خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Empty "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 05.12.10 17:01

    "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Moz-screenshot-3"تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى 86106349"تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Moz-screenshot-1"تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Moz-screenshot-2"تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Moz-screenshot

    اسم الكتاب :
    تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان

    المؤلف :
    فضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة


    للتحميل :
    لطفاً .. اضغط هنـــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Empty رد: "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 05.12.10 17:10

    تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان


    "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوامِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"
    سورة "فاطر"الآية(6)

    المقدمة وفيها الباعث على الطرح

    إنَّ الحمد للهنحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدهالله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهوحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :

    " يَاأَيُّهَاالَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّاوَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " سورة "آلعمران" الآية (102)

    " يَاأَيُّهَاالنَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَمِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوااللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْرَقِيبًا " سورة "النسـاء" الآية (1)

    " يَاأَيُّهَاالَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْأَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُفَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" سورة "الأحزاب"الآية (70-71)

    ،،، أما بعد ،،،

    ترادفت الآيات القرآنيةالداعية إلىالتزام أوامر الله تعالى وتقديمها واتباعها، والمحذرة من الشيطانوخطواته وطرقه، أقتطع منها قوله تعالى : "وَإِذْقُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُواإِلَّاإِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِأَفَتَتَّخِذُونَهُوَذُرِّيَّتَهُأَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَبَدَلاً "سورة "الكهف"الآية(50) أجل .. "بِئْسَلِلظَّالِمِينَبَدَلاً "

    وأكد الله-عز وجل- أن الله ولي المؤمنين، كما أن الشيطانولي الكافرين،فقال عز وجل :" اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْأَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَىالظُّلُمَاتِأُوْلَـئِكَأَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"سورة"البقرة" الآية(257)

    ومن ثم قضى الله تعالى بانشطار الناس حزبين : فإما أن يكونوا من حزب الله تعالىباتباع ما أمربه واجتناب ما نهى عنه:" لَا تَجِدُ قَوْماًيُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّاللَّهَوَرَسُولَهُوَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْعَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمبِرُوحٍمِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْجَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَفِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِأَلَاإِنَّ حِزْبَاللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"سورة "المجادلة" الآية(22) .

    وإماأن يكونوامن الحزبالآخر- حزب الشيطان- الذين "اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَأَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ " سورة"الأعراف" الآية(30) ونعتهم بالخسران في قوله عز وجل : "اسْتَحْوَذَعَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُفَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّحِزْبَالشَّيْطَانِهُمُ الْخَاسِرُونَ"سورة "المجادلة" الآية(19).


    وبعد هذا التأصيل :

    أصدّر المقام بهذا الأثر الهام، الدال علىالمرام، بوجه تام، قال مؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين الذهبي– رحمه الله تعالى– في معتقد دعاة الحلول! : "يعدّونأن هذه النحلة من أكفر الكفر، نسأل اللهالعفو، وأن يكتب الإيمان في قلوبنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنياوفي الآخرة .
    فوالله لأن يعيش المسلم جاهلاً خلف البقر لايعرف من العلم شيئاً سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات، يؤمن بالله واليوم الآخر،خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق" انظر"لسان الميزان"

    قال هذا بعد أن وصفشيطان التشيع والتصوف الدجال الهالك ابن عربي – أخمدالله تعالى ذكره- بأنه "شيخ سوء شيعي كذاب!" فإذا كان هذا حالالشيخ، فكيف بالمنهج والأتباع؟!! رحماك اللهم .

    وفي بيان حقيقة تلكموالحقائق المزعومة، والدقائق المصنوعة، الأسرار الموضوعة، قال مؤرخ الإسلام الحافظشمس الدين الذهبي - رحمه الله تعالى : "وسمعته-الضمير يرجع على السلمي- يقول - القائل هو: أبو عثمان سعيد بن سلاكم المغربي شيخ الصوفية (ت373هـ) : "علوم الدقائق علوم الشياطين، وأسلم الطرق من الاغترار لزومالشريعة" "السير"(16/321) وأورده في"تاريخ الإسلام" حوادث ووفيات (351-380هـ) ص(540) نقلاً عن "الآثارالواردة عن أئمة السنة في أبواب الاعتقاد" (2/753) .

