خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    فوائد قيمة في طريقة النصح والدعوة من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله - فلا تفرط فيها

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية فوائد قيمة في طريقة النصح والدعوة من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله - فلا تفرط فيها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.06.10 9:15

    فوائد قيمة في طريقة النصح والدعوة من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله - فلا تفرط فيها

    فوائد قيمة في طريقة النصح والدعوة من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله - فلا تفرط فيها 470674

    قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه ( بدائع الفوائد ) ما نصه :

    فائدة في خطاب الرؤساء باللطف واللين

    كثير من الناس يطلب من صاحبه بعد نيله درجة الرياسة الأخلاق التي كان يعامله بها قبل الرياسة فلا يصادفها ، فينتقض ما بينهما من المودة ،
    وهذا من جهل الصاحب الطالب للعادة ، وهو بمنزلة من يطلب من صاحبه إذا سكر أخلاق الصاحي ، وذلك غلط ، فإن للرياسة سكرة كسكرة الخمر أو أشد ،


    ولو لم يكن للرياسة سمكرة لما اختارها صاحبها على الآخرة الدائمه الباقية ، فسكرتها فوق سكرة القهوة بكثير ، ومحال أن يرى من السكران أخلاق الصاحي وطبعه ،

    ولهذا أمر الله تعالى أكرم خلقه عليه بمخاطبة رئيس القبط بالخطاب اللين ، فمخاطبة الرؤساء بالقول اللين أمر مطلوب شرعاً وعقلاً وعرفاً .

    ولذلك تجد الناس كالمفطورين عليه ، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاظب رؤساء العشائر والقبائل ،

    وتأمل امتثال موسى لما أمر به كيف قال لفرعون ( هل لك إلى أن تزكى * وأهديك إلى ربك فتخشى ) [ النازعات : 19 ] ، فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض لا مخرج الأمر ،

    وقال : ( إلى أن تزكى ) ولم يقل إلى أن أزكيك فنسب الفعل إليه هو ، وذكر لفظ التزكي دون غيره لما في البركة والخير والنماء ،

    ثم قال : ( وأهديك إلى ربك ) [ النازعات : 19 ] ، أكون كالدليل بين يديك الذي يسير أمامك ،

    وقال : ( إلى ربك ) استدعاء لإيمانه بربه الذي خلقه ورزقه ورباه بنعمه صغيراً ويافعاً وكبيراً .

    وكذلك قول إبراهيم الخليل لأبيه :

    ( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ) [ مريم : 42 ] ، فابتدأ خطابه بذكر أبوته الدالة على توقيره ، ولم يسمه باسمه ثم أخرج الكلام معه مخرج السؤال ،

    فقال : ( لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً ) ولم يقل لا تعبد

    ثم قال : ( يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك ) [ مريم : 43 ] ، فلم يقل له إنك جاهل لا علم عندك بل عدل عن هذه العبارة إلى ألطف عبارة تدل على هذا المعنى فقال : جاءني من العلم ما لم يأتك [ مريم : 43 ] ،

    ثم قال : ( فاتبعني أهدك صراطاً سوياً ) [ مريم : 43 ] ، وهذا مثل قول موسى لفرعون ( وأهديك إلى ربك ) [ النازعات : 19 ] ،

    ثم قال : ( يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا ) [ مريم : 45 ] ، فنسب الخوف إلى نفسه دون أبيه كما يفعل الشقيق الخائف على من يشفق عليه .

    وقال : ( يمسك ) فذكر المس الذي هو ألطف من غيره

    ثم نكر العذاب ثم ذكر الرحمن ولم يقل الجبار ولا القهار فأي خطاب ألطف وألين من هذا .


    ونظير هذا خطاب صاحب يس لقومه حيث قال : ( يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون * وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ) [ يس : 20 ، 21 ، 22 ] .

    ونظير ذلك قول نوح لقومه ( يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون * يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ) [ نوح : 2 ، 3 ، 4 ] ،

    وكذلك سائر خطاب الأنبياء لأمتهم في القرآن إذا تأملته وجدته ألين خطاب وألطفه

    بل خطاب الله لعباده وألطف خطاب وألينه كقوله تعالى : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) [ البقرة : 21 ] ،

    وقوله تعالى :( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) [ الحج : 73 ] ،

    وقوله : ( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) [ لقمان : 33 ] ،

    وتأمل ما في قوله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] ، من اللطف الذي سلب العقول .

    وقوله : ( أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين ) [ الزخرف : 5 ] ، على أحد التأويلين أي نترككم فلا ننصحكم ولا ندعوكم ونعرض عنكم إذا أعرضتم أنتم وأسرفتم .

    وتأمل لطف خطاب نذر الجن لقومهم وقولهم : ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ) [ الأحقاف : 31 ] .انتهى

    لله در العلامة ابن القيم وعليه أجره

    كلام نفيس يكتب بماء الذهب

    رحم الله العلامة ابن القيم و جميع موتى المسلمين

    و وفقنا لسلوك سبيل الحق والثبات عليه

    أخوكم
    أبو عمران الأثري

    غفر الله له

    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=378907

      الوقت/التاريخ الآن هو 28.04.24 7:08