خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    "الناعق والتابع" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية "الناعق والتابع" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 10.12.09 9:46

    "الناعق والتابع" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى 55911826


    بعد البسملة والحمدلة والحوقلة، أقول :

    في ردّ العدوان عن شريعة الرحيم الرحمن .

    في زجرّ غبي ذي روغان، تكرر له البيان تلو البيان، فأبى إلا التنقل بلا تعقل، والتمادي بلا تهادي، فالاستقواء بغابر الأغبياء الأغوياء .

    إذ في مسألتنا – مسألة الحجاب- استدل بسلفه الهالك محمد عبده([1])– أخمد الله تعالى ذكره-

    فأقول :

    العجب من ذاك المتفرنج إذ يحدثنا عن المستورد، آلا يستحي؟! ألا يستتر؟!

    سبحان الله! آمحمد عبده ينكر المستورد؟!

    ويتكلم بالشرع! للشرع؟!

    ويأتي همجه من بعده ينعقون نعيقه، وينهقون بنهيقه، ويرتعون مرتعه؟!

    وأقول : لعاقل، لا، لذا الخائب الخاسر، مشرف منتدى دين وفلسفة - الذي ما وقف عند حدّ، ولا خضع لنصّ، وأنما تنقل كالقرود من قول لقول، ومن فرع لفرع .

    وما علم أن المسألة ليست مغالبة، إنها دين!!!

    والربّ رقيب، وعلى عمل عباده شهيد

    فالحذر .. الحذر :

    وعن فرضية وفضيلة النقاب دلّلنا - وغيرنا كثير – وأكثرنا . ولكن .. ما الحيلة مع الأهواء المضلة وتلاعبها بأهلها الهدب، بل الهباء؟ ماذا نصنع مع العماية والجهل؟ الله تعالى الهادي .

    وفي المقام : ننقل للأنام مرجعية هذا المفتون الفتان، لعل وعسى . وأيضاً – وهو مقصودنا، بعد الله تعالى - وليحذر فئام، ويسلم أنام .

    أقول : من بلايا هذا الرجل محمد عبده(
    [2]) الذي يلقبّه : إما جاهل، وإما غافل، وإما خائن بـ ( الإمام) :


    أولاً – وهو كاف واف شاف : قوله بوحدة الوجود، ومن ثم تأليهه لشيخه الخبيث
    :

    أقول : الوحدة! تلكم العقيدة المتناقضة المنقوضة، الخربة الخبيثة([3]) التي لا تحرم حراما، ولا تحفظ حرمة، ولا تعظّم شرعا، بل ولا عقلا!!!

    قال بها الهالك محمد عبده – أخمد الله تعالى ذكره- إذ قال في رسالة إلى شيخه الأفغاني الرافضي الماسوني : " ليتني كنت أعلم ماذا أكتب إليك، وأنت تعالم ما في نفسي كما تعلم ما في نفسك، صنعتنا بيديك، وأفضت على موادنا صورها الكمالية، وانشأتنا في أحسن تقويم، فيك عرفنا أنفسنا، وبك عرفناك، وبك عرفنا العالم أجمعين ..."

    الى آخر هذا الهذيان القبيح، بل الكفر الصريح – والحكم على القول شيء، والحكم على قائله شيء آخر، فلينتبه .

    ويسألون : من يكتب لمن، وهل من دين الوحدة : صانع ومصنوع؟!

    وقال عن ذاك الكلام تلميذه محمد رشيد رضا– عفا الله تعالى عنه : " ...وهو أغرب كتبه بل هو الشاذ فيما يصف أستاذه السيد مما يشبه كلام صوفية الحقائق!!([4]) والقائلين بوحدةالوجود... "

    ثم نقل رسالته وحذف([5]) منها بعض العبارات!! " "تاريخ الأستاذ الإمام لرشيد رضا" (2/599) "المدرسة العقلية الحديثة" (1/155) ونقل المؤلف الوثائق بالصور (124-196).


    وقد عدّ الكوثري الفاجر محمد عبده من أهل وحدة الوجود - وقد يصدق الكذوب- وأهل البدع يعرف بعضهم بعضاً .

    قلت : ومن مؤلفاته ذات التعلق بالباب :
    "حاشية عقائد الجلال الدواني في علم الكلام"
    و " فلسفة الإجتماع والتاريخ"
    بل له "شرح نهج البلاغة" المنسوب كذبا لأبي تراب – رضي الله تعالى عنه .
    بل له "رسالة في وحدة الوجود"(
    [6])
    وفي بيان قبح هذه العقيدة وفحش فعال أهلها، ومسخها لأربابها : قال الإمام الآجري- رحمه الله تعالى-المتوفى سنة 360هـ : "إني أحذر إخواني المؤمنين مذهب الحلولية الذي لعب بهم الشيطان ، فخرجوا بسوء مذهبهم عن طريق أهل العلم إلى مذاهب قبيحة، لا تكون إلا في كل مفتون هالك .

    زعموا أن الله عز وجل حال في كل شيء، حتى أخرجهم سوء مذهبهم أن تكلموا في الله عز وجل بما تنكره العلماء العقلاء، لا يوافق قولهم كتاب ولا سنة ولا قول الصحابة-رضي الله عنهم-ولا قول أئمة المسلمين .

    وإني لأستوحش أن أذكر قبيح أفعالهم تنزيهاً مني لجلال الله الكريم وعظمته، كما قال ابن المبارك - رحمه الله تعالى : "إنا لنستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية"كتاب" الشريعة" للإمام الآجري (291)
    قال مؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين الذهبي - رحمه الله تعالى-عن متولي كبرها، الهالك ابن عربي – أخمد الله تعالى ذكره : " وعلق شيئاً كثيراً في تصوف أهل الوحدة، ومن أردأ تواليفه كتاب"الفصوص" فإن كان لا كفر فيه، فما في الدنيا كفر! نسأل الله العفو والنجاة، فواغوثاه بالله!

    وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن عربي : شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجاً"

    وفي"لسان الميزان:"شيخ سوء شيعي كذاب،ونحوها في الميزان"إلى أن قال :
    "يعدون أن هذه النحلة من أكفر الكفر، نسأل الله العفو، وأن يكتب الإيمان في قلوبنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فوالله لأن يعيش المسلم جاهلاً خلف البقر، لا يعرف من العلم شيئاً سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات، ويؤمن بالله واليوم الآخر، خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق" انظر ديباجة "الوحدة لهدم الوحدة"

    وعليه .. قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى : " ما أحد على أهل الإسلام أضرّ من الجهمية، ما يريدون إلا إبطال القرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" "طبقات الحنابلة" (1/47) .



    ثانياً : طعن الهالك محمد عبده – أخمد الله تعالى ذكره- في القرآن المجيد ككل شيطان رجيم

    وعن نشره للإلحاد في الأزهر([7]) صرّح به أمين الخولي حين رفضت جامعة فؤاد رسالة المدعو محمد أحمد خلف الله "الفن القصصي في القرآن" وصرّح هذا الضّال وقال:"إننا لا نتحرج من القول بأن في القرآن أساطير . وأن ورود الخبر في القرآن لا يقتضي وقوعه" وغير ذلك من الإلحاد - والعياذ بالله .


    وقد سبقه في ذلك أعمى البصر والبصيرة الضال طه حسين([8]) – أخمد الله تعالى ذكره بل ذكرهم .


    وعن الصلة بين قوله وقوله : دافع أمين الخولي عن الرسالة!!! قائلاً: " إنها ترفض اليوم ما كان يقرره محمد عبده بين جدران الأزهر منذ اثنين وأربعين سنة" انظر "منهج المدرسة العقلية" للرومي ص(156) .

    ولا غرو! أليس ينتسب إلى إلحاد الدجاجلة من المتصوفة والمتشيعة المتفلسفة أهل الوحدة ؟!

    ألا فاعلموا أنه " لم تعبث فرقة بكتاب الله وتعمل المعاول فيه والتزوير كما فعل الروافض والمتصوفة، وهما فرقة واحدة، إذ أن التصوف وليد التشيع، فهما وجهان لعملة واحدة، صكها ابن سبأ، وقدح زنادها ابن القداح، وأجج نارها اليهود" "صوفيات شيخ الأزهر"ص(80)

    يقول الفاجر التلمساني – أخمد الله تعالى ذكره : " القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا " "مجموعة الرسائل والمسائل"لشيخ الإسلام (1/145)

    و" نقل عبد الرحمن دمشقية عن الغزالي : " أن الأغاني تفضل على القرآن من نحو سبعة أوجه أو أكثر" "فضائح ونصائح" للشيخ مقبل (279)

    وقال الغزالي – أبو حامد، عفا الله تعالى عنه : "اعلم أن الغناء أشد تهييجاً للوجد من القرآن لوجوه عديدة" "الإحياء"(2/301)

    فـ "الصوفية لا يبغضون شيئاً في الحياة بغضهم لما أوحى به الله سبحانه إلى رسله، وإذا استشهد صوفي بآية أفسد معناها بأساطير زندقته ...

