خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    التوبة وظيفة العمر

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية التوبة وظيفة العمر

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.09.09 7:56


    التوبة وظيفة العمر

    التوبة وظيفة العمر 470674




    الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو الكريم الوهاب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله والأصحاب.


    أما بعد:



    فإن التوبة وظيفة العمر، وبداية العبد ونهايته، وأول منازل العبودية، وأوسطها، وآخرها.


    وحاجتنا إلى التوبة ماسة، بل إن ضرورتنا إليها مُلِحَّة؛ فنحن نذنب كثيراً، ونفرط في جنب الله ليلاً ونهاراً؛ فنحتاج إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين الذنوب.


    ثم إن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؛ فالعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية.


    ولقد جرت سنة الله أنه كلما دعت الحاجة إلى أمرٍ ما - يسره الله، وأعان عليه بلطفه وجوده وكرمه.


    ولقد يسر الله أمر التوبة، وفتح أبوابها لمن أرادها؛ فهو - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.


    وباب التوبة مفتوح للكفار، والمشركين، والمرتدين، والمنافقين، والظالمين، والعصاة، والمقصرين.


    والناظر في باب التوبة بادىء الرأي قد يظن أنه محصور في عدة أمور، فلا يتعداها ولا يتجاوزها.


    والحقيقة
    أن الحديث عن التوبة ذو شجون، والكلام عليها متشعب طويل؛ فللتوبة فضائل وأسرار، ولها مسائل وأحكام، وهناك أخطاء تقع في مفهومها، وهناك أسباب تعين عليها .


    ثم إن الحديث عن التوبة يشمل كافة الناس، ويخاطب جميع الطبقات، ويُحتاج إليه في جميع مراحل العمر.
    ومع عظم شأن التوبة، وشدة الضرورة إليها - إلا أن هناك تقصيراً في شأنها، وخللاً كبيراً في مفهومها، وغفلة مستحكمة عن المبادرة إليها .

    وفيما يلي من صفحات بيانٌ لشيء من ذلك، أما عنوان هذا الكتاب فهو:




    التوبة وظيفة العمر





    مجلس في ذكر التوبة و الحث عليها قبل الموت و ختم العمر بها و التوبة وظيفة العمر



    و هي خاتمة مجالس ابن رجب الحنبلي في (لطائف المعارف)

    قال الله عز و جل : { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم و كان الله عليما حكيما }
    و عمل السوء إذا انفرد يدخل فيه جميع السيئات صغيرها و كبيرها و المراد بالجهالة الإقدام على السوء و إن علم صاحبه أنه سوء فإن كل من عصى الله فهو جاهل و كل من أطاعه فهو عالم و بيانه من وجهين :

    أحدهما :أن من كان علما بالله تعالى و عظمته و كبريائه و جلاله فإنه يهابه و يخشاه فلا يقع منه مع استحضار ذلك عصيانه كما قال بعضهم : لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى ما عصوه و قال آخر : كفى بخشية الله علما و كفى بالإغترار بالله جهلا.

    و الثاني : أن من آثر المعصية على الطاعة فإنما حمله على ذلك جهله و ظنه أنها تنفعه عاجلا باستعجال لذتها و إن كان عنده إيمان فهو يرجو التخلص من سوء عاقبتها بالتوبة في آخر عمره و هذا جهل محض فإنه تعجل الإثم و الخزي و يفوته عز التقوى و ثوابها و لذة الطاعة و قد يتمكن من التوبة بعد ذلك و قد يعاجله الموت بغتة فهو كجائع أكل طعاما مسموما لدفع جوعه الحاضر و رجا أن يتخلص من ضرره بشرب الذرياق بعده و هذا لا يفعله إلا جاهل.

    و أما التوبة من قريب : فالجمهور على أن المراد بها التوبة قبل الموت فالعمر كله قريب و من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب و من مات و لم يتب فقد بعد كل البعد كما قيل :

    فهم جيرة الأحياء أما قرارهم ... فدان و أما الملتقى فبعيد


    فالحي قريب و الميت بعيد من الدنيا على قربه منها فإن جسمه في الأرض يبلى و روحه عند الله تنعم أو تعذب و لقاؤه لا يرجى في الدنيا .

