خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:59

    وتعاونها في هذا الإطار الذي نحسبه صوابًا، ولا ندعي له الكمال، وإنّما هو محاولة وخطوة على الطريق يعوزها التواصل المستمر..> الخ.

    وقال في كتابه ـ أيضًا ـ <نحو وحدة العمل الإسلامي> ص (43 ـ 44): <إلى مَن ينفصل بطريق دون إخوانه في الحركة الإسلامية، ويعتقد أنّ مجموعته هي الوحيدة صاحبة الحقّ في التواجد على الساحة الإسلامية..

    وأقول: إنّ التعصّب لجماعة، والولاء لها، ورفض بقية الجماعات التي تنتمي ﻟ <أهل السنّة والجماعة> ومعاداتها، هي في حقيقتها دعوى جاهلية، يقال لأهلها كما قال النبي r للمهاجرين والأنصار: <دَعُوهَا فَإنَّهَا مُنْتِنَةٌ> >. اﻫ

    وانظر إلى ما قاله <البيانوني> في كتابه: <وحدة العمل الإسلامي بين الأمل والواقع> ص (18 ـ 20): <ومنهم مَن لا يستوعب فهم حقيقة تعدّد الجماعات الإسلامية، فيسيئون إليها بتصرّفاتهم ومواقفهم.. ! فكثرًا ما تصوّر الشباب المسلم العامل للإسلام، تعدّد الجماعات الإسلامية العاملة في الساحة الإسلامية عقبة كئودًا أمام تحقيق وحدة العمل الإسلامي، إذ كيف يمكن أن يكون هناك عمل إسلامي واحد مع وجود تجمّعات وجماعات إسلامية متعدّدة ؟!!

    فإذا كان تعدّد الآراء العلمية في المسألة الواحدة، في الدين الواحد ـ أحيانًا ـ أمرًا طبيعيًّا وشرعيًّا([1]) لأسباب تعرف في محالِّها، فإنّ تعدّد الجماعات الإسلامية في الساحة الإسلامية، في الإسلام الواحد أمر طبيعي، وشرعي أيضًا، ولا سيما في هذا الزمن>. اﻫ

    وانظر إلى المقال الذي بعنوان: <عندما يتحوّل الخلاف من تنوع إلى تضاد>، المنشور في مجلة <البيان> عدد (52)، ص (98)، حيث قال صاحبه: <كما أنّ العبادات تتعدّد وتتنوع، ما بين صيام، وصدقة، وصلاة، ـ وهذا من رحمة الله وحكمته ـ كذلك ـ أيضًا ـ تتعدّد أساليب الدعوة ومجالاتها، وتتنوّع ما بين وعظ وخطابة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وتأليف وتصنيف، وتربية، وأعمال خيرية، وإغاثة... الخ.

    وهذا التعدّد ينصبُّ في الدعوة، والعمل الإسلامي ينصبُّ في قناة <اختلاف التنوع>([2]).. ويؤدِّي هذا إلى ظهور التحزّب والتفرّق ويصاحب ذلك شعور العداء والبغضاء بينهم، رغم أنَّهم يستظلُّون تحت راية الدعوة الإسلامية، ومنهج أهل السنّة والجماعة>. اﻫ

    وانظر إلى ما قاله وكتبه محمّد محمّد بدري في مجلة <البيان>، عدد (13) ص (38 ـ 39) تحت عنوان <الوحدة والائتلاف.. ونبذ الفرقة والاختلاف> حيث قال: <وأنّ من أعظم ما أصاب المسيرة الإسلامية الفرقة والتنازع والاختلاف، فساحة العمل الإسلامي تغصُّ بجماعات كثيرة، دعواها واحدة وهي الإسلام، وإعادة مجد الإسلام، وأمّة الإسلام، ولكنَّها متنافرة فيما بينها، تتراشق الاتهام.. بل يصل الأمر إلى الرمي بالمروق من الدين، والاتهام بالضلال، وهذا هو الخلاف المذموم، الناشئ عن الهوى، والتعصب، لرجل أو جماعة، بدون تَعرُّف على الحقّ وتبيُّن له.. ونحاول إيجاد صيغة للالتقاء والانسجام([3]) بين تجمعات أهل السنّة والجماعة، العاملة في الساحة الإسلامية، بحيث تمضي القافلة المسلمة في طريق واحد نحو هدفها>. اﻫ

    وانظر إلى ما جاء في بريد القراء في مجلة <البيان> عدد (26)، ص (97)، قولهم: <.. نقول للأخ البراك: منذ البداية دَعَوْنَا جماعات أهل السنة ـ يعني بها فصائل الجهاد الأفغاني ـ إلى الاتحاد والتعاون، وحذرنا من أمثال <المجددي>، والظروف الصعبة التي يَمرُّ بها المسلمون تُحتِّم عليهم التعاون والتناصر ما داموا ضمن إطار أهل السنّة>. اﻫوانظر إلى ما جاء في كتاب المنتدى الإسلامي الأوّل والذي بعنوان: <جهاد المسلمين في أفغانستان يمر بأخطر مراحله> في ص (12 ـ 13)، حيث قال كاتبه: <يستحيل اجتماع كلمة المجاهدين ـ الأفغان ـ على حزب من الأحزاب، أو جماعة من الجماعات، وقد بذلوا محاولات من هذا القيبل ففشلوا، لكنّهم يؤكّدون بأنّهم يسيرون على ما كان عليه الرسول r، وما كان عليه



    ([1]) هذا قياس فاسد، إذ يقول: كما أنّه ساغ الخلاف في الفروع، فليسغ الخلاف في الأصول ! فهل بعد هذا الضلال من ضلال ؟! إذ فيه تسويغ الخلاف في الأصول، وهذا مخالف لِمَا أجمع عليه العلماء، من أنّه لا يجوز الخلاف في الأصول، وإلاّ كان اختلافًا مذمومًا، لا اختلافًا جائزًا، بل مَن قال لك: إنّ كلّ خلاف في الفروع فهو سائغ ؟!


    ([2]) قلت: سبحان الله ! تشابهت مقولاتهم، لتشابه منهجهم، وبعد ذلك يزعمون أنَّهم ليسوا جماعة، وليس لهم منهج إلاّ منهج أهل السنّة والجماعة، الذين هم سلفنا الصالح، فهل هذا هو منهج السلف الصالح، والذي يجمع تحت لوائه: الصوفي، والقبوري، والتكفيري، والرافضي، والأشعري، والماتريدي، بل والداعي إلى وحدة الأديان ؟!! سبحانك اللهم وبحمدك، إنّ هذا إلاّ افتراء على المنهج السلفي وأهله.


    ([3]) أرأيت هذا المنهج الترقيعي التلفيقي، فالداعية الملهم <بدري>، يريد إيجاد صيغة للالتقاء والانسجام بين الأحزاب والجماعات الإسلامية، ولم يقل لهم: دعوا ما أنتم عليه من الباطل، وارجعوا إلى المنهج المتكامل، والمنهج الحقّ، منهج السلف الصالح !! فبدلاً من أن تُخضِعَ المنهج السلفي لرغبات أولئك، اسْعَ إلى إخضاعهم للانقياد له، وإلاّ انقلبت الموازين، فصار الحاكم محكومًا، والمحكوم حاكمًا، وهذا عين الباطل.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:00

    الصحابة رضوان الله عليهم ـ هكذا !! ـ ومَن تبعهم من رجال خير القرون([1]) ـ أي منهج أهل السنّة والجماعة ـ.. وقد التقينا بمعظم قادة المجاهدين فقالوا لنا: إنّهم يلتزمون منهج أهل السنّة والجماعة>. اﻫ

    واستمع إلى ما قاله عائض القرني في شريطه <نصر أو هزيمة> الوجه الثاني، حيث قال: <والإسلام أوسع، أوسع من أن تجعل لي دوائر ضيقة لتقييدي، الإسلام رحب، والإسلام واسع، أستفيد من كلّ أحد.

    الداعية الذي يهتمّ بالرقائق معي.

    والداعية الذي يهتمّ بالعقيدة معي.

    والداعية الذي ينادي بالحاكمية لله معي.

    أمَّا أن يجعل الإنسان حوله دوائر مغلقة، ويرى أنّ مَن دخل معه هو المصيب، ومَن خالفه المخطئ، فلا...الخ>. بل استمع إلى شريطه: <فِرَّ من الحزبية فرارك من الأسد>، يتضح لك صدق ما قلت لك آنفًا([2]).

    واستمع ـ أيضًا ـ إلى ما قاله العودة في شريطه <تقويم الرجال>.. قال: <أيّها الإخوة: رجالات الإسلام في هذا العصر: هم ميادين شتى، فأنت إذا نظرت مثلاً في ميدان الدعوة إلى الله، وجدت رجالاً عرفوا بالدعوة، وأثروا في مجتمعاتهم أبلغ تأثير، لعلّ من الأسماء البارزة المشهورة أمثال الشيخ حسن البنا، أو أبو الأعلى المودودي، أو غيرهم من المصلحين.

    وإذا نظرت في مجال الأدب والفكر، أمثال الأستاذ سيّد قطب، ومحمّد قطب، وغيرهم من الكتاب المشهورين، وكذلك كتابات أبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي، وغيرهم.

    وفي مجال العلم الشرعي، والفقه، والفتوى، والحديث، وجدت علماء أفذاذ، في هذه الجزيرة ـ أو غيرها ـ ولعلّ من الأجياد الذين يشاد بذكرهم أمثال الشيخ: محمّد ناصر الدين الألباني، في مجال الحديث والسنّة، والشيخ عبد العزيز بن باز، ومحمّد بن صالح العثمين، وكذلك لا تنكر جهود الآخرين في غير هذه البلاد، تجد بحوث للدكتور مصطفى الزرقا، ويوسف القرضاوي.

    وإذا نظرت في مجال الجهاد وجدت شخصيات بارزة، ولعلّ الجهاد الأفغاني على الساحة أبرز ما يلفت الأنظار، أمثال: عبد ربّ الرسول سياف، وبرهان الدين رباني، وحكمتيار، أو مَن تبنَّى الجهاد كعبد الله عزام، أو غيره..

    وفي مجال الخطبة والوعظ مثل: عبد الحميد كشك، وأحمد قطان، وإبراهيم عزت، وغيرهم، والأسماء كثيرة. وليس هدفي في هذه الجلسة ذكر الأسماء، ولكن ذكرت هذه الأسماء حيث يكثر الكلام حول عدد منهم.

    خذ نموذجًا آخر: الشيخ حسن البنا ـ رحمه الله ـ رجل داعية، أثَّر في المجتمع المصري تأثيرًا كبيرًا، وقُتل فيما نحسبه ـ إن شاء الله ـ في سبيل الله تعالى، وترك آثارًا طيّبة بكلّ حال، سواءً آثار علمية، أو ما كتب في عدد من الموضوعات، تجد أنّ كثيرًا من الناس ينظرون إليه نظرة معيَّنة، فيها كثير من الانتقاص، والإشارة إلى ضعف علم هذا الرجل ـ مثلاً ـ وأنّه لا يتقن فنّ الحديث.. وقد يُنْتَقَد لأنّه اجتهد في عدد من المسائل الدعوية والواقعية، اجتهادًا قابلاً للنقاش، والأخذ والردّ، وقد تجد مَن ينتقد الرجل لأنّه تكلّم في عدد من مسائل الاعتقاد، كلامًا يخالف ما عليه منهج السلف.. المقصود الآن: الإشارة إلى أنّ هذا الخطأ ينبغي أن يوضع في إطاره الصحيح، فلا يسقط الرجل بالكلّية، بل يقال: أخطأ في كذا، ويبقى للرجل منزلته وكرامته وبلاؤه في الإسلام..>. اﻫواقرأ ما قاله عائض القرني في رسالته <قل هذه سبيلي> ص (8): <وباكستان أرض الأستاذ أبي الأعلى المودودي الداعية الشهير والكاتب الخطير والذي أوذي في سبيل الله وحبس فصبر واحتسب:



    ([1]) قلت: }قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُم صَادِقِينَ{. ألم تتحد هذه الأحزاب ـ التي لم تكن متحدة في يوم ما ـ على قتل أهل كُنَر من أهل السنّة وأميرهم، وتشريد الباقين منهم ؟! ألم يقل حزب حكمتيار في جريدته <شهادات> في عددها (338)، الصادر بتاريخ 28 ذي القعدة عام 1411ﻫ تحت عنوان <الفرصة لا زالت موجودة>: <ولكن مع ذلك فإنّ أعداء الإسلام قد أدخلوا فينا فتنة ثانية بديلة من القاديانية، ألا وهي فتنة الوهابية.

    فإنّ الوهابية مذهب دخيل على الإسلام، وهذه أخطر خطط الاستعمار والصهيونية ضدّ الإسلام، لأنّ الأعداء يريدون أن يحاربوا الإسلام بأن يفجّروه من الداخل. فإنّ الوهابية الذين يستخدمون مباشرة من تل أبيب، وواشنطن، ولندن، هم الذين يحكمون على المسلمين بالشرك.. ولله الحمد كما رفع الستار عن وجه الاستعمار ـ أيضًا ـ كشفت مخطّطات هؤلاء، وعرف الناس ما هي هذه الطائفة العميلة للأجانب واكتشفوا جيّدًا..>. اﻫ

    فاقرأ أخي القارئ، واعجب من موقف هؤلاء، وقلبهم الحقّ باطلاً، والباطل حقًّا، لكنّه كما قال عليه الصلاة والسلام: <إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ>.


    ([2]) وتراجعه عن بعض ما أخطأ فيه في كتابه <معالم في المنهج> هو تراجع بألفاظ مجملة، تحتاج إلى إيضاح وتطبيق عملي بيّن، وفق الله الجميع لمرضاته وأخلص نياتنا، وأصلح أعمالنا، آمين.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:00



    نفسي فدتك أبا الأعلى وهل بقيت
    أما استحى السجن من شيخ ومفرقه



    نفسي لأفديك من أهل ومِن صحب
    نور لغير طلاب الحقّ لم يشب
    >. اﻫ



    وانظر إلى ما قاله ـ أيضًا ـ عن حكمتيار في الرسالة السابقة (ص 23 ـ 24).

    وقال عائض القرني في رسالته <كتب في الساحة الإسلامية> ص (66) وهو يتكلّم عن الكتب المهمة في هذا العصر ـ: <..وكتب سيّد قطب، ومحمّد قطب، وكتب أبي الأعلى المودودي، وأبي الحسن الندوي، وكتب المنطق والرقائق والعوائق، لمحمّد أحمد الراشد وغيرهم..>.

    واقرأ ـ أيضًا ـ لعائض القرني ما قاله في كتابه <لحن الخلود> ص (20)، حيث مدح سيّد قطب، بقصيدة أسماها <في جنازة شهيد>، والتي قال فيها:


    كم حاولوا إغراء عز
    فحلفت لا ترضى ولا
    فصمدت يا قطب المعا
    أهديت للشعب اليتيـ
    شعب سيحيا في ظلا
    ما زال زجعك في الربو
    الحق صداح بكم



    ك بالمناصب والندى
    تبخل على المجد الفدا
    لي رغم م
    َ
    ن قد هددا
    ﻢ معال
    ِ
    مًا فيه الهدى
    لك في حماسك غردا
    ع على الروابي منشدا
    والبغي أدبر مرعدا
    >
    . اﻫ



    وانظر إلى مقالة منصور الأحمد، والتي بعنوان: <مغالطة وتحريض حاقد>، التي نشرتها مجلة <البيان>، عدد (19)، في ص (100)، حيث قال فيها: <.. أو حسدًا للمكامن الفكرية التي يتمتع بها الندوي والمودودي بين المسلمين عامَّة، لا بين مسلمي الهند فقط..، وطمأنت محدثي، لا تغضب ولا يؤلمك إتاحة جريدة القبس صفحاتها الأخيرة، ويوم الجمعة لهذا الموتور كي ينضحها بفكره، فلعلّ قراء لم يقرأوا فكر المودودي والندوي بعد، يهرعون إليهما فيكتشفون فكرًا أصيلاً، وتحليلاً عميقًا، وعفة في الجدل، وسموًّا في القصد والغاية..>. اﻫ

    واقرأ ما سطّره محمّد صالح المنجد في رسالته: <أربعون نصيحة لإصلاح البيوت> ص (23 ـ 25) حيث قال: <كما أنّ هناك عددًا من الكتب الجيدة في المجالات المختلفة، فمنها: كتب الأستاذ سيّد قطب ـ رحمه الله ـ مثل: المستقبل لهذا الدين، هذا الدين، معالم في الطريق، خصائص التصور الإسلامي ومقوماته. وكتب الأستاذ محمّد قطب مثل: منهج التربية الإسلامية 1 ـ 2، واقعنا المعاصر، رؤية إسلامية في أحوال العالم المعاصر، قبسات من الرسول، معركة التقاليد، هل نحن مسلمون، جاهلية القرن العشرين، ومذاهب فكرية معاصرة. ومن كتب الأستاذ أبي الأعلى المودودي، تفسير سورة النور، والحجاب، والجهاد. وللأستاذ أبي الحسن الندوي، مثل: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، والصراع بين الفكرة الإسلامية، والفكرة الغربية>. اﻫوانظر إلى ما قاله محمّد سرور بن نايف زين العابدين في كتابه: <دراسات في السيرة النبوية> ص (321 ـ 323)، حيث قال: <ويَظلِمُ سيّدَ قطب([1]) صنفان من الناس: يظلمه بعض تلاميذه ومحبِّيه، لأنَّهم معجبون به



    ([1]) أمَّا سيد قطب، فقد كفى الشيخ ربيع بن هادي ـ حفظه الله ـ أهل العلم وطلابه في بيان أخطائه، وضلالاته، وانحرافاته العقدية، في أربعة كتب له، هي: <أضواء إسلامية على عقيدة سيّد قطب>، و<مطاعن سيد قطب في الصحابة>، و<العواصم مِمَّا في كتب سيّد قطب من القواصم>، و<الحدّ الفاصل بين الحقّ والباطل>.

    وإليك ـ أخي القارئ ـ ملخّصًا لما فيها، وعليك بالرجوع إليها لترى تفصيل ذلك؛ طعن سيّد في موسى عليه السلام، وطعنه في الصحابة وخاصَّة عثمان، وتكفيره للمجتمعات قاطبة، وقوله بخلق القرآن، ووحدة الوجود، والحلول والجبر، وتعطيله لبعض صفات الله على طريقة الجهمية الغلاة، وعدم قبوله لأخبار الآحاد الصحيحة والمتواترة في العقائد، وقوله بالاشتراكية المادية الغالية... الخ. فهل بعد هذا كلّه يستحقّ التبجيل والتلميع والإمامة ؟!! اللهمَّ لا، إلاّ عند من أحرق التعصّب الممقوت قلبه وعقله.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:01

    أشدّ الإعجاب: معجبون بثباته على الحقّ، وصبره على الأذى في سبيل الله، معجبون بسعة أفقه وصفاء فطرته، وعمق خبرته... ونحن نشاركهم في هذا كلّه... وأمّا الصنف الآخر من الناس، فلا يذكرون سيّدًا ـ رحمه الله ـ إلاّ من خلال أخطائه العلمية:

    فتارة يزعمون بأنّه أشعري، وتارة أخرى يقولون: إنّه من دعاة وحدة الوجود، وفي غير هذه وتلك يردّدون أقوال الظالمين: <إنّه من غلاة الخوارج !!>.

    وما كان ـ رحمه الله ـ أشعريًّا([1]) ولا صوفيًّا([2])، وإنّما كان أديبًا من تلامذة العقَّاد، وعندما سلك طريق الدعاة اتجه إلى الكتابة في العلوم الإسلامية، كالتوحيد والتفسير، وغيرهما، فوفّقه الله سبحانه في معظم ما كتب([3])، واجتمع في أسلوبه الصفات والمزايا التالية:

    كان ـ رحمه الله ـ جريئًا([4]) لا يخشى في الله لومة لائم، وكان يعلم أنّ الطاغوت يتربص به الدوائر، ويقدم له العروض والإغراءات، فأعرض ـ رحمه الله ـ عن المناصب الرفيعة، والجاه العريض، ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، وطمعًا بجنّته. كان متجرّدًا لا يتعصّب لمذهب من المذاهب، أو حزب من الأحزاب، وما كان يتحدّث عن نفسه، ولو فعل لكان معه كثير من الحقّ. وقد بلينا في هذا العصر بأشخاص لا يذكرون مكرمة ولا فضلاً من خلال الحديث عن ذواتهم.

