خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    شرب حليب الإبل...هل ينقض الوضوء..؟

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية شرب حليب الإبل...هل ينقض الوضوء..؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 11:17

    شرب حليب الإبل...هل ينقض الوضوء..؟
    تحية

    هل شرب حليب الإبل ينقض الوضوء...؟
    وماذا عن مرق لحم الإبل هل ينقض أيضاً..؟
    وهل يلحق باللحم الشحم والأمعاء والقلب والأحشاء كلها..؟

    بورك فيكم

    =============

    هذا جواب العلامة ابن باز رحمه الله تعالى

    ما الحكمة في أن لحم الإبل ينقض الوضوء ، وهل الحساء كذلك
    س : ما الحكمة في أن لحم الإبل يبطل الوضوء؟ وهل حساء لحم الإبل يبطل الوضوء أيضا؟

    ج : قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالوضوء من لحم الإبل ولم يبين لنا الحكمة ، ونحن نعلم أن الله سبحانه حكيم عليم ، لا يشرع لعبادها إلا ما فيه الخير والمصلحة لهم في الدنيا والآخرة ، ولا ينهاهم إلا عما يضرهم في الدنيا والآخرة . والواجب على المسلم أن يتقبل أوامر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ويعمل بها ، وإن لم يعرف عين الحكمة ، كما أن عليه أن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله ، وإن لم يعرف عين الحكمة؛ لأنه عبد مأمور بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، مخلوق لذلك ، فعليه الامتثال والتسليم ، مع الإيمان بأن الله حكيم عليم ، ومتى عرف الحكمة فذلك خير إلى خير .

    أما المرق من لحم الإبل ، وهكذا اللبن ، فلا يبطلان الوضوء ، وإنما يبطل ذلك اللحم خاصة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : توضؤوا من لحوم الإبل ولا توضؤوا من لحوم الغنم وسأله رجل فقال يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال نعم قال أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال إن شئت وهما حديثان صحيحان ثابتان عن النبي صلى الله عليه وسلم .

    نشرت في مجلة الدعوة في العدد (1424) بتاريخ 24 / 7 / 1414هـ
    وفي كتاب الدعوة (الفتاوى) لسماحته الجزء الثاني ص 65، 66 .

    http://www.binbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=2638

    وهذا جواب عن الحليب والمرق فماذا عن الأحشاء...؟

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شرب حليب الإبل...هل ينقض الوضوء..؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 11:18


    القول المنصور في مسألة الجزور

    كنت قد كتبت هذا البحث من قبل ولا بأس من تكراره


    أولاً: النصوص
    1:عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال: (( إن شئت )) قال : أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال: ((نعم ))
    أخرجه مسلم في صحيحه
    2: عن البراء ابن عازب رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم
    (( توضئوا من لحوم الإبل ))
    رواه أبو داود والترميذي وأحمد ة غيرهم وصححه الترمذي وقال: صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصصحه ابن حبان وابن خزيمة وقال: "لم أرى خلافاً بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقله."

    ثانياً : فقه المسألة
    1: في هذا الحديث دليل على أن الوضوء من لحوم الغنم ليس بواجب لئن النبي صلى الله عليه وسلم أرجع السائل إلى المشيئة ، إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل
    2: ويدل هذا الحديث على وجوب الوضوء من لحوم الإبل لقوله صلى الله عليه وسلم
    (( توضئوا من لحوم من الإبل )) وهذا أمر والأصل في الأمر الوجوب .

    ثالثاً: التحقيق
    اختلاف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة
    القول الأول: ينقض الوضوء على كل حال نياً كان أو مضبوخا عالماً أو جاهلاً
    وهذا هو مذهب الجمهور من الحنابلة واختاره ابن حزم ( المغني1/138 الإنصاف 1/ 216 )
    وهو أحد قولي الشافعي ( المجموع 1/ 57 ) وبه قال جابر ابن سمرة ومحمد ابن إسحاق
    وأبو خيثمة ويحيى ابن يحيى وابن المنذر رحمهم الله .
    قال الخطابي رحمه الله : ( ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث ) ( معالم السنن 1/67 )

    القول الثاني: لا ينقض الوضوء ، وهذا مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي والأحناف
    والثوري ( شرح الحطاب 1/ 302 المجموع 1/ 57 المبسوط 1/ 80 )

    1ــ: استدل أصحاب القول الأول بحديث البراء وحديث جابر رضي الله عنهما

    2:وستدل أصحاب القول الثاني ، بما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الوضوء مما خرج لا مما دخل ))
    وبحديث جابر (( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار))

    ـ قال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ رداً على من قال بعدم نقض الوضوء من أكل الجزور:" حديث ابن عباس لا أصل له [ ضعيف] وإنما هو من قول ابن عباس موقوفاً عليه ، ولو صح لو جب تقديم حديثنا عليه ، لكونه أصح منه ، وأحص ، والخاص يقدم على العام." المغني

    ـ قال النووي ـ رحمه الله ـ :" الدليل مع أحمد وإن كان الجمهور على خلافه."

