمد لله رب العالمين.

    ثم وصف المناظر القرآن بأنه ليس فيه ( موقوف ولا مكذوب ) يريد بذلك التعريض بكتب السنة النبوية المطهرة، التي فيها الموقوف والمكذوب.
    وهذا غلط شنيعٌ، لو فهمه ما تكلم به.


    بيانه أن كتب قراءات القرآن الكريم فيها آيات تروى بأسانيد غير صحيحة أو مخالفة لوجوه الإعراب أو مخالفة للرسم العثماني، وهذه الروايات يسميها أهل العلم ( شاذة ). وبالتالي فالكتب التي تنقل القرآن فيها الشاذ والآحاد والمتواتر.


    وهذا لا شك لا يطعن في القرآن الكريم، إذ القراءات الشاذة معروفة مشهورة، والقراءات الصحيحة معروفة مشهورة، وبالتالي فالقرآن محفوظ من الله تعالى.
    وكذلك نقول في السنة النبوية المطهرة، فالأحاديث الموضوعة والموقوفة والمقطوعة وغيرها معلومة، والأحاديث الصحيحة معلومة، وبالتالي فهي محفوظة من الله كالقرآن، ولا فرق، والحمد لله رب العالمين.

    ثم قال المناظر: ( فإن اختلف في الشرع مختلفان فالحكم لله، وفصل الخطاب في كتابه العزيز ).


    وهذا غلط كذلك.


    لأنه بنى مقدمة، واستنتج منها ما لا تدل عليه.

    كيف؟

    المقدمة أن الحكم لله تعالى وحده، وهذا حق، قال تعالى: ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) وقال تعالى: ( إن الحكم إلا لله ) وقال تعالى: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال تعالى: ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) وغيرها.


    لكن حكم الله تعالى في المسألة يعلم بطرق مختلفة. فتارة من القرآن كما قال تعالى: ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ). وتارة من السنة كما قال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ). وتارة من الإجماع كما قال تعالى: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ). وتارة من أقوال الصحابة المأخوذة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال تعالى: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ). وتارة من القياس الصحيح كما قال تعالى: ( أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى، بلى ).


    ففي هذه الآيات يحث الله تعالى المؤمنين على اتباع الطرق التي بها يعلم حكمه تعالى. فالسنة من الرسول أخذها عن الله، والإجماع مستند إلى كتاب أو سنة، وكلاهما من الله، والقياس يفهم من الكتاب والسنة، وكلاهما من الله. فالحمد لله الذي وسع علينا ولم يضيق.

    ثم قال المناظر: ( وإذا تباين أثر وآية... ).


    وهذا فرض مستحيل، لأن الكل من عند الله، وما كان من عند الله لم يكن فيه تناقض.

    ثم قال مرجحاً الآية على الأثر: ( فالآية قطعية ومحكمة، والأثر ظني ورواية رواها راوون والعون بتعظيم وتقديس البشر ).


    وهذا غلط من وجوه:


    1. أن الآية قطعية الثبوت أما الدلالة فلا. وبالتالي فالحكم المستفاد من الآية ظني غير قطعي. وذلك في كثير من الأحيان.


    2. أن الآية وإن كانت قطعية الثبوت، فكثير جداً من الأحاديث قطعي الثبوت كذلك. ومن الأحاديث قطعية الثبوت:


    أولاً: الأحاديث المتواترة. ثانياً: ما أخرجه الشيخان ولم ينتقده أحد الحفاظ. ثالثاً: ما تسلسل بالأئمة الحفاظ حيث توبعوا. رابعاً: ما جاء من طرق واختلف مخرجه. خامساً: ما صح سنده من غير مطعن. سادساً: ما تلقته الأمة بالقبول عملاً وتصديقاً.


    وهذه الأنواع تحتها من الأفراد ما لا ينحصر، وبالتالي تبطل دعوى أن السنة ظنية الثبوت.

    3. أن الرواة الذين رووا الأحاديث هم الذين رووا القرآن، فمن طعن في نقلهم هذا فقد طعن في نقلهم ذاك.


    واتهامهم بالغلو في تقديس البشر مردود لعرية عن الدليل، ولاشتهار عكسه.

    كيف وهم الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ). وهم الذين تواتر عن أئمتهم قولهم: ( كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر ) وقولهم: ( إذا عارض قولي الكتاب والسنة فاضربوا به عرض الحائط ) وغيره مما في معناه.

    وهنا ألمح إلى لطيفة مليحة، وهي أن الصوفية يتهمون أهل السنة أنهم يحقرون الأشخاص، فدل أنهم لا يغلون فيهم. والقرآنيون يرمونهم بأنهم غلاة في الأشخاص، فدل على أنهم لا يحقرونهم. وبالتالي فهم الوسط، فالحمد لله والمنة.

    ثم ألحق المناظر كلاماً كثيراً إنشائياً لا يسمن ولا يغني من جوع، إنما ذكره تهويلاً لا طائل من ورائه، بل ليس فيما ذكر من الآيات دليل على شيء مما ذكر.

    ثم قال في ختام مقدمته الطويلة واصفاً القرآن الكريم: ( وتلقته الأمة عن رسول الله عن جبريل عن العليم الحكيم الأمر الذي لم يتوفر لأي كتاب من كتب البشر ).


    وهذه مغالطة ظاهرة.

    فكل كتب السنة النبوية، تلقتها الأمة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جبريل عن العليم الحكيم. فالحمد لله.

    وهنا أنبه إلى أمر لا بد منه، ليقف القارئ الكريم على ملابسات الحوار من أوله. وهو أننا قد اتفقنا أن يكون موضوع المناظر حول أدلة عشرة من القرآن يثبت بها عدم حجية السنة، وأن تكون هي أظهر أدلته. لكن رأيت المناظر قد أتى بمقدمة طويلة هي قرابة نصف الموضوع، مما أطال موضوعي في الرد عليها.


    ولا يمكن أن يقال أن المقدمة خارجة عن المناظرة، لأني لا يمكن أن أدع هذا الكلام يمر على عامة الناس يقرؤونه ولا يعرفون وجه فساده.
    فالله المستعان.

    وأبدأ الآن بمناقشة الأدلة، التي ذكرها عاريةً عن وجه الاستدلال، وهذا ثاني إخلال منه بشروط المناظرة، فالله المستعان.

    الآية الأولى التي استدل بها قوله تعالى: ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوبَ والأسباطِ وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبوراً ).


    وهو يريد بهذه الآية أن يثبت أن الوحي الوحيد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الله هو القرآن. والعجيب أنه لا ذكر للقرآن في الآية، وإنما فيها ذكر أن الله أوحى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من غير ذكر للموحى به. ثم العجب الآخر أن الآية لا حصر فيها، فلو كان الذكر المعني فيها القرآن، لم يكن فيها نفي لوحي غيره!


    فهذه الآية الأولى لا حجة فيها ألبتة، فكيف وهي أحد أظهر الآيات على مراده!

    بل العجيب أن في الآية دليل ظاهر على أن السنة وحي من الله تعالى. كيف؟

    هنا يثبت الله تعالى أن الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالوحي إلى السابقين من النبيين.

    والوحي إلى النبيين السابقين كان أعمّ من الكتاب، بل كان يوحى إليهم بشرع غير الذي في كتبهم.

    والدليل على ذلك في نوح قوله تعالى: ( قال يا نوح إنه ليس من أهلك ) فهذه كلمة أوحاها الله تعالى إلى نوح عليه السلام، وليست من كتابه على فرض أن يكون له كتاب.

    وفي إبراهيم وإسماعيل قوله تعالى: ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر ) وليس المنام ذاك بكتاب، ومع ذلك هو وحي من الله تعالى.

    وفي عيسى يقول تعالى: ( إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه ) وليست هذه من الإنجيل. وهارون قد أوحي إليه بنص هذه الآية، ولم يكن له كتاب كما هو معلوم، وإنما أوتي التوراة موسى، فدل على أن وحيه لم يكن كتاباً، وهذا الذي نريد.

    فهذا وغيره كثير جداً لا يمكن حصره في القرآن الكريم، كله يثبت أن الله تعالى قد أوحى إلى الأنبياء من الشرائع والعلوم ما ليس في كتبهم، بل شيئاً زائداً عنها.

    فكذلك نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أوحي إليه كما أوحي إليهم.

    فالحمد لله رب العالمين.

    يتبع إن شاء الله تعالى...


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 03.08.09 7:37 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 7:04

    الآية الثانية قوله تعالى: ( ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاءٌ والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمىً أولئك ينادون من مكان بعيد ).

    والآية الثالثة قوله تعالى: ( وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً وصرّفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً. فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً ).

    والآية الرابعة قوله تعالى: ( وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير ).

    وهذه الآيات كذلك تتكلم عن القرآن الكريم من غير ذكر لحصر أو قصر. فليس فيها أي دلالة على نفي السنة النبوية المطهرة.

    ولم يجرؤ المناظر على ذكر وجه الدلالة منها، إذ لا دلالة له فيها على مراده من قريب ولا بعيد.

    والآية الخامسة قوله تعالى: ( قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ).


    وهذه أول آية يذكرها فيها دلالة على حصر، إذ فيها أداة القصر ( إنما ). لكن هي كسابقاتها لا دلالة فيها على مراده. لأن الذي فيها إنما هو حصر الإنذار على الوحي، من غير تحديد لنوع من الوحي.


    بل القرائن تدل على أن الوحي هنا هو القرآن والسنة، لا القرآن وحده. كيف؟ قال تعالى: ( أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ) وقال تعالى: ( وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ) وقال تعالى: ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) وغيرها من الآيات التي تأمر الرسول بأن ينذر، ومعلوم أن الكلام الذي سينذر به ليس في القرآن، وإنما سيعبر عنه بأسلوبه، وهذه هي السنة، أي أن المعنى من عند الله واللفظ من عند الرسول يعبر به. والحمد لله.


    ثم كلمة ( الوحي ) هنا محلاة بحرف أل، فهي دالة على العموم، فتشمل كل وحي من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً كان أو سنةً.

    الدليل السادس قوله تعالى: ( قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ. وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون. اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ).


    فالآية الأولى من الدليل فيها ذكر البصائر، وهي البراهين والبينات التي أوتيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتشمل الوحي قرآناً وسنةً، كما تشمل المعجزات الأخرى كانشقاق القمر وتنزل الملائكة والإسراء والمعراج وغيرها. فليس فيها حصر لنوع الوحي!

    والآية الثانية ذكر تنويع الله تعالى للآيات من وعد ووعيد وتشريع حتى يؤمنوا به، لكن لم ينفعهم ذلك فتؤول عاقبتهم إلى التكذيب. وليس فيها ذكر لحصر الوحي في القرآن.


    وإن قيل أن الآيات هنا هي البصائر في الآية السابقة، ردّ بأن لا دليل على ذلك، وباستقراء أسلوب ( ونصرف الآيات ). وعلى فرض عودتها على البصائر، فليس فيها حصر كما مر سابقاً.


    الآية الثالثة من الدليل فيها أمر النبي بأن يتبع ما يوحى إليه من ربه، وأن لا يأتي بشيء من عند نفسه. وليس في الآية ذكر لنوع الوحي الذي يتبعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. بل الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مأمور باتباع كل وحي أوحي إليه به كتاباً كان أو سنةً، لأن لفظة ( ما ) هنا اسم موصول يدل على العموم، فلا وجه للتخصيص.


    فالدليل لنا - أهل السنة - وليس له فيه شيء، فالحمد لله رب العالمين.

    الدليل السابع قوله تعالى: ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إليّ ).


    فكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم الغيب ولا يملك من الأمر شيئاً لا ينفي حجية سنته، إذ هي من عند الله لا من عنده هو.

    هذا أولاً.


    ثانياً قوله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن أتبع إلا ما يوحى إليّ ) فيه حصر المتبوع في الوحي، فليس يتبع النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً غير الوحي. لكن ما هو الوحي هنا؟ لفظة ( ما ) اسم موصول يدل على العموم فيشمل كل ما يوحى إليه به، سواء كان قرآناً أو سنةً.


    فالآية دليل لنا – أهل السنة – لا لهم، فالحمد لله رب العالمين.

    الدليل الثامن قوله تعالى: ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إليّ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون ).


    فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس له من الأمر شيء، فلا يبدل ولا يغير، وهذا نقول به، إذ الحكم لله وحده. أما السنة فهي وحي من الله، وليست من عند الرسول ابتداءً.


    ثم قوله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) مرّ الكلام على مثلها مرتين، فلا داعي للتكرار.
    ثم الآية الثانية فيها أن الأمر بيد الله تعالى، لو شاء ما أنزل القرآن عليهم، ولتركهم في ضلالهم. إذ الحكم لله وحده.


    ثم ذكر لبث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قومه سنين، يتكلم ويعمل، ولم يكن في كلامه ولا عمله حجة لهم. وهذا لا يدل على عدم حجية السنة النبوية المباركة. ذلك لأن تلك الأفعال والأقوال لم تكن وحياً من الله تعالى، وبالتالي فلا حجة فيها اتفاقاً.


    أما بعد النبوة، صارت أفعاله وأقواله وحياً من الله تعالى، إلا ما دل الدليل على خلافه، وبالتالي صارت أفعاله وأقواله وحياً من الله تعالى، وبالتالي فهي حجة.

    والحمد لله.

    الدليل التاسع قوله تعالى: ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ).
    يريد – والله أعلم – أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم واحد من أولئك الناس الذين لا يستطيعون حال اجتماعهم الإتيان بمثل القرآن، فكيف به منفرداً؟!


    وهذا حق فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يستطيع أن يأتي بمثل القرآن من عند نفسه.


    لكن كيف تكون السنة مثل القرآن في الاحتجاج والحكمة والإحكام، وهي كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟


    الجواب أن السنة من عند الله، وليست من عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإذ كانت كذلك كانت كالقرآن إحكاماً وحكمةً وحجيةً.

    والحمد لله.

    الدليل العاشر قوله تعالى: ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ).
    أولاً وصف القصص التي في القرآن بأنها أحسن القصص. نقول نعم، والقصص التي في السنة حسنة كذلك، وكل حجة، ولله الحمد. فليس في هذا القدر من الآية ذكر لحصر الوحي ولا القصص في القرآن.


    ثم وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه كان قبل نزول القرآن عليه – أي قبل النبوة، لأن القرآن كان أول النبوة - غافلاً، أي غير شاعر ولا عالم بتلك القصص وما فيها من الحكم والتشاريع. وليس في هذا دليل على عدم حجية السنة، لأن هذا الوصف كان قبل النبوة، أما بعدها فقد صار عالماً. وليس في الآية ذكر لحصر ولا قصر، فالله المستعان.

    آخر الأدلة قوله تعالى: ( فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم. وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ).


    فيه أمر الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتمسك بما أوحي إليه، وهو القرآن، بدلالة الآية بعدها. وليس في ذلك نفي لحجية السنة النبوية المطهرة. إذ من تمسك بشيء لم يمتنع عليه أن يتمسك بغيره معه، فكيف إن كان الآخر متضافراً مع الأول؟!


    ألا ترى قول الله تعالى: ( يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ) فهنا يحثنا على اتباع سبل، وليس سبيلاً واحداً. ولا إشكال، إذ هذه السبل كلها متضافر مؤدٍّ إلى نتيجة واحدة. كالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، كلها سبل إلى الجنة، ولا تعارض بينها، وهي كلها واجب التمسك بها، ولا ينافي التمسك بأحدها أن نتمسك بالآخر.


    فالحمد لله رب العالمين.

    وبهذا انتهت أدلته، التي هي أوضح الأدلة وأبينها، والتي بانتفائها ينتفي غيرها، كما اتفقنا عليه سابقاً، فالحمد لله رب العالمين.

    ثم أتى المناظر بمخالفة ثالثة لما تم الاتفاق عليه، فزاد على الأدلة العشرة، ولا أدري أيريد بذلك تشتيت ذهن القراء الكرام، أم أن يشق عليّ، أم الاستكثار غير المجدي؟!


    لكن سأتابع الرد، وإلى الله المشتكى.

    ذكر قوله تعالى: ( ما ضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى. علّمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى. وهو بالأفق الأعلى. ثم دنا فتدلى. فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى ).


    فالآيات تتكلم عن وحي الله تعالى إلى نبيه بالقرآن الكريم. وفي أثناء الكلام عن القرآن الكريم جاء قول الله تعالى: ( وما ينطق عن الهوى ).


    فهل هذا اللفظ العام ( ما ) خاص بما سيق فيه أم عام له ولغيره؟ معلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وعليه فهذه اللفظة على عمومها تشمل كل ما ينطق به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قرآن وسنة.


    بل دخول السنة هنا ظاهر جداً، ويمتنع إهماله، لأنها الغالب من نطق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يمكن في العموم - الباقي على عمومه أو المراد به الخصوص - أن يخرج منه الغالب ويحمل على النادر.


    وهذا وجه قوي مفحم، فتأمله.

    فالحمد لله رب العالمين.

    ثم ذكر آيات التكوير في الدلالة على صدق نسبة القرآن لله تعالى، وبراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اختراع شيء منه، وهذا حق لا شك فيه.


    لكن لا دلالة فيه على نفي كون السنة النبوية وحياً من الله تعالى.

    ثم أتى بعجيبة من عجائب موضوعه فقال ما نصه: ( ومن ثم برّأه مما كتب ونسب إليه بعد وفاته بقوله: [ ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين ] ). انتهى.


    بيان العجب فيه أنه يستدل بهذه الآية التي هي وعيد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يفتري على الله كلاماً غير الذي قاله، يستدل بها على أن ما كتب من السنة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم افتراء وكذب!!


    وأزيد الأمر تجلية إن شاء الله تعالى:

    فوجوه المغالطة في هذا كثيرة جداً، منها:

    1. أن هذه الآية وعيد شرعي، ليس كونياً. وهو يستدل بها على وقوع أمر كوني!


    2. أن هذه الآية فيها دليل ظاهر على امتناع الوقوع، لأن الله تعالى قال: ( لو ) وهو حرف امتناع الجواب لامتناع الشرط. فكيف يستدل بالامتناع على الوقوع؟!


    3. الآية تحذير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في طيّ قطع للجاج الكفرة، فكيف تنزل على أنها في رجال أتوا بعده؟!
    هذا الوجه الأول في بيان بطلان مدعاه.


    ثم الوجه الآخر أن الآية لا تنفي تكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله بشيء غير القرآن، بل تنفي أن يدعي النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً ليس بقرآن أنه قرآن. وشتان بين الأمرين! إذ الأول هو مراد المناظر، وليس بصحيح. والثاني هو معنى الآية، وهو متفق عليه بيننا.


    فهي بمعنى: ( هذا القرآن من عندي، وإن زدت فيه شيئاً أو أنقصت عذبتك ) وهذا بخلاف ما لو قال: ( هذا القرآن هو فقط ما عندي لك، وإن زدت عليه شيئاً أو أنقصت عذبتك ). ففرق بين أن يزيد ( عليه ) وأن يزيد ( فيه ). فالمنفي أن يزيد ( فيه ).


    ثم هذا توعد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لو تقول على الله، ومعلوم أن السنة ليست تقولاً عليه، وإنما هي من الله تعالى.

    ثم إنه إن أراد الاستدلال بهذه الآية على مراده كان استدلالاً بالنتيجة على المقدمة! وهذا خطأ في الاستدلال.

    لأن النتيجة هي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يتقول على الله، والمقدمة هي أن السنة تقول على الله.

    فالمنطقي في الاستدلال أن يقول: السنة تقول على الله، والرسول لا يتقول على الله فهي ليست من الله. لا العكس.

    فتأمل هذا جيداً.

    يتبع إن شاء الله تعالى...


    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 7:09

    ثم ذكر قوله تعالى: ( وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً. ولولا أن ثبتّناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً. إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً ).

    وادعى أن في هذه الآية دليلاً على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتكلم عن الله تعالى بشيء غير القرآن، وبالتالي فلا سنة.

    ولا دلالة في الآية على شيء من ذلك. إذ المنفي في الآية أن يفتري الرسول على الله، ونحن نقول أن السنة من الله أصلاً، فليست افتراءً. فهذا استدلال آخر منه بالنتيجة على المقدمة!

    ثانياً الافتراء المذكور هنا هو افتراء قرآن مكان هذا القرآن.

    تأمل قوله تعالى: ( ليفتنوك [ عن ] الذي أوحينا إليك ) ففعل يفتن هنا فيه معنى يصدّ. ثم تأمل قوله تعالى: ( لتفتري علينا [ غيره ] ) فكلمة غيره هنا بمعنى بدله.

    دليل ذلك أن هذه الفتنة من الكفار قد ذكرها الله تعالى، فقال: ( وقال الذين كفروا ائت بقرآن غير هذا أو بدله ) ثم أتبعها ببيان المنفي، فقال: ( قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ). فتبين أن الكلام عن تبديل القرآن بقرآن آخر، لا عن إضافة سنة إليه.

    أي أنه زيادة ( في ) القرآن، وليس زيادة ( على ) القرآن، كما مر سابقاً. فالحمد لله رب العالمين.

    ثم ختم موضوعه بقوله تعالى: ( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم ).


    فهذه الآية تدل على أن الله تعالى يشهد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقومه. وليس في ذلك ذكر للقرآن ولا للوحي ولا لحصر ولا لقصر!

    ثم لو فرضنا أن شهادة الله تعالى بينهم تكون بالوحي الذي هو القرآن، فهو إذن أكبر شهيد، ولا ينفي ذلك وجود شهادة أخرى بينهم. كما قال تعالى: ( قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) وقال تعالى: ( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ).

    وبهذا يتضح أن الآية لا دلالة فيها على مراد المناظر هداه الله.

    وبهذا أنتهي بحمد الله من الموضوع، وبإبطال أدلته هذه يبطل ما سواها من باب أولى، كما هو المتفق عليه سابقاً،


    فالحمد لله رب العالمين.

    وأذكّر ختاماً بمخالفات ثلاث من المناظر لعهده الذي اتفق عليه، وهي:


    1. أنه لم يلتزم الاكتفاء بذكر الحجج والبراهين، وإنما أضاع كثيراً من الموضوع كمقدمة، وكثيراً كخاتمة.

    2. لم يذكر وجه الدلالة من الأدلة التي استدل بها، إلا في القليل النادر.

    3. زاد على عشر الأدلة، فذكر ما يزيد على عشرين دليلاً، فالله المستعان.

    وكفى أن يصم المرء ناصيته أن لم يتجاوز قرانه كتاب الله بل ريقه!

    فالحمد لله الذي قال:
    ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ).

    والله أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

    وكتبه

    فيصل سيد القلاف
    عفا الله عنه.

    ==========

    ( المخاصم )
    أرى أن يبدأ الزميل القلاف بسرد ادلته من القرآن على إثبات حجية السنة كي يتسنى الرد عليها بإختصار
    كما ارجوا المعذرة عن تأخري في الرد لإنشغالي بأمور طارئة


    ===========

    ( القلاف )

    الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى. وبعد

    فإني إن شاء الله تعالى كاتب ما طلب المناظر، فأذكر بإذن الله تعالى عشر الأدلة مدعمة بوجه الدلالة في كل منها، أمانة مني والتزاماً بالعهد

    وإلا فإن أدلة إثبات السنة تفوق الألف لمن تدبر.

    لكن ليمهلني أخي الجندي قليلاً حيثما أتفرغ لإعداد المقال.

    والله أسأل أن يوفقني للصواب، والحجة والسداد.

    والحمد لله رب العالمين.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 7:49

    ( القلاف )
    [size=21]
    الحمد لله الذي أمر باتباعه نبيه الأمين، والصلاة والسلام على المطاع سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه نقلة الشرائع والدين، وعلى تابعيه بالسمع والطاعة، حشرنا الله في وفدهم، آمين.

    وبعد، فمما تواتر في الأخبار، ونص عليه الأئمة الأخيار، واقتضته عادة الناس، وتواتر عند العام والخاص، وأوجبه العقل صحيحاً، ودل عليه القرآن صريحاً: حجية السنة النبوية المطهرة، على صاحبها والمتمسك بها أفضل الصلاة والسلام.
    وإني لو أقسمت بالله أن الأدلة على ذلك أكثر من ألف ما كنت حانثاً إن شاء الله تعالى. لكن لما كنت قد تعهدت أن ألتزم بالاكتفاء بعشر أدلة، فإني موفّ غير ناقض عهداً. قال تعالى: ( قد أفلح المؤمنون ) ثم ذكر من أوصافهم: ( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ).
    فإلى المقصد، والله أسأل أن يوفق ويسدد، ويهدي به إلى الحق ويرشد.

    الدليل الأول: قوله تعالى: ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين ).

    وجوه الدلالة من الآية الكريمة:

    1. ربنا سبحانه وتعالى قال: ( وأطيعوا الله ) ثم قال: ( وأطيعوا الرسول ). فهنا أثبت طاعتين ومطاعين. بمعنى أن الفعل الأول مضارع كما لا يخفى، والمضارع يتضمن مصدراً، فالمعنى: ( وأطيعوا الله تعالى طاعةً، وأطيعوا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم طاعة ). ومعلوم أن الأصل إن تعاقب نكرتان أن ذلك يدل على تغايرهما. مثال ذلك قوله تعالى: ( إن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً ) أي مع العسر يسران، يسر بأجر الصبر، ويسر بالفرج. على كلٍّ، يكون المعنى هنا: ( وأطيعوا الله تعالى طاعةً، وأطيعوا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم طاعةً أخرى ).
    فإذا ثبت هذا التغاير، قلنا: ما الطاعة التي لله، وما الطاعة المغايرة التي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم. فالجواب: أن طاعة الله هي طاعة ما بلغنا من كلامه، وهو القرآن، وأن طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي طاعة ما بلغنا من كلامه كذلك، وهي السنة النبوية.

    2. لو كان مراد الله تعالى في هذه الآية الكريمة: ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فيما يبلغكم من القرآن )، لو كان ذاك هو المعنى لكان اللازم فصاحةً وبلاغةً أن تضمر الطاعة الثانية، إذ هي عين الأولى.
    لم يجب ذلك؟ لأن الأفضل في كلام العرب قصر الكلام، ولا يؤتى بالتطويل إلا لفائدة زائدة. فكيف إن كان في التطويل إيهام بخلاف المقصود؟! لا شك يكون الإضمار آكد وآكد.
    ولازم الإضمار أن يقال: ( أطيعوا الله ورسوله ) فيكون الثابت طاعة واحدةً لمطاعين، فالطاعة واحدة للقرآن، ونطيع المتكلم به والمبلغ له. فلما كان في القرآن الكريم مثل هذا التعبير، وعدل الله تعالى عنه إلى الأمر بطاعتين، لزم أن يكون ذلك لحكمة، وهي إثبات طاعة مستقلة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. ويشهد لذلك أنه تعالى لما أمر بطاعة ولاة الأمور قال: ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) فجعل طاعة الرسول متضمنة لطاعة ولاة الأمر، وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطاعتهم، ولم يجعل لهم طاعة مستقلة، لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن طاعتهم في المعصية. فالحمد لله رب العالمين.

    3. لو كان المراد هنا بطاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم طاعة ما جاء به من القرآن، لاستوى بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع غيره من آحاد البشر، بل لاستوى مع الكفرة والشياطين. كيف؟ معلوم أن طاعة كلام أي أحد يأمر بما في القرآن لازمة لا محيد عنها، فلو قال لك مثلاً: صم رمضان، للزم أنك تصومه، لا طاعة لذاته، لكن لموافقة القرآن. ومعلوم بالضرورة أن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مزية زائدة على غيره، فما هي هذه المزية إلا أن تكون طاعته في شيء زائد على ما في القرآن؟! وهذه هي السنة. والحمد لله رب العالمين.

    4. أن الله تعالى هنا علق طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كونه ( الرسول ). وبالتالي فله من الطاعة ما يكون للرسول على قومه. فنرى في القرآن الكريم كثيراً أن الله تعالى يلزم الكافرين طاعة رسلهم في أمور غير التي في كتبهم. وذلك أشهر من أن يذكر، لكن أمثل له بمثالين واضحين.
    الأول قوله تعالى: ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ). فهنا جعل الله تعالى وحيه إلى نبيه إبراهيم أمراً، مع كونه مناماً ليس في كتاب. وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يأمره الله ويأمر أمته بوحي ليس بقرآن. إذ ليس رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم ببدع من الرسل، قال تعالى: ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ).
    الثاني قوله تعالى: ( ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى ). فهنا وحي من الله تعالى إلى موسى فيه تكليف له ولقومه بالإسراء، وليس هو من التوراة، إذ التوراة نزلت بعد هذا عندما لقي موسى ربه. وكذلك يجوز لنبينا ما يجوز لموسى عليهما الصلاة والسلام. والحمد لله رب العالمين.

    5. ووجه دلالة عموم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكل زمن إلى قيام الساعة قوله تعالى قبل هذه الآية في نفس سياقها: ( يا أيها الذين آمنوا ). ووجه آخر أن قوله تعالى: ( وأطيعوا ) فيه ضمير الرفع المتصل، وهو مفيد للعموم.

    الدليل الثاني قوله تعالى: ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ).

    وجوه الدلالة من الآية الكريمة:

    1. أن الله تعالى أمر بأخذ الذي آتانا الرسول وترك ما نهانا عنه، والأمر يفيد الوجوب. وما آتى الرسول وما نهى عنه هو السنة النبوية، وبالتالي فهي واجبة الاتباع. ويؤكد هذا المعنى تتمة الآية: ( واتقوا الله إن الله شديد العقاب ).

    2. هنا أسند الله تعالى الإتيان والنهي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدل على أنهما صادران منه. ولو كان المراد ما آتى القرآن ونهى، لما صح أن يسند ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ القرآن كلام الله تعالى، وليس كلامه صلى الله عليه وآله وسلم. والكلام يسند إلى من صدر منه أولاً لا إلى ناقله ومن تكلم به بعد ذلك. فلا يقال عن القرآن أنه كلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنه بلغه، بل هو كلام الله تعالى لأنه هو من ابتدأ التكلم به. وتأمل رد الله تعالى على المشرك القائل عن القرآن: ( إن هذا إلا قول البشر ) قال: ( سأصليه سقر ).

    3. سياق الآية في معرض الحديث عن قسمة الفيء، قال تعالى: ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ). ومعلوم عقلاً واضطراراً أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
    كما في قوله تعالى: ( قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ). فكون الله لا يضيع أجر المحسنين عامٌّ لفظاً، وإن كان في سياق الحديث عن رجلين خاصين، هما يوسف وشقيقه، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

    4. العلة في وجوب إطاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا أنه مبلغ عن ربه، ولذلك وصف هنا بالرسالة، إشارة إلى أن الذي يبلغه عن ربه وليس من عند نفسه. وهذه العلة كما هي موجودة في قسمة الغنائم، فهي موجودة في كل أمر ونهي صادرٍ منه صلى الله عليه وآله وسلم.

    5. ودليل عموم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكل من بلغته هو الضمير المتصل في قوله تعالى: ( فخذوه ) وفي قوله: ( فانتهوا ) لأنه يفيد العموم.

    6. هنا علق الله تعالى طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كونه رسولاً، فقال: ( وما آتاكم الرسول ) فدل على أن له من الطاعة ما يكون للرسول على قومه. وقد ثبت - كما مر - أن للرسول على قومه طاعة زائدة على مجرد ما في كتابه. والحمد لله رب العالمين.

    الدليل الثالث قوله تعالى: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ).

    ووجوه الدلالة من الآية كما يلي:

    1. أن الله تعالى حرم مشاقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ورتب على مشاقته ألواناً من أشد العذاب. ففي الدنيا يوليه الله تعالى شيطانه الذي آثر اتباعه على طاعة النبي ليزداد إثماً وضلالاً. قال تعالى: ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين ). وفي الآخرة يصليه الله تعالى جهنم ويحرمه الجنة، كما استبدل في الدنيا طاعة النبي بطاعة الشيطان.

    2. أن الله تعالى هنا حرم مشاقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي الآية الأخرى حرم مشاقته نفسه سبحانه وتعالى، فقال: ( ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب ). فلو كان المراد بمشاقة الرسول مشاقته فيما جاء به من القرآن، لاستوت الآيتان ولم يكن ثمة حكمة من التفريق بينهما.
    وتأمل كذلك قوله تعالى: ( ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ). فلو كانت مشاقة الرسول هي مشاقته فيما جاء به من القرآن، لما كان فائدة من ذكره، ولكان القول: ( ذلك بأنهم شاقوا الله ). لكن لما كانوا قد شاقوا القرآن الذي هو كلام الله والسنة التي هي كلام الرسول، حسن النص عليهما كليهما.

    3. أن تحريم مشاقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقتضي تحريم مخالفته في كل أمر أو نهي صدر منه، سواء كان من القرآن أو غيره. مثال ذلك قوله تعالى: ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك ). وظاهر أن ذلك الأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أمسك ) ليس من القرآن، بل قد نزل القرآن بعده.
    ويدل لذلك أيضاً أن المشاقة التي حرمها الله تعالى هنا مطلقة، غير مقيدة بما جاء في القرآن ولا بما وافقه ولا بغير ذلك، فوجب أن تحمل على إطلاقها. ومن قيد ما أطلق الله تعالى فقد شاقه، والله المستعان.

    4. أن الله تعالى علق تحريم مشاقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا على كونه رسولاً، فقال: ( ومن يشاقق الرسول ). وبالتالي فإن له صلى الله عليه وآله وسلم من الطاعة ما يكون للرسول على قومه. وقد ثبت - كما مر - أن للرسول على قومه طاعة زائدة على مجرد ما في كتابه، وهي السنة. فالحمد لله رب العالمين.