    لا أعرف كاتبًا في العصر الحديث عرض مشكلات العصر كسيّد قطب ـ رحمه الله ـ فقد كان أمينًا في عرضها، وفي وضع الحلول المناسبة لعلاجها. كان بعيدًا عن الغلوّ، وكانت أدلّته من الكتاب والسنّة وأقوال الأئمّة. كانت له جولات وجولات في شرح معاني <لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله>، وتوضيح مدلولات الألوهية، والتحذير من الشرك والنفاق.

    ووقع ـ رحمه الله ـ ببعض الأخطاء، ولكنّه لم يكن صوفيًّا، وقد ردّ على الصوفيين في مواضع كثيرة من الظلال. ولم يكن من المؤمنين بمنهج الخوارج([5])، وكتبه تشهد على ذلك. ولم يكن من أهل الاعتزال، أو من فلول المدرسة الإصلاحية، وقد رد عليهم([6])، في تفسير سورة الفلق، وفي تفسير سورة الفيل، وفي كتابه خصائص التصور الإسلامي>. اﻫوأظنّ ـ إن شاء الله ـ أنّه لا يخفى عليك ـ أخي القارئ ـ ثناء سلمان العودة على الترابي والبشير وحكومتهما، ولا يخفى عليك ـ ثناؤه على فصائل الجهاد الأفغاني في شريطه <سقوط كابل>، وأيضًا لا يخفى عليك تأييده لحزب



    ([1]) ماذا سيقول سرور ومَن شاكله مِمَّن استمات في الدفاع عن سيّد قطب، حينما يقرأ تفسيره لاستواء الله بالسيطرة والهيمنة كما في ظلاله، حيث قال: في (3/1762): <الاستواء على العرش كناية عن مقام السيطرة العلوية الثابتة...>. وانظر أيضًا (1/53)، (1/54)، (3/1296)، (4/2045)، (5/2807) وغيرها.

    وحينما يقرأ قوله بوحدة الوجود، كما في ظلاله ـ أيضًا ـ حيث قال في (6/4002): <إنها أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلاّ حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلاّ وجوده، وكل موجود آخر فإنّما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية... ومتى استقرّ هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلاّ حقيقة الله، فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق منها>.

    وحينما يقرأ تقريره أنّ الخلاف بين الرسل وأقوامهم لم يكن في توحيد الألوهية، وإنّما في توحيد الربوبية، بقوله في ظلاله (4/1846): <فقضية الألوهية لم تكن محلّ خلاف، إنّما قضية الربوبية هي التي تواجهها الرسالات، وهي التي كانت تواجهها الرسالة الأخيرة...>.

    وحينما يقرأ ردّه لأحاديث الآحاد وعدم قبولها في باب العقائد، بقوله فيه (6/4008): <وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة، والمرجع هو القرآن، والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد...>.

    فماذا نقول بعد يا سرور ؟ هل نصدقك في قولك الذي لم تُقِم عليه دليلاً واحدًا إلاّ النفي الدال على جهلك أو تجاهلك ؟ أو نصدق المقولة نفسها، والذي يشهد كلامه عليه بأنّه أضل أيضًا من الأشاعرة ؟!!


    ([2]) بل كان صوفيًّا، يدلّ على ذلك قوله في ظلاله (6/3291): <وهناك أناسًا يعبدون الله لأنّهم=

    = يشكرونه على نعمه التي لا يحصونها، ولا ينظرون وراء ذلك إلى جنّة أو نار، ولا إلى نعيم أو عذاب على الإطلاق>.


    ([3]) وبعد كلّ ما سبق ذكره من بعض انحرافاته وضلالاته تقول يا سرور: وفقه الله في معظم ما كتب !! سبحانك اللهم وبحمدك، وصدق الله إذ يقول: }فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ{ [سورة الحج، آية: 46].


    ([4]) نعم، كان جريئًا في تحريفه لكتاب الله، وطعنه في نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، وسادات الأمّة من الصحابة رضوان الله عليهم، وتكفيره المجتمعات قاطبة... الخ.


    ([5]) قال القرضاوي في كتابه <أولويات الحركة الإسلامية> ص (110): <في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد سيّد قطب، التي تمثّل المرحلة الأخيرة من تفكيره والتي تنضح بتكفير المجتمع... وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة>.اﻫ

    بل اقرأ ما كتبه سيّد نفسه في كتابه <الظلال> حيث قال في (2/1057): <لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلاّ الله، فقد ارتدّت البشرية إلى عبادة العباد، وجور الأديان، ونكصت عن لا إله إلاّ الله، وإن ظلّ فريق منها يردّدون على المآذن لا إله إلاّ الله>.اﻫ

    فعلى هذا يكون منهج سيّد قطب أخبث وأضلّ من منهج الخوارج، فلا تغترّ بكلام المموِّهين، ملمعي المبتدعة وبدعهم.


    ([6]) أخي القارئ، هل نقبل الكلام الإنشائي العاطفي، الخالي من الأدلة والبراهين، على الكلام الذي قام بالحقّ وللحقّ ؟! فارجع ـ أخي القارئ الكريم ـ للكتب السابقة الذكر ـ أعني كتب الشيخ ربيع وما كان على شاكلتها ـ تجد فيها الحجّة والبرهان الساطع القاطع.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:02

    الإصلاح اليمني، وبعثه بالبرقيات تهنئة ﻟ <بلحمر>، بفوزهم في الانتخابات الشعبية هناك([1]).

    وانظر إلى المجلة الصادرة عن مركز بحوث تطبيق الشريعة الإسلامية عدد (4) والتي بعنوان: <شرعية الانتماء إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية> حيث جاء في ص (34)، عنوان في وسط الصفحة، يقول: <الجماعات الإسلامية خطوات مرحلية في الطريق إلى جماعة المسلمين، ثمّ قال تحته: <إنّ الجهاد لنصبة الإمام وإقامة الدين، وتحكيم الشريعة، فرض على الكافَّة، في هذه الحالة، ولا سبيل إلى ذلك مع الشتات والتناثر، وإنّ إقامة الفرائض الجماعية من: استفاضة البلاغ، وإقامة الحجّة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصف بين المسلمين، وإعداد العدّة للجهاد، ونحوه، فرائض متعيِّنة، لأنّ سقوط الولاية الإسلامية لا يعني سقوط التكليف بهذه الواجبات، ولا سبيل إلى أدائها كذلك مع الفرقة والتهارج، فما هو المخرج إذن ؟

    في هذه المرحلة يأتي دور الجماعات الإسلامية، باعتبارها تجمعات مرحلية، في الطريق إلى جماعة المسلمين.

    إنّ الصورة المثلى ـ كما سبق ـ أن يجتمع أهل الحلّ والعقد لتصفّح أحوال أهل الإمامة، وتقديم أكثرهم فضلاً، وأكملهم شروطًا، ليعقدوا له الراية، وليجمعوا كلمة الأمَّة حوله، ليكون للناس جُنَّة يُتقَى به، ويقاتل من ورائه.

    فإذا عسر ذلك، أو طال أمده، أو وقفت دونه بعض العوائق، من تعدّد الاجتهادات، وتفاوات الأساليب المقترحة للتغيير، أو التنازع على بعض المسائل العلمية أو العملية، كتلك التي تتعلّق بتوثيق الواقع، أو تكييفه، فهنا يأتي ـ كما ذكر ـ دور الجماعات الإسلامية. وغاية هذه الجماعات أن تتولّى إعداد الطليعة المجاهدة الإيمانية الصلبة، التي تجعل من قضية الإسلام همّها الأول، وشغلها الأكبر، في هذه الحياة، وذلك في إطار من البرامج المنظمة، والروح الجماعية، التي تشجّع على المسارعة إلى الخير، والتنافس في أداء الواجبات، فهي بمثابة المحاضن الإيمانية لهذه الطليعة المجاهدة، تدفع عنها بإذن الله غوائل الشبهات والشهوات، وتعمق في نفوسها حقائق التوحيد والإيمان، وتخلصها من بقايا الجاهلية وموروثها، وتطبع عقلها وروحها بطابع الإيمان والجهاد>.اﻫ

    وأيضًا جاء في عددها (12) والذي بعنوان <مدخل إلى ترشيد العمل الإسلامي في مسيرة الجماعات الإسلامية> ص (114)، قوله: <...ولهذا فلا يصحّ تأسيس النظرة إلى فصائل العمل الإسلامي على أنّه من جنس تعدّد الفِرَقِ المذموم..>. اﻫ

    وأظنّك ـ أخي الكريم ـ قد اكتفيت بما نقلته لك، لوضوح تلك الأقوال وصراحتها، ولو لا خشية الإطالة لزدتك، لكنّني أعلم بأنّك نَبِيهٌ فطن، محبّ للحقّ متّبع له ـ إن شاء الله تعالى ـ ولهذا كفاك ما سبق نقله.
    !!!





    فصل
    في حكم الانتماء إلى الجماعات الإسلامية




    وبعد أن فرغتُ وإيَّاك من مناقشة هذا المبدأ وهذه الوسيلة، وعلمنا الغاية من سلوكه، ألا وهي إيجاد جماعة المسلمين، فإنّك لذكائك المتوقّد ستسأل فورًا: ما حكم الانتماء ـ عندهم ـ إلى تلك الجماعات المؤدِّية في نهاية المطاف إلى جماعة المسلمين ؟

    فالجواب يصلك من صالح علي بن الكناني، وذلك في مقاله المنشور في مجلة <البيان> عدد (19) في صفحة (43 ـ 43)، تحت عنوان <رؤية نقدية>، حيث قال: <ومن العجيب أنّ بعض المنتسبين إلى العلم([2])، أصبحوا يفتون الناس بعدم شرعية الانتماء إلى جماعة إسلامية...>. اﻫومن الصاوي في سلسلته التي يصدرها مركز بحوث تطبيق الشريعة الإسلامية عدد رقم (12) والتي بعنوان: <مدخل إلى ترشيد العمل الإسلامي في مسيرة الجماعات الإسلامية> ص (72)، حيث قال: <...وعندما سئل عن دور الجماعة في هذه الحال، فأجاب بأنّ دورها يتمثّل في التعاون على البرّ والتقوى، وعدم المعونة على الإثم والعدوان، وفي قتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله،



    ([1]) لو لا خشية الإطالة، لنقلت كلّ ذلك، ولكني أكتفي بهذا وأطلب منك الاستماع لشريط: <البينة على المدعي>، لمحمّد المدخلي، وكذا شريط <رسالة إلى سلمان والجربوع> له أيضًا، ففيهما غنية.


    ([2]) قلت: ومن هذا البعض المزعوم هيئة كبار العلماء، وغيرهم من علماء هذه البلاد وغيرها.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:02

    وفي مجاهدة أئمّة الجور، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... ـ ثمّ تساءل ـ: <وهل بغيٌ أوضح من تعطيل شرائع الله، والحكم بين الناس، وإنفاذ الأمر بينهم، على خلاف أمر الله ورسوله ؟

    وهل من بر يجب التعاون عليه كأمر الله أعظم من إنفاذ أمر الله ورسوله، وشرائعه، والتمكين لدينه، والجهاد، لتكون كلمة الله هي العليا ؟ وهذا هو الهدف الذي قامت الجماعة أصلاً لتحقيقه، وهو أمر واجب على كلّ المسلمين، ولا يمكن أن يحقّقوه أفرادًا؛ فلزم العمل في جماعة تهدف لتحقيق هذا الهدف الكبير، ومَن تخلف عن الانضمام لمثل هذه الجماعة، فإنّه يُأثَم كإثمه عن ترك أيِّ فرض أو تكليف شرعي>. اﻫ
    !!!





    فصل
    نصيحة مجرّب




    أخي ـ القارئ ـ قبل أن نتكلّم عن التنظيم والبيعة عند القطبية، يحسن بنا أن نقرأ نصيحة مَن جرّب تنظيمهم، لنتّعظ ونعتبر، فالسعيد مَن اتعظ بغيره.

    قال علي عشماوي في كتابه <التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين> ص (3 ـ 4): <أسباب كثيرة جعلتني متردّدًا في أن يخرج هذا الكتاب إلى النور، منها:

    الرغبة في الحفاظ على أسرار كثيرة عشتها وتفاعلت معها، ولم أكن لأبيح لنفسي أن أخوض فيها بغير سبب قوي يخدم غرضًا.

    ومنها: أنّني كنت أرى أنّ الوقت غير مناسب للنشر، فالكلمة ينبغي أن تقال في أوانها المناسب، وإلاّ مرّت دون أن يلتفت إليها أحد أو يعيها قارئ.

    وكان هناك سبب أخير يسوقه المحيطون بي، وهو خشيتهم عليّ من انتقام موتور، ولكنَّ هذا السبب لم يكن ليمنعني أن أقول الكلمة التي أراها حقًّا ـ وفي وقتها المناسب ـ مهما تحمّلت في سبيلها من عنت ومشقّة، واقتناعي التام أنّ الأمر كلّه بيد الله، المطلع على النوايا، وأنَّ البشر لن يستطيعوا أن يتدخّلوا بشيء في التأثير على قدر الله، فلِلَّه الأمر من قبل ومن بعد.

    إنّ المرحلة المصيرية التي نعيشها في مصر والوطن العربي، والتي ازداد فيها الخلط في الأمور إلى الدرجة التي اختلط فيها الحابل بالنابل، وعتمت فيها الرُأى، وتشابكت <الطرق> وضاع الشباب وسط هذا الضجيج العالي من التيارات الفكرية ـ وخاصة الدينية منها ـ وزاد في <غبش> الرؤية ضيق الحياة الاقتصادية الذي دفع بالشباب إلى اليأس وتَلمُّس أيِّ طريق يغيبون فيه عن واقعهم الأليم. والساحة مليئة بالتيارات المختلفة التي خرج الكثير منها من عباءة «الإخوان المسلمين»، وإن كان كلّ في واد بعيد ـ فكريًّا وتنظيميًّا ـ وزاد الخلاف بين الجماعات، وزادت زاوية الانحراف عن الهدف، وهو الدين الحنيف، ونسوا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام،: <تختلف أمّتي إلى بضع وسبعين شعبة، كلّهم في النار إلاّ شعبة واحدة: مَن استمسك بكتاب الله وسنّتي>. واعتقد كلّ أنّه على الحقّ، واتَّهم الآخرين بالبطلان.

    ووقف <الإخوان المسلمون> يرفعون شعارهم الشهير بين الجماعات والهيئات الإسلامية: <دَعُونَا نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه>. وهو شعار يحاولون به الإمساك بموقع الريادة، وتوجيه دفّة الأمور لصالحهم، دون محاولة الوقوف لتصحيح المسار أو تلافي السلبيات، أو تقويم الانحراف الذي استفحل أمره في مجال الحركة الإسلامية حتى أصبحت توصم بالعنف والإرهاب في كلّ بلاد الدنيا، وكان سبب هذا كلّه وقوع الكثيرين إمّا في إفراط شديد، وإمّا في تفريط مخلّ.

    لهذا كلّه فإنّني أرى أنّه قد آن الأوان لأقف محذّرًا وفاتحًا المنافذ للشمس والهواء النقي أن يدخل إلى سراديب الجماعة التي عُفِّن هواؤها، وتعطَّنت رائحتها، وحتى تكون تجربتي معهم نذيرًا للشباب أن يتلمَّس خطاه، وأن يرى مواقع أقدامه قبل أن يخطو، وألاّ يلغي عقله ولا كيانه، ليعطي السمع والطاعة لأحد أيًّا كان.. فقد وهبنا الله العقل تكريمًا للإنسان، فلا ينبغي أن نتنازل عنه، حتى لا يلعب بأقدارنا أحد أيًّا كان، وتحت أيِّ شعار.

    وبداية فإنّني أعتبر أنّ <الإخوان> كانت <أم> التنظيمات الإسلامية في العالم العربي، لأنَّها أقدمها، وهي التي <فرّخت> بقية التنظيمات بعد ذلك.

    وبداية الانحرافات جاءت من داخل الإخوان أنفسهم.

    إنّ مشواري مع الإخوان بدأته من عام 1951م، وحتى خرجت من السجن ـ أي ثلاثة وعشرين عامًا ـ لا أنفي عن نفسي أيَّة مسؤولية تجاه ما حدث.. ولكنِّي أقدمه ـ كما قلت ـ لشبابنا الذي بات تتقاذفه تيارات ترتدي ثوب الإخوان، ولا يعرفون عن أهدافها شيئًا، ويلقون بأنفسهم في خِضمّ أهوال لا ينبغي لهم أن يتورطوا فيها>. اﻫ

    وقال ـ أيضًا ـ في ص (48 ـ 49): <أمراض التنظيمات السرية: وهذه تندرج تحتها بعض النقاط:

    1 ـ الإحساس بالملكية: وهو من أخطر الأمراض التي تنشأ داخل المنظمات السرية، ويعني إحساس أحد المسؤولين بملكية المجموعة الموضوعة تحت قيادته، لأنّه هو الذي أتى بهم واختبرهم، وعلَّمهم، ودرّبهم.

    2 ـ عدم وجود ضوابط للديمقراطية: أي أنّ الأمر قائم على السمع والطاعة المطلقة، فالعمل السري لا يحتمل المناقشات الكثيرة والتردّد في اتخاذ القرارات، وهذا ممّا يوجد الإحساس بالتسلّط عند المسؤولين وضيقهم من المناقشة.3 ـ عدم اكتشاف فساد القيادة بسهولة([1]): فالجو السرِّي المنضبط هو



    ([1]) وضّح علي عشماوي هذه النقطة بقوله في ص (81): <وكان مِمَّا قاله ـ سيّد قطب ـ إنّ الأستاذ البنا كان يعلم أنّ الجماعة مستهدفة من الخارج، ومن القوى المعادية للإسلام، وأنّهم=

    = أدخلوا إلى الجماعة بعض أعضائهم، أو جنّدوا من داخل الجماعة أفرادًا يعملون لصالحهم. على سبيل المثال: ذكر الدكتور <محمّد خميس حميدة> كان ماسونيًّا، بدرجة عالية من الماسونية، وقد وصل إلى أن أصبح وكيل عام الجماعة. وأن الحاج «حلمي المنياوي» كان ممثلاً للمخابرات الإنجليزية داخل الجماعة.

    والواقع أنّ مسألة اختراق الجماعة من أعلى عن طريق الماسونية أو المخابرات الإنجليزية وغيرها كان أمرًا غريبًا علينا، إلاّ أنّ بعض الإخوان الآخرين غير الأستاذ سيّد قطب قد أشاروا إلى هذا الأمر، مثل الأستاذ محمّد الغزالي في كتابه <من معالم الحقّ في كفاحنا الإسلامي الحديث>: <ولقد سمعنا كلامًا كثيرًا عن انتساب عدد من <الماسون> بينهم الأستاذ حسن الهضيبي نفسه لجماعة الإخوان، ولكني لا أعرف بالضبط كيف استطاعت هذه الهيئات الكافرة بالإسلام أن تخنق جماعة كبيرة على هذا النحو الذي فعلته> ص (226). اﻫ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:03

    خير مناخ لتغطية القائد الفاسد، وعدم كشفه في الوقت المناسب، وإذا اكتشف فهناك مخاطرة من أبعاده خوفًا من كشف التنظيم.