    قلت : أما نسبتها للشياطين؛ فقدصدق . وأما قوله "أسلم الطرق من الاغترار؛ لزوم الشريعة" فقد قصّر!
    بل هو الطريقالوحيد السالم المُسلَّم، لا طريق سواه، قال تعالى : "وَأَنَّ هَـذَاصِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَبِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" سورة "الأنعام" الآية(153) "إِنَّالدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ..." الآية "آلعمران" الآية(19)

    "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Clip_image001

    بين يديه : تعريف الشيطان وطرائقه .

    في اللغة: الشطن: الحبل، وقيل الحبل الطويل شديدالفتل،والجمع أشطان . ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوانشيطان، فكلمة شيطان على هذا عربية فصيحة خلافاً لمن زعمغير ذلك .

    وكلمة الشيطان فيها للعلماء قولين :
    الأول : إنالنون أصلية، فيكون منالشطن، وهو البعد فالشيطان بعد عن الخير .أو من الحبل الطويل، أي:أنه طال في الشر .
    الثاني : النون زائدة فيكون من شاط يشيط ، إذا هلك . أو مناستشاط ، إذا احتد والتهب .
    وقد رجح الطبري- رحمه الله تعالى- الأول .

    وقال الحافظ ابن كثير :-رحمه الله تعالى-الشيطان في اللغة العربمشتق من شطن إذا بعد فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر وبعيدبفسقهعن كل خير"
    وقيل مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار، ومنهممن يقول : كلاهما صحيح في المعنى ولكن الأول أصح؛وعليه يدل كلام العرب.

    هذا .. وقد ذكرتبعض الآثار غير الثابتة، أن اسمه كان الحارث، وفي بعضها عزازيل، وفي أخرى نائل،وفي رابعة الحكم،وخامسة يافل. وفي بعض الآثار يكنى أبا مرة، وفي بعض آخر أبا كدوس وأباالكروبيين .
    والحق : أنه لم يثبتفي كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- شيءمنتلك الأسماء والكنى؛ فوجب الوقوف عند النص، لا سيما ومتعلقه : الغيب .

    مادةخلقه: خلق الله سبحانه وتعالى إبليسمن نار، وقد دلعلى ذلك القرآن الكريموالسنة النبوية المطهرة .

    فمن القرآن الكريم : قوله تعالى : " قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّتَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍوَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ" سورة "الأعراف"الآية(12)وقال تعالى : "وَالْجَانَّخَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ"سورة "الحجر" الآية(27)

    قال شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري- رحمه اللهتعالى : " واختلف أهل التأويل في معنى نار السموم : فقال بعضهمهي السموم الحار التي تقتل ونسب، هذا القول إلى ابنعباس رضي الله عنهما ثم قال : وقال آخرون : يعني بذلك من لهب النار ونسبه إلى الضحاك وغيرهوقال بعضهم : الحروربالنهار والسموم بالليل .

    قال تعالى : " وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ" سورة "القمر" الآية(15) أي: من طرف لهبها وخالصها،كما روى ذلك الحافظ ابن كثير عن ابن عباس وعكرمة ومجاهدوغيرهم- رحمهم الله تعالى.

    وروى البغوي عن مجاهد – رحمهما الله تعالى- أنهقال : "هو ما اختلط بعضه ببعض من اللهبالأحمروالأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت" .
    في قوله تعالى : {فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } سورة"الكهف" الآية(50) .
    يقول الحافظابن كثير – رحمه الله تعالى : { أي : خانه أصله،فإنه خلق من مارج من نار وأصل خلق الملائكة من نور كما ثبت في"صحيح" مسلم عن عائشة- رضي الله عنها- عن رسول الله- صلى اللهعليه وسلم- أنه قال : " خلقت الملائكة من نور، وخلقإبليس من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" فعند الحاجة نضح كل وعاءبما فيه وخانه الطبع عند الحاجة وذلك أنه قد توسم بأفعال الملائكة وتشبه بهم وتعبدوتنسك فلهذا دخل في خطابهم وعصى بالمخالفة، بالمخالفة، ونبّه تعالىههنا على أنه من الجن، أي: على أنه خلق من نار، كما قال : { أَنَاْ خَيْرٌمِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } سورة "الأعراف"الآية(12).
    قالالحسن البصري-رحمه الله تعالى : "ما كانإبليس من الملائكة طرفة عين قط ، وإنه لأصل الجن؛ كما أنآدم عليه السلام أصل البشر " رواه ابن جرير بإسنادصحيح..." إهـ .
    أما من السنةالنبوية : فقد تقدم معنا تضمينا، أعني قول النبيصلى الله عليه وسلم : "خلقت الملائكة من نور،وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" "صحيح الجامع..." برقم(3238) .

