خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القول البتول في فضل الصحابة العدول

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القول البتول في فضل الصحابة العدول Empty القول البتول في فضل الصحابة العدول

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 04.10.10 9:18

    القول البتول في فضل الصحابة العدول


    رد على رافضي في إثبات عدالة الصحابة وبيان موقف المسلم مما دار بينهم - رضي الله تعالى عنهم
    القول البتول في فضل الصحابة العدول 470674

    المقدمة، وفيها دفع شبهات المعترض



    إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :

    " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
    سورة "آل عمران" الآية (102)


    "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" سورة "النساء" الآية(1)

    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " سورة "الأحزاب" الآية (70-71)


    أما بعد :






    لقد فطن المسلمون - قديما وحديثا- لإغواء شياطين التشيع والتصوف وأشياعهما، وأنا هنا لا ألتفت - كثيرا- لشاردة أقوالهم، فضلاً عن بهتانهم؛ وذلك لعلمنا كما علم غيرنا بدائهم - أعني : الحمق .



    بيد أني في هذا المقام أتناول موضوع الذَبّ عن الصحابة الكرام - رضي الله تعالى عنه- وإن كنت تناولته في ردي السابق على هذا المأفون الرافضي على وجه إجمالي، أتناوله ها هنا بشيء من التفصيل؛ للتدليل على إثبات عدالتهم، ومن ثم ضلال منهج الرافضة في الباب .



    وأراني لزاما قبل البدء أعرج هنا على مظلوميته - وما أكثر دعواهم الظلم!!! - إذ رمى سادته السلفيين - شرفهم الله تعالى ورفع أقدارهم- بأنهم يكفرونهم، وجهل - وهم للجهل أهل- أن سادتهم السلفيين - أو إن شئت قلت الوهابيين أو إن شئت قلت : أهل السنة، أو إن شئت قلت : أهل الدليل (النصيّة) - يفرقون في إطلاق الأحكام الشرعية - من تكفير أو تبديع أو تفسيق أو لعن- بين الإطلاق والتعيين

    وهم والحالة هذه أرباب علم ورحمة وهدى، وكذا خلق دمث، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله، هذا أولاً .



    ثانياً – إلزامي - إقرار المعترض نفسه : وآية ذلك من قوله هو!!! إذ قال : "ولا بدّ هنا أن نذكر بعض ما يتعلق بهذه المسألة، وفروضها ثلاثة : الأول: إنّ الصحابة كلّهم عدول أجمعين، وما صدر منهم يحتمل لهم، وهم مجتهدون وهذا هو رأي الجمهور من السنّة.

    الثاني: إن الصحابة كغيرهم من الرجال وفيهم العدول، وفيهم الفسّاق، فهم يوزنون بأعمالهم، فالمحسن يجازى لإحسانه، والمسيء يؤخذ بإساءته. وهذا رأى الشيعة.

    الثالث: إنّ جميع الصحابة كفار ـ والعياذ بالله ـ وهذا رأي الخارجين عن الإسلام ولا يقوله إلاّ كافر، وليس من الإسلام في شيء .
    هذه ثلاثة فروض للمسألة وهنا لا بد أن نقف ملياً لنفحص هذه الأقوال :


    أما القول الثالث فباطل بالإجماع ولم يقل به إلاّ أعداء الإسلام أو الدخلاء فيه ..." إهـ



    فلم التشغيب إذا؟!! أتنكر ما تثبته؟!! أوليس هذا الحمق .



    والحق : أنه – وكما أسلفت داخل في باب تقيتهم كـ - مفردة مفردات كثيرة من كذبهم على الله تعالى وعلى رسوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وعلى الصحب بل والآل .



    برهان ذلك – ومن قوله كذلك : ما ختم به مقاله بقوله : "ونحن لا نتنازل عن بغض من ظلم أهل البيت وعاداهم، وأعلن الحرب عليهم، وآذى رسول الله فيهم، فاُولئك لا نتبرأ من البراءة منهم، ونتقرب إلى الله في معاداتهم، لأنّهم ظالمون...انتهى"إهـ ونستحضر في المقام قول العربي الأول : "بذات فمه يفتضح الكذوب"



    ثالثاً : بيان حقيقة من وصفهم، بقوله : " ونشكو إلى الله ما تجنّاه المغرضون، وما يقوله المهرّجون من أنّ الشيعة يطعنون بجميع الصحابة أو يكفرونهم ـ والعياذ بالله "



    ذكر الكليني – أخمد الله تعالى ذكره : "عن أبي جعفر - عليه السلام : كان الناس([1]) أهل ردة بعد النبي - صلى الله عليه وآله - إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة ؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي" "فروع الكافي" للكليني، كتاب الروضة، ص(115) .

    وذكر الكشي – أخمد الله تعالى ذكره- قال : قال أبو جعفر- عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر، سلمان وأبوذر والمقداد، قال : قلت : فعمار؟ قال : قد كان حاص حيصة ثم رجع، ثم قال : إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد، وأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض.. وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم فأبى أن يتكلم" "معرفة أخبار الرجال (رجال كشي) ص(8) وص(4)

    وذكر القمي – أخمد الله تعالى ذكره- أنه : " لم يبق من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله- إلا نافق، إلا القليل" تفسير القمي، لعلي بن إبراهيم القمي.




    وبذا نقف بجلاء ما فيه أدنى خفاء على مهية من وصفهم بـ (المغرضون، وما يقوله المهرّجون)



    بل وفي تكفيرهم لعموم مخالفيهم : "يقول رئيس محدثيهم محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق في رسالة الاعتقادات (?103 ? مركز نشر الكتاب إيران 1370) ما نصه: "واعتقادنا فيمن جحد إمامه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده عليهم السلام أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله"
    ويقول شيخهم ومحدثهم يوسف البحراني في موسوعته المعتمدة عند الشيعة (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة" ?18 ?153 ? دار الأضواء بيروت لبنان : "وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله وبين من كفر بالأئمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين"


    ويقول فيلسوفهم محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني في "منهاج النجاة" (48 ط . دار الإسلامية بيروت 1987) : "ومن جحد إمامه أحدهم - أي الأئمة الاثنى عشر - فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء عليهم السلام"



    ويقول الملا محمد باقر المجلسي والذي يلقبونه بالعلم العلامة الحجة فخر الأمة في "بحار الأنوار" (23/390) : " اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام وفضل عليهم غيرهم يدل أنهم مخلدون في النار".


    قلت: فالذين تعاطفوا مع الشيعة مخلدون في النار على معتقد من تعاطفوا معهم!! فهل من معتبر؟!!! .



    ويقول شيخهم محمد حسن النجفي في "جواهر الكلام" (6/62) دار إحياء التراث العربي بيروت : "والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا "

    هذا وقد نقل شيخهم محسن الطبطبائي الملقب بالحكيم كفر من خالفهم بلا خلاف بينهم وذلك في كتابه "مستمسك العروة الوثقى" (1/392 ?3 مطبعة الآداب في النجف 1970



    ويقول عبد الله المامقاني الملقب عندهم بالعلامة الثاني في "تنقيح المقال" (1/208) باب الفوائد . النجف 1952 : "وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن اثنى عشري".



    ويقول شيخهم يوسف البحراني في "الحدائق الناضرة" (18/53) : " إنك قد عرفت أن المخالف كافر لا حظ له في الإسلام بوجه من الوجوه كما حققنا في كتابنا الشهاب الثاقب".



    ويقول علامتهم عبد الله شبر الذي يلقب عندهم بالسيد الأعظم والعماد الأقوم علامة العلماء وتاج الفقهاء رئيس الملة والدين جامع المعقول والمنقول مهذب الفروع والأصول في كتابه "حق اليقين في معرفة أصول الدين"(2/188) طبع بيروت : "وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب فالذي عليه جملة من الإمامية كالسيد المرتضي أنهم كفار في الدنيا والآخرة والذي عليه الأكثر الأشهر أنهم كفار مخلدون في الآخرة".



    وقال المفيد في "المسائل" نقلا عن "بحار الأنوار" للمجلسي (23/391) : " اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار". انتهى كلام الموصلي بتصرف



    ولم يكن هذا معتقد متقدمهم في الضلال والإضلال فحسب بل أنقل هنا تصريح أكبر مرجع من مراجع الشيعة الإمامية في هذا العصر وهو أبو القاسم الخوئي إذ قال : " ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم واتهامهم، والوقيعة فيهم أي غيبتهم لأنهم من أهل البدع والريب، بل لا شبهة في كفرهم، لأن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية ""مصباح الفقاهة" 1/323)) والنقل بتصرف من "حتى لا ننخدع" الفصل الثاني "عقائد الشيعة في الإسلام والمسلمين"



    وعليه .. تفهم حقيقة البراءة المشار إليها من قول المعترض هنا .



    ومن خلطهم وخبهم : ما نقله المعترض مستوقيا به : "إنّ الصحبة شاملة لكلّ من صحب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أو رآه أو سمع حديثه، فهي تشمل المؤمن والمنافق، والعادل والفاسق، والبر والفاجر ... فالصحبة إذا : لم تكن بمجردها عاصمة تلبس صاحبها أبراد العدالة؛ وإنّما تختلف منازلهم وتتفاوت درجاتهم بالأعمال.
    ولنا في كتاب الله وأحاديث رسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- كفاية عن التمحّل في الاستدلال على ما نقوله؛ والآثار شاهدة على ما نذهب إليه من شمول الصحبة وأنّ فيهم العدول من الذين صدقوا ما عاهدوا عليه الله، ورسخت أقدامهم في العقيدة، وجرى الإيمان في عروقهم، وأخلصوا لله فكانوا بأعلى درجة من الكمال... كما أنّ الصحبة تشمل من مردوا على النفاق، والذين ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لرسول الله الاُمور، وأظهروا الغدر، حتّى جاء الحقّ وظهر أمر الله وهم كارهون"




    وأقول : سبحان الله! انطقه الله الحق، غير أنه لم يتفطن له : لقد سمى الله تعالى أولئك النفر القليل بالمنافقين، للحذر، إذ الناس كان في عهده – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : مسلم ومنافق وكافر. ومن ثم فإثبات الصحبة حقيقة على الأول دون الثاني . هذا أولا .