    تنبيه:
    ذكر الشيخ سيد سابق ـ رحمه الله ـ في كتابه فقه السنة ، نقلاً عن النووي ، أنه قال : " ذهب الأكثرون إلي أنه لا ينقض الوضوء ، وممن ذهب إليه الخلفاء الأربعة الراشدون."

    وقد تكفل برد هذا النقل ، المحدث الألباني ـ رحمه الله ـ فقال في تمام المنة" أين السند بذلك عنهم ، وهذا أقل ما يجب على من يريد أن يرد حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخالفة غيره له وليس للمؤلف [ أي الشيخ سيد سابق ـ رحمه الله ]
    أي دليل أو سند في إثبات ذلك إلا اعتماده على ما ذكره النووي في شرح مسلم…….
    ثم قال الشيخ رحمه الله :" وهذه الدعوى خطأ من النووي ـ رحمه الله ـ قد نبه عليها شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ فقال: في[ القواعد النورانية ص9]
    "وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين ،أو جمهور الصحابة ؛ أنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحوم الإبل فقد غُلط عليهم ، إنما توهم ذلك لما نُقل عنهم أنهم لم يكونوا يتوضؤون مما مست النار ، وإنما المراد أن كل ما مست النار ليس سبباً عندهم لوجوب الوضوء ، والذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحوم الإبل ليس سببه مس النار ، كما يُقال: كان فلان لا يتوضأ من مس الذكر ، وإن كان يتوضأ منه إذا خرج منه الذي."
    ثم قال الشيخ الألباني :" ثبت عن الصحابة خلافه ، فقال جابر بن سمرة رضي الله عنه :
    " كنا نتوضأ من لحوم الإبل ولا نتوضأ من لحوم الغنم " رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح

    رابعاً:دعوا النسخ

    وأما دعوا النسخ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان آخر الأمرين عنه ترك الوضوء مما مست النار.
    فقد قال بعض أهل العلم : ليس في هذا دليل على نسخ وجوب الوضوء من لحوم الإبل لأن من شروط النسخ تعذر الجمع فإذا أمكن الجمع فلا يجوز النسخ ، لأن النسخ هو إبطال أحد النصين والجمع بينهما معناه العمل بالنصين جميعاً وهنا يمكننا الجمع ، فنقول: حديث الوضوء من لحوم الإبل خاص وحديث جابر رضي الله عنه في أنه كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار عام ، والخاص مقدم على العام


    ً:فائدة

    يقول العلامة ابن القيم في أعلام الموقعين
    وقد جاء أن على ذروة كل بعير شيطان، وجاء أنها جن خلقت من جن، ففيها قوة شيطانية ، والغاذي شبيه بالمغتذى ، ولهذا حرم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير ، لأنها دواب عادية ، فالا غتذاء بها يجعل في طبيعة المغتذي من العدوان ما يضره في دينه ، فإذا اغتذى من لحوم الإبل وفيها القوة الشيطانية ، والشيطان خلق من نار ، والنار تطفأ بالماء ، وهكذا جاء الحديث ، ونظيره الحديث الآخر "إن الغضب من الشيطان فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " ، فإذا توضأ العبد من لحوم الإبل كان في وضوئه ما يطفئ تلك القوة الشيطانية فتزول تلك المفسدة

    أعلام الموقعين 2/ 15 .

    ويقول رحمه الله:
    المعنى الذي أمرنا الوضوء لأجله منها هو اكتسابها من القوة النارية وهي مادة الشيطان التي خلق منها والنار تطفأ بالماء ، وهذا المعني موجود فيها ، وقد ظهر اعتبار نظيره في الأمر بالوضوء من الغضب


    ===========
    الكبد والطحال والسنام والدهن والكرش والمصران ونحوهما اختلف الحنابلة فيه هل يلحق باللبن أو يلحق باللحم؟

    والذي رجحه ابن مفلح في الفروع وذكر أنه قول الأكرثين أنه يلحق باللبن وأنه لاينقض.