    ويعلنها كاهنهم ابن الفارض – أخمد الله تعالى ذكره : لا تركن إلى الكتاب والسنة، فليس فيهما آثارة من الحق ولا لمع من الهداية ولا إشراق من الحقيقة، وتعال إلي أعلمك علماً دقيقاً جليلاً يهيمن على الهدى والحق!!" حاشية "مصرع التصوف" ص(115-116) انظر هذا وغيره بحثنا "الامتنان .. في بيان تكريم التصوف للقرآن"

    ثالثاً – وهو تابع لسابقه : تحريف الهالك محمد عبده – أخمد الله تعالى ذكره- في التفسير على طريقة الفلاسفة والملاحدة
    :


    أجل .. كان اعتزالياً متطرفاً، هذا أقرب ما يمكن أن يوصف به، آية ذلك : تفسيره للملائكة والجن، والطير الأبابيل، وخلق آدم، وربما كانت هذه التأويلات هي التي دفعت كرومر([9]) إلى قوله " أشك أن صديقي عبده كان في
    الحقيقة لا إدرياً " بتصرف عن "دراسات في حضارة الإسلام" ص(399)


    " وصلة العقل عند محمد عبده بالدين وثيقة ليس هذا فحسب بل يعتقد أن الإيمان بالله لا يؤخذ من الرسول! ولا من الكتاب!! ولا يصحّ أخذه منهما، بل من العقل . أما إذا تعارض العقل والنقل عنده فيقدم العقل" "موقف العقلانيين المعاصريين من القرآن الكريم.. نقد وتحليل" لعبد الرحمن الرحيمي – أصول الدين- الرياض .

    والتعليق : مشاع لعموم المسلمين السالمين .

    رابعاً : إنكاره بعض آيات الأنبياء – عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام- ولو صدق لأنكر النبوات تبعا لمفردات إلحاده :

    فأنكر - هو وتلميذه محمد رشيد رضا - انشقاق القمر لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – وقد بلغت حدّ التواتر([10]) كما ذكر حافظ المغرب ابن عبد البر – رحمه الله تعالى- وغيره
    .


    وأنكروا إحياء الموتى لعيسى - عليه السلام – وغيرها"" تفسير المنار" (1/347-348-3/211) وغيرها .



    خامساً : انكار الهالك محمد عبده – أخمد الله ذكره- للسُّنَّة، وزعمه أن الاعتماد على القرآن فقط، وقد تقدم اعتقاده فيه، لتقف على صورة من صور كذبهم ومكرهم! والله تعالى شهيد، وجامعهم ليوم عليهم شديد، آت لا ريب فيه
    :

    قال أبو ريّة الهالك([11]) تلميذه – والظلّ كالفرع : استقامة واعوجاجا : " قال لي الأستاذ الإمام محمد عبده - رضي الله عنه : " إن المسلمين ليس لهم إمام في هذا العصر غير القرآن، وإن الإسلام الصحيح هو ما كان عليه الصدر الأول قبل ظهور الفتن" إهـ

    قلت : أخزاكم الله، وهل الصدر الأول أهل الإسلام الصحيح والاستسلام التام، إلا أهل سنة وقرآن؟!

    نحن ماذا ننتظر من ضال؟!

    نمهل اتباعه إلى أن تنقطع أنفاسهم، لينقلوا لنا خبراً صحيحاً عن صحابي ردّ السُّنَّة اكتفاءا بالقرآن! وحاشهم .

    بل النقل عنهم، بل وصيتهم تنحر هذه الدعوة بعد وطأئها بالأقدام :

    فالكتاب سُمع منه – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- تبليغاً، والسُّنَّة تصدر عنه تبييناً

    لذا أمر الله تعالى بالرجوع إليه في نيف وثلاثين موضعا من كتابه، بل ذكر شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – أربعين موضعا "مجموع فتاوى شيخ الإسلام"(1/4) ولو كان مرة واحدة لكفى وكان لازما لزاما؛ كيف وهو كما تقدم؟

    قلت : وفي هذا، وهذا فقط نقض لفريتهم وهدم لعقولهم، بل وإبطال لدعوى ردّ خبر الواحد المبتدعة، وهي التالية

    قال الله تعالى : "وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا" سورة "النساء" الآية(113)

    قال العلامة شمس الدين ابن القيم ـ رحمه الله تعالى : "والكتاب هو القرآن، والحكمة هي السنة باتفاق السلف، وما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- عن الله ـ سبحانه ـ فهو في وجوب تصديقه والإيمان به، كما أخبر به الربّ ـ تعالى ـ على لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم- هذا أصل متفق عليه بين أهل الإسلام، لا ينكره إلا من ليس منهم" اهـ "الروح" ص(501)

    وقال الله تعالى : "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" سورة "الجمعة" الآية(2)


    قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى : "سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ". اهـ. "الرسالة" للإمام لشافعي ص(87)

    ومن أقوال السلف الصالح وفي مقدمتهم الصدر الأول القاضية بوجوب تعظيم السنة وتحقيقها وتقديمها
    قال الصديق- رضي الله تعالى عنه : "السنة هي حبل الله المتين" "الشرح والإبانة"ص(120)

    قال عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه : "إن ناساً يجادلوكم بشبه القرآن، فخذوهم بالسنن؛ فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله- عزّ وجلّ " "رواه الدارمي (1/49) والآجري في "الشريعة" وابن بطة في "الإبانة" (83)

    وقال علي - رضي الله تعالى عنه : "الهوى عند من خالف السنة حق، وإن ضربت فيه عنقه" "الشرح والإبانة"لابن بطة(122)

    وقال أبي بن كعب - رضي الله تعالى عنه : " عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما من عبد على السبيل والسنة، وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل فيعذبه" "الحلية" لأبي نعيم(1/352-353) واللالكائي(1/54) الأثر(10)

    وقال عبد الله بن عمر- رضي الله تعالى عنهما - حين قال له رجل : أرأيت أرأيت . فقال : اجعل أرأيت باليمن، إنما هي السنن "أي: الدين المأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم" "الشرح والإبانة (126)

    وقال عبد الله بن الديلمي- رحمه الله تعالى- من كبار التابعين : "بلغني أن أول ذهاب الدين، ترك السُّنة" "سنن الدارمي (1/45) و"البدع"لابن وضاح ص(38)

    وقال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله تعالى : "السُّنة إنما سنَّها من علم من جاء في خلافها من الزلل" "البدع" لابن وضاح ص(38) " ولهم كانوا على المنازعة والجدل أقدر منكم" "الشرح والإبانة" لابن بطة ص (123)

    قال يحيى بن كثير- رحمه الله تعالى : "السُّنة قاضية على كتاب الله" "سنن الدارمي"(1/144) و"الشرح والإبانة" لابن بطة (128)

    وقال حسان بن عطية ت :120هـ يرحمه الله تعالى : " كان جبريل ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالسُّنة كما ينزل بالقرآن" "الشرح والإبانة"لابن بطة (128) و"مجموع فتاوى شيخ الإسلام" "(3/366)

    يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى : "إن السُّنة هي الشريعة، وهي ما شرعه الله ورسوله من الدين""مجموع الفتاوى" (4/436) . في أقوال .

    قلت : وبذا يظهر غباء الطائفتين : القرآنيين والعقلانيين – وإن شئت قلت : اللاقرآنيين، واللاعقلانيين- نفاة – كل أو بعض- السُّنُّة، ويظهر لنا كذلك، بجلاء ما فيه أدنى خفاء أن حقيقة هؤلاء التكذيب بالقرآن كما السُّنَّة، وعليه .. لا عقل ولا قرآن، هداهم الله تعالى .