    4 ـ عدم التعوّد على العلنية: وهذا ممّا يجعل الأفراد منعزلين عن المجتمع لا يشاركون فيه، لإحساسهم أنّ هناك انفصالاً فكريًّا وعقائديًّا بينهم وبينه. ومِمَّا يبعدهم أكثر عن المشاركة العلنية، في أمور المجتمع واعتبار أتفه الأمور من الأسرار والخوف من الحديث عمّا في نفوسهم مع غير المنتمين إليهم، خوفًا من ردود فعل المستمع حتى وإن كان الكلام عاديًّا وموضوعيًّا...

    5 ـ الشكّ في السلطة: والشكّ الدائم في نوايا رجال السلطة، هي إحدى سمات المنتمين إلى تنظيمات سرية، وعدم الثقة بهم، حتى وإن تحدّثوا بالإخلاص وفي أمور موضوعية.

    6 ـ الإحساس بالخطر: ورجال التنظيمات السرية يعيشون ومعهم دائمًا، وعدم الثقة والاطمئنان إلى أيِّ جهة أو فرد، وهذا الإحساس ـ مع طول المدة ـ مرهق جدًّا، ومدمّر للنفس>. اﻫ


    فصل
    في التنظيم والبيعة عند القطبية




    وبعد هذه ستقول لي ـ أخي القارئ ـ: إذن عندهم تنظيم وبيعة !!

    وجوابي ﺑ : نعم، وإليك أقوالهم الدالّة على ذلك.

    قال علي عشماوي في كتابه: <التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين> ص (94، 95، 99): <في هذه المرحلة ينبغي على الأفراد المنتظمين في الحركة أن ينفصلوا شعوريًّا عن المجتمع، وألاَّ يشاركوا في شيء بينهم وبين أنفسهم، ولا يجهرون بذلك حتى يكتمل نضجهم، وتتمَّ تربيتهم، وتتمّ توسعة رقعتهم، وزيادة أعدادهم على قدر الإمكان. ثمّ تأتي بعد ذلك مرحلة أخرى هي مرحلة <المفاصلة> وهي أن يقف رجالات هذه الدعوة <ويفاصلوا> المجتمع، ويقولوا: إنّ هذه طريقنا، وهذا طريقكم، فمَن أراد أن يلحق بنا فهو مسلم، ومَن وقف ضدّنا، فقد حكم على نفسه بالكفر، ولكلٍّ أن يتخذ ما يراه من موقف في هذه الحالة، وحين يفصل الله بين الطرفين بشيء أو بآخر، فإمّا أن ينصر الفئة المؤمنة، وتأخذ بزمام الأمور، وإمّا أن يكون العكس، ويكون في قضاء الله أن تذبح هذه الفئة المؤمنة، كما حدث لأصحاب الأخدود، الذين <فاصلوا> قومهم، ثمّ قضي عليهم عن طريق دفنهم في الأخدود، كما جاء في القرآن الكريم... وإضافة لذلك كان الأستاذ سيّد قطب يرى أنّ للحركة الإسلامية قواعد وأحكامًا فقهية مختلفة كثيرًا ـ وفي كثير من الحالات ـ عمّا هو مقرّر في الفقه الإسلامي العادي. وسمعنا منه لأول مرّة تعبير <فقه الحركة>، وكان يقول أحكامًا قائمة على فقه الحركة، مخالفة ـ إلى حدّ ما ـ الأحكام العامة.

    وفي كتابه الذي لم ينشر: <معالم الطريق ـ الجزء الثاني ـ > كان يفرد جزءًا كاملاً سمّاه <فقه الحركة> ولكنّه عندما أخذ رأيي في نشر هذا الكتاب رجوته أن لا ينشره، لأنّه سيثير انقسامات واختلافات كثيرة، وسيثير الدنيا علينا، وسيقولون: إنّ سيّد قطب ابتدع في الإسلام بدعة. ووافق على رأيي، ولم ينشر الكتاب، ولا أعرف مصيره بعد ذلك.

    وقد أخبرنا الأستاذ «سيّد قطب» أنّ هذه الرؤية قد اتضحت له أثناء وجوده في السجن، عندما اعتقل عام 1954م، وحكم عليه بعشر سنوات قضاها في السجن، وكان يتأمّل ما حدث ورافقه في هذا التأمّل الأستاذ <محمّد يوسف حواش> ـ الذي أعدم في أحداث 1965م ـ وشاركه في الرأي.

    وقال: إنّ الأستاذ <محمّد يوسف حواش> يجب أن نعتبره الشخص الثاني بعده فإذا أصابه مكروه فلنلجأ إليه، وأنّه هو ـ تقريبًا ـ الفكر نفسه، والرأي نفسه، والمشورة نفسها...تمّ الاتفاق على أن يكون ما سبق هو الخطّ الفكري العام للتنظيم الذي نحن بصدده، وأن نبدأ فورًا في إعادة تشكيله وصياغة أفكار الناس ـ الإخوة المنتظمين معنا ـ حسب ما قال الأستاذ سيّد قطب، وما رآه. وقد اقترح علينا مجموعة من الكتب نبدأ بها، ومنها على سبيل المثال: هل نحن مسلمون، العدالة الاجتماعية في الإسلام، معالم في الطريق، الغارة على العالم الإسلامي
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:03

    الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر <للدكتور محمّد حسين>، العقائد، الإسلام في طور جديد <للأستاذ البنّا>، الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه <للأستاذ عبد القادر عودة>.

    وكان سيّد قطب يرى ـ بعد أن سأَلَنا عن عدد الأفراد الذين في أيدينا وأخبرناه أنّهم حوالي ثلاثمائة ـ كان يرى أنّ سبعين منهم ـ على الأقل ـ سيكونون قادة مبرزين أو إيجابيين أكثر، وقال: يجب أن نبحث عن هؤلاء السبعين وأن نعمل على إعطائهم جرعات أكثر من الفكر، وأن نبدأ بتدريب هؤلاء تدريبًا خفيفًا، حتى يكون ذلك بداية لتأهيلهم، في أن يكون قادة العمل الذي نحن بصدده في المستقبل القريب.

    تمّت إعادات تشكيل المجموعات، وكانت المجموعة بين ثلاثة إلى خمسة أفراد واتفق على أن يكون لكلّ خمسة مجموعات قائد، وكلّ قائد على علاقة مباشرة برئيس المنطقة التي يقوم بالعمل فيها، وبهذا نتمكّن من عزل أيِّ مجموعات يتمّ كشفها، أو القبض على أحد أفرادها بتهريب المسؤول عن هذه المجموعات، وبهذا لا يتمّ كشف التنظيم كلّه، كما كان يحدث سابقًا في أغلب تنظيمات الإخوة <الهرمية> التي كانت إذا اعتقل أحد الإخوة يتمّ الاعتراف على باقي التنظيم، ومعرفة كلّ أفراده بسهولة شديدة، وبدأ العمل في تجنيد مجموعات جديدة من الشباب المتحمّس للإسلام...>. اﻫ

    واقرأ ما كتبه محمّد محمّد بدري في مقاله المنشور في مجلّة <البيان> عدد (83) الصادر في رجب عام 1415ﻫ، تحت عنوان: <روح الفريق والمبادرات الذاتية> حيث قال في ص (44): <ولا تستطيع أمّة من الأمم أن تحقّق أقصى الفعالية في الداخل والخارج إلاّ إذا كان النظام الجماعي هو الذي يُسَيّر خطوات أفرادها، ومن هنا فإنّ الواجب الأوّل لجميع فصائل العمل الإسلامي المعاصر هو بداية مسيرة التعاون من أجل بناء الأمّة الإسلامية القوية التي تستطيع مواجهة كلّ أعدائها، وحمل رسالتها الحضارية إلى كلّ البشرية... تلك الرسالة التي لا يمكن أن يحملها فرد أو مجموعة أفراد، إنّما تحملها مجموعات متعاونة تعمل وفق خطة تكاملية مدروسة تقوم على أساس من <روح الفريق والمبادرات الذاتية> >. اﻫ

    وقال محمّد أحمد الراشد([1]): في كتابه <صناعة الحياة> ص (113 ـ 116): <..فالدعوة دارٌ لها داخل وظاهر، فالظاهر يسع كلّ أمّة محمّد r..، ولكنَّ الداخل حَرَم، وهو مأوى الأشداء الثقات النبلاء الأمناء فقط، لأنَّه موطن اتخاذ القرار واختيار الخطة والأسرار، وأيُّ تساهل في ذلك قد ينتج عنه الانحراف، ولذلك لن يصل له إلاّ القديم الولاء العابد المتواضع.. ولا بدّ من وجود الصفوف الخلفية التربوية حيث أهل النقاء والالتزام وحيث الثوابت والاستقرار، بل وفي معظم الأحوال يجب استتار هذه الصفوف بسبب الضرورات الأمنية، حتى في الغرب.. والحل الذي هو خير من ذلك كلّه؛ أن يبقى مصنع الرجال الخلفي المستتر، لا يمسه ترخص، ولا إعلان، ولا تبديل، ولا تسهيل، وأن يبقى مصدرًا للقرار، وتكون هناك واجهة من بعض المقيمين على شكل حزب أو جمعية([2])..، وأهمية القيادة في العمل الإسلامي، وأن جودة عمل صناعة الحياة لا يلغي دورها، ولا بد من طاعتها، والصدور عن أمرها... فهي قلب العمل، وأداة الانسجام، والتناغم، وطريق المناقلة، وحزام الربط... وكلّ البراهين الشرعية والعقلية، كوجوب العمل الجماعي، تصدق على وجوب طاعتها ـ أيضًا ـ ووجوب بروزها، وشخوصها، وسيطرتها على العمل...>. اﻫ

    واقرأ ـ أخي الكريم ـ ما جاء في نشرة مركز بحوث تطبيق الشريعة الإسلامية، عدد (4)، ص (34)، حيث جاء فيها قولهم: <إنّ الجهاد لنصبة الإمام، وإقامة الدين، وتحكيم الشريعة، فرض على الكافَّة، في هذه الحالة، ولا سبيل إلى ذلك مع الشتات والتناثر، وإنّ إقامة الفرائض الجماعية من استفاضة البلاغ وإقامة الحجّة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصف بين المسلمين، وإعداد العدّة للجهاد ونحوه، فرائض متعيِّنة، لأنّ سقوط الولاية الإسلامية لا يعني سقوط التكليف بهذه الواجبات، ولا سبيل إلى أدائها كذلك مع الفرقة، والتهارج، فما هو المخرج إذن ؟ في هذه المرحلة يأتي دور الجماعات الإسلامية، باعتبارها تجمّعات مرحلية في الطريق إلى جماعة المسلمين.

    إنّ الصورة المثلى ـ كما سبق ـ أن يجتمع أهل الحلّ والعقد لتصفّح أحوال أهل الأمَّة وتقديم أكثرهم فضلاً، وأكملهم شروطًا، ليعقدوا له الراية، وليجمعوا كلمة الأمّة حوله، ليكون للناس جُنَّة يتقى به، ويقاتل من ورائه.

    فإذا عسر ذلك، أو طال أمده، أو وقفت دونه بعض العوائق، من: تعدّد الاجتهادات، وتفاوت الأساليب المقترحة للتغيير، أو التنازع على بعض المسائل العلمية، أو العملية، كتلك التي تتعلّق بتوثيق الواقع، أو تكييفه، فهنا يأتي ـ كما ذكر ـ دور الجماعات الإسلامية.وغاية هذه الجماعات أن تتولى إعداد الطليعة المجاهدة، الإيمانية، الصلبة،



    ([1]) هذا اسم حركي، وحقيقة اسمه: عبد المنعم بن صالح العلي العزي، العراقي الجنسية، المقيم في دولة الإمارات العربية، ويتولى بنفسه توزيع كتبه على أتباعه ومَن يترددون عليه.


    ([2]) وهذا أشبه بالتنظيم الماسوني الباطني.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:04

    التي تجعل من قضية الإسلام همّها الأول وشغلها الشاغل الأكبر في هذه الحياة، وذلك في إطار من البرامج المنظمة، والروح الجماعية، التي تشجع على المسارعة إلى الخير والتنافس في أداء الواجبات، فهي بمثابة المحاضن الإيمانية لهذه الطليعة المجاهدة، تدفع عنها بإذن الله غوائل الشبهات والشهوات، وتعمق في نفوسها حقائق التوحيد والإيمان، وتخلصها من بقايا الجاهلية وموروثاتها، وتطبع عقلها وروحها بطابع الإيمان والجهاد>. اﻫ

    واقرأ ـ أيضًا ـ في عددهم رقم (12)، ص (16)، قولهم: <إنّ البيان والتذكير فريضة ثابتة في الحالتين، إذ الفرض أنَّ الأولى تحرم في إطار إسلامي، بخلاف الثانية، فإنّها تتحرك في إطار علماني، أدار ظهره للإسلام وتنكَّر لأصوله المجملة.

    والأصل في ذلك كلّه أنّ الحركات الإسلام اليوم بمثابة الجيوش، التي ينبغي أن تنتظم فيها الأمّة كلّها، على اختلاف مذاهبها ومشاربها؛ لدفع فتنة الكفر وردِّ خطره عن دار الإسلام، فهي البديل عن الدولة الإسلامية، التي كانت تجنّد كافَّة المسلمين إذا داهم العدو دار الإسلام، ولا تحجب أحدًا ممن ثبت له عقد الإسلام([1]) من الاشتراك في هذا الجهاد، ولا تمنعه من الغنيمة والفيء ما دامت يده مع المسلمين([2]).

    هذا هو الإطار الذي يجب أن توضع فيه الحركات الإسلامية، عندما تكون في مرحلة الدفاع، والمواجهة، والتصدي، لِمَن تقاسموا على حرب الإسلام، وإبادة أهله، وهي في معظم أحوالها كذلك، ما دامت السيادة لغير الإسلام في بلاد الله، وما دام جنده محجوبين عن الشريعة في هذه البلاد.

    ذلك أنّه بسقوط الخلافة الإسلامية([3])، وانعدام شرعية الراية في أغلب بلاد المسلمين، نظرًا لانعدامها على العلمانية، وتحكيم القوانين الوضعية، والتحاكم إلى أحوال الأمَّة بدلاً من التحاكم إلى الكتاب والسنّة، أخذت الحركات الإسلامية على عاتقها مهمّة الجهاد، لاستئناف الوجود الإسلامي، ولإقامة الدولة الإسلامية، والوقوف في وجه الكفر القادم من الغرب ومن الشرق([4])>. اﻫ

    واقرأ ما كتبه ونقله عبد العزيز بن ناصر الجليل في كتابه <وقفات تربوية>، ص (162)، حيث قال: <وما أحسن ما كتبه الأستاذ: <محمّد قطب> في كتابه القيم <واقعنا المعاصر>، حول أهمية التربية، والردّ على مَن يستطول طريقها، ويريد قطف الثمرة قبل استكمالها، فقال ص (486): <أمّا الذين يسألون إلى متى نظل نربِّي دون أن (نعمل) ؟ فلا نستطيع أن نعطيهم موعدًا محدّدًا، فنقول لهم: عشر سنوات من الآن، أو عشرين سنة من الآن ! فهذا رجم بالغيب لا يعتمد على دليل واضح، وإنَّما نستطيع أن نقول لهم: نظل نربِّي حتى تتكوّن القاعدة المطلوبة بالحجم المعقول...>. اﻫ

    وانظر إلى قوله: <أمّا الذين يسألون متى نظلّ نربي دون أن (نعمل) ؟...>. أليست التربية عملاً ؟! فلماذا فرّق بينها وبين قوله: <دون أن نعمل> ؟

    فرَّق بين التربية والعمل، لأنّه يريد عملاً مخصوصًا، هو الخروج على الأنظمة الحاكمة وأهلها، وسيأتي لها ـ إن شاء الله ـ زيادة تفصيل.

    بل استمع إلى ما قاله سلمان العودة في شريطه <الإسلام والحزبية>، حيث قال فيه: <أمّا الكلام في البيعة التي توجد عند بعض الجماعات الإسلامية... الذي أراه أنَّ أقلَّ أحوالها أن تكون مكروهة، لِمَا فيها من التشبه أو من مشابهة النذر...>. اﻫ

    واعلم أُخَيَّ ـ هديتُ وإيَّاك للرشد ـ بأنَّ حكم النذر ابتداءً: الكراهية، لكن إذا أقدم الشخص وجب، فإذا كان كذلك، فبيعة الجماعات الإسلامية، ـ عندهم ـ ابتداءً مكروهة كالنذر، لكن إذا التزمها الشخص وجبت في عنقه، ولزمه الوفاء بها كالنذر، بعد إقدامه عليه.

    وأرجوك ـ أخي الكريم ـ ألا تقاطعني قائلاً: ما دام عندهم تنظيم وعندهم بيعة، فهم متأهبون للخروج !!! لأنِّي سأقول لك: إذن فلماذا كلّ هذا إن لم يكن ذلك هو آخر مطافهم ؟!!! وإن شئت المزيد فاستمع...
    !!!





    فصل
    في إرهاصات خروجهم



    أوّلاً: تكفيرهم الحكام قاطبة، بدون استثناء.



    يوضّح ذلك قول محمّد سرور في مجلّة <السنّة>، عدد (26) سنة 1413ﻫ، في صفحة (2 ـ 3) حيث قال: <...ومن خلال هذه الفقرات المختارة يفهم القراء كثيرًا مِمّا يجري في عالمنا الإسلامي.

    هذا وللعبودية طبقات هرمية اليوم:

    فالطبقة الأولى: يتربَّع على عرشها رئيس الولايات المتحدة، <جورج بوش> وقد يكون غدًا <كلينتون>.

    والطبقة الثانية: هي طبقة الحكام في البلدان العربية.

    وهؤلاء يعتقدون أنّ نفعهم وضررهم بيد بوش، ولهذا فهم يحجُّون إليه، ويقدمون إليه النذور والقرابين.

    والطبقة الثالثة: حاشية حكام العرب، من: الوزراء، ووكلاء الوزراء، وقادة الجيش، والمستشارين؛ فهؤلاء ينافقون لأسيادهم، ويُزَيِّنون لهم كلّ باطل، دون حياء ولا خجل ولا مروءة.والطبقة الرابعة والخامسة والسادسة: كبار الموظفين عند الوزراء، وهؤلاء يعلمون أنّ الشرط الأوّل من أجل يترفعوا، النفاق والذل وتنفيذ كلّ أمر



    ([1]) كالرافضة، والزنادقة، والمنافقين، والقبوريين، والطوائف الصوفية بكلّ اتجاهاتها، وعقائدها، فأين هي السنة التي يدّعونها ؟

    ويظهر من قولهم هذا: أنّ مَن دخل في تنظيمهم فهو منهم كائنًا مَن كان، ومَن أحجم عن تنظيمهم البدعي فهو عدوهم الذي يستباح دمه وماله، وإلاّ فمَن يجاهدون ؟ ومن أين تأتي الغنائم ؟!


    ([2]) صدق رسول الله r حيث قال في الخوارج الأولين، وامتدادها من هؤلاء: <يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان>. فهؤلاء مع الغرب حمامات سلام، ومع المسلمين أسود الشرى !!


    ([3]) ألم تعلم بأنّ الخلافة العثمانية التي تتباكى عليها كانت تحكم بالقوانين الوضعية، وفي الوقت نفسه تحتضن صوفية وحدة الوجود، والحلول، وتشيد لها القبور ؟!


    ([4]) وهل دولتكم القائمة في السودان تحكم بالشرع، وتحارب الكفر القادم من الشرق والغرب؟ أو أنها كغيرها من الدول الإسلامية الأخرى، بل أسوأ حالاً ؟!!
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:05

    يصدر إليهم...>. اﻫ

    قلت: هل قرأت هذا الكلام ـ أخي الكريم ـ متدبِّرًا لمعانيه، وما يرمي إليه ؟!

    فإن كنت قد استعجلت في القراءة، فاسمح لي ـ حفظني الله وإيّاك من كلّ سوء وفتنة ـ أن أوقفك على بعض ما أرى في مقالته هذه:

    اعلم ـ أخي ـ بأنّه أراد أن يخبرك بكفر الحكام العرب، وحاشيتهم من الوزراء، والأمراء وقادة الجيوش، ومستشاريهم، فإذا كانوا كفّارًا فلا سمع ولا طاعة، ووجب الخروج عليهم لكونهم مرتدّين.