    ثانياً : وأما ما نسب منه – أي النفاق- لصحابي، فهو محمول على العملي لا الاعتقادي منه . ونصوا فينما نصوا عليه : " لا يخشاه إلا مؤمن، ولا يأمنه إلا منافق" .



    ثالثاً : وهو مبحث أصولي في تعريفهم للقاعدة : أنها أمر كلي يندرج تحته جزئيات . بيد أنهم اتفقوا على أن هذه الكلية لا يؤثر فيها من شذ عنها .

    وعليه .. فوجود النفاق – مع ندرته – لا علاقة له بالصحبة– الاصطلاحية لا اللغوية- ولا يؤثر في إثبات العدالة للصحب الكرام العظام .



    رابعاً – إلزامي : أورد أبو النصر محمد بن مسعود المعروف بالعياشي في تفسيره لقوله تعالى { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } رواية تنفي النفاق صراحة عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم رواها عن محمد الباقر (وهو خامس الأئمة الاثني عشر المعصومين) عند الرافضة :
    فعن سلام قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين فسأله عن أشياء - إلى أن قال محمد الباقر - أما إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله تخاف علينا النفاق، قال : فقال لهم : ولم تخافون ذلك؟ قالوا إنا إذا كنا عندك فذكرتنا روعنا ووجلنا نسينا الدنيا وزهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل والأولاد والمال يكاد أن نحوّل عن الحال التي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن علـى شـيء أفتخـاف علينـا أن يكون هذا النفاق؟

    فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا! هذا من خطوات الشيطان ليرغبنكم في الدنيا والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ..." "تفسير العياشي" سورة البقرة آية (222) (1/128) مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، تصحيح: السيد هاشم الهولي المحلاني ط. 1411هـ ـ 1991م.
    ومثله في "بحار الانوار"(67) باب (44) القلب وصلاحه وفساده، ومعنى السمع والبصر والنطق والحياة الحقيقيّات [ 55 ][ 66 ]وأوردها الهالك الكلينى فى كافيه "الاصول من الكافي" باب في تنقل أحوال القلب (2/423-424)



    خامساًً : استصحاب الأصل : وهو سلامة وعدالة ورضا الرب سبحانه عمن اصطفاهم لصحبة صفوته – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وصيانة أعراضهم من الوقيعة فيهم، فلا تثريب



    وإنما التثريب - كما أسلفت- على المتعبدين بالكذب والزنا وأكل أموال الناس بالباطل، المتبجحين بالإشراك، عبدة الرجال .



    قال الطحاوي – رحمه الله تعالى : " كان أبو عبيد يذاكرني بالمسائل، فأجبته يوماً فِي مسألة، فقال لي : ما هذَا قول أبي حنيفة؟!

    فقلت لَه : أَيُّها القاضي أو كل ما قاله أبو حنيفة أقول بِهِ .

    قال: مَا ظننتك إِلاَّ مقلِّداً .

    فقلت لَه : وهل يقلد إِلاَّ عصبي، فقال لي : أَو غبي" "رفع الأصر عن قضاة مصر" (1/120) .



    ومما يذكر في الباب : كتب الشاه اسماعيل الصفوي الرافضي للسلطان بايزيد العثماني :

    نحن أناس قد غدا طبعنا *** حب علي بن أبي طالبي
    عيبنا الناس على حبه *** فلعنة الله على
    العائب




    فأجابه السلطان :

    ما عيبكم هذا ولكنه *** بغض الذي لقب بالصاحب
    وكذبكم عنه وعن بنته *** فلعنة الله على الكاذب







    وأما عن مسألة قدحنا في عدالة أولئك - أعني : الرافضة : فقد اصطلح علماء المصطلح على أن الخبر لا يقبل إلا من ثقة، عدل، مأمون في دينه، فأنى تقبل رواية الباطنية الرافضة .



    أين عدالتهم : وهم يعتقدون أن من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع!

    وأقبح من ذلك وأشنع ما افتروا عليه e بقوله ( من تمتع مرة أمن من سخط الجبار، ومن تمتع مرتين حشر مع الأبرار، ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان ) إلى غير ذلك مما هو شائع عندهم من إعارة الفروج، واستئجارها، واللواط بالنساء" راجع "الشيعة وأهل البيت" لإحسان إلهي ظهير ص(217) .



    أين عدالتهم وأنى تقبل رواياتهم وهو يتعبدون الله تعالى بالكذب - التقية : وفيها : "يقول شيخهم المفيد معرفا للتقية : " التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين" "تصحيح الاعتقاد" ص(115) وانظر كذلك ما ذكره عنها البحراني مبينا في "الكشكول" (1/202) والخميني في "كشف الأسرار" ص(147)



    مكانة التقية وفضلها عند الشيعة ( الرافضه ) :قال شيخهم ورئس محدثيهم محمد بن علي الملقب بالصدوق !: "واعتقادنا في التقية أنها واجبة، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة " "رسالة الاعتقاد" ص(104)

    ويقول
    محدثهم محمد ابن الحسن الحر العاملي، عن أبي عبد الله - عليه السلام- أنه قال : "من تركها قبل خروج قائمنا فليس منا" "اثبات الهداه"(3/477)


    يروون عن أبي جعفر أنه قال : " التقية من ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له" "أصول الكافي"(2/219) و"المحاسن" للبرقي (255)

    وعن أبي عبد الله أنه قال : "ما عبد الله بشيء أحب اليه من الخبء، قلت وما الخبء؟ قال التقية!" "الكافي"(2 (219/
    وعنه : "اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية" "أصول الكافي"(2/218)
    وعنه أيضا قال : "كان أبي عليه السلام يقول : أي شيء أقر لعيني من التقية ان التقية جنة المؤمن" " الكافي"(2/220)
    وعنه أيضا أنه قال : "إنكم على دين من كتمه أعزه الله!!! ومن أذاعه أذله الله" "الكافي"(2/222) و"الرسائل" للخميني(2/185)

    ويجوزون الحلف بالله تقية ( كذبا ) !فيرون عن أبي عبد الله أنه قال : "استعمال التقية في دار التقية واجب، ولا حنث ولا كفاره عمن حنث تقيه!! يدفع بذلك ظلما عن نفسه" "الأصول الأصيل" ص(319)

    بل إنهم بوبوا لهذه التقية أبوابا في كتبهم
    !!منها :باب "وجوب الاعتناء والاهتمام بالتقية" "الوسائل"(11 / 472) و باب "باب وجوب عشرة العامه بالتقية" ( يعني بالعامة : أهل السنة )" الوسائل"(11/470) وباب "وجوب طاعة السلطان للتقية" "الوسائل"(11/471) و"باب التقية" "أصول الكافي" (2/217) و"باب الكتمان" "أصول الكافي"(2/221) وغير هذا الكثير والكثير أعرضت عنه : إذاً التقية : هي نفاق خالص ومعناها أن يظهر الشخص عكس ما يبطن وهي من سمات المنافقين !

    قال تعالى في وصف المنافقين : " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ" سورة "البقرة" الآية(14) وقال تعالى : " وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ" سورة "المائدة" الآية(61) وبهذا يتبين أن الشيعي حينما يظهر التقرب والمودة من أهل السنة وانكاره لما في مذهبه من ظلال لا يعدوا على كونه يمارس التقية" "الشبكة العنكبوتية" بتصرف



    قلت : وموقفه ها هنا بعد البيان الذي أعجزه فأزعجه من ذا . دليل ذلك من قوله : " انا اقول لك هذه اقوال بخاريكم وصحاحكم لماذا لا تصدق فيها اليس هو اصح كتاب بعد القرأن عندكم يظهر انكم اختلفتم حتى في اصح الكتب لديكم هذا تخبط في الروايات"



    ونحن إن نسينا فلن ننسى - إن شاء الله تعالى- القول بتنزيه الآل من هذا الدنس المجوسي، إذ هؤلاء دمى لكل عدو للإسلام والمسلمين، بل هم كما سمَّاهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى "حمير النصارى" يركبونهم للنيل من الإسلام وأهله - كما هو ماثلٌ للعيان في هذا العصر- وأنى لهم ذلك!!! .



    ومن غريب صنيع المعترض : أنه أنكر موضوعي السحت والعهر!! ولم يتعرض من قريب أو بعيد لما هو أفحش : الشرك – الولاية التكوينية، وادعاؤهم الكاذب معرفة للغيب- وهذا من ذا – أعني : الجهل والحمق .



    وأنا حينما أصف أولئك – بما وصفت- من باب الاعتذار عنهم والتلطف بهم . لا كما زعم المعترض – وقد نبهته ابتداءا([2]) تشغيبا وتحريشا أنه كبر – عياذا بالله تعالى .



    ومن أمارات زيغه، وعلامات زيفه : أنه عرّض في معرض كذبه – تقيتهم المزعومة- بسادة الصحب الكرام العمرين وذي النورين– رضي الله تعالى عنهم- وهو الزاعم تقديساً، الرامي تنزيها، إذ قال : "ونصيحتي للاخ الفاضل ان لا يتكبر على الناس كيف تتحدث عن اخلاق ابي بكر وعمر وعثمان وانت بهذه الصفة المغايره لاخلاقهم"



    وأقول : يا هذا – وكل هذا- نحن لا نقيس بمن ذكرت أحدا! هؤلاء قوم حطوا رحالهم في أعالي الجنان، هؤلاء قوم سبق لهم من ربهم الرضا، ومن نحن لولاهموا .



    وأزيدك لتتضلع أو تتجرع : فقد روى الإمام البخاري – رحمه الله تعالى- عن ابن عمر – رضي الله تعالى عنهما- قال : كنا نقول ورسول الله r بين أظهرنا : " إن خير الناس بعد رسول الله r أبو بكر، وعمر، وعثمان " البخاري "فصائل الصحابة" (7/16)



    ونحن إذ نذكر هذا، نستذكر معه قول الأول : " ائتني بزيدي صغير أخرج لك منه رافضيا كبيراً" نسأل الله تعالى لضال المسلمين الهداية .. أمين .



    وأما قوله في إبطال عدالة الصحابة – رضي الله تعالى عنهم : "واما القول الأول وهو أشبه شيء بادعاء العصمة للصحابة، أو سقوط التكاليف عنهم، وهذا شيء لا يقرّه الإسلام، ولا تشمله تعاليمه" .