    5. دليل عموم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الآية الاسم الموصول ( من ) إذ أنه يفيد العموم.

    الدليل الرابع قوله تعالى: ( حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ).
    والآية هنا ذكر لما حدث في غزوة أحد، إذ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرماة من أصحابه أن يلزموا الجبل وألا ينزلوا عنه لجمع الغنائم، ولو رأوا ظفر المسلمين. ثم لما ظهر المسلمون على الكفار، اختلف الرماة، فمنهم من سبق إلى الغنائم وعصى، ومنهم من ثبت وقتل. وقد عفا الله عمن أخطأ منهم فقال: ( ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على العالمين ).

    وجوه الدلالة من الآية الكريمة كما يلي:

    1. أن الله تعالى أثبت أمراً لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الأمر غير موجود في القرآن قطعاً. ثم أثبت أن من خالف هذا الأمر كان عاصياً آثماً، فدل على وجوب اتباع ذلك الأمر. فهذا دليل على وجود سنة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى وجوب اتباع تلكم السنة.

    2. أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر وينهى بأوامر ونواهي زائدة على ما في القرآن الكريم. ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله ). وقوله تعالى: ( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ). وقوله تعالى: ( ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ). وكما قال تعالى: ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) فدل على أن النبي أمرهم بالقتال والغزو ثم هم تخلفوا، ومعلوم أنه ليس في القرآن أمر بغزوة بعينها ولا بمكانها ولا بزمانها، وإنما كان ذلك بوحي غير قرآن، وهو السنة النبوية المطهرة.

    3. أن العلة في الهزيمة هنا هي عصيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في الآية الكريمة. وهذا نوع عقوبة، فدل على تحريم ذلك العصيان ووجوب ضده وهي الطاعة. ثم هذه العلة متعدية كما لا يخفى، وبالتالي فالعبرة بتعديها لا بخصوص السبب، فيحرم كل عصيان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

    4. أن الله تعالى قال بعد هذه الآية: ( إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم ). فعلق الله تعالى الأحكام الواردة في الآية على وصف ( الرسول ) وليس مجرد القائد، فدل على أن علة تحريم عصيانه كونه رسولاً، وليس لمجرد أنه قائد المعركة.
    ثم تعليقه سبحانه الوصف بالرسالة دليل على أن له صلى الله عليه وآله وسلم من الطاعة ما يكون للرسول على قومه. وقد مر سابقاً أن للرسول طاعة زائدة على ما في كتابه، وهي السنة. والحمد لله رب العالمين.

    الدليل الخامس قوله تعالى: ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما ما نزل إليهم ولعلكم تتفكرون ).

    وجوه الدلالة من الآيتين الكريمتين كما يلي:

    1. أن الله تعالى قرر أنه أرسل مع كل نبي قبل نبينا صلى الله عليهم وسلم أمران، الأول البينات والثاني الزبر وهي الكتب. فدل على أنهم أرسلوا بشيء زائد على ما في الكتب، وهي البينات.
    ثم البينات جمع بينة، وهي فعيل إما بمعنى فاعل أو مفعول، فعلى الأول بينة بمعنى بائنة أي واضحة، وعلى الثاني بينة بمعنى مبيَّنة أي موضَّحة. والواضحات هي آيات الأنبياء ومعجزاتهم، لوضوح دلالتها على صدقهم، والموضَّحات هي سننهم وشرائعهم فصلت لهم، والله أعلم.
    وعلى المعنى الأول قوله تعالى: ( سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ) وعلى الثاني قوله تعالى: ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينةُ رسولٌ من الله ).
    وحيث أن اللفظ هنا مشترك ولا مرجح لأحد المعنيين ولا تنافي بينهما، وجب حمله عليهما جميعاً، إذ تخصيصه في أحدهما من غير دليل تحكم.
    ثم لو أردنا قرينة ترجح أحد المعنيين، لكان معنى الشرائع والسنن أولى، لأن الآيتين في مقام الحديث عن الوحي، ولأن الذي ذكر في الآية الثانية لا يحتمل معنى الدلائل والمعجزات.
    فإذا ثبت بذلك أنه كان لكل نبي ممن كان قبل نبينا صلى الله عليهم أجمعين سنة زائدة على ما في كتبهم، ثبت أن لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم كذلك سنة زائدة على ما في كتابه. إذ ليس رسولنا ببدع من الرسل كما أمره تعالى أن يقول: ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ).

    2. قوله تعالى: ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ). يلحظ فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أنزل الله إليه أمران، الأول القرآن الذي نزل للناس، والثاني بيان يوضح ما في القرآن. ومعلوم أن الموضِّح غير الموضَّح. فدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أنزل إليه شيء زائد على ما في القرآن، وليس ذلك إلا السنة المطهرة.
    ثم تأمل أيها القارئ الكريم أنه يمتنع حمل الآية على معنى: ( وأنزلنا إليك القرآن لتبين للناس القرآن ) ليكون القرآن بياناً للقرآن. وهذا الامتناع لأمور:

    أ. أن المبيَّن في هذه الآية الكريمة وصفه الله تعالى بأنه ( نُزِّل ) ولم يصفه بأنه ( أُنْزِل ). والفرق بينهما أن ما نُزِّل أي جملة واحدة، وما أنزل أي مفرقاً منجماً أو جملة واحدة.
    ومن ذلك قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزّل على رسوله والكتاب – أي الكتب - الذي أنزل من قبل ) فوصف القرآن بأنه منزّل لنزوله جملة واحدة، ووصف الكتب بأنها أنزلت لأنها نزلت مفرقة كل نبي بكتاب. ومثل هذا كثير في القرآن.
    فإن ثبت أن المنزل هو كل القرآن، لزم أن يكون الموضح ليس بقرآن، لأن المطلوب بيان كل القرآن، فلو شرح بعضه بعضاً منه، لزم وجود شرح للبعض الشارح، وهكذا إلى أن يحصل التسلسل. فعلم أن السنة النبوية هي الشارحة لكل القرآن.

    ب. أن الله تعالى أضاف التبيين المطلوب للقرآن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ( لتبين ) ولم يقل ( لأبين ) أو ( لنبين ) ومعلوم أن الأصل إضافة الكلام إلى قائله المباشر، فدل على أن البيان صادر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
    والقرآن الكريم لا يصح أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، كما قال تعالى حاكياً قول المشركين: ( إن هذا إلا قول البشر ) فرد عليه بقوله تعالى: ( سأصليه سقر ).

    ج. أن الأمرين النازلين من الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم موصوفان بوصفين مختلفين في سياق واحد. الأول منزَل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والثاني منزَّل إلى الناس كافة. فدل على أن أحدهما أكثر اختصاصاً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الآخر.
    أما القرآن الكريم فليس بعضه أكثر اختصاصاً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدل على أنه ليس هو الموضِّح المقصود هنا، فبطل أن يكون هو الموضَّح والموضِّح. وإنما الذي يختص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من اختصاصه بغيره هو السنة النبوية المطهرة. فالحمد لله رب العالمين.

    الدليل السادس قوله تعالى: ( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً ).

    وجه الاستدلال من الآية كما يلي:

    1. أن الله تعالى جعل طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طاعة له، ورتب على من تولى عن طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الوعيد. وهذا يدل صراحة على وجوب الائتمار بأمره صلى الله عليه وآله وسلم فعلاً وتركاً. وهو المطلوب ولله الحمد.

    2. أن الله تعالى هنا علق المدح على طاعة الرسول. فالطاعة هنا قيدت بمطاع هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا يعني أن المطاع فيه صدر منه لا من غيره. إذ لو كانت صادرة عن غيره وكان هو المبلغ لما كان هو المطاع، ولكان المطاع هو المبلغ عنه، إذ الأصل في إضافة الطاعة إلى مطاع أن يكون هو المباشر للأمر والنهي.

    3. أن الآية لم تخص أمراً للرسول صلى الله عليه وآله وسلم دون أمر، ولا نهياً دون نهي، وإنما هي عامة في كل من أطاع الرسول في أمٍه أمر به أو في نهي نهى عنه. بيان العموم هو كلمة ( من ) الشرطية، إذ هي من صيغ العموم. وعليه فلا تخصص الآية بمن أطاع القرآن الذي جاء به، ولا تخصص بما كان مسكوتاً عنه في القرآن، بل تعم كل ما صدر منه، سواء كان مخصصاً أو مقيداً أو مبيناً أو زائداً أو ناسخاً لكتاب الله، ولا فرق. ومن فرق فقد خالف الآية.

    4. أن الله تعالى علق المدح على من ( يطيع ) رسوله. والفعل المضارع يفيد التجدد والحدوث. فيكون ذلك دليلاً على حجية سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أي زمان. فكما أن الآية تتناول أهل كل زمان بعموم لفظ ( من ) الشرطية، فهي كذلك تتناوله بفعل ( يطيع ) المضارع.

    وفي هذا الفعل المضارع كذلك تأكيد على المعنى الذي ذكرته في الوجه الثاني، وهو أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الآمر المباشر، وليس هو مبلغ، بمعنى أن الكلام الذي فيه الأمر صدر منه هو ابتداء، وإن كان معناه وحي من الله تعالى إليه.
    وجه التأكيد أن الله تعالى علق المدح على المطيع متى كان زمانه. فإذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيموت، وأن من جاء بعده سيطيعه لينال من الأجر مثل ما نال الصحابي، علمنا أن الطاعة لم تكن لناقل الحديث كالبخاري ومسلم، وإنما بقيت للرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا يدل على أن الطاعة إنما هي لمن صدر منه الكلام الآمر أو الناهي وليس للناقل. وهذا قوي محكم لا مجال لرده.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 7:57


    5.
    أن الله تعالى علق الطاعة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم على وصف له، وهو الرسول.

    فدل على أمرين:

    الأول

    أن له صلى الله عليه وآله وسلم من الطاعة ما يكون للرسول، وقد تبين مراراً مما سبق أنه قد كان للرسل على أقوامهم من الطاعة أكثر مما فيه كتبهم، فكذلك يكون لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم.

    الثاني

    أن طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنه رسول، وليس لأنه مجرد مبلغ، فتكون الحجة في كل قوله قرآناً أو سنةً، وليس كغيره من العلماء والدعاة المبلغين الذين الحجة في الذي يسندون إلى الله والرسول من قولهم لا في كل قولهم.

    6.

    لو كان المراد أن من أطاع الرسول فقد أطاع الله لأن قول الرسول لا يخرج عن أن يكون أمراً بما في القرآن، لكان المعنى فاسداً. لأن كل من أمر بما في القرآن كان طاعته في ذلك واجبة، ولا مزية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومعلوم ضرورة أن له مزية ليست لغيره.
    فإن قيل: المزية أن قوله لا يخرج عن القرآن، بخلاف غيره فيأمر بالقرآن تارة ويخالف تارة.

    قلنا: وهذا كذلك محجوج، إذ يلزم عليه أن ميزة الرسول هي مجرد العدالة، وهي حاصلة لغيره، فليس مزية له. كما يرده ما مر من الأدلة على أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بغير ما في كتاب الله تعالى.

    الدليل السابع:

    قوله تعالى: ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ).

    أوجه الدلالة منه كما يلي:

    1.


    أن الله تعالى أثتب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمراً. والأمر كلام، والكلام لفظ ومعنى. فالأمر الصادر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفظاً ومعنىً هو السنة. ثم الأصل إضافة الكلام إلى الصادر منه ابتداء لا إلى ناقله كما مر غير مرة. ثم حذر الله تعالى عن مخالفة هذا الأمر، فدل على وجوب اتباعه، والحمد لله رب العالمين.

    2.

    لو كان المراد بأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمره بما في القرآن، لما كان له على غيره مزية، والضرورة حاصلة على أن له مزية ليست لغيره، ولا يصح أن تكون أنه لا يأمر إلا بما في القرآن كما مر سابقاً.

    فلزم أن تكون مزيته وجوب اتباعه فيما أمر به ابتداءً.

    والحمد لله رب العالمين.

    3.

    أن هذه الآية جاءت تابعة للآية السابقة لها، وهي قوله تعالى: ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين آمنوا بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فائذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم ).

    ويتضح منها أمور:

    الأول

    أن الله أثبت وجوب اتباع أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم المباشر المغاير للقرآن، فإذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمؤمن المعين ليس بقرآن قطعاً، وإنما يكون من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابتداءً، فدل على أن له علينا أن يطاع فيما أمر به ابتداءً.

    الثاني

    أن الله سمى هذا الإذن وعدمه في الآية الثانية ( أمراً ) وأضافه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

    فدل على أنه صادر منه ابتداءً، وليس هو اتباع لما في القرآن.

    الثالث

    أن الله تعالى أثنى على مؤمنين استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل نزول الآية الكريمة،

    فدل على أن طاعتهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الاستئذان كانت محمودة قبل نزول القرآن بما فعلوا.

    فدل ذلك قطعاً على أن اتباع سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم محمود مطلوب.

    الرابع

    أن الله تعالى ذم أناساً لم يستأذنوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل نزول الآية الكريمة، بل نفى عنهم الإيمان.

    فدل ذلك على أن مخالفتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت مذمومة قبل نزول القرآن بما فعلوا.

    فدل ذلك قطعاً على أن اتباع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم محمود وأن تركها مذموم.

    4.

    أن الضمير في قوله ( أمره ) عائد على لفظ ( رسول ).
    وتعليق الحكم على وصف الرسول، يدل على أن له صلى الله عليه وآله وسلم من الطاعة ما يكون للرسول من رسل الله تعالى.

    وقد مر سابقاً أنه كان للرسل على أقوامهم من الطاعة أكثر من مجرد ما في كتبهم.

    والحمد لله رب العالمين.

    5.

    قوله تعالى: ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله )
    في صدر الآية يدل كذلك على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. إذ الإيمان هو التصديق المقرون بالعمل، وليس مجرد التصديق.

    دليل ذلك قوله تعالى: ( فلما أسلما وتله للجبين. وناديناه أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم ) فجعل تصديق الرؤيا تطبيق ما فيها من أمر، ولو كان مجرد اعتقاد وجوبها تصديقاً، لكان مصدقاً من قبل أن يمسك ابنه، ولو كان لترتب عليه ما رتب الله على الإيمان من الفداء، ولو كان لما تل ابنه أصلاً. ويدل على ذلك كذلك قوله تعالى: ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) فسمى الصلاة إيماناً، وهي عمل. وكذلك قوله تعالى: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) فحصر الإيمان فيهم، فدل على اختصاصه بهم دون من اعتقد من غير عمل. وغير ذلك كثير.

    فإذا تقرر ذلك انتقلنا إلى المرحلة الثانية، وهي:
    قد حصر الله تعالى في آيتنا هنا الإيمان في الذين آمنوا بالله ورسوله، أما الإيمان بالله تعالى فيترتب عليه عمل، وهو اتباع ما تكلم به الله تعالى من القرآن الكريم، ثم الإيمان بالرسول أي عمل يترتب عليه؟ إن قيل نصرته ومحبته، قلنا: هذا مأمور به في القرآن، فهو من الإيمان بالله تعالى.

    فلما لزم أن يكون للإيمان بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم مقتضىً يعمل به، ولم نجد شيئاً سوى اتباعه، لزم أن يكون الإيمان المطلوب هو اتباعه، واتباعه ليس اتباع ما جاء به من القرآن، فإن هذا إيمان بالله كما مر، وإنما يكون اتباعه باتباع ما اختص به من سنة مطهرة.

    والحمد لله رب العالمين.

    الدليل الثامن

    قوله تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ).

    وجوه الدلالة من الآية الكريمة:

    1.

    أن الله تعالى أثبت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم اتباعاً واجباً، حيث علق عليه صدق محبة العبد لربه، وهي واجبة، وما تعلق عليه الواجب فهو واجب.

    2.

    الاتباع هنا مضاف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأصل أن يضاف الاتباع إلى المتبوع المباشر. فلا يقال لي إن أمرني رجل بالصلاة فصليت أني قد اتبعته، وإنما يقال أني اتبعت الله تعالى الذي هو الآمر المباشر بالصلاة، وليس ذلك الرجل إلا مبلغاً. وهذا مر كثيراً فيما سبق. فلله الحمد والمنة.

    3.

    الاتباع المأمور به هنا مطلق، لم يقيد بشيء ألبتة، ولا يصح تقييد ما أطلقه الله سبحانه. فمن زعم أن الاتباع هنا مقيد باتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من القرآن فقط، فقد خالف القرآن الذي صرح بالعكس.

    4.

    أن الله تعالى أتبع بهذه الآية الكريمة ما يوضح المراد من الاتباع المذكور هنا، فقال تعالى: ( قل أطيعوا الله ورسوله فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ). فأمر بطاعته سبحانه وطاعة رسوله، ووحد الطاعة هنا لأن طاعة الرسول طاعة لله تعالى الذي قال: ( من أطاع الرسول فقد أطاع الله ). ثم بين سبحانه وتعالى أن من لم يلتزم طاعة الله ورسوله ( بمعنى لم يعتقد وجوبها أو لم يقبل بها ) أنه كافر الكفر الأكبر المخرج من الملة، والعياذ بالله تعالى.

    الدليل التاسع

    قوله تعالى: ( وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ).

    وجوه الدلالة من الآية الكريمة كما يلي:

    1.

    أن الله تعالى أثبت طاعة لازمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. والأصل أن تضاف الطاعة إلى من صدر منه الكلام أولاً، لا إلى المبلغ. ومثل هذا مر كثيراً ولله الحمد.

    2.

    لو كان المراد طاعة الرسول بما جاء به من قرآن فقط، ما كان له مزية عن غيره، والاتفاق واقع على أن له مزية ليست لغيره، ضرورة أنه ذكر ولم يذكر غيره من المبلغين كجبريل ونقلة القرآن والعلماء.
    فإن قيل: المزية أنه لا يأمر إلا بالقرآن. قلنا: المزية هنا أنه عدل لا يأمر بما يخالف القرآن، وهذا خلاف الاتفاق، لأن العدالة لا تختص به صلى الله عليه وآله وسلم. فلزم أن مزيته صلى الله عليه وآله وسلم وجوب اتباعه. ثم قد تواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم تواتراً قطعياً لا يمكن دفعه، أنه كان يأمر بما لم يأت في القرآن، بل ويأمر بما يخالف القرآن ظاهراً ( لكنه مبين في واقع الأمر ) كتخصيص العام وتقييد المطلق.

    2.

    أن الله تعالى أطلق الطاعة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقيدها بما جاء في القرآن فقط، ولا يجوز تقييد ما أطلق الله تعالى. فدل على أن له علينا من الطاعة أن نطيعه في كل أمره قرآناً كان أو غير قرآن.

    3.

    أن الله تعالى علق الهداية على هذه الطاعة، فدل على وجوبها. إذ طريق الهداية واحد، ويلزم من تركه أنه غير مهتد كما قال تعالى: ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) فوحد سبيل الهداية وجمع سبل الضلالة. فالحمد لله رب العالمين.

    4.

    قوله تعالى: ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) يدل على أنه ليس على الرسول أن يتكلم من تلقاء نفسه، ولا أن يشرع هو صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما عليه يبلغ ما يوحى إليه من ربه. وبالتالي يفهم منه أن الأصل في ما تكلم به الرسول صلى الله عليه وآله أنه وحي وأنه حجة، سواء كان في القرآن أو لم يكن في القرآن.

    ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وقوله تعالى: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ). فالحمد لله رب العالمين.

    الدليل العاشر

    قوله تعالى: ( وثيابك فطهر ).

    ولقارئ أن يستغرب استشهادي بهذه الآية الكريمة، مع وجود عشرات غيرها أوضح منها في الدلالة.


    فأجيبه أني أرمي بهذه الآية الكريمة إلى الاستدلال على المطلوب أولاً، ثم الاستدلال على استحالة تفسير القرآن وفهمه من غير السنة ثانياً.


    وذلك كما يأتي إن شاء الله تعالى:

    أولاً:

    الأمر هنا مجرد عن القرينة، فيفيد الوجوب كما هو متقرر في علوم العربية.

    ثانياً:

    الأمر هنا مخاطب به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مقصود به كل الأمة، كما هو ظاهر من السياق، حيث قال تعالى: ( قم فأنذر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر. ولا تمنن تستكثر. ولربك فاصبر ). وهذا هو الأصل في خطاب الله تعالى لنبيه أن يراد به الأمة كلها إلا بدليل على التخصيص، كما في قوله تعالى: ( يا أيها النبي اتق الله ) وقوله تعالى: ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ) وغيرها.

    ثالثاً
    الأمر بتطهير الثياب هنا مطلق في الصلاة وفي غيرها، وهو مطلق في النجاسات والقاذورات، وهو مطلق في الكثير والقليل، وهو مطلق في كل أنواع الثياب.

    فإذا تقرر ما سبق، جاء السؤال: الأمر هنا للوجوب، وهو عام لكل الأمة، وهو مطلق تماماً، فهل يلتزم الخصم بهذا؟
    لا شك أنه لن يلتزم الإطلاق، لما فيه من الحرج الشديد والمشقة البالغة، والله تعالى يقول: ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ). وسيقول بل الأمر بالتطهير خاص بالنجاسات.

    فيأتي السؤال التالي: ما الدليل على تخصيصه بالنجاسة دون سائر ما يتطهر منه من القاذورات والعرق والتراب ونحوها؟ وهنا ينقطع ولا شك.

    ثم لو سلمنا أن الأمر هنا خاص في النجاسات وحدها دون ما عداها، فما هي النجاسات؟ هل هي ما ذكر في قوله تعالى: ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرم على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس ) وعليه فالعذرة والبول والحيض والمذي وبراز الخنزير والكلاب ونحوها، كل ذلك طاهر ليس بنجس!

    وإن قال أنه نجس، طالبناه بالدليل. فإن قال أنه الطبع. قلنا: الطبائع تختلف ولا تنضبط، ثم هذا يجعل حكم الله تعالى متعلقاً بما يشتهي كل واحد لنفسه، وهذا تحكيم غير الله، ولو جاز عنده لجاز تحكيم سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من باب أولى، إذ طبعه أقوم الطبائع ونفسه أشرف الأنفس.

    فلن يجد بعد ذلك محيصاً للخروج من هذا الحرج الشديد إلا القول بسنة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ففيها الجواب الكافي.

    ثم مثل هذه الآية في كتاب الله تعالى كثير، ومنه:
    قوله تعالى:

    ( حرمت عليكم الميتة )
    تتناول تحريم السمك الميت وإيجاب ذبحه.

    وقوله تعالى:

    ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )
    تحتمل قطع اليد من طرف الإصبع كما تحتمل قطع اليد من الكتف.

    وقوله تعالى:
    ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم )
    يشمل كل ظلم ولو صغيراً.

    وقوله تعالى:
    ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج )
    مع قوله تعالى:
    ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً )
    متناقضتان تماماً.

    والآيتان السابقتان مع قوله تعالى:
    ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )
    متناقضتان حيث تلد المرأة قبل أربعة الأشهر.

    وقوله تعالى:
    ( والذين في أموالهم حق معلوم )
    الحق لا يعلم كم هو؟ ولا ما هو؟ ولا متى هو؟ ولا ممن هو؟ ولا كيف هو؟

    وقوله تعالى:
    ( وربائبكم اللاتي في حجوركم )
    لا يتناول اللاتي لسن في حجورهم.

    وقوله تعالى:
    ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً )
    يدل على جواز إكراههن إن لم يردن التحصن.

    وقوله تعالى:
    ( وأحل لكم ما وراء ذلكم )
    يبيح الجمع بين الزوجة وعمتها وخالتها.

    وقوله تعالى:
    ( فلا جناح عليه أن يطوف بهما )
    يدل على عدم استحباب وعدم إيجاب السعي بين الصفا والمروة.

    وغير ذلك كثير جداً في كتاب الله تعالى لا يمكن أن يفهم من غير بيان السنة المطهرة.

    وأنبه هنا
    أن ذكري كل هذه الآيات ليس استدلالاً بكل منها، فتزيد الأدلة الواردة على العشر، وهو خلاف الاتفاق، وإنما الدليل الجنس.
    إذ دليلي كثرة ما في القرآن مما لا يفهم من غير بيان السنة النبوية المطهرة، ولا يتم لي إثبات الكثرة التي ذكرت إلا بذكر كمٍّ من الأمثلة.

    وبهذا تتم عشرة أدلة، والله أسأل أن يثبت بها مسلماً ويهدي بها من شاء من عباده،

    والله أعلى وأعلم

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .

    [/size]
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 8:02


    فاصل

    تحية

    وبذا تم المراد إذ التتمة غير تامة

    ومن رامها فهاكم مظانها

    http://www.sd-sunnah.com/vb/showthread.php?t=818&page=2

    وهكذا فالحق منصور وأهله

    والباطل مخذول وأهله

    جزى الله خيرا كل من رفع رأسه بالسُنّة وذبّ عنها

    فاصل


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 03.08.09 8:12 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 8:05

    أرجو من الاخوة الكف عن تسمية هؤلاء المبتدعة بـ "القرآنيين"

    فهذا اللقب شريف

    وكل مسلم حق فهو قرآني

    وقد يغتر من لايعرف هؤلاء المارقين بهذه التسمية فيعتقد انهم على شىء...

    وأقترح إن شاء الله تسميتين مناسبتين:

    الاولى:
    اللا-سنيون

    الثانية:
    الأريكيون


    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22700
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.11.09 9:43

    مايقوله صبحي منصور اثاره من من قبل المستشرقين


    المستشرقون وإسناد الحديث


    تنبع أهمية الإسناد ومكانته في ديننا من أهمية الحديث ومكانته التشريعية ، والتي تحتل المرتبة الثانية بعد كتاب الله تعالى ، فالسند كان ولا يزال أهم الوسائل التي حفظ الله بها الحديث وصانه من الوضع والكذب والافتراء ، كما أنه المعيار الأول الذي تقيم به الروايات ، وتوزن به الأخبار ، لمعرفة صحيحها من سقيمها ، وقويها من ضعيفها .

    وقد بدأ إسناد الحديث مع بداية الرواية التي بدأت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كان الصحابة يتناوبون في حضور مجلسه عليه الصلاة والسلام فيبلغ الشاهد منهم الغائب ، وينقل كل منهم لغيره ما سمعه وشاهده ، مع نسبة القول أو الفعل إلى قائله الذي سمعه منه سواء كان ذلك القائل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو صحابياً آخر سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم - ، وقد لا يذكر بعضهم الواسطة فيما لم يسمعه مباشرة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لا عن جهل منه وعدم معرفة بمن أخذ عنه ، ولكن لوجود الثقة بينهم ، وبعدهم عن مظان الكذب ، فالصحابة كلهم ثقات عدول ، ولقرب العهد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - .

    ثم استمر الحال على ذلك مدة من الزمن ، وإن كان الاحتياط والتثبت في الرواية قد وُجد على عهد الخليفتين الراشدين أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ، كما يدل عليه قصة أبي بكر رضي الله عنه مع المغيرة بن شعبة في ميراث الجدة ، وقصة عمر رضي الله عنه مع أبي موسى في الاستئذان ثلاثاً ، إلا أنه لم ينتقل إلى طور الإلزام بإسناد الحديث عند روايته .

    حتى وقعت الفتن التي أودت بحياة الخليفتين الراشدين عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، وما رافق ذلك من اختلاف الأمة وتفرقها ، وظهور الفرق والطوائف ، ومحاولة كل فرقة التمسك بما يؤيد موقفها ، مما استوجب زيادة الحيطة والحذر ، والتثبت في قبول الروايات ، فأصبح السؤال عن السند ، وإلزام الرواة به أمراً ضرورياً اقتضته طبيعة المرحلة ، التي مهدت السبيل أمام أصحاب الأهواء والبدع للدس والافتراء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، الأمر الذي بينه ابن عباس رضي الله عنهما كما في مقدمة مسلم أن بشيراً العدوي جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، فجعل يحدث ويقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه - أي لا يستمع - ولا ينظر إليه ، فقال: يا ابن عباس ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله ولا تسمع؟! فقال ابن عباس : إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتدرته أبصارنا ، وأصغينا إليه بآذاننا ، فلما ركب الناس الصعب والذلول ، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف " ، وبينه أيضاً الإمام ابن سيرين بقوله : "لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة ، قالوا سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" .

    وهذا لا يعني أن الإسناد لم يكن موجوداً قبل الفتنة ، أو أنه لم يستعمل من قبل الرواة ، وإنما المقصود أن بداية البحث والتحري وإلزام الرواة بالإسناد بدأ عقب الفتنة ، ثم صار الالتزام بالسند أمراً شائعاً ، وسنة متبعة لدى رجال الحديث .

    ومع وضوح بداية استعمال السند ، وشيوع التزامه والتمسك به في هذا الوقت المبكر من تاريخ الحديث ، فإن المستشرقين وأذنابهم حاولوا أن يثيروا الشكوك حول الإسناد وبداياته وأهميته في الرواية ، وذلك لإضعاف الثقة به ، ومن ثم إضعاف الثقة بالحديث النبوي ، لأن التشكيك في الإسناد أو التقليل من أهميته ، هو في الحقيقة تشكيك في السنة النبوية ، التي وصلت إلينا ، وتناقلتها الأمة جيلاً إثر جيل ، بواسطة هذه الأسانيد .

    فمن المستشرقين من شكك في بدايات الإسناد كما فعل كايتاني ( ت 1926 م ) الذي زعم في حولياته " أن الأسانيد أضيفت إلى المتون فيما بعد بتأثير خارجي ، لأن العرب لا يعرفون الإسناد ، وأن استعمال الأسانيد إنما بدأ أول ما بدأ بين عروة بين الزبير المتوفى سنة 94هـ ، و ابن إسحاق المتوفى سنة 151هـ ، وأن عروة لم يستعمل الإسناد مطلقاً، و ابن إسحق استعملها بصورة ليست كاملة .

    وأشار " شبرنجر " ( ت 1893 م ) إلى تعاسة نظام الإسناد وأن اعتبار الحديث شيئاً كاملاً سنداً ومتناً قد سبَّب ضرراً كثيراً وفوضى عظيمة ، وأن أسانيد عروة مختلقة ألصقها به المصنفون المتأخرون .

    وأما " ميور " معاصر "شبرنجر " ، فينتقد طريقة اعتماد الأسانيد في تصحيح الحديث ، لاحتمال الدس في سلسلة الرواة .

    وأما " شاخت " ( ولد 1902 م ) ، فقد أجرى دراسة على الأحاديث الفقهية وتطورها - على حد زعمه - أجراها على كتابي " الموطأ " لمالك و" الأم " للشافعي وعمم نتائج دراسته على كتب الحديث الأخرى ، ثم خلص إلى أن السند جزء اعتباطي في الأحاديث ، وأن الأسانيد بدأت بشكل بدائي ، حتى وصلت إلى كمالها في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ، وأنها كانت كثيراً ما لا تجد أقل اعتناء ، ولذا فإن أي حزب يريد نسبة آرائه إلى المتقدمين كان يختار تلك الشخصيات فيضعها في الإسناد " .

    ووُجد مع الأسف الشديد فيمن ينتسب إلى الإسلام من ردد أقوال المستشرقين فيما يتعلق بالإسناد ومدى الحاجة إليه ، حتى وصف بعضهم أهل الحديث بأنهم "عبيد الأسانيد" ، و" أسرى الأسانيد " ، وأن الإسناد نوع من التزمت ، وأن المبالغة في الاعتداد به ، وربط الأحكام الشرعية به ، واعتباره بالدرجة الأولى أساساً لصحة الحديث ، قد أثمر افتراقاً كبيرا بين المسلمين ، وحولهم إلى فرق وأحزاب يعارض بعضها بعضا ، ويقاتل بعضها بعضا ، ويكيد بعضها لبعض على مر السنين .

    وقبل مناقشة هذه المزاعم لا بد من التنبيه على أن من الأسباب التي جعلت المستشرقين يتوصلون إلى هذه النتيجة في حكمهم على الأحاديث النبوية ، أنهم لم يجروا دراستهم على كتب الحديث المعتمدة التي عنيت بذكر الأسانيد وعولت عليها ، بل اختاروا الكتب التي تكون دراستها للحديث غير مقصودة لذاتها ككتب السيرة والفقه مثلاً ، فـ " شاخت " عندما أصدر حكمه هذا على الأسانيد أصدره بناء على دراسة قام بها لكتاب الموطأ للإمام مالك ، والموطأ للإمام محمد الشيباني ، وكتاب الأم للشافعي ومن المعلوم أن هذه الكتب أقرب ما تكون إلى الفقه من كتب الحديث ، وعلى الرغم من ذلك فقد عمم نتيجته التي توصل إليها في دراسته لتلك الكتب ، وفرضها على كافة كتب الحديث ، وكأنه ليس هناك كتب خاصة بالحديث النبوي ، وكأنه ليس هناك فرق بين طبيعة كتب الفقه وكتب الحديث .

    فقد يحذف الفقهاء جزءاً من الإسناد اكتفاءً بأقل قدر ممكن من المتن الذي يدل على الشاهد والمقصود وذلك تجنباً للتطويل ، وقد يحذفون الإسناد بكامله ، وينقلون مباشرة عن المصدر الأعلى ، وقد يستعملون الإسناد أحياناً ، ويقطعونه أحياناً .