    مقيم إلى أن يبعث الله خلقه ... لقاؤك لا يرجى و أنت قريب
    تزيد بلى في كل يوم و ليلة ... و تنسى كما تبلى و أنت حبيب


    و هذان البيتان سمعهما داود الطائي رحمه الله من امرأة في مقبرة تندب بهما ميتا لها فوقعتا من قلبه فاستيقظ بهما و رجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة فانقطع إلى العبادة إلى أن مات رحمه الله.

    فمن تاب قبل أن يغرغر فقد تاب من قريب فتقبل توبته و روي عن ابن عباس في قوله تعالى : { يتوبون من قريب }

    قال : قبل المرض و الموت وهذا إشارة إلى أفضل أوقات التوبة و هو أن يبادر الإنسان بالتوبة في صحته قبل نزول المرض به حتى يتمكن حينئذ من العمل الصالح

    و لذلك قرن الله تعالى التوبة بالعمل الصالح في مواضع كثيرة من القرآن و أيضا فالتوبة في الصحة و رجاء الحياة تشبه الصدقة بالمال في الصحة و رجاء البقاء و التوبة في المرض عند حضور إمارات الموت يشبه الصدقة بالمال عند الموت فكأن من لا يتوب إلا في مرضه قد استفرغ صحته و قوته في شهوات نفسه و هواه و لذة دنياه فإذا أيس من الدنيا و الحياة فيها تاب حينئذ و ترك ما كان عليه

    فأين توبة هذا من توبة من يتوب من قريب و هو صحيح قوي قادر على عمل المعاصي فيتركها خوفا من الله عز و جل و رجاء لثوابه و إيثارا لطاعته على معصيته .

    دخل قوم على بشر الحافي و هو مريض فقالوا له : على ماذا عزمت ؟
    فقال : عزمت أني عوفيت تبت
    فقال له رجل منهم : فهلا تبت الساعة
    فقال : يا أخي أما علمت أن الملوك لا تقبل الأمان ممن في رجليه القيد و في رقبته الغل إنما يقبل الأمان ممن هو راكب الفرس و السيف مجرد بيده فبكى القوم جميعا .

    و معنى هذا أن التائب في صحته بمنزلة من هو راكب على متن جواده و بيده سيف مشهور فهو يقدر على الكر و الفر و القتال و على الهرب من الملك و عصيانه فإذا جاء على هذه الحال إلى بين يدي الملك ذليلا له طالبا لأمانه صار بذلك من خواص الملك و أحبابه لأنه جاءه طائعا مختارا له راغبا في قربه و خدمته

    و أما من هو في أسر الملك و في رجله قيد و في رقبته غل فإنه إذا طلب الأمان من الملك فإنما طلبه خوفا على نفسه من الهلاك و قد لا يكون محبا للملك و لا مؤثرا لرضاه فهذا مثل من لا يتوب إلا في مرضه عند موته و الأول بمنزلة من يتوب في صحته و قوته و شبيبته

    لكن ملك الملوك أكرم الأكرمين و أرحم الراحمين و كل خلقه أسير في قبضته لا يعجزه هارب و لا يفوته ذاهب و مع هذا فكل من طلب الأمان من عذابه من عباده أمنه على حال كان إذا علم منه الصدق في طلبه .


    الأمان الأمان و زري ثقيل ... و ذنوبي إذا عددت تطول .
    أوبقتني و أوثقتني ذنوبي ... فترى لي إلى الخلاص سبيل




    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 27.09.09 8:06 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: التوبة وظيفة العمر

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.09.09 7:59

    قوله عز و جل : { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن و لا الذين يموتون و هم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما }

    فسوى بين من تاب عند الموت و من مات من غير توبة و المراد بالتوبة عند الموت التوبة عند انكشاف الغطاء و معاينة المحتضر أمور الآخرة و مشاهدة الملائكة فإن الإيمان و التوبة و سائر الأعمال إنما تنفع بالغيب فإذا كشف الغطاء و صار الغيب شهادة لم ينفع الإيمان و لا التوبة في تلك الحال

    و روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال : لا يزال العبد في مهل من التوبة ما لم يأته ملك الموت بقبض روحه فإذا نزل ملك الموت فلا توبة حينئذ .