    والجواب عن هذا الشيء الذي وصفه – هو- بأنه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه)



    جاء في "عقائد الإمامية" : "ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل ما ظهر منها وما بطن، كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان؛ لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي" "عقائد الإمامية" ص(51)



    قلت : وفي هذا النقل : خلط وخبط وخطل عرف به أولئك، مع كونه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه) وسيأتي .



    وفي "بحار الأنوار" نقل الإجماع على هذا الشرك – والشرك عظيم- فقال المجلسي : " إن أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأئمة – صلوات الله عليهم – من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمداً وخطأً ونسياناً من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله عز وجل" "بحار الأنوار" (25/350-351)



    قلت : وهذا شيء تأباه العقول، مع كونه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه)



    يقرر ابن بابويه المتوفى سنة 381هـ عقيدة الشيعة في العصمة في كتابه "الاعتقادات" الذي يسمى دين الشيعة الإمامية فيقول في تكفير جاهلها لا منكرها فحسب : "اعتقادنا في الأئمة أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنبًا صغيرًا ولا كبيرًا، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم، ومن جهلهم فهو كافر، واعتقادنا فيهم أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها، لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل"" الاعتقادات" ص(108-109)



    قلت : والعجب من وصفه لشياطينه بالملائكية! وليته توارى، بل وليتهم وقفوا وكفوا، غير أنها سنة البدع : تبدوا صغيرة ثم إن لم تنكر تصير عظيمة . هذا مع كونه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه)



    وكان من أثر هذا الغلو أنه رتبوا رفعة شياطينهم – أئمتهم- عن مقام النبوة إلى مقام الإلهية، فيفترون أن علياً قال : "أُعطيت خصالاً لم يعطهنّ أحد قبلي : علّمت علم المنايا والبلايا ... فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عنّي ما غاب عنّي" "أصول الكافي"(1/197)



    وانظر في نقل القول الكبار بألوهية أمير المؤمنين : "مقالات الإسلاميين" (1/86) و"التنبيه والرد" ص(18) و"الفرق بين الفرق" ص(21) و"الملل والنحل" (1/174)

    وانظر من كتب الشيعة : "رجال الكشي" ص(106-107) والرازي/ الزينة" ص(305) و "تنقيح المقال"(2/183)



    قلت : نعوذ بالله من الغلو وأهله، وهذا (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه) بل ولا التعاليم السماوية، ولا العقول السوية، والفطر السنية!!! هديتم وكفيتم .



    ونذكر مذكّرين قول العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى : « فلا تجد مشركاً قط إلا وهو متنقص لله سبحانه، وإن زعم أنه معظم له بذلك . كما أنك لا تجد مبتدعاً إلا وهو متنقص للرسول - صلى الله عليه وسلم- وإن زعم أنه معظم له بتلك البدعة فإنه يزعم أنها خير من السنة وأولى بالصواب، أو يزعم أنها من السنة» "إغاثة اللهفان"ص 131))





    الموضوع :






    والآن نأتي لمسألة الصحبة ومعدن الأصحاب - رضي الله تعالى عنهم أجمعين- وما آل بيت نبينا- صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- إلا داخل في هذا المقام السامي، فأقول :



    أولاً : مسألة الصحبة .



    قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى : "وأصح ما وقفت عليه من ذلك، أن الصحابي من لقي النبي مؤمنـاً به، ومات على الإسلام" "الإصابة في تمييز الصحابة" (1/10).



    قال : فيدخل فيه من لقيه ممن طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روي عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أولم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمي .

    ويخرج بقيد " الإيمان " من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك؛ إذا لم يجتمع به مرة أخرى.

    وقولنا "به" يخرج من لقيه مؤمنا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة.

    ويدخل في قولنا "مؤمناً به" كل مكلف من الجن والإنس .



    وهل تدخل الملائكة ؟ محل نظر .

    وخرج بقولنا

    ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍: "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمنا به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله قال : ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به مرة أخرى أم لا، وهذا هو الصحيح المعتمد" باختصار "الصحيح المسند من فضائل الصحابة" ص(6)



    في " الاستيعاب" لأبي عمرو ابن عبد البر (1/10) قال ابن الصلاح حكاية عن أبي المظفر السمعاني أنه قال : " أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه r حديثاً ، أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منـزلة النبي r أعطوا كل من رآه حكم الصحابة" "مقدمة ابن الصلاح" ص(118) و"فتح المغيث" للعراقي (4/30)



    إذا علمت هذا – أعني شرف الصحبة- فقهت ما بعده، وانقشعت سحائب الظلمة عن قلبك تجاه المسلمين المؤمنين :



    ثانياً : معدن الأصحاب – رضي الله تعالى عنهم أجمعين النفيس .



    روي الإمام أحمد في مسنده عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود t قال : " أن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد e خير قلوب العبادفاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد e فوجد قلوب أصحابه - رضوان الله عليهم - خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رأوا سيئاً فهو عند الله سيء" صحح إسناده الشيخ أحمد شاكر، انظر "المسند" برقم (3600) .



    قال عبد الله ابن عباس - رضي الله عنهما : " إن الله - جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه - خص نبيه محمد r بصحابة آثروه على الأنفس، والأموال، وبذلوا النفوس دونه في كل حال، ووصفهم الله في كتابه فقال تعالى : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" سـورة "الفتح" الآيـة(29)

    قاموا بمعالم الدين، وناصحوا الاجتهاد للمسلمين، حتى تهذبت طرقه، وقويت أسبابه، وظهرت آلاء الله، واستقر دينه، ووضحت أعلامه، وأذل بهم الشرك، وأزال رؤوسه، ومحا دعائمه وصارت كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزكية، والأرواح الطاهرة العلية، فقد كانوا في الحياة لله أولياء، وكانوا بعد الموت أحياء، وكانوا لعباد الله نصحاء، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها، وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها" "مروج الذهب ومعادن الجواهر" (3/75) .



    روى أبو نعيم : بإسناده إلى أبي أراكة قال : "صلى علي الغداة ، ثم لبس في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح، كأن عليه كآبة، ثم قال : " لقد رأيت أثراً من أصحابr فما أرى أحداً يشبههم، والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً، بين أعينهم مثل ركب المعزى، قد باتوا يتلون كتاب الله، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذكر الله، مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين" .



    وقال أيضا - رضي الله تعالى عنه : " أولئك مصابيح الهدى، يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه، ليس أولئك بالمذايع [3] ولا الجفاة المرآئين " "حلية الأولياء" لأبي نعيم (1/76 ) و"البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (8/7 ) .



    وعن الحسن البصري - رحمه الله تعالى - لما سأله بعض القوم فقالوا : أخبرنا عن صفة أصحاب رسول الله r ؟ فبكى وقال : "ظهرت منهم علامات الخير، في السيماء، والسمت، والهدى، والصدق، وخشونة ملابسهم بالاقتصاد، وممشاهم بالتواضع، ومنطقهم بالعمل، ومطعمهم ومشربهم بالطيب من الرزق، وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى، واستقادتهم للحق فيما أحبوا وكرهوا وإعطائهم الحق من أنفسهم، ظمئت هواجرهم، ونحلت أجسامهم، واستخفوا بسخط المخلوقين في رضا الخالق، لم يفرطوا في غضب، ولم يحيفوا ولم يجاوزوا حكم الله تعالى في القرآن ، شغلوا الألسن بالذكر، وبذلوا دمائهم حين استنصرهم، وبذلوا أموالهم حين استقرضهم، ولم يمنعهم خوفاً من المخلوقين، حسنت أخلاقهم، وهانت مؤنتهم، وكفاهم اليسير من دنياهم إلى أخرتهم" "حلية الأولياء" لأبي نعيم (1/76 ) و"البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (8/7 )



    ويقول العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى - عن الصحابة - رضي الله عنهم : " إن أحداً ممن بعدهم لا يساويهم في رأيهم وكيف يساويهم؟ وقد كان أحدهم يرى الرأى فينـزل القرآن بموافقته ... وحقيق بمن كانت آراؤهم بهذه المنـزلة أن يكون رأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا، كيف لا وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نوراً وإيماناً، وحكمةً وعلماً، ومعرفةً، وفهماً عن الله ورسوله ونصيحة للأمة، وقلوبهم على قلب نبيهم، ولا وساطة بينهم وبينه، وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة، غضاً طرياً " .



    وجاء في "لوامع الأنوار البهية" : " ليس في الأمة كالصحابة الكرام، ولا يرتاب أحد من ذوي الألباب، أن الصحابة الكرام، هم الذين حازوا قصبات السبق، واستولوا على معالي الأمور، من الفضل والمعروف، والصدق، فالسعيد من اتبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهجهم القويم، والتعيس من عدل عن طريقهم، ولم يتحقق بتحقيقهم، فأي خطة رشد لم يستولوا عليها، وأي خصلة خير لم يسبقوا إليها .

