خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حقوق الإنسان في الإسلام لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية حقوق الإنسان في الإسلام لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 05.04.10 14:14

    حقوق الإنسان في الإسلام لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله

    حقوق الإنسان في الإسلام لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله 470674

    بسم الله الرحمن الرحيم


    حقوق الإنسان في الإسلام

    لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
    أما بعد:

    فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.

    عباد الله، خلق الله الحياة، خلق الكون كله لغاية، وحكمة بالغة لا عبث في ذلك: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى)، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)، وذكر من دعاء المؤمنين قولهم: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار)، جعل هذا المخلوق أشرف الكائنات وأفضلها، خلقه في أحسن صورة، وجمله بأحسن هيئة، ومنحه العقل، الذي يدرك به بتوفيق الله له الحق من الباطل، والهدى من الضلال، والحسن من القبيح، والنافع من الضار: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا).

    أيها المسلم، من مظاهر هذا التفضيل أن الله خلق أبانا آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته: (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)، خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، واستخلفه في الأرض: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، وسخر الكون كله لأجله: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ).

    أيها المسلم، وجعل من هذا البشر الأنبياء والرسل، الذين بعثوا لهداية الخلق وإسعادهم في دنياهم وآخرتهم، ولقد اعتنى الإسلام بالإنسان أيما اعتماد، تلكم العناية العظيمة؛ فشرائع الله جاءت لتزكية العبد، وإسعاده في دنياه وآخرته؛ فما العبادات إلا تهذيب للنفس، وتزكية لها، وتربية لها على الأخلاق والمثل العليا؛ فهذه الصلوات الخمس تنهى عن الفحشاء والمنكر: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر)، وهي الصلة بين العبد وبين ربه، وهي تكفر الخطايا والسيئات بتوفيق من الله، يقول -صلى الله عليه وسلم-: " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات أيبقى من درنه شيء؟" قالوا: لا يا رسول الله، قال: "فكذلك الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا والسيئات".

    أيها المسلم، وما صيام رمضان إلا وصية للتقوى، وحث على الصبر، وشعور بالمسؤولية، وما الزكاة إلا تذكية لنفس المزكي، وتنمية لماله، ومواساة لإخوانه المحتاجين، ومن الحج إلا مؤتمر عظيم إسلامي، يشهد الحج فيه منافعهم، وتزداد الأخوة والألفة بين الأمة الإسلامية.

    أيها المسلم، لقد خاطب القرآن الإنسان، آمر له بالتفكر في خلق الله: (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ *الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ *فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)، وخاطبه ليبين له مآله ومصيره، وأن إلى الله مرده: (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ).

    أيها المسلم، ومن عناية الإسلام بالإنسان أن منحه حقوقاً تفضلاً من الله عليه.

    أيها المسلم، فأعظم نعمة من الله عليه أن الإسلام حرر الإنسان من رق الشرك وذله وهوانه؛ فإن الشرك كما قال الله: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، والشرك رقٌ، إذ المشرك العابد لغير الله قد تذلل لغير الله، وخضع لغير الله

    والإسلام جاء ليدعو البشرية إلى عبادة الله، وإخلاص الدين لله، وأن تتعلق القلوب بالله محبة وخوفاً ورجاء، إن الشرك يذل الإنسان ويسترقه، وإن دعاة الوثنية، الذين يدعون الناس لعبادة غير الله قد تحكموا في أمورهم، وحجبوهم عن ربهم وعادوا بينهم وبين ربهم، إن الله جل وعلا أمرنا أن يكون ذلنا لله، وخضوعنا لله، أن يكون ذلنا وخضوعنا لله، وأنه لا واسطة بيننا وبين ربنا في الدعاء والرجاء: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)، (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)

    إن دعاة الوثنية حجبوا الناس عن ربهم، ودعوهم إلى التعلق بروائح الأموات، والغائبين، ومن لا يسمعون سؤاله، ولا يردون جوابه، وأرباب الطرق الضالة حجبوا العباد عن ربهم، وادعوا أنه لا طريق لهم إلى الله، إلا من طريق أولئك الضالين دعاة السوء

    ومن عناية الإسلام للإنسان أنه لا يحمله ذنب غيره، وأخطاء غيره ما لم يكن سبباً فيها؛ فالله يقول: (لا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)