    وقال إمام الضلالة محمد عبده – أخمد الله تعالى ذكره : " لا يمكن لهذه الأمة أن تقوم ما دامت هذه الكتب فيها -أي الكتب التي تدرس في الأزهر وأمثالها كما ذكره في الهامش - ولن تقوم إلا بالروح التي كانت في القرن الأول وهو القرآن وكل ما عاده فهو حجاب قائم بينه وبين العلم والعمل" " أضواء على السنة المحمدية" لأبي رية (405-406) طــ الثالثة دار المعارف القاهرة . نقلاً
    عن "زوابع حول السنة" ص(72) .


    وفي إيراد هذا الباطل كفاية في إبطاله، وهو قول وإن خرج من دعاة العقل ومدعي العقلانية فمردود بالنقل والعقل جميعا([12]) أبطله البهاليل باليسير مع التيسير في القديم والحديث، ومن تلمس آثارهم اهتدى واقتفى، فسما ونجا .

    سادساً :ردّه أحاديث الآحاد في العقيدة، نذكر هذا مع ما تقدم لتقف على كذبة أخرى، وتعلقها – كما هو ظاهر- بأصول التلقي، لتقف على أصول الانحراف، وتهافت المخالفين
    :

    قال الهالك - محمد عبده : " لا يمكن أن يعتبر حديث من أحاديث الآحاد دليلاً على العقيدة " "الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده" ( 5/37) لمحمد عمارة من رسالة التوحيد
    !!! .

    قلت : وهي فتنة قديمة، مقهورة مقبورة، هدمت أصول اعتقاد معتنقيها، لذا أنكرها الأحبار([13])، وتكاثرت في ردّها الأخبار، وتجمهرت في دفعها الآثار، وفي المقام أكتفي بنقل مثال دال :

    قال أيوب السختياني ت 131هــ – رحمه الله تعالى : " إذا حدثت الرجل بالسُّنَّة فقال : دعك من هذا، وحدثنا من القرآن! فاعلم أنه ضال ومضل" "
    الكفاية" ص(16)

    سابعاً : دعوته للتقريب بين الأديان، كنتاج متوقع مرّ من كل خرافي، وكذا انهزامي انتهازي غوي :


    وهي دعوة خبيثة إلحادية، قال الهالك محمد عبده – أخمد الله تعالى ذكره : " وإنا نرى التوراة والإنجيل والقرآن ستصبح كتباً متوافقة وصحفاً متصادقة يدرسها أبناء الملتين ويوقرها أرباب الدينين([14]) فيتم نور الله في أرضه ويظهر دينه الحق على الدين كله!!" "الأعمال الكاملة لمحمد عبده"
    جمع محمد عمارة العقلاني (2/363-364)


    جهل - وهو للجهل أهل : أن "َالدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ..." سورة "آل عمران" الآية(19)

    تغابى - وهو الغبي - عن قوله تعالى : "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" سورة "آل عمران" الآية(85)

    غفل – الغافل – عن إمامته وقوامته وهيمنته، قال الله تعالى : " إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" سورة "الإسراء" الآية(9) .
    وقال تعالى : " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ ... " سورة "المائدة" الآية(48) .

    قال العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى - عن الكفرة الضلال: " ... كان أهل الكتاب أفضل الصنفين ( الزنادقة الذين لا كتاب لهم – وأهل الكتاب ) وهم نوعان مغضوب عليهم وضالون
    :
    فالأمة الغضبية هم اليهود: أهل الكذب والبهت والغدر والمكر والحيل، قتلة الأنبياء وأكلة السحت وهو الربا والرشا، أخبث الأمم طوية، وأرداهم سجية، وأبعدهم من الرحمة وأقربهم من النقمة، عادتهم البغضاء وديدنهم العداوة والشحناء، بيت السحر والكذب والحيل، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم الأنبياء حرمة، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا لمن وافقهم حق ولا شفقة، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة .
    بل أخبثهم أعقلهم، وأحذقهم أغشهم، وسليم الناصية وحاشاه أن يوجد بينهم ليس بيهودي على الحقيقة
    .
    أضيق الخلق صدورا، وأظلمهم بيوتا، وأنتنهم أفنية، وأوحشهم سجية، تحيتهم لعنة، ولقاؤهم طيره، شعارهم الغضب، ودثارهم المقت .

    فصل والصنف الثاني المثلثة أمة الضلال وعباد الصليب
    :
    الذين سبُّوا
    الله الخالق مسبَّة ما سبَّه إياها أحد من البشر، ولم يقروا بأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ولم يجعلوه أكبر من كل شيء
    بل قالوا فيه : " ما تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هذا"
    فقل ما شئت في طائفة أصل عقيدتها أن الله ثالث ثلاثة وأن مريم صاحبته وأن المسيح أبنه وأنه نزل عن كرسي عظمته والتحم ببطن الصاحبة وجرى له ما جرى إلى أن قتل ومات ودفن، فدينها عبادة الصلبان ودعاء الصور المنقوشة بالأحمر والأصفر في الحيطان، يقولون في دعائهم يا والدة الإله ارزقينا واغفري لنا وارحمينا.
    فدينهم شرب الخمور وأكل الخنزير وترك الختان، والتعبد بالنجاسات واستباحة كل خبيث من الفيل إلى البعوضة، والحلال ما حلله القس والحرام ما حرمه والدين ما شرعه وهو الذي يغفر لهم الذنوب وينجيهم من عذاب السعير" "هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى" للعلامة ابن القيم ص(227-228) دار القلم- دار الشامية سنة النشر: 1416هـ / 1996م

    ثامنا : عظيم انحراف محمد عبده – أخمد الله ذكره- في تركه للصلاة جهراً!! وكذا الحج! مع تيممه قبلة باريس ولندن عدة مرات!!! ويزعمون إنه إمام! أجل : في الضلال، إمام كل خبيث مستخبث- وكم نستعيذ بالله تعالى من الخبث والخبائث
    :


    كما هي عادة شيخه الرافضي الماسوني الأفغاني، فقال يوسف النبهاني المبتدع الخرافي([15]) عن محمد عبده : " أنه اجتمع به سنة 1297هــ في مصر حين كان مجاوراً بالأزهر ولازمه من قبل الغروب الى قرب العشاء فلم يصل المغرب" " الرائية الصغرى" للنبهاني المبتدع التي رد عليها الشيخ محمود الألوسي .



    قلت : ومن بعدهم - ممن على شاكلتهم – العقاد([16]) أستاذ أقنوم التكفير في العصر الحديث سيد قطب، إذ كان يعقد مجلسه الجيفة أثناء الجمعة! وهم في ذا أتباع منهج الإلحاد -الحلول والاتحاد والوحدة على تفاصيل- الكافر بالمأمور، المؤمن بكل محذور([17]) .

    وعليه .. قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : " وقد اتفق أهل العلم بالأحوال أن أعظم السيوف التى سلت على أهل القبلة ممن ينتسب اليها، وأعظم الفساد الذى جرى على المسلمين ممن ينتسب الى أهل القبلة إنما هو من الطوائف المنتسبة اليهم، فهم أشد ضررا على الدين وأهله" " مجموع الفتاوى" ( 28/479)


    تاسعا : متابعته الشريدة لشيخه الرافضي الخبيث جمال الدين الأفغاني – أخمد الله تعالى ذكره- في الانحلال بعد الانحراف، وتشجيعه بعد السفر للسفور :

    قال مصطفي صبري الحنفي : " فلعله وصديقه أو شيخه جمال الدين([18]) أرادا أن يلعبا!!! في الإسلام دور لوثر وكالفين زعيمي البروستانت في المسيحية فلم يتسنى لهما الأمر لتأسيس دين حديث للمسلمين، وإنما اقتصر تأثير سعيهما على مساعدة الإلحاد
    المقنع بالنهوض والتجديد" "موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين" (1/144)

    ويؤيد كلامه قول محمد عبده في رسالة الى جمال الدين الأفغاني حيث يقول: " ونحن الآن على سنتك القويمة لا نقطع الدين إلا بسيف الدين ..."


