خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ||[ الرافضة وفرية خلق أئمتهم من نور ]|| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    ||[ الرافضة وفرية خلق أئمتهم من نور  ]||     لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى Empty ||[ الرافضة وفرية خلق أئمتهم من نور ]|| لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 12.11.10 12:48

    ||[ الرافضة وفرية خلق أئمتهم من نور  ]||     لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى 35058646

    للتحميل اضغط هنا

    .*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.

    الرافضة وفرية خلق أئمتهم من نور


    بعد البسملة والحمدلة والحوقلة ، أقول :




    دعواهموا أن الأئمة خلقوا من نور، دعوى فاسدة بل فاجرة، مبناها على الغلو، حكايتها كاف في إبطالها، بيد أنه قد قيل؛ فأوجب الرد مع الردع، وقامت الحاجة إلى التحذير للتنفير .



    هذا .. ولا يفوتني ها هنا التذكير بأنها ليست دعوى يتيمة، بل زعمتها اللقيطة الأخرى ـ أعني المتصوفة-([1]) ولكونهما قد اشتركا في هذا الجنون بلا استجنان في تجانن([2]) كان معه البيان :



    فأقول :



    ( رواية ) رووا كذباً عن جابر الجعفي قال : "... يا محمد إني خلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين و الأئمة من نور واحد ثم عرضت ولايتهم على الملائكة، فمن قبلها كان من المقربين، ومن جحدها كان من الكافرين يا محمد لو أن عبداً من عبادي عبدني حتى ينقطع ثم لقيني جاحداً لولايتهم أدخلته ناري..." "بحار الأنوار" (22/36) باب(40)



    ( رواية ) وما روي في "رياض الجنان" إلى جابر الجعفي عن أبي جعفر- عليه السلام- قال : قال لي يا جابر : كان اللَّه و لا شي ء غيره، و لا معلوم و لا مجهول، فأوّل ما ابتدء من خلق خلقه أن خلق محمّدا- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- وخلقنا أهل البيت معه من نور عظمته..." "منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة" للخوئي – أخمد الله تعالى ذكره .



    ( رواية ) وعن أبي عبد الله : " أن الله قال » يا محمد إني خلقتك وعليا نورا قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي، ثم جمعت روحيكما وجعلتهما واحدة، ثم قسمتها اثنتين وقسمت اثنتين اثنتين فصارت أربعة : محمد واحد، وعلي واحد، والحسن والحسين اثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن، ثم مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا" "الكافي"(1/365) كتاب الحجة "باب مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووفاته"



    ( رواية ) وعن أبي حمزة قال : "سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول » إن الله خلق محمدا وعليا وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحا في ضياء نورهم، يعبدونه قبل خلق الخلق ويسبحون الله ويقدسونه" "الكافي"(1/446) كتاب الحجة. باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم



    ( رواية ) عن أبي عبد الله " إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك الروح فيه، فكنا نحن خلقا وبشرا نورانيين … وخلق أرواح شعيتنا من طينتنا، وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل الله لأحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للأنبياء، ولذلك صرنا نحن وهم : الناس. وصار سائر الناس همجاً للنار وإلى النار" "الكافي"(1/320) باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم.



    ( رواية ) افتروا حديثاً كذبا وفيه : "يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم، ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا .

    يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم، ولا حواء، ولا الجنة، ولا النار، ولا السماء، ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة ؟ وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه، لان أول ما خلق الله عز وجل خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتحميده، ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا..." "حلية الأبرار" لهاشم البحراني (2/396– 400)



    ( رواية ) بل .. ولكونهم منكسوا القلوب، ممسوخوا العقول، رووا عن أبي الله : "أن الأئمة مخلوقون من نور، خلق الله منه محمدا" "الكافي"(1/331) كتاب الحجة. باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب" إلى آخر هذا الهذيان .



    قلت : إذا هي مخلوقات نورانية لا علاقة لا بالآدمية، وعليه .. فأثبتوا لهم العصمة، بل الألوهية، ومن ثم فلا تكليف عليهم!

    أهذا له علاقة بالتوحيد الذي هو حق الله على العبيد؟!

    أهذا منهم وفق شرط العبودية الواجبة على العباد؟!

    أهذا يقبله عقل، أو يقرّه شرع؟!!!