    وبهذا يتبين بأن كتب السيرة وكتب الفقه ليست مكاناً صحيحاً لدراسة ظاهرة الأسانيد ونشأتها وتطورها ، وأن أي دراسة أو نتيجة يتوصل إليها الباحث فيما يتعلق بالأحاديث النبوية أو الأسانيد في غير مصدرها الأصلي ، محكوم عليها بالفشل والإخفاق ، وعلى هذا الأساس فإن ما قام به المستشرقون من دراسة وما توصلوا إليه من نتائج في هذا المجال كانت نتائج خاطئة ، هذا إذا افترضنا حسن النية ، والنزاهة في البحث العلمي ، فكيف إذا انضم إلى ذلك سوء القصد والعداء للإسلام وأهله ، وتشويه مصادره ، وهدم أصوله وأركانه .

    وأما ما يتعلق بتفنيد هذه المزاعم فمن المعلوم لدى كل منصف أنه لم يلق علم من العلوم الإسلامية في جميع جوانبه وفروعه ما لقيه علم الحديث من العناية والاهتمام ، بدءا من عهد الصحابة رضي الله عنهم وإلى يوم الناس هذا ، فما من جزئية من جزئياته إلا وقد فصَّلها العلماء بحثاً ودراسة ، وذلك تحقيقاً لوعد الله في حفظ الذكر ، ومن ذلك ما يتعلق بإسناد الحديث .

    فقد درس المحدثون هذه الأسانيد دراسة مستوفية من حيث الاتصال ، ووضعوا القواعد التي تتناول كافة أحوال الاتصال ، وسائر وجوهه ، فنظروا إليه من حيث مبدئه ومنتهاه ، ودرسوا صيغه ، وبينوا شروطها ، ونظروا إلى مسافة السند من حيث الطول والقصر ، وإلى حال الرواة عند الأداء ، ونقدوا الأسانيد في الحديث الواحد وما فيها من زيادة ونقص .

    كما درسوا الإسناد من حيث الانقطاع ، وأنواعه ، فبحثوا عن مواضعه من أوله أو وسطه أو آخره ، كما بحثوه من حيث طبيعته في الظهور والخفاء ، وبلغوا في ذلك المنتهى والغاية .
    فاستوفوا بذلك جميع أوجه الاحتمالات في اتصال الحديث وانقطاعه ، مما جعل حكمهم على الأحاديث في غاية الدقة والسداد .

    إضافة إلى أنهم اشترطوا في الحديث الصحيح شروطاً تضمن أن ينقله الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الاتصال التام ، وكل واحد من الرواة يخبر باسم الذي أخبره ونسبه وحاله ، لا تفوتهم في ذلك كلمة أو زيادة لفظة فما فوقها ، وهذه الشروط هي الضبط والعدالة واتصال السند ، وعدم الشذوذ والعلة ، فاختص الإسناد من ذلك بثلاثة شروط ، واشترك مع متن الحديث في الشرطين الآخرين .

    وعرف عن أئمة هذا الشأن الإكثار من الترحال والتنقل في طلب الأسانيد ، للوقوف على أحوال الرواة وسيرهم عن كثب ، وحرصاً منهم على قرب الأسانيد وقلة النقلة والوسائط ، ونظرة سريعة في تراجم الرواة تدلنا على مدى المشاق والصعوبات التي لقيها هؤلاء الأئمة واستعذبوها في سبيل حفظ السنة وسماع أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منابعها الصحيحة ومصادرها الأصلية ، حتى رأينا الصحابي يرحل من المدينة - التي هي بلد رسول الله وموطن الحديث - إلى مصر في طلب حديث سمعه آخرُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

    وأخبار العلماء ورحلاتهم في ذلك كثيرة يضيق المقام بذكرها ، ولا ينقضي العجب منها ، وحسبنا أن نشير إلى شيء منها لنعرف عظم الجهود التي بذلها أسلافنا في جمع الحديث النبوي وحفظه وصيانته .

    فهذا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يرحل من المدينة إلى مصر ليسأل عقبة بن عامر عن حديث سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدم قال له : حدِّثْنا ما سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في ستر المسلم ، لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك ، فلما حدَّثه ركب أبو أيوب راحلته وانصرف عائداً إلى المدينة ، وما حلَّ رحله .

    وهذا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه بلغه حديثٌ عن صحابي بالشام سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعظم أن يفوته شيء من حديث رسول الله ، فاشترى بعيرا وشد عليه رحله ، وسافر مسيرة شهر حتى قدم الشام ، فإذا هو عبد الله بن أنيس فقال له : " حديثٌ بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القصاص ، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( يُحشر الناس يوم القيامة - أو قال العباد - عراة غرلا بُهْما ..... ) وذكر الحديث .

    ومن بعد الصحابة سار التابعون على هذا المنوال فكان أحدهم يخرج من بلده لا يُخْرجه إلا حديث عن صحابي يريد أن يسمعه منه مباشرة بدون واسطة ، يقول أبو العالية : " كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نرضى
    حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم " .

    ولذلك جاءت العبارات عن الأئمة في التشديد على التمسك بالإسناد والتزامه في الرواية واعتباره جزءاً من الدين مما يوجب على المرء أن يعرف عمن يأخذ دينه ، يقول عبد الله بن المبارك : " الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء " ، وكان يقول : "بيننا وبين القوم القوائم " يعني الإسناد .

    وكانوا لا يقبلون حديثاً ورد إليهم إلا إذا أسنده صاحبه وتأكدوا من صحة هذا الإسناد مهما كانت مكانة من رواه ، فقد روى مسلم في مقدمة الصحيح بسنده إلى أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال : قلت لعبد الله بن المبارك : يا أبا عبد الرحمن ، الحديث الذي جاء " إن من البر بعد البر ، أن تصلي لأبويك مع صلاتك ، وتصوم لهما مع صومك" ، قال : فقال عبد الله : " يا أبا إسحق عمن هذا ؟ قال : قلت له : هذا من حديث شهاب بن خراش ، فقال : ثقة ، عمن؟ قال : قلت : عن الحجاج بن دينار . قال: ثقة ، عمن ؟ قال : قلت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا أبا إسحاق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ، ولكن ليس في الصدقة اختلاف".

    وقال شعبة : " كل حديث ليس فيه حدثنا وحدثنا فهو مثل الرجل بالفلاة معه البعير ليس له خطام " .

    وعظم اهتمام علماء الحديث بالإسناد حفاظاً على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن تنالها يد العابثين ، أو تتطرق إليها أهواء المغرضين ، قال الإمام أبو حاتم بن حبان : " ولو لم يكن الإسناد وطلب هذه الطائفة له ، لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائر الأمم ، وذاك أنه لم يكن أمة لنبي قط حفظت عليه الدين عن التبديل ما حفظت هذه الأمة ، حتى لا يتهيأ أن يزاد في سنة من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألِف ولا واو ، كما لا يتهيأ زيادة مثله في القرآن ، فحفظت هذه الطائفة السنن على المسلمين ، وكثرت عنايتهم بأمر الدين ، ولولاهم لقال من شاء بما شاء " .

    وكان من ثمار تلك الجهود المباركة نشوء قواعد وأصول الرواية وتصحيح الأخبار ونقدها نقداً علمياً ، حتى عُدّت هذه القواعد من أصح قواعد البحث العلمي المتعلق بتوثيق الأخبار والنصوص ، وهي ميزة لا توجد في تراث أي أمة من أمم الأرض كلها ، بل حتى ولا في كتبهم المقدسة ، مما يعد بحق مفخرة من مفاخر هذه الأمة من جهة السبق أولا ، ومن جهة الشمولية والموضوعية ودقة النتائج ثانياً ، وهذا ما شهد به أهل الإنصاف من غير المسلمين حتى قال " مرجليوث " : " ليفتخر المسلمون ما شاؤوا بعلم حديثهم " ، وعندما ألف أحد علماء التاريخ في العصر الحاضر كتاباً في أصول الرواية التاريخية وهو كتاب مصطلح التاريخ لمؤلفه النصراني " أسد رستم " ، اعتمد فيه على قواعد علم الحديث ، واعترف بأنها طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات ، وقال بعد أن ذكر وجوب التحقق من عدالة الراوي ، والأمانة في خبره : " ومما يذكر مع فريد الإعجاب والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين في هذا الباب ، وإليك بعض ما جاء في مصنفاتهم نورده بحرفه وحذافيره تنويهاً بتدقيقهم العلمي ، اعترافاً بفضلهم على التاريخ " ثم أخذ ينقل نصوصاً عن بعض أئمة هذا الشأن .

    فهل بعد هذا كله يقال إن الأسانيد لم تجد أدنى اعتناء ، وأنها كانت أمراً اعتباطياً بحيث يتسنى لمن شاء أن يختلق إسناداً وينسبه إلى من يريد لينصر مذهبه أو طائفته أو حزبه - كما يقول المستشرقون وأذنابهم - من غير أن يميز ذلك أئمة هذا الشأن الذين خصهم الله لحفظ دينه وحراسة سنة نبيه ، سبحانك هذا بهتان عظيم .

    _________________

    المراجع :
    - موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الأمين الصادق الأمين
    - المستشرقون والحديث النبوي د . محمد بهاء الدين
    - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه د . محمد مصطفى الأعظمي
    - بحوث في تاريخ السنة المشرفة د . أكرم ضياء العمري

    الشبكه الاسلاميه


    والنقل
    لطفـــاً .. من هنــــا
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?p=103523
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.11.09 9:47

    وأما الدليل من القول بالسند فمن قوله تعالى :" إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" وقوله: "وما آتاكم الرسول فخذوه"


    بسم الله الرحمن الرحيم


    إني والله لأستغرب من هذا الباحث الذي سمى نفسه باحثا لبساطة هذا الفهم الذي لا يقول به أحد من المسلمين إلا البسطاء وأربأ بهذا الباحث أن يكون منهم ، كما لا يجوز لك أن تفسر الحديث بدون العودة لما قاله أهل الاختصاص في بيان معناه حتى لا تقولهم ما لم يقولوا


    فهل السيارة والطيارة والباص مثلا ضلالة وهي لم تكن على عهد الرسول ، وإنما المقصود البدعة في الدين بأن تستحدث أمرا في الدين لم يفعله الرسول وتقول هذا مما فعله الرسول ومما أمر به الله ورسوله

    وعلوم الحديث في دراسة السند كباقي العلوم الناشئة في الأمة إذ هدفها الدفاع عن الدين وترتيب العلوم وتقريبها للناس كما كان علم النحو وعلم الفقه وأصول واصول الدين التوحيد وكذلك هو علم مصطلح الحديث

    ولم يقل أحد من العلماء أن استحداثه لحفظ الدين مخالف للدين ، ولكنه ليس من الضرورات على كل أفراد المسلمين والدليل أنك لا تطالب بعلم السند والمتن عندما تدرس حديث الرسول ونترك الأمر لأهل وأصحاب الاختصاص ليقوموابهذا العمل نيابة عن الأمة وهو كذلك مثل علوم الطب والهندسة وهو من فروض الكفايات وعلم الحديث ودراسة السند والمتن من أهم العلوم التي تميزت بها الأمة المسلمة عن غيرها من الأمم

    فمن أراد الإنكار عليها كان أحد شخصين هما:
    مستفسر يريد الوصول للحق فهذا ندله ونساعده وآخر يكيد للإسلام وهذا يجب دفعه والرد عليه وأسأل الله لكاتب المقال أن يكون ممن صح عزمه على الحياد وعدم انحياز قلمه وفكره لأفكار معادية لهذا الدين فيكون بذلك اجتمع مع أعداء هذه الأمة في النيل منها وتوهينها.

    ولست في مقام الرد الان على مقالاته ولكني أربأ بإدارة العرب تايمز أن تشغل الأمة بمثل هذه المقالات والرد عليها وقد عرفنا حيادها

    وأرجو في المرة القادمة أن تتأكدوا من علمية المقالات فليس الإسلام نهبا يجوز لمن شاء ان يتكلم فيه وقد رد العلماء على مثل الافتراءات في كل كتب مصطلح الحديث

    ولا نريد أن نقف موقف :" خالف تعرف"

    وإنما موقف السائل المستوضح مريد الوصول للحق ويكفي ردا على عدم علمية صاحب المقال عدم توثيقه للكلام من أي كتاب والجزء والصفحة والطبعة حتى يتسنى لمن يجد وقتا- وما أظنني أجد وقتا لمثل هؤلاء- أن يرد عليه فهمه الذي جعله دينا وخطأ الأمة كلها لأنه لا يضر أحدا سوى الشيعة الذين كذبوا على الله ورسوله وآل بيته وهم الان من يلغ بدماء الأمة ويقتل على الهوية في عراق الرشيد وعلى الاسم أن كان الاسم عمر على سبيل المثال

    ولا أدري كم دفعت له السفارة الإيرانية ليكتب مثل هذه المقالات وذلك لإشغال الأمة وطلاب الشريعة عن العدو الحقيقي وهدف الإسلام في نشر الهدى للعالمين لنرتد الى مثل هؤلاء ونجلس للمناقشة في أمور قد نوقشت وأشبعت ومثال هذه الكتب التي ردت على هذا الفكر المنحرف كتاب الدكتور مصطفى السباعي يرحمه الله :" السنة ومكانتها في التشريع" وهي رسالة دكتوراة من الأزهر للرد على أبي رية المتشيع الذي بنفي السند ويتهم السنة ، فكل الشيعة هدفهم إشغال أهل السنة عن دينهم بدل أن يشتغلوا بدعوة غير المسلمين للدين

    وفي هذا القدر من التوضيح كفاية سائلا المولى أن يلهم الإخوة في العرب تايمز السداد والحيادية وعدم إثارة مقالات تمس أساسا من أسس الدين وخاصة أنه يخالف نص كلام الله :" وما آتاكم الرسول فخذوه" إذ كيف نتأكد من كون الكلام صادرا عن الرسول فلا بد لنا من احترازات في النقل وأرى أن من أراد الاستفادة دون التشكيك فعليه فقط أن يرجع لكتب مصطلح الحديث والجرح والتعديل وفيها الماء الذي يروي كل ظمئان

    أخوكم: فراس
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.11.09 9:51

    طائفه ناكرى السنه
    فاضل الحمروشى




    يقول ربنا سبحانه وتعالى : [وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)] [الأنفال].
    ويقول تعالى : [وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (115)] [النساء]

    روى الإمام أحمد فى مسنده وأبو داود والترمذى وابن ماجة والدارمى فى سننهم من حديث أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ أَمْرٌ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ".

    وعندهم أيضاً عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ لا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ".




    ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟




    الإسناد نشأته و أهميته

    اعداد د. حارث سليمان الضاري
    الناشر مركز المخطوطات و التراث والوثائق
    دولة الكويت


    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...C5%D3%E4%C7%CF



    ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟




    عكرمة مولى ابن عباس لم يخرج له مسلم سوى حديث واحد


    ===========

    قال العلامة ذهبي عصره الشيخ الجليل عبد الرحمن بن يحيي المعلمي رحمة الله تعالى عليه في كتاب التنكيل صفحة 692

    (( إن الشيخين يخرجان لمن فيهم كلام في مواضع معروفة
    أحدهما : أن يؤدي إجتهادهما إلى أن ذلك الكلام لا يضره , في روايته البتة, كما أخرج البخاري لعكرمة
    الثاني : أن يؤدي إجتهادهما إلى أن ذلك الكلام إنما يقتضي أنه لا يصلح للأحتجاج به وحده , ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقرونا أو حيث تابعه غيره ونحو ذلك
    ثالثهما : أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه أو برواية فلان عنه أو بما سمع منه من غير كتابه أو بما سمع منه بعد إختلاطه أو بما جاء عنه عنعنة وهو مدلس ولم يأتي عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس
    فيخرجان للرجل حيث يصلح ولا يخرجان له حيث لا يصلح

    ==========

    اضافة منقولة

    عكرمة مولى ابن عباس )

    قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى - مقدمة فتح الباري
    ص 446 و447
    ما نصّه
    " عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس احتج به البخاري وأصحاب السنن وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقروناً بسعيد بن جبير وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه وقد تعقب جماعة من ألأئمة ذلك وصنفوا في الذب عن عكرمة منهم:أبو جعفر ابن جرير الطبري
    و محمد بن نصر المروزي
    وأبو عبد الله بن مندة
    وأبو حاتم بن حبان
    وأبو عمر بن عبد البر وغيرهم
    وقد رأيت أن ألخص ما قيل فيه هنا وإن كنت قد اسوفيت ذلك في ترجمته من مختصري لتهذيب الكمال
    فأما أقوال من وهّاه فمدارها على ثلاثة أشياء
    على رميه بالكذب وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء
    فهذه الأوجه الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه
    فأما البدعة فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه لأنه لم يكن داعية مع أنها لم تثبت عنه
    وأما قبول الجوائز فلا يقدح أيضاً إلا عند أهل التشديد وجمهور أهل العلم على الجواز كا صنف في ذلك ابن عبد البر
    وأما التكذيب فسنيّن وجوه رده بعد حكاية أقوالهم وأنه لا يلزم من شيء منه قدح في روايته

    =========

    اضافة منقولة

    قال الامام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي وغيره
    ما احتج البخارى ومسلم وأبو داود به من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسر
    السبب الثاني أن يكون ذلك واقعا في المتابعات والشواهد لافي الأصول وذلك بأن يذكر الحديث أولا باسناد نظيف رجاله ثقات ويجعله أصلا ثم يتبعه باسناد آخر أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة أو لزيادة فيه تنبه على فائدة فيما قدمه
    المصدر:
    شرح النووي
    جزء:1
    صفحة:25




    ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟




    الدفاع عن الصحيحين دفاع عن الإسلام (1-2)

    لا يزال مسلسل الكيد للسنة ورجالها مستمراً ، في مخطط يستهدف دين الإسلام واجتثاث أصوله ، وتقويض بنيانه ، فقد رأينا في مواضيع سابقة جزءاً من الحملات التي تعرضت لها السنة ورجالها بدءاً من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتشكيك في عدالتهم وديانتهم ، والطعن فيمن عرف بكثرة الرواية منهم ، ومروراً بكبار أئمة التابعين الذين كان لهم دور مشهود في تدوين الحديث ونشر السنة كالإمام الزهري وغيره .

    وما أن فرغ خصوم السنة من ذلك حتى بدؤوا جولة جديدة ، كان الهدف فيها هذه المرة أعظم أصول الإسلام بعد القرآن ، فصوبوا سهامهم نحو الصحيحين ومؤلفيهما ، واتخذوهما غرضاً لحملاتهم وشبهاتهم ، لأن في النيل منهما نيلاً من الإسلام ، ولأن إسقاط الثقة بهما هو في الحقيقة إسقاط للثقة بجملة كبيرة من أحكام الشريعة التي إنما ثبتت بتصحيح هذين الإمامين الجليلين وتلقي الأمة لها بالقبول ، فإذا نجحوا في العصف بهما ، فقد أصابوا الإسلام في مقتل يصعب بعده استمرار الحياة ، ولذلك جعلوا من أهم أهدافهم وأولى أولياتهم إسقاط الثقة بأحاديث الصحيحين ورواتهما بشتى الوسائل ، لتنهار بعد ذلك صروح السنة في غيرهما من الكتب والمصنفات الأخرى ، وقد صرح بذلك بعضهم قائلاً : " ونخصّ الصحيحين بالبحث ، لأنّه إذا سقط ما قيل في حقّهما سقط ما قيل في حق غيرهما بالأولوية " .

    وسنعرض لأهم ما أثير حول الصحيحين من شبهات ، وليس المقصود استيفاء كل الشبه الواردة وتفنيدها فهو أمر يحتاج إلى دراسة خاصة لا يتسع لها المقام ، ولكن حسبنا أن نشير إلى أهم الأمور البارزة التي ركز عليها هؤلاء ، سواء ممن ينتسب إلى الإسلام ويحسب على السنة أو ممن ينتسب إلى الفرق الضالة التي لها موقف معروف أصلاً من أحاديث الصحيحين لأنها لا تتفق مع أهوائهم وانحرافاتهم .

    فقد ذكروا جملة من الشبه توهن من قوة الصحيحين بزعمهم ، وتثير الريبة في أحاديثهما ، وتحطم الهالة التي نسجت حولهما - كما يقولون - .

    انتقاد أحاديث ورجال الصحيحين

    ومن ذلك أن الصحيحين قد تعرضا للنقد من قبل الأئمة وأن فيهما أحاديث لا تصح وبعضها أمارة الوضع بادية عليه ، أضف إلى ذلك التناقض والتعارض بين بعض أحاديث الصحيحين مما يصعب معه الجمع بينها ، إضافة إلى أن ثمة عدد هائل من رجالهما قد تكلم فيهم بتضعيف أو تجريح ، كما أنهما قد أخرجا أحاديث أناس من أهل البدع لم يسلموا من طعن في عقيدتهم .

    يقول " محمود أبو رية " : " إنهم - أي العلماء - أعلوا أحاديث كثيرة مما رواه البخاري و مسلم ، وكذلك نجد في شرح ابن حجر للبخاري و النووي لمسلم استشكالات كثيرة ، وألف عليهما مستخرجات متعددة ، فإذا كان البخاري و مسلم - وهما الصحيحان - كما يسمونها - يحملان كل هذه العلل والانتقادات وقيل فيهما هذا الكلام - دع ما وراء ذلك من تسرب الإسرائيليات إليهما ، وخطأ النقل بالمعنى ، وغير ذلك في روايتهما - فترى ماذا يكون الأمر في غير البخاري و مسلم من كتب الأحاديث " ( أضواء على السنة المحمدية 273- 285) .

    ويقول " محمد رشيد رضا " بعد أن عرض الأحاديث المنتقدة على البخاري : " وإذا قرأت ما قاله الحافظ ابن حجر - فيها رأيتها كلها في فن الصناعة ، ولكنك إذا قرأت الشرح نفسه " فتح الباري " ، رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالات في معانيها ، أو تعارضها مع غيرها - أكثر مما صرح به الحافظ نفسه - مع محاولة - من الحافظ - الجمع بين المختلفات ، وحل المشكلات بما يرضيك بعضه دون بعض " .

    وقال : " ودعوى وجود أحاديث موضوعة في أحاديث البخاري المسندة ، بالمعنى الذي عرفوا به الموضوع في علم الرواية ممنوعة ، لا يسهل على أحد إثباتها ، ولكنه لا يخلو من أحاديث قليلة في متونها نظر قد يصدق عليه بعض ما عدّوه من علامة الوضع ..... وإنّ في البخاري أحاديث في أمور العادات والغرائز ليست من أصول الدين ولا فروعه ....

    فإذا تأمّلتم هذا وذاك علمتم أنّه ليس من أصول الدين ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه ، بل لم يشترط أحد في صحّة الإسلام ولا في معرفته التفصيلية ، الاطّلاع على صحيح البخاري والإقرار بكلّ ما فيه - وعلمتم أيضاً أنّ المسلم لا يمكن أن ينكر حديثاً من هذه الأحاديث بعد العلم به إلاّ بدليل يقوم عنده على عدم صحّته متناً أو سنداً ، فالعلماء الّذين أنكروا صحّة بعض هذه الأحاديث لم ينكروها إلاّ بأدلّة قامت عندهم ، قد يكون بعضها صواباً وبعضها خطأً ، ولا يعدُّ أحدهم طاعناً في دين الإسلام " ( تفسير المنار 10/580) .

    وأما " أحمد أمين " فيقول : " إن بعض الرجال الذين روى لهم البخاري غير ثقات ، وقد ضعف الحفاظ من رجال البخاري نحو ثمانين ، وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل - لأن بعض من ضعف من الرواة لا شك أنه كذاب ، فلا يمكن الاعتماد على قوله ، والبعض الآخر منهم مجهول الحال ، ومن هذا حاله فيشكل الأخذ عنه . . . ومن هؤلاء الأشخاص الذين روى عنهم البخاري وهم غير معلومي الحال عكرمة مولى ابن عباس ويذكر " أحمد أمين "شواهد تاريخية لإثبات كون عكرمة كذاباً ثم يقول : فالبخاري ترجح عنده صدقه فهو يروي له في صحيحه كثيرا . . . . و مسلم ترجح عنده كذبه ، فلم يرو له إلا حديثاً واحداً في الحج ولم يعتمد فيه عليه وحده وإنما ذكره تقوية لحديث آخر " ( ضحى الإسلام 2/117 ) .

    وقبل الشروع في مناقشة هذه المزاعم ينبغي أن يعلم بادئ ذي بدء أن الأمة قد أجمعت على تلقي هذين الكتابين بالقبول علماً وعملاً ، وقد نقل الاتفاق وإجماع الأمة على ذلك جماعة من أهل العلم منهم الإمام أبو عمرو بن الصلاح في مقدمته في علوم الحديث ، والإمام النووي وغيرهم ، يقول النووي رحمه الله : " اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري و مسلم ، وتلقتهما الأمة بالقبول ، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة " ( شرح مسلم 1/14) ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخارى و مسلم بعد القرآن " (الفتاوى 18/74) ، ويقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله : " وهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم ، وهما اللذان لا مطعن في صحة حديث من أحاديثهما عند العارفين من أهل العلم " ( مشكلات الأحاديث 158) ، ومن هنا فإن كل من هون من أمرهما ، وغض من شأنهما فقد خالف سبيل المؤمنين ، وسلك سبيل أهل البدع والأهواء .

    ونحن لا ننكر أن بعض أحاديث الصحيحين كانت محل انتقاد من قبل بعض المحدثين والحفاظ كالدارقطني وغيره ، ولكن ما هي طبيعة هذا الانتقاد ؟ ، وهل يصح أن يجعل من هذا الانتقاد ذريعة للطعن في أحاديثهما جملة ، وإهدار قيمتهما العلمية والشرعية كما أراد المغرضون ؟! .

    لقد تعرض العلماء منذ أمد بعيد لهذه الانتقادات وأماطوا اللثام عنها ، وبينوا أنها لا تقدح أبداً في أصل موضوع الكتاب ، فهذا النقد لم يكن من قبل الطعن فيها بالضعف وعدم الصحة ، وإنما كان من قبل أنها لم تبلغ الدرجة العليا التي اشترطها صاحبا الصحيح والتزمها كل واحد منهم في كتابه ، كما يقول الإمام : النووي رحمه الله : " قد استدرك جماعة على البخارى و مسلم أحاديث أخلاَّ بشرطهما فيها ونزلت عن درجة ما التزماه " أهـ ( شرح مسلم 1/27) .

    وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيه ، ومردُّ ذلك إلى اختلاف وجهات النظر في التوثيق والتجريح شأنها شأن المسائل الاجتهادية الأخرى ، وليس بالضرورة أن يكون الصواب فيها مع الناقد بل قد يكون الصواب فيها مع صاحب الصحيح ، يظهر ذلك من خلال سبر الأحاديث المتكلم فيها ، ونقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة العلم.

    والعلماء الذين نقلوا إجماع الأمة على تلقي الكتابين بالقبول استثنوا هذه الأحاديث المنتقدة لأن هذه المواضع مما حصل التنازع فيه ، ولذا لم يحصل لها من التلقي والقبول ما حصل لبقية الكتاب قال الإمام ابن الصلاح في مقدمته : " وأجمعت الأمة على تلقي كتابيهما بالقبول سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره " . وقال في مقدمة شرح مسلم له - كما نقله عنه الحافظ ابن حجر - :" ما أخذ عليهما يعني على البخاري و مسلم وقدح فيه معتمد من الحفاظ ، فهو مستثنى مما ذكرناه لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول " ( هدي الساري 505) .

    فجَعْلُ انتقاد بعض الأحاديث في الصحيحين - لكونهما أخلا بشرطهما فيها في نظر الناقد مع كونها صحيحة ، وقد يكون الصواب معهما - مبرراً كافياً للتشكيك فيهما ، ورد أحاديثهما جملة ليس مسلك المنصفين ، وإنما مبناه الهوى والتعصب .

    وقد كفانا أئمة الإسلام وحفاظ الأمة الذين اشتغلوا بالصحيحين ، وأفنوا فيهما أعمارهم بحثاً وشرحاً وتدريساً وتتبعاً وسبراً لأحاديثهما - مؤونة الرد على هذه الشبهة ودحضها .

    فقد ذكر الإمام الحافظ ابن حجر - في مقدمة الفتح - أن عدد ما انتقد عليهما من الأحاديث المسندة مائتا حديث وعشرة ، اشتركا في اثنين وثلاثين حديثاً ، واختص البخاري بثمانية وسبعين و مسلم بمائة ، وهذه الأحاديث المنتقدة إن كانت مذكورة على سبيل الاستئناس والتقوية ، كالمعلقات والمتابعات والشواهد ، أجيب عن الاعتراض عليهما بأنها ليست من موضوع الكتابين ، فإن موضوعهما المسند المتصل ، ولهذا لم يتعرض الدارقطني في نقده على الصحيحين إلى الأحاديث المعلقة التي لم توصل في موضع آخر ، لعلمه بأنها ليست من موضوع الكتابين ، وإنما ذكرت استئناساً واستشهاداً ، وإن كانت من الأحاديث المسندة ، فإما أن يكون النقد مبنياً على قواعد ضعيفة لبعض المحدثين خالفهم فيها غيرهم فلا يقبل لضعف مبناه ، وإما أن يكون مبنياً على قواعد قوية فحينئذ يكون قد تعارض تصحيحهما أو تصحيح أحدهما مع كلام المعترض ، ولا ريب في تقدمهما في باب التصحيح والتضعيف على غيرهما من أئمة هذا الفن ، فإنهم لا يختلفون أن ابن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث ، وعنه أخذ البخاري ذلك ، ومع ذلك فكان ابن المديني إذا بلغه عن البخاري شيء يقول : " ما رأى مثل نفسه " ، وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري ، وقد استفاد ذلك منه الشيخان جميعاً ، وقال مسلم : عرضت كتابي على أبي زرعة الرازي فما أشار أن له علة تركته ، فإذا عرف ذلك تبين أنهما لا يخرّجان من الحديث إلا ما لا علة له ، أو له علة غير مؤثرة عندهما ، وهذا هو الجواب الإجمالي .

    وأما الجواب التفصيلي فقد قسَّم الحافظ الأحاديث المنتقدة إلى ستة أقسام ، تكلم عليها ثم أجاب عنها حديثاً حديثاً :

    القسم الأول : ما يختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإِسناد ، فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة ، وعلله الناقد بالطريق الناقصة ، فهو تعليل مردود ، لأن الراوي إن كان سمعه فالزيادة لا تضر ، لأنه قد يكون سمعه بواسطة عن شيخه ثم لقيه فسمعه منه ، وإن كان لم يسمعه في الطريق الناقصة فهو منقطع ، والمنقطع ضعيف والضعيف لا يعل الصحيح، ومن أمثلة ذلك : ما أخرجاه من طريق الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس في قصة القبرين ، قال الدارقطني في انتقاده : قد خالف منصور ، فقال عن مجاهد عن ابن عباس ، وأخرج البخاري حديث منصور على إسقاط طاوس ، قال وحديث الأعمش أصح ، وهذا في التحقيق ليس بعلة ، فإن مجاهداًً لم يوصف بالتدليس ، وقد صح سماعه من ابن عباس ،و منصور عندهم أتقن من الأعمش ، و الأعمش أيضاً مِن الحفاظ ، فالحديث كيفما دار دار على ثقة ، والإِسناد كيفما دار كان متصلاً ، وقد أكثر الشيخان من تخريج مثل هذا .

    وإن أخرج صاحب الصحيح الطريق الناقصة ، وعلله الناقد بالمزيدة ، تضمن اعتراضه دعوى انقطاع فيما صححه المصنف ، فيُنْظر : إن كان الراوي صحابياً أو ثقة غير مدلس قد أدرك من روى عنه إدراكاً بيناً ، أو صرح بالسماع إن كان مدلساً من طريق أخرى ، فإن وجد ذلك اندفع الاعتراض بذلك ، وإن لم يوجد وكان الانقطاع ظاهراً ، فمحصل الجواب أنه إنما أخرج مثل ذلك حيث له سائغ وعاضد ، وحفته قرينة في الجملة تقويه ، ويكون التصحيح وقع من حيث المجموع ، مثاله : ما رواه البخاري من حديث أبي مروان عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم سلمة ، أن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - قال لها : ( إذا صليت الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ) الحديث ، قال الدارقطني : هذا منقطع ، وقد وصله حفص بن غياث عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة ، ووصله مالك في الموطأ عن أبي الأسود عن عروة كذلك ، قال الحافظ : حديث مالك عند البخاري مقرون بحديث أبي مروان ، وقد وقع في رواية الأصيلي عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة موصلاًً ، وعليها اعتمد المزّي في الأطراف ، ولكن معظم الروايات على إسقاط زينب ، قال أبو علي الجياني : وهو الصحيح ، وكذا أخرجه الإِسماعيلي بإسقاطها من حديث عبدة بن سليمان ، و محاضر و حسان بن إبراهيم ، كلهم عن هشام وهو المحفوظ من حديثه .

    وإنما اعتمد البخاري فيه رواية مالك التي أثبت فيها ذكر زينب ، ثم ساق معها رواية هشام التي أسقطت منها ، حاكياً للخلاف فيه على عروة كعادته ، مع أن سماع عروة من أم سلمة ليس بالمستبعد .

    وربما علل بعض النقاد أحاديث ادعى فيها الانقطاع ، لكونها مروية بالمكاتبة والإِجازة ، وهذا لا يلزم منه الانقطاع عند من يسوغ ذلك ، بل في تخريج صاحب الصحيح لمثل ذلك دليل على صحته عنده .

