خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حدثاء الاسنان الى كهف النسيان للشيخ سمير المبحوح

    avatar
    أبوعبيدة الأثري الفلسطيني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 50
    البلد : فلسطين
    العمل : موظف حكومي
    شكر : 3
    تاريخ التسجيل : 02/07/2008

    الملفات الصوتية حدثاء الاسنان الى كهف النسيان للشيخ سمير المبحوح

    مُساهمة من طرف أبوعبيدة الأثري الفلسطيني 01.05.10 18:39






    حدثاء الاسنان الى كهف النسيان للشيخ
    سمير المبحوح










    بسم
    الله الرحمن الرحيم



    حـدثـاءالأسـنـان إلى
    كـهـف النـسـيـان




    الحمد لله ربِّ العالمين , و الصلاة والسلام على نبينا محمد , و على آله و صحبه
    أجمعين .
    إنَّ الله عزَّ و جلَّ أنعم
    علينا
    بنعم كثيرة لا تُحصى ,فقال تعالى :"وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ
    اللّهِ لاَ
    تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ" (18سورةالنحل)
    و مِن هذه النعم , الصحة و الفراغ , كما قال صلى
    الله
    عليه و سلم - :" نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ مِن الناس , الصحة و
    الفراغ
    " ( رواه البخاري)
    قال ابن بطال رحمه الله - :" كثيرٌ مِن
    الناس " أي أنّ
    الذي يُوفق لذلك قليل "



    ( فتح
    الباري 11 /230
    )



    و يدخل في هذا القليل العلماء وطلابهم , و ذلك
    لأهمية الصحة و الفراغ في حياتهم , و هذا رأس مالهم .

    قال ابن الجوزي رحمه
    الله - :" فمَن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله , فهو المغبوط , و مَنْ
    استعملهما في معصية الله , فهو المغبون , لأنّ الفراغ يعقبه الشغل , و الصحة يعقبها
    السقم "



    ( المصدر
    نفسه 11 / 230 )



    و حتى لا نضِّيع هذه النعم , علينا أننستغلها في طاعة
    الله و عبادته مِن طلب العلم و الدعوة إلى الله ,على منهج الأنبياءو الرسل , و كسب
    الوقت في المطالعة و الاستزادة مِن المعرفة و الاطلاع و البحث والتدقيق , فبهذه
    النعم يكون طالب العلم قد جمع بين العلم و العمل , و هي غايةمشروعة محمودة.
    و هذه الغاية أكثر ما تتحقق في سن الشباب , و ذلك لهمتهمالعالية,و قلة
    الشواغل,قال
    صلى
    الله عليه و سلم
    - :" اغتنم خمساً قبل خمس, حياتك قبل موتك , و
    صحتك قبل سقمك , و فراغك قبل شغلك , وشبابك قبل هرمك , وغناك قبل فقرك " ( رواه الحاكم و
    الحديث صحيح )
    قال الإمام النووي رحمه
    الله - :" و ينبغي للمتعلم أنْيغتنم التحصيل في وقت الفراغ و النشاط , و
    حال الشـباب و قوة البدن , و نباهةالخاطر و قلة الشواغل قبل عوارض البطالة "



    ( المجموع
    1/69 )



    و قالت التابعية حفصة بنت سيرينرحمها الله -
    :" يا معشر الشباب خذوا مِن أنفسكم و أنتم شباب , فإنِّي ما رأيتالعمل إلا في
    الشباب " ( صفوة
    الصفوة 4/24)

    و للأسف الشديد هناك مِن الشباب مَن ضيّع وقته و فراغهفي القيل و القال
    , و الغيبة و النميمة , و بعضهم مَن غلب عليه الكسل في التحصيلالعلمي , و لا
    يعلم أنّ الفراغ في الكبر أضيق , و الجسم فيه أضعف , و الصحة فيه أقل , و كثرة الشواغل في
    الدنيا أكثر و أشد , و الحفظ فيه مشقة , و كان مشايخنا يقولونلنا :"
    اطلبوا العلم قبل أن تتزوجوا " و ذلك لأنّ الزوجة في هذا الزمان أحياناًمَشغلة عن طلب
    العلم .

    و هذه زوجة الزهري في زمانها تشتكي من كثرة قراءة زوجها , فقالت :" و
    الله إنّ هذه الكتب أشدُّ على مِن ثلاث ضرائر " ( شذرات الذهب 1/285)
    قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه
    الله - :" فالحفظ علىالوقت بالجد و الاجتهاد , و ملازمة الطلب و
    مثافنة الأشياخ ( أي الجلوس عند ركبهم ) و الاشتغال بالعلم , قراءةً و إقراءً و
    مطالعةً و تدبراً و حفظاً و بحثاً , لاسيمافي أوقات شرخ الشباب , و مقتبل العمر , و
    معدن العافية , فاغتنم هذه الفرصة الغالية , لتنال رتب العلم العالية , فإنها (وقت جمع
    القلب و اجتماع الفكر ) لقلة الشواغل والصوارف عن التزامات الحياة و الترؤس , و
    لخفة الـظهر و العيال
    "



    ( حلية
    طالب العلم ص 62 , 63
    )



    فهؤلاء القوم الذين لم يحسنوا استغلال
    فراغهم و أوقاتهم
    إلا في القيل و القال و الغيبة و النميمة , فقد تبين أمرهم و ظهر
    حالهم , فلا نصيحة
    يقبلون و لا على علم يترددون , و لا لألسنتهم ضابطون , و لا على
    فراغهم يحافظون , و
    لا يعرفون لأهل الفضل فضلهم , بل لمشايخهم يتنكرون , فهم لكهف
    النسيان ذاهبون
    .