    و بإسناده عن الثوري قال : قال ابن عمر : التوبة مبسوطة ما لم ينزل سلطان الموت و عن الحسن قال : التوبة معروضة لابن آدم ما لم يأخذ الموت بكظمه و عن بكر المزني قال : لا تزال التوبة للعبد مبسوطة ما لم تأته الرسل فإذا عاينهم انقطعت المعرفة و عن أبي مجلز قال : لا يزال العبد في توبة ما لم يعاين الملائكة

    و روي أيضا في كتاب الموت بإسناده عن أبي موسى الأشعري قال : إذا عاين الميت الملك ذهبت المعرفة و عن مجاهد نحوه و عن حصين قال : بلغني أن ملك الموت إذا غمز وريد الإنسان حينئذ يشخص بصره و يذهل عن الناس .

    و خرج ابن ماجه حديث [ أبي موسى مرفوعا قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم : متى تنقطع معرفة العبد من الناس ؟ قال : إذا عاين ] و في إسناده مقال و الموقوف أشبه

    و قد قيل : إنه إنما منع من التوبة حينئذ لأنه إذا انقطعت معرفته و ذهل عقله لم يتصور منه ندم و لا عزم فإن الندم و العزم إنما يصح مع حضور العقل و هذا ملازم لمعاينة الملائكة كما دلت عليه الأخبار و قوله صلى الله عليه و سلم في [ حديث ابن عمر : ما لم يغرغر ] يعني إذا لم تبلغ روحه عند خروجها منه إلى حلقه فشبه ترددها في حلق المحتضر بما يتغرغر به الإنسان من الماء و غيره و يردده في حلقه.

    و إلى ذلك الإشارة في القرآن بقوله عز و جل : { فلولا إذا بلغت الحلقوم * و أنتم حينئذ تنظرون * و نحن أقرب إليه منكم و لكن لا تبصرون } و بقوله عز و جل : { كلا إذا بلغت التراقي }

    و روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن الحسن قال : أشد ما يكون الموت على العبد إذا بلغت الروح التراقي قال : فعند ذلك يضطرب و يعلو نفسه ثم بكى الحسن رحمه الله تعالى .


    عش ما بدا لك سالما ... في ظل شاهقة القصور
    يسعى عليك بما اشتهيـ ... ت لدى الرواح و في البكور
    فإذا النفوس تقعقعت ... في ضيق حشرجة الصدور
    فهناك تعلم موقنا ... ما كنت إلا في غرور

    اعلم أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار، واعلم كذلك أن رسولك الكريم كان يستغفر الله في اليوم مائة مرة، وفي رواية: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"، هذا وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا نحن وكلنا ذنوب وآثام؟!

    وباب التوبة مفتوح ما لم يغرغر العبد أوتخرج الشمس من مغربها.

    والتوبة تجب ما قبلها وتمحوه.

    والحذر كل الحذر من تأخير التوبة وطول الأمل.

    قال لقمان لابنه: يا بني لا تؤخر التوبة، فإن الموت يأتي بغتة.

    وقال آخر: لا تكن ممن يرجو الآخرة من غير عمل، ولا تؤخر التوبة لطول الأمل.

    قال أحكم الحاكمين: "وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".

    إذا كانت التوبة في حق الشباب واجبة، فهي في حق من نزل بهم الشيب أوجب وآكد.