    وقال : " وأما الدعوة الإصلاحية المنسوبة الى محمد عبده: فخلاصته أنه زعزع الأزهر عن جموده على الدين!! فقرب كثيراً من الأزهريين الى اللادينيين ولم يقرب اللادينيين الى الدين خطوة.
    وهو الذي أدخل الماسونية في الأزهر بواسطة شيخه جمال الدين الأفغاني، كما أنه شجع قاسم أمين على ترويج السفور في مصر" (1/133-134)


    أجل .. " كان ظهيراً لقاسم أمين في كتابه "تحرير المرأة "([19]) فعندما أصدر قاسم أمين كتابه تحرير المرأة شك كثيرون في كونه كاتبه لما حواه الكتاب من عرض ومناقشة للأقوال الفقهية والأدلة الشرعية التي كان مثل قاسم قليل البضاعة منها

    ولكنهم لم يشكوا في أن الذي دفعه إلى الفكرة هو أحد رجلين : إما محمد عبده وإما كرومر؛ ويحل لطفي السيد الإشكال في كتابه قصة حياتي إذ يقول : " إن قاسم أمين قرأ عليه وعلى الشيخ محمد عبده فصول كتاب "تحرير المرأة" في جنيف عام 1897م قبل أن ينشره على الناس"

    بل الأمر أبعد من ذلك : قالوا وقد ذكروا قصة كتاب " تحرير المرأة " لقاسم أمين، أنهُ من تأليف محمد عبده كما قرر ذلك أحدهم ( المدعو محمد عمارة ) في كتاب " الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده "(1/247 - 248 ) فقال : " والرأي الذي أؤمن به والذي نبع من الدراسة لهذه القضية هو أن هذا الكتاب إنما جاء ثمرة لعمل مشترك بين كل من الشيخ محمد عبده وقاسم أمين ... وإن في هذا الكتاب - يعني كتاب تحرير المرأة - عدة فصول قد كتبها الأستاذ الإمام وحده ، وعدة فصول كتبها قاسم أمين ، ثم صاغ الأستاذ الإمام الكتاب صياغته النهائية ، بحيث جاء أسلوبه على نمط واحد هو أقرب إلى أسلوب محمد عبده منه إلى قاسم أمين " انظر " منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير " للدكتور فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي ص(124-169)

    ردّ تعليل كل انهزامي عليل :

    قلت : أما تعليل كل عليل في تجاسره على الشعائر بدعوى تحسين صورة الإسلام، فهو تعليل عليل هذيل بل أثيم .
    تلكم الدعوة التي طنطن بها سلفه - الأفغاني ومن بعده الغزالي السقا ومن لفّ لفّه- دعاة الانهزامية .

    وقد قال تعالى : "وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" سورة "آل عمران" الآية(139)
    مع ضميمة قوله تعالى : "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" سورة "التوبة" الآية(33)
    وقوله تعالى : "... كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" سورة "المائدة" الآية(64) .

    فبادئ ذي البدء :

    أولاً : نقرّ بالمتقرر : أن الإسلام حسن في ذاته، في أخباره، في أحكامه، في إحكامه، وحُسننا منه، بل وكل حُسن فرع عنه .

    ثانياً : لا تكونن ولا تقومن الدعوة له إلا به، بالاستمساك برسمه لا بالتنازل عن شرائعه عن شعائره عن تعاليمه، قال الله تعالى : "خذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" سورة "البقرة" الآية(63) وهو ما أشرنا إليه فيما كتبنا
    استقلالا وتباعا([20]) : الفرق بين المداراة والمداهنة .

    ثالثاً : أن الحُسن – كما تقدم- يكمن ويكمل في إسلامنا في استسلامنا– علم ذلك من علم، وجهله من جهل- الأمر الموجب لطرح الإسلام كما هو، والعمل به في اتباع لا ابتداع فيه، في التخلق بأخلاقة والتأدب بآدابه، في اعتزاز به واعتزى، "و َاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ" سورة "محمد" الآية(38)

    رابعاً : ومن محاسن الإسلام : الشمولية .

    شمولية بالنسبة للمخاطب : فهو دعوة عامة للعربي والعجمي كما أنها للجني كما الإنسي، قائمة على الرحمة " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" سورة "الأنبياء" الآية(107)

    وقول رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " و الذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" "صحيح الإمام مسلم وغيره من حديث أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه . ‌

    شمولية بالنظر إلى تشريعاته : فهي عامة يذكو ويذكو به الفرد كما المجتمع وكذا الدول .

    قال الله تعالى : "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ... " الآية . سورة "الأعراف" الآية(96)

    قال رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم" أيما أهل بيت من العرب والعجم أراد الله بهم خيرا: أدخل عليهم الإسلام، ثم تقع الفتن كأنها الظلل" "السلسلة الصحيحة" (1/117) برقم(51)

    وفي مراسلة نبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم – لرئيس الروم : " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد ; فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و{ يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } " "صحيح الجامع..." برقم(2820) . ‌

    شمولية زمانية ومكانية : فهو دين كل زمان ومكان، ذلك أنه من لدن حكيم خبير .

    قال الله تعالى : "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" سورة "الملك" الآية(14)

    قال رسول الله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو ذل ذليل؛ عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر" "السلسلة الصحيحة" (1/32) برقم(3) الأمر الموجب إلى الاستعلاء والاعتزاز به، مع التبجح والتحدي، في إذاعته وإشاعته.

    ومن ثمّ : دعت الحاجة إلى قيام ورثة الأنبياء – رفع الله تعالى قدرهم، وسدد سعيهم ورميهم- بتضاعف الجهد في زمان تمالأ العدا، وتداعي أرباب الهوى والخنا – الشبهات والشهوات .

    نعم .. فيه الدلالة على القوة المقتضية للنجاة والنصرة، غير أنه القضاء الشرعي حينما يتضافر بالقضاء الكوني .

    نذكر - معتبرين - أولئك الغابرين الضالين بنعيقهم الذي أزعج الأجواء، وآذى الجوارح، وشان الشرائع، ونرى اليوم مسخهم في تابعهم، الأمر القاضي – بعد الحمدلة والحوقلة- بضرورة الاتباع ومتابعة أهله .

    نذكر هذا ونذكر معه قول ربنا : "لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ" سورة "النحل" الآية(25) .

    هذا حال المتبوع، وأما التابع : "قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ" سورة "الأعراف" الآية(38)

    أجل .. ليحملوا أوزارهم وأوزار تابعيهم في يوم الحسرة والندامة وسؤال النجاة ولو بالافتداء :
    " يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ * وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ" سورة "المعارج" الآيات(11-14)

    والعلّة المُعلّة : عدم الاتباع : وفي ذلك، قال الله تعالى : "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً" سورة "الفرقان" الآيا
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: "الناعق والتابع" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 10.12.09 9:53

    _-_-_-_-_ الحواشي _-_-_-_-_

    ([1]) ونص مقاله : "الشيخ محمد عبده: الحجاب عادة مستوردة لا يوجبها الشرع لمْ يؤمر الرجال بستر وجوههم عن النساء اذا خافوا الفتنة عليهن، فهل اعتبرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة
    المرأة؟
    في حين أصبح الحجاب الذي يغطي رأس المرأة زيا عاما بين معظم نساء مصر كما ينتشر النقاب الذي يغطي الوجه وأحيانا يخفي العينين أيضا، تأتي اجتهادات الامام محمد عبده لتنسف ما يعتبره البعض أساسا دينيا لما رآه مفتي الديار المصرية قبل أكثر من مئة عام مجرد "
    عادة" نتجت عن الاختلاط بأمم أخرى.
    ويقول الامام في أعماله الكاملة ان كل الكتابات التي كانت تلح على ضرورة الحجاب في عصره ركزت على "خوف الفتنة، فهو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال" وعلى من يخاف الفتنة منهم
    أن يغض بصره.
    ويضيف ان آية غض البصر تتوجه الى الرجال والنساء وأن المرأة "ليست بأولى من
    الرجل بتغطية وجهها".
    ويتساءل "عجبا. لم يؤمر الرجال بالتبرقع وستر وجوههم عن النساء اذا خافوا الفتنة عليهن.

    هل اعتبرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة المرأة واعتبر الرجل أعجز من المرأة عن ضبط نفسه والحكم على هواه.
    واعتبرت المرأة أقوى منه في ذلك حتى أبيح
    للرجال أن يكشفوا وجوههم لاعين النساء مهما كان لهم من الحسن والجمال".
    وما كتبه الامام محمد عبده (1849-1905) عن الحجاب هو أحد فصول مجلد يقع في 730 صفحة كبيرة القطع
    ويضم كتاباته الاجتماعية.
    والاعمال الكاملة له والتي حقهها محمد عمارة تقع في خمسة مجلدات وأصدرت دار الشروق في القاهرة طبعة جديدة منها ضمن مشروع مكتبة
    الاسرة الذي تتبناه الهيئة العامة للكتاب منذ 19 عاما.
    وحظي الشيخ محمد عبده بتقدير كبير الى الان نظرا لتوجهاته الاصلاحية ومواقفه الوطنية حيث شارك في الثورة العرابية ضد الاحتلال البريطاني للبلاد عام 1882 وبعد فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم نفي الى بيروت ومنها الى باريس حيث أسس مع جمال الدين الافغاني صحيفة "العروة الوثقى" ثم عاد الى مصر
    وعمل بالقضاء الى أن عين في منصب المفتي عام 1899.
    ويقول الشيخ محمد عبده تحت عنوان "حجاب النساء من الجهة الدينية" انه : "لو أن في الشريعة الاسلامية نصوصا تقضي بالحجاب على ما هو معروف الان عند بعض المسلمين
    لوجب علي اجتناب البحث فيه ولما كتبت حرفا يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرة في ظاهر الأمر، لان الاوامر الالهية يجب الاذعان لها بدون بحث ولا مناقشة.