    القسم الثاني : ما يختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإِسناد ، والجواب عنه : أنه إن أمكن الجمع ، بأن يكون الحديث عند ذلك الراوي على الوجهين فأخرجهما المصنف ولم يقتصر على أحدهما ، حيث يكون المختلفون في ذلك متعادلين في الحفظ والعدد ، أو متفاوتين ، فيخرج الطريقة الراجحة ، ويعرض عن المرجوحة ، أو يشير إليها .

    فالتعليل بجميع ذلك لمجرد الاختلاف غير قادح ، إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف .

    القسم الثالث : ما تفرد فيه بعض الرواة بزيادة لم يذكرها أكثر منه ، أو أضبط ، وهذا لا يؤثر التعليل به ، إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع ، وإلا فهي كالحديث المستقل .

    القسم الرابع : ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف ، وليس في الصحيح من هذا القبيل غير حديثين تبين أن كلاً منهما قد توبع :

    أحدهما : حديث إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه : " أن عمر استعمل مولى له يدعي هنياً على الحمى " الحديثَ بطوله ، قال الدارقطني : إسماعيل ضعيف ، قال الحافظ : ولم ينفرد به ، بل تابعه معن بن عيسى عن مالك ، ثم إن إسماعيل ضعفه النسائي وغيره ، وقال أحمد و ابن معين في رواية : لا بأس به ، وقال أبو حاتم : محله الصدق ، وإن كان مغفلاً ، وقد صح أن أخرج البخاري أصوله ، وأذن له أن ينتقي منها ، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه من صحيح حديثه ، لأنه كتب من أصوله ، وأخرج له مسلم أقل مما أخرج له البخاري .

    ثانيهما : حديث أبيّ بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده ، قال : " كان للنبي - صلى اللّه عليه وسلم - فرس يقال له اللحيف " ، قال الدارقطني : " أبيّ ضعيف " ، قال الحافظ ابن حجر : تابعه عليه أخوه عبد المهيمن .

    القسم الخامس : ما حكم فيه على بعض الرواة بالوهم ، فمنه ما لا يؤثر قدحاً ، ومنه ما يؤثر .

    السادس : ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن ، فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح ، لإِمكان الجمع أو الترجيح .

    ثم أخذ يجيب عن الأحاديث المنتقدة حديثاً حديثاً بما يرد عنها كل انتقاد ، ويبين أن الصواب فيها مع المصنف لا مع المنتقد ، ثم قال رحمه الله : " هذا جميع ما تعقبه الحفاظ النقاد العارفون بعلل الأسانيد ، المطلعون على خفايا الطرق ، وليست كلها قادحة بل أكثرها الجواب عنه ظاهر ، والقدح فيه مندفع ، وبعضها الجواب عنه محتمل ، واليسير منه في الجواب عنه تعسف ، كما شرحته مجملاً في أول الفصل ، وأوضحته مبيناً أثر كل حديث منها ، فإذا تأمل المنصف ما حررته من ذلك عظم مقدار هذا المصنف في نفسه ، وجل تصنيفه في عينه ، وعذر أهل العلم في تلقيه بالقبول والتسليم ، وتقديمهم له على كل مصنف في الحديث والقديم ، وليس سواء من يدفع بالصدر فلا يأمن دعوى العصبية ، ومن يدفع بيد الإنصاف على القواعد المرضية ، والضوابط المرعية .

    وأما الإرجاف والتهويل بأن الحفاظ قد ضعفوا من رجال البخاري نحواً ثمانين " ، وبعضهم كذاب وبعضهم مجهول الحال ، والتمثيل لذلك بعكرمة مولى ابن عباس .

    فلربما استهول القارئ غير المطلع هذا الكلام ، مع أنه لو تدبر حال أولئك الثمانين واستقرأ ما أخرجه البخاري لهم لاتضح له أن الأمر أهون مما أراد أن يصوره هؤلاء .

    فقد بين الحافظ في ( مقدمة الفتح 548) أنه من الأمور المعلومة عند أئمة هذا الشأن أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو يقتضي عدالته عنده ، وصحة ضبطه وعدم غفلته ، لا سيما إذا انضاف إلى ذلك إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين ، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيح ، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما ، هذا إذا خرج له في الأصول ، فإما إن خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق ، فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره ، مع حصول اسم الصدق لهم ، وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعناً ، فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام ، فلا يقبل إلا مبين السبب مفسراً بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي ، وفي ضبطه مطلقاً ، أو في ضبطه لخبر بعينه ، لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة منها ما يقدح ومنها ما لا يقدح ، وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح هذا جاز القنطرة ، يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه " ، فلا يقبل الطعن في أحد منهم إلا بقادح واضح لأن أسباب الجرح مختلفة .

    ثم بين أن مدار أسباب الجرح على خمسة أشياء : البدعة ، أو المخالفة ، أو الغلط ، أو جهالة الحال ، أو دعوى الانقطاع في السند ، بأن يدعى في الراوي أنه كان يدلس أو يرسل .

    فأما جهالة الحال فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح ، لأن شرط الصحيح أن يكون راويه معروفا بالعدالة ، فمن زعم أن أحداً منهم مجهول فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف ، ولا شك أن المدعي لمعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته ، لما مع المثبت من زيادة العلم ، ومع ذلك فلا تجد في رجال الصحيح أحداً ممن يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلا .

    وأما الغلط فتارة يكثر من الراوي وتارة يقل ، فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ينظر فيما أخرج له : إن وجد مروياً عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط علم أن المعتمَد أصلُ الحديث لا خصوص هذه الطريق ، وإن لم يوجد إلا من طريقه فهذا قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله ، وليس في الصحيح بحمد الله من ذلك شيء ، وأما إن وصف بقلة الغلط كما يقال " سيئ الحفظ " أو " له أوهام " أو " له مناكير " وغير ذلك من العبارات فالحكم فيه كالحكم في الذي قبله إلا أن الرواية عن هؤلاء في المتابعات أكثر منها عند المصنف من الرواية عن أولئك .

    وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عدداً بخلاف ما روى ، بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ، فهذا شاذ ، وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكراً ، وهذا ليس في الصحيح منه إلا نزر يسير ، وقد تعرض الحافظ لكل هذه الأحاديث عند الكلام على الأحاديث المنتقدة ، وانتصر فيها لصاحب الصحيح وبين أن الصواب معه وليس مع المنتقد .

    وأما دعوى الانقطاع فمدفوعة عمن أخرج لهم البخاري لما علم من اشتراطه اللقاء مع المعاصرة وربما أخرج الحديث الذي لا تعلق له بالباب أصلاً ليبين سماع راوٍ من شيخه لكونه أخرج له قبل ذلك معنعناً .

    وهي مدفوعة كذلك أيضاً عمن أخرج لهم مسلم فإنه اشترط مع المعاصرة إمكان اللقاء ، وأن لا يكون المرسل ممن عرف بالتدليس والإرسال ، فمثل هذا لا يخرج له في الصحيح ، وما وجد فيهما من أحاديث فيها عنعنة من عرف بالتدليس والإرسال فمحمول على وجود طرق أخرى فيها التصريح بالسماع والتحديث .

    وأما البدعة : فالموصوف بها إما أن يكون ممن يكفَّرُ بها أو يفسق ، فالمكفَّر بها لا بد أن يكون ذلك التكفير متفقاً عليه من قواعد جميع الأئمة - كما في غلاة الروافض - من دعوى بعضهم حلول الإلهية في علي أو غيره ، أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، أو غير ذلك ، وليس في الصحيح من حديث هؤلاء شيء البتة .

    والمفسق بها كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو ، وغيرهم من الفرق والطوائف المخالفة لأصول السنة خلافاً ظاهراً ، لكنه مستند إلى تأويل ظاهره سائغ .

    فهذا هو الذي وقع الخلاف في قبول حديثه إذا كان معروفاً بالتحرز من الكذب ، مشهوراً بالسلامة من خوارم المروءة ، موصوفاً بالديانة والعبادة .

    والمذهب الأعدل - كما قال الحافظ - التفريق بين أن يكون داعية إلى بدعته أو غير داعية ، فيقبل حديث غير الداعية ، ويرد حديث الداعية ، وزاد بعضهم قيداً : وهو ألاَّ تشتمل رواية غير الداعية على ما يشيد بدعته ويزينها ويحسنها ، وأن لا يوافقه غيره في رواية هذا الحديث ، فإن وافقه غيره فلا يلتفت إلى حديث المبتدع إخماداً لبدعته ، وإطفاءً لناره ، وأما إذا لم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما عرف به من صدقه وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالدين ، وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته ، فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته ، ومن هذا القبيل إخراج صاحبا الصحيح لجماعة ممن رموا ببعض بدع العقائد كالخوارج والإرجاء والقدر والتشيع ، وقد سرد الحافظ رحمه الله أسماءهم في فصل مستقل ( مقدمة الفتح 646) .

    ومما ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً أن الطعن قد يقع بما لا أثر له في الرواية ، كما عاب قوم من أهل الورع جماعة دخلوا في أمر الدنيا فضعفوهم بذلك ، ولا أثر لذلك التضعيف مع الصدق والضبط ، وأبعد من ذلك التضعيف الذي يقع من باب التحامل بين الأقران ، أو تضعيف من ضعف من هو أوثق منه ، أو أعلى قدراً ، أو أعرف بالحديث ، فكل هذا غير مقبول ولا يعتبر به ، وقد ذكر الحافظ رحمه الله ما وقع في الصحيح من ذلك ، وسرد جميع أسماء من ضعفوا بأمر مردود غير مقبول . (مقدمة الفتح 654) .

    وأما رجال البخاري المتكلم فيهم ، فقد عقد الحافظ رحمه الله فصلا مستقلا للكلام عليهم رجلاً رجلاً ، مع حكاية الطعن ، والتنقيب عن سببه ، والجواب عن ذلك بما يكفي ويشفي ، كما فعل في الأحاديث المنتقدة تماماً .

    ومن ذلك على سبيل المثال أنه ذكر في أولهم ممن اسمه أحمد تسعة نفر اختلف فيهم ، وغالبهم من شيوخ البخاري الذين لقيهم واختبرهم ، فثلاثة منهم اتضح بأنهم ثقات ، وأن قدح من قدح فيهم ساقط ، وثلاثة فيهم كلام إنما أخرج لكل واحد منهم حديثاً واحداً متابعة ، يروي البخاري الحديث عن ثقة أو أكثر ، ويرويه مع ذلك عن ذاك المتكلم فيه ، واثنان روى عن كل منهما أحاديث يسيرة متابعة أيضاً ، والتاسع أحمد ابن عاصم البلخي ليس له في الصحيح إلا موضع واحد ، ورد في رواية المستملي عند تفسير (( الجذر والوكْت )) في باب في باب رفع الأمانة من كتاب الرقاق ، وليس حديثاً مسنداً .
    وإذ قد عرفت حال التسعة الأولين فقس عليهم الباقي ، وإن شئت فراجع وابحث يتضح لك أن البخاري عن اللوم بمنجاة ، وحسبك أن رجال البخاري يناهزون ألفي رجل ، وإنما وقع الاختلاف في ثمانين منهم .

    وأما فيما يتعلق بإخراج البخاري لحديث عكرمة مولى ابن عباس ورميه بالكذب ، فإن ترجمة عكرمة موجودة في الفتح فليراجعها من أحب ، وأما البخاري فقد كان الميزان بيده ، لأنه كان يعرف عامة ما صح عن عكرمة إن حدَّث به ، فاعتبر حديثه بعضه ببعض من رواية أصحابه كلهم ، فلم يجد تناقضاً ولا تعارضاً ولا اختلافاً لا يقع في أحاديث الثقات ، ثم اعتبر أحاديث عكرمة عن ابن عباس وغيره ، بأحاديث الثقات عنهم فوجدها يصدق بعضها بعضاً ، إلا أن ينفرد بعضهم بشيء له شاهد في القرآن أو من حديث صحابي آخر .

    فتيبن للبخاري أنه ثقة ، ثم تأمَّلَ ما يصح من كلام من تكلم فيه فلم يجد حجة تنافي ما تبين له ، والزعم بأن مسلماً ترجح عنده كذبه فلم يرو إلا حديثاً واحداً في الحج ، ولم يعتمد فيه عليه وحده ، وإنما ذكره تقوية لحديث سعيد بن جبير ، قول متناقض في الحقيقة ، فإن من استقر الحكم عليه بأنه متهم بالكذب ، لا يتقوى بروايته أصلاً ولا سيما في الصحيح ، لكن لعل مسلماً لم يتجشم ما تجشم البخاري من تتبع حديث عكرمة واعتباره ، فلم يتبين له ما تبين للبخاري ، فوقف عن الاحتجاج بعكرمة .

    وأما الأحاديث التي انتقدت على الإمام مسلم فقد أجاب عنها واحداً واحداً جهابذة من أئمة الحديث ذكرهم الإمام السيوطي في ( تدريب الراوي 1/94) فقال : " ورأيت فيما يتعلق بمسلم تأليفاً مخصوصاً فيما ضعف من أحاديثه بسبب ضعف رواته ، وقد ألف الشيخ ولي الدين العراقي كتاباً في الرد عليه ، وذكر بعض الحفاظ أن في كتاب مسلم أحاديث مخالفة لشرط الصحيح بعضها أبهم راويه وبعضها في إرسال وانقطاع ، وبعضها وجادة وهي في حكم الانقطاع وبعضها بالمكاتبة ، وقد ألف الرشيد العطار كتاباً في الرد عليه والجواب عنها حديثاً حديثاً وقد وقفت عليه . أهـ .

    وفيما يتعلق بإخراج مسلم لبعض الضعاف والمتوسطين الذين ليسوا من شرط الصحيح ، مما يخل بشرطه ، فجواب ذلك من أوجه ذكرها الإمام ابن الصلاح في كتابه " صيانة صحيح مسلم (1/96) ، ونقلها عنه النووي في شرحه ( 1/24) :

    أحدها : أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده ، ولا يقال : الجرح مقدَّم على التعديل ، لأن ذلك فيما إذا كان الجرح ثابتاً مفسرَ السبب ، وإلا فلا يقبل الجرح إذا لم يكن كذلك ، وقد قال الخطيب البغداي : ما احتج البخاري و مسلم و أبو داود به من جماعة عُلم الطعن فيهم من غيرهم ، محمولٌ على أنه لم يثبت الطعن المؤثرُ مفسَّرَ السبب .

    الثاني : أن يكون ذلك واقعاً في المتابعات والشواهد ، لا في الأصول ، وذلك بأن يذكر الحديث أولاً بإسنادٍ نظيف ، رجاله ثقات ، ويجعله أصلا ، ثم يتبعه بإسنادٍ آخر ، أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة ، أو لزيادة فيه تنبه على فائدة فيما قَدَّمه ، وقد اعتذر الحاكم بالمتابعة والاستشهاد في إخراجه عن جماعة ليسوا من شرط الصحيح ، منهم مطر الوراق و بقية بن الوليد و محمد بن إسحاق بن يسار و عبد الله بن عمر العمرى و النعمان بن راشد ، وأخرج مسلم عنهم في الشواهد في أشباه لهم كثيرين .

    الثالث : أن يكون ضعف الضعيف الذى احتج به طرأ بعد أخذه عنه ، باختلاط حدث عليه ، فهو غير قادح فيما رواه من قبل في زمن استقامته ، كما في أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن أخي عبد الله بن وهب حيث ذكر الحاكم أنه اختلط بعد الخمسين ومائتين ، أي بعد خروج مسلم من مصر ، فهو في ذلك كسعيد بن أبي عروبة و عبدالرازق وغيرهما ممن اختلط آخراً ، ولم يمنع ذلك من صحة الاحتجاج في الصحيحين بما أخذ عنهم قبل ذلك .

    الرابع : أن يعلو بالشخص الضعيف إسناده وهو عنده من رواية الثقات نازل ، فيقتصر على العالي ، ولا يطول بإضافة النازل إليه ، مكتفياً بمعرفه أهل الشأن في ذلك ، وهذا العذر قد روي عن مسلم تنصيصاً ، وهو خلاف حاله فيما رواه عن الثقات أولاً ثم أتبعه بمن دونهم متابعة ، وكأن ذلك وقع منه على حسب حضور باعث النشاط وغيبته ، فقد روي عن سعيد بن عمرو البرذعى أنه حضر أبا زرعة الرازي وذكر صحيح مسلم وإنكار أبي زرعة عليه روايته فيه عن أسباط بن نصر و قطن بن نسير و أحمد بن عيسى المصري ، وأنه قال أيضاً : يطرق لأهل البدع علينا فيجدون السبيل بأن يقولوا : إذا احتج عليهم بحديث : ليس هذا في الصحيح ، قال سعيد بن عمرو : فلما رجعت إلى نيسابور ، ذكرت لمسلم إنكار أبي زرعة فقال لي مسلم : إنما قلت : " صحيح " ، وإنما أدخلت من حديث أسباط و قطن و أحمد ، ما قد رواه الثقات عن شيوخهم ، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع ، ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول فأقتصر على ذلك ، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات .

    قال سعيد : وقَدِم مسلم بعد ذلك الريّ ، فبلغني أنه خرج إلى أبى عبد الله محمد بن مسلم بن وارة فجفاه وعاتبه على هذا الكتاب ، وقال له نحواً مما قاله لي أبو زرعة : إن هذا يطرق لأهل البدع ، فاعتذر مسلم وقال : إنما أخرجت هذا الكتاب ، وقلت " هو صحاح " ، ولم أقل : " إن ما لم أخرجه من الحديث فى هذا الكتاب فهو ضعيف " ، وإنما أخرجت هذا الحديث من الصحيح ليكون مجموعاً عندي ، وعند من يكتبه عنى ، ولا يرتاب فى صحته ، فقبل عذره وحمده .

    وأما ما يتعلق باستشكال بعض الأحاديث أو عدم إمكانية الجمع بينها من قبل بعض الشراح ، فليس فيه دليل أبداً على بطلانها ، فالناس تختلف مداركهم وأفهامهم ، خاصة إذا كان المستشكل يتعلق بأمر غيبي لقصور علم الناس في جانب علم الله وحكمته .
    وفي القرآن نفسه آيات كثيرة يشكل أمرها على كثير من الناس ، وآيات يتراءى فيها التعارض ، مع أنه كله حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهل يعد ذلك طعناً في القرآن .

    وهل ما استشكله النووي أو الحافظ ابن حجر ، حكما عليه بالضعف وعدم الصحة ، حتى يتخذ ذلك وسيلة للطعن في الصحيحين ؟ أم هو الادعاء الباطل الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة ؟ وقد رأيت كيف دافع هذان الإمامان عن أحاديث الصحيحين بما لا يدع مجالاً لطاعن فيهما .

    وبعد ، فهذا كلام أئمة الدنيا ، وجهابذة المحدثين في زمنهم الذين اشتغلوا بالصحيحين ، وسبروا أحاديثهما ورجالهما ، وأفنوا فيهما أعمارهم وأوقاتهم ورحلاتهم ، فهل بعد كلام الأئمة يقبل قول لقائل أو متخرص ، يأتي في أعقاب الزمن ليطلق الأحكام جزافاً ، وليتهم جميع هذه الأمة التي أجمعت على تلقي هذين الكتابين بالقبول ، وجلالة المُصَنِّفَيْن في هذا الشأن .


    http://www.islamweb.net/ver2/archive...ang=A&id=64468
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.11.09 9:53

    تعرض الإسلام من قديم الزمان لهجوم عنيف من قبل خصومه وأعدائه ، وهؤلاء الأعداء منهم الظاهر الواضح في عدائه ، ومنهم المستتر غير المجاهر ، وبلية الإسلام بهؤلاء أشد وأنكى ، لأنهم يظهرون بمظهر الناصح المشفق ، في الوقت الذي يضمرون فيه الكيد ، ويبطنون له العداء ، وينسجون حوله خيوط الافتراءات والأكاذيب ، متبعين في ذلك وسائل وأساليب خفية لتحقيق ما يرمون إليه من أغراض ومقاصد خبيثة ، فتارة عن طريق التشكيك في السنة ، ومصادرها ، ورجالها بدعوى الانتصار لآل البيت وإظهار الحب والتودد لهم ، وتارة عن طريق اختلاق الروايات ، ووضع الأحاديث ، وتحريف النصوص الشرعية ، بما يتفق مع بدعهم وأهوائهم .

    وإذا كنا قد قدَّمنا في الجزء الأول من هذا الموضوع ما يتعلق بالرد على بعض الانتقادات التي وجهت إلى الصحيحين من قديم الزمان ، فسنقف في هذا الجزء مع أبرز الأمور التي اتكأ عليها وأثارها صاحب كتاب " أضواء على الصحيحين " وزعم بأنها أدلة كافية بزعمه توجب ضعف الصحيحين والتشكيك فيهما .

    هل مات البخاري قبل أن يبيض صحيحه؟!

    فمن الشبه التي استدل بها على ضعف أحاديث البخاري وعدم الاعتماد عليهما ، أن البخاري رحمه الله مات قبل أن يبيض صحيحه ، فكان إتمامه على يد غيره ، مستشهداً بكلام المستملي أحد رواة البخاري - والذي نقله عنه الحافظ بن حجر في ( مقدمة الفتح صـ11) - أنه قال : " انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري ، فرأيت فيه أشياء لم تتم ، وأشياء مبيضة ، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئاً ، ومنها أحاديث لم يترجم لها ، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض .

    قال أبو الوليد الباجي : ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية أبي إسحاق المستملي ورواية أبي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير ، مع أنهم انتسخوا من أصل احد ، وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما فأضافه إليه ، ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين أو أكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث )) .

    وهذه الشبهة ليست من كيسه فقد رددها قبله " أبو رية " ، والغرض من هذا الكلام إيهام القارئ أن الإمام البخاري ترك كتابه مسودة ، ومن شأن المسودات أنها لم تنقح ، ومن شأن عدم التنقيح أن يأتي الكتاب على غير ما يرام ، كل ذلك ليخلصوا إلى ما يريدون من التشكيك في منزلة أحاديث الصحيحين .

    وليس في كلام المستملي و الباجي ما يشهد لذلك إطلاقاً ، فإن البخاري رحمه الله لم يمت إلا بعد أن نقح كتابه وهذبه غاية التهذيب ، وهذا النقل الذي ذكره الحافظ ، إنما هو في شأن التراجم التي بيضها البخاري أي ذكرها ، ولم يذكر فيها حديثاً ، أو الأحاديث التي ذكرها ولم يذكر لها باباً ، بل إن هذا النقل يدل على أن صحيح البخاري كان مدوناً في أصل محرر .

    وهذه المواضع على ثلاثة أنواع كما ذكر ذلك المعلمي رحمه الله في ( الأنوار الكاشفة 257) :

    الأول : أن يثبت الترجمة وحديثاً أو أكثر ، ثم يترك بياضاً لحديث كان يفكر في زيادته ، وإنما أخَّر ذلك لسبب ما ، ككونه كان يحب إثباته كما هو في أصله ، ولم يتيسر له الظفر به حينئذ .

    الثاني : أن يكون في ذهنه حديث يرى إفراده بترجمة ، فيثبت الترجمة ويؤخر إثبات الحديث على لما سبق .

    الثالث : أن يثبت الحديث ويترك قبله بياضاً للترجمة ، لأنه يُعْنى جداً بالتراجم ، ويضمنها اختياره ، وينبه فيها على معنى خفي في الحديث ، أو حَمْلِه على معنىً خاص أو نحو ذلك ، فإذا كان متردداً ترك بياضاً ليتمه حين يستقر رأيه ، وليس في شيء من ذلك ما يوهم احتمال خلل فيما أثبته في كتابه .

    وأما التقديم والتأخير فالاستقراء يبين أنه لم يقع إلا في الأبواب والتراجم ، يتقدم أحد البابين في نسخة ويتأخر في أخرى ، وتقع الترجمة قبل هذا الحديث في نسخة ، وتتأخر عنه في أخرى فيلتحق بالترجمة السابقة ، ولم يقع من ذلك ما يمس سياق الأحاديث بضرر ، ولذا قال الحافظ رحمه الله في المقدمة بعد إيراده للعبارة السابقة : " قلت وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث ، وهي مواضع قليلة جداً " .

    وليس أدل على أن البخاري لم يمت إلا بعد أن حرَّر كتابه ، وعرضه على أئمة الحديث مما قاله أبو جعفر محمود بن عمر العقيلي : " لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل و يحي بن معين و علي بن المديني وغيرهم ، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة وروى عنه الفربري قوله : " ما كتبت في كتاب الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين " ، وذلك كي يجتمع له الاطمئنان القلبي مع البحث العلمي .

    ومما يدل كذلك على ما بذله البخاري رحمه الله من جهد وتنقيح ، وغربلة للأحاديث حتى جاء كتابه في غاية التحرير قوله : " جمعت كتابي هذا من ستمائة ألف حديث " .

    وقد استفاض واشتهر أن البخاري لم يمت إلا بعد أن حدَّث بتلك النسخة طلابه ، وسمع الناس منه من هذه النسخة ، وأخذوا لأنفسهم نسخاً في حياته ، وتسابقوا في كتابة أصله ، مما يثبت أنه كان مطمئناً إلى جميع ما أثبته فيها .

    تقطيع البخاري للحديث

    ومما ذكره أيضاً كدليل على عدم الوثوق والطمأنينة بما ورد من حديث في صحيح البخاري تقطيعه للحديث واختصاره والتصرف فيه ، حيث اعتبر هذا العمل تدليساً وخيانة في أمانة نقل الرواية كما زعم .

    مع أن مسألة تقطيع الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب مما اختلف فيها المتقدمون ، فمنهم من أجاز ذلك إذا كان الحديث مشتملاً على عدة أحكام ، كل حكم منها مستقل غير مرتبط بغيره كحديث جابر الطويل في الحج ونحوه ، أو كان ما قطع من الحديث لا يتعلق بما قبله ولا بما بعده تعلقاً يفضي إلى فساد المعنى ، ومن أولئك الإمام البخاري رحمه الله ، ومنهم من منعه واختار إيراد الحديث كاملا كما سمعه .

    وكما هو معلوم أن الإمام مسلم اختص بجمع طرق الحديث في مكان واحد بأسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة ، بخلاف البخاري فإنه قطعها في الأبواب بسبب استنباطه منها ، وأورد كثيراً منها في مظانِّه .

    والإمام البخاري رحمه الله لم يكن يعجزه أن يسرد الأحاديث والطرق كلها في باب واحد فذاك أمر يسهل عليه ، ولكنه سلك هذا المسلك لجملة من الأغراض الحديثية والفقهية ذكرها أهل العلم ، فهي في الحقيقة مزية للبخاري وليست منقصة ، ولذا قال الحافظ رحمه الله ( مقدمة الفتح 13) : " وإذا امتاز مسلم بهذا فللبخاري في مقابلته من الفضل ما ضمَّنه في أبوابه من التراجم التي حيرت الأفكار وأدهشت العقول والأبصار "

    فالبخاري رحمه الله يذكر الحديث في كتابه في مواضع ، ويستدل به في كل باب بإسناد آخر ، ويستخرج بحسن استنباطه ، وغزارة فقهه معنىً يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه ، وقلَّما يورد حديثاً في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد ، وإنما يورده من طريق أخرى لمعان وأغراض تشهد بإمامته وجلالته ورسوخ قدمه في هذا الفن :

    ومن ذلك أنه قد يكون المتن قصيرا أو مرتبطاً بعضه ببعض ، وقد اشتمل على حكمين فصاعداً ، فيعيده بحسب ذلك مراعياً مع ذلك عدم إخلائه من فائدة حديثية ، وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك ، فتستفيد بذلك تكثير الطرق لذلك الحديث .

    وربما ضاق عليه مخرج الحديث حيث لا يكون له إلا طريق واحدة فيتصرف حينئذ فيه ، فيورده في موضع موصولاً وفي موضع معلقاً ، ويورده تارة تاماً وتارة مقتصراً على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب .

    فإن كان المتن مشتملاً على جمل متعددة لا تعلق لإحداها بالأخرى فإنه يخرج كل جملة منها في باب مستقل فراراً من التطويل ، وربما نشط فساقه بتمامه .

    وأما اقتصاره على بعض المتن وعدم ذكر الباقي في موضع آخر ، فإنه لا يقع له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفاً على الصحابي ، وفيه شيء قد يحكم برفعه ، فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع ، ويحذف الباقي لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه ، كما وقع له في حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : " إن أهل الإسلام لا يسيِّبون ، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون " ، هكذا أورده وهو مختصر من حديث موقوف ، أوله : جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال إني أعتقت عبداً لي سائبة فمات وترك مالاً ولم يدع وارثاً ، فقال عبد الله : " إن أهل الإسلام لا يسيبون ، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون ، فأنت ولي نعمته فلك ميراثه ، فإن تأثَّمتَ وتحرجتَ في شيء ، فنحن نقبله منك ، ونجعله في بيت المال " فاقتصر البخاري على ما يعطي حكم الرفع من هذا الحديث الموقوف ، وهو قوله : " إن أهل الإسلام لا يسيبون " ، لأن مما ليس للرأي فيه مدخل ، واختصر الباقي لأنه ليس من موضوع كتابه .

    فتبين أن البخاري رحمه الله لا يعيد الحديث إلا لفائده ، لكن تارة تكون في المتن ، وتارة في الإسناد وتارة فيهما ، وحيث تكون في المتن خاصة لا يعيده بصورته بل يتصرف فيه ، فإن كثرت طرقه أورد لكل باب طريقا ، وإن قلت اختصر المتن أو الإسناد .

    البخاري والنقل بالمعنى

    وزعم أيضاً أن مما يسلب الاطمئنان والاعتماد على صحيح البخاري ويوجب عدم الوثوق به ، أن قسماً من أحاديثه قد رويت بالمعنى ، ولم ينقلها مؤلف الصحيح بنفس اللفظ حسب ما سمعها من ناقليها ، مستشهداً بما نقله الخطيب في تاريخه والحافظ في مقدمته على الفتح وغيرهم عن البخاري نفسه وهو قوله : " رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر ، قيل له : يا أبا عبد الله بكماله ، قال : فسكت ، وقول الحافظ عند الكلام على حديث سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الفتح( 10/227) : " وهذا من نوادر ما وقع في البخاري أنه يخرج الحديث تاماً بإسناد واحد بلفظين " .

    فأما الكلام على الرواية بالمعنى وجوازها وضوابطها ، فقد تقدم الكلام عنه في موضوع مستقل بعنوان " رواية الأحاديث بالمعنى هل أدخلت ضرراً على الدين " يمكن للقارئ مراجعته ، ومع أن البخاري رحمه الله كان ممن يرى جواز الرواية بالمعنى ، ولكن ليس في تلك العبارة أي دلالة أبداً على موضوع الرواية بالمعنى ، بل كل ما فيها أنه كان يسمع الشيء ولا يكتبه حتى إذا وجد له مناسبة أو ترجمة لائقة به كتبه ، وسكوته لا يدل على أنه رواه بالمعنى ، وغاية ما يدلٌّ عليه جواز الاختصار في الحديث بذكر بعضه دون بعض كما هو شأنه في كتابه ، يقطع الحديث الواحد في عدة أبواب مقتصراً في كل باب على ما يليق به كما تقدم .

    وأما ما نقله عن الحافظ فهو أبعد ما يكون الرواية بالمعنى ، ولم يسقه الحافظ رحمه الله لهذا الغرض ، وإنما ساقه في معرض الكلام عن حديث سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن البخاري رواه مرَّة عن شيخه إبراهيم بن موسى بلفظ الجزم : " حتى إذا كان ذات يوم " من غير شك ، ورواه هنا بالشك ولفظه : " حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة " ، وقد ظن الحافظ أولاً أن الشك من البخاري ، ثم ظهر له أن الشك من شيخ شيخه عيسى بن يونس ، وإليك كلام الحافظ ابن حجر حيث قال بعد أن ذكر الروايتين وتحقيق أن الشك ليس من البخاري : " فيحمل الجزم الماضي على أن إبراهيم بن موسى شيخ البخاري حدَّثه به تارة بالجزم ، وتارة بالشك ، ويؤيده ما سأذكره من الاختلاف عنه ، ثم قال : وهذا من نوادر ما وقع في البخاري أن يخرج الحديث تاماً بإسناد واحد بلفظين " ، وهكذا يتبين لنا الافتراء على البخاري ، وعلى الحافظ ، وخطف الكلام من غير تثبت وتحر .

    البخاري ومسلم والإفراط في الطائفية

    ومما ذكر على أنه من الأدلة التي تدل على عدم الوثوق بالصحيحين وعدم اعتبار صحة جميع ما ورد فيهما ، ما أسماه بالتطرف الطائفي المفرط ، والتعصب الشديد عند مؤلفيهما ، ومن شواهد ذلك كما يزعمون إخفاء كثير من المناقب والفضائل للإمام علي رضي الله عنه ، والتي ورد ذكرها في كتب السنة الأخرى ، وعدم الاحتجاج بأئمّة أهل البيت ، في مقابل الاحتجاج بمن عرف بعدائه لهم كالخوارج وغيرهم .

    ولتجلية هذا الأمر ينبغي أن يُعْلم أن القضية عند صاحبي الصحيح لم تكن قضية طائفية ولا تعصب ، ولا مداراة ومداهنة ، ولكنها قضية شروط اشترطها كل منهم في كتابه ، وفي الرجال الذين يخرج لهم ، ولذلك التزموا بها ، ولم يحيدوا عنها ، بخلاف غيرهم ممن لم يلتزم الصحة كأصحاب السنن والمسانيد ، فربما تساهلوا بعض الشيء ولا سيما في الفضائل ، وهذا هو السرُّ في أن الإمام أحمد رحمه الله خرَّج في فضائل علي أكثر مما خرَّجه البخاري و مسلم في صحيحيهما ، كما أن صاحبا الصحيح لم يلتزما بإخراج كل حديث صحيح ، ولا إخراج أحاديث كل الثقات حتى يُلزَما بذلك .