    قال ابن رجب الحنبلي: (من نزل به الشيب فهو بمنزلة الحامل التي تمت شهورحملها، فما تنتظر إلا الولادة، كذلك صاحب الشيب لا ينتظر غير الموت، فقبيح به الإصرار على الذنب).
    أما بان لك العيب ******* أما أنذرك الشيب
    و ما في نصحه ريب ****** و لا سمعك قد صَم
    أما نادى بك الموت ****** أما أسمعك الصوت
    أما تخشي من الفوت ****** فتـحتــاط و تهتـــم
    من أحب من السلف أن يستقبل الموت بتوبة نصوح

    قال عمرو بن العاص رضي الله عنه عند موته: "اللهم أمرتنا فعصينا، ونهيتنا فتركنا، ولا يسعنا إلا عفوك، لا إله إلا الله"، ثم رددها حتى مات.

    وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله عند موته: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: "أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله"، ثم رفع رأسه فأحدَّ النظر، فقالوا له: إنك تنظر نظراً شديداً يا أمير المؤمنين، قال: "إني أرى حضرة ما هم بإنس ولا جن"، ثم قبض.

    ولما احتضر عامر بن عبد الله بن الزبير بكى، وقال: "لمثل هذا المصرع فليعمل العاملون، أللهم إني أستغفرك من تقصيري وتفريطي، وأتوب إليك من جميع ذنوبي، لا إله إلا الله"، ثم لم يزل يرددها حتى مات.

    ولما احتضر العلاء بن زياد بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: "كنت والله أحب أن أستقبل الموت بتوبة"، قالوا: فافعل رحمك الله؛ فدعا بطهور فتطهر، ثم دعا بثوب له جديد فلبسه، ثم استقبل القبلة، فأومأ برأسه مرتين أونحو ذلك، ثم اضجع ومات

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: التوبة وظيفة العمر

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.09.09 8:03


    التوبة عبادة وقربة قبل أن تكون استعتاباً ورجعة بل هي من أعظم العبادات وأجلها

    إذ بها تنال محبة الله تعالى

    كما قال سبحانه :
    (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) < البقرة 222>

    قال بعض العلماء :
    " دعوت الله سبحانه وتعالى ثلاثين سنة أن يرزقني توبة نصوحاً ، ثم تعجبت في نفسي وقلت : سبحان الله ! حاجة دعوت الله فيها ثلاثين سنة فما قضيت إلى الآن فرأيت فيما يرى النائم قائلاً يقول لي : أتعجب من ذلك ؟!
    أتدري ماذا تسأل الله تعالى ؟ إنما تسأله سبحانه أن يحبك ، أما سمعت قول الله تعالى : (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) < البقرة 222> [ غذاء الألباب للسفاريني 2/590] .

    من آثار التوبة

    1-مغفرة الذنوب : المغفرة تحصل للعبد إذا حقق التوبة كما قال الله تعالى : (( وإني لغفارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى )) < طه 82>

    2-أن الفلاح معلق بالتوبة كما في قول الله تعالى : (( فأمّا من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين )) < القصص 67>

    3- قلب السيئات إلى حسنات : من عظيم أثر التوبة تبديل السيئات إلى حسنات فتنقلب سيئات العاصي بعد التوبة النصوح إلى حسنات ، وتبيض صحائفه بعد أن كانت سوداء كما في قول الله تعالى : (( إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورٌ رحيما )) < الفرقان 70>

    4- وعن أبي الطويل شطب الممدود رضي الله عنه أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت من عمل الذنوب كلها ، ولم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها فهل لذلك من توبة ؟ قال : (( هل أسلمت ؟ )) قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قال : (( تفعل الخيرات وتترك السيئات ، فيجعلهن الله لك خيرات كلهن )) قال : وغدراتي وفجراتي ؟ قال : (( نعم )) قال : الله أكبر ، فما زال يكبر حتى توارى )) < أخرجه البزار والطبري بإسناد جيد > .


    العلاقة بين التوبة والإسلام

    التوبة تشمل الإسلام كله وهي غاية المؤمن في جميع أحواله وأوقاته ،

    يقول أبن القيم رحمه الله تعالى : " التوبة هي دين الإسلام والدين كله داخل في مسمى التوبة وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله فلإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، وإنما يحب الله من فعل ما أمر به ، وترك ما نهى عنه .