    تالله، لقد وردوا ينبوع الحياة عذباً صافياً زلالاً، ووطدوا قواعد الدين والمعروف، فلم يدعوا لأحد بعدهم مقالا، فتحوا القلوب بالقرآن، والذكر، والإيمان، والقرى بالسيف، والسنان ، وبذل النفوس النفيسة في مرضاة الرحيم الرحمن، فلا معروف إلا ما عنهم عرف، ولا برهان إلا ما بعلومهم كشف، ولا سبيل نجاة إلا ما سلكوه، ولا خير وسعادة إلا ما حققوه وحكوه، فرضوان الله عليهم ما تحلت المجالس بنشر ذكرهم، وما تنصقت الطروسبعرف مدحهم وشكرهم، فلا مطمع لأحد من الأمة بعدهم في اللحاق بهم، فهم أسعد الأمة بإصابة الصواب، وأجدر الأئمة بعلم فقه السنة والكتاب؛ لفوزهم بصحبة النبي r ومشاهدة نـزول الوحي، ومعرفة الأسباب، فلا يجاروا في علمهم، ولا يباروا في فهمهم، فكل علم وفهم ، وخير، عنهم وصل، وكل سعادة، وسيادة وفقه، من علمهم، وبسببهم حصل، فرضوان الله عليهم، ما زين ذكرهم الدفاتر، وشرف نشرهم المنابر، وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وبذلوا نفوسهم النفيسة في مرضاة الله

    فلا ريب إنهم أئمة الصادقين، وكل صادق بعدهم ، فبهم يأتم في صدقه، بل حقيقة صدقه اتباعه لهم، وكونه معهم فهم خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم وإرادتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة، والله تعالى يقبل شهادتهم عليهم، فهم شهداؤه؛ ولهذا نوه بهم، ورفع ذكرهم، وأثنى عليهم 000 فلا مقام بعد مقام النبوة، أعظم من مقام قوم، ارتضاهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه r ونصرة دينه القويم، وصراطه المستقيم

    فمن تأمل فيما ذكرناه حق التأمل، وأعطى المقام حقه، نجا، فالحذر الحذر، من أدنى شائبة، تزري بتلك المناصب الشامخة . ولهذا نقول :

    واحذر من الخوض الذي قد يزري *** بفضلهم مما جرى لو تدري
    فإنـه عن اجتهـاد قـد صـدر *** فاسلم أذل الله من لهم هجر




    وقال أيضا :

    وليـس في الأمـة كالصحابة *** في الفضل والمعروف والإصابة
    فإنهم قد شـاهدوا المختـارا *** وعاينـوا الأسـرار والأنوارا
    وجاهـدوا في الله حتى بانـا *** دين الهـدى وقد سمى الأديانا
    وقد أتى في محكـم التنـزيـل *** من فضـلهم ما يشفي للغليل
    وفي الأحاديث وفي الآثــار *** وفي كلام القـوم والأشعـار
    ما قد وفى من أن يحيط نظمي *** عن بعضه فاقتنع وخذ من علم" " لوامع




    "الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المعنية في عقيدة الفرقة المرضية" للعلامة محمد بن أحمد السفاريني (2/379)



    قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله تعالى - وغيره : " قد أثنى الله - تبارك وتعالى -على أصحاب رسول الله r في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله rمن الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم الله، وهنأهم بما آتاهم من ذلك، ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، أدوا إلينا سنة رسول الله r عاماً وخاصاً، وعزماً وإرشاداً، وعرفوا من سننه ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل " " أعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (1/80)



    وقال ابن أبي حاتم - رحمهما الله : " فأما أصحاب رسول الله r فهم الذين شهدوا الوحي والتنـزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه r ونصرته، وإقامة دينه، وإظهار حقه، فرضيهم له صحابة، وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة، فحفظوا عنه r ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وشرع، وحكم وقضى، وندب وأمر، ونهى وحظر وأدب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا في الدين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده، بمعاينة رسول الله r ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقفهم منه، واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما من عليهم، وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب، والغلط والريبة والغمز، وسماهم عدول الأمة فقال - عز وجل " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ..." سـورة " البقـرة " الآيـة ( 143)



    قال "عدلا" فكانوا عدول الأمة، وأئمة الهدى، وحجج الدين، ونقلة الكتاب والسنة . وندب الله - عز وجل - إلى التمسك بهديهم، والجري على منهاجهم، والسلوك لسبيلهم، والاقتداء بهم، فقال تعالى " وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " سـورة " النسـاء " الآيـة ( 115)


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 04.10.10 9:51 عدل 4 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القول البتول في فضل الصحابة العدول Empty رد: القول البتول في فضل الصحابة العدول

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 04.10.10 9:22

    أدلة عدالة ([4]) الصحابة من الكتاب والسنة
    الدليل الأول : يقول الله عز وجل ] لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنـزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا[ سورة "الفتح" الآية (18) روي البخاري عن جابر t " كنا ألفاً وأربعمائة " كتاب البخاري رقم (4154)



    فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية بواطنهم، وما في قلوبهم، ومن t لا يمكن أن يموتوا على الكفر .



    قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : " والرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضا" " الصارم المسلول على شاتم الرسول" ص(574) .



    قال الإمام أبو محمد ابن حزم - رحمه الله تعالى : " فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم ، ورضي عنهم ، وأنـزل السكينة عليهم فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم - أي تعديلهم لتعديل الله لهم - أو الشك فيهم ألبته"" الفصل في الملل والأهواء والنحل " لأبي محمد بن حزم (4/148)



    الدليل الثاني : قال تعالى " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا " سـورة الفتـح الآيـة (29)



    قال الإمام مالك - رحمه الله تعالى : "بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة y الذين فتحوا الشام يقولون والله لهؤلاء خير من الحوارين فيما بلغنا، وصدقوا في ذلك، فإن الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول اللهr " " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " لابن عبد البر (1/ 6) .



    وقال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى : " وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور " "زاد المسير" لإبي الفرج ابن الجوزي ( 9/449 ) .



    الدليل الثالث : في قوله تعالى : ] رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [

    روى مسلم أن عائشة t قالت " أمروا أن يستغفروا لأصحاب رسول الله e فسبوهم" "صحيح مسلم "كتاب التفسير" رقم(3022)



    قال أبو نعيم - رحمه الله تعالى : " فمن أسوأ حالا ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما آلا ترى أن الله تعالى أمر نبيه e بأن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى " وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر" سـورة "آل عمـران" الآيـة(159) وقال تعالى : " وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" سـورة "الشعـراء" الآيـة(215)



    يقول : فمن سبهم وأبغضهم وحمل من كان من تأويلهم - أي الفتنة - وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم، ولا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي e وصحابته، والإسلام والمسلمين" "كتاب الإمامة" لأبي نعيم ص (375)



    وقال مجاهد - رحمه الله تعالى : " عن ابن عباس قال : " لا تسبوا أصحاب محمد e فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون" "الصارم المسلول على شاتم الرسول" ص (574) .



    الدليل الرابع : قال تعالى : " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" سـورة "التوبـة" الآيـة(100)



    قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : " فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان؛ ولم يرضى عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان" " الصارم المسلول على شاتم الرسول" ص(572) .



    الدليل الخامس : قوله تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ " سـورة "الأحقاف" الآيـة(11)



    قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى : " وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - هو بدعة، لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها" "تفسير القرآن العظيم" للعماد ابن كثير (4/168) طبعة دار المعرفة



    وقال ابن عبد البر - رحمه الله تعالى : " إنما وضع الله - عز وجل - أصحاب رسوله الموضع الذي وضعهم فيه بثنائه عليهم ، من العدالة والدين والإمامة ، لتقوم الحجة على أهل الملة، بما أدّوا عن نبيهم من فريضة وسنة r ورضي عنهم أجمعين - فنعم العون كانوا له على الدين في تبليغهم عنه إلى من بعدهم من المسلمين" "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (1/126)





    وفي السُّنَّة المقدسة :



    الدليل الأول : حديث أبي سعيد - المتفق عليه " لا تسبوا أصحابي" "صحيح البخاري" رقم (6373) ، "صحيح مسلم" رقم (3540) .



    الدليل الثاني : وقوله e لعمر t : "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفر الله لكم" أخرجه "مسلم" (2494) ، و"أبوداود" (2651) .



    الدليل الثالث : وحديث عمران بن حصين قال : قال رسول الله e : " خير الناس قرني .. ""صحيح البخاري"(5/ 258) "صحيح مسلم" (2533) و"الترمذي" (3859) و"ابن ماجة" (2363) .



    الدليل الرابع : وحديث عمر : أن رسول الله e قال : " أكرموا أصحابي فإنهم خياركم " وفي رواية " احفظوني في أصحابي" "صحيح ابن ماجة" ص(132) .



    الدليل الخامس : قال ابن عمر - رضي الله عنهما : " لا تسبوا أصحاب محمد e فلمقام أحدهم ساعة، خير من عمل أحدكم أربعين سنة" وفي رواية وكيع "خير من عبادة أحدكم عمره" .




    ذكر الإجماع على عدالتهم :





    " أجمع أهل السنة والجماعة على أن الصحابة جميعهم عدول بلا استثناء، من لابس الفتن وغيرها، وقد نقل الإجماع على عدالتهم جم غفير من أهل العلم" "عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y " للدكتور ناصر بن علي



    وقال الخطيب البغدادي - رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر الأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله e التي دلت على عدالة الصحابة - وقد ذكرت - أنهم كلهم عدول قال : "هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتد بقوله من الفقهاء" "الكفاية" ص(67) .



    قال أبو عمر ابن عبد البر - رحمه الله تعالى : "ونحن وإن كان الصحابة y قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول " " الاستيعاب على حاشية الإصابة" (1/16) .



    كما حكى الإجماع على عدالتهم إمام الحرمين ([5]) والغزالي .



    وقال ابن الصلاح - رحمه الله تعالى : " للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه؛ لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة" "مقدمـة ابن الصـلاح" ص(146) .



    وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى : " الصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة؛ لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله e ورغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل والجزاء الجميل" " الباعث الحثيث " للحافظ ابن كثير ص (176) طبعة دار الكتب العلمية تحقيق العلامة أحمد شاكر .



    وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى : " اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول، ولم يخالف ذلك إلا شذوذ من المبتدعة" "الإصابة في تمييز الصحابة" للحافظ ابن حجر (1/ 17) .



    قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى : " الصحابة كلهم عدول، من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به" "التقريب" ص(214) مع التدريب وقد قدمنا أن الكذبة الفجرة لا يعتد بخلافهم .



    وقال ابن الصلاح - رحمه الله تعالى : " ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم، فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع؛ إحساناً للظن بهم، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله - سبحانه وتعالى - أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة" "الحديث والمحدثون" ص(129) و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (1/26)



    قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - بعد أن نقل الأدلة من الكتاب والسنة على عدالة الصحابة - رضي الله عنهم - والثناء عليهم : "وهذه أحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم، وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون، فالقدح فيهم قدح في القرآن والسنة"



    قال السفاريني - رحمه الله تعالى : " فالحق الذي ليس عنه نـزول : أنهم كلهم - رضوان الله عليهم - عدول، لأنهم كما قدمنا متأولون في تلك المخاصمات مجتهدون في هاتيك المقاتلات ... ولهذا اتفق أهل الحق ممن يعتد به في الإجماع على قبول شهادتهم ورواياتهم وثبوت عدالتهم ...