    ومما يدفع هذه الفرية عن الإمامين أنهما أخرجا أحاديث كثيرة في فضائل علي وآل البيت رضي الله عنهم تعتبر من أصح الأحاديث في هذا الباب ، فقد ذكر كل منهما في صحيحه باباً لفضائل عليٍّ ، وبابـًا لفضائل الحسن و الحسين .

    وذلك كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي : ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - في حصار خيبر : ( لأُعطين الرَّاية غدًا رجلاً يُحبه الله ورسوله ، أو يحب الله ورسوله ) ، ثم بعد ذلك أعطاها لعلي ففتح الله عليه ، ومثل ما رواه البخاري في قصة بنت حمزة ، واختصام علي وجعفر وزيد بن حارثة فيها ، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي : ( أنت منِّي وأنا منك ) ، ومثل ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عليٍّ نفسه قال : " والذي فلق الحبةَ وبرأ النَّسمة إنه لعهدُ النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أن لا يحبَّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ) ، وله شاهد من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - عند الإمام أحمد .

    وحديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غداةً وعليه مُرْطٌ مرَحَّل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة ، فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } .

    كما أخرجا أحاديث كثيرة من رواية أئمة آل البيت كرواية البخاري لحديث ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئا ) ، في قصة صفية رضي الله عنها من طريق علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

    وحديث علي رضي الله عنه في قصة الشارفين ، في كتاب فرض الخمس قال : " كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارفاً من الخمس .... " الحديث ، وهو من طريق علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه رضي الله عنه .

    وأخرج له مسلم أيضاً في باب فضائل فاطمة رضي الله عنها ، كما أخرج أحاديث عديدة من طريق جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر ، ومنها حديث جابر في وصف حجة النبي عليه الصلاة والسلام ، ولو كانت المسألة طائفية لما رويا شيئاً من ذلك .

    وأما إخراجهم لبعض أهل البدع كعمران بن حطان وغيره ممن عرف برأي الخوارج ، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الجزء الأول من هذا الموضوع بما يغني عن إعادته هنا ، والمقصود بيان أن المسألة مبناها عندهم على الصدق والضبط ، وإلا لما أخرجا في الصحيح لجماعة من الرواة ممن رموا بالتشيع ، بعد أن ثبت عندهما صدقهم وضبطهم وتحرزهم عن الكذب كعبد الرزاق بن همام الصنعاني ، و علي بن الجعد ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، وإسماعيل بن أبان ، و جرير بن عبد الحميد ، و خالد بن مخلد القطواني وغيرهم كثير ويمكن مراجعة ( مقدمة الفتح 646) .

    فتبين أن الأمر لم يكن أمر تعصب وطائفية ، وإنما الأمر أمر شروط الشيخين اشترطاها والتزما بها ، ومن ثم لم يخرجا إلا ما صح عندهما وكان على شرطهما ، بخلاف غيرهما كالإمام أحمد وغيره فإن شروطهم دون ذلك ، وقد روي عنه رحمه الله أنه كان يقول : " نحن إذا روينا في الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا " .

    عبارات قيلت في الصحيحين

    ولما لم تسعفه الحجة العلمية ، والبحث الموضوعي ، ذهب يتصيد هنا وهناك ليبحث عن عبارات وأقوال ، تسقط مكانة الصحيحين في الأمة ، فخرج لنا بطائفة من الأقوال المحرفة المبتورة ، التي أساء فهمها وحرفها عن مواضعها عن تعمد وسوء قصد .

    فزعم أنه في مقابل الإفراط إلى حد التعسف والغلو في الثناء على الصحيحين وحفظ مقامهما وشأنهما ، إلا أن هناك طائفة من علماء أهل السنة أنفسهم نظروا إلى الصحيحين نظرة الباحث الناقد ، وصدرت منهم عبارات تشكك من هذه القداسة والهالة التي نسجت حولهما .

    بين البخاري والذهلي

    ومن ذلك كلام الإمام الذهلي على البخاري وما جرى بينهما في مسألة اللفظ في القصة المعروفة المشهورة في كتب السير والتراجم ، ولسنا في صدد مناقشة وتفصيل ما جرى بين الإمامين ، بل بيان موقف أهل العلم من العبارة التي صدرت من الإمام الذهلي وغيره من العلماء ، وكيف تعاملوا معها .

    فمن المعلوم أن البخاري رحمه الله عندما قدم نيسابور كان الذهلي نفسه يحث تلاميذه وطلابه على حضور مجلسه ، فلما أقبل الناس على الإمام وذاع صيته ، دخل في نفسه ما لا يسلم منه بشر ، فقال عبارته تلك ، قال الحاكم أبو عبد الله سمعت محمد بن حامد البزاز قال سمعت الحسن بن محمد بن جابر يقول : سمعت محمد بن يحيى قال لنا لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور : " اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح ، فاسمعوا منه فذهب الناس إليه ، وأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى فحسده بعد ذلك وتكلم فيه " .

    وقال أبو أحمد بن عدي ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه ، فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه ، واجتماعهم عليه ، فقال لأصحاب الحديث : " إن محمد بن إسماعيل يقول : ( اللفظ بالقرآن مخلوق ) ، فامتحِنوه في المجلس ، فلما حضر الناس مجلس البخاري ، قام إليه رجل فقال : يا أبا عبد الله ، ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق ؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ، فقال الرجل : يا أبا عبد الله ، فأعاد عليه القول ، فأعرض عنه ، ثم قال في الثالثة : فالتفت إليه البخاري وقال : " القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأفعال العباد مخلوقة ، والامتحان بدعة ، فشغب الرجل ، وشغب الناس ، وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله .

    وقد أنكر البخاري رحمه الله نسبة هذا القول إليه ، وقال - كما نقل عنه محمد بن نصر المروزي - : " من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب ، فإني لم أقله ، إلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة " ، فنقلها عنه بعض الحساد والمغرضين ، وأشاعوا عنه أنه يقول باللفظ ، وحملوا عبارته ما لا يحتمل .

    ولذا لم يلتفت العلماء وأئمة الجرح والتعديل إلى ذلك بل عدوه من كلام الأقران بعضهم في بعض ، وأصلوا قاعدتهم المعروفة وهي أن " كلام الأقران يطوى ولا يروى " ، ولذا قال الذهبي رحمه الله في ( السير 12/456 ) بعد أن ذكر أن بعضهم ترك حديث البخاري لما بلغه أنه يقول باللفظ : " قلت إن تركا حديثه أو لم يتركاه البخاري ثقة مأمون محتج به في العالم " .

    وقد تكلم كثير من العلماء الثقات في بعض ، ولم يكن ذلك موجباً لإسقاط ثقتهم وعدالتهم فتلكم أبن أبي ذئب في الإمام مالك ، وتكلم سلمة بن دينار في الزهري ، وتكلم عمرو بن علي الفلاس في علي بن المديني والعكس ، وتكلم أحمد بن أبي الحواري في هشام بن عمار ، وتكلم أبو نعيم في أبي عبد الله بن مندة ، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة ، ولم يسقطوا عدالتهم إلا ببرهان ثابت وجرح مفسر يتابعه غيره عليه ، قال الحافظ رحمه الله في ( لسان الميزان 1/201 ) : " قلت كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ، ولا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد لا ينجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى النبيين والصديقين ، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس ، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم " .

    موقف أبي زرعة من الصحيحين

    واستدل أيضاً بعبارة لأبي زرعة ينتقد فيها لصاحبي الصحيح لإخراجهم لبعض الرواة كأحمد بن عيسى المصري ، والتي نقلها عنه الخطيب في تاريخه ، و الذهبي في ميزان الاعتدال ، وأنه اعتبرهم متظاهرين بالحديث ، أرادوا التصدر وصرف وجوه الناس إليهم .

    فقد نقل الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد 4/227) عن سعيد بن عمرو ، قال شهدت أبا زرعة يعنى الرازي ذكر كتاب الصحيح الذي ألفه مسلم بن الحجاج ، ثم الصائغ على مثاله - يعني البخاري فقال لي أبو زرعة : " هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه ، فعملوا شيئا يتشوفون به ، ألفوا كتاباً لم يسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها " ، وأتاه ذات يوم وأنا شاهد رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم ، فجعل ينظر فيه ، فإذا حديث عن أسباط بن نصر ، فقال أبو زرعة ، ما أبعد هذا من الصحيح ، يدخل في كتابه أسباط بن نصر ، ثم رأى في كتابه قطن بن نسير ، فقال لي : وهذا أطم من الأول " .

    والجواب أن يقال : إن هذا الجرح من أبي زرعة مفسر ، فسره هو بنفسه ، وبين سبب إيراده ، وهو إخراجه لبعض هؤلاء الرواة المنتقدين الذين ذكر بعضهم ، وقد ذكر مسلم تبرير ذلك والرد عليه بعد هذا الكلام ، ولهذا لم ينقله المحرف لأنه لا يتفق مع هواه وما أراد .

    وهو أحد الوجوه التي ذكرها الإمام ابن الصلاح في كتابه " صيانة صحيح مسلم (1/96) ، ونقلها عنه النووي في شرحه ( 1/24) والتي وجَّه فيها إخراج الإمام مسلم لبعض الضعاف أو المتوسطين .

    وهو أن يعلو بالشخص الضعيف إسناده وهو عنده من رواية الثقات نازل ، فيقتصر على العالي ، ولا يطول بإضافة النازل إليه ، مكتفياً بمعرفه أهل الشأن في ذلك ، وهذا العذر قد روي عن مسلم تنصيصاً ، حيث قال عندما ذكر له إنكار أبي زرعة : " إنما أدخلت من حديث أسباط و قطن و أحمد ، ما قد رواه الثقات عن شيوخهم ، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع ، ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول فأقتصر على ذلك ، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات " .

    ولا أدل من أن الصواب كان مع الإمام مسلم أن الخطيب نفسه ، الذي نقل هذه العبارة : " وثَّق أحمد بن عيسى ، ولم يلتفت إلى قول من تكلم فيه ، فكان مع الإمام مسلم ، فلماذا لم يورد الكاتب كلام الخطيب الذي يقول فيه بعد ذلك : " قلت : " وما رأيت لمن تكلم في أحمد بن عيسى حجة توجب ترك الاحتجاج بحديثه " ، وعبارة الذهبي في الميزان بعد إيراده لكلام أبي زرعة نفسه : " قلت احتج به أرباب الصحاح ، ولم أر له حديثا منكرا فأورده " .

    والثابت عن مسلم رحمه الله قوله : " عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي ، فكلّ ما أشار أنّ له علّة تركته ، وكلّ ما قال أنّه صحيح وليس له علّة أخرجته " .

    بين البخاري وابن المديني

    ثم نقل عبارة أوردها الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ليرد عليها ، ويبين بطلانها ، مستدلاً بها على خيانة البخاري ، وعدم أمانته العلمية ، وسرقته لجهود الآخرين ، ورغبته في التصدر والشهرة على حساب غيره ، وحتى يعطوا العبارة قيمة علمية نسبوها إلى الحافظ في ( تهذيب التهذيب 9/46) وتم بتر الرد ، وتعقيب الحافظ عليها ، وإغفال الكلام الذي قبله في ثناء العلماء والمحدثين على الإمام البخاري ، والدفاع عنه ، وبطلان ما نسب إليه .

    والعبارة هي قول مسلمة : وألّف علي بن المديني كتاب العلل ، وكان ضنياً به فغاب يوماً في بعض ضياعه ، فجاء البخاري إلى بعض بنية ورغبه بالمال ، على أن يرى الكتاب يوماً واحداً ، فأعطاه له فدفعه إلى النساخ فكتبوه له ، ورده إليه ، فلما حضر علي تكلم بشيء ، فأجابه البخاري بنص كلامه مراراً ، ففهم القضية ، واغتنم لذلك ، فلم يزل مغموماً حتى مات بعد يسير ، واستغني البخاري عنه بذلك الكتاب ، وخرج إلى خراسان ، ووضع كتابه الصحيح فعظم شأنه وعلا ذكره " .

    قال الحافظ رحمه الله بعد أن أورد هذا لكلام : " قلت إنما أوردت كلام مسلمة هذا لأبين فساده ... وأما القصة التي حكاها فيما يتعلق بالعلل لابن المديني ، فإنها غنية عن الردِّ لظهور فسادها ، وحسبك أنها بلا إسناد ، وأن البخاري لما مات علي كان مقيماً ببلاده ، وأن العلل لابن المديني قد سمعها منه غير واحد غير البخاري ، فلو كان ضنيناً بها لم يخرجها ، إلى غير ذلك من وجوه البطلان لهذه الأخلوقة والله الموفق .

    فانظر أخي القارئ إلى هذا التلبيس والتحريف المتعمد ، وبتر الكلام لتشويه صورة هذا الإمام الجليل .

    النووي وصحيح مسلم

    ومما ادعاه أيضاً أن الإمام النووي نفسه شكك في موارد مختلفة في صحة بعض الأحاديث التي خرجها مسلم ، بل وصرح ببطلان البعض الآخر ، مستدلاً بعبارته في شرحه لمقدمة مسلم على الصحيح : " وأما قول مسلم رحمه الله في صحيحه في باب صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وآله - : " ليس كل شيء صحيح عندي وضعته هنا ـ يعني في كتابه هذا الصحيح ـ وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه " فمشكل ، فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلفاً في صحتها ، لكونها من حديث من ذكرناه ، ومن لم نذكره ، ممن اختلفوا في صحة حديثه " ( شرح النووي 1/16) .

    وعبارته في شرحه لحديث أبي سلمة في " باب بدء الوحي " ، الذي يتضمن أن أول سورة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي سورة المدثر ، حيث ادعى أن النووي صرح بأن هذا الحديث ضعيف ، بل باطل ، لأن أول سورة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي " اقرأ باسم ربك " .

    مع أن هذا الاستشكال في الموضع الأول إنما هو في توجيه عبارة الإمام مسلم ، مع ما علم من وجود بعض الأحاديث والرجال المنتقدين - كما سبق - ، وليس فيه أبداً ما يدل على تشكيك النووي رحمه الله في أحاديث الصحيح ، أو اتخاذ موقف منها كما أراد هذا الملبس أن يصوره .

    والإمام النووي رحمه الله لم يكتف بإيراد الإشكال فحسب ، بل أعقبه بما يرده ، فذكر توجيه الأئمة لعبارة الإمام مسلم ، والتي حذفها المغرض لأنها لا تخدمه كما فعل مع سابقاتها حيث ذكر بعد الكلام السابق توجيه الإمام ابن الصلاح في كتابه " صيانة صحيح مسلم " فقال : " قال الشيخ - يعني ابن الصلاح وجوابه من وجهين :

    أحدهما : أن مراده أنه لم يضع فيه إلا ما وجد عنده فيه شروط الصحيح المجمع عليه ، وإن لم يظهر اجتماعها في بعض الأحاديث عند بعضهم .

    والثاني : أنه أراد أنه لم يضع فيه ما اختلفت الثقات فيه في نفس الحديث متناً أو إسنادا ، وليس ما كان اختلافهم إنما هو في توثيق بعض رواته ، كما هو ظاهر كلامه ، فإنه ذكر ذلك لما سئل عن حديث أبي هريرة ( فإذا قرأ فأنصتوا ) هل هو صحيح ؟ فقال : " هو عندي صحيح ، فقيل لم لم تضعه ها هنا ؟ ، فأجاب بالكلام المذكور .

    وفي موضع آخر عند الكلام على الحديث في باب صفة الصلاة ساق عبارة مسلم وأجاب عنها بقوله : " ثم قد ينكر هذا الكلام ، ويقال : قد وضع أحاديث كثيرة غير مجمع عليها ، وجوابه أنها عند مسلم بصفة المجمع عليه ، ولا يلزم تقليد غيره في ذلك ، وقد ذكرنا في مقدمة هذا الشرح هذا السؤال وجوابه " .

    وأما ادعاؤه بأن النووي حكم بالبطلان على حديث جابر في صحيح مسلم لأن فيه التصريح بأن أول سورة أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يا أيها المدثر " فهو من التلبيس وتحريف الكلام الذي عودنا عليه ، وعبارة النووي في الشرح هي كالتالي : " قوله (( أن أول ما أنزل قوله تعالى : يا أيها المدثر )) ضعيف بل باطل ، والصواب أن أول ما أنزل على الاطلاق : اقرأ باسم ربك " .

    فالحكم بالضعف أو البطلان إنما وقع على القول بأن أول ما أنزل من القرآن مطلقاً " يا أيها المدثر " ، وليس على رواية جابر ، فالحديث ليس فيه أبداً ما يدل على أن أول ما أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يا أيها المدثر " حتى يحكم بضعفه أو بطلانه ، ولو رجع إلى كلام النووي نفسه في شرح حديث عائشة لتبين له ذلك حيث قال : " وهذا دليل صريح في أن أول ما نزل من القرآن " اقرأ " ، وهذا هو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف ، وقيل أوله : " يا أيها المدثر " وليس بشيء ، وسنذكره بعد هذا في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى .

    فالكلام إنما هو على القول لا على الحديث ، فإن كان أبو سلمة رواي الحديث عن جابر ، أو حتى جابر نفسه ممن يرى هذا القول ، فهو قول ضعيف وليس في الروايات أبداً ما يشهد له ، مع أنه قد ثبت عن جابر رضي الله عنه في حديث قبله من رواية الزهري عن أبي سلمة التصريح ، بأنه أول نزول بعد فترة الوحي وأنها أولية نسبية ، فلا منافاة إذاً ، فأين تشكيك النووي رحمه الله في أحاديث الصحيح ؟!

    الذهبي وصحيح البخاري

    ومما نسبوه إلى الإمام الذهبي أنه قال في بعض أحاديث الصحيح : " ولولا هيبة الصحيح لقلت إنها موضوعة! " ، وهو كذب مفضوح على هذا الإمام .

    فإن عبارته كما في ميزان الاعتدال في ترجمة خالد بن مخلد القطواني عندما ذكر أن البخاري رحمه روى له حديث الولي ( من عادى لي ولياً ) قال : " فهذا حديث غريب جداً ، لولا هيبة الجامع الصحيح لعدوه في منكرات خالد بن خالد ، وذلك لغرابة لفظه ، ولأنه مما ينفرد به شريك وليس بالحافظ ، ولم يرو هذا المتن إلا بهذا الإسناد ولا خرجه من عدا البخاري " .

    وغاية ما فيها استغرابه للحديث لأنه من طريق خالد بن مخلد وشيخه شريك مع ما علم من الكلام حولهما ، فيقال إن غاية ما في ذلك أنه صحيح عند البخاري ، فيكون من الأحاديث المنتقدة على صاحب الصحيح ، وليس مما وقع الإجماع على تلقيه بالقبول ، ونحن لا ننكر أن في الصحيح شيئاً من هذا ، وقد سبق بحث هذه النقطة وما حولها من إشكال .

    و الحافظ رحمه الله بين في الفتح (11/341) أن للحديث طرقاً أخرى يدل مجموعها على أن له أصلاً حيث قال وهو يرد على الذهبي إطلاقه أنه لم يرو إلا بهذا الإسناد : " وإطلاق أنه لم يرو هذا المتن إلا بهذا الإسناد مردود .... ولكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلاً ثم ذكر بعض الطرق عن عائشة و أبي أمامة و علي و ابن عباس و معاذ بن جبل و أنس .

    كما أن المتأمل في عبارة الذهبي يجد فيها مزيد تدعيم لمكانة الصحيح وليس كما أراد المغرضون ، فإن الذي جعلهم يترددون في عدِّ هذا الحديث من منكرات خالد ( هيبة الصحيح ) ، بمعنى أن هذا الحديث لو كان في غير الصحيح لعدَّ من منكرات خالد بن مخلد ، لما عرف من حاله ، ولكن الذي منعهم من ذلك إخراج صاحب الصحيح له ، لما علم من علمه وإمامته وشروطه ، وانتقائه للأحاديث ، وغير ذلك من الأغراض التي ذكرت في الرجال المنتقدين ، فهو مزيد توثيق وتدعيم لموقف صاحب الصحيح ، وليس فيه أبداً أي غض من مكانته كما أراد المشككون ، فأين حكم الذهبي على الحديث بالوضع ؟! .

    أما بالنسبة لغرابة ألفاظه فهو كغيره من الآيات والأحاديث الكثيرة التي تحتاج إلى تفسير، وقد فسره أهل العلم ، ويمكن مراجعة كلام الحافظ وغيره في شرح الحديث ، ولو فتح هذا الباب لردت جملة من الأحاديث الثابتة .

    وأخيراً وبعد هذا التطواف ، أظن أن القارئ الكريم قد عرف مكانة هذين الكتابين ، ومنزلتهما في العلم والدين ، وأن شبهات المغرضين حولهما هي مجرد فقاعات وأوهام لا تثبت أمام التحقيق العلمي ، وليس أي سند شرعي ، ولا يزال الله عز وجل يقيض للسنن والأحاديث في كل عصر من ينفي عنها تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، تحقيقاً لوعد الله في حفظ دينه وكتابه وسنة نبيه .

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل .

    _____________

    المراجع :
    - هدي الساري ابن حجر العسقلاني .
    - صيانة صحيح مسلم أبو عمر ابن الصلاح .
    - فتح الباري ابن حجر العسقلاني .
    - شرح النووي على صحيح مسلم .
    - تدريب الراوي السيوطي .
    - تاريخ بغداد الخطيب البغدادي .
    - ميزان الاعتدال الذهبي .
    - سير أعلام النبلاء الذهبي .
    - تهذيب التهذيب ابن حجر العسقلاني .
    - لسان الميزان ابن حجر العسقلاني .
    - الأنوار الكاشفة المعلمي .
    - دفاع عن السنة أبو شهبة .
    - موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الأمين الصادق الأمين .



    http://www.islamweb.net/ver2/archive...ang=A&id=64508
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.11.09 9:56

    السؤال

    أنا لا اعتقد أن صحيح البخاري كله صحيح للأسباب التالية:

    1- توجد مصادر عديدة تؤيد العدد الذي وجب على الإمام البخاري أن يتصفحه من الأحاديث قبل حذف معظمها وهو حوالي (000و300) حديث.
    والآن إذا أجرينا حساب الأحاديث التي درست في (40) سنة وهي (300.000) وهذا ينتج عنه حوالي (20) حديث تم فحصه وتحليله في اليوم، كما نحسب في ذلك مجموع الرحلات التي وجب أن يقوم بها الإمام البخاري في حياته (من أوزبكستان إلى إيران وإلى سوريا والشرق الأوسط) ليجمع الأحاديث والمرات التي كان فيها مريضا إلخ هذه كانت مهمة ضخمة ليحقق ويوثق بدقة.
    2- أنه من البشر. وعمل الإنسان لا يمكن أن يكون متقنا خالياً من الأخطاء. كما إنه ليس معصوما من الأخطاء كالقرآن.
    3- لماذا لم يتخذ الخلفاء الراشدون الأربعة قراراً بجمع سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في حياتهم إذا كان الأمر مهما؟ لماذا كان يجب علينا أن ننتظر البخاري ليجمع السنة ؟
    4- وفقا له لنتحقق أن أي حديث يكون صحيحا فيجب أن نرجع للقرآن.
    5- إذا كان البخاري صحيحاً فلماذا تتعارض فيه بعض الأحاديث؟ فمثلاً المجلد (4) الكتاب (52) رقم (74) روى أبو هريرة أن رسول الله قال: "قال سليمان بن داود ذات مرة: أقسم بالله سأجامع الليلة مائة (أو تسعا وتسعين) امرأة كل منهن ستنجب فارساً سيقاتل في سبيل الله. يعني بذلك إن شاء الله ولكنه لم يقل بمشيئة الله لذا واحدة فقط من أولئك النسوة حملت وأنجبت طفلا".
    في المجلد (4) من الكتاب (55) روى أبو هريرة أن النبي قال: "قال سليمان بن داود سأنام الليلة مع سبعين امرأة ستحمل كل منهن بطفل سيكون فارساً يقاتل في سبيل الله قال له صاحبه: (قل إن شاء الله) ولكن سليمان لم يقل ذلك لذا لم تحمل من أولئك النسوة إلا واحدة فقط والتي أنجبت نصف طفل". فوفقا له لماذا تكون هناك أعداد مختلفة مادام أنها من رواية أبي هريرة نفس الراوية؟
    6- ما دام تلك الأحاديث قد رويت بعد مئات قليلة من السنين من وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم فقد لفقت مثل الإنجيل والتوراة والزبور فأضاف الناس آراءهم ليشبعوا رغباتهم.
    7- أنا قرأت كثيرا من الكتب وهي تؤيد ما سبق.
    ستقدمون لي مساعدة عظيمة جدا إذا أرسلتم لي بآرائكم جزاكم الله خيراً.