    فإذاً التوبة هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ، ويدخل في مسماها الإسلام والإيمان والإحسان ، وتتناول جميع المقامات ، ولهذا كانت غاية كل مؤمن وبداية الأمر وخاتمته وهي الغاية التي وجد لأجلها الخلق ، والأمر بالتوحيد جزءٌ منها ، بل هو جزؤها الأعظم الذي عليه بناؤها .

    وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها ، فضلاً عن القيام بها علماً وعملاً وحالاً .

    ولم يجعل الله تعالى محبته للتوابين إلا وهم خواص الخلق لديه ، ولولا أن التوبة اسمٌ جامع لشرائع الإسلام ، وحقائق الإيمان ، لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده ذلك الفرح العظيم فجميع ما يتكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيلها وآثارها " [ مدارج السالكين 1/306-307] .


    قبول التوبة في أي وقت

    من رحمة الله تعالى أنه يقبل توبة عبده في أي وقت من ليل أو نهار ، ويفرح بها أشد الفرحةمع أنه تعالى لا تنفعه طاعة الطائعين ، ولا تضره معصية العاصين ،

    روى أبو موسى تأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " < أخرجه مسلم 2758>

    ظن خــاطئ !!
    يظن كثير من الناس أن التوبة لا تكون إلا للمسرفين على أنفسهم في العصيان ، وأن المحافظ على الفرائض ، المجتنب للنواهي لا يحتاج إلى التوبة .

    وهذا غرور وظن سيئ ، إذ التوبة مطلوبة من العبد ولو كان أعبد الناس وأزهدهم وأتقاهم و أورعهم وأعلمهم . وكلما كان العبد أعلم بربه كان أكثر توبة وإنابة واستغفاراً .

    هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بربه ، وأتقاهم له ، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وهو مع ذلك أكثر الناس توبة يقول عليه الصلاة والسلام : " والله إني لأستغفر الله ةأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " – أخرجه البخاري /6307- .

    وقال ابن عمر رضي الله عنهما : إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم يقول : " رب اغفرلي وتب علي إنك أنت لبتواب الرحيم " – أخرجه أبو داود /1516 والترمذي 3430 وصححه - .


    لماذا يؤخر الناس التوبة ؟!

    أكثر شيء يرد الناس عن التوبة أو يجعلهم يسوفون فيها : طول الأمل في الدنيا ، وما يتقلبون فيه من نعيم . وإلا فإن المصائب إذا نزلت بالعبد أسرع للتوبة ، وإذا نزل بلاء عام على العباد رأيت كثرة التائبين ، فحذار أن ينسينا طول الأمل المبادرة إلى التوبة .


    استقبال رمضان بالتوبة

    من نعمة الله تعالى على عباده أن كرر لهم مواسم الخيرات ، ونوّع فيها الطاعات . مواسم تعود عليهم كل عام ، حينما يستغرق العبد في اللهو بالولد والمال ، وينسى ربه ، ويخل بشعائر دينه ، ويجتره الشيطان إليه فيمارس أنواعاً من المعاصي في غفلته وسكره ؛ يأتي رمضان فينبهه من غفلته ، ويقوده إلى ربه ويدعوه إلى تجديد توبته . فرمضان جدير بأن تجدد التوبة فيه ؛ إذ فيه تكثر الحسنات وتمحى السيئات وتقال العثرات وترفع الدرجات لمن كان أهلاً لذلك يعرف رمضان حق المعرفة وتؤدي فيه حق الله بإخلاص واجتهاد .

    وإذا كان العبد مطلوب منه أن يتوب في كل وقت وحين ، فالتوبة في رمضان تتأكد ؛ لأنه شهر عظيم تتنزل فيه رحمات رب العالمين ؛ لكنه يحتاج من العباد إلى إقبال على الله تعالى ، فأين هم الذين أسرفوا على أنفسهم ؟ وقضوا الأيام والليالي في العصيان ؟ وقابلوا نعم المولى بالكفران ؟ وحاربوا الله في أرضه ؟ ونابذوه في ملكه ؟ أين هم فليتوبوا ؟ وهل منا من يسلم من الخطأ ؟ ويبرأ من المعصية ؟!