    ولملاحظ أن يلحظ : وجه الشبه بين صنيعهم وصنيع صنوهم المتصوفة : فكلا منهما نسب فريته إلى معظم، وهو ها هنا النبي – اسم جنس- ثم سحبها لأئمتهم وأوليائهم، دون الالتفات إلى الشرع وخصوصية شريعتهم – أي: الأنبياء- من باب "عنز ولو طارت" ثم بعد ذلك من شقوتهم رفعوا شياطينهم على الشريعة والمشرع .



    ومن ها هنا : هزموا في كل حرب أمام الشرع، ونزلت بهم نوازل مزلزلة في كل نازلة، وشرّد بهم إلى طي الهجران فالنسيان، وكلما رفعوا بالباطل رأساً اقتلعه أهل الحق بالحق للحق .



    "وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ" سورة "التوبة" الآية(59)

    الموضوع
    وفي دفع هذا الغلو، ورفع هذا الإدعاء




    أقول : في إبطال هذا المعتقد الفاسد آيات بينات، وسنن واضحات، هي النور غير أنها للمبصرين والمستبصرين منها :



    أولاً : يردها اعتبار الأصل، فآدم أصل البشرية، وفي ذلك قال تعالى : " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ" سورة "الحجر" الآيات(28-35) إذا .. ما لم يؤمن بذا، فهو إبليس لعين موافقة لمنطوق القرآن، بل أضل؛ إذ أقرّ بما أنكرَه إبليسُ .



    وقوله تعالى : " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ" سورة "ص" الآية(71)



    وذريته من بعده، فقال تعالى : " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً * وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً" سورة "الفرقان" الآيتان(54-55)



    وفي الجمع بينهما، قوله تعالى : "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " سورة "الروم" الآية (20-21)



    وفي حديث الشفاعة العظيم : "... فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبونا أنت أبو البشر ..." "صحيح الجامع" برقم(1466)



    وقد صح عن ابن شهاب– رحمه الله تعالى- قوله : " فإبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس..." ابن جرير(18/41)



    ثانياً : يردها تصريحه بنفي الملائكية وإثبات الآدمية، وذلك قوله تعالى : " قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ" سورة "الأنعام" الآية(50)



    وقوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "خلقت الملائكة من نور، وخلق إبليس من نار السموم، وخلق آدم عليه السلام مما قد وصف لكم" رواه الإمام مسلم وغيره: وانظره والتعليق عليه "السلسلة الصحيحة" (1/820) برقم(458)



    ثالثاً : يردها ما اقتضته حكمة الله تعالى بنفي الشريك الملائكي! قال الله تعالى : " فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" سورة "هود" الآية(12)



    رابعاً : تردها الدلالة العقلية، في قول الله تعالى : "وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ * وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ * وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ * وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ([3]) * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ * وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ
    وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ" سورة "الأنعام" الآيات(3-12)



    وكذلك في قوله - عز وجل : "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً * وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً * وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً" سورة "الإسراء" الآيات(89-95)



    خامساً : يردها أقرار الجاهلية الجهلاء ببشرية نبينا ومثليته للبشرية – والمثلية لا تقتضي المشابهة من كل وجه- خلافا لكل أفاك مأفوك، فقال تعالى : " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" سورة "الأنبياء" الآيات(1-3)



    سادساً : يردها إلزام أهل كل كتاب الحجة بإثبات بشرية أنبيائهم : فقال تعالى : "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ * وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ" سورة "الأنعام" الآيتان(91-92)



    سابعاً : يردها سنة الله العامة ببشرية جميع الأنبياء، وفيه الرد على تهوك المتهوكين وإيباء المعاندين، قال الله تعالى : " أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ" سورة "إبراهيم" الآيات(9-12)



    ثامناً : بيان إثبات البشرية، وأن دعوى الملائكية دعوى كفرية قديمة، قال الله تعالى عن قوم نوح – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وسلم : " فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ" سورة "المؤمنون" الآيتان(24-25)



    إلى قوله تعالى : "وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * ثُمَّ أَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ" سورة "المؤمنون" الآيات(33-42)



    وقوله تعالى عن قوم صالح – صلى الله عليه وإخوانه وسلم : "مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ" سورة "الشعراء" الآية (154)