    وقال بعض المحققين : البحث عن أحوال الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وعما جرى بينهم من الموافقة والمخالفة ليس من العقائد الدينية ولا من القواعد الكلامية وليس هو مما ينتفع به في الدين بل ربما أضر باليقين وإنما ذكر العلماء فيها نتفا في كتبهم صونا للقاصرين عن التأويل عن اعتقاد ظواهر حكايات الرافضة ورواياتها يجتنبها من لا يصل إلى حقيقة علمها مع أن غالب أوكل ما يحكيه الرافضة موضوعاً وأكثره باطلاً مصنوع . فلا جرم السلامة في التسليم وكَفِّ اللسان عن هذا المدخل الضيق العظيم .

    واسلم من الخوض في تلك البحور، واحذر من العثار فإن من قارف الفتنة افتتن ومن تعرض بدينه للشبهات والشهوات اختبن ([6])

    ... والذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل أحد تزكية جميع الصحابة بإثبات العدالة لهم والكف عن الطعن فيهم والثناء عليهم، فقد أثنى الله - سبحانه وتعالى - عليهم في عدة آيات في كتابه العزيز، على أنه لو لم يرد عن الله ولا عن رسوله فيهم شئ لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، ونصرة الدين، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان، واليقين، القطع بتعديلهم، والاعتقاد بنـزاهتهم، وأنهم أفضل جميع الأمة بعد نبيها r هذا مذهب كافة الأمة، ومن عليه المعول من الأئمة" " لوامـع الأنـوار البهية " للسفاريني (2/388)




    وجوب اتباع الصحابة - رضوان الله عليهم – كفرع عن عاليه، وفيه إثبات إمامتهم .





    ذكر العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى- في كتابه الماتع " أعلام الموقعين عن رب العالمين " فصلا بديعاً رائقاً في وجوب اتباع الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - كفرع عن عدالتهم، رأيت إدراجه لأهميته وعلاقته بما نحن بصدده، فقال :

    " ... فإنهم استحقوا منصب الإمامة والإقتداء بهم؛ لكونهم هم السابقين، وهذه صفة موجودة في كل واحد منهم، فوجب أن يكون كل واحد منهم إماماً للمتقين، كما استوجب الرضوان والجنة .



    - وفي قوله تعالى : " وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ " سـورة " لقمـان " الآيـة (15)

    قال : وكل واحد من الصحابة منيب إلى الله؛ فيجب اتباع سبيله، وأقواله، واعتقاداته .



    - وفي قوله تعالى : " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي" سـورة " يوسف" الآيـة( 108)

    قال : فالصحابة - رضي الله عنهم - قد اتبعوا الرسول r فيجب اتباعهم



    - وفي قوله : "قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى" سـورة " النمـل " الآيـة(59)

    قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في رواية أبي مالك : " هم أصحاب محمد r " .



    - وفي قوله تعالى : " وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنـزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" سـورة "ســبأ " الآيـة (6)

    - وقوله " حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًا" سـورة " محمـد " الآيـة (16)

    - وقوله "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" سـورة " المجـادلة " الآيـة (11)

    - قال : إن الله تعالى شهد لهم بأنهم أوتو العلم الذي بعث به نبيه r وإذا كانوا قد أوتوا العلم ، كان اتباعهم واجباً .



    - وفي قوله تعالى : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " سـورة " آل عمران " الآيـة (110)

    شهد الله تعالى بأنهم يأمرون بكل معروف ، وينهون عن كل منكر .



    - وفي قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" سـورة " التوبـة " الآيـة (119)

    قال غير واحد من السلف : " هم أصحاب محمد r ولا ريب أنهم أئمة الصادقين ، وكل صادق بعدهم فبهم يأتم في صدقه ، بل حقيقة صدقه اتباعه لهم ، وكونه معهم " .



    وفي قوله تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ" سـورة "البقـرة" الآيـة (142)

    وأخبر تعالى أنه جعلهم أمة خياراً عدولاً، هذا حقيقة الوسط ، فهم خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم وإرادتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة، والله تعالى يقبل شهادتهم عليهم، فهم شهداؤه، ولهذا نوه بهم، ورفع ذكرهم، وأثنى عليهم .



    وفي قوله تعالى : " وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ" سـورة " الحـج " الآيـة (78)



    قال : فأخبر تعالى أنه اجتباهم([7]) فهم المجتبون الذين اجتباهم الله إليه، وجعلهم أهله وخاصته، وصفوته من خلقه بعد النبيين والمرسلين .

    ولهذا أمرهم تعالى أن يجاهدوا فيه حق جهاده، فيبذلوا له أنفسهم، ويفردوه بالمحبة والعبودية، ويختاروه وحده إلهاً معبوداً محبوباً على كل ما سواه، كما اختارهم على سواهم فيتخذونه وحده إلههم ومعبوديهم الذي يتقربون إليه بألسنتهم، وجوارحهم، وقلوبهم، ومحبتهم، وإرادتهم، فيؤثرونه في كل حال على من سواه، كما اتخذهم عبيده، وأولياءه، وأحباءه، وآثرهم بذلك على من سواهم .

    ثم أخبرهم تعالى أنه يسر عليهم دينه غاية التيسير، ولم يجعل عليهم فيه من حرج ألبته؛ لكمال محبته لهم، ورأفته، ورحمته، وحنانه بهم .

    ثم أمرهم بلزوم ملة إمام الحنفاء أبيهم إبراهيم، وهي إفراده تعالى وحده بالعبودية، والتعليم، والحب، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابة، والتفويض، والاستسلام، فيكون تعلق ذلك من قلوبهم به وحده لا بغيره .

    ثم أخبر تعالى أنه نوه بهم، وأثنى عليهم قبل وجودهم، وسماهم عباده المسلمين قبل أن يظهرهم.

    ثم نوَّه بهم، وسماهم كذلك بعد أن أوجدهم، اعتناءاً بهم، ورفعة لشأنهم، وإعلاءاً لقدرهم،

    ثم أخبر تعالى أنه فعل ذلك ليشهد عليهم رسوله، ويشهدوا هم على الناس، فيكونون شهوداً بشهادة الرسول r شاهدين على الأمم بقيام حجة الله عليهم .



    وفي قوله تعالى : " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " سـورة " السجدة " الآيـة (24)



    قال - رحمه الله تعالى : " ومن المعلوم أن أصحاب محمد r أحق وأولى بهذا الوصف من أصحاب موسى - عليه السلام - فهم أكمل يقيناً، وأعظم صبراً من جميع الأمم؛ فهم أولى بمنصب هذه الإمامة، وهذا أمر ثابت بلا شك، شهادة الله لهم، وثنائه عليهم، وشهادة الرسول r لهم بأنهم خير القرون، وأنهم خيرة الله وصفوته .



    وفي قوله r " خير الناس قرني ..." أخبر rأن خير القرون قرنه مطلقاً، وذلك يقتضي تقديمهم في كل باب من أبواب الخير .



    وما رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - قال : "من كان متأسياً فليتأس بأصحاب رسول الله r فإنهم كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هديا، وأحسنها حالاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوا آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم" .



    وما رواه الطبراني، وأبو نعيم، وغيرهما، عن حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه - أنه قال : " يا معشر القرّاء، خذوا طريق من كان قبلكم، فوالله لئن استقمتم فقد سبقتم سبقاً بعيداً ، ولئن تركتموه يميناً أوشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيد .



    إلى أن قال - رحمه الله تعالى : أصحاب رسول الله r ورضي الله عنهم - هم سادات الأمة، وقدوة الأئمة، وأعلم الناس بكتاب ربهم تعالى وسنة نبيهم r وقد شاهدوا التنـزيل وعرفوا التأويل، ونسبة من بعدهم في العلم إليهم كنسبتهم إليهم في الفضل والدين .



    وقال : وهذا إلى ما خلصوا به من قوى الأذهان وصفائها، وصحتها، وقوة إدراكها، وكمالها، وكثرة المعاون، وقلة الصارف، وقرب العهد بنور النبوة والتلقي من تلك المشكاة النبوية" اهـ ( أعلام الموقعين بتصرف )



    ومن ثم :


    وجوب الإمساك عن ذكر مثالبهم وبيان أن الواجب ذكر مآثرهم؛ لما سلف .



    وذلك أن في ذكر المثالب توطئة للطعن فيهم أو على الأقل بغضهم، وكلاهما مهلك! .



    وينبغي أن يعلم أيضاً : أن الكلام عما شجر بين الصحابة ليس هو الأصل؛ بل الأصل الاعتقادي عند أهل السنة والجماعة هو الكف، والإمساك عما شجر بين الصحابة قال e : " إذ ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا" "السلسلة الصحيحة" (1/42) .



    ولذلك فمن منهج أهل السنة الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة، وتتبع زلاتهم، وعدم الخوض فيما شجر بينهم :



    قال أبو نعيم- رحمه الله تعالى : " فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله e وذكر زللهم، ونشر محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان الذين مدحهم الله تعالى "



    ويقول أيضاً : " لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم ، إنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم ، وما يفرط منهم في الغضب ، وعارض الموجدة " .



    قال ابن دقيق - رحمه الله تعالى : " وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحاً أولناه تأويلاً حسناً؛ لأن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكرنا من الكلام اللاحق فيحتمل التأويل والمشكوك والموهوم لا يبطل المحقق المعلوم" " أصحاب رسول الله e ومذاهب الناس فيهم " لعبد العزيز العجلان ص (360).




    سَبّ الصحابة وحكمه :





    " وسَبّ الصحابة - رضوان الله عليهم - دركات بعضها شر من بعض، فمن سَبَّ بالكفر([8]) أو الفسق، ومن سَبَّ بأمور دنيوية كالبخل وضعف الرأي([9]) وهذا السَبّ إمّا أن يكون لجميعهم، أو أكثرهم، أو يكون لبعضهم([10]) أو الفرد منهم : وهذا الفرد إمّا أن يكون ممن تواترت النصوص بفضله أو دون ذلك([11])" "اعتقاد أهل السنة في الصحابة" للشيخ محمد بن عبد الله الوهيبي



    ومن الأثار السلفية الناهية عن الوقيعة فيهم – رضي الله تعالى عنهم أجمعين .