    وقِفْ معي هنا الوقفات الآتية، حتى ترى ما قلت لك قبل قليل:

    أوّلاً: لا شكّ أنّ جورج بوش كافر نصراني، وكذا كلينتون، فهل لهؤلاء سمع وطاعة، وولاية علينا ؟!! الجواب: لا.

    إذن فمن كان مثله فهل له ذلك ؟!! الجواب: أتركه لك !!!

    ثانيًا: قوله: <الطبقة الثانية هي طبقة الحكام في البلدان العربية...>.

    سبحان الله، وأين ذكر حكام الدول الكافرة أصلاً ؟! وأين ذكر حكام البلدان الإسلامية ؟ أم أنّ الكفار هم الحكام العرب فقط، وحكام البلدان الإسلامية ـ كإيران وأفغانستان وباكستان والدول الإسلامية التي كانت تحت الحكم الشيوعي ـ موحّدون ؟!! أم أنّه خشي إن عمَّم أن لا يفهم القارئ أنّه يريد تكفير حكام الجزيرة العربية، فلذا خصّص ؟!

    ومِمَّا يدل على ذلك قول سرور في مجلّته <السنة> ـ العدد الثالث والأربعون ـ جمادى الثاني 1415ﻫ ص (27 ـ 29): <قال صاحبي: ما رأيك بهذا القول: لو سلم أبناء عبد العزيز من البطانة العلمانية التي تحيط بهم، لما كانت الأمور بهذا السوء ؟... قلت: يا أبا... هم أخبث من بطانتهم العلمانية...

    فلماذا اختيارهم على الفاسدين والعلمانيين والمنافقين دون غيرهم ؟...

    ولهذا فإنّني أقول: إنّ أولاد عبد العزيز أخبث من بطانتهم، لأنّ عقائد الطرفين واحدة، ومن جهة ثانية فأولاد عبد العزيز هم الذين يفرضون على الأمَّة القرارات الجائرة التي يشتركون مع العلمانيين في التخطيط لها وإعدادها>. اﻫ

    فهل رأيت ـ أخي القارئ ـ كيف حكم بأنّ أبناء عبد العزيز أخبث من بطانتهم العلمانية وعلَّل ذلك بقوله: لأنّ عقائد الطرفين واحدة ؟!

    واعلم علم اليقين ـ أخي القارئ ـ بأنّ العلمانية كفر، والعلمانيين كفار، فإذا كان ذلك كذلك، فإنّ مَن كان أخبث من العلمانيين فهو أشدّ كفرًا منهم.

    هذا الذي يريد أن يصل إليه هذا الضال المنحرف، فإذا تمهّد له ذلك، ترتبت عليه ثمرته، ألا وهي الخروج على أولئك الكفار ـ بزعمهم ـ.

    لكنّني أقول: يلزم ـ هذا الضال وأمثاله ـ أن يحكم بكفر وزراء وعلماء أولاد عبد العزيز قاطبة، لأنّهم هم الحاشية لأولئك الحكام، بل أقول: كيف خفي هذا الخبث والكفر والعلمنة على فحول العلماء الذين بايعوا أولئك الحكام، وسمعوا لهم، وأطاعوهم في غير معصية الله منذ عهد الملك عبد العزيز([1]) ـ رحمه الله ـ إلى يومنا هذا ؟!!

    أقول كيف يخفى هذا الأمر على أولئك الكرام، ويعلمه شرير لئيم طريد بعيد يعيش بين أظهر الكفار في لندن ؟!!

    ثالثًا: من المعلوم شرعًا أنّ طلب كشف الضرّ وجلب النفع من المخلوق مِمّا لا يقدر عليه إلاّ الله كفر أكبر مخرج من الملة، ومن المعلوم ـ أيضًا ـ أنّ تقديم النذور والقرابين، وصرف الحج لغير الله كفر أكبر مخرج ـ أيضًا ـ من الملة، فلمّا أراد الحكم على الحكام العرب بالكفر([2]) وصفهم بذلك، بقوله: <وهؤلاء يعتقدون أنّ نفعهم وضررهم بيد بوش ولهذا فهم يحجّون إليه ويقدّمون له القرابين>([3]).

    رابعًا: لَمّا أراد تكفير حاشية الحكام العرب من: الوزراء، والوكلاء، وقادة الجيوش، والمستشارين؛ وصفهم بالنفاق ـ والنفاق كفر ـ ووصفهم بتحليل كلّ حرام وباطل، ـ وتحليل الحرام كفر أكبر مخرج من الملة ـ؛ فهل فطنت لذلك ؟!!

    خامسًا: لَمّا أراد ـ أيضًا ـ تكفير كبار موظفي الدولة رماهم بالنفاق ـ والنفاق كما قلت لك كفر ـ ووصفهم بأنّهم ينفِّذون كلّ أمر يصدر إليهم، وهذا هو شرك الطاعة، وهو كفر ـ أيضًا ـ.

    سادسًا: وأعجب من كلّ ما سبق تكفيره العلماء الذين وقفوا مع هذه الدولة ـ دولة التوحيد ـ حينما غزا طاغية العراق صدام حسين الكويت، وأراد هذه الدولة بسوء، فأفتى هؤلاء العلماء الموحّدون النبلاء الشرفاء بجواز الاستعانة بالمشركين، فقال فيهم:أولاً: في مجلته: <السنّة> في عددها الثالث والعشرين، ص (29 ـ 30):



    ([1]) لمعرفة جهود الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ وأولاده في نشر العقيدة السلفية، ارجع لزامًا إلى كتاب فضيلة الدكتور الشيخ: صالح بن عبد الله العبود: «عقيدة الشيخ محمّد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم».


    ([2]) قلت: أنا لست مدافعًا عن الحكام العرب بأجمعهم، وإنَّما أنا موضّح لكلامه قائلاً له: اجعل في قولك إحدى أدوات الاستثناء، حتى لا يكون حكمك حكمًا عامًّا، أم أنّ أدوات الاستثناء لا وجود لها في قاموس لغتك ؟!!


    ([3]) إذا كان هذا هو شأن الحاج ـ والحجّ لا يجب في العمر إلاّ مرة واحدة ـ فكيف بحال العاكف الراكع الساجد عند تلك الكعبة ؟ بل كيف حال سدنتها يا سرور ؟!!
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:06

    <وصنف آخر يأخذون ولا يخجلون، ويربطون مواقفهم بمواقف ساداتهم.. فإذا استعان السادة بالأمريكان، انبرى العبيد إلى حشد الأدلة التي تجيز هذا العمل..، وإذا اختلف السادة مع إيران الرافضة، تذكر العبيد خبث الرافضة..> ـ ثمّ قال عنهم ـ:

    ثانيًا: في عدد مجلَّته السادس والعشرين، بعد ذكره للكلام السابق: <لقد كان الرق في القديم بسيطًا، لأنّ للرقيق سيِّدًا مباشرًا، أمّا اليوم، فالرق معقد، ولا ينقضي عجبي (انتبه) من الذين يتحدّثون عن التوحيد وهم عبيد عبيد عبيد عبيد العبيد، وسيِّدهم الأخير نصراني>. اﻫ

    هل سمعت أو قرأت أقلَّ أدبًا من هذا الكلام وأخبث ؟!!!

    ألم تسمع لقوله <يتحدّثون عن التوحيد>، أي: أنَّهم ليسوا من أهله، وإنَّما هم متحدّثون عنه؛ يوضّح ذلك قوله: <وهم عبيد عبيد عبيد عبيد العبيد، وسيِّدهم الأخير نصراني>. فلو كانوا موحّدين ـ في نظره ـ لم يكن سيِّدهم الأخير نصراني !!!

    وانظر ـ أيضًا ـ إلى ما قاله العبدة في كتابه: <حركة النفس الزكية> ص (6): <ولم أقصد دراستها من الناحية الشرعية، وأعني بذلك السؤال الذي يطرحه العلماء: هل يجوز الخروج على أئمَّة الجور أو لا ؟... وإنّما قصدت دراستها كواقع حصل في التاريخ الإسلامي، وهل يمكن الاستفادة منها في حياتنا المعاصرة، عندما ندرس أسباب نجاحها وفشلها ؟>. اﻫ

    وانظر إلى قوله: <ولم أقصد دراستها من الناحية الشرعية...> تعجب ! لأنَّها إن كانت محرَّمة شرعًا ـ كما هو الحقّ الذي عليه السلف الصالح ـ فلا يجوز فعلها ولا التأسِّي بأصحابها.

    لكنَّه حينما اعتقد بأنّ الخروج على أئمّة الجور جائز، بل واجب، تطرق إلى دراستها لكي يستفيد هو ومَن معه منها.

    بل اقرأ ما كتبه سفر الحوالي في كتابه <وعد كيسنجر> ص (138)، مدقِّقًا النظر والفهم، حيث قال: <إنّ ما أصابنا لم يكن إلاّ بما كسبت أيدينا، واقترفنا من ذنوب وعصيان، وخروج عن شرع الله، ومجاهرة بما حرّم الله، وموالاة أعداء الله، وتهاون في حقّه، وتقصير في دعوة الله؛ اشترك في ذلك الحاكم والمحكوم، والعالم والجاهل، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، على تفاوت فيما بينهم...

    لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا، وفشا المنكر في نوادينا، ودعي إلى الزنا في إذاعتنا وتلفزيوننا، واستبحنا الربا، حتى أنّ بنوك دول الكفر لا تبعد عن بيت الله الحرام إلاّ خطوات معدودات.

    أمّا التحاكم إلى الشرع ـ تلك الدعوى القديمة ـ فالحقّ أنّه لم يبق للشريعة عندنا إلاّ ما يسمّيه أصحاب الطاغوت الوضعي: <الأحوال الشخصية>، وبعض الحدود التي غرضها ضبط الأمن>. اﻫ

    واعلم أيضًا بأنّه قال في شرحه للطحاوية رقم (266/2): <فشوقنا كبير أن تكون أفغانستان النواة واللبنة الأولى للدولة الإسلامية، وما ذلك على الله بعزيز>. اﻫ

    وسؤالي للشيخ هو: ما رأيك الآن في الحكومة الأفغانية، هل لا زالت هي النواة واللبنة الأولى للدولة الإسلامية، أو ماذا ؟!

    وإن تعجب، فأعجب منه قول سلمان العودة في شريطه: <فلماذا يخافون من الإسلام> حيث جاء فيه: <سؤال: لا يخفى عليكم نظام الحكم في ليبيا، وما فيها من محاربة للإسلام والمسلمين؛ فما هو واجب المسلمين هناك ؟ أَوَ يفرون بدينهم ؟

    الجواب: هذا في كلّ بلد !!!..>. اﻫ

    قلت: سبحان الله ! تقول هذا في كلّ بلد ـ يا شيخ سلمان ـ أنت من أهل التدقيق ومن المحاربين للتعميم ؟! فما بالك نسيت اللبنة الأولى للدولة الإسلامية أفغانستان ؟! أم كيف أنساك التعميم الحكومة الإسلامية في السودان ؟! أو الحكومة والخلافة الراشدة في اليمن ؟!!

    يا شيخ سلمان، لماذا يلجأ الدعاة الإسلاميون كالغنوشي، والعبدة، وسرور، والمسعري، ومَن كان على شاكلتهم؛ إلى الغرب طالبين منهم، بل متوسِّلين إليهم أن يُقبَلوا على أرضهم، وتحت كنفهم وحمايتهم ؟!!!

    سبحان الله ! لم تجيزوا لأهل هذا البلد الاستعانة بالمشركين في صدّ عدوان الملحد صدام، وتجيزون لأئمَّة دعوتكم اللجوء السياسي عندهم، يعيشون بين ظهرانيهم، ويستظلُّون برايتهم، ويتحاكمون إلى أنظمتهم عند الخصام ؟!! فهلاَّ لجأوا إلى الحكومات الإسلامية الراشدة ﻛ <أفغانستان>، <السودان>، و<اليمن> ؟!

    أم أنّ هذه مواقف منهجية سياسية تُملَى عليكم، إذ لو كانت مواقف شرعية لكان الحكم واحدًا، لكونها من المتماثلات، لا من المختلفات.بل استمع لشريطه: <الأمّة الغائبة>، حيث قال فيه: <فالشعوب الإسلامية تعيش في واد، وحكامها يعيشون في واد آخر؛ لأنَّهم لا يُعبِّرون عن حقيقة مشاعرها التي في قلبها، ولا يمثلون حقيقة الدين الذي ينتسب
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:07

    إليه...>. اﻫ

    واستمع لقوله في شريطه: <يا لجراحات المسلمين>، حيث قال فيه: <الرايات المرفوعة اليوم في طول العالم الإسلامي وعرضه إنَّما هي رايات علمانية..>. اﻫ

    ومِمَّا يوضّح الأمر السابق ما كتبه الجليل في كتابه <وقفات تربوية> ص (161) حيث قال: <.. ثمّ نتخلّى عن المعارك الطاحنة التي تديرها الجاهلية في المجتمعات المعاصرة، حيث ضاعت إسلامية الراية وإسلامية النظم.. وإنّنا بهذا المنهج الشامل والسلفية المعاصرة، نسلم وتسلم عقيدتنا الثابتة من أيِّ خلط أو اهتزاز، كما هو الحاصل في هذه الأيام ـ أيام غزو صدام للكويت ـ..>. اﻫ
    ثانيًا: من الإرهاصات الدالّة على أنّهم سيخرجون عاجلاً أم آجلاً، تهييجهم للعامَّة على ولاة الأمر.



    يبيِّن ذلك قول سلمان العودة في شريطه: <هموم فتاة ملتزمة>، حيث يقول: <إنَّني أعتقد أنّ زمن الشكوى المجرّدة قد انتهى أو كاد ينتهي، أعني: أنّ دَوْرَ الخيرين والخيرات لا يجوز أبدًا أن يتوقّف عند مجرّد الشكوى للجهات المختصَّة، حصل كذا، وحصل كذا، وحصل كذا.

    وأقول: إنّ هذا الدور الذي وقف عند مجرّد الشكوى فقط، قد انتهى لأسباب، أهمُّها، أو يكاد أن ينتهي لأسباب أهمها:

    أوّلاً: لو كان هناك إصرار من القمم على منع ريح التغيير والفساد، لأحكموا غلق النوافذ...

    ثانيًا: ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال.

    الآن ونحن في عصر صار للجماهير فيه تأثير كبير؛ فأسقطوا زعماء، وهَزُّوا عروشًا، وحَطَّموا أسوارًا وحواجز، ولا زالت صور العُزَّل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي بعد ما قام الانقلاب الشيوعي الأخير الذي فشل، لا زالت صور أولئك العزَّل يتدافعون في وجوه الدبابات بالآلاف، بل بعشرات الآلاف، حتى استطاعوا ـ وهم لا يملكون ولا رصاصة واحدة ـ أن يقفوا في وجه ذلك الانقلاب ويفشلوه. لا زالت الصورة ماثلة للأذهان، وقد رآها العالم كلّه، حيّة على الهواء في شرقه وغربه...>. اﻫ

    ومِمّا يدل على ذلك ـ أيضًا ـ ما جاء في شريط <من هنا.. وهناك> للعودة، حيث قرأ رسالة تقول: <...أرجو أن لا تغرّك هذه الجموع مهما كثرت أشباحها، وتواصلت اتصالاتها، وتوالت رسائلها، ولنا في <حسن البنا> و<عباس مدني> أقرب مثال وأوضحه.

    أيُّها الشيخ: قبل أن تحرِّك قدمك أو تضعها، تأكّد من أنّك تضع على أرض متماسكة، واعلم أنّ هذه القدم تحرِّك خلفها أقدام، وكم يمتلكني الخوف ـ لماذا ؟ ـ كلّما تخيَّلت مصير هذه الصحوة عندما تكون الخطوات غير محسوبة، نريد بطئًا، ولكن أكيد المفعول !!!>. اﻫ

    أقول: لا تعليق عندي.
    !!!





    مناقشة أدلة القطبية
    في الإنكار العلني على الولاة




    واعلم ـ أخي الكريم ـ أنّ من وسائل التهييج عندهم: الإنكار العلني على الولاة، والإكثار من غمزهم ولمزهم، ونشر أخطائهم على الملأ والعامّة، ليوغروا بذلك صدور العامّة على الولاة، فيتمنّوا زوالهم إن لم يسعوا في ذلك بأيديهم وأرجلهم.

    وقد استدلّ هؤلاء السياسيون ببعض الآثار، زاعمين أنّها تدلّ على ما يريدون من الإنكار العلني على الولاة، وسأبيِّن ـ بعون الله ـ ما وقعوا فيه من التدليس والتلبيس، فأقول:

    قال سلمان العودة في شريطه <لماذا نخاف من النقد>: <من ذلك مثلاً: أنّ بعض الناس شكَّكوا في قسمة النبي r للمال ـ وهذا موجود في كلِّ زمان ـ، وأنَّها قسمة ما أريد بها وجه الله، فقال النبي r: <رَحِمَ اللهُ أَخِي مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ>.

    والثابت في الصحيح أنّ النبي r لم يأمر بالقبض على هذا الرجل الذي قال تلك الكلمة وشكّك في القيادة العليا ـ قيادة النبي r ـ لم يأمر بالقبض عليه قطّ، ولا أودعه في السجن، ولا فتح محاضرة للتحقيق معه، ولا حكم بسجن مؤبّد، ولا بغير مؤبّد، ولا شهّر به، ولا فضحه أبدًا، وإنّما تركه حرًّا طليقًا لم يتعرّض له بشيء، سوى أنَّه r قال: <رَحِمَ اللهُ أَخِي مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ>، وهو r رسول الله، الصادق المصدوق، المبرء المُنَزَّه.. هذا المنهج التربوي النبوي العظيم ظلّ هو السنّة المتبعة للمسلمين قرونًا طويلة، من بعد النبي r، سواءً كانوا من الخلفاء والحكام، أو من العلماء والدعاة، أو من عامَّة الناس..>. اﻫ

    ولي مع هذا الكلام وقفات:

    الوقفة الأولى: يا سلمان: هل تقول إنَّ فعل الرجل وقوله كان جائزًا، أم لا ؟ فإن كان الجواب ﺑ «لا» ـ وهذا ظنِّي فيك ـ إذًا فلا حجّة لك فيه.

    وإن قلت بالثانية فتلك مصيبة !!!

    الوقفة الثانية: يقول العلماء: إنّ ذلك الرجل كان هو البذرة الأولى للخوارج، فهل تسوغ لك نفسك بأن يكون قائدك البذرة الأولى للخوارج ؟!!

    الوقفة الثالثة: سلَّمت لك جدلاً أنّ هذا الحديث يدلّ على جواز الإنكار العلني على الولاة، لأنَّه إذا جاز ذلك في حقّ النبي r فما عداه من باب أولى.

    لكن، الرجل هنا جاء إلى الرسول r وجهًا لوجه، ومن ثَمّ أنكر على المصطفى r، فأين هذا مِمّا تفعلون من الذهاب إلى المساجد، سواءً في خطب الجمع، أو إلقاء المحاضرات العامَّة في المناطق البعيدة، ومن ثَمّ طرح وإلقاء ما ترونه من المنكر الذي وقع فيه الولاة على مسامع الناس، لا على مسامع الولاة.

    فأنتم في هذه الحال لم تنكروا على الولاة، بل ذكرتم ما عندهم للعامَّة، وفرق كبير بين الإنكار عليهم، وبين ذكر ما عندهم للغير.

    فإن أردتم النصح لهم فاذهبوا إليهم مباشرة، أو بواسطة، ومن ثَمّ أسمعوهم ما تريدون، ونحن لا نخالفكم ـ والحال هذه ـ من النصح لهم.لكن قد يقول ملقَّن ـ يهرف بما لا يعرف ـ: إنّ الكلام في المحاضرات العامَّة
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:08

    وخطب الجُمَع، والأشرطة المسجلة تبلغ هؤلاء، بل إنَّ كشف أخطائهم عند العامَّة يردعهم عن التمادي في باطلهم.