    ============


    الجواب


    الحمد لله الكبير المتعال، والصلاة والسلام على النبيّ وأزواجه والآل، أما بعد:
    فأقول (وبالله التوفيق) جواباً على السؤال:
    أشكر الأخ السائل على حرصه على معرفة الحقيقة بكل تجرُّد، وعلى صراحته في إبداء الشكوك التي لديه حول السنة النبويّة، لكي يجد الجوابَ المقنعَ عليها.
    وقبل الدخول في الأسباب التي ساقها للشك في (صحيح البخاري)، أبدأ بمقدّمة مهمّة: وهي أن القرآنَ الكريم نَفْسَه دلّ على أن السنة محفوظة، وأنها ستبقى ظاهرةً معروفةً متميّزةً عن الخطأ الذي وقع للرواة والكذب الذي تعمّده بعضهم، ليُمكن بهذا الحفظ لنقائها، وبهذا الضمان لحمايتها أن يبقى الدينُ محفوظاً، والقرآن مفهوماً، وأوامرُ الله تعالى الكثيرةُ بطاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- وتحذيرُهُ سبحانه في القرآن الكريم من مخالفته –صلى الله عليه وسلم- تكاليفَ مقدورًا على القيام بها مُسْتَطاعًا تحمُّلُ أمانتها. وبغير حفظ السنة سيضيع الدينُ الذي تعهّد الله بحفظه، وسيستغلقُ علينا فهمُ القرآن كما أراد الله تعالى من إنزاله علينا، وستكون تلك الأوامر الكثيرة في القرآن الكريم بطاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- المُحَذِّرَةُ من معصيته أوامرَ وتحذيراتٍ مُلْغاةً لا يُمكن تطبيقها والعمل بها؛ إذ كيف يُؤْتمر بأمرٍ ويُحْذَر من معصية من لا نعرف له أمرًا ولا يَثْبُتُ لدينا عنه نهيٌ؟!
    هذا كله قد بيّنت أدلّته في فتوى سابقةٍ لي (برقم 25208). عنوانها (إنكار السنة بدعوى أن الله لم يتعهد بحفظها)
    وعلى هذا فليعلم كل مسلم أن التشكيك في السنة تشكيكٌ في القرآن، وبالتالي فهو شكٌ في دين الإسلام جملةً وتفصيلاً!
    فإن بلغ بالمرء الشك إلى هذا الحدّ، فعليه أن يحرص على مداواة نفسه، بالنظر في الأدلّة العقليّة على نبوّة النبي –صلى الله عليه وسلم-، والتي يأتي على رأسها القرآن الكريم، المتضمّن لأهمّ دلائل نبوّته –صلى الله عليه وسلم-: من إعجاز بلاغي، وإعجاز تشريعي، وإعجاز غيبـي، وإعجاز علمي، وغيرها. مضافًا إليها بقيّة الأدلة؛ كسيرة النبيّ –صلى الله عليه وسلم-، وسنته الثابتة الصحيحة.
    وبشارات الأنبياء السابقين به –صلى الله عليه وسلم- والموجودة في كتب اليهود والنصارى إلى اليوم!
    فإن النظر في أدّلة النبوّة هو الكفيل في أن يعود المرء، إلى نداء فطرته، وإلى الحق الذي تتعّطش النفوس إلى معرفته: وهو أن دين الإسلام هو دين الله تعالى الذي لا دين له سواه "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [آل عمران: 85].
    فإذا ما تيقن المرء بنبوّة النبي –صلى الله عليه وسلم- وأيقن بناءً على ذلك بأن القرآن كلامُ الله المنزَّل على محمد –صلى الله عليه وسلم- فإنه سوف يُوقنُ أيضاً بأنّ السنة النبويّة محفوظة من الزيادة والنقصان، ومن اختلاطٍ يؤدي إلى عدم تمييز الثابت منها بغير الثابت؛ لأن القرآن الكريم قد دلَّ على وجوب حفظ السنة، كما سبقت الإشارة إليه.
    فإذا وَصَلَ المسلمُ إلى هذه الحقيقة: وهي أن السنة محفوظة، وأنها ستبقى محفوظةً ما بقي دينُ الإسلام، إلى قيام الساعة= فقد وصل إلى الحقيقة الهادية له في هذا الموضوع، وقد حصل على الضمان الذي سيحميه من الشكوك المهلكة لدينه. وعندها سنسأل هذا المسلم الذي أيقن بحفظ الله للسنة، ما هو أولى كتب السنة أن يكون قد حفظ لنا السنة المحفوظة بدلالة القرآن على حفظها؟ ما هو ذلك الكتاب الذي يمكن أن يكون قد تحقّق فيه موعود الله تعالى بحفظ دينه القائم على الكتاب والسنة؟ لن يجد المسلمُ (ولا غيرُ المسلمِ العارفُ بتاريخ علوم السنة) إلا جواباً واحداً: وهو أن أوْلى كتاب بجواب السؤالين السابقين: هو كتاب (الصحيح) للإمام البخاري عليه رحمة الله، ويليه كتاب (الصحيح) للإمام مسلم، فهما أصحّ كتب السنة بإجماع أهل السنة!!
    ولذلك كان التشكيك في جُملة ما في الصحيحين، وعامّة ما في هذين الكتابين الجليلين تشكيكاً في السنة كلّهَا. وبالتالي فإنه يعود على الطعن في القرآن الكريم نفسه.. ليكون هذا السبيلُ هو سبيل الخروج عن الدين، والذي سبق ذكر دوائه آنفاً.
    إلى هذا الحدّ تبلغُ خطورة الطعن في جملة أحاديث الصحيحين وعامة السنن الواردة فيهما، ممّا سيدلّ الأخ السائل على وجوب مراجعة نفسه أشدّ المراجعة، ومحاسبتها أدقّ المحاسبة، قبل أن يصل إلى هذا الحدّ البالغ الخطورة!
    ومن أوّليّات مراجعة النفس الصادقة، ومن الأمانة في محاسبة النفس: أن لا يخوضَ المرءُ في علم يجهله، وأن لا يتكلَّم فيما لا يحسنه. فكما لا يحق لي أن أشكّك في علم الجينات الوراثيّة، لمجّرد أني التقطتُ معلومة من هنا وهناك، دون دراسة متعمّقة متخصّصة، وكما لا يصح أن أُجَادل علماء الآثار والحفريّات في النتائج التي توصّلوا إليها، ما دمت غير مشارك لهم في التخصُّص الذي دقّقوا وتعمّقوا فيه= فكذلك لا يحق لي أن أخالف علماءَ السنّة، ولا يصح أن أعارضهم، ما دمتُ غير عالمٍ بعملهم، ولا معرفة لي بدقائقه الكثيرة وبأعماق علومه العديدة.
    إن علوم السنة النبويّة التي وضَعها علماء السنة لنقد المرويّات قد بلغت في كثرتها ودقّتها مبلغاً أدهش كل من تعرّف عليها، حتى من غير المسلمين الذين اطّلعوا على بعض جوانب عظمتها، وبالغ موضوعيّة منهجها النقديّ، وقوّة وسائله في التحرّي والاحتياط للسنة.
    وإنّي إذ أتحدّث عن علوم السنة بهذا الحديث، والذي أعلنُ من خلاله أن دقّة علوم السنة وعمقَها وصدقَ نتائجها لهو وحده دليلٌ كافٍ (لمن عرفها) أن السنة محفوظةٌ مصونة من النقص أو الزيادة ومن الاختلاط غير المتميِّز. ولا أعلن هذه الحقيقة التي أرى أدلّتها في علوم السنة أمامي كما أرى المُحَسّاتِ التي أمامي تماماً؛ لأني أريد من الناس أن يقلدوني في هذا الإيمان الذي استفدتُه من علوم السنة؛ فإني أعلم أن هذا ليس منهجاً صحيحًا في الجدل وإقامة الحجّة. ولكني إنما أعلنُ هذه الحقيقة؛ لأني أتمنَّى ممّن كان في قلبه شك في هذه العلوم، أن يتعلّمها التعلُّم الصحيح، على يد العلماء بها، كما يتعلّم أيّ علم عميق من العلوم الكونيّة = لكي يعلم من علوم السنة ما علمتُه منها، ولكي لا يسمح لنفسه أن تخوضَ فيما لا تعلم، وأن لا يظلم الحقيقة العلميّة عندما يتحدّث عمّا يجهل!
    ومن هنا أدخل في الجواب عن الإشكالات التي ذكرها:
    أولاً: الجواب عن الإحصائية التي ذكرها.
    والجواب الأوّل: أن السائل لم يعرف مقصود العلماء من تلك الأعداد للأحاديث، وما هو مرادهم من (الحديث) في ذلك السياق.. حيث إنهم يقصدون بذلك (أوّلاً): أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين، ولذلك لمّا قال الإمام أحمد "صحّ من الحديث سبعمائة ألف، وكسر" فسّره البيهقي بقوله: "أراد ما صحّ من: الأحاديث، وأقاويل الصحابة وفتاوى من أخذ عنهم من التابعين". تهذيب الكمال للمزّي 19/96-97)، وانظر بمعناه في البحر الذي زخر للسيوطي (2/743).
    ويقصدون ثانياً: الأسانيد المكرّرة والطرق المتعدّدة للحديث الواحد، فيعدّون كل إسنادٍ حديثاً، فتتعدّد الأحاديث (بمعنى الأسانيد) للمتن الواحد. وهذا ما فسّر به جماعةٌ من العلماء كلام البخاري وغيره؛ لأن هذا هو اصطلاحهم بالحديث. فانظر علوم الحديث لابن الصلاح (20-21)، والنكت للزركشي (1/181-182)، والنكت لابن حجر (1/297)، والبحر الذي زخر للسيوطي (2/743-748).
    ومن ثَمَّ يكون العَدَدُ الذي ذكره السائل ليس المقصود به متون الأحاديث، حتى يتصّور ذلك التصوّر الذي جعله يستكثر تمكّن البخاري من نقدها؛ لأنّ ذلك العدد أكثره ممّا يُروى عن غير النبيّ –صلى الله عليه وسلم-، فهو لا يدخل في شرط البخاري في صحيحه، الذي اشترط أن يذكر فيه ما صحّ عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- دون غيره.
    ثم إن هذا العدد سيتضاءل جدًّا أيضًا، إذا فهمناه كما كان المحدّثون يستعملونه، وهو أنهم أرادوا به الأسانيد، لا المتون. وإذا كان حديث "إنما الأعمال بالنيات..." قد رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري أكثر من ثلاثمائة راوٍ (كما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح البارى 1/11)، فكم رواه عن كل واحدٍ من هؤلاء الثلاثمائة؟! فهذه مئات الأحاديث لمتن واحد. والبخاري ليس مضطرًّا للنظر في كل تلك الأسانيد للحكم على الحديث بالصحّة، بل يكفيه منها ما يدلّ على عدم الوقوع في الكذب والخطأ، ليحكم بناءً على أدلّة موافقة ذلك الحديث للواقع أنه حديثٌ صحيح.
    وقد أجاب الحافظ ابن حجر (ت851هـ=1447م) عن مسألة أخرى، فجاء جوابه كأنه جوابٌ على السائل، فقال في كتابه النكت على كتاب ابن الصلاح (1/297-298): "قد يطلقون هذه العبارة على الموقوفات والمقطوعات، والمكرّرات... ويزيد ذلك وضوحاً: أن الحافظ الجوزقي ذكر أنه استخرج على جميع ما في الصحيحين حديثًا حديثًا، فكان مجموع ذلك خمسة وعشرين ألف طريق وأربعمائة وثمانين طريقاً. فإذا كان الشيخان مع ضيق شرطهما بلغ جملةُ كتابيهما بالمكرّر هذا القدر، فما لم يخرجاه من الطرق للمتون التي أخرجاها لعله يبلغ هذا القدر أيضًا [أي يبلغ العددان خمسين ألفاً]. وما لم يخرجاه من المتون من الصحيح الذي لم يبلغ شرطهما لعله يبلغ هذا القدر أيضًا أو يقرب منه [أي تبلغ الأعداد الثلاثة 50 ألفًا + 50 ألفًا = مائة ألف]. فإذا انضاف إلى ذلك ما جاء من الصحابة والتابعين، تمّت العدّة التي ذكر البخاري أنه يحفظها". يعني: من الحديث الصحيح، وأمّا غير الصحيح، فإنه إذا بلغ الصحيح أكثر من مائة ألف إسناد، فالضعيف سيبلغ أضعاف هذا العدد.
    وهذا الخطأ في فهم السائل لاصطلاحات العلماء بالحديث، وهو إصلاح من أوائل إصلاحات علوم الحديث، يدلُّهُ هو نفسه على أنه بعيدٌ كل البعد عن أن يكون له الحق في الخوض في علم لا يعرف عنه إلا تلك المعلومات السطحيّة. ولا أقصد بذلك جرح هذا السائل (وفقه الله)، وإنما أعتمد في خطابي له بذلك على أن العاقل لا يتوهّم أنه عالمٌ بكل علم، والعاقل أيضاً لا يتوهّم أنه يحق له الكلام في العلم الذي يجهله. ولا أشك أن السائل إذا ما نُبّه إلى قِلّة علمه يعلم أنه لن يرضى لنفسه أن يتكلّم بغير علم.
    والذي جعلني أيضًا أَنْقُلُ النقول السابقة عن علماء تُوفُّوا من قرون طويلة، ليتأكّد السائل من صحّة تفسيري، وأنني لم أفسّر الكلام بذلك التفسير هروبًا من الاعتراف بحق، بل لأن هذا هو فَهْمُ العلماء من قرون، دون أن تنقدح تلك الشُّبهة في أذهانهم من خلال سؤال صاحب السؤال، وسياق كلامهم بعيدٌ عن شُبهة السائل.
    ولولا حرصي على هداية السائل لما أتعبتُ نفسي بنقول هي من أوّليّات علوم الحديث ومبادئه الصغرى لدى صغار طلبة الحديث!!
    والجواب الثاني: أن السائل لا يعرف منهج المحدّثين في التصحيح والتضعيف، وتمييز المقبول من غير المقبول، ولذلك كان تصوُّره خاطئاً.. فمِمّا ينبغي له علمه: أن المحدّثين ونقَّاد الحديث (كالبخاري) كانوا يسيرون في نقدهم للحديث الواحد ضمن خطوات دقيقة جدَّا، منها أنهم يحرصون كل الحرص على مشاورة أهل العلم سواهم، وسماع آرائهم حول ذلك الحديث، ومناقشتهم حول تلك الآراء. فليس (صحيح البخاري) جهدًا لشخص واحد دون أي إعانة من علماء عصره من شيوخه وأقرانه، بل يكاد يكون جهدًا جماعيَّا.
    وقد نصَّ أحد قدماء المحدّثين على هذا المنهج الذي كان يتّبعه المحدثون لنقْدِ السنة، فقد قال أبو عبد الله الحاكم (ت 405هـ =1014م) في أثناء كلامه عن شروط الحكم على الحديث بالصحّة: "وليس لهذا النوع من العلم عونٌ أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة، ليظهر ما يَخْفَى من علّة الحديث". معرفة علوم الحديث للحاكم (238).
    وقد قال أبو جعفر العقيلي (ت 322هـ =934م): "لمّا ألّف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيي بن معين وعلي بن المديني وغيرهم، فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحّة إلا في أربعة أحاديث، والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة" هدي الساري لابن حجر (9).
    وبمثل هذا التعاون لا يُستكثر على أحد عباقرة الأمّة الإسلاميّة، بل على أحد عباقرة البشر: أن يخرج عملاً عظيمًا كـ (صحيح البخاري)، إذا ما توفّرت له أسبابُ الإتقانِ التي توفّرت له.
    ثانياً: الجواب عن قوله: "إنه من البشر، وعمل الإنسان لا يُمكن أن يكون مُتْقَنًا خاليًا من الأخطاء؛ لأنه ليس معصومًا من الأخطاء كالقرآن".
    والجواب الأوّل: أن قوله: "إن عمل الإنسان لا يمكن أن يكون متقنًا خالياً من الأخطاء"، لا أدري كيف أفهمه؟ لأن الإنسان قد يتقن عملاً ما إتقاناً لا ترى فيه خطأً، ولا أظن السائل سيفقد كثيراً جدًّا من الأعمال البشرية حوله، ومن الصنائع المتقنة غاية الإتقان، وتؤدّي الغرض منها على صورة بالغة الدقّة. فكيف ينكر أن يكون عملُ البخاري متقناً؟
    أظن السائل قد استقرّ في ذهنه أن الإنسان عمومًا غير معصوم، فظنّ أن عدم عصمة الإنسان يستلزم أن يخطئ في كل عمل! وهذا غير صحيح؛ فإن غير المعصوم لا يكون غير معصوم في كل عمل، بمعنى أنه لن يخطئ في كل عمل، بل شأن الإنسان أن يصيب وأن يخطئ. فما الذي يمنع (عقلاً) أن يكون البخاري قد أصاب في صحيحه ولم يخطئ فيه، وإن كان يخطئ في مؤلفاته وأعماله الأخرى؟!!
    إذن فمسألة العصمة لا علاقة لها بإتقان البخاري لصحيحه.
    الجواب الثاني: ولو افترضنا أنّ العمل البشري كلّه لابدّ أن يكون فيه خطأ، وأنه لا يصحُّ العمل البشريّ مطلقًا= فإن للخطأ وجوهاً عديدةً. فقد يكون كل ما في كتاب البخاري صحيحًا ثابتًا عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لكنّ خطأ البخاري الذي سيلزم عملَه البشري قد يكون في ترتيب كتابه، أو في فهمه –للأحاديث- الذي ذكره في عناوين أبوابه.
    فما الذي يُوجب أن يكون خطأ البخاري الذي سلّمنا (تنزُّلاً) بوجوب وقوعه في تصحيحه، دون ترتيبه أو تبويبه؟!! أو لا يكفي أن يقع الخطأ في الترتيب أو التبويب ليثبت وَصْفُ البشريّة على عمل البخاري؟!!
    الجواب الثالث: من قال للسائل إن أهل السنّة يعتقدون أن كل أحاديث صحيح البخاري صحيحة؟ فهذا أحد العلماء الكبار في علوم السنة، وهو أبو عَمرو ابن الصلاح (ت 643هـ = 1245م)، يقول في كتابه (علوم الحديث): "إن ما انفرد به البخاري ومسلم مُنْدرجٌ في قبيل ما يُقطع بصحّته، لتلقّي الأمّة كل واحد من كتابيهما بالقبول، على الوجه الذي فصّلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة تكلّم عليها بعضُ أهل النقد الحفّاظ، كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن". علوم الحديث لابن الصلاح (29).
    ومعنى هذا الكلام: أن غالب وعامة ما في صحيح البخاري صحيحٌ مقطوعٌ به، لا من جهة أنه جُهْدُ البخاري وحده، ولكن لأن علماء السنّة على مرّ العصور قد درسوا هذا الكتاب أعمق دراسة، وفحصوا أحاديثه أشد الفحص، فخرجوا بتأييد البخاري في أكثر الكتاب والأعمّ الأغلب منه. ومن دلائل إنصافهم وموضوعيتهم في تلك الدراسة وذلك الفحص الذي سبق ذكره أنهم خالفوا البخاري في بعض الأحاديث، كما فعل الإمام الدارقطني (ت 385هـ =995م)، حيث ألّف كتاباً فيما ينتقده على الصحيحين، وهو كتاب (التتبّع)، وهو كتاب مطبوع مشهور.
    لكنيّ أنبِّه السائل إلى أنّ مخالفة بعض كبار النقّاد للبخاري في عدد قليل جدًّا من أحاديث كتابه، لا يبيح لمن لم يتعمّق في علم الحديث تعمُّق أولئك النقِّاد أن ينتقد أحاديث أخرى لم ينتقدوها، ولا يجعل تضعيف أحاديث البخاري حقًّا مُشَاعًا لكل من أحب ذلك، بل لا شك أنه ليس من حقِّ غير العالم بالسنّة أن يُدخل نفسه في مناقشة الحديث الذي وقع فيه الاختلاف بين البخاري والإمام الآخر الذي خالفه؛ لأن هذه المناقشة تستلزم أن يُنصِّب نَفْسَه حَكَمًا بين علماء وأئمة السنّة، ومَنْ هو الذي يَتَصَوّر أن هذه المنزلة مُمكنةٌ لكل أحد؟!
    فانتقاد الدارقطني (وهو النَّقَّادُ الكبير) لقليل من أحاديث البخاري لا يجيزُ لمن لم يبلغ نحواً من منزلته في العلم بالسنة أن يفعل فعله؛ وذلك لسببين كبيرين:
    الأول: أن كل علم من العلوم له أعماق سحيقةٌ وقمِمٌ رفيعة، لا يغوص ولا يسمو إليها إلا كبار علماء ذلك العلم، فإن خاض فيها غيرهم أتى بالجهالات والعجائب؛ بسبب أنه يتكلم فيما يجهل، والكلام بجهل لا يقبله عاقل لنفسه ولا من غيره.
    ومَثَلُ من يحتجّ بنقد الدارقطني وأمثاله من النقَّاد لبعض أحاديث البخاري ليمارس هو هذا النقد، مع عدم بلوغه قريبًا من منزلتهم في علمهم الذي مارسوه= مَثَلُ من يريد أن يُجْري عمليّةً جراحيّةً خطيرة لأحد الناس؛ بحجّة أن الطبيب العالمي فلان قد أجرى هذه العمليّة! هل يحق لأكبر مهندس أو أجل فيزيائي أن يفعل ذلك؟! بل هل يحق لطبيب غير جرّاح أن يفعل ذلك؟! بل هل يحق لجرّاح لا يصل إلى قريب من مهارة ذلك الطبيب العالمي أن يمارس عمليّةً تفوق مهاراته؟!!! هذه حقيقةُ ما يُريدُهُ أولئك القوم، الذين يُبيحون لأنفسهم الخوض في علوم السنة، بل في أعمق علوم السنة!!!
    الثاني: أن إجماع علماء الأمة على تلقِّي الصحيحين بالقبول لا يمكن أن لا يكون له أثر، ولا يصحّ أن يتساوى كتابٌ لقي تلك العناية (كصحيح البخاري وصحيح مسلم) وكتابٌ آخر لم يَلْقَها، ولا يمكن أن يقبل منصفٌ أن يجعل المُتَلَقّى بالقبول من علماء الأمّة كالذي لم يَنَلْ هذه المكانة السامية. ونَقْدُ بعض أحاديث الصحيحين لا يُلْغي تلك الحقوق؛ لأنه ما من كتاب (حاشا كتاب الله) إلا وقد وُجِّه إليه نقد. فماذا يمتاز به الكتاب الذي وُجه إلى قدر يسير منه نقد، مع اتّفاق الأمة على صحّة غير هذا القَدْر اليسير المُنْتَقَد؟
    الجواب هو ما ذكره ابن الصلاح أن كل ما لم ينتقده الأئمةُ الحفّاظ الذين كانت لديهم أهليّة الخوض في أعمق مسائل علم الحديث، أنه داخلٌ ضمن إجماع الأمة على صحّته، وأن نجاته من نقد الناقدين يدل على قبوله عند هؤلاء الناقدين؛ ولذلك كان كل مالم ينتقده أولئك النقَّاد من أحاديث الصحيحين مفيدًا لليقين بصحّته عند علماء السنة، كما سبق عن ابن الصلاح. فما لم يُنْتَقد من أحاديثهما ليس فقط صحيحًا، ولا خرج عن أن يحق لغير كبار النقَّاد أن ينتقدوه فَحَسْب، بل تجاوز ذلك: إلى أن يكون مقطوعًا بصحّته مجزومًا بثُبوته عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بدليل ذلك التلقّي بالقبول من علماء السنة لهذين الكتابين، بمن فيهم أولئك العلماء الذين انتقدوا، ممّا يدل على أن ذلك التلقّي لم يكن تقليدًا من علماء الأمة للبخاري ومسلم، بل هو موافقةٌ لصحّة النتائج التي توصَّلا إليها بناءً على النظر في الأدلّة والبراهين التي أوصلتهم إلى تلك النتائج، ولذلك خالف أولئك العلماء في قليل من تلك الأحاديث، وبقي الجزء الأكبر من أحاديث الصحيحين عندهم صحيحًا لا يخالفون في ثبوت وصف الصحّة له.
    وبهذا يصبح انتقادُ أولئك النقّاد لبعض أحاديث الصحيحين سببًا لمنع من لم يصل إلى درجتهم في العلم أن يلج هذه الساحة؛ وصار دليلاً ضِدّ هؤلاء المتجرئين!!
    لكني أعود وأذكر السائل أنه نسب إلى علماء السنة أنهم لم ينتقدوا صحيح البخاري، وكأنّهم اعتقدوا فيه العصمة، مع أنّهم قد مارسوا النقد العلمي لصحيح البخاري، وخالفوه في أحاديث قليلة، ولهم في ذلك مؤلفات شهيرة، وهي مؤلفات طُبع عددٌ منها، ويعرفها عامة المشتغلين بالسنة أدنى اشتغال.
    وهذا خطأ ثانٍ وقع فيه السائل، يدل على بعده الكبير عن علوم السنّة، ممّا يدلّه على أنه عليه أن يُنْصِفَ هذا العلمَ من نفسه، فلا يخوض فيما لا يعلم!
    ثالثاً: الجواب عن استشكال السائل عن سبب عدم جمع الخلفاء الراشدين للسنّة ما دام جمعُها مُهِمًّا، ولماذا لم يفعل ذلك أحدٌ حتى جاء البخاري؟!
    والجواب الأول: أن المهمّ هو الحفاظ على السنّة، وليست الكتابة إلا وسيلة لهذه الغاية. فالغاية هي الحفاظ على السنة، وليست كتابتها. ولمّا كان أصحاب النبيّ –صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدوُن منهم خاصة وفقهاء الصحابة وعلماؤهم قد لازموا النبيّ –صلى الله عليه وسلم- وأخذوا عنه السنّة مباشرة، دون أسانيد يخشون نسيانها، ودون رواة وسائط فيهم من يُحتمل فيه الخطأ والكذب= كان حِفْظُ السنة في صدورهم كفيلاً بحفظ السنة، ولم تكن الكتابة في زمنهم حَلاَّ وحيدًا لحفظها، بل ليست الحلّ الأمثل أيضًا؛ لأن حفظ الصدر ما دام ممكنًا، وحصل لهم بسهولة لمعايشتهم للنبيّ –صلى الله عليه وسلم- ولارتباط سننه –صلى الله عليه وسلم- بحوادث ومشاهد حضروها ورأوها وشاركوا فيها، فقد أدّى ذلك إلى رسوخ تلك السنن في أذهانهم مع أسباب عديدة توفّرت في الصحابة، أعانتهم على إتقان حفظ السنة وعلى تيسُّره عليهم. كما أن حفظ الصدر أدعى لاستحضار النصّ النبوي عند التفقّه والاستنباط، وعند العمل والتطبيق، فكان الحفظ في عهد الصحابة مقدَّمًا على الكتابة لذلك ولغيره مما أشرتُ إليه.
    ولا يعني ذلك أن الصحابة لم يكتبوا، بل من الصحابة من كتب: كعبد الله بن عَمرو ابن العاص، وعلي بن أبي طالب، وسمرة بن جندب، وعَمرو بن حزم، وغيرهم رضي الله عنهم.
    وهناك بحوث عديدة، ومنها بحوث أكاديمية في جامعات عالميّة، أثبتت كتابة الصحابة والتابعين وتابعيهم للسنة، مثل رسالة الدكتوراه (دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه) للدكتور محمد مصطفى الأعظمي، المقدّمة إلى جامعة كمبردج في أكتوبر سنة (1966م)، ورسالة الدكتوراه الأخرى (إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة للحافظ السرمري الحنبلي، مع دراسة لمراحل تدوين السنة) للدكتور حاكم عبيسان المطيري. والمقدّمة إلى جامعة برمنغهام، وإلى قسم الدراسات الإسلامية بالجامعة.
    وأدلّة ذلك كثيرة جدًّا، ويكفي وجود عدد كبير جدًّا من دواوين السنة قبل البخاري، مثل موطأ مالك، ومصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، ومسند الإمام أحمد، وغيرها من الكتب التي تفوق صحيح البخاري حجمًا (باستثناء الموطأ الذي هو أصغر حجمًا من صحيح البخاري).
    وعلى هذا فتصوُّر السائل أن البخاري أوّل من كتب السنة خطأ كبير، وهو أكبر أخطائه؛ لأن كتب السنة قبل البخاري المطبوعة مشهورة جدًّا لدى عامة طلاب العلم ومتداولة بينهم. وإنما ميّز صحيح البخاري أنه أنقى هذه الكتب وأصحّها. ولم يميّزه أنه أول من كتب، أو من أوائل من كتب.
    وبذلك أكون قد ذكرت جوابًا ثانياً على السائل، وهو أن الأمّة لم تنتظر البخاري حتى يجمع السنة، بل جمعتها بين حفظ في الصدور وحفظ في السطور من الجيل الأول (جيل الصحابة)، وما زالت الكتابة تزداد انتشارًا وبقوّة كلّما ازدادت الحاجة إليها، مع امتداد العصر الإسلامي، وتولّى هذا الجمع كبار الأمة في جميع أقطار العالم الإسلامي، من طبقة شيوخ البخاري، وشيوخ شيوخه، وشيوخ شيوخ شيوخ البخاري (وهم التابعون غالبًا أو من الصحابة).
    والجواب الثالث: أن البخاري لمّا أن ألّف هذا الكتاب، كان زمنه مليئًا بملايين المسلمين، وألوف العلماء والمعتنين بالعلوم الإسلاميّة وعلوم السنة خاصّة. فلو كان ما كتبه اختلاقًا أو خطأ، لتسارع الناس إلى إنكاره، وإلى محاسبة الفاعل، بل كان للبخاري حُسّاد ومنافسون له، كما هو متوقّع لكل عالم يتميز على أقرانه، وقد اشتهر في سيرته ما واجهوه به من الأذى المتكرّر، إلى وفاته رحمه الله. ومع ذلك كُلّه: لم يطعن أحدٌ في كتابه، ولا شكك أحدٌ في زمنه ولا بعد زمنه فيه، بل تلقّته الأمةُ بالقبول، دون منازع أو منكر، هل يمكن أن يحصل ذلك، مع عدم قداسة البخاري عند المسلمين، بل مع وجود المشاركين له في علمه، بل مع وجود المنافسين له وأصحاب الغيرة الذين لم يتأخروا عن إيذائه؛ فلماذا لم يطعنوا في كتابه، وما بالهم آذوه في أمور عديدة دون أن يتجرؤوا على الطعن في كتابه؟!!
    رابعًا: قال السائل: "وَفْقًا له لنتحقق أن أي حديث يكون صحيحًا فيجب أن ترجع للقرآن".
    الجواب الأول: وَفْقًا لماذا؟ بعد أن رأى السائلُ نفسُه أن تصوّراته السابقة كلّها كانت خاطئة، وأن خطأه فيها يدل على بُعْد كبير جدًّا عن علوم السنة، وبالتالي فما بُني على خطأ كبير فهو خطأٌ كبير، بل هو الخطأ الأكبر!!
    الجواب الثاني: ماذا يقصد السائل بالرجوع إلى القرآن لمعرفة الصحيح من السنة؟ لأن للمروي عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- مقابل القرآن الكريم حالات أربعًا، لنفصّلها الآن لنعرف كيف نَنْقُدُ السنة المرويّة بالقرآن الكريم:
    الحالة الأولى: أن يكون الوارد في السنة موافقًا تماماً ما جاء في القرآن، دون زيادة أو نقص، ودون معارضة في الظاهر أو في الباطن، ومثال ذلك: توحيد الله تعالى، ووجوب الصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، والحج. فتوحيد الله تعالى ووجوب هذه الأركان (دون صفاتها) قد ورد في القرآن وورد أيضاً في السنة.
    وهذه الحالة لا أظنّ السائل يعارض في قبولها من السنة، إذا صحَّ الإسنادُ إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
    الحالة الثانية: أن يأتي أمرٌ في القرآن مجملاً، ولا يُمكن الائتمار بأمر الله في القرآن بسبب عدم وضوح طريقة التطبيق في القرآن، فتأتي السنة مفسّرةً للقرآن، موضحةً طريقة أداء تلك الأوامر القرآنيّة. ومثال ذلك: أداء الصلاة، وأحكام الزكاة تفصيلاً، وأحكام الصيام، وهيئة الحج وأركانه وواجباته وسننه، وعامة مسائل الدين كهذه الأركان الأربعة من أركان الإسلام.
    فما هو موقف السائل من هذه الحالة للسنة النبويّة؟ فهي غير معارضة للقرآن، بل هي مفسّرة له ومبيّنة لمعانيه.
    إن قال: لا أقبلها، قلنا: فكيف تصلي وكيف تزكي...، لقد أبطلتَ أحكام الدين وأركان الإسلام بذلك، بل لقد أبطلتَ القرآن أيضًا؛ لأن أوامر القرآن أصبحت لغوًا بلا أي معنى!!! كما أن هذا خلاف إجماع المسلمين من جميع الطوائف، فهم جيلاً بعد جيل، عامتهم وعلماؤهم، يصلون صلاةً واحدةً إجمالاً في عدد الفرائض وعموم الصلاة، وهكذا بقيّة الأحكام، مع أنها لم ترد في القرآن، مما يدل على إجماع الأمّة كلها على تلقّي هذه الأحكام من السنة النبويّة، ومن هذه الحالة لحالات السنة مقابل القرآن، وهي السنة المبيّنة والمفسّرة.
    فإن قال السائل: بل أقبل السنة من هذا القسم؛ لأنها غير معارضة للقرآن، وهذا هو الحق الذي لا يُقال غيره؛ لأن القول الآخر يُبطل الدين والقرآن الذي جعله السائل مقياسًا لمعرفة الحق. فإننا بعد هذا القبول من السائل: نقول له: قبولك لتلك التفاصيل والأحكام الواردة في السنة دون القرآن، يدلّك على أن السنة قد تنفرد بأحكام دينيّة، ويلزمك الأخذ بها، مع عدم ورودها في القرآن الكريم.
    الحالة الثالثة: أن تنفرد السنة بأحكام لا يوجد في القرآن ما يدلّ على أصلها، ولا ما يعارضها. فهذه الأحكام التي انفردت بها السنة لا يوافقها القرآن ولا يعارضها.
    فإن ردّها السائل، فإنّنا نسأله: لماذا تردّها؟ والقرآن لا يدل على ردّها؛ لأنها لا تُعارضُه. ثم كيف تردّها؟! وقد سبق أن قبلتَ ما لا يعارض القرآن، كما في الحالة الماضية، هذه ازدواجيّة غير عادلة.
    أضف إلى هذين الجوابين جوابًا ثالثًا: لا شك أن السائل يعلم أن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- كان في حياته يوجّه أصحابه والمسلمين في زمنه بتوجيهات كثيرة، وأنه كان يتحدّث معهم بغير القرآن، ويأمرهم بأوامر عديدة، هي في كثرتها تفوق القرآن الكريم عددًا ولاشك. هذا هو الذي لا يشك عاقلٌ فيه، خلال ثلاثة وعشرين عامًا عاشها النبيّ –صلى الله عليه وسلم-بعد بعثته بين أصحابه. وأحاديث السنة النبويّة الواردة عنه –صلى الله عليه وسلم- وإن شكّك السائل في أفرادها وبعض آحادها، إلا أنه لا يمكن أن يشك في أن بعضها صحيح يقينًا، ولو على وجه الإجمال دون تعيين؛ لأن هذه الأحاديث البالغة الكثرة لا يمكن أن يُتصوّر في جميعها أن تكون اختلاقًا، كما أنّ تصوّر أن يكون النبيّ –صلى الله عليه وسلم- لم يكن يتكلم إلا بالقرآن لا يقوله عاقل.
    فخرجنا من هذا التقرير بأن الصحابة –رضي الله عنهم- قد تلقَّوا عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة سوى القرآن، وهي كانت بالنسبة لهم دينٌ يجب أن يطاع، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" [النساء:59].
    وغيرها من الآيات التي أحلنا القارئ إلى الفتوى التي ذكرناها فيها في أوّل هذا الجواب.
    فإن كانت تلك الأوامر دينًا في زمن الصحابة، فلابُدّ أن تبقى دينًا إلى قيام الساعة؛ لأن ضياع شيءٍ من الدين يعني وقوع الخلل والنقص فيه، ممّا ينافي إيجاب اتّباعه على العالمين إلى يوم القيامة. وبقاءُ أوامر النبيّ –صلى الله عليه وسلم- التي كانت في زمن الصحابة لا يتمّ مع فقدانها، ولا يتمّ مع اختلاطها بما لا يصح عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- اختلاطًا لا يمكن معه تمييز الصحيح من الضعيف، ولا يتمّ مع عدم قيامها بالحجّة ومع عدم الالتزام بها. ولذلك وجب قبول هذا النوع من السنن، ووجب الاحتجاج بها. وإلا لزم من ذلك اعتقاد نقصان الدين، وبالتالي نخالف القرآن الذي أوجب على العالمين الدخول في الإسلام، وأنه لا دين إلا الإسلام "إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران:19]
    فَرَدُّ هذا النوع من السنن هو الذي يخالف القرآن، فكيف نردّ سنة ليس في القرآن ما يخالفها، لنخالف بهذا الردّ القرآن ونبطل حكمه؟!! والغريب أن نفعل ذلك تحت شعار تعظيم القرآن، وعدم قبول ما يعارضه!!!
    الحالة الرابعة: أن تُعارض السنة المروية القرآن الكريم، وهذه المعارضة قسمان: معارضة لفظيّة غير حقيقيّة، ومعارضة حقيقيّة.
    أمّا القسم الأول: وهو المعارضة اللفظية غير الحقيقية، وهي أن يأتي في السنة ما يُعارض القرآن لدى النظرة العَجْلَى وعند قليل الفقه ناقصِ العلم بلغة العرب وأساليب بيانها. فهذه المعارضة معارضةٌ موهومة، وهي في الحقيقة ليست معارضة للقرآن.
    مثال ذلك: قوله تعالى: "حُرمت عليكم الميتة والدم" [المائدة:3]. وقال –صلى الله عليه وسلم-: "أحلّت لنا ميتتان ودمان، الميتتان: السمك والجراد، والدمان: الكبد والطحال". أخرجه أحمد (2/97)، وابن ماجه (3314).
    فظاهر هذا الحديث يعارض العموم -في قوله تعالى السابق- الذي يحرم الميتة والدم، لكن هذا الظاهر لا يخفى على عاقل أنه لا يعارض الآية معارضةً حقيقيّة؛ لأنه تضمّن استثناءً لبعض ما دلّت الآية على تحريمه، ولم يُبطل الحديثُ دلالةَ الآية كلَّها.
    وهذا التعامل مع الكلام يفهمه عامة العقلاء، فلو قال صاحبُ متجر لعامل لديه: لاتبع هذه البضاعة إلا بألف، ثم بعد مُدّة قال لذلك العامل: إذا جاءك، فلان فبعه تلك البضاعة بتسعمائة، هل سيعدُّ ذلك العامل هذا تناقضًا؟ أم الفهم المتبادر إلى الذهن: أن فلاناً المذكور مستثنى دون بقية الزبائن بذلك السعر المخفّض.
    أقصد من ذلك أن محاولة الجمع بين النصّين المتعارضين في الظاهر منهجٌ يتّبعه الناس في فهم كلام الناس؛ لأنهم ينزّهون العقلاء عن التناقض.
    فاتّباع هذا المنهج في نصوص الكتاب والسنّة أولى وأحقّ؛ لأن إمكان الجمع الذي لا تكلّف فيه ولا تعسُّف، ينفي وجودَ التعارض المتوهَّم بين القرآن والسنة، وبالتالي تصبح هذه السنة كالحالات السابقة، فهي سنةٌ غير معارضةٍ للقرآن في الحقيقة، والمهم هو الحقيقة! لا الظنون الأوليّة والآراء العجلة غير المتثبّتة!!
    وبهذا انتهينا أن القسم الأول من السنن المعارضة للقرآن، وهي المعارضة ظاهرًا لا حقيقة: لا يصح ردّها بحجّة مخالفة القرآن، لأنها غير مخالفةٍ للقرآن.
    أمّا القسم الثاني: وهي السنن المعارضة حقيقةً للقرآن، والتي لا يمكن الجمع بينها وبين القرآن أبدًا، أو إلا بتعسُّف غير مقبول، فهذه إن لم تكن من باب النسخ، كأن تكون منسوخةً بالقرآن، فهي غير مقبولةٍ عند المحدّثين، وعلى رأسهم الإمام البخاري.
    ومن ذلك حديث "خلق الله التربة يوم السبت..." والذي جعل مدّة الخلق سبعة أيام. فقد ردّه الإمام البخاري وغيره؛ لأسباب، أهمّها أنه يخالف ظاهر القرآن في مثل قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" [الحديد:6]. فانظر المنار المنيف لابن القيّم (84-86 رقم 153) وأمّا من قبل هذا الحديث، فإنه قبله لأنه جمع بينه وبين الآية، كما تجده في مختصر العلو للألباني (رقم 71).
    وهذا يدلّ على أن منهج عدم قبول ما عارض القرآن معارضة حقيقيةً منهج لم يكن البخاري وغيره من أئمة السنة غافلين عنه، بل كانوا يطبّقونه وهو منهجٌ أصيلٌ في نقد السنّة، مارسه جماعةٌ من الصحابة والعلماء، كما تجد أمثلته في كتاب (مقاييس نقد المتون) للدكتور مسفر الدميني (61-75)، و(مقاييس ابن الجوزي في نقد متون السنة) للدكتور الدميني نفسه (45-52). فلا يصح أن تُطرح مسألة مراعاة عدم مناقضة السنة للقرآن وكأنّها نقدٌ جديد يريد أن يمارسه المعاصرون؛ لأن المتقدّمين أغفلوه!! لا يصح هذا الطرح؛ لأن أئمة النقد كانوا أَرْعى الناس لهذا النقد المهم، وأقواهم نظرًا إليه، وأحرصهم عليه.
    ومعنى ذلك: أن كل حديث صحّحه البخاري فهو عنده غير مناقض للقرآن، وليس من العلم والإنصاف أن نحاول إيهام أنه كان غافلاً عن مراعاة هذا الشرط، والذي يدخل ضمن شرطي انتفاء الشذوذ والعلّة الخفيّة، اللذين هما شرطان معلومان من شروط صحّة الحديث عند المحدّثين.
    وإذا كان البخاريُّ مراعيًا لعدم مناقضة أحاديث كتابه للقرآن الكريم، وهو الإمام في فقهه وعمق فهمه ودقيق استنباطاته، فما أشدّ عجلة الذي يتوهَّم أنه سينتقدُ عليه حديثًا من هذه الجهة!!
    وأخيرًا: لكي يكون الكلامُ علميًّا (ولا يكون علميًّا إلا بدليل): فإني أُطالبُ أيَّ طاعن في صحيح البخاري أن يذكر لي حديثًا واحدًا فقط أخرجه البخاري وهو مناقضٌ للقرآن؟ فإني أدّعي أني قادرٌ على بيان أن ما توهّمه هذا الطاعن في ذلك الحديث تعارضًا حقيقيًّا بينه وبين القرآن ليس كما توهّمه، وسوف أُثبت –إن شاء الله تعالى- أنه إن وُجد التعارض فهو تعارضٌ ظاهري، كما سبق بيانه، وهذا التعارض الظاهري يقع بين آيات القرآن، فلا يتّخذه مطعنًا في الكلام (سواء كان الكلام قرآناً أو سنة أو كلامًا للعقلاء) إلا من لا يريد أن يتّبع منهج الإنصاف والحق.
    وإني أعيد وأعلن هذا التحدّي، فعلى من كان معارضًا لما ذكرتُ أن يبدأ بالاستدلال لصحّة رأيه، ليجد جوابي المقنع بفضل الله تعالى وقوّته!!
    على أني لا أريد من هذا الإعلان للتحدّي غلبةً ولا تنافسًا، لكني أريد أن يكون مَسَارُ نقاشنا مع المخالفين علميًّا، مبنيًّا على الأدلّة، لا على مجرّد الأقاويل العريّة عن البراهين. إذ لا يصح أن أفترضَ وُجُودَ تعارضٍ حقيقيّ بين حديث في صحيح البخاري وآيةٍ في القرآن الكريم افتراضاً فقط، وأعّدُّ هذا مطعنًا في صحيح البخاري، ثم لا يكون لديّ حديثٌ واحد يشهد لصحّة هذا الافتراض!!! كما أنه لا يكفي مجردّ ادّعاء وجود تعارض حقيقيّ بحديثٍ أو أكثر، حتى يعجز المخالف لك، والذي ينفي وجود مثل هذا التعارض، فلا يُوجِّه ذلك التعارض بما يدل على أنه ليس تعارضاً حقيقياً، ويثبت أنه تعارضٌ مُتَوهَّمٌ؛ سببه سوء الفهم لدى ذلك المتوهِّم لوجود التعارض. ومن هنا أدخل في الجواب عن سؤاله التالي؛ لأنه أراد أن يضرب مثالاً على الأحاديث الباطلة في صحيح البخاري.
    خامساً: ذكر السائل الاختلاف الواقع في قصّة طواف سليمان عليه السلام على نسائه ليلدن فرسانًا يقاتلون في سبيل الله، وقد ذكر السائل روايتين:
    الأولى: تردّدت الرواية في عدد النساء هل كُنّ مائة أو تسعة وتسعين.
    الثانية: ذكرت أنهنّ سبعون. وعَدّ السائل هذا الاختلاف في العدد دليلاً على التعارض الواقع في صحيح البخاري، وهو دليلٌ عنده على وقوع أخطاء في صحيحه.
    والواقع أن هذا الحديث جاء في صحيح البخاري بأكثر من الاختلاف الذي ذكره السائل، فقد جاء في موطن أن عدد النساء سبعون (الحديث رقم 3424)، وجاء أنهن ستون (رقم 7469)، وجاء أنهن تسعون (رقم 6639، 6720)، وجاء على التردّد بين التسعة والتسعين والمائة (رقم 2819)، وجاء على أنهنّ مائة (رقم 5242). وذكر الإمام مسلم روايات هذا الحديث في موطن واحد عقب بعضها متوالية، بنحوٍ من الاختلاف السابق (صحيح مسلم 3/1275-1276رقم 1654).
    وعلى هذا الإشكال أجوبة. وهي مبنيّةٌ على تقرير مهم، وهو: أنّ الإمام البخاري لم يكن غافلاً عن هذا التعارض، بل كان على علم ودراية كاملةٍ به؛ لأنّ إثبات علم البخاري بهذا التعارض يدلّ على أن ذِكْره له لم يكن مبنيًّا على أنه غفل عنه، فصحّحه لهذه الغفلة عنه؛ إذ إن علم البخاري بهذا التعارض يعني أنه لا يرى في هذا التعارض ما يَنْقُضُ شرطه في كتابه. فلا يمكن حينها أن يُذكر هذا الحديث برواياته في صحيح البخاري دليلاً على خطأ البخاري في التصحيح، وأنه صحّح ما لو تنبّه على الاختلاف الذي فيه لما صحّحه! أقول: إن هذا لا يمكن قبوله؛ إذا أمكننا أن نثبت أن البخاري كان على علم بهذا الاختلاف الواقع في كتابه، ومع ذلك ذكره فيه.
    والذي يدل على أن البخاري كان على إدراك كامل بهذا الاختلاف الواقع بين هذه الروايات، عندما ذكر هذه الروايات في كتابه أمور:
    الأمر الأول: حِفْظُ البخاري الذي عُرف به وقَيّده عنه المعاصرون له والشاهدون عليه، وهو حفظٌ باهر نادر المثال بين الناس. ومثل هذا الحفظ يُستبعد معه أن يغيب عن البخاري مثل هذا التعارض الواضح الذي لا يغيب عن أحد، ولا يحتاج إلى عُمق فهم لإدراكه.
    الأمر الثاني: أن البخاري بعد أن ألّف صحيحه كان يرويه لتلامذته، وكان يكرّر روايته مّرات كثيرة لتلامذته المتجدّدين والذين يكرّرون سماعه منه، فلئن أبحنا لأنفسنا أن البخاري (بحفظه الباهر) قد فاته هذا الاختلاف الظاهر عند تأليف الكتاب، أفلا يتنبّهُ له عند روايته، وعند تكريره لقراءته على تلامذته؟!! ثم ألا يُنَبِّهُهُ ألوفُ التلامذة الذين أخذوه عنه إلى هذا الاختلاف، فيما لو فاته هو التنبُّهُ له؟!!
    الأمر الثالث: (وهو الأهمّ): أن البخاري في صحيحه، وفي كتاب أحاديث الأنبياء من صحيحه، وفي باب قول الله تعالى: "وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" [ص:30]، وهو الحديث رقم (3424) في صحيح البخاري، ذكر البخاري روايةً ذكرت العدد أنه (سبعون)، ثم قال البخاري ناقلاً اختلاف الرواة في هذا العدد: "وقال شعيب وابن أبي الزناد: تسعين، وهو أصحّ". فهذا دليلٌ قاطع على أن البخاري كان على وعي كامل وإدراك واضح لاختلاف الرواة في العدد الوارد في هذا الحديث.
    ومثل البخاري في ذلك الإمام مسلم، حيث إنه ساق الروايات المختلفة في موطن واحد، بعضها عقب بعض، كما سبق العزو إليه. ممّا يبيّن أن هذا الاختلاف لم يذكره الإمام مسلم لأنه لم يكن منتبهًا إلى وقوعه، بل ذكره مع العلم التامّ بوقوعه!
    ونخرج من هذا العرض بالتقرير التالي: إن ذكر الإمام البخاري والإمام مسلم لاختلافات هذا الحديث كان مقصوداً منهما، ولم يكن عن غفلةٍ منهما.
    وبناءً على هذا التقرير الذي دَلّلنا عليه بالأدّلة القاطعة: لا يصح أن يكون هذا الاختلاف دليلاً على أن البخاري ومسلمًا كانا يظنّان عدم وقوعه، فصحّحا الحديث لغفلتهما عن وقوعه. هذا القول لم يعد له مكان ولا وجه مقبول، بعد التقرير الذي انتهينا منه آنفًا.
    وبناءً على هذا التقرير ينبغي أن يتّجه البحثُ العلمي الصادقُ وجهة -ولا أدري كيف وقع هذا الخطأ- أخرى حيال هذا الحديث باختلاف رواياته، وينبغي أن تكون هذه الوجهة الجديدة بعيدةً عن الاحتمال الذي أبطلناه، وهو أن البخاري كان غافلاً عن الاختلاف الواقع في الحديث، بعد أن ثبت أنه ليس غافلاً.
    وبعبارة أخرى: بعد أن ثبت أن الإمام البخاري قد قصد إيراد هذه الروايات في صحيحه، وأنه تعمّد هذا؛ فما هو وَجْهُ ذلك؟
    الجواب الأول: إن البخاري تعمَّد ذكر هذا الاختلاف، ليبيّن أنه على علم به، ونبَّهَ على الرواية الصحيحة عنده باللفظ الصريح، عندما قال كما سبق عن رواية (التسعين): "وهو أصحّ".
    وهذا منهج معلومٌ للبخاري في صحيحه: أنه قد يذكر الاختلاف للتنبيه عليه، لكنه يبينُّ الصواب والراجح منه. وقد نصّ على هذا المنهج بعض شُرّاح كتابه، كالحافظ ابن حجر في شرحه الشهير (فتح الباري). وهو منهجٌ متكرّرٌ في كتابه في مواطن عديدة، وهو معلومٌ لدى المشتغلين بالسنة. وغفلة السائل عن هذا المنهج للبخاري قصورٌ واضح في علمه بكتاب البخاري خاصة، يُضَاف على قصوره الواضح في علوم الحديث عمومًا، كما سبق تقريره.
    ولا أقصد من التأكيد على هذا القصور (كما سبق)، إلا تنبيه السائل إلى أنه ينبغي له أن لا يعترض على علماء الأمّة بغير معرفة بالعلم الذي يعترض عليه، وهو علم السنة المشرّفة.
    الجواب الثاني: إن العددَ وتحقيقه في هذه القصّة ليس له أثرٌ على فقهها والمقصود منها، فاختلاف الرواة في العدد، مع اتّحاد المعنى، وظهور الفائدة منه مع اختلاف اللفظ؛ ذلك ممّا لا يُنافي صحّة القصّة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والتي لم تتأثر باختلاف الرواة في العدد.
    ومن المعلوم أن السنة يجوز أن ترُوَى بالمعنى مع تغيُّر اللفظ، بخلاف القرآن الذي لا يجوز أن يُروَى إلا باللفظ تمامًا. واختلاف العدد في تلك القصّة وإن كان اختلافًا حقيقيًّا إلا أنه لم يؤثّر في الحكمة المستفادة منها، وهذا هو المعنى الأهمّ في الحديث.
    ولذلك أخرج البخاري هذه القصّة، مع إدراكه لاختلاف العدد الوارد في روايتها؛ لأنه ليس من الصواب التوقُفُ عن قبول هذا الحديث، وهو حديثٌ يدل تعدُّد طرقه على أن أصله وأهمَّ معانيه وعامة خبره صحيحٌ عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فلا يكون من الحكمة التردّد في تصحيحه لمجرّد اختلاف الرواة في العدد، والذي لم يكن مرادًا بذاته، وإنما المراد إثبات كثرة عدد النساء، وهذا متحققٌ بأي واحدة من تلك الروايات، ليتِّضح المغزى من القصّة، وقد اتضح تمامًا، مع اختلاف الروايات الواقع!!!
    وبناءً على هذا الجواب الثاني: يكون البخاري أخرج هذا الحديث مصحّحًا له، مع علمه باختلاف الرواة في العدد؛ لأن هذا الاختلاف لا يؤثّر في المعنى والمقصود الأكبر من الحديث.
    ولذلك فقد بَوّب البخاري للحديث مَرّة بـ (باب: من طلب الولد للجهاد)، ومَرّة في ذكر قصص سليمان في كتاب الأنبياء، ومَرّة تحت باب (كيف كانت يمينُ النبي –صلى الله عليه وسلم-)؛ لأنه ورد في الحديث قسمٌ للنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: "وايمُ الذي نفس محمدٍ بيده"، ومَرّةً بوّب له بـ (باب: الاستثناء في الأيمان) ومَرّةً تحت (باب: قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي)، وأخيرًا تحت (باب: في المشيئة والإرادة).
    فأنت تلاحظ أن هذه الأبواب كلّها، وهذه الفوائد جميعها لم تتأثر بالعدد، وأن البخاري لم يورد الحديث (ولا صدر الحديث أصلاً من النبي –صلى الله عليه وسلم-) لذكر عدد نساء سليمان عليه السلام!
    ويصح أن نلخّص هذا الجواب بأن نقول: إذا كانت رواي
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مجموع الردود على القرآنيين منكري السنة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.11.09 10:02