    ولعله هو الأقرب فالنص إنما ثبت في لحم الجزور فحسب.

    ومن قال هو كقوله (حرمت عليكم الميتت والدم ولحم الخنزير) وشمل ذلك الكبد والطحال والأحشاء واللبن.

    فليس بمسلم فإنما شمل لحم الخنزير ذلك لكون الخنزير رجس نجس.
    ولهذا أتت الشريعة بقتله، وهذا يفهم أيضاً عدم جواز الاستفادة من طعم بعض أجزائه.



    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15096


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 03.08.09 11:21 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: شرب حليب الإبل...هل ينقض الوضوء..؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.09 11:19

    هل ينتقض الوضوء بأكل لحم الإبل ؟

    اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين
    القول الأول : -
    أن أَكْلُ لُحُومِ الْإِبِلِ نِيئَةً وَمَطْبُوخَةً أَوْ مَشْوِيَّةً عَمْدًا وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهُ لَحْمُ جَمَلٍ أَوْ نَاقَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ .

    من قال بذلك
    وَبِهَذَا قال الإمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وهو قول ابن حزم أيضا ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ ، وهو قوله القديم . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : ذَهَبَ إلَى هَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ .
    وَقَدْ أَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى تَرْجِيحِهِ وَاخْتِيَارِهِ وَالذَّبِّ عَنْهُ , وكذلك رجحه النووي في المجموع .
    وَاخْتَارَهُ مِنْ الشافعية أيضا غير الخطابي والبيهقي ، والنووي ، أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ .
    قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ – يعني الشافعي - : إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِي لُحُومِ الْإِبِلِ قُلْت بِهِ .
    قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : قَدْ صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ : حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ . قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ .
    قلت : وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام النووي في الفتح وسكت عنه كالمقر له ، وكذلك في التلخيص كما سيأتي .
    وهو ما رجحه ابن تيمية ، وابن القيم ، الشوكاني ، والصنعاني ، رحمة الله على الجميع .

    دليلهم
    *الدليل الأول :
    ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ قال لا ] .

    *الدليل الثاني :
    ما رواه أبو داود والترمذي عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : - [ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَقَالَ تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَسُئِلَ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ فَقَالَ لَا تَتَوَضَّئُوا مِنْهَا ] .


    القول الثاني :-
    أن الوضوء لا ينتقض بأكل لحم الإبل ولا غيره .

    من قال بذلك
    َهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ، وبه قال الإمام مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ في الْجَدِيدُ الْمَشْهُورُ وهو الصحيح عنه .
    دليلهم
    *الدليل الأول :
    ما رواه أبو داود والنسائي واللفظ له عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله , قَالَ : [ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ ] "فَإِذَا كَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ هُوَ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ , وَفِي ذَلِكَ لُحُومُ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا , كَانَ فِي تَرْكِهِ ذَلِكَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ " ، فيكون منسوخا كما نُسخ ، أو يكون الأمر به للاستحباب ، أو يكون المراد بالوضوء غسل اليد .


    - أما دعوى النسخ بحديث جابر بن عبد الله فلا يصح لوجوه :-
    أَحَدُهَا : أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ نَسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ , أَوْ مُقَارِنٌ لَهُ ; بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَرَنَ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ بِالنَّهْيِ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ , وَهِيَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّسْخُ حَصَلَ بِهَذَا النَّهْيِ , وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ ; فَإِنْ كَانَ بِهِ , فَالْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ مُقَارِنٌ لِنَسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِهِ ؟ وَمِنْ شُرُوطِ النَّسْخِ تَأَخُّرُ النَّاسِخِ , وَإِنْ كَانَ النَّسْخُ قَبْلَهُ , لَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْسَخَ بِمَا قَبْلَهُ .

    الثَّانِي : أَنَّ أَكْلَ لُحُومِ الْإِبِلِ إنَّمَا نَقَضَ ; لِكَوْنِهِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ , لَا لِكَوْنِهِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ , وَلِهَذَا يَنْقُضُ وَإِنْ كَانَ نِيئًا , فَنَسْخُ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِهِ نَسْخُ الْجِهَةِ الْأُخْرَى , كَمَا لَوْ حَرَّمَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّضَاعِ , وَلِكَوْنِهَا رَبِيبَةً , فَنَسْخُ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ لَمْ يَكُنْ نَسْخًا لِتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ .

    الثَّالِثُ : أَنَّ حديث جابر بن عبد الله عَامٌّ وَحديث جابر بن سمره والبراء خاص , وَالْعَامُّ لَا يُنْسَخُ بِهِ الْخَاصُّ ; لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ النَّسْخِ تَعَذُّرَ الْجَمْعِ , وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ مُمْكِنٌ بِتَنْزِيلِ الْعَامِّ عَلَى مَا عَدَا مَحَلِّ التَّخْصِيصِ .

    قال النووي :
    وَأَمَّا النَّسْخُ فَضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ عَامٌّ , وَحَدِيثَ الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ خَاصٌّ , وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ , سَوَاءٌ وَقَعَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ .

    الرابع : أن جَابِرٌ إِنَّمَا نَقَلَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ } ; وَهَذَا نَقْلٌ لِفِعْلِهِ لَا لِقَوْلِهِ . فَإِذَا شَاهَدُوهُ قَدْ أَكَلَ لَحْمَ غَنَمٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ صَحَّ أَنْ يُقَالَ التَّرْكُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ وَالتَّرْكُ الْعَامُّ لَا يُحَاطُ بِهِ إلَّا بِدَوَامِ مُعَاشَرَتِهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ الْمَنْقُولُ عَنْهُ التَّرْكُ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ .

    الخامس : أَنَّ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ لَمْ تَشْمَلْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا بِالتَّنْصِيصِ وَلَا بِالظُّهُورِ بَلْ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ : ( قَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ) وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ : ( تَوَضَّئُوا مِنْهَا ) فَلَا يَصْلُحُ تَرْكُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ نَاسِخًا لَهَا ; لِأَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ الْخَاصَّ بِنَا وَلَا يَنْسَخُهُ بَلْ يَكُونُ فِعْلُهُ لِخِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ خَاصًّا بِالْأُمَّةِ دَلِيلَ الِاخْتِصَاصِ بِهِ .
    وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُدَوَّنَةٌ فِي الْأُصُولِ مَشْهُورَةٌ وَقَلَّ مَنْ يَتَنَبَّهُ لَهَا مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي مَوَاطِنِ التَّرْجِيحِ , وَاعْتِبَارُهَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الْمَضَايِقِ .

    - وأما كون الأمر يحمل على الاستحباب فَمُخَالِفٌ ِلظَّاهِرِ النصوص مِنْ وجوه :
    أَحَدُهَا , أَنَّ مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْوُجُوبُ .
    الثَّانِي , أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ حُكْمِ هَذَا اللَّحْمِ , فَأَجَابَ بِالْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْوُجُوبِ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ تَلْبِيسًا عَلَى السَّائِلِ , لَا جَوَابًا .
    الثَّالِثُ , أَنَّهُ عليه السلام قَرَنَهُ بِالنَّهْيِ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ , وَالْمُرَادُ بِالنَّهْيِ هَاهُنَا نَفْيُ الْإِيجَابِ لَا التَّحْرِيمِ , فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى الْإِيجَابِ , لِيَحْصُلَ الْفَرْقُ .
    ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ نَصْرِفُ بِهِ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ لَهُ مِنْ الْقُوَّةِ بِقَدْرِ قُوَّةِ الظَّوَاهِرِ الْمَتْرُوكَةِ , وَأَقْوَى مِنْهَا , وَلَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ .


    - أما كونه " يراد بالوضوء غسل اليد " فهذا أيضا باطل لوجوه :
    أَحَدُهَا : أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ , فَإِنَّ غَسْلَ الْيَدِ بِمُفْرَدِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ , وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ .
    الثَّانِي : أَنَّ الْوُضُوءَ إذَا جَاءَ عَلَى لِسَانِ الشَّارِعِ , وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ .
    قال النووي :
    أَمَّا حَمْلُ الْوُضُوءِ عَلَى اللُّغَوِيِّ فَضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَوِيِّ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ .اهـ

    الثَّالِثُ : أَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِسُؤَالِ السَّائِلِ عَنْ حُكْمِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِهَا , وَالصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِهَا فَلَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ سِوَى الْوُضُوءِ الْمُرَادِ لِلصَّلَاةِ .