    فأقول له: هل أنت مصلح تريد الإصلاح، أو لا ؟ فإن كنت مصلحًا فاسلك طريق الشرع، لأنَّه سبيل المصلحين، والشرع قد ورد فيه قول الرسول الكريم r: <سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ>.

    وإن كنت مفسدًا، فلا كلام لي مع المفسدين.

    وأزيدك شيئًا آخر لم تفطن له، وهو: ما يدريك من أنَّ نصحك الذي نصحت به في شريطك، أو محاضرتك، أو خطبتك، قد وصلت للولاة على وجهها الصحيح من غير تحريف فيها ولا تبديل، لا سيما وأنتم لكم أعداء يتربّصون بكم الدوائر ـ كما تزعمون ـ كالعلمانيين، والقوميين، والنفعيين، وغيرهم ؟!!

    فلماذا لا تكون فطنًا نبيهًا مفوتًا على أولئك خططهم، لا سيما وأنت الفقيه بالواقع، العالم بسبل المجرمين وخططهم وأهدافهم ؟!!

    إذا فهمت ذاك الجواب، فهمت الجواب عن كلّ ما استدلّوا به من الآثار الدالة على جواز الإنكار العلني على الولاة، كالذي ذكره سلمان في كتابه <من وسائل دفع الغربة> ص (149 ـ 151): <ومن ذلك أنّ مروان بن الحكم لَمّا أخرج المنبر يوم العيد، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة، مخالفًا بذلك سنّة النبي r، قام إليه رجل، وقال له بصريح العبارة: يا مروان: خالفت السنّة، أخرجت المنبر في يوم عيد، ولم يكن يخرج فيه، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة، فأيّده على هذا الإنكار أبو سعيد الخدري t وقال: <أمَّا هذا فقد قضى ما عليه> أي: أنَّه قام بالواجب الذي يقتضيه حديث: <مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا...>.

    وكان لأبي سعيد نفسه t موقف أقوى من موقف هذا الرجل، ولعلّه كان قبل هذه الحادثة.

    فعن أبي سعيد الخدري t قال: كان رسول الله يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثمّ ينصرف، فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثًا، قطعه، أو يأمر بشيء، أمر به، ثمّ ينصرف.

    قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك، حتى خرجتُ مع مروان ـ وهو أمير المدينة ـ في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى، إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجذبت بثوبه، فجذني، فارتفع، فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيّرتم والله. فقال: أبا سعيد ! قد ذهب ما تعلم فقلت: ما أعلم ـ والله ـ خيرٌ مِمّا لا أعلم، فقال: إنّ الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلناها قبل الصلاة>. اﻫ

    اعلم ـ أخي الكريم ـ بأنَّ الاحتساب على الولاة كغيرهم من المسلمين، يسلك في ذلك الشرع بلا إفراط ولا تفريط، فمَن رأى من أميره منكرًا فليأمره بالمعروف الذي تركه، وينهاه عن المنكر الذي فعله، ولو كان بحضرة الأمير بعض الناس، كما في الآثار السابقة ـ إذا كان يحقّق مصلحة راجحة ـ.

    أمّا أن تكون في مكان، والوالي في مكان آخر، لا يسمعك ولا يراك، أو قد يسمع صوتك المسجل، ولكن بتحريف وتغيير لكلامك، فليس هذا من الإنكار في شيء، بل هو عبث وسفه، لِمَا يترتّب على ذلك من المفاسد الكبيرة الكثيرة.

    وعلى فرض التسليم بصحة ما ادَّعوه، فإنّي سأقول لهم: إذا جاز الإنكار على الولاة علنًا، فلأن يجوز الإنكار على أولئك الدعاة من باب أولى.

    فإن قال قائل: هذا لا يصح، لأنّ الإنكار على الدعاة علنًا يسبب الفرقة ويعيق الدعوة، ويشتت الكلمة، ويورث الشحناء والبغضاء، ويشكّك فيما يحملون من الحقّ.

    فسأقول: إنّ المفاسد المترتبة من الإنكار العلني على الولاة، أعظم وأعظم من المفاسد المترتبة على الإنكار العلني على الدعاة.

    بل أقول له: لماذا يغضبون إذا أنكر بعض علمائنا على داعية من الدعاة، أو على جماعة من الجماعات في شريط له، أو كتاب وزع على الشباب والناس، ليحذَروا ما عند ذلك الداعية وتلك الجماعة من خطأ وباطل.

    ـ وأيضًا ـ فإنّ العلّة التي أجازت لعلمائنا الإنكار، هي العلّة التي تعلّلون بها الإنكار على الحكام والولاة، وهي قولكم: <إنّ المنكر متفشٍّ منتشر، فلابدّ من إنكاره علنًا>. فلماذا تأخذون بهذا المبدأ حين يكون لكم، وتتركونه إذا كان ضدّكم ؟!!

    بل الالتزام بهذا المنهج يسبب الفوضى، لأنّ الموظف سينكر على مديره علنًا، والطالب سينكر على شيخه علنًا، والجندي سينكر على قائده علنًا و... الخ.

    الوقفة الرابعة: قوله: <وشكّك في القيادة العليا...>.

    اعلم أخي القارئ بأنّ القيادة العليا في الإسلام هي القيادة الشرعية السياسية، ممثَّلة في الحاكم وولي الأمر، وتحت هذه القيادة قيادات أخرى من أولاها: القيادة العلمية الشرعية، ممثلة في أهل العلم ـ كهيئة كبار العلماء عندنا ـ.

    وسلمان يقول: إذا جاز التشكيك في القيادة العليا، قيادة النبي r جاز التشكيك فيما دونها من القيادات من باب أولى.فأقول لسلمان: أرأيت لو أنّك التزمت بذلك المبدأ لفسدت الدنيا، ولفسد
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:09

    الدين، لأنَّ الصوفية سيقومون ويشككون في تلك القيادة العليا وما دونها من القيادات، وكذا الرافضة، وكذا العلمانيون، وكذا كلّ المبطلين، فإذا حصل هذا، أليس هو الفساد والإفساد بعينه ؟!!

    بل قد يقول قائل: إذا جاز ذلك، جاز التشكيك فيكم من باب أولى، فإن قبلتم ذلك كان فيه عليكم من المشقة ما الله به عليم، وإن منعتم ذلك، نقضتم أصلكم الذي أصّلتم.

    الوقفة الخامسة: قوله: <لم يأمر بالقبض عليه قطّ، ولا أودعه في السجن، ولا فتح محاضر التحقيق معه، ولا حكم عليه بسجن مؤبّد، ولا بغير مؤبّد، ولا شهّر به، ولا فضحه أبدًا، وإنّما تركه حرًّا طليقًا لم يتعرّض له بشيء...>.

    قلت: عفا الله عنَّا وعنك يا سلمان، ألم تسمع قول النبي r عن هذا الرجل حينما أدبر: <..إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَأُونَ القُرآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ قَتَلْتُهُمْ قَتْلَ عَادٍ> سنن أبي داود (5/122).

    وهذا النبي r يقول: <لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ قَتَلْتُهُمْ قَتْلَ عَادٍ>.

    فهو عليه الصلاة والسلام يريد قتل ذرّيّة ذلك الرجل وفروعه، أفلا ترى بأنّه عليه الصلاة والسلام لو تمكّن وقدر على قتل الذي هو أساسهم وأصلهم لفعل، لكنَّ منعه من ذلك خشية أن يقول الناس: إنّ محمّدًا يقتل أصحابه.

    فهل يصلح بعد ذلك أن تقول: لم يأمر بالقبض عليه..، ولا شهّر به، ولا فضحه.. ؟! بل قد شهّر به، وفضحه، بل شهّر ذريّته ـ أيضًا ـ وفضحهم، بل وأمر بقتلهم، وبيّن أنّهم شرُّ قتلى على وجه الأرض، فماذا بعد هذا من التشهير والفضيحة ؟!!

    الوقفة السادسة: لو طبَّق هذا المنهج، لكانت حياتنا أشبه بالحياة الديمقراطية، فتدبّر وتنبّه !!!
    ثالثًا: من الإرهاصات الدالة على خروجهم: طعنهم في العلماء والتهوين من شأنهم، ومنزلتهم عند العامّة والخاصّة.



    وذلك بوصفهم بأنّهم علماء سلطان، وأنَّهم حاشية حكام، لا أنَّهم ﻛ <سلطان العلماء>: العزّ بن عبد السلام.

    يوضّح ما قلت لك ما يأتي:

    أ) قول سلمان في شريطه <وقفات مع إمام دار الهجرة>، حيث قال فيه: <... في بلاد العالم الإسلامي اليوم جهات كثيرة جدًّا، لم يبق لها من أمر الدين ـ وقد تكون مسئولة عن الفتيا ـ أحيانًا ـ أو عن الشؤون الدينية ـ لم يبق لها إلاّ أن تعلن عن دخول شهر رمضان أو خروجه>. اﻫ

    فمَن هم المعنيون بقول سلمان: <جهات كثيرة...> ؟!

    لا أراه يقصد بذلك إلاّ هيئة كبار العلماء في بلد التوحيد، ومَن كان على شاكلتهم من غيرهم في البلاد الأخرى.

    وإليك البرهان:

    ب) جاء في حوار مجلة: <الإصلاح> الإماراتية مع سلمان العودة، عدد (223)، ص (11)، قوله: <.. الأحداث التي حدثت في الخليج لم تزد على أنّها كشفت النقاب عن علل، وأدواء خفية كان المسلمون يعانون منها، وأكّدت على أنَّهم ليسوا على مستوى مواجهة مثل هذه الأحداث الكبيرة، وكشفت كذلك عن عدم وجود مرجعية علمية صحيحة وموثوقة للمسلمين، بحيث أنَّها تحصر نطاق الخلاف، وتستطيع أن تقدّم لهم حلاًّ جاهزًا صحيحًا، وتحليلاً ناضجًا...>. اﻫ

    ج) قال عائض القرني في قصيدته: <دع الحواشي واخرج>، في كتابه <لحن الخلود> ص (46 ـ 47):


    يا رياض الخير قد جئت وفي
    لا تحدثني عن العمران في
    أنا لا أرغب سكنى القصر ما
    صل ما شئت وصم فالدين لا
    أنت قسيس من الرهبان ما
    تترك الساحة للأوغاد ما
    أو دعيٍّ فاجر أوقع في
    لا تخادعني بزي الشيخ ما
    أنت تأليفك للأموات ما
    كلّ يوم تشرح المتن على
    والحواشي السود أشغلت بها
    لا تقل شيخي كلاما وانتظر
    والسياسات حمى محذورة




    جعبتي أبها بلقياك تسامى
    أرضكم يا صاح والأهل يتامى
    دام قلبي في حثى الذل مساما
    يعرف العابد م
    َ
    ن صلى وصاما
    أنت من أحمد يكفيك الملاما
    بين قزم مقرف يلوي
    الزماما
    أمتي جرحا أبى
    ذاك التآما
    دامت الدنيا بلاءً وظلامًا
    أنت إلا مدنف حب الكلاما
    مذهب التقليد قد زدت قتاما
    حينما خفت من الباغي حساما
    عمر فتوى مثلكم خمسين عاما
    لا تدانيها فتلقيك حطاما


    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:09

    د) دعواهم الفجة العريضة أنّ العلماء ـ كهيئة كبار العلماء هنا وإخوانهم من خارج هذه البلاد مِمَّن هم على شاكلتهم وعلى منهجهم ـ لا يفقهون الواقع، والعالم والمفتي الذي لا يفقه الواقع تكون فتواه غير صحيحة، وغير صائبة، بخلاف هؤلاء السياسيين، فإنَّهم أئمَّة فقه الواقع، وأئمَّة الفتوى في آن واحد، فكانوا هم الأولى بالاتباع والتقديم !! ومِمَّن رفع لواء دعوى فقه الواقع: ناصر العمر، في شريطه الذي أصبح فيما بعد كتابًا أسماه ﺑ <فقه الواقع>.

    واعلم أُخَيّ ـ هديت للرشد ـ بأنِّي قد أخبرتك بأنّ هذا المبدأ هو الوسيلة الثانية لتحقيق غايتهم، وأخبرتك ـ أيضًا ـ بأنَّهم رفعوا هذا المبدأ ليرفعوا من شأن دعاتهم ـ أصحاب المجلات، والجرائد، والإذاعات، والقصص، والقصاصات ـ ويهوِّنوا من شأن أهل العلم ـ أصحاب الكتب الصفراء، وأصحاب الحواشي ـ لأنَّه إذا حصل لهم ذلك، سَهُل عليهم حينئذ قيادة وتوجيه الهمج، والرعاع، والببغاوات؛ إلى ما يريدون تحقيقه من أهداف وغايات، فجعلوهم أشبه بالآلات التي لا تسمع ولا تبصر ولا تفهم ولا تعقل، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

    ولهذا فإنِّي سأقوم هنا ـ إن شاء الله ـ بمناقشة هذا المبدأ وصاحبه مناقشة مختصرة ـ يسّر الله مناقشتها مفصلة ـ خشية الإطالة، بعد أن نتذكّر سويًّا كلمة سرّهم التي تقول: إنّ المبادئ والأفكار والأسس والغايات التي يريدون عرضها على الناس ـ مِمَّا يوجب الاختلاف ـ لابد من عرضها بقوالب وألفاظ مجملة ليتسنَّى لهم ما يريدون.
    !!!





    فصل
    مناقشة الوسيلة الثانية من وسائل القطبية في تحقيق أهدافها
    وهي: فقه الواقع




    اعلم ـ أخي الكريم ـ بأنّ غاية ما يمكن أن يقال عن علم فقه الواقع المنادى به اليوم ـ إن صحّت تسميته علمًا وفقهًا ـ أن يكون من فروض الكفايات إن لم يكن من المباحات.

    إلاّ أنّ صاحب فقه الواقع أخرجه في صورة مبالغ فيها جدًّا، فاق بها فروض الأعيان.

    قال العمر في <فقه الواقع>: <إحكام الفتوى وإتقانها: أشار ابن القيم ـ رحمه الله ـ إلى أهمِّية فقه الواقع للمفتي>.

    وهو يشير بذلك إلى قول ابن القيم رحمه الله في كتابه <إعلام الموقعين> (1/87 ـ 88)، حيث قال ـ رحمه الله ـ: <...ولا يتمكّن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحقّ إلاّ بنوعين من الفهم:

    أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن، والأمارات، والعلامات، حتى يحيط به علمًا.

    والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو حكم الله الذي حكم به في كتابه، أو على لسان رسوله في هذا الواقع، ثمّ يطبّق أحدهما على الآخر...>.

    فكلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ عامٌّ في كلّ مسألة، سواءً كانت في العقائد، أو في المعاملات، أو في العبادات، أو في السياسات الخاصَّة، أو العامَّة، الداخلية أو الخارجية، أو حتى الدنيوية... الخ. <الحكم على الشيء فرع عن تصوّره>.

    فما هو المراد بفقه الواقع عند هؤلاء الصحفيين الحركيين السياسيين يا ترى ؟!!!

    المراد به: فقه السياسات الغربية، ومعرفة مخطّطاتها السرية تجاه الإسلام والمسلمين.

    وهذا الفقه شيء محمود، لا ننكره ولا نحاربه، ولكنَّ الذي ننكره ولا نرضاه هو: جعلهم العالم الذي يُقْتَدَى به هو الفقيه بذلك الواقع لا غير.

    ولهذا نجدهم يسمُّون ذلك الفقيه ـ أي: فقيه الواقع ـ<المُنَظِّر>، وﺑ <المُوَجِّه>، وﺑ <المفكر>، وﺑ <الداعية>، وﺑ <الحركي>... الخ.

    ولَمَّا كان نهج هؤلاء قائمًا على الألفاظ المجملة، أوهموا القارئ بأنَّهم موافقون لابن القيم في كلامه، وأنَّهم مقتفون لآثاره، قائلون بها، والفََطِن النبيه يعلم بأنَّهم مخصِّصون لكلامه، مقيّدون لإطلاقه، فشتَّان بين الفقهين، فذاك عامٌّ، وهذا خاصٌّ، وذاك مطلق، وهذا مقيّد، فأنّى يستويان([1]) !يوضِّح ذلك تعريفهم لفقه الواقع حيث قالوا: هو <علم يبحث في فقه الأحوال المعاصرة، من العوامل المؤثّرة في المجتمعات، والقوى المهيمنة على الدول والأفكار الموجهة لزعزعة العقيدة، والسبل المشروعة لحماية الأمَّة ورقيِّها في الحاضر والمستقبل>. [فقه الواقع للعمر ص (10)].



    ([1]) فابن القيم يريد بفقه الواقع ملابسات الواقعة بعد وقوعها، أمَّا هؤلاء فإنَّهم يريدون بفقه الواقع فهم الحادثة قبل وقوعها.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:10

    إذن فما هو الحامل لهم على ذلك ؟

    الحامل لهم هو: ترويج ما يدعون إليه من مناهج وأفكار، إذ لو لم تكن لهم آثار سلفية لانكشفوا وانفضحوا لدى العامَّة والخاصَّة، فهم أشبه في ذلك المنهج والمسلك بالأشاعرة، حيث قالوا: بتنزيه الربِّ جلّ جلاله، وعنوا به تعطيله سبحانه وتعالى عن كثير من صفاته، إذ لو قالوا بالتعطيل ابتداءً لَمَا تَبِعَهم إلاّ قلَّة، فما أشبه الليلة بالبارحة !! <ولكلّ قوم وارث>.

    واعلم أخيّ ـ وفَّقني الله وإيَّاك لكلّ خير ـ بأنّ صاحب فقه الواقع قد ذكر بعض الأدلة الشرعية مستدلاًّ بها على صحة دعواه، وهي في حقيقة الأمر ليس لها صلة بما قرّره من فقه الواقع بمعناه الخاصّ، وإليك ـ أخي الكريم ـ تفصيل ذلك:

    قال العمر ص (14): <أمَّا السنَّة فقد حفلت بكثير من الوقائع والشواهد التي تدلّ على عناية المصطفى r بهذا الجانب ـ أي فقه الواقع ـ.

    فها نحن نراه يوجّه المستضعفين من صحابته بالهجرة إلى الحبشة، وهذا برهان ساطع على معرفته بما يدور حوله وأحوال الأمم المعاصرة له.

    فلماذا لم يرسل الصحابة إلى فارس والروم أو غيرهم، ولماذا اختار الحبشة؟ يبيّن ذلك r بقوله: <إِنَّ فِيهَا مَلِكًا لاَ يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ>.اﻫ

    قلت: سبحان الله !! هذا الحديث يدلّ على معرفة الأمور والأحوال الظاهرة، والتي يشترك فيها أكثر الناس، فأين دلالته على الاشتغال بتتبّع الجرائد، والمجلات، والأفلام، والتقارير الغربية... الخ، بزعم أنَّنا بهذا الطريق نعلم خطط وأهداف الغربيين السرِّية، والموجهة تجاه الإسلام والمسلمين ؟!!

    ويقال هذا ـ أيضًا ـ فيما قاله في فقه الواقع ص (15 ـ 16) حيث قال: <.. ومن أقوى الأدلة على عناية الكتاب والسنّة بفقه الواقع قصة فارس والروم، وفيها يبرز اهتمام الصحابة ـ أيضًا ـ بهذا العلم، وإدراكهم لأهمِّيته، والقصّة كما وردت في سورة الروم: أنَّه قامت حرب بين فارس والروم فانتصر الفرس على الروم، وهنا حزن المسلمون لهذا الأمر، فقام أبو بكر t وراهن أحد المشركين على انتصار الروم على الفرس، وحدّد لذلك أجلاً قصيرًا، فأخبر أبو بكر t رسول الله r بذلك، فأقرّه وأمره بزيادة مدّة الأجل، إلى عشر سنين، ففعل أبو بكر..>.