    رد على مقال الاسناد في الحديث للساقط احمد منصور

    دراسة تمهيدية :

    علم مصطلح الحديث خصيصة للمسلمين: لمّا جعل الله هذا الدين خاتمة الرسالات والأديان وتعهد بحفظه وصونه، اختص هذه الأمة بأن وفقها لحفظ كتاب ربها وصيانة حديث نبيها. ولقد سخر الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة من عظمائها من الصحابة والتابعين والعلماء من حفظ الحديث النبوي من الخلط أو الدس فيه أو الافتراء عليه، وبذلك تم حفظ الدين الإسلامي من التحريف والتبديل بحفظ مصدريه الرئيسين القرآن والسنة. فإذا بها تبتكر لحفظ الحديث قواعد المصطلح على أدق منهج علمي يمكن أن يوجد للاستثبات من النصوص المروية وتمحيصها.

    وعلم الحديث دراية هو من اقسام علم الحديث وهو علم بالقوانين التي يعرف بها أحوال السند والمتن. وفائدته: معرفة ما يقبل وما يردّ من الأحاديث . وغايته: حفظ الحديث النبوي من الخلط والدَّس والافتراء.ومعلوم أن السند هو سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث واحداً عن الآخر حتى يبلغوا به إلى قائله. قال ابن المبارك: الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد لذهب الدين ولقال من شاء ما شاء. وقد بذل المحدثون غاية الجهد في تتبع الأسانيد وتقصيها، حتى رحلوا من أجلها في البلاد، وجالوا في الآفاق، لكي يعثروا على سند، أو لكي يبحثوا في سند صعب عليهم أمره.

    كتابه الحديث: وهي من أهم وسائل حفظ المعلومات ونقلها للأجيال، وقد كانت أحد العوامل في حفظ الحديث.

    فكتابة الحديث مرت بمرحلتين: المرحلة الأولى: مرحلة جمع الحديث في صحف خاصة لا تتداول بين الناس، وهذه بدأت منذ عهده صلى الله عليه وسلم وبإذنه. المرحلة الثانية: الكتابة التي يتداولها الناس وهذه بدأت في القرن الثاني للهجرة. ثم جاء دور التصنيف الذي اتخذت فيه الكتابة طابع التبويب والترتيب في منتصف القرن الثاني ودونت فيه السنة وعلومها تدوينا كاملا.

    علوم السند:

    المراد بالسند: هو الطريق الموصلة إلى المتن -يعني رجال الحديث- وسموا بذلك لأنهم يسندون الحديث إلى مصدره. والبحث في السند دعامة أساسية في علوم الحديث، وفي التوصل إلى هدفه الأسمى والغرض المطلوب منه، وهو تمييز الحديث المقبول من المردود. لذلك عني المحدثون بتحقيق الأسانيد والبحث فيها، لما أنه كثيراً ما يتوصل عن طريق السند إلى نقد للمتن لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق البحث في السند.

    عدالة الصحابة.

    لقد اختص الله سبحانه وتعالى الصحابة رضي الله عنهم بخصيصة ليست لطبقة من الناس غير طبقتهم، فهم جميعهم عدول ثبتت عدالتهم بأقوى ما تثبت به عدالة أحد، فقد ثبتت بالكتاب والسنة: أما الكتاب فقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] وهذا ينطبق على الصحابة كلهم، لأنهم المخاطبون مباشرة بهذا النص. أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهباً ما بلغ أحدهم ولا نصيفه.

    عوامل حفظ الصحابة للحديث:

    1- صفاء أذهانهم وقوة قرائحهم. 2- قوة الدافع الديني، ذلك أن المسلمين أيقنوا أن لا سعادة لهم في الدنيا، ولا فوز في الآخرة، ولا سبيل للمجد والشرف، ولا إلى المكانة بين الأمم إلا بهذا الإسلام. 3- مكانة الحديث في الإسلام، في تكوين الصحابة الفكري وسلوكهم العلمي والخلقي. 4- الصحابة سيخلفون النبي في حمل الأمانة وتبليغ الرسالة، فكان يتّبع الوسائل التربوية في إلقاء الحديث عليهم، كي يجعلهم أهلاً لتَحمل المسؤولية، فكان من شمائله في توجيه الكلام: أ- أنه لم يكن يسرد الحديث سرداً متتابعاً، بل يتأنّى في إلقاء الكلام ليستقر في الأذهان. ب- أنه لم يكن يطيل الأحاديث. جـ- أنه صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يعيد الحديث لتعيه الصدور. 5- أسلوب الحديث النبوي، فقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم قوة حتى كان أفصح البشر مما جعل كلامه ذا قربة أدبية يتذوقه الصحابة ويحفظونه.

    أهم قوانين الرواية في عهد الصحابة:

    أولاً: تقليل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية الخطأ أو النسيان. ثانياً: التثبت في الرواية عند أخذها وعند أدائها. ثالثاً: نقد الروايات بعرضها على النصوص القطعية وقواعد الدين فإن خالفتها ردوها وتركوا العمل بها.

    مراتب الجرح والتعديل :

    مراتب الجرح والتعديل، اثنتا عشرة مرتبة : مراتب التعديل ستة, اولها الصحابة رضي الله عنهم. ومراتب الجرح ستة, كالضعيف والكذاب، أو الوضاع.

    الثقات والضعفاء:

    وهو من أجل علوم الحديث وأفخمها، فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه. ولقد لقي هذا العلم عناية أئمة الحديث في القديم والحديث، فصنفوا فيه التآليف الكثيرة.

    الحديث الصحيح: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط ضبطاً كاملاً عن العدل الضابط إلى منتهاه، وخلا من الشذوذ والعلة. فدلالة صحة الحديث وشروط الحديث المقبول ستة هي: اتصال السند، والعدالة، والضبط، وعدم الشذوذ وعدم العلة القادحة، وعدم وجود العاضد عند الاحتياج إليه. هذه تحقق أداء الحديث كما سمع من قائله.

    حكم الحديث الصحيح: أجمع العلماء من أهل الحديث ومَنْ يُعْتَدُ به من الفقهاء والأصوليين على أن الحديث الصحيح حجةْ يجب العمل به، قال أبو حنيفة رضي الله عنه: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وما جاء عن أصحابه فلا أتركه، وهذا قول كل علماء الامة رضي الله عنهم أجمعين.

    مصادر الحديث الصحيح

    1- الجامع الصحيح للبخاري: مؤلفه: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري.

    2- صحيح مسلم: مصنفه الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري. كان إماما جليلا مهابا، وكان غيوراً على السنة والذب عنها.

    الحديث المردود.

    الضعيف. وهو: ما قد شرطا من شروط الصحة. ومنه الحديث المعنعن الذي لم يحكم باتصاله. الضعيف:إذا فقد شرط اتصال السند, وفقد العدالة لفسق الراوي أو كذبه ، وفقد الضبط بسبب غفلة الراوي أو كثرة نسيانه أو خطأه في الحديث, او لعلة قادحة في الحديث. وإذا كان فيه شذوذ -أي مخالفة للثقات-.

    حكم الوضع " الكذب في الحديث": الوضع بأنواعه حرام بإجماع المسلمين.

    أحكام الموضوع: اتفق العلماء على أن الموضوع ساقط الاعتبار بكل اعتبار، لأنه كذب مختلق.

    حكم رواية الموضوع: تحرم روايته مع العلم بوضعه في أي معنى كان، سواء الأحكام والقصص والترغيب والترهيب، وغير ذلك، إلا أن يقرنه ببيان وضعه، لحديث مسلم: " من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".

    ما ورد من الطعن في بعض الأئمة:

    قد يرد على لسان بعض العلماء الطعن في بعض الأئمة، أو رواة الحديث الذين هم موطن ثقة وعدالة وحسن قبول، وذلك على وجوه وألوان مختلفة الأسباب. فهذه الطعون لا يلتفت إليها ما دام المطعون معروفاً بالعدالة والضبط، والصلاح والتقى. فمن ثبتت إمامته وعدالته، وكثر مادحوه ومزكوه، وندر جارحه، وكانت قرينة دالّة على سبب جرحه ، فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه، وإلا فلو فتحنا هذا الباب وأخذنا بتقديم الجرح على إطلاقه لما سلم لنا أحد من الأئمة، فنقول: لا يلتفتً إلى كلامهم في هؤلاء الأئمة المشهورين لان الجارح لهم كالآتي بخبر غريب، لو صحّ لتوفرت الدواعي على نقله، وكان القطع قائماً على كذبه. وقال ابن دقيق العيد في كتابه (الاقتراح): أعراض المسلمين حفرة من حفر النار. فائدة: لا بد للمزكي أن يكون عدلاً، عارفاً بأسباب الجرح والتعديل، وأن يكون منصفاً ناصحاً، لا أن يكون متعصباً ومعجباً بنفسه، فانه لا اعتداد بقول المتعصب.

    والحق أن الأقوال التي صدرت عن امثال هؤلاء في حق العلماء ، كلها صدرت من الجهل والتعصب، لا تستحق أن يلتفت إليها ولا ينطفي نور الله بأفواههم , فاحفظ واثبت. وسبب وقوعهم في هذا الأمر الفظيع أنهم سيئو الفهم، يسخدمون ظواهر الألفاظ واضعف النصوص، ولا يرومون فهم بواطن المعاني، فضلاً عن المعاني الدقيقة التي تعجز عنها أفهام المتوسطين، فالطعن الناشىء عن عصبية وخلافيات لا عبرة به ولا تأثير، كما وأن والطعن الناشىء عن الاختلاف في المفاهيم والمشارب السنية النبوية لا اعتبار به.

    قال ابن عباس رضي الله عنه :فوالذي نفسي بيده لهم أشدّ تغبراً من التيوس في زُروبها.

    قال الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله تعالى : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن رسول الله حق وما جاء به حق , وإن ما أدى إلينا ذلك كله الصحابة, وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى , وهم زنادقة .

    نصر حامد ابو زيد اتهم الامام الشافعي وقال انه اموي التوجه .... مع ان الشافعي ولد وعاش في العصر العباسي .

    وهذا اتهم علماء الحديث بانهم عباسيون . مع ان العلماء لا يخافون في الله وفي الحق لومة لائم .

    وهذان كذابان ومفتريان عينك عينك ,,, ويهاجمون الدين وعلماءه ويدعون انهم يفعلون ذلك لاجل الدين ..!!!!

    فعن أي دين يتحدثون ويدافعون ؟؟ لا شك انه غير الاسلام .


    أحمد صبحي منصور:

    التعريف بـ أحمد صبحي منصور :

    من هو أحمد صبحي منصور ؟؟ هو المدير السابق لرواق ابن خلدون والمستشار الإسلامي السابق لمركز ابن خلدون !!

    ما هو مركز ابن خلدون ؟؟ هو مركز اقامته المخابرات الاميركية في القاهرة , وتموله بالملايين , ليكون احد المراكز العربية اسما , والتي تدعو الى المشروع الاميركي لاصلاح دين الشرق الاوسط – مشروع الشرق الاوسط الكبير – الذي يريد تخريب الاسلام بدعوى اصلاح الاسلام واصلاح المسلمين، وذلك بالدعوة الى "عقيدة الكهنوت" التى يرفضها الإسلام . ويدعو الازهر الشريف الى مواجهة اعضاء هذا المركز بقوة لأنّ ما يفعلوه (وصمة عار ونكبة يجب أن يتداركها المجتمع والمسلمون) ويطالب بقوة ( بمنع هذه المهاترات ) و (ضرورة ايقاف مركز ابن خلدون لدورها التخريبي فى المجتمع المصري) وأنه ( يجب محاكمته). ويقول الأزهر " ان توصية المركز بتنقية التراث الديني ، لا سيما ما يتعلق بالحديث النبوي والسنة واعتماد النص القرآني مرجعية حاكمة وحيدة هى دعوة صريحة لإغفال مصدر رئيسي فى الاسلام وهو السنة النبوية " .

    وأما المدعو أحمد صبحي منصور فيقول أن

    : 1- القرآن مرجعية حاكمة وحيدة .

    2- يهاجم التراث والأحاديث والسنن .

    3- لا يعتبر السنة النبوية من مصادر التشريع فى الإسلام.

    ومقال أحمد صبحي منصور هو نسخة طبق الاصل عن تعليقه على هجوم الازهر على مركز ابن خلدون الاميركي – الصهيوني .

    أحمد صبحي منصور , هذا توأم المدعو جمال البنا في اقوالهما , وهو من اسوا من يهاجمون الاسلام , وهو يتخفى بتلبس الدعوة الى الاخذ بالقران فقط , وترك واهمال السنة النبوية ,التي هي المصدر الثاني للتشريع الاسلامي بعد القران الكريم مباشرة .

    ومن مرجعياتهم محمد عبده , الذي كان يسافر الى اوروبا كل سنة , ولم يفكر مرة بالسفر الى الحجاز لاداء فريضة الحج , وهو الذي طلب من قاسم امين كتابة كتابه تحرير المراة , بعد ان وضع له اسس الكتاب . ومن مرجعياتهم احمد امين الذي تعلم على يد المستشرقين وعاد ليهاجم السنة النبوية فى كتبه.

    هؤلاء يهاجمون الاسلام باعلان وشن هجومهم على السنة النبوية والاحاديث الشريفة , لان السنة مفسرة للقران وموضحة لمجمله ومبينة لاحكامه , فهم بذلك يريدون التقليل من المصادر التشريعية في الاسلام , فيقولوا : ان تلك الأحاديث ليست جزءا من دين الاسلام , حتى يعودوا ويقولوا : الاسلام دين ناقص , ولا يصلح لتحكيمه في امور البشر ..!! ليقولوا : ان القرآن الكريم هو المصدر الوحيد للتشريع فى الاسلام، فهل يعقل أن تظل مصادر التشريع فى الإسلام ناقصة , لازم نصلح الوضع ,, ولا يتم اصلاح الوضع الا باصلاح الاسلام , ولا يتم اصلاح الاسلام الا بتصليحه بمفاهيم الغرب , وهي الليبرالية " الحرية المطلقة ", والدمقراطية " وهي الغاء الاحكام الدينية ووضع الاحكام المدنية , وان الشعب بالبرلمان الذي يمثله هو الذي يضع هذه الاحكام , وليس الله ولا رسوله ".

    يقول هذا الكاتب المنسلخ عن هذه الامة : ان البخاري يحوي فى داخله أفظع الاتهامات للنبي عليه السلام ،ولدين الاسلام العظيم وتشريعاته ، وكل ذلك كنا قد أوضحناه فى كتاب لنا بعنوان "القرآن وكفى مصدرا للتشريع" أثبتنا فى الفصل الأول أن القرآن وحده هو المصدر التشريعي للإسلام وفى الفصل الثاني عرضنا أحاديث البخاري التي تطعن فى النبي وفى الاسلام وتشريعاته ، وقد أبى الناشر إلا أن يغير عنوان الكتاب فجعله "القرآن لماذا" وإلا أن يغير اسم المؤلف ، فجعل اسمه د. عبد الله الخليفة ، ومع ذلك فقد صودر الكتاب من المطابع سنة 1991. ويقول : ان عصرنا ، عصر الانترنت الذين يضعون المتاريس أمام حركة العقل والفكر ، ونذكر بأن مشروع اصلاح التعليم الديني فى مصر ، الذى بدأه مركز ابن خلدون وكان لى شرف وضع مناهجه الدينية وتزعم الأزهر الحملة ضده ، حتى أسقط سنة 1999 ، هذا المشروع هو الذى نبه العالم الى خطورة الفكر المتعصب وأصبح ذلك المشروع مطلبا عالميا وتمخض عنه رغبة العالم فى اصلاح الشرق الأوسط سياسيا ودينيا من الداخل ، وقام مركز ابن خلدون ببحث الاصلاح ، اصلاح المسلمين بالاسلام ومن الداخل وبعرض التراث على القرآن . وقبلها سنة 1982 فى خاتمة كتابي "السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة" تنبأت بأن الصدام سيحدث بين الشباب المتدين والسلطة المصرية إذا لم يتم تنقية التراث من تلك الأحاديث الكاذبة. وأنا الآن فى غربتي عن بلدي الحبيب مصري أخشى إننا إن لم نصلح أمرنا بأيدينا فسيأتي الدمار. " هذا بعكس الكتاب الذي كتبه رئيس وزراء الاردن سعد جمعه , والذي كتبه بعد اعتزال السلطة , وسمى كتابه القيم باسم " الله أو الدمار " . وهذا هو القول الحق : " الله أو الدمار " .

    في شهادة أحمد صبحي منصور , في الجلسة السابعة اثناء محاكمة سامي عمر الحصين في اميركا بتهمة الارهاب ,-- وقد برأته المحكمة من التهمة -- , وقال أحمد صبحي منصور الذي يعمل حاليا دكتور زائر في جامعة هارفرد في شهادته أن انتشار الإسلام قبل 1300 عام عن طريق القتال هو منشأ الاعتقاد السائد بين المسلمين أن اللجوء إلى العنف هو عمل مبرر لنشر الإسلام (!!). وجاءت هذه الشهادة لكي تدعم زعم الحكومة أن سامي كان متأثراً بمعتقدات إسلامية متشددة . وخلال استجواب فريق الدفاع لهذا الشاهد افاد بأن هذا التفسير الذي أورده في شرحه لانتشار الإسلام مخالف لمعتقدات المذاهب الإسلامية .. كما أقر أن هذا التفسير كان سبباً في فصله من الأزهر عام 1978 بعد محاكمته . وأن الأزهر قد صنّفه " معادياً للإسلام ". ويذكر أن منصور قد جاء إلى الولايات المتحدة عام 2001 تفادياً لإلقاء القبض عليه في مصر ومنح اللجوء السياسي عام 2002 , كما يتقاضى أجرأ مقداره 200$ في الساعة جراء تعاونه مع الحكومة ضد قضية سامي .

    فهذا الكاتب من جماعة القرانيين امثال جمال البنا الذين يقولون بالاخذ بالقران وحده واهمال السنة , ثم ان نجحت اقاويلهم هذه انتقلوا الى القول باهمال القران ." كما نلاحظ في اخر ما كتبه " . " مزيد من الشرح عنهم لاحقا"

    واما تهجمه على الصوفية وادعاؤه انهم يقولون الاحاديث النبوية بدون اسناد , والتخرصات الاخرى التي نسبها لهم ,فهو من حقده على بعضهم لانهم ردوا عليه وهاجموه بسبب ادعاءاته التي لا تصح الا عن غلاة المتصوفة , وقد رد على افتراءاته تلك , الشيخ محمد زكي إبراهيم شيخ الطريقة المحمدية الشاذلية وصاحب مجلة المسلم ، ورد عليه في كتاب عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان أول رد على ما نشره صبحي أحمد منصور ، ووصفه بالمارق وقد فصل من الأزهر بذلك الكتاب والتقرير الذي كتبه عنه الشيخ رحمه الله .

    واما دفاعه المستميت عن فرقة المعتزله , ومدحه للجاحظ المعتزلي , فذلك لان المعتزله تقول بالفكر الحر غير المقيد بالشريعة , ولذلك هو يدعو لاحياء هذا الفكر الذي مات الى الابد .

    وهذا كذاب ومفتري عينك عينك , ويهاجم الدين وعلماءه ويدعي انه يفعل ذلك لاجل الدين ..!!!!

    فعن أي دين يتحدثون ويدافعون ؟؟ لا شك انه غير الاسلام .

    والان دعني – عزيزي القارئ - ادخل في التفاصيل فيما يتعلق بما جاء في المقال : الاسناد فى الحديث أحمد صبحي منصور .


    فيبدأ بقصة الشاعر العتابى , مخالف " الاتيكيت" –كما يقول , فى عصر الخليفة المأمون , وان العتابى قال:"وهل اولئك ناس؟انهم بقر"."!!"

    القصة من مصدرها تقول : حدث عثمان الوراق قال : رأيت العتابي الشاعر العباسي يأكل خبزاً على الطريق بباب الشام فقلت له : ويحك ، أما تستحي ؟ فقال لي : أرأيت لو كنا في دار فيها بقر ، كنت تستحي أن تأكل وهي تراك ؟ فقال : لا . قال : فإصبر حتى أعلمك أنهم بقر . فقام فوعظ وقص ودعا ، حتى كثر الزحام عليه ، ثم قال لهم : روي لنا غير واحد ، أنه من بلغ لسانه أرنبة أنفه لم يدخل النار . فما بقي واحد إلا وأخرج لسانه يومئ به نحو أرنبة أنفه ويقدره حتى يبلغ أم لا ، فلما تفرقوا ، قال لي العتابي: ألم أخبرك أنهم بقر ؟!!