    وهذا نص صحيح صريح في الباب، قاطع للارتياب([1]) قاض بالمراد . ويتفرععما سبق سؤال :
    كيفيدخل الجني في الإنسي، والجان من مارج من نار؟ وفي رفعها هذهالشبهة ودفعها قال أبو الوفاء بن عقيل – رحمه الله تعالى- في "الفنون" : " أن الله تعالى أضاف الشياطين والجان إلىالنار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار والمراد به في حق الإنسان أنأصله الطين وليس الآدمي طينا حقيقة لكنه كان طينا، كذلك الجان كان نارا في الأصلوالدليل على ذلك : "عرض لي الشيطان في صلاتي فخنقته فرأيت برد ريقه على يدي"قوله ومن يكون نارا محرقة، كيف يكون ريقه باردا ولا له ريق رأسا؛ فعلم صحة ما قلنا""لقط المرجان في أحكام الجان" ص(32-33) .
    وقال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى- في وهو يرد على من أنكر دخول الجن في الإنس:
    " والجواب: أن أصلهم من النار كما أن أصل الآدميمن التراب وكما أن الآدمي ليس طينا حقيقة كذلك الجني ليس نارا حقيقة، وقد وقع فيالصحيح في قصة تعرض الشيطان للنبي أنه قال : "أخذته فخنقته حتى وجدت برد ريقهعلى يدي" قلت: وبهذا الجواب يندفع إيراد من استشكل قوله تعالى : "إلا منخطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب" فقال : فكيف تحرق النار النار؟" "الفتح" (6/345)

    إطلاقلفظ الشيطان على كل متمرد: أن لفظ الشيطان يطلق علىكل متمرد من الإنسوالجن والدواب، وهذا ما دلّتعليه النصوص الشرعية .

    وذلك كما في قوله تعالى : " وَكَذَلِكَجَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِيبَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً..." سورة "الأنعام" الآية(112)

    ومنالسنةما روته أم المؤمنين، عائش- رضي الله تعالى عنها-قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :" رأيت شياطين الإنس والجن فروا من عمر([2])" "صحيح الجامع" برقم(3468) .‌

    أما إطلاق لفظ الشيطان علىالمتمردمن الحيوان : فيدل عليه ما صحّ عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر-رضي الله تعالى عنه- عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال : " يقطع الصلاة إذا لم يكن بين يدي الرجل مثلمؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود . قال: قلت ما بال الأسود من الأحمر؟ فقال: سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما سألتنيفقال الكلب الأسود شيطان" "صحيح سنن أبن ماجة"(1/306) برقم(952)

    وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى :"فالصحيح ما تقدم من حديث أبي ذر- رضي الله تعالىعنه- أن للإنس شياطين منهم،وشيطانكل شيء مارده؛ ولهذا جاء في صحيح مسلم عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : "الكلب الأسود شيطان "

    وأورد القرطبي عن مالك بن دينار- رحمهما اللهتعالى- أنهقال : "شياطين الإنستغلب شياطين الجن؛ إن شيطان الإنس أشد عليّ من شيطان الجن لأنيإذا تعوذت بالله ذهب شيطان الجن عني وشيطان الإنسيجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً([3]) .

    الشيطان شر محض : وفي ذلك: قال الله تعالى : "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُعَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" سورة "فاطر" الآية(6)

    قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : "وأما الشيطانية فشر محض ليسفيها جلب منفعة ولا دفع مضرة" "مجموعالفتاوى" (13/87) .