    ومن عناية الإسلام بالإنسان أيضا أن الناس أمام شرع الله في حقوق العامة هم سواسية، أخوان في الإنسانية عموماً : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، ويتفاوت الناس بالإيمان؛ فخير الناس المؤمنون، وأظلهم الكافرون، ويتفاوت أهل الإيمان بالتقوى قوة وضعفا: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)

    ومن عناية الإسلام بالإنسان أنه حرم التعدي عليه؛ فأقر حقه في الحياة، وأن هذه الحياة حق له، لا يسلبها إلا الذي منحه إياها، وهو القادر على كل شيء؛ فحرم الاعتداء على دم الإنسان، وقال: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وقال: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ)، وقال: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ)، وفي الحديث: " إن دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام"، وفيه: "لا يزال العبد في رفعة من دينه ما لم يصب دماً حراما"، وفيه "كل ذنب عسى أن يغفره الله، إلا رجل مات مشركاً أو قتل مؤمنا بغير حق"، وفيه أيضا: " لو اجتمع أهل السماوات والأرض على قتل مسلم بغير حق؛ لأكبهم الله بالنار على وجوههم".

    أيها المسلم، ومن عناية الإسلام بالإنسان أنه كرم هذه المرأة، واعتنى بها، وخلصها من طرفي الغلو والتفريط، من الظالمين لها، سواء من سلبوها حقوقها، أو من حاولوا سلبها دينها ومروءتها وأخلاقها؛ فجاءت شريعة الإسلام بالتعامل مع المرأة بالمعاملة العاجلة، حفظت لها حقوقها، وحمت عرضها، وصانت كرامتها؛ فاحترمتها، أمُاً وزوجةً وبنتاً وأختاً، ورحمت جسدها من نظر أجنبي إليها، وأوجبت لها المحرم في سببها، وحرمت عليه الخلوة بأجنبي عنها، والاختلاط بمن ليس من جنسها، حماية لعرضها، وصيانة لكرامتها، لتضع اللبنة الأولى في تربية المجتمع وإسعاده، أقرت حقها في الميراث، وأقرت حقها في التعليم، وأقرت حقها في الاستئذان للزواج؛ فمنحتها الحرية أن تقبل خاطباً أو ترده، كل ذلك من عناية الإسلام بها

    لا أولئك الذين ينادون بفساد أخلاقها، وتدمير كيانها، وسلبها كل كرامتها، وجعلها متعة في أيدي الرجال، يلعبون ما يشاءون، لا يراعون كرامة ولا دينا ولا مروءة، ومن عناية الإسلام بالإنسان أن حفظ حقوق الأسرة؛ فأعطى للأبوين حقهما، وللزوجة حقها، وللزوج حقه، وللأولاد حقوقهم، واعتنى بالجيران، واعتنى بالأصحاب والأقارب، وأوصانا بالرحم، تأكد صلة الرحم، وربط المجتمع برابطة الإيمان: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يكذبه، ولا يحقره، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه".

    أيها المسلم، هذه حقوق الإنسان بالإسلام، هذه الحقوق الحقة، لا أولئك الذين غلوا في حقوق الإنسان؛ فجاروا على الإنسان باسم حقوق الإنسان؛ لأن الإسلام حفظ الإنسان، روحياً وعقلياً وجسدياً ونفسياً وغريزة، لا أولئك الذين ينادون بحقوقه وهم ظالمون كاذبون.

    أيها المسلم، إن حقوق الإنسان في الإسلام نابعة من العقيدة الصحيحة، التي جاءت بالحق والعدل: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْـزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ).

    أيها المسلم، حقوق ليس في منة البشر، بل هي من فضل الله، حقوق عامة في الإسلام يحق للإنسان سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، حقوق ثابتة لا تتغير؛ لأنها نابعة من هذه الشريعة الإسلامية.

    فيا أيها المسلم، لا تصغي لأولئك الذي يدعون لحقوق الإنسان، وقد ظلموا الإنسان وأساءوا إليه، ورحموا المجرمين، وتغاضوا عن الإجرام باسم حقوق الإنسان؛ فأقروا الظلم والعدوان باسم حقوق الإنسان، إن حقوق الإنسان حقا احتوت عليها شريعة الإسلام، الشريعة العادلة التي هي ختام الشرائع كلها: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)، (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

    الخطبة الثانية:

    الحمد لله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يُحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.