    كلا بل نحن الخطّاؤون العاصون؛ لكن نرجوا أن نكون من التوابين، ( فخير الخطائين التوابون ) كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم – رواه أحمد 198/3 وابن ماجة 4251 - .

    إن باب التوبة مفتوح فأين التوابون؟


    كيف نتــوب ؟!

    لا تصح توبة العبد حتى يقلع عن الذنب ويعزم عزماً صادقاً على أنه لا يعود إليه أبداً . أما إن كان يستغفر بلسانه وقلبه يتحرك لفعل المعصية ونفسه تراوده إليها فتلك توبة من فسد قلبه ولا تنفعه توبته بلسانه .

    وقال البغوي في تفسيره : قال عمر وأبي ومعاذ رضي الله عنهم : التوبة النصوح أن يتوب ثم لا يعود إلى الذنب كما لا يعود اللبن إلى الضرع . كذا قال . وفي صحة هذا عنهم نظر . ثم لعل المراد التوبة الكاملة بالنسبة إلى غيرها.

    وعلامة العزم على عدم مقارفة الذنوب : الندم على ما سلف منها يبكي على ذنوبه ويندم على ما اقترفت يداه يندم على مسارعته في المعصية وتقصيره في الطاعة . قال عمر بن ذر : " كلُ حزنٍ يبلى إلا حزن التائب على ذنوبه " - نزهة العقلاء /548- .
    وما ذاك إلا لأنه يتخيل قبح ذنوبه ويتأمل عظمة الله تعالى في خلقه ؛

    فيطير قلبه من هول ذلك ويتساءل : كيف ارتكب القبائح في حق من اتصف بهذه العظمة والجبروت ؛ فيقطعه الندم على ما سلف ويقوده ذلك إلى المسارعة في الخيرات واكتساب الحسنات .

    وهذا أنس بن النضر رضي الله عنه يفوته القتال في بدر مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج لقتال ؛ ولكن القتال حدث بعد ذلك إرادةً من الله تعالى كما قال تعالى : (( ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولا )) < الأنفال42> . وبعض الصحابة كانوا في المدينة لا يعلمون أن ثمة قتال ومنهم أنس بن النضر فيظهر عليه التأثر والندم على عدم حضوره بدراً فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم : " يا رسول الله غبت عن أول قتال فيه المشركين والله لئن أشهدني قتالهم ليرين ما أفعل " - رواه البخاري /4048 ومسلم /1903 –
    هكذا قال
    وسجل ندمه على ما فات فكانت نتيجة هذا الندم : عزمٌ على قتال المشركين بشدة ، وتأتي أحدٌ فتُصدق ندمه وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية ، وما عرفته أخته إلا ببنانه ؛ وذلك سبب إقدامه وتفانيه في حرب المشركين .. وفيه وفي أمثاله نزل قول الله تعالى : (( من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا ً )) – الأحزاب 23-

    قال شقيق البلخي : " علامة التوبة : بكاء على ما سلف والخوف من الوقوع في الذنب وهجران إخوان السوء وملازمة الأخيار " – نزهة الفضلاء /711-

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: التوبة وظيفة العمر

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.09.09 8:05


    التوبة وظيفة العمر Startيآأيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملآئكة غلاظ شداد لايعصون الله مآ أمرهم ويفعلون ما يؤمرون التوبة وظيفة العمر Mid
    يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون التوبة وظيفة العمر Mid
    يآأيها الذين آمنوا توبوآ إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنآ أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قديرالتوبة وظيفة العمر End


    والنقل
    لطفـاً .. من هنـــــــا
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=108454

      الوقت/التاريخ الآن هو 12.05.24 19:01