    وقال- رحمه الله تعالى : " ثم الشياطين منهم من يختارالكفر والشرك ومعاصي الرب، وإبليس وجنوده من الشياطين يشتهون الشر ويتلذذون بهويطلبونه ويحرصون عليه بمقتضى خبث أنفهسم وإن كان موجبا لعذابهم وعذاب من يغوونه""مجموع الفتاوى"(13/87)

    وقال أيضا– رحمه الله تعالى : "فالشياطين لهم غرضفيما نهى الله عنه من الكفر والفسوق والعصيان ولهم لذة في الشر والفتن، يحبون ذلك،وإن لم يكن فيه منفعة لهم" "مجموعالفتاوى" (1/359) .

    فإذا علمأن الشيطان شر محض، يعشق الافتتان، ويتلذذ بالإضلال، ويتشهي بالفساد، وجبالاستعصام بالله تعالى منهم، والاستعانة به تعالى وأخذ الأسباب الشرعية في دفع شرهم، مع عظيمالثقة بنصر الله تعالى هذا من جهة

    ومن جهةأخرى : علم أن أولياءه وشيعته يستخدمون هذه القوة للإضرار بالمسلمين، فكيف([4])كيف([5]) .


    إهانة إبليس لنفسه : معصيته : قالالعلامة شمس الدين ابن القيم- رحمه الله تعالى- وهويتحدث عن ما وصل إليه إبليس من سوء الحال : "فأهان نفسه كل الإهانة من حيثأراد تعظيمها ووضعها من حيث أراد رفعتها وأذلها من حيث أراد عزتها وآلمها كل الألممن حيث أراد لذتها ففعل بنفسه ما لو اجتهد أعظم أعدائه في مضرته لم يبلغ منه ذلكالمبلغ، ومن كان هذا غشه لنفسه فكيف يسمع منه العاقل ويقبل ويواليه قال تعالى : وَإِذْقُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْالْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُأَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً"سورة "الكهف" الآية(50) " "إغاثة اللهفان"(2/937) .

    إذاً فببعدالإنسان عن ربه- سبحانه- بعد الذكرى، وإيثارهالآثام عن الامتثال، وتلوثه بالمعاصي وانغماسه بها؛ سبب رئيس في إعراض ربه عنه،فيتولاه الشيطان، ولا يزال به حتى يهلكه إشراكا، قال تعالى : "إِنَّمَاسُلْطَانُهُعَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ"سورة "النحل" الآية(100) .

    "تلاعب الشيطان بضعفة العقول والإيمان" لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالحميد حسونة -حفظه الله تعالى Clip_image001