    عباد الله، هذه حقوق الإنسان، هذه حقوق الإنسان في الإسلام، من عقيدة راسخة، وإيماناً يحييها، حقوق في غاية في العدل، غاية في العدل والإنصاف، ليست حقوق الإنسان سبباً لهدم الفضائل والقضاء عليها، ليست حقوق الإنسان من إباحية ولا دينية باسم الحرية، ليست حقوق الإنسان لمن يحطمون الفوارق الفطرية، التي جاءت بها الشريعة ليفسد المرأة المسلمة، ويقضوا على كيانها وأخلاقها، وليست حقوق الإنسان أن نهدر الحدود الشرعية، ونصفها بالوحشية والقسوة؛ فنقر السارق يعمل، ونقر المفسد على فساده، ولا نأخذ على يد سفيه ومبطل ومفسد. إن حقوق الإنسان في هذه الصورة السيئة هي ظلم وعدوان، وإنما الحقوق العادلة ما جاءت به شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، كم من منظمات تنادي بحقوق الإنسان، وتدعوا إلى حقوق الإنسان كما تزعم، ولكن نراها متخلفةً في هذا الشأن، أين حقوق الإنسان من استعمال الأسلحة الفتاكة المدمرة؟ أين حقوق الإنسان من هدم المباني على أهلها؟

    وأين حقوق الإنسان من تدمير مساجد ومدارس؟

    وأين حقوق الإنسان من تشتيت الشعوب وتفريقها؟

    وأين حقوق الإنسان من التسلط على المستضعفين وإذلالهم وسلبهم حرياتهم؟

    إنها حقوق ورقية، ومواثيق في سلات المهملات، ولكن حقوق الإنسان، التي جاء بها محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

    أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، لا فضل لأعجمي على عربي، ولا لعربي على أعجمي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، دين الإسلام حفظ حقوق الإنسان على الحقيقة، حفظها في كل مجالات الحياة، ولكن المعتدين والظالمين يتهمون الإسلام بكل قبيح، ذلك أنهم في قلوبهم مرض وضلال وكفر بالقرآن والسنة، ولو تدبر المسلمون كتاب الله وسنة نبيه لرأوا فيهم الحق والعدل دائماً وأبداً.

    أيها الشباب المسلم، أخي الشاب المسلم دعني أهمس في أذنيك كلمات، وأوجه لك خطاباً نافعاً، أرجو الله أن يوافق منك أذن صاغياً وقلباً واعياً، وقفات معك.

    أيها الشاب المسلم، أيها الشاب المسلم، اعلم أنك مستهدف في عقيدتك، مستهدف في دينك ودنياك، مستهدف من قبل أعدائك، الذين هم أعدائك حقا، هذا الاستهداف يتمثل في إغوائك وإضلالك ومسخ فطرتك وكرامتك ومعنويتك، هذا الاستهزاء يتمثل في أنهم يروجون لك الباطل، ويدعونك إلى السوء، ويحببون لك الإجرام، ويحرضونك للفساد، ويدعونك إلى أن تكون شقياً في حياتك، يدعونك إلى الشقاء الحقيقي، يملئون قلبك حقداً على دينك، وحقداً على أمتك، وحقداً على مجتمعك، يسخرونك ألعوبة بأيديهم، وسلاحاً يوجهونك أينما يريدون، ومطية يصلون إلى أغراضهم عليك؛ فأين موقفك أيها الشاب؟ أين إيمانك الذي يردعك عن أن تمد يدك لتعاون مع المفسدين، ومع المجرمين، والآثمين؟ أين عقلك الذي غاب عنك حينما كنت تفكر الجميل والمعروف ولا تبالي بالخير ولا تبالي بأب ولا أم ولا ولد ولا وطن ولا مجتمع، وإنما تكون ضائعا في حياتك شقياً في كل تصرفاتك؟ أين عقلك الذي غاب عنك حينما سهل انقيادك وقادك كل من يريد بك الشر، وأنت في غفلة، وأنت في سبات لا تعي، ولا تفكر، ولا تتأمل؟