    سئل جعفر بن محمد الصادق - رحمه الله تعالى - عما وقع بين الصحابة فأجاب بقوله : " أقول ما قال الله ] عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى [ سـورة "طـه" الآيـة(52)



    قال محمد بن صبيح السماك: "علمت أن اليهود لا يسبّون أصحاب موسى، وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى، فما بالك يا جاهل تسبَّ أصحاب محمد r قد علمت من أين أتيت؟ لم يشغلك ذنبك، أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك، لقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين .



    ويحك([12]) فكيف لم يشغلك عن المحسنين؟! أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين، ورجوت لهم أرحم الراحمين، ولكنك من المسيئين؛ فمن ثم عبت الشهداء والصالحين .



    أيها العاتب لأصحاب محمد rلو نمت ليلك، وأفطرت نهارك، لكان خيراً لك من قيام ليلك، وصيام نهارك، مع سوء قولك في أصحاب نبيك r



    ويحك : فلا قيام ليل ولا صيام نهار، وأنت تتناول الأخيار، وأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى



    ويحك : هؤلاء تشرفوا في بدر، وهؤلاء تشرفوا في أحد، إذ أن هؤلاء وهؤلاء جاء عن الله العفو عنهم، فقال : " إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ" سـورة " آل عمـران " الآيـة (155)



    فما تقول فيمن عفا الله عنه ؟



    نحن نحتج لإبراهيم - خليل الرحمن - قال : " فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" سورة "إبراهيـم" الآيـة(36) فقد عرض للعاصي بالغفران . ولو قال : فإنك عزيز حكيم، أو عذابك عذاب أليم، كان قد عرض للإنتقام .



    فبمن تحتج أنت ياجاهل إلا بالجاهلين . لبئس الخلف خلف يشتمون السلف : " لواحد من السلف خير من ألف من الخلف "



    وهؤلاء جاء العفو عنهم فقالوا : " ِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ" سـورة "آل عمران" الآيـة (155)



    فما تقول فيمن عفا الله عنه؟!

    فما تقول فيمن عفا الله عنه؟! " "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (4/1459)



    قال سفيان بن عيينة- رحمه الله تعالى "من نطق في أصحاب رسول الله r بكلمة فهو صاحب هوى".



    "قال أبو المظفر السمعاني: " التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله، بل هو بدعة وضلالة" "فتح الباري" (4/365)



    قال الشافعي - رحمه الله تعالى : "ما أرى الناس ابتلوا بشتم أصحاب محمد r إلا ليزيدهم الله - عز وجل - بذلك ثوابا عند انقطاع أعمالهم" "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" للإمام اللالكائي (4/1445)


    وفي نقل الإجماع على حرمة الطعن فيهم – تصريحا أو تلويحا .





    قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - حاكياً للإجماع على وجوب المنع من الطعن على واحد من الصحابة، بسبب ما حصل بينهم، ولو عرف المحق منهم حيث قال : " واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة، بسبب ما وقع لهم من ذلك، ولو عرف المحق منهم؛ لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد؛ بل ثبت أنه يؤجر أجراً، وأن المصيب يؤجر أجرين " "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (13/34)


    وعليه :





    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 04.10.10 9:42 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القول البتول في فضل الصحابة العدول Empty رد: القول البتول في فضل الصحابة العدول

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 04.10.10 9:23


    أقوال السلف في بيان موقف المسلم تجاه الفتنة :




    قال محمد بن الحسين الآجري - رحمه الله تعالى : " ينبغي لمن تدبر ما رسمناه من فضائل أصحاب رسول الله r وفضائل أهل بيته - رضي الله عنهم أجمعين أن يحبهم، ويترحم عليهم، ويستغفر لهم، ويتوسل إلى الله بهم ( أي : بحبهم ) ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا، ولا يذكر ما شجر بينهم، ولا ينقر عنه ولا يبحث، فإن عارضنا جاهل مفتون قد خطئ به طريق الرشاد



    فقال : لم قاتل فلان لفلان، ولم قتل فلان لفلان وفلان ؟

    قيل له : ما بنا وبك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ، ولا اضطررنا إلى علمها



    فإن قال : ولم ؟

    قيل له : لأنها فتن شاهدها الصحابة - رضي الله عنهم - فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها ، وكانوا أعلم بها ، وكانوا أعلم بتأويلها من غيرهم ، وكانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم ؛ لأنهم أهل الجنة ، عليهم نـزل القرآن ، وشاهدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجاهدوا معه ، وشهد لهم الله عز وجل بالرضوان ، والمغفرة ، والأجر العظيم ، وشهد لهم الرسول r أنهم خير قرن ، فكانوا بالله -عز وجل أعرف وبرسوله r وبالقرآن والسنة ، ومنهم يأخذ العلم ، وفي قولهم نعيش ، وبأحكامهم نحكم ، وبأدبهم نتأدب ، ولهم نتبع ، وبهذا أمرنا .



    فإن قال: " وإيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم ، والبحث عنه؟

    قيل له : ما لا شك فيه أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، وعقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم، فنـزل عن طريق الحق، ونتخلف عما أمرنا فيهم .



    فإن قال : وبم أمرنا فيهم ؟

    قيل : أمرنا بالاستغفار لهم، والترحم عليهم، والمحبة لهم، والاتباع لهم، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول أئمة المسلمين، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم . قد صحبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاهرهم وصاهروه، فبالصحبة يغفر الله الكريم لهم، وقد ضمن الله -عز وجل في كتابه أن لا يخزي منهم واحداً، وقد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة والإنجيل، فوصفهم بأجمل الوصف، ونعتهم بأحسن نعت، وأخبرنا مولانا الكريم أنه تاب عليهم، وإذا تاب عليهم لم يعذب واحداً منهم أبداً "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" سـورة " المجادلـة " الآيـة(22)



    فإن قال قائل : إنما مرادي من ذلك ؛ لأن أكون عالماً بما جرى بينهم ، فأكون لم يذهب على ما كانوا فيه ؛ لأني أحب ذلك ولا أجهله ؟

    قيل له : أنت طالب فتنة ؛ لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك، ولو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه ، واجتناب محارمه، كان أولى بك

    وقيل : لا سيما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة .

    وقيل له : اشتغالك بمطعمك وملبسك من أين هو ؟ أولى بك ، وتكسب لدرهمك من أين هو ؟ وفيما تنفقه ؟ أولى بك .

    وقيل : لا يأمن أن يكون بتنقيرك وبحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك ؛ فتهوى ما لا يصلح لك أن تهواه ؛ يلعب بك الشيطان ؛ فتسب ، وتبغض من أمرك الله بمحبته ، والاستغفار له ، وباتباعه ؛ فتزل عن طريق الحق وتسلك طريق الباطل .



    فإن قال : فاذكر لنا من الكتاب والسنة وعمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت ؛ لترد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة - رضي الله عنهم -

    قيل له : قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ وحجة لمن عقل ، ونعيد بعض ما ذكرناه ليتعظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق



    قال تعالى " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" سـورة "الفتح" الآيـة(29)



    ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم .

    وقال عز وجل " لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" سـورة "التوبة" الآيـة(117)



    وقال عز وجل " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ..." سـورة "التوبة" الآيـة(100)



    وقال عز وجل " يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" سـورة " التحـريم " الآيـة (8)



    وقال - عز وجل " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " سـورة "آل عمـران" الآيـة(110)



    وقال - عز وجل " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنـزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا" سـورة "الفتـح" الآيـة(18)



    ثم إن الله -عز وجل- أثنى على من جاء بعد الصحابة فاستغفر للصحابة، وسأل مولاه الكريم أن لا يجعل في قلبه غلاً لهم، فأثنى الله - عز وجل - عليه بأحسن ما يكون من الثناء



    فقال - عز وجل " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" سـورة "الحشـر" الآيـة (10)



    وقال النبي r " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " البخاري (5/258) مسلم (2533)



    قال محمد بن الحسين - رحمه الله تعالى : يقال لمن سمع هذا من الله - عز وجل - ومن رسول الله r : إن كنت عبداً موفقاً للخير اتعظت بما وعظك الله - عز وجل - به، وإن كنت متبعاً لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله - عز وجل : " وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " سـورة "القصص" الآيـة(50)



    وكنت ممن قال الله - عز وجل " وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ" سـورة "الأنفال" الآيـة (23)

    ويقال له : من جاء أصحاب رسول r حتى يطعن في بعضهم ويهوى بعضهم ويذم بعضاً ويمدح بعضاً فهذا رجل طالب فتنة وفي الفتنة وقع ؛ لأنه واجب عليه محبة الجميع والاستغفار للجميع - رضي الله عنهم - ونفعنا بحبهم .



    قال حميد ابن زياد ، قلت لمحمد بن كعب القرظي : أخبرني عن أصحاب رسول الله r وإنما أريد الفتن ؟ فقال : إن الله - جل جلاله ، وتقدست أسماؤه - قد غفر لجميع أصحاب النبي r وأوجب لهم الجنة والرضوان في كتابه .



    قال : ألا تقرأ " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " سـورة "التوبـة" الآيـة(100) أوجب لجميع أصحاب النبي r الجنة والرضوان ، وشرط على التابعين شرطاً لم يشترطه فيهم .



    فقلت : وما اشترط عليهم ؟



    قال : اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان يقول : يقتدون بهم في أعمالهم الحسنة، ولا يقتدون بهم في غير ذلك .



    قال أبو صخر : لكأني لم أقرأها قبل ذلك، وما عرفت تفسيرها حتى قرأها محمد بن كعب " انظر "الدر المنثور في التفسبر بالمأثور" للسيوطي (3/293)



    قال الشعبي - رحمه الله تعالى : " أدركت خمسمائة من أصحاب رسول الله r كلهم يقول : علي وعثمان وطلحة والزبير، كلهم في الجنة" .



    سأل رجل المعافى بن عمران- رحمه الله تعالى - فقال : يا أبا مسعود : أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟

    فغضب من ذلك غضباً شديداً . وقال : " لا يقاس بأصحاب رسول الله r أحد . معاوية صاحبه، وصهره، وكاتبه، وأمينه على وحي الله" "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" للإمام اللالكائي (4/1445)



    قال سعيد بن زيد - رضي الله تعالى عنه : "والله لمشهد شهده رجل مع رسول الله r يغبر وجهه، أفضل من عمر أحدكم، ولو عُمَّر عمر نوح" رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وأحمد ، وقال الشيخ أحمد شاكر- رحمه الله تعالى – صحيح .