    قلت: نحن فرحنا بذلك، وفرحنا ـ أيضًا ـ بانتصار الإسلام والمسلمين في كثير من البقاع والأزمان، وإن لم نحضر أو نرهم، ونهتمّ ونفرح بانتصار الإسلام والمسلمين في هذا العصر وبعده، ولكن يا فقيه الواقع: أين الدلالة من هذه الحادثة على الاهتمام بالجرائد، والمجلات والتحليلات الغربية والشرقية... الخ ؟

    لأنَّه لا يتمُّ فقه الواقع ـ كما تقول ـ إلاّ بهذا، بل كلّ ما ذكرته من الأدلة هو بهذه المثابة، حيث يستوي فيها كثير من الناس، العالم منهم والجاهل، والذكر والأنثى، الصغير والكبير.

    وإلاّ فالعالَم علِم بسقوط الشيوعية في الاتحاد السوفيتي، وتمزُّقه إلى دول، وعَلِم العالَم ـ أيضًا ـ بحرب العراق وإيران، وعلم العالم بحرب الخليج، والحرب اليمنية، بل علم العالم بالصلح مع إسرائيل، فهل هو فقه الواقع الذي تريده، والذي يستوي فيه أكثر الناس ؟!!

    أم تزعم ـ يا فقيه الواقع ـ ومَن سار على دربك ـ أنَّكم قد أحطتم بأسرار تلك الوقائع، ومخطّطاتها، وأهدافها الدقيقة والجليلة، الظاهرة والخفية، القريبة والبعيدة ؟ فإن كان ذلك كذلك، فأظهره ونوِّر لنا دربنا ؟! وإن كانت الأخرى، فلا تلعبوا بعقولنا وبعقول شبيبتنا، و<رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه>.

    ويمكن تقرير الجواب بوجه آخر، وهو: أنَّه مِمَّا علم واشتهر وانتشر أنّ أمريكا كانت تخطّط لعدوّها اللدود الدب الأحمر روسيا، وكانت روسيا تفعل مثل ما تفعل عدوّتها التقليدية أمريكا، وكانت بينهم حرب تسمَّى بحرب الجواسيس، كالحرب العسكرية، أو أشدّ، وكانوا يتبادلون الأسرى فيما بينهم، ولا يخفى على أحد ما لدى تلك القوتين من الإمكانات المادية الهائلة للتجسس، والمراقبة ـ لدرجة أنَّهم غزو الفضاء بها ـ ومع ذلك كلّه لم يكتشف كلٌّ منهم أسرار ومخطّطات خصمه السرية، فأنَّى لكم ذلك ؟!!! وأنتم لا تملكون شيئًا من ذلك، بل ولا معشار معشار ما يملكون من هذه الوسائل المادية، بل العجيب في ذلك كلِّه أنَّكم تعتمدون على ما يكتبون ويقولون من تقريرات، ونشرات، وتصريحات... الخ، كما هو واضح من تحليلاتكم السياسية لأزمة الخليج، والتي تصدّر لها سفر في كتابه <كشف الغُمَّة>، فسبحان الله ما لكم كيف تجمعون وتحللون، وتربطون، ومن ثَمَّ تحكمون وترشدون، وأنتم في ذلك كله معتمدون على أخبار الكفرة الفجرة الكذبة ؟!!

    واعلموا أنَّكم قلتم:

    إنّ من مقومات فقه الواقع التأصيل الشرعي، وأنّه لابدّ أن يكون لدى فقيه الواقع من العلم الشرعي ما يحتاج إليه في تخصّصه، مِمَّا لا يعذر بجهله من فرض العين أو الكفاية.

    ولا بد له من سعة الاطِّلاع وتجدُّده، ولتشعب هذا العلم وشموله فيحتاج المتخصِّص فيه إلى كثير من الفنون، سواءً العلوم الشرعية، كالعقيدة، والفقه، أو العلوم الاجتماعية، كالتاريخ، أو العلوم المعاصرة، كالسياسية، والإعلامية، وهلمَّ جرا.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:11

    وإذا قصَّر في أيِّ علم من هذه العلوم أو غيرها، مِمَّا يحتاج إليه، فسينعكس ذلك سلبًا على قدرته على فقه الواقع، وتقويم الأحداث، والحكم عليها.

    وهذا العلم يحتاج ـ أيضًا ـ إلى قدرة فائقة على المتابعة والبحث في كلّ جديد، لذا يلزم المتخصِّص أن يكون لديه دأب لا يكلُّ في متابعة الأحداث، ودراسة أحوال الأمم والشعوب، فلو انقطع عنه فترة من الزمن أثّر في تحصيله وقدرته في فهم مجريات الأحداث وتقويمها.

    ومن مقوّماته: القدرة على الربط، والمقارنة، والتحليل، بعد جمع الأخبار والمعلومات، ولا بدّ ـ أيضًا ـ من تفاعل الفقيه الإيجابي مع الواقع، ولا بد أن يكون حسن الاختيار لمصادر ذلك الفقه، فمصادره متعدّدة متنوعة، متباينة، فمن مصادر إسلامية، إلى مصادر مادية، ومن مراجع قديمة إلى مراجع معاصرة، ومن أخبار المسلمين، إلى أخبار الكفار والملحدين، وهكذا دوالَيْكَ.

    وقلتم ـ أيضًا ـ إنّ مصادر فقه الواقع كثيرة جدًّا، منها: القرآن الكريم وتفسيره، والسنّة النبوية وشروحها، وسير السلف الصالح، من القادة والعلماء والمصلحين، وكتب العقيدة والفقه، ودراسة المعاصرين والمتقدّمين من كتب تتعلّق بالجوانب السياسية، كمذكّرات السياسيّين، الذين قضوا سنوات طويلة في غمار السياسة ودهاليزها، والكتب التي تبحث في موضوعات سياسية كالعلاقات الدولية، وعلاقة السياسة بالاقتصاد، ومهمَّات السفراء، ونحو ذلك، والكتب التي تتحدّث عن خفايا السياسة وأساليبها، ودور المنظمات الدولية، ككتاب <لعبة الأمم>، و<الميكافيلية>، و<منظمة الأمم المتحدة>، و<عصبة الأمم>، وﻛ <مجلس الأمن>.

    ومن مصادره: المصادر اليومية، كالصحف، والمجلات، والدوريات، ونشرات وكالات الأنباء العالمية، والإذاعات، والتلفزيون، والأشرطة والوثائق، إلى غير ذلك من الوسائل الإعلامية المعاصرة.

    قلت: إذا عُلِم هذا، فليعلم بأنَّه لا يمكن لأحد من أهل العلم ـ ولو كان من سادات الصحابة، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي y، أو أحد الأئمَّة الأربعة، أو حتى شيخ الإسلام ابن تيمية، أو ابن القيم، ومَن هو مثلهم ـ أن يقوم بعشر ما سبق ذكره، بل أنت ـ يا فقيه الواقع ـ هل تدَّعي أنّك قد ألممت بكلّ ما ذكرته وقام بك ؟! بل إنّه لا يمكن أن يقام بذلك العمل إلاّ بواسطة دولة متكاملة، قوية، غنية، لها من الإمكانات المادية والعلمية الشيء الكثير، فهل أنتم دولة ؟!

    إنّ فقهاء الواقع يريدون حشر الشباب السذج، البسطاء، الأغرار في دهاليز السياسة وظلماتها المخيفة، ومكرها الدفين، ليكونوا على شاكلتهم متابعين لهم، فلا يفقهون علمًا، ولا يسمعون نصحًا، فاللهمّ رُحْماك رُحْماك.

    فإن قال قائل: قد تتسرب بعض مخطّطات الأعداء من أيديهم على أيدي بعضهم مِمَّن أراد الشهرة والمال، وذلك بكتابة مذكّراته ومن ثَمَّ نشرها.

    قلت: هذا ممكن وأنا لا أتكلّم عن الإمكان العقلي، بل أتكلّم عن الواقع يا أهل الواقع، وهب ـ أيضًا ـ بأنّ ذلك وقع، فكم يا ترى من كتاب، ونشرة، وتقرير، ينشر بضدّه، ليعمى على القارئ، ويشوِّش عليه، كما يفعله الكاهن حينما يقول الحقّ الذي استرقه الشيطان من السماء ثمّ يكذب معه مئة كذبة. بل الكثير مِمَّا يعلن وينشر تريد به تلك الدول التعتيم والتضليل، ولا يمثل حقيقة سياستها ونواياها المستقبلية، هذا إن أصدرته هي، فضلاً عن أن تكون مصادره مستقلة عنها.

    بل إنَّ من هدي النبي r وشرعه أنَّه إذا أراد غزوة ورَّى بأخرى، فإذا كان هذا من ديننا، فكيف بِمَن لا دين لهم إلاّ الكذب ؟!!

    إنّنا في هذا البلد الطيب ـ بلد التوحيد والسنّة ـ قد كُفِينَا مُؤْنَة ذلك كلّه، فحكامنا ـ هدانا الله وإيَّاهم ووفقنا الله وإياهم لكل خير ـ قد كفونا مُؤْنَة متابعة الأحوال السياسية الداخلية والخارجية، الإقليمية منها والعالمية.

    وهيئة كبار العلماء ـ حفظنا الله وإيَّاهم ـ قد كفونا مُؤْنةَ الحكم على تلك السياسات والأحداث؛ فما علينا إلاّ أن نتفرّغ لطلب العلم النافع، والعمل الصالح الديني والدنيوي، والمناصحة الصادقة الهادفة للجميع، والدعاء لهم بالتوفيق في الدين والدنيا.

    هذا هو سبيل المؤمنين في الإصلاح، إن كنتم مصلحين.

    ولا يفوتني هنا قبل أن أنتقل إلى المسألة الآتية ـ أن أُذَكِّر ـ أخي القارئ الكريم بأنّ هذه المسألة لم تطرح للساحة إلاّ في أزمة الخليج، بعد مُضِيِّ شهرين منها في منطقة أَبْهَا، ومقدِّم المحاضرة هو عايض القرني، وعندي استشكال واستفسار هو: لماذا عرضت في ذلك الوقت وفي ذلك المكان ؟!! أَلأَنَّ هيئة كبار العلماء أصابت في فتواها أم لأنَّها... ؟!!

    رابعًا: من إرهاصات خروجهم أنَّهم قالوا: إنّ الأحاديث الواردة في وجوب مبايعة إمام كقوله عليه الصلاة والسلام: <...مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً>. وكقوله عليه الصلاة والسلام: <تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وَإِنْ ضَربَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ>.

    وكقوله: <عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأثرة عَلَيْكَ>([1]).



    ([1]) رواها مسلم (3/1478، 1476، 1467).
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:11

    إنَّما المراد بها إمام العامّة، أو الخليفة الذي تخضع له البلدان عامّة، أمّا الأوضاع الحالية، فلا تصدق عليها هذه الأحاديث.

    قالوا ذلك لكي يتجرّأ الشباب على الخروج على حكامهم، ولا سيما في هذه البلاد الطيبة.

    وزعموا ـ أيضًا ـ بأنّ الإمامة الكبرى لا تكون إلاّ في قريش، وهؤلاء ليسوا من قريش، فلا ولاية لهم ولا بيعة.

    ولا أدري أين ذهبوا عن قول المصطفى r: <... مَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَن يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي>([1]) وقوله ـ أيضًا ـ في حديث أبي ذر حيث قال: <إنّ خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدًا مجدَّع الأطراف>([2]). وغيرها كثير.

    ففي هذه الأحاديث لم يشترط الرسول r الإمامة الكبرى، ولا كونه من قريش، }أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمًّا تَعْمَلُونَ{ [البقرة، آية: 85].

    قال الشيخ الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في أضواء البيان (1/123 ـ 124): <فاشتراط كونه قريشيًّا هو الحقّ، ولكنَّ النصوص الشرعية دلّت على أنّ ذلك التقديم الواجب لهم في الإمامة مشروط بإقامتهم الدين، وإطاعتهم لله ورسوله، فإن خالفوا أمر الله فغيرهم مِمَّن يطيع الله ـ تعالى ـ وينفذ أوامره أولى منهم.

    فمن الأدلة الدالة على ذلك: ما رواه البخاري في صحيحه عن معاوية t ... فإنِّي سمعت رسول الله r يقول: <إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لاَ يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ كَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ؛ مَا أَقَامُوا الدِّينَ>.

    ومحلّ الشاهد منه قوله r: <ما أقاموا الدين> لأنّ لفظة: <ما> فيه مصدرية ظرفية، مقيِّدة لقوله: <إنّ هذا الأمر في قريش>؛ وتقرير المعنى: إنّ هذا الأمر في قريش مدّة إقامتهم الدين. ومفهومه: أنَّهم إن لم يقيموه لم يكن فيهم. وهذا هو التحقيق الذي لا شكّ فيه في معنى الحديث>. اﻫ

    وأقول لهؤلاء أيضًا: أتجهلون واقع المسلمين حينما سقطت الدولة الأموية في الشام، وقامت في الأندلس، وقامت الدولة العباسية في بغداد، فكانت آنذاك دولتان في آن واحد ـ بل كانت هناك دولة الأغالبة والأدارسة ـ الأموية في الأندلس، والعباسية في بغداد ؟

    فهل سيقول هؤلاء السياسيون بأنّ ذلك الوقت خلا عن إمام مبايع له بالسمع والطاعة، وخلا عن الجهاد والغنيمة ؟

    أم سيقولون لكلٍّ منهما بيعة وسمع وطاعة ـ كما هو القول الحقّ ـ فيتركون ما يطنطنون به ويزمِّرون ؟!!

    اللهمَّ افتح بيننا وبينهم بالحقّ، وأنت خير الفاتحين.

    بل الخلافة العثمانية التي تتباكون على سقوطها لم تكن خلافة عامَّة، ولم يكن الخليفة قرشيًّا. فهل سيقولون جاز لأولئك ولا يجوز لهؤلاء([3]) ؟!!

    وكم في حياتهم وسياساتهم من الجهالات والخلل والتناقضات والاضطراب والمماحكات !!

    خامسًا: من إرهاصاتهم للخروج، قولهم بجواز، بل بوجوب بيعة زعماء الجماعات الإسلامية، كما سبق ذكره عند الكلام على التنظيم والبيعة، وعند الكلام على تكفيرهم للحكام، فارجع إليه ـ وُفِّقت لكلّ خير ـ.

    فلو كان هؤلاء يعتقدون وجوب البيعة لولاة هذا البلد الطيبـ بلد التوحيد ـ لَمَا أجازوا تلك البيعات المناقضة لها، فتنبّه!!!

    ولا يخدعنّك قولهم: إنّ بيعة زعماء الجماعات الإسلامية وإمرتهم إنَّما هي مثل بيعة الأمير في السفر وإمرته، لأنّ تأمير الأمير في السفر لا يناقض البيعة العامَّة للحاكم أو الوالي، وإلاّ لم يجز. هذا أولاً.

    وثانيًّا: هذه الإمرة مخصوصة بالسفر، فإذا انتهى السفر انتهت الإمرة بل إذا افترقوا في السفر لمصلحة عرضت لأحدهم، انتهت إمرة الآخر عليه، بخلاف البيعة للخليفة، أو الحاكم، أو الوالي، فلا تنقطع بفراقه لتجارة، أو دراسة، أو ما أشبه ذلك، فما أطول سفر القوم !!

    بل إنَّ المقطري في <قواعد الاعتدال> ص (60)، صرَّح بعدم وجود السلطان المسلم الذي تجب له البيعة، حيث قال: <...والناظر اليوم إلى واقع المسلمين يرى أنَّه لا يوجد السلطان المسلم !!! الذي يُحكِّم شرع الله في كلّ نواحي الحياة، والذي تجب له البيعة على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، ويأثم كلّ مستطيع إن ترك مبايعته>.سادسًا: من إرهاصاتهم للخروج: ذكرهم ودراستهم لحركات خرجت



    ([1]) رواه مسلم (3/1466).


    ([2]) رواه مسلم (3/1467).


    ([3]) مَن أراد الزيادة باختصار وفائدة عظيمة في الوقت نفسه، فعليه بقراءة رسالة: <نصيحة مهمة في ثلاث قضايا>، و<المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم>، إعداد أبي عبد الله الوائلي، و<حقوق الراعي والرعية> للشيخ ابن عثيمين، ومعها فتوى للشيخ ابن باز، و<وجوب طاعة السلطان في غير معصية الرحمن> لمحمد العريني.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:12

    ـ بزعمهم ـ بعضها نجح، وبعضها فشل، آخذين منها العبر والفوائد، وذلك لمعرفة أسباب نجاحها، وأسباب فشلها، كما قاله العبدة في كتابه ـ المقدّس عندهم ـ <حركة النفس الزكية> ص (6)، حيث قال: <ولم أقصد دراستها من الناحية الشرعية، وأعني بذلك السؤال الذي يطرحه العلماء، هل يجوز الخروج على أئمَّة الجور أم لا ؟.. كما أنَّني لا أقصد الدراسة التاريخية البحتة ..وإنَّما قصدت دراستها كواقع حصل في التاريخ الإسلامي، وهل يمكن الاستفادة منها في حياتنا المعاصرة، عندما ندرس أسباب خروجها أو فشلها ؟>.

    ومن ذلك قوله ص (10 ـ 11): <إنّ كثيرًا من علماء المسلمين لم يكونوا راضين عن القصور في دمشق وبغداد، وقد قدم بعضهم سندًا أَدَبيًّا لأمثال حركة النفس الزكية، لأنَّهم كانوا يريدون التطبيق الشامل للإسلام، ولكنَّ الأكثرية من العلماء كانوا يرون الخروج على الحكام فيه من المفاسد أكثر مِمَّا فيه من المصالح، لأنَّهم لا يملكون تكتُّلاً قويًّا لتغيير الحكم بدون فتن وإراقة دماء...>.

    انظر وتمعن في قوله: <ولكنَّ الأكثرية من العلماء كانوا يرون الخروج على الحكام فيه من المفاسد أكثر مِمَّا فيه من المصالح... الخ>، هكذا يا عبدة تُوهِم القارئ بأنَّ القضية قضية ترجيح مصالح على مفاسد، وكأنَّه لا يوجد فيها نصوص قاطعة ثابتة صريحة، تدل على وجوب السمع والطاعة، وإن ظلم وجار، ما لم نر كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان، وتُحرِّم الخروج عليهم، وأنَّ الحكم فيمن أراد الخروج القتل كائنًا مَن كان، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: <إنَّه سيكون هنات هنات، فمَن أراد أن يُفرِّق أمر هذه الأمَّة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنًا مَن كان> مسلم (3/1479).

    وقوله: <مَن أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشقَّ عصاكم أو يفرِّق جماعتكم فاقتلوه> مسلم (3/1480).

    ونحن ـ ولله الحمد والمنَّة ـ مجتمعون في هذا البلد تحت راية سنِّية سلفية وحاكم مسلم؛ فلا نسمح لأحد كائنًا مَن كان أن يفرِّق جمعنا، ويشتِّت شملنا، ويذهب برايتنا وولاتنا، لأنّ في هذا إفساد ديننا ودنيانا، وإنَّما المطلوب الإصلاح بالمعروف.

    وانظر ـ أخي الكريم ـ مقارنًا بين كلام العبدة حيث قال: <...لأنَّهم لا يملكون تكتُّلاً قويًّا لتغيير الحكم بدون فتن وإراقة دماء...>.

    وبين كلام العودة حيث يقول في شريطه <الأمَّة الغائبة>: <إذًا من خلال هذه الأمثلة المتفرِّقة نستطيع أن نقول: كلُّ قضية نريد لها أن تنجح علينا أن نحشد لها جماهير الأمَّة بقلوبهم وعقولهم ومشاركتهم...>.