    فلنر كيف جاءت هذه القصة بنص هذا الكاتب ؟
    ( قال : ثم صعد الى الربوة ونادى فى الناس"يا قوم هلموا أحدثكم عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم )، ،واقبل يحدثهم يقول:روى فلان عن فلان عن فلان ان رسول الله.(صلى الله عليه وسلم)قال.وظل يخرج من حديث الى أخر وقد تعلقت به العقول والقلوب والعيون،وسيطر على المستمعين ، ،الى أن قال لهم ...وروى غير واحد(اى أكثر من واحد)أنه صلى الله عليه وسلم قال :اذا بلغ لسان احدكم ارنبة انفه دخل الجنة))وسكت... فاذا بكل واحد من المستمعين يخرج لسانه يحاول ان يصل به الى ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍانفه،واصبح منظرهم جميعا مضحكا،فالتفت العتابى الى صديقه ساخرا وقال:ألم اقل لك انهم بقر؟ )

    اذن , هو تلاعب في النص , وهو عنده شيء غير مهم , ولا ينافي المروءة ولا المنهجية العلمية .

    فتعالوا لنتعرف على حقيقة الشاعر العتابي :

    اسمه كلثوم بن عمرو بن أيوب العتابي التغلبي والعتابي نسبة إلى جده الأعلى مالك بن عتاب... من تغلب أبو عمرو , الشاعر العباسي المشهور الأديب والكاتب البليغ، له براعة في الأسلوب ونظم الكلام. كان أصله من قنسرين وقدم بغداد وأقام بها وصحب البرامكة ثم طاهر ابن الحسين وكان منقطعًا إلى البرامكة ووصفوه للرشيد فقربه وأعلى منزلته ومدح الرشيد ثم أولاده الخلفاء من بعده وكان يتزهد ويلبس الصوف‏.‏ واشتهر في رسائله بحسن الاعتذار . من تصانيفه: كتاب المنطق، كتاب الآداب، كتاب فنون الحكم، كتاب الألفاظ، كتاب الخيل، وغيرهم. توفي عام 202 هـ رحمه الله‏ .

    ذكر أن الخليفة العباسي المأمون قد جمع بين كلثوم بن عمرو العتابي وابن فروة النصراني وقال لهما : تكلما وأوجزا ، فقال العتابي لابن فروة : ما تقول في عيسى المسيح ؟

    قال ابن فروة: أقول أنه من الله .

    قال العتابي: صدقت ولكن ؛ (من) تقع على أربع جهات لا خامس لها:

    1. من كالبعض من الكل على سبيل التجزيء.
    2. أو كالوليد من الوالد على سبيل التناسل .
    3. أو كالخل من الخمر على سبيل الاستحالة( التحول)
    4. أو كالصنعة من الصانع على سبيل الخلق من الخالق . أم عندك شيء تذكره غير ذلك ؟

    قال ابن فروة : لا بد أن تكون هذه الوجوه ، فما أنت تجيبني إن تقلدت مقالةً منها ؟

    قال العتابي: إن قلت على سبيل التجزيء كفرت ، وإن قلت على سبيل التناسل كفرت ، وإن قلت على سبيل الفعل كالصنعة من الصانع (المخلوق من الخالق)فقد أصبت .

    فقال ابن فروة : فما تركت لي قولا أقوله ..وانقطع.

    "انظر عيون المناظرات ص248، وانظر الحوار الإسلامي المسيحي .بسام داوود العجك .ص175-176."

    ويقول العتابي في شعره :
    حتى متى أنا في حلٍ وترحالِ وطول شُغلٍ بإدبارٍ وإقبال

    ونازح الدار ما انفك مغترباً عن الأحبة ما يدرون ما حلي

    بمشرق الأرض طوراً ثم مغربها لا يخطر الموت من حِرصٍ على بالي

    ولو قنعتُ أتاني الرزق في دعةٍ إن القنوع الغنى لا كثرةُ المالِ

    من اقوال العتابي- رحمه الله- : " من قرض شعرا أو وضع كتابا فقد استهدف للخصوم ، واستشرف للألسن ، إلا من نظر فيه بعين العدل وحكم فيه بغير الهوى "

    هذا هو العتابى الذي ينسب له الكاتب هذه القصة !

    وبمثل ما اخذ هذا الكاتب , اخذ واحد مثله يتكلم عن ثقافة العنف والإرهاب الديني في مسرحية ديوان البقر"!" , يعتمد على واقعة أوردها الأصفهاني في كتاب الأغاني مؤداها أن "العتابي" نهره صاحبه عثمان الوراق عندما أكل الخبز في الطريق وأنّبه "ويحك أما تستحي أرأيت لو كنا في دار فيه بقر كنت تستحي وتحتشم أن تأكل وهي تراك ، فقال له : لا.. عندئذ قام العتابي ووعظ وقص حتى كثر الزحام عليه فقال لهم : روي لنا عن غير واحد انه من بلغ لسانه أرنبة انفه لم يدخل النار فما بقي أحد إلا واخرج لسانه يومئ به نحو أرنبة انفه ويقدر حتى يبلغها أم لا ، فلما تفرقوا قال العتابي ألم أخبرك بأنهم بقر . ويقول معلقا : ومن هذه الحكاية كتب محمد أبو العلا السلاموني نصه الذي يقدم الصراعات والتحالفات من اجل المصالح على حساب الشعب الذي أصابه داء "البقرنة" فجماعات التطرف والتخلف والجهالة ، تحاول الآن أن تلغي عقولنا وتغسل رؤوسنا وتجعل منا قطعانا من أبقار تتدلى ألسنتها لتلعق أنوفها اتقاء لنار جهنم وعذاب القبر. ا.هـ.

    اذن , هم يستقون من نفس المنهل العفن , ومرجعهم ليس كتب الحديث او التاريخ , بل كتاب الاغاني ,والذي يحذر منه كل العلماء ويذمونه , ولا يعتمدون على ما فيه , بسبب ما ينتحل فيه من اخبار وروايات , وبدون ذكر سند صحيح لها ,ولذلك وطبيعي ان يهاجم الكاتب , الاسناد , لان الاسناد يمنعه من نسب الاقوال والاخبار بدون ذكر دليلها وسندها , فيكون التمرير لما يريده اسهل .. فحتى هذه القصة المختلقة لم تسلم من تدليس وتلفيق الكاتب , حتى في نصها .هذا ديدنهم , فلا عجب ان يصدر ذلك منهم .

    اما كاتب هذا المقال فيعلق على هذه القصة بعد ان نقلها , فيقول :
    (ما الذى جعل عقول أولئك الناس تغيب حتى تتدلى السنتهم وهم سكارى غائبون عن الوعى؟ انه التصديق، التصديق والايمان بأن مايقوله العتابى قد قاله النبى(صلى الله عليه وسلم) فعلا. وما الذى جعلهم يؤمنون ويصدقون بأن النبى (صلى الله عليه وسلم)قد قال ذلك الكلام...انه الاسناد اى اسناد أو نسب ذلك الكلام للنبى(صلى الله عليه وسلم)عبر العنعنة،اى قال حدثنى فلان عن فلان عن فلان...الخ..ان النبى (صلى الله عليه وسلم)قال.وهذا معنى الاسناد ،وهذه هى خطورته على العقل.)

    لكن القصة , كما رويت في مصدرها , لم تقل بان الشاعر نسب ما يقوله الى النبي صلى الله عليه وسلم , بل قالت انه قال : روي لنا عن غير واحد , فهذا التلاعب مقصود ليعلق عليه وعلى الاسناد بما شاء من القول المأفوك , ويظن لجهله , ان لا رقيب عليه , لا من الله ولا من الملائكة ولا من البشر , ويظن لجهله , ان لا احد يعقب على كلماته ..

    ثم يقول بعنوان : تغييب العقل : ( استحضر عقلك ولا تعطه اجازة، ذلك الحديث المنسوب كذبا للنبى عليه الصلاة والسلام.. يؤكد على ان كل من بنى لله مسجدا بنى الله تعالى له قصرا فى الجنة، مهما كان الشخص مؤمنا او كافرا،ومهما كان مصدر المال طيبا او خبيثا، وان كل مختلس وظالم وناهب لأموال الناس يستطيع اذا بنى ببعض أمواله الحرام مسجدا ان يدخل الجنة. )

    انا اقول : سبحان الله , هل تظن انك تخاطب بلهاء ومجانين ؟! فان صاحب العقل الحاضر والذهنية المستنيرة , وقليل من العلم الشرعي , يعرف الحق والحقيقة في هذه المسألة , فيعرف ان من شروط ذلك ان يكون الباني للمسجد مسلما مؤمنا , وان يكون مصدر المال من الحلال , وان الله طيب لا يقبل الا طيبا , وان مختلس وظالم وناهب لأموال الناس سيحاسب حسابا عسيرا , ولو بنى فوق الارض كلها مساجدا , ولو فرش كل مساجد الارض سجادا عجميا .

    فكيف يأوّل هؤلاء النص , ويحذفون معانيه المتعلقة به , ولماذا يفعلون ذلك ؟؟

    ان هذا استهتار بانفسهم , لا بغيرهم من الذين يدعون ان عقولهم غائبة او مغيبة .

    اما ذكره عن مساحة المسجد.. فيقول : (اى من بنى لله مسجدا ولو كانت مساحته5 سم2 بنى الله له قصرا فى الجنة حتى لو كان من مال حرام،مهما كانت شخصية ذلك المتبرع ،وحتى اذا كان ذلك المسجد لا يستطيع دخوله الا النمل والصراصير الوليدة. )

    فهل يعقل ان يتكلم من يدعي وجود عقله بمثل هذا الكلام؟!! "" الا انهم هم السفهاء .. ولكن لا يشعرون "".

    اما جزاء من بنى لله مسجدا ,فهو ان الله يبني له بيتا في الجنة " لا قصرا ". وضمن الشروط السالف ذكرها .

    وهذا الذي تذكره الكتب من الاحاديث الصحيحة , وباللفظ المحدد :

    عن أبى أُمامه ( رضى الله عنه) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) " أنا زعيم بيت في ربض الجنه لمن ترك المراء وإن كان مُحقا وبيت في وسط الجنه لمن ترك الكذب ولو كان مازحا ، وبيت في أعلى الجنه لمن حسن خُلقه " صححه الألبانى

    وفي مسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم وسنن الترمذي وابن ماجه عن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله , بنى الله له بيتا في الجنة، رواه البخاري , وفي رواية من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله , بنى له مثله في الجنة، رواه مسلم.

    عن معاذ بن أنس الجهنى ( رضى الله عنه) .عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ ( قل هو الله أحد ) حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة , فقال عمر( رضى الله عنه) : إذن نستكثر قصورا يارسول الله ؟ فقال " الله أكثر وأطيب " رواه أحمد وصححه الألبانى .

    وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن ابي داوود وسنن النسائي وابن ماجه عن أم حبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعا، بنى الله له بيتا في الجنة .

    قال تعالى : والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنُبوئنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين ( 58 سورة العنكبوت .

    هذا هو الكرم الالهي , وهذا هو سبيل الفوز بالجنة ونيل الغرف والبيوت والقصور فيها . ولذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على إعمار المساجد . وقد نهى الإسلام عن تخريب المساجد إما بهدمها وإما بإغلاقها حتى لا تقام فيها الشعائر، وإما بإهمال نظافتها قال تعالى: “ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها” البقرة: 114. والتخريب للمساجد بمعنييه المادي والأدبي أشار إليه القرطبي في تفسيره فقال: خراب المساجد قد يكون حقيقيا كتخريب النصارى بيت المقدس، ويكون مجازا كمنع الكفار والمشركين للمسلمين عن المسجد. وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وعن إظهار شعائر الإسلام فيها خراب لها.

    واضيف فاقول : يقول الحديث الصحيح : من كسا مسلما على عري كساه الله من حلل الجنة ومن سقى مسلما على ظمإ سقاه الله من الرحيق ومن هذا الباب قوله عليه السلام : من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله , بنى الله له مثله في الجنة , لم يرد مثله في كونه مسجدا ، ولا في صفته ولكن قابل البنيان بالبنيان أي كما بنى يبنى له كما قابل الكسوة بالكسوة والسقيا بالسقيا ، فهاهنا وقعت المماثلة لا في ذات المبني أو المكسو ، فمن هاهنا اقتضت الفصاحة أن يعبر لها عما بشرت به بلفظ البيت .

    اما الحديث الذي اورده الكاتب ,ليستند اليه ويعلق ويعقب كما يشاء , فقد قال فيه العلماء ما يلي :

    والحديث الذي رواه أحمد في مسنده, بلفظ عام , هو ليس من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم , وانما من حديث عثمان وبدون قوله ولو مثل مفحص القطاة .

    ولقد غمرنى العجب والحيرة عندما قرات لكاتب هذا المقال في مجلة اللواء الاسلامي , فقال في هذا الحديث ومعناه ما يغاير قوله هنا , فقد قال : إن النظرة الدنيوية القاصرة دفعت بعض ضعاف النفوس إلى استغلال الغاية النبيلة التى ترمى إليها الدولة منضم الإشراف على المساجد الأهلية إلى إحدى وزاراتها ، في تحقيق مآرب مادية عاجلة ،وهى تتنافى مع المقصد من رفع بيوت الله في الأرض ،ويتناسى هؤلاء قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :هذا القول يفيد أن القصد من بناء المسجد أن يكون لله : من بنى لله مسجدا, بنى الله له قصرا في الجنة وحده ،دون أن يشاركه في ذلك غيره ،فيجب على من يقوم بالبناء أن يخلص النية فيه لله تعالى ، والمقابل لذلك ليس دراهم معدودة أو سمعة مؤقتة أو رياء محبطا للعمل ،ولكنه جنة عرضها السموات والأرض ،ورضاء من الرحمن الرحيم ،والعاقل هو الذى يختار لنفسه التجارة الرابحة مع الله تعالى ،ويؤثر الباقية على الفانية . فهو اعتمد هذا الحديث هناك , وهنا استنكره , ولا اعرف ما الذي يجعله يتكام عن حديث واحد برايين متناقضين ؟؟!!

    فهل يريد الكاتب ان نبني الملاهي والمراقص بدل بناء المساجد ؟؟ فهذا ما فهمته من كلامه لاحقا , وساذكر ذلك في موضعه .

    ثم ينتقل الكاتب بنا الى بيان ما يهدف اليه من انتقاء هذا الخبر الموضوع والمكذوب , فيقول :
    (ولكن ذلك الحديث تم اسناده .. للنبى عليه الصلاة والسلام، ...وآمن الناس بصحة ذلك الاسناد .ومن هنا فان ذلك الحديث الكاذب هو المسئول عن اقامة38 الف مسجد وزاوية فى القاهرة الكبرى ،وكلها تنشر ثقافة التطرف ... توجهت لبناء مساجد ايديولوجية ،تزيد عن حاجة المسلمين الذين يستطيعون الصلاة فى كل مكان .. بدلا ان تتوجه لبناء مساكن للشباب والعائلات التى تسكن المقابر.. بحيث ضاعت احلام الشباب فى الزواج واصبحت العنوسة ازمة مستفحلة .. لان أموال الصدقات استنفذها ارباب الصحوة السلفية فى بناء عشرات الالوف من المنابر التى تؤسس لدولتهم القادمة!ومن دعائم تلك الدولة ثقافة التراث للعصور الوسطى،تلك الثقافة التى أصبحت مقدسة عبر الاسناد...مهما خالفت العقل والاسلام . )

    وانا بدوري اساله : ازمة السكن من الملزم بها .. الحكومة التي لا يتطرق اليها والتي تحصل على الملايين من اموال الشعب كضريبة بكافة انواعها " كضريبة الدخل او الشراء .." ام الشعب الذي يحمله الكاتب المسؤولية , مع انه يدفع الضريبة التي هي حرام شرعا ؟

    وثانيا : الا يسمع الكاتب بحملات الخير والصدقات الشعبية الواسعة؟ والا يسمع بوجوب الزكاة وصرفها على اوجه الصرف الثمانية كما يجب , والا يسمع بوجوب صدقة الفطر التي يلتزم بها كل مسلم , وتوزع على فقراء المسلمين ..

    اذن هل اقول ان الكاتب لا يريد ان يرى مساجد في كل حي , بل يريد العمارات والملاهي والمنتزهات بجانبها , لا المساجد ؟؟!

    ثم ما الذي يضير او يمنع المسلمين من تاسيس دولتهم على ثقافة العصور الوسطى , ما دامت هذه الثقافة تناسب العصور الحالية ؟! وما دامت هذه الثقافة مستندة الى دين الله القويم وتعاليمه العادلة والمثالية ؟!

    هذه الثقافة التي تهاجمها وتدعي انها أصبحت مقدسة عبر الاسناد... هي عقيدة وفكر الامة الاسلامية على مدى الدهور والازمان , وستظل كذلك , والا فالدمار يحيق بالدولة والامة , وهذا ما نلاحظه الان بعد استبعاد احكام الدين عن تسيير امور الدولة , وصارت قوانين الغرب هي التي تتحكم في شؤون حياة المسلمين .

    ولا عزة للمسلمين ,ولا تقدم ولا تنمية , بل ولا بقاء حياتي ولا حضاري , الا باتباع احكام هذا الدين .

    يتابع فيقول : ا
    (لاسناد اوجد خصومة مستحكمة بين المسلمين والتعقل، بحيث يكفى ان يصعد اى محتال ليقول((قال رسول الله)) فيسارع الناس بتصديقه ويمتثلون لما يقول دون اى تفكير، فى كل زمان ومكان انت محاصر بالاسناد.)

    لقد توضح لنا الان اكثر سبب هذا الهجوم الافترائي على الاسناد , فهو لانه المانع لكم من التلاعب في الالفاظ والنصوص , بقصد تحويرها وقلب او الغاء مفاهيمها , فانه اذا زال هذا المانع , او اهتز الايمان بضرورة وجوده للتحقق من الاخبار والروايات , صار الباب , بل صار الحصن الاسلامي , مفتوحا لكل من يريد , ليقول ما يريد بما تهواه الانفس المريضة والمنقادة الى التغريب الفكري والسياسي والفقهي والتشريعي والاقتصادي والاجتماعي ...

    ثم يقول محاولا تسديد اصابته التائهة , وتشديد هجومه اليائس : تحت عنوان : الاسناد قضية علمية : (ويذكر قصة , لا نعلم بالطبع مدى صدقها , فيقول بعدها : هذا هو الفرق بين القرآن وأحاديث التراث . فالقرآن قائم على اساس الايمان ،اما الحديث المنسوب للنبى فهو قائم على الشك .ولعلاج هذا الشك اخترعوا الاسناد لإثبات أن النبي قال ذلك الحديث ، اذا كان الاسناد صحيحا ، أو اذا كان الإسناد ضعيفا .)

    طبعا , هو بذلك , يبدا الطعن بالتشكيك في الاحاديث وصحتها وصحة طريق وصولها الينا , ويقارن بينها وبين القران , لزيادة التشكيك بها , وبالتالي العمل على هدم هذا الصرح العلمي والتشريعي الكبير والواسع , وكأنه لا يعلم ان التواتر شرط للعلم اليقيني , وان خبر الاحاد شرط للعلم , ومتى ثبتت صحة السند , كان العمل بما جاء فيس المتن والنص واجبا , ياثم تاركه فعلا , ولا تنفع معه هذه التبريرات اللا شرعية واللا عقلية .

    فهو يقول : {وفى عصرنا لم يعد أحد يهتم اذا كان الإسناد صحيحا او ضعيفا ، فيكفى أن يقال قال رسول الله (ليصدق الناس فورا أن النبي قال فعلا هذا الكلام)} .

    فقوله هذا ايضا ظاهر البطلان , لان من شروط قبول الحديث , وجود السند الصحيح المتصل والمرفوع من الثقات العدول الحافظين الى الرسول صلى الله عليه وسلم , وما ينسب الى الرسول كذبا , لا يؤخذ به .

    انا ساقول هذا الحديث الموضوع : عليكم بالهريسة فإنها تنشط للعبادة أربعين يوما ، وهي المائدة التي أنزلت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) وإن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شكا إلى ربه وجع الظهر ، فأمره بأكل الهريسة .

    فهل تظن ان مثل هذا الكلام يقبله المسلمون حتى ولو كان الإسناد ضعيفا ، كما تدعي - .. بالله عليك , لا تجعلني اضحك , فاعترف واستنكر ما تدعيه وقل باعلى صوتك ..لا , لا يمكن .

    ثم يقول تاكيدا لكلامه السابق : (الإسناد يؤكد الحديث مثل جدار يريد ان ينقض ويقع فيقوم (الاسناد) باسناده حتى لايسقط ولا ينهار. )

    وهذا الكلام منه يقال له : البهتان , أي الذي لا أي صحة فيه , فمعنى كلامه انه تم وضع الاحاديث المكذوبة ثم اختلقوا لها اسنادا – يعني أي كلام يا عبد السلام – لاسناده ولتمريره حتى لايسقط ولا ينهار.

    ونسي هذا الامعة , ان هناك علما ومنهجا كاملا شاملا يتعلق بالسنة النبوية , لا تجده عند أي قوم من الاقوام , وربما اتطرق الى ذلك لاحقا .

    ثم عاد للهجوم على البخاري ومسلم – رحمهما الله – فقال :
    (اختلف علماء الجرح والتعديل فى مدح راو او تجريحه، وفى اثبات حديث ما او نفيه،فالامام مسلم فى صحيحه لم يكتف بما قاله البخارى استاذه ولم يأخذ بكل أحاديثه ولم يترك ما تركه البخارى من احاديث ،فجاء صحيح مسلم مختلفا عن صحيح البخارى ، ثم جاء الحاكم فأستدرك على البخارى ومسلم ، اذ هى امور ظنية بحثية انسانية وليست امور العقيدة والدين . )

    فهل تروني ايها القراء بحاجة الى اظهار بطلان هذا الكلام الاهوج ؟! لا اظن ذلك . اذن , فلنكمل ما يقوله في كلامه.

    يقول : (اما القرآن فهو محل الايمان والتصديق لكل مسلم، فالقرآن اتى من الله تعالى طريقا مستقيما لنتبعه وحده ،ولا نتبع الطريق والسبل الاخرى حتى لا نقع فى الاختلاف ، وفى هذه الاية الكريمة تأكيد على أن القرآن هو المصدر الوحيد للاسلام، فالطريق المستقيم لايكون الا واحدا وحيدا، وحيث أن الخط المستقيم لا يتعدد فهو أقصر الطرق التى توصل بين نقطتين . اما الطرق الاخرى فتقوم على الاختلاف والظن والريب .)

    فكما قلنا :" هذا من حماعة القرانيين منكري السنه امثال جمال البنا الذين يقولون بالاخذ بالقران وحده واهمال السنة , ثم ان نجحت اقاويلهم هذه انتقلوا الى القول بإهمال القران .

    لقد أثار بعض الناس أن السنة ليست مصدراً للتشريع ، وسموا أنفسهم بالقرآنيين ، وقالوا : إن أمامنا القرآن ، نحل حلاله ، ونحرم حرامه ، والسنة كما يزعمون قد دس فيها أحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هؤلاء امتداد لقوم آخرين نبأنا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و قال فيهم الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم ): فيما رواه أحمد وأبو داود والحاكم بسند صحيح عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ) الفتح الكبير 3/438 ورواه الترمذي باختلاف في اللفظ ، وقال : حسن صحيح ( سنن الترمذي بشرح ابن العربي ط الصاوي 10/132) وهؤلاء ليسوا بقرآنيين ، لأن القرآن أوجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يقرب من مائة آية ، واعتبر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله عز وجل ( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً ) سورة النساء/80 ، بل إن القرآن الكريم الذي تدعون التمسك به نفى الإيمان عمن رفض طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقبل حكمه : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) سورة النساء /65 .

    وقولهم : إن السنة قد دست فيها أحاديث موضوعة مردود بأن علماء هذه الأمة قد عنوا أشد العناية بتنقية السنة من كل دخيل ، واعتبروا الشك في صدق راو من الرواة أو احتمال سهوه رداً للحديث . وقد شهد أعداء هذه الأمة بأنه ليست هناك أمة عنيت بالسند وبتنقيح الأخبار ولا سيما المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كهذه الأمة . ويكفي لوجوب العمل بالحديث معرفة صحّته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكتفي بإبلاغ دعوته بإرسال واحد من الصحابة مما يدل على أن خبر الواحد الثقة يجب العمل به . ثم نسأل هؤلاء أين هي الآيات التي تدل على كيفية الصلاة ، وعلى أن الصلوات المفروضة خمس ، وعلى أنصبة الزكاة ، وعلى تفاصيل أعمال الحج ، وغير ذلك من الأحكام التي لا يمكن معرفتها إلا بالسنة . الموسوعة الفقهية 1/44

    "العصرانيون" وخطرهم على الاسلام .صورة لمسيلمة : ضلالة جديدة قديمة : ان مصطلح العصرنة المترجم من مصطلح " MODERNISM " هو ضلالة جديدة قديمة , وقارض من القوارض التي تحاول النخر في جسد هذا الدين , الذي هو باق بإذن الله ووعده , بعز عزيز أو بذل ذليل.
    العصرانيون , والذين تشكلوا في أشكال عدة , كان من أسباب ظهورهم وانتشارهم , موافقة اتجاههم ونشاطاتهم , لمخططات الغرب الحاقد , والذي أدرك منذ زمن بعيد , أن الطريقة الناجعة لاضعاف هذا الدين , هو حربه في عقيدته وخلخلته قبل حربه بالسلاح.
    سأورد بعض الأسماء التي ظهر بها هذا التيار الهدام , في الوطن العربي : العصرانيون العقلانيون الجدد القرآنيون " مع شيء من الاختلاف" : هناك رموز مشهورة لقادة هذا الفكر, في الوطن العربي , و من أبرزهم أحمد كمال أبو المجد وحسن الترابي وعبد الله العلايلي وأحمد أمين وحسين أحمد أمين وعلي عبد الرازق، وحسن حنفي , وماهر حتحوت, وأمين الخولي ، ووحيد الدين خان, وفهمي هويدي , وعبد الحميد متولي , وعبد العزيز كامل, وجمال البنا, ومن هؤلاء الحي ومنهم الميت. لعلي أضيف د.محمد شحرور لهم , مع أنه يختلف عنهم في شيء من المبادئ وليس بأقل شر منهم.
    وهذا التيار الضال , أصاب كثيراً من المفكرين في مقتل , وغُرر بالكثير لانتهاجه , وهو فتنة لا محالة , بالاضافة الى كونه مؤامرة فكرية موجهة. هذا التيار , هدفه تقديم العقل وتعديه على أي مصدر "للتشريع" وتسخير أي تشريع اذاً لهذا العقل للحكم عليه برده أو قبوله , أو بمعنى اخر وجوب تقديم العقل على النقل إذا تعارضا , " وهو مذهب المعتزلة المقبور " وما يتبع ذلك من القدح في السنة المطهرة , او القدح في رواتها او طريقة تدوينها ووقته , أو اعتماد القران وركن السنة , وأقوالهم في اية الحجاب على نساء النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهن, وتمييعهم للحدود الشرعية , أو بتعطيل تفسير علماء المسلمين الاوائل لنصوص التشريع , و من ثم يهربون الى تفسيرات رموزهم فكيف يحكمون . قد لا يكن كل هؤلاء , يأخذون بكل الأمور التي ذكرتها في البداية من معتقداتهم , كما انك قد تجد أعاجيب جديدة , لدى بعضهم. هذا الفكر وافق هوى اخر لدي بعض تابعيه , اذ ينادي بخدعة "تجديد" الدين و "تحديثه" ليصبح "صالحاً" مواكبا للحاضر –زعموا- وموافقاً لحضارة الغرب في تعاليمه , ومن ذلك تسفيههم للرواية , وتمجيدهم لمعطيات العقل في التشريع .

    ويقول : ( الاسناد يناقض المنهج العلمى : البخارى مثلا عاش فى القرن الثالث عشر الهجرى "؟!" ومات سنة 256 هـ . فكيف يستقيم فى المنهج العلمى أن تتداول ستة اجيال كلمة ما منسوبة للنبى عبر الروايات الشفهية ؟ ولنأخذ على ذلك مثلا من أحاديث البخارى ...ونناقشه من حيث الاسناد والمتن والموضوع. ونختار اهونها على عقلية القارئ التى عاشت على تقديس البخارى بسبب اسناد احاديثه للنبى (صلى الله عليه وسلم ). تحت عنوان ((باب مباشرة الحائض))اورد البخارى احاديث تؤكد ان النبى عليه السلام كان يباشر نساءه جنسيا اثناء المحيض ، وقد ذكر ان الذى حدثه بهذا الحديث على بن مسهر الذى لم يره البخارى ، ويستحيل عقلا بالمنهج العلمى اثبات صدقهم بمئات الالوف من الاحاديث اسندوها للنبى (صلى الله عليه وسلم )بعد موته بقرون ؟ وتبارى العلماء فى بداية عصر المأمون فى تسجيل اسماء رواة كيفما اتفق . )

    كيفما اتفق !؟ شوربة او سلطة خضار يعني ..ام طبخة !؟ انا اقول : "" هذا لا يمكن ان يحدث فيما يخص الدين , وخاصة اقوال النبي , فالحرص واجب فيها والا انطبق عليه الحديث : من كذب علي ...الخ ""

    ثم قال : ... (ورأى بعضهم ان الحديث المتواتر ثلاثة فقط ،وارتفع بعضهم بالاحاديث المتواترة الى خمسة او سبعة .)

    ولكن الحقيقة ما يلي : ان الاحاديث المتواترة هي 1310 حديثا , وقد صنفت الكتب فيها وفي شرحها "" انظر باب الأحاديث المتواترة في موقع : http://hadith.al-islam.com /

    ثم قال : (وقسموا كل الاحاديث الى درجات من حيث الصحة من حسن وغريب وضعيف الخ ...وهو بلاشك تقسيم مضحك.)

    طبعا هو لا يفهم المغزى من ذلك التقسيم .. واثره على التصديق بالحديث والعمل به . وهذا يحتاج الى شرح علوم الحديث , وقد اتطرق الى ذلك لاحقا . والا فيمكن قراءة أي كتاب يتحدث عن هذا العلم المنهجي الخاص بالمسلمين كي يحافظوا على احاديث الرسول من الاهمال او من ادخال ما ليس منها فيها .

    ثم قال :( الاسناد يناقض المنهج القرآنى : ليس فى الاسلام حديث الا حديث الله تعالى فى القرآن.أما تلك الاحاديث التراثية واسفارها فلا اول لها ولا اخر .وهى تتناقض. ان الاسناد اتهام للنبى (صلى الله عليه وسلم )بأنه فرط فى تبليغ الرسالة. وتروى الاسانيد والاحاديث نفسها نهى النبى (صلى الله عليه وسلم) عن كتابة اى شئ غير القرآن ، الى ان جاءت الدولة العباسية فتم تدوين احاديث نسبوها للنبى(صلى الله عليه وسلم) عبر ذلك الاسناد ، فاعطى لها قدسية وحصنها من النقد والنقاش فعاشت حتى الان بيننا تنشر بيننا التطرف والتخلف وكل مايسئ للاسلام العظيم. )

    اقول : هذا كلام حشوي , ومن يقرا تاريخ وعلوم الحديث , يرى كذب كل هذه الادعاءات والافتراءات .

    ثم يصل الى النتيجة التي لاجلها ولاجل المنصب ولخاطر عيون واموال الكفار والتغريبيين .. فيقول :
    (وعليه فان الخروج من هذا المأزق يحتم الغاء ذلك الاسناد،اى قطع الصلة بين تلك الاحاديث والنبى عليه السلام "!!" رحمة بالاسلام "!!" وتماشيا مع المنطق والمنهج العقلى والعلمى ثم نبحثها تراثا معدوم التقديس "!"، كأى تراث بشرى ، والا كنا فى عداد اعداء النبى.)

    وهذا من الكاتب يعني انه يقول : اهمل كلام النبي وانقده كأى تراث بشرى ، والا كنت فى عداد اعداء النبى !!
    ثم قال : الاسناد يناقض مفهوم الشهادة القانونية ،وبالتالى فانه من الظلم للاسلام ان تقوم تشريعاته ـوهى اصل القوانين ـ على شهادات زائفة مشكوك فى صدقها ؟

    سؤالي هنا : " فكيف انت تشهد بان لا اله الا الله محمد رسول الله ؟؟!! هنا الشهادة بالعقل , وهناك الشهادة بالتقوى – وكلتا الشهادتين مقبولتان , لان لهما سند ودليل من الغقل والشرع . ""

    ثم يقول : (إن سنة النبى هى فى تطبيق القرآن وفق ظروف عصره . )

    ولا اعرف من الذي سمح له بهذه الاضافة المغلوطة حين قال : " وفق ظروف عصره " فهذه الاضافة فيها كفر صريح بان القران لا يناسب الا عصر الرسول وانه لا يناسب كل العصور .... الا اذا تم تاويله وتحويره وقلب معانيه لتكون وفق ظروف كل عصر .. هل هذا كلام يصدر عن شخص يدعي انه يحمل عقلا مفكرا وشخصية مستقلة عن اراء التغريبيين ..؟؟

    يقول :
    ( موضوعات المسند ،وهى:
    {( 1 ) الغيبيات : عن الماضى والمستقبل والاخرة والشفاعة.وقال وكلها اكاذيب لان النبى عليه السلام لا يعلم الغيب ، والشفاعة لله وحده.)}

    انا اقول له : ونحن نتمسك بط

      الوقت/التاريخ الآن هو 06.05.24 13:35