    فصل :
    عداوة الشيطان للإنسانكما جاء في صحيح السنة والقرآن .
    أيها المؤمنون عباد الله! هذه جملة منالأدلة التي تحذرنا من الشيطان، وتأمرنا بعداوته لامحبته، فضلاً عن طاعته، ناهيك عن عبادته([6])
    إن العداء بين الشيطان والإنسان يرجعتاريخه إلى يوم خلق الله تعالى آدم عليه السلام ونفخ الروح فيه، وفي ذلك :قال الله تعالى : "وَلَقَدْ خَلَقْنَكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَكُمْ ثُمَّ قُلْنَالِلْمَلَئِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ([7]) إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْيَكُن مِّنَ السَّجِديِنَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرتُكَقَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ *قَالَ فاهْبِطْ مِنْهَا فَماَ يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْإِنَّكَ مِنَ الصَّغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى لأَقْعُدَنَّ لَهُمْصِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لأَتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْخَلْفِهِمْ وَعَنْ أيْمَنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْشَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَمِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ" سورة "الأعراف" الآيات 11/18) .
    روى الإمام مسلم– رحمه الله تعالى- عن أنس- رضيالله تعالى عنه- أن رسول الله– صلى الله عليه وسلم- قال : " لما صور الله آدم في الجنةتركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنهخلق خلقا لا يتمالك" الإمام مسلم برقم(2611)
    قال المناوي– عفا الله تعالى عنه : " أي: لا يملك دفع الوسوسةعنه، ولا يتقوى بعضه ببعض، ولا يكون له قوة وثبات، بل يكون متزلزل الأمر، متغيرالحال، مضطرب القال، معرضا للآفات .
    والتمالك :التماسك أو لا يتماسك عن ما يسر جوفه ويجعل فيه أنواع الشهوات الداعية إلىالعقوبات فكان الأمر كما ظنه""فيضالقدير" (5/297) .
    أجل.. إنّ عداوة الشيطان لنا قديمة وخطيرة، فإذا عرف العاقل أنّ الشيطان عدوّ له،فكيف يطيع عدوه وينقاد معه؟! وإذا عرف أنّ ربه حذره منه، فكيف لا يحذره ويحذر منه؟!
    طرد الرحيمللرجيم، مردوفاً باللعنة إلى يوم الدين، اعتبارا للعداء : فقال الله تعالى له : "قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىيَوْمِ الدِّينِ" سورة "ص" الآيتان(77-78) .
    ثم سأل الله تعالى أن ينظره إلىالبعث، فأنظر : " قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَمِنْ الْمُنظَرِينَ" سورة "الأعراف" الآيتان(14-15) .
    فلما أمِنَ إبليس منالهلاك عاند وتمرد، وبغى وطغى : " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّلَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْوَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُأَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" سورة "الأعراف" الآيتان(16-17)
    فقال الله تعالى له : "...اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءًمَوْفُوراً * وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْبِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْوَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَعَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً " سورة "الإسراء"الآيات(62-64) .
    ومن هنا أستعلنالشيطان عن عداوته لبني آدم، فبدأ يزين لهم المعاصي ويغريهم بالمحرمات، ويأمرهمبالسوء والفحشاء، فانخدع بذلك أكثر الناس واتبعوه : "وَلَقَدْ صَدَّقَعَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ"سورة "سبأ" الآية(20) .
    وكانتالأرض هي ساحة هذه الحرب : واختار عدو الله إبليس لأربع جهاتللإيقاع بالإنسان، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما: ( ثُمَّ لأَتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾ أشككهم في آخرتهم ﴿ وَمِنْخَلْفِهِمْ ﴾ أرغبهم في دنياهم ﴿ وَعَنْ أَيْمَنِهِمْ ﴾ أشبه عليهم أمر دينهم ﴿ وَعَنشَمَآئِلِهِمْ ﴾ أشهي لهم المعاصي" "تفسيرالقرآن العظيم"(2/195) .
    وكل ما يقع بين بنيآدم من الشرك والكفر واقتراف الكبائر، من عمل الشيطان ليصد عن السبيل، ويفسد الصدور،ويحبط كل عمل مبرور، قال الله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسروالأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطانأن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاةفهل أنتم منتهون" سورة "المائدة" الآيتان(90-91)
    لذا حذرنا الله سبحانهمن هذا العدو في أكثرهم من آية، منها قوله تعالى : "إِنَّالشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا * إِنَّمَا يَدْعُواْحِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" سورة"فاطر" الآية(6) .
    وتحتها : قال العلامة شمس الدين ابن القيم- رحمه الله تعالى : "والأمر باتخاذه عدوا تنبيهعلى استفراغ الوسع في محاربته، ومجاهدته، كأنه عدو لايفترولا يقصر عن محاربة العبد علىعددالأنفاس" "زاد المعاد في هدي خير العباد » فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الجهاد والمغازي والسراياوالبعوث»
    بل وحذرنا – سبحانه- من خطواتهفقال : "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطانفإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" سورة "النور"الآية(21) وفي قوله سبحانه : " وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِالشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِوَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" سورة"البقرة" الآيتان(168-169) وأعادها تأكيدا وتوكيدا في"الأنعام" وذلك قوله سبحانه : "وَلا تَتَّبِعُواخُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" سورةالأنعام" الآية(142)
    فإذا أعرض الإنسانعن مولاه- سبحانه- تولاه الشيطان، وجرّه إلى الفساد والخسران :" أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَتَؤُزُّهُمْ أَزّاً" سورة "مريم" الآية(83) "وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَخُسْرَاناً مُبِيناً * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُإِلاَّ غُرُوراً * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَامَحِيصاً " سورة "النساء" الآيتان(119- 121) .
    ولما كانت عداوةالشيطان للإنسان ظاهرة بينة – من جهة- أمرنا الله بالحذر منه,وإعلان الحرب عليه، امتثالا وسلامة، فقال تعالى : "إنالشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير" سورة "فاطر"الآية(6) .
    لذا أرشدنا الله تعالى إلى الاعتصامبه بالاستعاذة من الشيطان الرجيم، فقال تعالى : "وإماينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير" سورة "فصلت"الآية(36) .
    إذاً .. عداوةالشيطان لآدم وذريته قديمة مصيرية، منذ أن أسكن الله آدم – عليه الصلاة والسلام-وزوجته في الجنة، فجاء الشيطان مزينا لهما المعصية، مقسما؛ فأطيع، وعصىآدم ربه، وأخرج من الجنة([8]) ثم تاب اللهعليه، وفي ذلك قل الله تعالى مذكرا مستعذراً : "يا بني آدم لا يفتننكمالشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة" سورة "الأعراف"الآية(27) .
    وفي يوم القيامة،يوم تبلى السرائر، ويكشف ما في الضمائر، يعترف الشيطان بجريمته، ويستعلن صاغراًبجريرته، ويستبرأ من عبادته وعبدته، في ندم نادم يوم لا ينفع ندم، يجليه ربناإعذرارا وإنذارا : "وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّاللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَلِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاتَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْبِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّالظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" سورة "إبراهيم"الآية(22)