    أيها الشباب المسلم، إنكم في نعمة من نعم الله عليكم، وفي فضل وخير تعيشون، قد اعتنوا بتعليمكم وتربيتكم وتوجيهكم، وسُعي في تحقيق أمنكم وراحتكم؛ فهذه النعم الذي تعيشونها، وأنكم تذهبون هنا وهناك لأقوام هم أعداء لكم، لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة، تبهركم قلوبهم ومخططاتهم السيئة، يريدون بها تدميركم، عقيدة وأخلاقاً وبنيةً واقتصاداً، يريدونكم سلاحاً يوجهونه، سلاحاً فتاكاً على هذه الأمة، إنك أيها الشاب حين يغيب عقلك عن هذه الجرائم، وعن هذه المؤامرات الدنيئة أين المروءة من (... )، ثم تفر من بلد الإسلام ومن مجتمعاً مسلم لتكن بيد الأعداء، إنها والله المصيبة العظيمة .

    فيا أيها الشاب الغافل، ويا أيها الشاب، الذي غيب عقله، عد إلى رشدك! وضع يدك بيد أمتك! وكن عضوا صالحاً في مجتمعك! لا تشقي الأبوين بحالك! ولا تكن فضيحة للآخرين، عد إلى رشدك! وتب من خطيئتك وذنبك! واستغفر الله مما سلف منك! وعد إلى بلاد الإسلام راشدًا آمناً مطمئناً! لتكون لبنة في مجتمعك، تساهم في البناء والخير، ولا تكن مشتت الشمل، ضائع الفكر صائعاً لا تدري ولا تلوي على أحد، إنها الأمة الحاقدة، إنها الهيئات الضارة والمنظمات الصهيونية العنصرية البغيضة، التي تحاول إفساد شباب الإسلام، وتغييره عن الحقائق، وإيقاعه في فخ الذل والهوان، أنت في مجتمع مسلم، وفي بيئة صالحة، وتحت قيادة راشدة بتوفيق الله لها؛ فإياك أن تنكر نعم الله! وإياك أن يستفزك الأعداء! وإياك أن تسوقك الشياطين الإنس والجن بغير هدى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)، إياك أن تُأزك! وإياك أن يقودوك إلى الباطل، تدبر وتفكر وتعقل في أي دعاية دُعيت إليها، زنها في ميزانٍ عادل، وانظر ال تاريخ أولئك وحياتهم، وأين كانوا وأين عاشوا، وماذا يريدون منك؛ فكن واقفاً ومتأنيا ومتروياً قبل أن تزل قدما بعد ثبوتها، وقبل أن تندم ولا ينفعك الندم.

    اتق الله، وحافظ على دينك، واستقم على الهدى، وكن دائم الخير بأصوله وروابطه الشرعية، أما النعيق مع أولئك المنحرفين، وأولئك الضالين، وأولئك المفسدين، وأولئك المجرمين، وأولئك الضالين؛ فإن التعاون معهم جريمة نكراء وذنب عظيم.

    فأتق الله أيها الشاب في نفسك، وعد إلى وطنك وبلدك، وكن مع أخوانك في حياة سعيدة وهنيئة في خير وأمان واستقرار.

    نسأل الله، أن يحفظ شبابنا من كل سوء، وأن يردهم عن كل مكروه، وأن يحفظ عليهم دينهم، وأن يُعيذهم من مكائد شياطين الإنس والجن إنه على كل شيء قدير.

    واعلموا -رحمكم الله-، أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ، شذ في النار.

    وصلوا - رحمكم الله-، على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

    اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

    اللهم آمنا في أوطاننا و أصلح أأمتنا وولاة أمرنا، اللهم وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

    اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين عبدالله بن عبدالعزيز لكل خير، اللهم أمده بعونك وتوفيقك وتأييدك، اللهم كن له عونا ونصيرا في كل ما همه، اللهم أره الحق حقا وارزقه إتباعه وأره الباطل باطلا وارزقه اجتنابه، اللهم اجعله إمام هدى وقائد خير، اللهم اجمع به كلمة الأمة ووحد بها صفها على الخير والهدى.

    اللهم وفق ولي عهده سلطان بن عبد العزيز لكل خير، وسدده في أقواله وأعماله، واجعلهم جميعا دعاة خير وبركة إنك على كل شيء قدير، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

    اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلي حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

    عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون؛ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على عموم نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.



    المصدر : موقع الشيخ حفظه الله

      الوقت/التاريخ الآن هو 13.05.24 1:29