    لكننا لا نجد في الشريعة نصا يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة وانما هي عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الامم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في
    الناس باسم الدين والدين منها براء".
    ويتساءل "كيف لامرأة محجوبة أن تعمل بصناعة أو تجارة.. وكيف يمكن لخادمة محجوبة أن تقوم بخدمة بمنزل فيه رجال.. وكيف لامرأة
    محجوبة أن تدير تجارتها بين الرجال أو تمارس الزراعة أو الحصاد في مجتمع فيه رجال".
    بل يذهب الامام محمد عبده الى حد القول انه في حالات التخاصم واللجوء الى المحكمة يكون مهما لطرف الخصومة مع امرأة ومهما للقاضي أيضا أن يكشف وجه المرأة "ولا أظن أنه يسوغ للقاضي
    أن يحكم على شخص مستتر الوجه ولا أن يحكم له".
    ويضيف أن الشخص المستتر لا يصح أيضا أن يكون
    شاهدا اذ من الضروري أن يتعرف القاضي على وجه الشاهد والخصم.
    فيقول ان الشريعة الاسلامية "كلفت المرأة بكشف وجهها عند تأدية الشهادة" والحكمة في ذلك أن "يتمكن
    القاضي من التفرس في الحركات التي تظهر عليه" فيقدر الشهادة قدرها.

    ويرى أن "أسباب الفتنة" لا ترجع للاعضاء الظاهرة للمرأة وانما السلوك الشخصي أثناء المشي وأن "النقاب والبرقع من أشد أعوان المرأة على اظهار ما تظهر وعمل ما تعمل لتحريك الرغبة لانهما يخفيان شخصيتها فلا تخاف أن يعرفها قريب أو بعيد، فهي تأتي ما
    تشتهيه من ذلك تحت حماية ذلك البرقع وهذا النقاب".

    ويلخص الامر قائلا ان النقاب ليس من الشرع الاسلامي "لا للتعبد ولا للادب بل هما من العادات القديمة السابقة على الاسلام والباقية بعده" موضحا أنها منتشرة في بعض الامم الشرقية التي لا تدين بالاسلام" والنقل [ من هنا ]وزعم أن "المقال نشر في جريدة الشرق الاوسط
    "


    ([2])أسمه : محمد عبده بن حسن خيرالله .
    مولده : ولد سنة 1849 م في قرية محلة نصر التابعة لمحافظة البحيرة .
    أبواه :
    أبوه تركماني الأصل، أما أمه فكانت مصرية .
    نشأته وشروده وهلاكه : ألحقه أبوه بالكُتّاب ثم أرسله إلي الجامع الأحمدي بطنطا، وهناك جوّد القرآن، وأتم حفظه لكنه ضاق بالدراسة الجامدة، وتركها واتجه للعمل بالزراعة، لكن أباه أصرّ علي تعليمه فحاول أن يهرب لبلدة قريبة تضم أخوال أبيه، وهناك التقي الصوفي «درويش خضر»، ثم عاد إلي الجامع الأحمدي، ثم انتقل بعد ذلك إلي الأزهر والتحق به .

    ثم انخرط في السياسة وتقلب في المناصب وأفسدته الأسفار، وتقاذفته الثورات، وأبعده النفي، حتى هلك غير مأسوف عليه بعد معاناة من مرض السرطان عن سبع وخمسين سنة، ودفن بالقاهرة ١١/٧/1905م.


    ([3]) وقد أفردنا الحديث عنها بمشتقاتها في بحثيين موسوميين بـ "الصارم المفلول القاضي على دعاة الحلول" و "الوحدة لهدم الوحدة"
    وهذه العقيدة أس كل انحراف، وأصل كل خرافة، وكانت السبب الرئيس في مسخ عقول معتنقيها، فكتبنا وأكثرنا في آثارها على منهج أتباعها مفردة مفردة . والله تعالى الهادي، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت .


    ([4]) والمقصود : دعاة معرفة الحقائق، ولا حقائق، بل لا تصوف، إن هو إلا أساطير المجانين، برهان لا بل براهين ذلك، في بحثنا "الحقيقة في دعوى التصوف التفريق بين الشريعة والحقيقة"


    ([5]) يقول الشيخ محمد رشيد رضا – عفا الله تعالى عنه- عن منهجه بعد هلاك شيخه بل شبحه : "هذا، وإنني لما استقللتُ بالعمل بعد وفاته، خالفتُ منهجه رحمه الله تعالى بالتوسع فيما يتعلق بالآية من السنة الصحيحة، سواء كان تفسيراً لها أو في حكمها، وفي تحقيق بعض المفردات أو الجمل اللغوية، والمسائل الخلافية بين العلماء، وفي الإكثار من شواهد الآيات في السور المختلفة" "تفسير المنار"(1/16) .
    فـ " كان رشيد رضا يلجأ في تفسيره للآيات الكريمة إلى القرآن الكريم نفسه أولاً، مؤكداً أنَّ "الآيات يفسِّر بعضها بعضاً إّذا نحن أخذنا القرآن بجملته كما أُمرنا " "تفسير المنار"(2/259)
    ثم كان يلجأ بعد ذلك كما صرح هو إلى "سنة رسول صلى الله عليه وسلم، وما جرى عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين في الصدر الأول.. وبأساليب لغة العرب، وسُنن الله في خلقه" "تفسير المنار" (6/196).
    فهو مؤمن إيماناً تاماً بمنهج السلف في تفسير آيات الغيب، إلا أنه قدّم بعض التنازلات، عن قناعةٍ وإدراكٍ منه لِما يفعل، في هذا المجال إرضاءً لنزعته الإصلاحية التي قضت عليه هنا بسرد بعض التأويلات من أجل أن يكسب أنصاراً جدداً للإسلام من بين قُرائه من ذوي الثقافة العصرية، ومن أبناء المؤسسات التعليمية الحديثة الذين بدؤوا يهيمنون على مقاليد الحياة السياسية والثقافية في عصره...
    لم يكن رشيد رضا يتحرَّج في مواضع كثيرة من مناقشة، ونقد شيخه محمد عبده في بعض آرائه، وخاصة في الأمور والمسائل العقدية التي مال فيها عبده عن مذهب السلف انظر مناقشته لمحمد عبده في الفرق بين الذنب والسيئة، "تفسير المنار" (4/302-304). وانظر نقده له في مسألة "الغُلو"، وانتصاره لمذهب السلف في تقرير هذه المسألة، "تفسير المنار"(1/395). وانظر أيضاً (2/139) " والنقل بتصرف من "قراءة في منهج رشيد رضا في تفسير المنار وموقف النقاد منه"لحازم محي الدين

    قلت : لذا قلت وأقول ( عفا الله تعالى عنه ) ومن ثم يفهم محل ثناء من أثنى عليه من علمائنا – الألباني- وعلة قدح من قدح فيه منهم – الوادعي- والواجب قبول الحق، وردّ مع التحذير من الباطل، والسلامة لا يعدلها شيء، والله تعالى العاصم .