    سئل عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - عن القتال الذي حصل بين الصحابة فقال : " تلك دماء طهر الله منها يدي، أفلا أطهر منها لساني، مثل أصحاب رسول الله مثل العيون، ودواء العيون ترك مسها" "ناقب الشافعي"للرازي ص(136) .



    قال الإمام البيهقي - رحمه الله تعالى : معلقاً على قول عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى " هذا حسن جميل؛ لأن سكوت الرجل عما لا يعنيه هو الصواب"



    قال عامر بن شراحيل الشعبي - رحمه الله تعالى - في المقتتلين من الصحابة : "هم أهل الجنة لقي بعضهم بعضاً فلم يفر أحد من أحد" "البداية والنهاية" (7/332) .



    سئل الحسن البصري - رحمه الله تعالى - عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال : " قتال شهده أصحاب محمد e وغبنا، وعلموا وجهلنا، اجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا" "الجامع لأحكام القرآن" (16/ 332) .



    ومعنى قول الحسن هذا : " أن الصحابة كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا، وما علينا إلا أن نتبعهم فيما اجتمعوا عليه، ونقف عندما اختلفوا، ولا نبتدع رأي منا، ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله - عز وجل - إذ كانوا غير متهمين في الدين" "الجامع لأحكام القرآن" (16/ 332) .



    قال الشافعي - رحمه الله تعالى " يا ربيع اقبل مني ثلاثة : لا تخوضن في أصحاب رسول الله r فإن خصمك النبي r غداً - أو قال يوم القيامة ..." "سـير أعلام النبلاء" (10/28)



    قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -" إني لست من حربهم في شئ : يعني أن ما تنازع فيه علي وإخوانه لا أدخل بينهم فيه؛ لما بينهم من الاجتهاد والتأويل الذي هم أعلم به مني، وليس ذلك من مسائل العلم التي تعنيني حتى أعرف حقيقة حال كل واحد منهم، وأنا مأمور بالاستغفار لهم، وأن يكون قلبي لهم سليماً، ومأمور بمحبتهم وموالاتهم، ولهم من السوابق، والفضائل ما لا يهدر" "مجموع الفتاوى" (4/440)



    قال الإمام الحافظ أبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي - رحمه الله تعالى" والذي عليه جماعة السنة والحق : حسن الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وطلب أحسن التأويل لفعلهم، وأنهم مجتهدون غير قاصدين للمعصية، والمجاهرة بذلك، وطلب حب الدنيا، بل كل عمل على شاكلته، وبحسب ما أداه إليه اجتهاده، وقد رفع الله تعالى الحرج عن المجتهد المخطئ في اجتهاده في فروع الدين، وضعف الأجر للمصيب" "المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم" (7/212) .



    قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - بعد أن قيل له : ما تقول فيما كان بين علي ومعاوية، قال : " ما أقول إلا الحسنى" "مناقـب الإمـام أحمـد" لابن الجـوزي ص(164)



    ذكر ابن أبي شيبة عن أبي نضرة قال : " ذكروا علياً وعثمان وطلحة والزبير عند أبي سعيد فقال : " أقوام سبقت لهم الحسنى، وأصابتهم فتنة، فردوا أمرهم إلى الله" "مصنف ابن أبي شيبة" (15/275/19647) .



    وفي كتاب السنة للإمام أحمد بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي - رحمه الله تعالى - ص 46)- رحمه الله تعالى " ومن أصولهم ذكر محاسن أصحاب رسول الله r كلهم أجمعين، والكف عن الذي شجر بينهم، فمن سب أصحاب رسول الله r أو أحد منهم، فهو مبتدع رافضي . حبهم سنة ، والدعاء لهم قربة، والإقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة، وخير هذه الأمة بعد نبيها r أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكر عمر، وخيرهم بعد عمر عثمان، وخيرهم بعد عثمان علي - رضوان الله عليهم - خلفاء راشدون مهديون .



    ثم أصحاب محمد r بعد هؤلاء الأربعة، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم، ولا يطعن في أحد منهم، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه، ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة، وخلده في المحبس حتى يتوب ويرجع" " إتمام المنة بشرح اعتقاد أهل السنة" لشيخنا الدكتور إبراهيم بن محمد البريكان – رحمه الله تعالى- ص(207)



    وفي " لمعة الاعتقاد " لابن قدامة المقدسي - رحمه الله تعالى - قال عمر بن عبد العزيز كلاماً معناه " قف حيث وقف القوم ، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، فلئن قلتم حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصد عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم" "شرح لمعة الاعتقاد" للشيخ ابن عثيمين ص(41)



    وجاء في كتاب " السنة " للبربهاري - رحمه الله تعالى " والأساس الذي بينا عليه الجماعة هم : أصحاب محمد r وهم أهل السنة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل وابتدع، وكل بدعة ضلالة، والضلال وأهله في النار...



    إلى أن قال : واعلم - رحمك الله - أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً، فمن زعم أنه قد بقي شئ من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب محمد r فقد كذبهم، وكفى بهذه فرقة، وطعنا عليهم، فهو مبتدع ضال مضل، محدث في الإسلام ما ليس منه".



    ثم بين - رحمه الله تعالى - ما يجب أن يعتقده المسلم في صحابة رسول الله r فقال : " وأفضل هذه الأمة والأمم كلها - بعد الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - أبو بكر، ثم عمر ، ثم عثمان، ( هكذا روى ابن عمر قال : كنا نقول ورسول الله r بين أظهرنا : " إن خير الناس بعد رسول الله r أبو بكر، وعمر، وعثمان " البخاري "فصائل الصحابة" (7/16) ويسمع بذلك النبي r فلا ينكره )



    ثم أفضل الناس بعد هؤلاء علي ، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وكلهم يصلح للخلافة، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب النبي r القرن الأول الذي بعث فيهم _ المهاجرون الأولون والأنصار - وهم من صلى القبلتين، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء من صحب رسول الله r يوماً أو شهراً، أو سنة، أو أقل من ذلك أو أكثر، نترحم عليهم، ونذكر فضلهم، ونكف عن زللهم، ولا نذكر أحداً منهم إلا بخير؛ لقوله r" إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ..." "صحيح الجامع" (559) و"الصحيحة" (34) "شرح السنة لإمام أهل السنة في عصره أبي محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري ص(28)



    وقال الإمام أبو محمد ابن حزم - رحمه الله تعالى : "وأما الصحابة فلا يلحقهم الذم؛ لأنهم لم يتعمدوا المخالفة، ولا استهانوا بطلب الحق، والمصيب منهم مأجور أجرين، والمخطأ مأجور أجراً واحداً" "قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر" للعلامة المحقق صديق حسن خان ص (158)



    قال أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد - رحمه الله تعالى : " من تنقص أحداً من أصحاب رسول الله r فلا ينطوي إلا على بلية، أو خبيئة سوء، إذ قصد إلى خير الناس، وهم أصحاب رسول الله r حسبك" "السنة" لأبي بكر الخلال / ت : عطية الزهراني ص (48)



    وقال بشر بن الحارث - رحمه الله تعالى : " خطأ أصحاب محمد r موضوع عنهم " " السنة " للخلال / ت : عطية الزهراني ص (48) .



    وقال ابن أبي زيد القيرواني - رحمه الله تعالى - في صدد عرضه لما يجب أن يعتقده المسلم في أصحاب رسول الله e ، وما ينبغي أن يذكروا به، فقال : "وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب" .



    وقال أبو نعيم الأصبهاني - رحمه الله تعالى - مبينا حق الصحابة على المسلمين بعدهم وما يجب عليهم نحوهم : " فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إظهار ما مدحهم الله تعالى به وشكرهم عليه من جميل أفعالهم، وجميل سوابقهم، وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال منهم عند استزلال الشيطان إياهم، ونأخذ في ذكرهم بما أخبر الله تعالى به فقال : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " الآية سـورة "الحشـر" الآيـة(10) فإن الهفوة والزلل والغضب والحدة والإفراط لا يخلو منه أحد، وهو لهم مغفور، ولا يوجب ذلك البراءة منهم، ولا العدواة لهم، ولكن يجب الثناء على السابقة الحميدة، ويتولى للمنقبة الشريفة انظر " الإمامة والرد على الرافضة " ص (343)



    وقال أبو عبد الله بن بطة- رحمه الله تعالى - أثناء عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة : " ومن بعد ذلك نكف عما شجر بين أصحاب رسول الله e فقد شهدوا المشاهد معه ، وسبقوا الناس بالفضل، وقد غفر الله لهم، وأمرك بالاستغفار لهم، والتقرب إليه بمحبتهم، وفرض ذلك على لسان نبيه، وهو يعلم ما سيكون منهم وأنهم سيقتتلون، وإنما فضلوا على سائر الخلق؛ لأن الخطأ والعمد قد وضع عنهم، وكل ما شجر بينهم مغفوراً لهم" "صحيح البخاري" (2/ 292) و "مسلم" (4/ 1967) .



    وقال أبو عثمان الصابونيفي صدد ذكره لعرض عقيدة السلف وأصحاب الحديث : " ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول e وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم، والموالاة لكافتهم" "عقيدة السلف أصحاب الحديث" لأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ص(107)



    وقال الحافظ بن كثير - رحمه الله تعالى : " أما ما شجر بينهم بعده - عليه الصلاة والسلام - فمنه ما وقع من غير قصد كيوم الجمل، ومنه ما كان من اجتهاد كيوم صفين، والاجتهاد يخطئ ويصيب ولكن صاحبه معذور إن أخطأ، ومأجور أيضاً وأما المصيب له أجران اثنان" "الباعث الحثيث" ص(177) .



    وقال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى- في "الواسطية" : "ومن أصول أهل السنة والجماعة : سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله e كما وصفهم الله به في قوله تعالى : ] وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [ سـورة " الحشـر " الآيـة ( 10 ) ، وطاعة النبي e في قوله : " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " البخاري في" فضائل الصحابة " (7 / 21) ، " مسلم " (باب تحريم سب الصحابة ) (4 برقم 221)



    ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم .

    ويفضلون من أنفق قبل الفتح - وهو صلح الحديبية - وقاتل على من أنفق من بعده وقاتل ، ويقدمون المهاجرين على الأنصار ، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر - وكانوا ثلاثمائة وبضعة وعشر : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " البخاري في " المغازي" (7 / 304)

    وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر النبي e يشير لما رواه مسلم 16 / 290 / النووي ؛ بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة متفق عليه " اللؤلؤ والمرجان " - كتاب الإمارة (2/ 250)

    ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله e كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس"صحيح الجامع" برقم (50) طبعة المكتب الإسلامي . ، وغيره من الصحابة .



    ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ويثلثون بعثمان، يربعون بعلي t؛ كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة .



    مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي y - بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر - أيهما أفضل ؟ فقدم قوم عثمان ، وسكتوا ، وربعوا بعلي ، وقدم قوم علياً ، وقوم توقفوا . لكن استقر أهل السنة على تقديم عثمان، ثم علي .



    وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة .

    لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله e : أبو بكر، وعمر، ثم عثمان، ثم علي . ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء؛ فهو أضل من حمار أهله .



    وقال رحمه الله تعالى : " ويبرؤن من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل . ويمسكون عما شجر بين الصحابة . ويقولون : أن هذه الآثار المروية في مساويهم : منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون : إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون .



    وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم - إن صدر - حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم .



    وقد ثبت بقول رسول الله e أنهم خير القرون، وأن المدَّ من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهباً ممن بعدهم .



    ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب ؛ فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له؛ بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد e الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه ([13])



    فإذا كان هذا في الذنوب المحققة؛ فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا ؛ فلهم أجران، وإن أخطئوا لهم أجر واحد، والخطأ مغفور



    ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نـزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم، من الإيمان بالله، ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح .



    ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل، علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله" "شرح الواسطية" محمد خليل هراس . دار الهجرة .



    جاء في قصيدة الإمام عبد الله بن محمد الأندلسي المالكي- رحمه الله تعالى -
    قل خـير قول في صحابـة أحـمد *** وامدح جميع الآل والنسوان

    دع ما جرى بين الصحابة في الوغى *** بسيوفهم يوم التقى الجمعان

    فقتيـلهم منهـم وقـاتلهم لـهم *** وكلاهما في الحشر مرحومان
    حـب الصحابـة والقرابـة سـنة *** ألقى بهـا ربي إذا أحيـاني




    وفي عقيدة الإمام أبي بكر عبد الله بن سليمان ابن أبي داود - رحمه الله تعالى
    وقل خير قول في الصحابة كلهم *** ولا تـك طعانـاً تعيب وتجرح

    فقـد نطق الوحي المبين بفضلهم *** وفي الفتح آي في الصحابة تمدح





    وفي الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة لحافظ حكمي - رحمه الله تعالى -
    وأهل بيت النبي والصحب قاطبة *** عنهم نـزب وحب القوم نعتقد
    والحق في فتنة بين الصحابة جرت *** هو السكوت وأن الكل مجتهد




    وفي "الامية" لشيخ الإسلام - رحمه الله تعالى :
    يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي *** رزق الهدى من للهداية يسأل
    اسمع كـلام محقق في قـوله *** لا ينثـني عنـه ولا يتـبرم
    حب الصحابة كلهم لي مذهب *** ومـودة القربى بها أتوسـل

    ولكلهم قـدر وفضـل ساطع *** لكنما الصديق منهم أفضـل



    وجوب محبتهم – رضي الله تعالى عنهم – أجمعين .




    قال ابن المبارك - رحمه الله تعالى " خصلتان من كانتا فيه : الصدق، وحب أصحاب محمد r أرجو أن ينجو ويسلم" " الشريعة " للآجري (2/422)



    وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله تعالى : " حب أصحاب محمد r ذخراً أدخره " .

    ثم قال : " رحم الله من ترحم على أصحاب محمد r " "الشريعة" للإمام الآجري (2/422)



    قال الطحاوي - رحمه الله تعالى : "ونحب أصحاب رسول الله r ولا نفرط في حب أحد منهم، ولانتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين، وإيمان، وإحسان، وبغضهم، كفر، ونفاق، وطغيان" .



    وقال : "ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله r وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذريته المقدسة من كل رجس، فقد برئ من النفاق" "الطحاويـة" ص(467) تخريج الشيخ الألبـاني



    وفي بيان الواجب نحو كتب الفتنة : قال مؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين الذهبي - رحمه الله تعالى : " تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم y أجمعين - وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدنا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاءه، بل إعدامه؛ لتصفوا القلوب، وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة، وآحاد العلماء .

    وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف، العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله حيث يقول : ] وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [ سـورة " الحشر" الآيـة(10)



    ويقول الإمام ابن بطة رحمه الله تعالى يقول : "ولا تنظر في كتاب صفين والجمل، ووقعة الدار، وسائر المنازعات التي جرت بينهم، ولا تكتبه لنفسك، ولا لغيرك، ولا تروه عن أحد، ولا تقرأه على غيرك، ولا تسمعه ممن يرويه، فعلى ذلك اتفاق سادات علماء هذه الأمة من النهي عما وصفناه "



    ويقرر ذلك أيضاً بن حمدان كما في " نهاية المبتدئين" بقوله: " يجب حب كل الصحابة والكفّ عما شجر بينهم كتابة، وقراءة، وإقراء، وسماعاً … " "التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية" للشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد ص(300) دار الرشيد للنشر والتوزيع

    وبعد ..




    صفوة القول : ما قال الإمام عبد الله بن المبارك - رحمه الله تعالى :

    إني امرؤ ليس في ديني لغامزه *** لين ولست على الأسلاف طعانا
    شغلت عن
    بغض أقوام مضوا *** سلفا وللرسول مع الفرقان أعوانا

    فما الدخول عليهم في الذي
    عملوا *** بالظن مني وقد فرطت عصيانا

    فلا أسب أبا بكر ولا عمرا *** ولا أسب
    معاذا الله عثمانا

    ولا ابن عم رسول الله أشتمه *** حتى ألبس تحت الترب أكفانا

    ولا الزبير حواري الرسول ولا *** أهدي لطلحة شتما عز أو هانا

    ولا أقول علي
    في السحاب لقد *** والله قلت إذن ظلما وعدوانا...




    وأخيراً : أقول : ينبغي أن نحمد الله تعالى أن لم نكن في تلكم الثائرة وهذا ما ذكره مؤرخ الإسلام بقوله : " فنحمد الله على العافية؛ الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق واتضح من الطرفين، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، وتبصرنا فعذرنا واستغفرنا، وأحببنا باقتصاد، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة، أو بخطأ - إن شاء الله - مغفور، وقلنا كما علمنا الله - سبحانه وتعالى -"رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" سـورة "الحشـر" الآيـة(10) وترضينا أيضاً عمن اعتزل الفريقين" "سير أعلام النبلاء" (3/128)

    هذا .. وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وإخوانه وآله وصحبه أجمعين

    والحمد لله رب العالمين

    ( ورحم الله تعالى من ترحم علي )

    كتبه
    الفقير إلى عفو مولاه
    أبو عبد الله
    محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
    في 23/10/1431هـ - 2/10/2010م










    ([1]) والمقصود بالناس هنا : الصحابة– رضي الله تعالى عنه- بديل ما بعده؟!!! ستكتب شهادتهم ويسألون

    هذا .. وقد قال الخطيب – رحمه الله تعالى- أخبرني الحسين بن علي الطناجيري... نا الحسن بن علي الرازي، سمعت أبا زرعة الرازي "وسئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ومن يضبط هذا ؟ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون ألفا وشهد معه تبوك سبعون ألفا "
    "الجامع" 1904

    وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى :" وأما جملة الصحابة فقد اختلف الناس في عدتهم، فنقل عن أبي زرعة أنه قال: يبلغون مائة ألف وعشرين ألفا
    .



    عن الشافعي رحمه الله أنه قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ممن سمع منه ورآه زهاء ستين ألفا" "السيرة النبوية" ص(400)

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : " وقد كان المسلمون يوم بدر ثلاثمائة و ثلاث عشر و يوم أحد نحو سبعمائة ويوم الخندق أكثر من ألف أو قريبا من ذلك و يوم بيعة الرضوان ألفا وأربع مائة وهم الذين شهدوا فتح خيبر ويوم فتح مكة كانوا عشرة آلاف ويوم حنين كانوا اثني عشر ألفا تلك العشرة والطلقاء ألفان وأما تبوك فلا يحصى من شهدها بل كانوا أكثر من ثلاثين ألفا .


    وأما حجة الوداع فلا يحصى من شهدها معه وكان قد أسلم على عهده أضعاف من رآه، و كان من أصحابه، وأيده الله بهم في حياته باليمن وغيرها، وكل هؤلاء من المؤمنين الذين أيده الله بهم" "منهاج السنة" (7/200)




    ([2]) وذلك في ردي عليه السابق لهذا، في بحث بعنوان "كفوا .. هديتم" غير أنه الافتراء وما أكثره؛ الأمر الذي آثرت معه غض الطرف عن نظائره .


    ([3]) جمع مذياع من أذاع الشئ : إذا فشاه . وقيل : أراد الذين يشيعون الفاحشة والبذر : الذي يفشي السر ( انظر "النهاية في غريب الحديث" لأبي السعادات (2/174)


    ([4]) العدالة في اللغة : عدلت الشاهد نسبتة إلى العدالة ووصفته بها و( عدل ) هو بالضم ( عدالة ) و( عدولة ) أي مرضي يقتنع به، ويطلق العدل على الواحد وغيره بلفظ واحد وجاز أن يطابق في التثنية والجمع فيجمع على ( عدول) وربما طابق في التأنيث فيقال امرأة ( عدلة ) . انظر "المصباح المنير" ص (150)

    قال الحافظ في "نـزهة النظر" : " المراد بالعدل من له ملكة - أي هيئة راسخة - في النفس تمنع من اقتراف كبيرة أو صغيرة دالة على الخسة أو مباح يخل بالمروءة ...

    ثم قال : " وهذه أحسن عبارة في حدها، وأضعفها قول من قال : اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر لأن مجرد ارتكاب الكبيرة الواحدة لا يضر وليس كذلك ولأن الإصرار على الصغائر من جملة الكبائر فذكره في الحد تكرار" انظر" الأشباه والنظائر" ص (384).


    [

      الوقت/التاريخ الآن هو 07.05.24 9:26