خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    " ليس كل خبيث محرما " للعلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية " ليس كل خبيث محرما " للعلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 08.09.08 8:33

    ليس كل خبيث محرما
    قال تعالى :
    ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) [البقرة: 267]

    الخبيث من كل شيء بحسبه ، فالخبيث من المال يطلق على الرديء ، ويطلق على الكسب الرديء ، ويطلق على الحرام .

    فمن إطلاقه على الرديء قوله تعالى : ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ )


    هذا بقية الآية التي أولها : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) والخارج من الأرض منه الطيب ومنه الرديء

    قال : ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ ) أي : لا تقصدوا الخبيث وهو الرديء تنفقون منه ( وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ) يعني لو كان الحق لكم ما أخذتم الرديء إلا على إغماض وعلى كره ، فكيف ترضون لغيركم أن تعطوه الرديء وأنتم تأبون أن تأخذوه ؟ !

    وهذا من باب الاستدلال على الإنسان بما يقر ويعترف به ؛ لأنه لا يرضى أن يأخذ الرديء بدلاً عن الطيب فكيف يرضى أن يعطي الرديء بدلاً عن الطيب ؟ !

    فالخبيث بمعنى الرديء ومن ذلك أيضاً تسمية النبي صلى الله عليه وسلم البصل والكراث الشجرة الخبيثة (115) ؛ لأنها رديئة منتنة كريهة ، حتى إن الإنسان إذا أكل منها وبقيت رائحتها في فمه فإنه يحرم عليه أن يدخل المسجد ، لا للصلاة ولا لغير الصلاة ؛ لأن المسجد معمور بالملائكة فإذا دخل المسجد آذى الملائكة ، والملائكة طيبون ، والطيبون للطيبات، تكره الخبائث من الأعمال والأعيان ، فإذا دخلت المسجد وأنت ذو رائحة كريهة آذيت الملائكة.

    وكان الرجل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد وقد أكل كراثاً أو بصلاً طردوه طرداً إلى البقيع ، والبقيع تعرفون المسافة بينه وبين المسجد النبوي وأنها بعيدة ، يطرد إلى البقيع ولا يقرب المسجد .

    ونأسف فإن بعض الناس ، نسأل الله لنا ولهم الهداية والعصمة ، يشرب الدخان أو الشيشة ويأتي إلى المسجد ورائحة الدخان والشيشة في فمه أو على ثيابه ، مع أن هذه رائحة كريهة كلٌ يكرهها ، حتى إن بعض الناس لا يستطيع أن يصلي جنب مثل هؤلاء ، وهؤلاء يحرم عليهم أن يدخلوا المسجد والروائح الكريهة بفيهم .

    وكذلك من به إصنان ، والإصنان رائحة كريهة تفوح من إبطيه ، أو تفوح من أذنيه ، أو تفوح من رأسه وتؤذي ، فإنه لا يجوز أن يصلي ما دامت الرائحة المؤذية فيه، لا يجوز أن يدخل المسجد بل يبتعد.

    والحمد لله ، فإن هذه من المصائب والبلاوي ، فهذا ابتلي بمثل هذا لا يقول كيف أحرم نفسي المسجد ، فهذا من الله عز وجل ، فاحرم نفسك المسجد ولا تؤذي الناس والملائكة ، وحاول بقدر ما تستطيع أن تتخلص من هذه الرائحة ؛ أما بالتنظيف التام ، أو بأن تضع رائحة طيبة تغطي الرائحة الكريهة ، وبهذا يمكن أن تعالج هذه الروائح فلا يشم منك إلا الرائحة الطيبة .

    ومن إطلاق الخبيث على الكسب الرديء قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( كسب الحجام خبيث ))(116) الحجام الذي يخرج الدم يخرج بالحجامة ، هذا كسبه خبيث ، يعني رديء وليس المراد أنه حرام

    قال ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه : لو كان كسب الحجام حراماً ما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أجرته ، فقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأعطى الحجام أجره ، ولو كانت حراماً ما أعطاه ؛ لأن الرسول لا يقر على الحرام ولا يعين على الحرام

    لكن هذا من باب أنه كسب رديء دنيء ينبغي للإنسان أن يتنزه عنه ، وأن يحجم الناس إذا احتاجوا إلى حجامته تبرعاً وتطوعاً .

    ومن إطلاق الخبيث على المحرم قوله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) [الأعراف: 157]
    يعني يحرم عليهم الخبائث وهي ضد الطيبات ، مثل الميتة ، لحم الخنزير ، المنخنقة ، الخمر ، وما أشبه ذلك .

    ومعنى الآية أنه لا يحرم إلا الخبائث ، وليس معناها أن كل خبيث يحرمه ؛ لأن المعروف أن الخبيث يطلق على أوصاف متعددة ، لكن المعنى أنه صلى الله عليه وسلم لا يحرم إلا الخبائث .

    فالحاصل

    أن الله عز وجل نهى أن يقصد الإنسان الرديء من ماله فيتصدق به ، وحث على أن ينفق مما يجب ومما هو خير .



    من شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالي ـ

    لجمل كثيرة من الأحاديث الواردة في كتاب :
    (( رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين))
    للإمام النووي ـ رحمه الله تعالي ـ .

    نقلاً عن

    " ليس كل خبيث محرما " للعلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى . Albaidha1

    لطفـــــــــاً .. من هنـــــــــــــا
    [/b]

      الوقت/التاريخ الآن هو 20.05.24 15:22