    وبين ما نقله عبد العزيز بن ناصر الجليل عن أستاذه محمَّد قطب في كتابه: <وقفات تربوية> ص (162)، حيث يقول محمَّد قطب: <أمَّا الذين يسألون إلى متى نظل نربي دون أن (نعمل) ؟ فلا نستطيع أن نعطيهم موعدًا محدّدًا؛ فنقول لهم: عشر سنوات من الآن، أو عشرين سنة من الآن ! فهذا رجم بالغيب لا يعتمد على دليل واضح، وإنَّما نستطيع أن نقول لهم: نظلُّ نربِّي حتى تتكون القاعدة المطلوبة بالحجم المعقول...>.

    سابعًا: من إرهاصات خروجهم ـ أيضًا ـ عدم قناعتهم في أحقِّية هيئة كبار العلماء في هذا البلد حين اتخاذهم لأيِّ قرار تجاه هؤلاء السياسيين وذلك حينما رمى أولئك السياسيون تلك الهيئة العظيمة بأنَّهم لا يفقهون الواقع.

    فمن تلك الأقوال التي قالوها في الهيئة وغيرهم: قول سلمان في شريطه <وقفات مع إمام دار الهجرة>: <..في بلاد العالم الإسلامي اليوم جهات كثيرة جدًّا لم يبق لها من أمر الدين ـ وقد تكون مسئولة عن الفتيا ـ أحيانًا ـ أو عن الشؤون الإسلامية ـ لم يبق لها إلاّ أن تعلن عن دخول شهر رمضان أو خروجه..>.

    وفي الحوار الذي أجرته معه مجلَّة <الإصلاح> الإماراتية، عدد (223)، ص (11) قال: <... الأحداث التي حدثت في الخليج لم تزد على أنَّها كشفت النقاب عن علل وأدواء خفية، كان المسلمون يعانون منها، وأكَّدت على أنَّهم ليسوا على مستوى مواجهة مثل هذه الأحداث الكبيرة، وكشفت كذلك عن عدم وجود مرجعية علمية صحيحة، وموثوقة للمسلمين، بحيث أنَّها تحصر نطاق الخلاف، وتستطيع أن تقدِّم لهم حلاًّ جاهزًا صحيحًا، وتحليلاً ناضجًا...>.

    وفي كتاب سفر الذي وجهه للهيئة، والذي أسماه ﺑ <كشف الغمة عن علماء الأمَّة>، وحينًا آخر ﺑ <حقائق حول أزمة الخليج>، وحينًا آخر ﺑ <وعد كيسنجر>، قال في ص (126، 127): <وبعد.. الآن وبعد أن استعرضنا القضية من بدايتها، وجذورها، وخططها، وإرهاصاتها، وإخراجها، أتظلُّ المسألة مسألة استعانة، كما فهم المشايخ والإخوان الأفاضل أصحاب الرأي الأول.. أمَّا من جهة الواقع فالمناط مختلف جدًّا ـ فالهيئة تقول استعانة، وهم يقولون احتلال ـ وعلينا معرفته ومدارسته، والخروج بما يبرئ الذمَّة، ويسقط المؤاخذة، ويدفع عذاب الله عنَّا..>.

    وأريد بهذه المناسبة أن أتوجّه لسفر بسؤال هامٍّ جدًّا، وهو: هل نحن الآن ـ يا سفر ـ لا زلنا محتلِّين، أو لا ؟ وهل قوات التحالف لا زالت باقية في الطرقات والمطارات، والمدن، والقرى، والمناطق النفطية، أو أنَّها رحلت ؟

    ـ وأيضًا ـ هل برئت ذمّة الهيئة الآن وسقطت عنهم المؤاخذة، أو لا ؟
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:13

    إذا عُلِم ما سبق، فاعلم أخي أنَّه لَمَّا انغرس ذلك الشيء في نفوسهم ونفوس أتباعهم؛لم ينصاعوا للقرارات التي صدرت من الهيئة ولو كانت مجمعة على ذلك القرار، يوضّحه: أنَّه حينما أفتى أهل العلم بجواز الاستعانة، أفتى السياسيون بعدم جوازها، بل ادَّعوا أنّ هذه ليست استعانة، وإنَّما هي احتلال، هذا أولاً.

    وثانيًا: حينما وجَّهوا نصيحتهم ـ المزعومة ـ للملك ـ حفظه الله ورعاه وسدّد لكلِّ خير خطاه ـ قاموا بنشره في الجرائد الخارجية، وأعلنوها على رؤوس الأشهاد، فخرجت عن كونها نصيحة إلى كونها فضيحة، فقامت الهيئة باستنكار ذلك الفعل وذلك العمل، فهل سكت أولئك القوم ؟ أم أنَّهم استنكروا استنكار الهيئة وتمادوا في غيِّهم ؟

    وثالثًا: حينما أجمعت الهيئة على استدعائهم وتقريرهم بأخطائهم ـ من قبل ولاة الأمر ـ ومن ثَمَّ طلب منهم الكفّ عن تلك الممارسات، وتلك الأخطاء، فإن امتثلوا فبها ونعمت، وإلاّ مُنِعوا الخُطب، والمحاضرات، والدروس، والتدريس، حماية للمجتمع من أخطائهم، وذلك باتِّفاق الهيئة.

    فهل امتثلوا ما قيل لهم، أو لا ؟
    ثامنًا: من إرهاصات خروجهم إعلانهم المشين عمّا أسموه : <لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية>، وتأييد هؤلاء لها.



    حيث يقول سلمان في شأنها: <... فهذه الجمعية أو اللجنة عملها جليل وهي قامت بفرض كفاية بالنيابة عنَّا جميعًا، فعلينا أن نؤازرها، وأن نساعدها، وأن نراسلها، وأول ذلك: أن نبعث إليها ببرقيات الشكر على هذا المشروع الجليل الذي بدأوا به...>.

    علمًا بأنّ سلمان العودة قد مهّد لقيام هذه الجمعية قبل ظهورها بسبعة أشهر ـ تقريبًا ـ حيث دعا إلى إنشائها في محاضرته التي بعنوان: <حقوق الإنسان في الإسلام> حيث قال فيها: <...نحن نحتاج إلى جمعيات تدافع عن حقوق الإنسان المسلم، ولا يجوز أن يكون الدفاع عن حقوق الإنسان حكرًا على النصارى الذين يستخدمون مثل هذه الأشياء ـ أحيانًا ـ لأغراض دعائية.

    ينبغي أن ينبري من أهل القدرة والإمكانية مَن يقيمون في بلاد العالم كلها جمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان، وخاصَّة الدفاع عن حقوق الإنسان المسلم؛ مثلما نجد في منظمات العفو...>.

    والجواب عن ذلك قد تولَّته هيئة كبار العلماء حينما قالت: <الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهداه. أمَّا بعد:

    فإنّ مجلس هيئة كبار العلماء، في دورته الأربعين، المنعقدة في الرياض، في الفترة من 10/11/1413ﻫ إلى 19/11/1413ﻫ، اطَّلع على النشرة المعنون لها ﺑ <إعلان عن تأسيس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية>، الموقعة من كلّ من: حمد الصليفيح، وعبد الله بن سليمان المسعري، وعبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، وعبد الله الحامد، وسليمان بن إبراهيم الرشودي، وعبد الله بن حمود التوجري، الذين عيَّنوا أنفسهم لجنة للدفاع عن الحقوق الشرعية ـ كما يقولون ـ وأبدوا استعدادهم في هذه النشرة لاستقبال مَن يرغب موافاتهم بمظلمة، أو معلومة موثقة، تعينهم على القيام فيما نصَّبوا أنفسهم له، ووضعوا لذلك عناوين وهواتف يمكن استقبال الرسائل والمكالمات عليها.

    والمجلس إذ يستغرب تصرّف هؤلاء الإخوة في تكوينهم أنفسهم لجنة للدفاع عن الحقوق الشرعية، وإعلانها في وسائل الإعلام الأجنبية، ويستنكر هذا العمل، يقرّر بالإجماع عدم شرعية قيام هذه اللجنة، وعدم جواز إقرارها، لأنّ المملكة العربية السعودية بحمد الله تُحكِّم شرع الله، والمحاكم الشرعية منتشرة في جميع أرجائها، ولا يمنع أحد من رفع ظلامته إلى الجهات المختصّة في المحاكم أو ديوان المظالم، وكاتبو النشرة يعلمون ذلك تمام العلم، ولِما يترتّب على وجود هذه اللجنة من أمور لا تُحمَد عقباها، والله ولي التوفيق والهداية.

    وصلى الله وسلم على نبيّنا محمّد وآله وصحبه>. انتهى

    واعلم ـ أخي القارئ ـ بأنّ الناطق الرسمي لهذه اللجنة في بريطانيا محمّد ابن عبد الله المسعري قد فضح نفسه ـ ولله الحمد ـ فسقط في أيدي أتباعه ومادحيه، حيث قال في نشرة له بعنوان: <إيضاح من الناطق الرسمي للجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية> والصادرة في لندن، يوم الخميس 22/10/1415ﻫ الموافق 23/3/1995م حيث جاء فيها:

    <أولاً: لم أتَّهم الشيخ عبد العزيز بن باز بالكفر، وإنَّما قلت بالحرف الواحد: <إنّ كثيرًا من العلماء والمشايخ يرون أنّه بعد فتواه بجواز الصلح مع إسرائيل قد وصل إلى مرحلة تقارب الكفر>.

    ولقد نقلت رأي هؤلاء العلماء والمشايخ، أمَّا رأيي الشخصي فهو: أنّ الشيخ ابن باز قد وصل إلى مرحلة من الخرف والسفه، والضعف التام، ولكنِّي لم أرى منه كفرًا لديَّ عليه برهان من الله سبحانه وتعالى.ثانيًّا: لم أتعرض لعقيدة الشيخ محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله، وإنَّما ذكرت الحقيقة، وهي أنّه كان رجلاً ساذجًا، وليس عالِمًا وتبنَّى قضايا ومواقف ساذجة، تتناسب مع سذاجة القوم في نجد، في تلك الأيام، ولم أهاجمه شخصيًّا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:13

    وحسابه على الله، وإنَّما هاجمت موقفه من إعطاء السلطة الدينية للمشايخ والسلطة الدنيوية لآل سعود، وقلت: إنّ هذا لا يتماشى مع الإسلام، بل مع المسيحية التي تعطي لقيصر ما لقيصر، ولله ما لله، والحقّ أحقّ أن يتبع.

    ثالثًا: فيما يتعلّق بمعاوية بن أبي سفيان، قلت في معرض ردِّي على سؤال من أحد الإخوة الشيعة الحضور: إنَّني أعتبر معاوية <مغتصبًا>، وأنَّني أعتقد أنّه سيلقى جزاءه من الله يوم القيامة على ما ارتكبه من جرائم ولكنِّي لم أُكفِّره، بل أكدت على أنّني أعتبر عهده أصلح من عهد آل سعود.

    رابعًا: لم أُمجِّد الخميني كما زعمت الأجهزة السعودية، أمَّا عن إشارتي إليه بتعبير <الإمام>، فإنّما هي من باب استعمال اللفظ الشائع، ولا يعني اعترافي بإمامته بالمعنى الشرعي، كما أنّ قولي: <إنّه زعيم تاريخي عظيم وعبقري>، لا يعني أبدًا اعترافي بولاية الفقيه، كما أوضحت في جوابي على سائل آخر.

    خامسًا: صحيح أنّني قلت: إنّ أركان الإسلام <ستّة>، ولكنِّي لم أكن جادًّا، وإنّما كنت أسخر من النظام السعودي الذي قلت إنّه أضاف إلى أركان الإسلام الخمسة ركنًا جديدًا هو <التابعية السعودية>.

    سادسًا: ..أمّا الحقيقة التي يعرفها الجميع فهي: أنّني عضو في حزب التحرير الإسلامي، منذ أكثر من عشرين عامًا، وأنا أفتخر بهذه العضوية، كما أنَّني أفتخر بأنِّي أول مَن أسّس قواعد هذا الحزب في جزيرة العرب، وقد سجَّلت هذه الحقيقة طائعًا مختارًا أمام المحكمة الشرعية الكبرى بالرياض، وسوف أظلّ وفيًّا لمبادئ هذا الحزب الإسلامي العظيم حتى ألقى الله عزّ وجلّ دون أن أبدِّل تبديلاً إن شاء الله..>. اﻫ

    ولي مع هذا الإيضاح وقفات:

    الوقفة الأولى: مع قوله: <إنّ كثيرًا من العلماء والمشايخ يرون أنّه بعد فتواه بجواز الصلح مع إسرائيل قد وصل إلى مرحلة تقارب الكفر>.

    أقول: ـ يا مسعري ـ ألا تستحي من نسبة هذه المقولة الضالَّة الظالمة، لكثير من العلماء والمشايخ، لأنّ ذلك لا يمكن أن يصدر عن جاهل فضلاً عن عالم، وإنِّي هنا أطالبك ـ يا مسعري ـ بأن تسمِّي لنا واحدًا من أولئك العلماء، هذا أولاً.

    وثانيًا: ألم تعلم ـ يا مسعري ـ ويعلم أولئك الذين نسبت إليهم ذلك القول ـ بأنّ الصلح مع المشركين ـ ومنهم اليهود ـ من المسائل الفقهية الفرعية، وليست من نواقض الإيمان ؟!!

    وثالثًا: لماذا لم تصدر ويصدر أولئك ذلك الحكم على مَن دعا إلى وحدة الأديان، أو على مَن زعم أنّ النِّزاع الدائر بيننا وبين اليهود ليس سببه الدين، وإنَّما لأنّ اليهود غصبوا أرضًا عربيةً ؟!!

    الوقفة الثانية: مع قوله: <أمّا رأيي الشخصي فهو أنّ الشيخ ابن باز قد وصل إلى مرحلة الخرف والسفه والضعف التامّ ولكنّي لم أر منه كفرًا بواحًا لديّ عليه برهان من الله سبحانه وتعالى>.

    فما أقول إلاّ كما قال الله تعالى: }قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ{ [سورة آل عمران، آية: 119].

    وكما قال الله تعالى: }كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا{ [سورة الكهف، آية: 5].

    وأقول أيضًا: قد أظهرت ـ يا مسعري ـ ما كنت تبطنه من كره وحسد وحقد لعلماء الدعوة السلفية النجدية، حينما قلت: <قد وصل إلى مرحلة من الخرف والسفه والضعف التامّ...>. وأقول: سبحان الله: هذا الشيخ عبد العزيز ـ حفظه الله وأمدّ في عمره ـ يفتي الناس ليل نهار، وها هو يدرِّس منذ الصباح دروسه المعتادة، وأبناؤه الطلبة يقرأون عليه، وإخوانه العلماء يستفيدون منه، فهل خفي تخريف الشيخ وسفهه وضعفه على هؤلاء عامّة، وعلمه مسعري بريطانيا خاصّة ؟!! سبحانك اللهمّ إلاّ أن تكون كهانة ؟!!

    وأمّا قوله: <ولكنّني لم أر منه كفرًا بواحًا لديّ عليه برهان من الله سبحانه وتعالى>.

    فأقول: هذا عذر أقبح من ذنب، إذ الشيخ ابن باز ـ حفظه الله ورعاه ـ في نظر المسعري لم يصل إلى درجة الكفر المخرج من الملة لكنّه أوغل في الضلال والإضلال !!! سبحانك اللهمّ، إنّ هذا إلاّ اختلاق.

    وأقول ـ أيضًا ـ إذا كان هذا هو موقف المسعري من فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ وهو مَن هو ـ إذن فموقفه من باقي هيئة كبار العلماء وطلبة العلم أردأ، وأسوأ وأخبث !!!

    فهل بعده يسوغ لمسلم أن يسمع من المسعري قولاً في أحد منهم.

    الوقفة الثالثة: مع قوله: <لم أتعرّض لعقيدة الشيخ محمّد ابن عبد الوهاب... الخ>.فأقول: إنّ قوله: <إنّه كان رجلاً ساذجًا وليس عالِمًا>، يدلّ على أنّ الحسد والحقد قد أكل قلبه، وأعمى بصره وبصيرته، والعياذ بالله، وإلاّ فإنّ أقوال وأفعال وكتب إمام الدعوة السلفية النجدية والمجدّد المصلح الشيخ: محمّد
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:14

    ابن عبد الوهاب ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ تشهد له بالعلم والحلم والفضل، وشهد ـ أيضًا ـ له بذلك العلماء الصالحون المصلحون، فهو قد جاوز القنطرة، فلا يحتاج إلى تعديل من عدل، فكيف يحتاجه من مدخول مجروح مفتون ؟!!!

    وقوله: <وتبنَّى قضايا ومواقف ساذجة تتناسب مع سذاجة القوم في نجد في تلك الأيام...>.

    أقول: لم يأت الشيخ محمّد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ إلاّ بما جاء به الرسول r من الأمر بالتوحيد والنهي عن الكفر والشرك بالله، والأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحجّ البيت لِمَن استطاع إليه سبيلاً، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، وإقامة شعائر الله وحدوده، فهل الدعوة إلى هذه القضايا ـ يا مسعري ـ تعتبر دعوة إلى قضايا ساذجة ؟!!

    وهل السعي في اتخاذ الأسباب الشرعية المؤدِّية لإقامة شرع الله وحكمه كما أمر الله مواقف ساذجة ؟!!

    الوقفة الرابعة: مع قوله: <فيما يتعلّق بمعاوية بن أبي سفيان، قلت في معرض ردِّي على سؤال من أحد الإخوة الشيعة الحضور...>.

    أقول: يكفيك ـ يا مسعري ـ خذلانًا من الله أن يكون مَن قال بتحريف كتاب الله بالزيادة والنقصان فيه، ومَن قال: بالبداءة على الله، ومَن قال: إنّ الصحابة قد ارتدّوا جميعًا إلاّ نفرًا قليلاً، ومن قال: إنّ الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف سيكون، ومَن قال إنّ قبر أمير المؤمنين يزوره الله مع ملائكته، ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون، ومَن يقول إنّ تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لِمَن لا تقية له، ومَن يقول: إنّ لأئمّتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرّب، ولا نبي مرسل، ومَن قال لا يتصوّر في الأئمّة السهو أو الغفلة... الخ، أخًا لك، فلتهنأك تلك الأخوّة !! فإنّ الرجل يحشر مع مَن أحبّ، والأخوّة ثمرة الحبّ، والله تعالى يقول: }لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمَ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ{ [سورة المجادلة، آية (22)].

    وقولك ـ يا مسعري ـ عن معاوية بن أبي سفيان t: <إنَّني أعتبر معاوية مغتصبًا، وأنَّني أعتقد أنَّه سيلقى جزاءه من الله يوم القيامة، على ما ارتكبه من جرائم...>، فهو مخالف لقول النبي r: <إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا>([1]) وفي الوقت نفسه موافق لقول أخيك الشيعي !!

    ولتعلم ـ يا مسعري ـ بأنّ معاوية بن أبي سفيان ـ t من كُتّاب النبي r، ومن كُتّاب الوحي، فطعنك فيه، طعن في رسول الله وفي كتاب الله، وكفى بذلك خزيًا.

    واعلم ـ أيضًا ـ بأنّ العام الذي بويع له بالخلافة، يسمى بعام الجماعة.

    وأمّا اتِّهامك له t بارتكاب الجرائم فأعدّ له جوابًا حين يقف لك خصمًا بين يدي الله يوم القيامة، وقولك: <ولكنِّي لم أكفّره>، فهذا ـ أيضًا ـ عذر أقبح من ذنب، إذ هو في نظرك أفسق الفاسقين، وأضلّ الضالين، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

    الوقفة الخامسة: زعم المسعري بأنّه لم يمجّد الخميني، ومع ذلك وصفه بأنّه إمام، وزعيم تاريخي عظيم، وعبقري، فإذا لم يكن ذلك تمجيدًا فما هو التمجيد إذن ؟!