    --------------------------------

    ([1]) هل الشيطان من الملائكةأم من الجن: قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله تعالى : "وقوله في هذه الآية الكريمة: "كان من الجن ففسق عن أمر ربه" سورة "الكهف"الآية(50) ظاهر في أن سبب فسقه عن أمر ربه كونه من الجن
    وقد تقرر في الأصول في مسلك النص، وفي مسلكالإيماء والتنبيه : أن الفاء من الحروف الدالة على التعليل كقولهم : سرق فقطت يده،أي : لأجل سرقته، وسها فسجد، أي لأجل سهوه، ومن هذا القبيل قوله تعالى : "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" سورة"المائدة" الآية(38) أي لعلة سرقتهماوكذلك قوله هنا : ( كان من الجن ففسق) أي: لعلة كينونته من الجن؛ لأن هذا الوصففرق بينه وبين الملائكة؛ لأنهم امتثلوا الأمر وعصى هو، ولأجل ظاهر هذه الآيةالكريمة ذهبت جماعة من العلماء إلى أن إبليس ليس من الملائكة في الأصل بل من الجن،وأنه كان يتعبد معهم فأطلق عليهم اسمهم لأنه تبع لهم كالحليف في القبيلة يطلق عليهاسمها، والخلاف في إبليس هل هو ملك في الأصل فمسخه الله شيطاناً، أو ليس في الأصلبملك، وإنما شمله لفظ الملائكة لدخوله فيهم وتعبده معهم، مشهور عند أهل العلم،وحجة من قال : إن أصله ليس من الملائكة أمران :
    أحدهما : عصمة الملائكة من ارتكاب الكفر الذيارتكبه إبليس، كما قال تعالى عنهم : " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايأمرون" سورة "التحريم" الآية(6)وقال تعالى : " لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" سورة "الأنبياء"الآية(27) .
    والثاني : أن الله صرح في هذه الآية الكريمةبأنه من الجن، والجن غير الملائكة، قالوا : وهذا نص قرآني في محل النزاع…"