    قال الإمام الشافعي -رحمهالله-- :

    إذا المـرء لا يرعـاك إلا تـكلـفا فدعهولاتكثرعليه التـأسفــا
    ففي الناس أبدال وفي التـرك راحة وفي القلب صبرللحبيبولوجفا
    فما كـل من تهواه يـهواك قـلبه ولا كل من صافيته لك قدصـفا
    إذالم يكن صفو الوداد طـبـيعـة فلا خير في ود يجيءتكـلفـا
    ولا خير في خل يخـونخلـيـله ويلقاه من بعد المودةبالجـفـا
    وينكر عيـشا قـدتقادم عهــده ويظهر سرا كان بالأمس قدخفا
    سلام على الدنيا إذا لم يـكـن بها صديق صدوق صادق الوعدمنصفا

    و على طلاب العلم السلفيين , ألا يشغلهم أمر هؤلاءالحدثاء , و
    يجعلونهم عقبة في طريق دعوتهم , دعوة الكتاب و السنة بفهم سلف الأمة, لأنهم لم يقبلوا
    النصيحة و الإرشاد و التوجيه
    .

    نصحنا كثيراً , سراً و تلميحاً وتعميماً , بدون فائدة , و صبرنا عليهم
    سنوات كثيرة , عملاً بوصية شيخنا و أستاذناربيع المدخلي حفظه
    الله و الأمر على ما هم عليه مِن الجهل و الهوى
    , فما عليكم
    أيها الطلاب إلا أن تحرصوا على طلب العلم عملاً بوصية شيخنا و
    أستاذنا صالح
    السحيمي- حفظه الله-, و امضوا في دعوتكم , و اصبروا على ما أنتم عليه
    مِن الحق , و
    حافظوا على إخوانكم ووحدتكم و ألفتكم و محبتكم , و كونوا مِن عباد
    الله الصالحين .
    أيها
    الطلاب : ها هي ثمرة البعد عن العلماء و الاستبداد بالرأي قد ظهرتْ
    على قلوبهم و
    ألسنتهم , فدبَّ فيهم داء الخلاف , و تمكَّن الهوى مِن قلوبهم ,
    وتسلّل الحسد و
    الغيرة في أجسادهم و ضعفت عقولهم .

    و لهذا كان بعض السلف يقولون :" احذروا مِن الناس صنفين : صاحب هوى قد فتنه
    هواه , و صاحب دنيا قد أعمته دنياه " ( إغاثة اللهفان 2/166)
    فاتّباعهم لأهوائهم , و عدم قَبولنصيحة العلماء , ترتّب عليه ضياع للوقت , و
    إهدار للجهد في القيل و القال , و مَنْهلك بالأمس , و مَن سقط اليوم , و الزمن
    كشّاف .

    و هكذا لا يستطيع مَن تبع هواه أنيسيطر على نفسه , لأن الهوى دائماً يضر
    بصاحبه , حـتى يصـل الإنسـان إلى درجةالعبادة , قال تعالى :" أَرَأَيْتَ
    مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَتَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا"



    (43سورة
    الفرقان)



    فقست قلوبهم , و
    تنوعت مشاربهم , و
    اختلفت مناهجهم , و تفرقت كلمتهم , فمنهم مَن يمدح و يوثِّق بالأمـس
    , و يقدح و
    يجرِّح اليوم , و الحال على ما هو عليه , و منهم مَن يُثني و يشـكر
    بالأمس , و
    يـذمُّ و يسـبُّ اليوم , و الحال على ما هو عليه , و النتيجة : الجهل
    و الهوى , و
    المكان المناسب لهم و الذي يليق بهم هو كهف النسيان .
    و
    إذا كان القلب متبِعاً لهواه , فارغاً مِن العلم و الإيمان , و
    الأخلاق الحميدة
    , انعكس ذلك على جوارحه , فأصبح الإنسان يتخبط , و لا يُحسن استغلال
    وقته و فراغه في
    الأعمال الصالحة التي تنفعه في أيام حياته و بعد مـمـاته ,و واقعهم و
    حالهم يشهدان
    بذلك
    .

    و ما أحوجنا في هذه الأيام إلى مَن ينصرنا على أنفسنا , و يبصّرنا في
    ديننا , و أنْ يأخذ بأيدينا إلى حُسن استغلال فراغنا و أوقاتنا , وأنْ يغفر لنا
    خطايانا , إنّه سميعٌ قريبٌ مجيبٌ .



    و آخردعوانا أنْ الحمد
    لله ربِّ العالمين







    كتبه



    سميرالمبحوح



    14 / جمادىالأول / 1431 هـ




      الوقت/التاريخ الآن هو 07.05.24 11:24