    وقولهم : " فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ * سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ" سورة "القمر" الآيتات(24-26)



    وقال تعالى في أصحاب القرية إذ جاءهم المرسلون : "قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ" سورة "يس" الآية(15)



    وقوله تعالى عن فرعون وملئه وتكذيبهم لنبيين عظيمين موسى هارون – صلى الله عليهما وإخوانهما وسلم- وتعلله ببشريتهما : " فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ * فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنْ الْمُهْلَكِينَ" سورة "المؤمنون" الآيتان(47-48)



    تاسعاً : يردها الأمر الإلهي بأن يعلنها بشرية في أسماها، وذلك في قوله سبحانه : " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" سورة "الكهف" الآية(110)



    وقوله سبحانه : "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ" سورة "غافر" الآية(6)





    [/b]
    وفي إبطال مقتضيات دعواهم إثباتاً للبشرية




    أولاً : أثبات الحي القيوم موت سيد الأنبياء وإمام الأئمة وسيد الأولياء : قال الله تعالى : "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" سورة "الأنبياء" الآيتان(34-35)



    وقوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ..." "صحيح الجامع" برقم(1351)



    ثانياً : استدل به – سبحانه- على وجوب توحيده تعالى، والكفر بكل معبود سواه، في بطال عقائد المشركين، فقال - عز وجل : " قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" سورة "آل عمران" الآية(47)



    وقوله – سبحانه : " مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" سورة "آل عمران" الآيتان(79-80)



    وقوله تعالى في الإنكار على أصحاب الدعاوى الشركية : " وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" سورة "المائدة" الآية(18) وبهذا أبطلت دعوى المثلثة عبدة الصليب .



    ثالثاً : إنقطاع طريق كل دعي بانقطاع الوحي، فما بقي إلا التمسك بالكتاب والسنة والاستسلام لهما : وهذا في قوله سبحانه : " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" سورة "الشورى" الآية(51)



    رابعاً : أقرار نبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- ببشريته، وعمل وفق ذا ما بقي، برهان ذلك :



    قوله : "... إنما أنا بشر، وإني كنت جنبا..." "صحيح سنن أبي داود" (1/60) برقم(234)



    وقوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "... فإنما أنا بشر؛ فأيما مؤمن آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة" "صحيح الجامع" ‌برقم(1273)



    وقوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار" "صحيح سنن أبي داود"(3/301) برقم(3583)



    وقوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " إنما أنا بشر، تدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون" "صحيح الجامع" ‌ برقم(2340)



    وقوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "... إنما أنا بشر؛ أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني ..." "صحيح سنن أبي داود"(1/268) برقم(1020)



    وقوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم - المكرر : " إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر" "صحيح الجامع" برقم(2338) .



    خامساً : فقه الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – لذلك، فعن عبد الله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظة فنهتني قريش وقالوا أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر؛ يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال : أكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق" "صحيح سنن أبي داود"(3/318) برقم(3646) فأثبت البشرية غير أنه نفى الخطأ مع الإقرار في التبليغ .



    ودليل ذلك قوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " إنما أنا بشر مثلكم، وإن الظن يخطئ ويصيب، ولكن ما قلت لكم قال الله فلن أكذب على الله" "صحيح الجامع" ‌برقم(2341)



    وأقول أخيراً - من باب التنزل والإلزام : فإذا كان ذلك كذلك، وهو يقينا ليس كذلك، فالواجب على بني آدم أن لا يلتفتوا إلى الرافضة قبولا ولا وجودا، إذ هم جنس ليس من جنسنا، فنسلم ويسلمون، ولا سلامة .



    وبعد .. فيما تقدم تبين لنا كذب الرافضة - وهم بيت الكذب- في دعواهموا خلق أئمتهم بل ونبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- من نور([4]) نسأل الله تعالى لهم الهداية .


    [/b]
    هذا .. وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين

    والحمد لله رب العالمين

    وكتبه
    الفقير إلى عفو مولاه
    أبو عبد الله
    محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
    عامله الله تعالى بلطفه وواسع فضله
    في : 27/11/1431هـ ـ 4/11/2010م












    _________________________

    ([1]) وقد رددنا هذه الفرية في بحثين : مختصر وذي إطناب :

    فالأول موسوم بـ : هل خلق النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- من نور ؟

    والثاني : الظلمة والنور في فرية خلق النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- من نور .