    ([2]) وللحديث قصة : عن أمالمؤمنين عائشة – رضي الله تعالى عنها- قالت كانرسول الله - صلى الله عليه وسلم- جالسا فسمعنالغطا وصوت صبيان . فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم-فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها فقال يا عائشة تعالي فانظري فجئت فوضعت لحيي علىمنكب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجعلت أنظرإليها ما بين المنكب إلى رأسه . فقال لي أما شبعت ؟ أما شبعت؟ فجعلت أقول لا لأنظرمنزلتي عنده إذ طلع عمر قالت فارفض الناس عنها . قالت فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إني لأنظر إلى شياطين الإنسوالجن قد فروا من عمر قالت فرجعت" حسنه العلامةالألباني في "المشكاة" برقم(6040)
    ( قالت : ومن قولهميومئذ : أبا القاسم طيبا ] وفي رواية : [ حتى إذا مللت، قال : حسبك؟ قلت نعم، قال: فاذهبي ) وفي أخرى : [ قلت : لا تعجل، فقام لي، ثم قال : حسبك؟ قلت : لا تعجل [ولقد رأيته يرواح بين قدميه ] قالت: ما بي حب النظر إليهم، ولكن أحببت أن يبلغالنساء مقامه لي، ومكاني منه [ وأنا جارية ] ، [ فاقدروا قدر الجارية [ العربة ]الحديثة السن، الحريصة على اللهو ] ، [color=gray]ع عمر، فتفرق الناس عنهاوالصبيان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : رأيتشياطين الإنس والجن فروا من عمر ] ، [ قالت عائشة : قال صلى الله عليه وسلم يومئذ: لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ] أخرجه البخاري ومسلموالنسائي وغيرهم .

    ([3]) هذاقوله- رحمه الله تعالى- ويرى غيره خلاف ذلك، فقال: "... ثم إن الأدلة الكثيرة من القرآن والسنة دالة على أن الذي أضل ضلالالإنس هم شياطين الجن وليس العكس، ومن هذه الأدلة:
    الآيات التي فيها أن إبليس أقسم أنه سيغوي ذريةآدم إلا المخلصين منهم، وقد تحقق له ذلك قال تعالى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْإِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" سورة "سبأ" الآية(20)
    وقال تعالى في الحديث القدسي: ( إني خلقت عباديحنفاء فاجتالتهم الشياطين) والمراد بعباده ذرية آدم
    بل قال الله مخاطبا بني آدم: "أَلَمْأَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُلَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْأَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ" سورة"يس" ايات(60-62)
    وأيضا استخدم شياطين الجن كفار الإنسفي محاربة الإسلام وأهله قال تعالى : " أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَاالشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً" سورة "مريم" الآية(83) أي: تدفعهم إلى الكفروتغريهم بالدعوة إليه.
    وأيضا يعظم شر شياطين الجن على شياطينالإنس بسبب أن شياطين الجن يرون الإنس، والإنس لا يرونهم غالبا، فيحصل الفتكبالإنس من قبل شياطين الجن.
    وأيضا شياطين الجن يجرون من الإنس مجرىالدم كما دلت على ذلك الأدلة الصحيحة، وهذان الأمران لا وجود لهما عند شياطينالإنس.
    وأيضا شياطين الجن عداوتهم للإنس عامة،فما من إنسي إلا ويعادونه الأنبياء والرسل فمن دونهم، وهي عامة من جهة أنها لإفساددين الإنس ودنياهم وهي مستمرة لأن إبليس قد أعطي المهلة إلى وقت قيام الساعة فهويستخدم ذريته جيلا بعد جيل لإفساد الإنس إلى يوم الوقت المعلوم، بخلاف شر شياطينالإنس فشرهم مقصور على مؤاذاة من خالفهم من الإنس في دينهم أو دنياهم، وليسواقادرين على الاستمرار على ذلك
    وقد يقال: إن شياطين الإنس شرهم أعظم من شياطينالجن لأنهم يقدرون على مؤاذاة من خالفهم من الإنس بضربه وسجنه وقتله وأخذ حقه،والجن لا يقدرون على ذلك
    فالجواب:هذا حاصل من شياطين الإنس ولكن لا يفيد إطلاق الشر فيهم على شر شياطين الجن للآتي:
    أولاً : أعظممن يزين لهم هذه الشرور ويدفعهم إليها هم شياطين الجن إذاً فلن يتم إطلاق ذلكعليهم إلا إذا كان الجن غير معينين لهم فكيف والجن

      الوقت/التاريخ الآن هو 28.04.24 10:09