    ألم تعلم ـ يا مسعري ـ بأنّ الإمام لا يطلق إلاّ على مَن يقتدى به، كما قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: }إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكِينَ{ [سورة النحل، آية: 120]. فإذا أطلق لفظ الإمام بلا تقييد ـ كإمام في البدعة أو إمام ضلالة، أو إمام المشركين ـ يوضّح المراد منه، انصرف إلى المعنى المحمود، هذا أوّلاً.

    وأمّا ثانيًا: ففي أيِّ شيء كان الخميني إمامًا؟!! وفي أيّ شيء كان عظيمًا؟!! وفي أيِّ شيء صار عبقريًّا؟!!

    الوقفة السادسة: مع قوله: <أمّا الحقيقة التي يعرفها الجميع، فهي أنّني عضو في حزب التحرير الإسلامي منذ أكثر من عشرين عامًا، وأنا أفتخر بهذه العضوية>.

    أقول: لا أملك إلاّ أن أقول للمسعري هنيئًا لك هذا الحزب، وتلك العضوية فيه !!! إذ قد استبدلت الهدى بالضلال، والنور بالظلمات، والحقّ بالباطل، والدعوة السلفية النقية، بالدعوة البدعية الحزبية، فهنيئًا لك ثمّ هنيئًا لك !!!

    ولتعلم ـ يا مسعري ـ بأنّ حزب التحرير حزب نشأ في الأردن، أسَّسه تقي الدين النبهاني المتخرج في جامعة الأزهر، والذي من مبادئ حزبه([2]) أنّ العقائد لا تؤخذ إلاّ عن يقين، وأنّه يحرّم أخذ العقيدة بناءً على دليل ظنِّي، كأخبار الآحاد، ولهذا يحرِّم على أعضاء حزب التحرير الاعتقاد بعذاب القبر، وظهور المسيح الدحال، لأنّ أحاديثها ظنية...



    ([1]) انظر الكلام حول الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم (34).


    ([2]) انظر تلك المبادئ وغيرها في الطريق إلى جماعة المسلمين لحسين جابر (281 ـ 294)، والموسوعة الميسرة (135 ـ 141).
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:15

    ومنها: <أنّ الإسلام قد بنى العقيدة على العقل فيما يدركه، أو عن طريق مصادر ثابتة بالعقل، مثل القرآن والحديث المتواتر>.

    ولا يرى الحزب القيام بأيِّ أعمال؛ من دعوة إلى الأخلاق الفاضلة، أو الصلاة والصيام، أو رفع مستوى الأمَّة التعليمي والعلمي، يدل على ذلك قوله: <لذلك يجب أن تكون الكتلة التي تحمل الدعوة الإسلامية كتلة سياسية، ولا يجوز أن تكون روحية، ولا كتلة أخلاقية، ولا كتلة علمية، ولا كتلة تعليمية، ولا شيئًا من ذلك ولا ما يشبهه، بل يجب أن تكون كتلة سياسية، ومن هنا كان حزب التحرير حزبًا سياسيًّا يشتغل بالسياسة... الخ>.

    ومن آراء حزب التحرير الفقهية؛ القول بجواز تقبيل المرأة الأجنبية، ومصافحتها.

    ومن أقواله الشاذّة أيضًا: إباحته النظر إلى الصور العارية، وغير ذلك.

    ومن آراء حزب التحرير السياسية تجويزه لغير المسلمين أن يكونوا في مجلس الشورى، وتجويزه ـ أيضًا ـ للمرأة أن تكون عضوًا في مجلس الشورى.

    وآخرًا وليس أخيرًا، أعتذر لك أخي القارئ عن نقلي تلك الآراء الباطلة الساقطة، والمنحرفة عقائديًّا وسلوكيًّا وأخلاقيًّا، ولكن حتى تعلم مدى ضلال وانحراف حزب التحرير وأهله، ومع ذلك الضلال كلّه، يقول المسعري: <وأنا أفتخر بهذه العضوية..، وسوف أظلّ وفيًّا لمبادئ هذا الحزب الإسلامي العظيم حتى ألقى الله عزّ وجلّ، دون أن أبدِّل تبديلاً..>.

    وأمّا قوله: <كما أنّني أفتخر بأنّي أوَّل مَن أسّس قواعد هذا الحزب في جزيرة العرب..>.

    أقول: بادر بالتوبة ـ يا مسعري ـ عما أنت عليه من الضلال والانحراف وأصلح ما أفسدت، من قبل أن يأتيك الأجل، وإلاّ فإنّ عليك إثم مَن تبعك إلى يوم القيامة، كما قال المصطفى r: <وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ لَهُ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ> رواه مسلم (2/705).

    واعلم ـ يا مسعري ـ بأنّ هذه الجزيرة العربية بعد أن طهّرها الله من الشرك والأوثان والبدع بفضله أوّلاً، ثمّ بفضل دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهاب ومؤازرة الإمام محمّد بن سعود ـ رحم الله الجميع ـ واستمرار ذلك الوضع إلى يومنا هذا، نعمة كبرى تحتاج من الجميع الشكر والعمل على حفظها ورعايتها، وما أرى إحداثك في هذه الجزيرة وإحداث زعماء الجماعات الإسلامية المنحرفة إلاّ وهو شبيه بإحداث عمرو بن يحي فيها، إذ هو أوّل مَن أحدث فيها عبادة الأوثان، وأنت ومَن شابهك أول مَن أحدث فيها البدع والتحزّبات الشيطانية، فإلى الله المشتكى.

    أخي القارئ، بعد ذلك كلّه أودّ أن ألفت انتباهك إلى أنّ هؤلاء قد أنشأوا ـ بزعمهم ـ لجنة للدفاع عن الحقوق الشرعية، فأيُّ حقوق شرعية حفظوا، وأي ظلم وعدوان دفعوا، حيث لم يسلم من طعنهم الأموات، الذين لا حول لهم ولا قوّة، ولم يسلم من طعنهم الأحياء ـ أيضًا ـ.

    فلم يسلم من طعنهم معاوية t حيث وصفوه بأنّه مغتصب للخلافة، بل قد طعنوه فيمن عاصره من الصحابة والتابعين، حيث لم يقوموا برفع ذلك الظلم والغصب، ولم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر.

    وطعنوا ـ أيضًا ـ في الشيخ محمّد بن عبد الوهاب ودعوته وعلماء عصره الذين تابعوه.

    وطعنوا في ولاة أمر المسلمين الذين ناصروا ذلك الإمام ودعوته.

    وطعنوا ـ أيضًا ـ في علماء المسلمين في هذا البلد حيث اتبعوا ـ بزعمهم ـ شيخًا قد أصابه الخرف والسفه والضعف التامّ.

    والغريب العجيب من أمر تلك اللجنة وناطقها الرسمي؛ أنّها وصفت الخميني بأنّه إمام، وزعيم تاريخي عظيم وعبقري، ووصفت معاوية بن أبي سفيان t بأنّه غاصب وسيلقى جزاءه من الله يوم القيامة على ما ارتكبه من جرائم، ولم تصف الخميني بذلك مع أنّ معاوية t بريء مِمَّا نسب إليه، والخميني يداه ملطّختان بدماء الأبرياء الأتقياء الأنقياء ؟!!

    اللهمّ اكفنا شرّ هذه اللجنة وناطقها بما شئت.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:15

    فصل
    موطن خروج القطبيين وترتيباتهم لذلك




    وبعد ذلك كلّه، قد تتساءل أو تسأل ـ أخي الكريم ـ عن موطن خروجهم، وما ترتيباتهم لذلك ؟

    فسأجعل محمّد العبدة يجيبك على ذلك خطوة خطوة، مع شرح كلامه وأقواله بأقوال هؤلاء القوم ومواقفهم، مع تدخل مني بالشرح والتعليق والربط بين تلك الأقوال، فاستمع:

    قال العبدة في كتابه <حركة النفس الزكية> (ص 17): <تمهيد: سبقت حركة محمّد بن عبد الله بن حسن حركات قامت في المدينة وفي الكوفة، المفروض فيمن يقوم بحركة قوية أن يدرس ويحلل من الحركات السابقة، كيف قامت ؟ ولماذا فشلت ؟ ويحاول أن يتجنّب أخطاءها ويستفيد من إيجابياتها، خاصّة وأنّ حركتين من الحركات السابقة قام بها جماعة من أهل البيت، ومن الفرع الحسيني، حيث خرج الحسين بن علي، على يزيد بن معاوية، وكانت نهايتهما مأساة مروعة لآل البيت والمسلمين، وقام زيد بن علي بن الحسين على هشام بن عبد الملك، وفشل ـ أيضًا ـ.

    ولا شكّ أنّ آثار هاتين الحركتين كانت ماثلة أمام النفس الزكية وأخيه إبراهيم ووالديهما، وسنستعرض باختصار هذه الحركات، لماذا قامت ؟ ولماذا فشلت ؟ لذا هل استفاد النفس الزكية منها ؟ وهل استفاد المسلمون كلّهم بعدئذٍ منها ؟>. اﻫ

    أقول: لن أذكر هنا حركة النفس الزكية لكونها حركة فاشلة، بل سأذكر الخطّة التي سار عليه العباسيون فأدّت إلى نجاحهم كما ذكرها العبدة، ثمّ أعود لمناقشة ما فيها.

    قال في ص (45، 47): <...تدلّ خطة العباسيين على ذكاء وخبرة بالأمور السياسية والاجتماعية، ومعرفة عميقة بنفسية الناس، فقد اختار مؤسِّس العباسية محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس الزمان والمكان والأشخاص، أمّا المكان، فهو إقليم خراسان... فأهل خراسان بتعبير اليوم <مادة خام>، وهذا عدا عن بعدها عن مركز الدولة <دمشق> واختار الزمان المناسب وهو ضعف الدولة، بعد عمر بن عبد العزيز وهشام بن عبد الملك، حيث تتابعت الأحداث بعد هشام بانقسام بين البيت الأموي، وظهرت البدع الكلامية في أواخر أيامهم، مِمَّا زاد من نقمة علماء أهل السنّة، وكان الطالبيون قد خرجوا على الدولة زمن هشام ـ حركة زيد بن علي ـ وكذلك حركة عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر، مِمَّا أرهق الدولة الأموية، فجاء العباسيون ليقطفوا الثمرة.

    وأمّا من ناحية التخطيط، فقد جعل بينه وبين خراسان قاعدة في الوسط، وهي الكوفة، وأهلها وإن كانوا شيعة، فالدعوة العباسية رفعت شعارًا عامًّا، ترضى عنه الشيعة، ويرضى عنه أهل السنّة تقريبًا، هذا الشعار هو: أنّ المبايعة للرضا من آل محمّد r، بدون تعيين اسم، ولا تعيين هل هو من البيت العباسي، أم من الطالبيين ؟ كما أنّ العباسيين لم يرفعوا شعارًا واضحًا جادًّا من ناحية الفكر والعقيدة.

    وبدأت الدعوة العباسية سنة 99 للهجرة تقريبًا، وكان الدعاة يجتمعون سنويًّا بالمؤسّس محمّد بن علي العباسي، الذي استقرّ في قرية صغيرة مغمورة، في الأردن من بلاد الشام، اسمها <الحميمة>، ومع علم الدولة الأموية ـ أحيانًا ـ ببعض تحرّكات العباسيين، ولكنّها لم تشعر بخطرهم الكامل، إلاّ نصر بن سيار أمير خراسان فقد شعر بالخطر الداهم؛ فأرسل إلى الخليفة في دمشق يحذّره وينذره، ولكن بدون جدوى.

    وبعد اثنتين وثلاثين سنة كان الجيش العباسي يزحف من المشرق ولا يقف أمامه شيء، وانتهت الدولة الأموية عند نهر الزاب في معركة فاصلة.

    فأين ما كان يفعله آل علي بن أبي طالب من الخروج السريع المفاجئ بدون إعداد ولا تخطيط، من فعل العباسيين ؟ حيث كان التنظيم هرميًّا، القائد في <الحميمة>، واثنا عشر نقيبًا في الكوفة، وكلّ نقيب عنده سبعون داعية ؟

    إنّ بني العباس لم يعتمدوا على حبّ الناس لهم كما يعتمد الطالبيون، بل كانوا واقعيين يستخدمون قدرات الآخرين بأساليب ماهرة>. اﻫ

    ألم تر ـ أخي القارئ الكريم ـ إلى قوله: <تدلّ خطة العباسيين على ذكاء وخبرة بالأمور السياسية، ومعرفة عميقة بنفسية الناس... وأمّا من ناحية التخطيط؛ فقد جعل بينه وبين خراسان قاعدة في الوسط...فأين ما كان يفعله آل علي بن أبي طالب من الخروج السريع المفاجئ، بدون إعداد ولا تخطيط، من فعل العباسيين، حيث كان التنظيم هرميًّا القائد في <الحميمة>، واثنا عشر نقيبًا في الكوفة، وكلّ نقيب عنده سبعون داعية ؟>. اﻫ

    إنّ هذا يدلّ على أنّ هؤلاء كأولئك في التنظيم والتخطيط، بل هؤلاء أدقّ وأخفى.ولذا فارجع إلى مبحث التنظيم، حتى تعيد الذاكرة
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 11:16

    ولذا فارجع إلى مبحث التنظيم، حتى تعيد الذاكرة ما قرأته سابقًا، ثمّ قارنه بهذا. وتفكّر في قوله: <بدأت الدعوة العباسية سنة99 للهجرة تقريبًا... وبعد اثنتين وثلاثين سنة كان الجيش العباسي يزحف من المشرق ولا يقف أمامه شيء وانتهت الدولة الأموية عند نهر الزاب في معركة فاصلة>.

    مقارنًا بينه وبين ما قاله العودة في شريطه <من هنا... وهناك>، حيث جاء فيه قول قائل له: <أرجو أن لا تغرّك هذه الجموع مهما كثرت أشباحها، وتواصلت اتصالاتها، وتوالت رسائلها، ولنا في <حسن البنا> و<عباس مدني> أقرب مثال وأوضحه.

    أيّها الشيخ: قبل أن تحرّك قدمك أو تضعها تأكّد من أنَّك تضع على أرض متماسكة، واعلم أنّ هذه القدم تُحرك خلفها أقدام. وكم يتملَّكني الخوف كلَّما تخيَّلت مصير هذه الصحوة، عندما تكون الخطوات غير محسوبة، نريد بطئًا، ولكن أكيد المفعول> !!!

    وبما نقله الجليل في كتابه: <وقفات تربوية> ص (162): عن شيخه محمّد قطب، حيث قال: <وما أحسن ما كتبه الأستاذ محمّد قطب في كتابه القيم <واقعنا المعاصر> حول أهمِّية التربية، والردّ على مَن يستطول طريقها، ويريد قطف الثمرة قبل استكمالها، فقال ص (486): <أمّا الذين يسألون إلى متى نظلّ نربِّي دون أن (نعمل) ؟ فلا نستطيع أن نعطيهم موعدًا محدّدًا، فنقول لهم: عشر سنين من الآن، أو عشرين سنة من الآن، فهذا رجم بالغيب لا يعتمد على دليل واضح، وإنَّما نستطيع أن نقول لهم: نظلّ نربِّي حتى تتكون القاعدة المطلوبة بالحجم المعقول...>.

    وبما قاله مادحُ سلمانَ في القصيدة التي ألقاها بين يديه، قبل إلقاء سلمان محاضرته التي بعنوان: <حقيقة التطرف>، حيث قال الشاعر:


    إنَّا رجالك يا سلمان فامض بنا
    إنّا رجالك مهما قال حاسدكم
    إن
    َّ
    ا رجالك لو قالوا زبانية
    هذي مجالسهم غرقى بخمرهمو
    إن
    َّ
    ا لنا خطنا نمشي عليه كما
    متطرفون نعم لله خالقنا
    إن
    َّ
    ا اهتدينا بنور الله خالقنا



    أنَّى أردت فأنت القدوة المثل
    إن
    َّ
    ا رجالك لو سبوا ولو عذلوا
    أو ذاك منحرف أو ذاك
    معتدل
    هذي منابرهم فليعتل السفل
    للكافرين صنوف الزيغ والسبل
    وكـذا أصـولية بالله تتصل
    فكيف يصرفنا عن نوره هبل



    وافهم جيّدًا قوله: <الكوفة وأهلها وإن كانوا شيعة فالدعوة العباسية رفعت شعارًا عامًّا ترضى عنه الشيعة ويرضى عنه أهل السنة تقريبًا، وهذا الشعار هو: أنّ المبايعة للرضا من آل محمّد r، بدون تعيين اسم، ولا تعيين هل هو من البيت العباسي أم من الطالبيين... كما أنّ العباسيين لم يرفعوا شعارًا واضحًا جدًّا، من ناحية الفكر والعقيدة>.

    فهاهم يطبِّقون هذا المنهج حقّ التطبيق، مطلقين على أنفسهم <أهل السنّة>، ولا يتكلَّمون إلاّ بهذا الإطلاق، لأنّ مصطلح <أهل السنّة> لفظ مجمل، ـ أحيانًا ـ يطلق ويراد به ما عدا الرافضة، فيدخل في هذا الإطلاق جميع الفرق والطوائف والجماعات الإسلامية خلا الرافضة، ويطلق إطلاقًا آخر ولا يراد به إلاّ أهل السنّة المحضة، فتخرج بهذا الإطلاق جميع الفرق الضالة.

    فلمَّا كان هذا اللفظ <أهل السنّة> مجملاً، أطلقوه ليقف منه السلفيون موقف المؤيِّد، وعلى أقلّ تقدير موقف المحايد، لأنَّ المتكلّم به من بني جلدتنا، فيجعلهم حُسن ظنّهم بهم يقفون ذلك الموقف، وأمّا المخالف كالأشعرية، والماتريدية، والجماعات الإسلامية، فيقفون منه ـ أيضًا ـ كموقف السلفية، لأنّهم هم ـ أيضًا ـ يطلقون على أنفسهم <أهل السنّة والجماعة>، ولا يجدون في الوقت نفسه من أولئك الدعاة والمتكلّمين به موقفًا عدائيًّا، بل يجدون منهم الثناء والإطراء والمدح، وغض الطرف عن أخطائهم العقدية، والمناداة بمبدأ العدل والإنصاف تجاههم؛ فوقفوا منهم بسبب ذلك، ذلك الموقف.

    ولو أنّ هؤلاء أفصحوا عن منهجهم صراحة بلا إجمال، لوقف الجميع منهم موقفًا واضحًا، ولم يتمّ لهم إقامة الخلافة ـ كما يزعمون ـ؛ لأنهم حينئذ قِلّة، فلا يتمّ لهم ذلك إلاّ بالإجمال والتعميم.

    ولَمَّا كان هذا هو منهجهم، قام سلمان في كتابه <صفة الغرباء> بالتفريق بين الفرقة الناجية والفرقة المنصورة، ليتسنَّى له جمع الجميع في جماعته الجديدة، فأطلق <الفرقة الناجية> على جميع الفرق والجماعات الإسلامية، وأطلق <الطائفة المنصورة> على الصفوة من تلك، كالإيمان مع الإسلام، وهو بهذا العرض قد كسب الجميع ـ بزعمه ـ؛ لأنَّه لا يشكّ في رضى الفرق والجماعات الإسلامية عنه به، لأنّه قد أدخلهم في الفرقة الناجية، وهذا ما يصبون إليه. وأمّا أهل السنّة الخُلَّص، فقال للآمر منهم بالمعروف، والناهي منهم عن المنكر، والمجاهد في سبيل الله، ومَن وافقهم في ذلك من الفِرق الضالة والجماعات الإسلامية: أنتم من <الطائفة المنصورة>، ومَن تقاعس، فهو من <الفرقة الناجية> ـ لا الفِرَق الهالكة ـ فتمَّ له بذلك ما يريد.

    ولهذا فإنّ التفريق: سياسي حركي، منهجي، لا علمي، فتنبّه !!!وأمّا إذا أردت أن تعلم أنّهم منادون بذلك الاسم العام، أو المجمل فما عليك إلاّ أن تلقي نظرة على سلسلة دارهم، دار الوطن: <رسائل ودراسات في

      الوقت/التاريخ الآن هو 19.05.24 13:09