    ([6]) قلت : ولا يشغّبن على عاليه مشاغب، فيأتنا من كلامه ما ينافي ما ذكر، فقد عرف هؤلاء بأنهم أهل كذب وأرباب مكر!
    وإلا فالحق يقبل منه ومن غيره لكونه حقا، أما الذي ننكره هو ما ثبت عنه وأثبتناه عاليه، ونحتاج من متبوعيه التبرأ منه وإنكاره .
    نذكر هذا ونذكر معه – غير مستغربين- إنكار سلفه الطالح ابن عربي - صاحب عقيدة "الحلول" - القول بالحلول . "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ" سورة "الشعراء" الآية(227)


    ([7]) كان رأى الهالك محمد عبده فى الأزهر واضحاً بعد أن درس فيه، فيقول في حوار مع الشيخ محمد البحيري (أزهري) : " أنه مكث عشر سنين وهو يكنس من دماغه ما علق فيه من فضلات الأزهر، ولم يبلغ ما أراده من النظافة " "الاعمال الكاملة" بيروت: 1972 ـ 1974)
    وقد أطلق محمد عبده على الأزهر عدة صفات هي : الإسطبل .. والمارستان .. والمخروب .
    ولم يجد الأزهر شيئاً يدافع به عن نفسه إلا فى عرض محمد عبده : فتناول شيوخ الأزهر عرض أم الشيخ محمد عبده بكلام بذيء، ولم يتركوا صديقه وأستاذه الأفغاني إلا وشتموه فى كتاب بعنوان "تحذير الأمم من كلب العجم"، وكتبوا عنه كتابا آخر بعنوان : "كشف الأستاذ في ترجمة الشيخ الفشار" انظر "محمد رشيد رضا، "تاريخ الأستاذ الإمام"، القاهرة 1931).

    قلت : ويعجب العجب : هل لم يرى الأزهر في سيرة هذين المفسدين ما ينكره، ليعدو عدوانا على أعراضهما؟!! في همجية بهماء؟!
    وأعود إلى نفسي بنفسي مذكرا متأسفا : وكيف ينكر الأزهر ما يدعو إليه؟!
    بل .. هل الهالك – المدعو محمد عبده- إلا ثمرة مرّة من ثماره؟!
    وهل سلم فساد معاصر من النسبة إليه؟!
    حتى متى؟!!
    متى يزهر -الأزهر- ويشرق بالنهج الرباني السلفي؟! لتتكاتف الجهود وتتعاضد القوى، في صدّ العدوان – عدوان الباطنية والملل الإلحادية- عن عقائدنا وأعراضنا وديارنا .


    ([8])ومن أقوال ذاك الهالك في التشكيك بل إنكار قدسية القرآن الكريم : ما جاء في كتابه "في الادب الجاهلي" : " للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم واسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما ايضاً، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لاثبات وجودهما التاريخي فضلاً عن اثبات هذه القضية التي تحدثنا بهجرة اسماعيل الى مكة ونشأة العرب المستعربة " .
    يقول أنور الجندي معلقاً : "هذا أقسى ما كتبه طه حسين : تكذيب القرآن وانكار نبوة ابراهيم واسماعيل عليهما السلام .
    وقال - أخمد الله تعالى ذكره : " ظهر تناقض كبير بين نصوص الكتب الدينية وبين ما وصل إليه العلم" .
    ولا غرابة ان يصدر هذا الكفر الصريح عنه، وهو الذي تربى في أحضان الغرب على فكر المستشرق اليهودي دور كهايم
    لا غرو أن يصدر عن غاوي دعا المصريين إلى أن ينسلخوا من إسلامهم ويندمجوا في أوروبا، إذ قال : " إنه ليس بيننا وبين الاوروبيين فرق في الجوهر ولا في الطبع ولا في المزاج فإني لا أخاف على المصريين أن يفنوا في الاوروبيين" .

    قلت : سبحان الله تعالى ، نبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم – يامر بمباينتهم ومجانبتهم وذلك قوله : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما" "صحيح الجامع" برقم(1461) وذاك الهالك يدعو لعلق ما في أقطابهم .
    النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم كان يحب ويحرص على مخالفتهم ويأمر بذلك، وذاك الخائن يدعو إلى موافقتهم بل ومشابهتهم، تبا للجهل تبا، سحقا للهوى سحقا .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى : " أخبر سبحانه وتعالى أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغيا من بعضهم على بعض ثم جعل محمدا - صلى الله عليه وسلم- على شريعة من الأمر شرعها له وأمره باتباعها ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون وقد دخل في ( الذين لا يعلمون ) كل من خالف شريعته .
    و( أهواؤهم ) : هو ما يهوونه وما عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل وتوابع ذلك فهم يهوونه . وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه .
    ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ويسرون به ويودون أن لو بذلوا مالا عظيما ليحصل ذلك .
    ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسم لمادة متابعتهم في أهوائهم وأعون على حصول مرضاة الله في تركها .
    وأن موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره . فإن ( من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه ) وأي الأمرين كان حصل المقصود في الجملة وإن كان الأول أظهر" " الاقتضاء" ص(8)

    وعليه .. أقول : عباد الله! من طلب السلامة فالنجاة، من رام سعادة الدنيا ونعيم الآخرة؛ فعليه بالعتيق، ما كان عليه النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وأصحابه. وقد نصحت! . ‌


    ([9]) قال حسين ابن الأديب أحمد أمين في كتابه " شخصيات عرفتها "ص(158– 159) : " ... محمد عمارة هذا تبلغ به الصفاقة والادعاء والجهل مبلغاً يجعله يصف كتاب محمد عبده "رسالة التوحيد" بأنه من أهم ما كُتب في التراث الإسلامي في علم الكلام!
    لا يا شيخ؟!! هل قرأت يا سيد عمارة كل ما كتب في التراث الإسلامي في علم الكلام ثم وصلت إلى اقتناع بأن هذا الكتاب الهزيل الحقير الغث لمؤلفه ضحل الثقافة، من أهم الكتب في الموضوع؟! ما هذا العبث وهذا الاستغلال لجهل الناس؟! لا.. الأمر أخطر من ذلك إنها مؤامرة
    !.
    ـ
    مؤامرة؟
    ـ مؤامرة تستهدف تمجيد رجلين من أخطر عملاء الاستعمار في تاريخ أمة
    الإسلام : جمال الدين الأفغاني الماسوني، ومحمد عبده الصديق الصدوق للورد كرومر، إن المسؤولية عن معظم ما يعاني منه الإسلام اليوم تقع على عاتق هذين الخبيثين ..." .


    ([10])آية انشقاق القمر دليلها الكتاب والسنة والإجماع :
    ففي الكتاب : جاء ذكر آية انشقاق القمر في القرآن الكريم مقروناً باقتراب الساعة، قال تعالى : { اقتربت الساعة وانشق القمر } سورة "القمر" الآية(1)
    وفي السنة : وكذا جاء في السنة الصحيحة صريحا : ففي الصحيح : " أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما" متفق عليه .
    وفي الأثر : عن ابن مسعود - رضي الله عنه قال : "انشق القمر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا" متفق عليه.
    وعنه - رضي الله تعالى عنه – قال : لقد رأيت جبل حراء من بين فلقتي القمر .
    وفي الإجماع : وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : "فصل في انشقاق القمر في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم" وجعل الله له آية على صدق رسول الله فيما جاء به من الهدى ودين الحق حيث كان ذلك وقت إشارته الكريمة، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ } سورة "القمر" الآيات(1-3) .
    وقد أجمع المسلمون على وقوع ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام، وجاءت بذلك الأحاديث المتواترة من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها.
    ونحن نذكر من ذلك ما تيسر إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان. وقد تقصينا ذلك في كتابنا التفسير فذكرنا الطرق والألفاظ محررة، ونحن نشير ههنا إلى أطراف من طرقها ونعزوها إلى الكتب المشهورة بحول الله وقوته.
    وذلك مروي عن أنس بن مالك، وجبير بن مطعم، وحذيفة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم أجمعين.

    أما أنس : فقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي آية فانشق القمر بمكة مرتين. فقال: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } [القمر: 1] ورواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به وهذا من مرسلات الصحابة.
    والظاهر أنه تلقاه عن الجم الغفير من الصحابة، أو عن النبي ، أو عن الجميع، وقد روى البخاري ومسلم هذا الحديث من طريق شيبان.
    زاد البخاري وسعيد بن أبي عروبة، وزاد مسلم وشعبة ثلاثتهم عن قتادة عن أنس: أن أهل مكة سألوا رسول الله أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما، لفظ البخاري.

    وأما جبير بن مطعم : فقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سليمان بن كثير، عن حصين ابن عبد الرحمن عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: انشق القمر على عهد رسول الله فصار فرقتين، فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل.
    فقالوا: سحرنا محمد! فقالوا: إن كان سحرنا؛ فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم" تفرد به أحمد، وهكذا رواه ابن جرير من حديث محمد بن فضيل وغيره عن حصين به. وقد رواه البيهقي من طريق إبراهيم بن طهمان، وهشيم كلاهما عن حصين بن عبد الرحمن، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه عن جده به فزاد رجلا في الإسناد.