    ([2]) تجانن : أرى من نفسه أنه مجنون "لسان العرب"(2/388) ط . دار الثبات .




    ([3]) قال الحافظ ابن كثير– رحمه الله تعالى- تحت هذه الآية : " فمن رحمته تعالى بخلقه, أنه يرسل إلى كل صنف من الخلائق رسلاً منهم, ليدعو بعضهم بعضاً, وليمكن بعضهم أن ينتفع ببعض, في المخاطبة والسؤال, كما قال تعالى: { لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم} الاَية " إهـ


    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : " ولهذا كان البشر يعجزون عن رؤية الملَك في صورته إلا من أيَّده الله، كما أيَّد نبيَّنا صلى الله عليه وسلم، قال تعالى : ( وقالوا لولا أُنزل عليه ملَك ولو أنزلنا ملَكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون . ولو جعلناه ملَكا لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون ) الأنعام/8،9 ، قال غير واحد من السلف : هم لا يطيقون أن يروا الملَك في صورته ، فلو أنزلنا إليهم ملكاً : لجعلناه في صورة بشر، وحينئذ كان يشتبه عليهم هل هو ملَك أو بشر، فما كانوا ينتفعون بإرسال الملَك إليهم فأرسلنا إليهم بشراً مِن جنسهم يمكنهم رؤيته والتلقي عنه، وكان هذا من تمام الإحسان إلى الخلق والرحمة" "منهاج السنة النبوية" (2/333) .

    " فكان إرسال الرسل من البشر ضروريّاً كي يتمكنوا من مخاطبتهم، والفقه عنهم، والفهم منهم، ولو بعث الله رسله إليهم من الملائكة لما أمكنهم ذلك ( ومَا مَنَعَ النَّاس أنْ يؤمنوا إذ جاءَهُم الهُدى إلاّ أنْ قالوا أبَعَثَ اللهُ بشراً رسُولاً . قُلْ لو كان في الأرضِ ملائكةٌ يمشون مطمئنينَ لنزّلنا عليهم من السّماء ملكاً رسُولاً ) الإسراء/94، 95 ،

    أما وأن الذين يسكنون الأرض بشر فرحمة الله وحكمته تقتضي أن يكون رسولهم من جنسهم ( لَقَدْ مَنَّ اللهُ على المؤمنينَ إذْ بعثَ فيهم رسُولاً من أنفسِهِم ) آل عمران/164" " الرسل والرسالات" (72،73) .

    وورد على اللجنة الدائمة للإفتاء سؤال، وهذا نصه :
    السؤال : إن جل الناس يعتقدون أن الأشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم وأن نوره خلق من نور الله ويروون : "أنا نور الله وكل شئ من نوري" ويروون أيضا : "أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم" فهل لذلك من أصل؟ ويروون : "أنا عرب بلا عين أي رب أنا أحمد بلا ميم أي أحد" فهل لذلك من أصل؟
    الجواب : الحمد لله، وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته، وإن أريد بأنه نور باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح . وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك هذا نصها : للنبي صلى الله عليه وسلم نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده ، ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله . قال تعالى : "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور" سورة "الشورى" الآية(73) وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعم بعض الملاحدة، أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم .. إلخ، خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الله قبض قبضة من نور وجهه وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم فنظر إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم فهذا وأمثاله لم يصح منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال الفتوى السابقة يظهر أنه اعتقاد باطل .


    وأما ما يروى : أنا عرب بلا عين فلا أساس له من الصحة وهكذا أنا أحمد بلا ميم . وصفة الربوبية والانفراد من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى فلا يجوز أن يوصف أحد من الخلق بأنه الرب ولا أنه أحد على الإطلاق ، فهذه الصفات من اختصاص الله سبحانه ولا يوصف بها الرسل ولا غيرهم من البشر . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء "فتاوى اللجنة الدائمة"(1/310)




    ([4]) هذا .. واكتفيت بما ذكر من أدلة على بطلان تلك الدعوى بما ذكر ن أدلة متوافرة متضافرة ببحثنا الموسع " الظلمة والنور في فرية خلق النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- من نور" فانظره غير مأمور .


      الوقت/التاريخ الآن هو 03.05.24 1:43