    وأما حذيفة بن اليمان: فروى أبو نعيم في (الدلائل) من طريق عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي. قال: خطبنا حذيفة بن اليمان بالمدائن فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } سورة "القمر" الآية(1) . ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق.
    فلما كانت الجمعة الثانية انطلقت مع أبي إلى الجمعة فحمد الله وقال مثله وزاد ألا وإن السابق من سبق إلى الجمعة، فلما كنا في الطريق قلت لأبي: ما يعني بقوله - غدا السباق - قال: من سبق إلى الجنة.

    وأما ابن عباس : فقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير حدثنا بكر عن جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: إن القمر انشق في زمان النبي" ورواه البخاري أيضا ومسلم من حديث بكر - وهو ابن مضر - عن جعفر قوله: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } سورة "القمر" الآيتان(1-2) قال: قد مضى ذلك كان قبل الهجرة انشق القمر حتى رأوا شقيه.. وهكذا رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه وهو من مرسلاته.
    وقال الحافظ أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا بكر بن سهيل، حدثنا عبد الغني بن سعيد، حدثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وعن مقاتل عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: { اقتربت الساعة وانشق القمر }.
    قال ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول الله منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام والعاص بن وائل، والعاص بن هشام، والأسود ابن عبد يغوث، والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وزمعة بن الأسود، والنضر بن الحارث، ونظراؤهم كثير فقالوا للنبي : إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان. فقال لهم النبي : «إن فعلت تؤمنوا؟».
    قالوا: نعم! وكانت ليلة بدر، فسأل الله عز وجل أن يعطيه ما سألوا، فأمسى القمر وقد سلب نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان، ورسول الله ينادي يا أبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن الأرقم اشهدوا.
    ثم قال أبو نعيم: وحدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا الحسن بن العباس الرازي عن الهيثم بن العمان، حدثنا إسماعيل بن زياد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: انتهى أهل مكة إلى رسول الله فقالوا: هل من آية نعرف بها أنك رسول الله؟ فهبط جبرائيل فقال يا محمد: قل لأهل مكة أن يحتفلوا هذه الليلة فسيروا آية إن انتفعوا بها. فأخبرهم رسول الله بمقالة جبرائيل فخرجوا ليلة الشق ليلة أربع عشرة فانشق القمر نصفين نصفا على الصفا ونصفا على المروة فنظروا، ثم قالوا بأبصارهم فمسحوها، ثم أعادوا النظر فنظروا، ثم مسحوا أعينهم ثم نظروا فقالوا: يا محمد ما هذا إلا سحر واهب، فأنزل الله: { اقتربت الساعة وانشق القمر }.
    ثم روى الضحاك عن ابن عباس قال: جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله فقالوا: أرنا آية حتى نؤمن بها، فسأل ربه فأراهم القمر قد انشق بجزئين؛ أحدهما على الصفا والآخر على المروة، قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه ثم غاب. فقالوا: هذا سحر مفترى.
    وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عمرو الرزاز، حدثنا محمد بن يحيى القطعي، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كسف القمر على عهد رسول الله فقالوا: سحر القمر فنزلت: { اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا هذا سحر مستمر }. وهذا إسناد جيد وفيه أنه: كسف تلك الليلة فلعله حصل له انشقاق في ليلة كسوفه، ولهذا خفي أمره على كثير من أهل الأرض، ومع هذا قد شوهد ذلك في كثير من بقاع الأرض.
    ويقال: إنه أرخ ذلك في بعض بلاد الهند، وبني بناء تلك الليلة وأرخ بليلة انشقاق القمر.

    وأما ابن عمر: فقال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا: حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا وهب بن جرير، عن شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد به. قال مسلم: كرواية مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

    وأما عبد الله بن مسعود : فقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله شقتين حتى نظروا إليه، فقال رسول الله : «اشهدوا». وهكذا أخرجاه من حديث سفيان - وهو ابن عيينة - به.
    ومن حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن عبد الله بن سمرة، عن ابن مسعود قال: انشق القمر ونحن مع رسول الله بمنى، فقال النبي : «اشهدوا». وذهبت فرقة نحو الجبل. لفظ البخاري.
    ثم قال البخاري: وقال أبو الضحاك، عن مسروق، عن عبد الله - بمكة - وتابعه محمد بن مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله رضي الله عنه.
    وقد أسند أبو داود الطيالسي حديث أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة. فقالوا: انظروا ما يأتيكم به السفار؟ فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم. قال: فجاء السفار فقالوا ذلك.
    وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا هشيم، حدثنا مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: انشق القمر بمكة حتى صار فرقتين، فقال كفار قريش لأهل مكة: هذا سحر سحركم به ابن أبي كبشة، انظروا السفار فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به.
    قال فسئل السفار قال - وقدموا من كل وجهة - فقالوا رأينا. وهكذا رواه أبو نعيم: من حديث جابر، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله به.
    وقال الإمام أحمد: حدثنا مؤمل، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله - وهو ابن مسعود - قال: انشق القمر على عهد رسول الله حتى رأيت الجبل بين فرجتي القمر. وهكذا رواه ابن جرير: من حديث أسباط، عن سماك به.
    وقال الحافظ أبو نعيم: حدثنا أبو بكر الطلحي، حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين الوادعي، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا يزيد، عن عطاء، عن سماك، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: كنا مع النبي بمنى وانشق القمر حتى صار فرقتين فرقة خلف الجبل، فقال النبي : «اشهدوا اشهدوا».
    وقال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي، حدثنا آدم بن أبي إياس، ثنا الليث بن سعد، حدثنا هشام بن سعد، عن عتبة، عن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود قال: انشق القمر ونحن بمكة، فلقد رأيت أحد شقيه على الجبل الذي بمنى ونحن بمكة.
    وحدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: انشق القمر بمكة فرأيته فرقتين.
    ثم روى من حديث علي بن سعيد بن مسروق، حدثنا موسى بن عمير، عن منصور بن المعتمر، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود قال: رأيت القمر والله منشقا باثنتين بينهما حراء.
    وروى أبو نعيم من طريق السدي الصغير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: انشق القمر فلقتين فلقة ذهبت، وفلقة بقيت.
    قال ابن مسعود: لقد رأيت جبل حراء بين فلقتي القمر، فذهب فلقة، فتعجب أهل مكة من ذلك وقالوا: هذا سحر مصنوع سيذهب.
    وقال ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: انشق القمر على عهد رسول الله فصار فرقتين فقال النبي لأبي بكر: «فاشهد يا أبا بكر».
    وقال المشركون: سحر القمر حتى انشق.
    فهذه طرق متعددة قوية الأسانيد تفيد القطع لمن تأملها، وعرف عدالة رجالها، وما يذكره بعض القصَّاص من أن القمر سقط إلى الأرض حتى دخل في كم النبي وخرج من الكم الآخر فلا أصل له، وهو كذب مفترى ليس بصحيح.
    والقمر حين انشق لم يزايل السماء، غير أنه حين أشار إليه النبي انشق عن إشارته فصار فرقتين، فسارت واحدة حتى صارت من وراء حراء، ونظروا إلى الجبل بين هذه وهذه كما أخبر بذلك ابن مسعود أنه شاهد ذلك.
    وما وقع في رواية أنس في (مسند أحمد): فانشق القمر بمكة مرتين فيه نظر، والظاهر أنه أراد فرقتين، والله أعلم" "البداية والنهايبة" المجلد الثالث، فصل في انشقاق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم .

    قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى- في "الفتح" : "وقد أنكر جمهور الفلاسفة انشقاق القمر متمسكين بأن الآيات العلوية لا يتهيأ فيها الانخراق والالتئام وكذا قالوا في فتح أبواب السماء ليلة الإسراء إلى غير ذلك من إنكارهم ما يكون يوم القيامة من تكوير الشمس وغير ذلك
    .
    وجواب هؤلاء : إن كانوا كفارا أن يناظروا أولا على ثبوت دين الإسلام ثم يشركوا مع غيرهم ممن أنكر ذلك من المسلمين ومتى سلم المسلم بعض ذلك دون بعض ألزم التناقض ولا سبيل إلى إنكار ما ثبت في القرآن من الانخراق والالتئام في القيامة فيستلزم جواز وقوع ذلك معجزة لنبي الله - صلى الله عليه وسلم -
    وقد أجاب القدماء عن ذلك .
    فقال أبو إسحاق الزجاج في معاني القران : أنكر بعض المبتدعة الموافقين لمخالفي الملة انشقاق القمر ولا إنكار للعقل فيه لأن القمر مخلوق لله يفعل فيه ما يشاء كما يكوره يوم البعث ويفنيه وأما قول بعضهم لو وقع لجاء متواترا واشترك أهل الأرض في معرفته ولما اختص بها أهل مكة
    فجوابه : أن ذلك وقع ليلا وأكثر الناس نيام والأبواب مغلقة وقل من يراصد السماء إلا النادر وقد يقع بالمشاهدة في العادة أن ينكسف القمر وتبدو الكواكب العظام وغير ذلك في الليل ولا يشاهدها إلا الآحاد فكذلك الانشقاق كان آية وقعت في الليل لقوم سألوا واقترحوا فلم يتأهب غيرهم لها ويحتمل أن يكون القمر ليلتئذ كان في بعض المنازل التي تظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض كما يظهر
    الكسوف لقوم دون قوم

    وقال الخطابي: انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء وذلك انه ظهر في ملكوت السماء خارجا من جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة

    فلذلك صار البرهان به أظهر .
    وقد أنكر ذلك بعضهم فقال: لو وقع ذلك لم يجز أن يخفى أمره على عوام الناس لأنه أمر صدر عن حس ومشاهدة فالناس فيه شركاء والدواعي متوفرة على رؤية كل غريب ونقل ما لم يعهد فلو كان لذلك أصل لخلد في كتب أهل التسيير
    والتنجيم إذ لا يجوز إطباقهم على تركه وإغفاله مع جلالة شأنه ووضوح أمره .
    والجواب عن ذلك : أن هذه القصة خرجت عن بقية الأمور التي ذكروها؛ لأنه شيء طلبه خاص من الناس فوقع ليلا، لأن القمر لا سلطان له بالنهار ومن شأن الليل أن يكون أكثر الناس فيه نياما ومستكنين بالأبنية والبارز بالصحراء منهم إذا كان يقظان

    يحتمل انه كان في ذلك الوقت مشغولا بما يلهيه من سمر وغيره ومن المستبعد أن يقصدوا إلى مراصد مركز القمر ناظرين إليه لا يغفلون عنه فقد يجوز أنه وقع ولم يشعر به أكثر الناس وإنما رآه من تصدى لرؤيته ممن اقترح وقوعه ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر ثم أبدى حكمة بالغة في كون المعجزات المحمدية لم يبلغ شيء منها مبلغ التواتر الذي لا نزاع فيه إلا القرآن بما حاصله أن معجزة كل نبي كانت إذا وقعت عامة أعقبت هلاك من كذب به من قومه للاشتراك في إدراكها بالحس والنبي صلى الله عليه وسلم بعث رحمة فكانت معجزته التي تحدى بها عقلية فاختص بها القوم الذين بعث منهم لما أوتوه من فضل العقول وزيادة الأفهام ولو كان إدراكها عاما لعوجل من كذب به كما
    عوجل من قبلهم

    وذكر أبو نعيم في "الدلائل" نحو ما ذكره الخطابي وزاد : " ولا سيما إذا وقعت الآية في بلدة كان عامة أهلها يومئذ الكفار الذين يعتقدون أنها سحر ويجتهدون في إطفاء نور الله

    قلت : وهو جيد بالنسبة إلى من سأل عن الحكمة في قلة من نقل ذلك من الصحابة .

    وأما من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه .
    فجوابه : أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه نفاه وهذا كاف فإن الحجة فيمن أثبت لا فيمن يوجد عنه
    صريح النفي حتى إن من وجد عنه صريح النفي يقدم عليه من وجد منه صريح الإثبات

    وقال ابن عبد البر: قد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين ثم نقله عنهم الجم الغفير إلى أن انتهى إلينا ويؤيد ذلك بالآية الكريمة فلم يبق لاستبعاد من استبعد وقوعه عذر


    ثم أجاب بنحو جواب الخطابي وقال: وقد يطلع على قوم قبل طلوعه على آخرين وأيضا فان زمن الانشقاق لم يطل ولم تتوفر الدواعي على الاعتناء بالنظر إليه ومع ذلك فقد بعث أهل مكة إلى آفاق مكة يسألون عن ذلك فجاءت السفار واخبروا بأنهم عاينوا ذلك وذلك لان المسافرين في الليل غالبا يكونون سائرين في ضوء القمر ولا يخفى عليهم ذلك

    وقال القرطبي الموانع من مشاهدة ذلك إذا لم يحصل القصد إليه غير منحصرة ويحتمل أن يكون الله صرف جميع أهل الأرض غير أهل مكة وما حولها عن الالتفات إلى القمر في تلك الساعة ليختص بمشاهدته أهل مكة كما اختصوا بمشاهدة أكثر الآيات ونقلوها إلى غيرهم. اهـ.

    قال العلامة الآلوسي في تفسيره "روح المعاني" (27/74) : "والأحاديث الصحيحة في الانشقاق كثيرة . واختلف في تواتره فقيل : هو غير متواتر، وفي شرح المواقف الشريفي أنه متواتر الذي اختاره العلامة ابن السبكي قال في شرحه لمختصر ابن الحاجب : الصحيح عندي انشقاق القمر متواترمنصوص عليه في القرآن مروي في الصحيحين وغيرهما من طرق شتى بحيث لا يمتري في تواتره" انتهى باختصار.


    وفي كتاب "نظم المتناثر" للسيوطي :قال التاج ابن السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب الأصلي الصحيح : "عندي أن انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن مروي في الصحيحين وغيرهما من طرق من حديث شعبة عن سليمان بن مهران عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود .
    ثم قال : وله طرق أخرى شتى بحيث لا يمتري في تواتره .

    وقال في "الشفا" بعد ما ذكر أن كثيراً من الآيات المأثورة عنه - صلى اللّه عليه وسلم- معلومة بالقطع ما نصه : " أما انشقاق القمر فالقرآن نص بوقوعه وأخبر بوجوده ولا يعدل عن ظاهر إلا بدليل ، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة فلا يوهن عزمنا خلاف أخرق منحل عرى الدين ، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك في قلوب الضعفاء المؤمنين ، بل نرغم بهذا أنفه وننبذ بالعراء سخفه" اهـ‏.‏

    وفي "أمالي" الحافظ ابن حجر : "أجمع المفسرون وأهل السير على وقوعه، قال ورواه من الصحابة علي وابن مسعود وحذيفة وجبير بن مطعم وابن عمر وابن عباس وأنس .
    وقال القرطبي في "المفهم" : رواه العدد الكثير من الصحابة ، ونقله عنهم الجم الغفير من
    التابعين فمن بعدهم" اهـ‏.‏

    وفي "المواهب اللدنية" : "جاءت أحاديث الانشقاق في روايات صحيحة عن جماعة من الصحابة منهم أنس وابن مسعود وابن عباس وعلي وحذيفة وجبير
    بن مطعم وابن عمر وغيرهم" اهـ‏.‏

    وقال حافظ المغرب ابن عبد البر – رحمه الله تعالى : روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين ثم نقله عنهم الجم الغفير إلى أن انتهى إلينا وتأيد بالآية الكريمة" اهـ‏.‏


    وقال المناوي في شرحه لألفية السير للعراقي : "تواترت بانشقاق القمر الأحاديث الحسان كما حققه التاج السبكي
    وغيره اهـ‏.‏

    وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى : "وقد أجمع المسلمون على وقوع ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام، وجاءت بذلك الأحاديث المتواترة من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها" "البداية والنهاية" (3/118)


    ذكر الشيخ - رحمة الله - الهندي في كتابه إظهار الحق (2|300) أنه وجد في بعض بلاد الهند
    من أرخ بانشقاق القمر
    قال : وقد نقل الحافظ المزي عن ابن تيمية أن بعض المسافرين ذكر أنه وجد في بلاد الهند بناء قديما مكتوبا عليه " بني ليلة انشق القمر"


    قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : "وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن عمرو الرزاز حدثنا محمد بن يحيى القطعي حدثنا محمد ابن بكر حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال : كسف القمر على عهد رسول الله ، فقالوا سحر القمر ، فنزلت [اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر] وهذا إسناد جيد ، وفيه أنه كسف تلك الليلة فلعله حصل له انشقاق في ليلة كسوفه وله

      الوقت/التاريخ الآن هو 09.05.24 0:39