    قال الشوكاني :
    فَاعْلَمْ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ , وَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ ثَابِتَةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا , وَلَا مُتَمَسَّكَ لِمَنْ قَالَ : إنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ .اهـ

    *الدليل الثاني :
    قَالَ ابن عباس [ إنَّمَا عَلَيْنَا الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ لَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ ] .
    يَعْنِي : الْخَارِجَ النَّجِسَ , وَلَمْ يُوجَدْ , وَالْمَعْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَدَثَ هُوَ خُرُوجُ النَّجَسِ حَقِيقَةً , أَوْ مَا هُوَ سَبَبُ الْخُرُوجِ , وَلَمْ يُوجَدْ .

    "ولكنه عام وأحاديث القول الأول تخصصه " ، ثم إنه من قول ابن عباس فإن خالف قول النبي قدم قول النبي صلى الله عليه وسلم .

    قال البيهقي وهو شافعي :
    وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم " { الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ , وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ } " فَمُرَادُهُمَا تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ .
    قَالَ : وَبِمِثْلِ هَذَا لَا يُتْرَكُ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .

    *الدليل الثالث :
    القياس على لحوم الغنم فلحم الإبل " لَحْمٌ فَلَمْ يَجِبْ بِأَكْلِهِ وُضُوءٌ كَلَحْمِ الضَّأْنِ " "وإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ , سَوَاءً فِي حِلِّ بَيْعِهِمَا وَشُرْبِ لَبَنِهِمَا , وَطَهَارَةِ لُحُومِهِمَا , وَأَنَّهُ لَا تَفْتَرِقُ أَحْكَامُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنَّهُمَا , فِي أَكْلِ لُحُومِهِمَا سَوَاءٌ . فَكَمَا كَانَ لَا وُضُوءَ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْغَنَمِ , فَكَذَلِكَ لَا وُضُوءَ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْإِبِلِ "

    ولقد رد ابن تيمية وابن القيم وغيرهما دعوى القياس .
    قال ابن تيميه :
    فإن صَاحِبُ الشَّرْعِ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ لَحْمِ الْغَنَمِ وَلَحْمِ الْإِبِلِ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَ مَعَاطِنِ هَذِهِ وَمَبَارِكِ هَذِهِ فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا وَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذَا .
    فَدَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْقِيَاسَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا ( إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) ( البقرة / 275 ) .
    وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثَابِتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَ أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَأَصْحَابِ الْغَنَمِ فَقَالَ : [ الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي الْفَدَادِينِ أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَالسَّكِينَةِ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ ] .
    وَلِهَذَا يُقَالُ : إنَّ الْأَعْرَابَ بِأَكْلِهِمْ لُحُومَ الْإِبِلِ مَعَ عَدَمِ الْوُضُوءِ مِنْهَا صَارَ فِيهِمْ مِنْ الْحِقْدِ مَا صَارَ . اهـ

    قال ابن القيم ، بعد نقله لكلام شيخه :-
    فَالْقِيَاسُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ أَبْطَلْ الْقِيَاسِ وَأَفْسَدِهِ . ثم قال نحو ما قال ابن تيمية .

    *الدليل الرابع :
    أنَّ هذا مما عمت به البلوى و " مِمَّا يَغْلِبُ وُجُودُهَا فَلَوْ جُعِلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَدَثًا لَوَقَعَ النَّاسِ فِي الْحَرَجِ "
    وَمَا رَوَوْا أَخْبَارَ آحَادٍ وَرَدَتْ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى , وَيَغْلِبُ وُجُودُهُ , وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي مِثْلِهِ , لِأَنَّهُ دَلِيلُ عَدَمِ الثُّبُوتِ إذْ لَوْ ثَبَتَ لَاشْتَهَرَ .

    ورد ابن حزم ذلك فقال :
    وَهَذَا حَمَاقَةٌ , وَقَدْ غَابَ عَنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم الْغُسْلُ مِنْ الْإِيلَاجِ الَّذِي لَا إنْزَالَ مَعَهُ , وَهُوَ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى , وَرَأَى أَبُو حَنِيفَةَ الْوُضُوءَ مِنْ الرُّعَافِ وَهُوَ مِمَّا تَكْثُرُ بِهِ الْبَلْوَى وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَرَأَى الْوُضُوءَ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ مِنْ الْقَلْسِ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ , وَهَذَا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى , وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ قَبْلَهُ , وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا , وَمِثْلُ هَذَا مِنْ التَّخْلِيطِ لَا يُعَارِضُ بِهِ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا مَخْذُولٌ . وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .اهـ

    قال النووي : وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَشْيَاءَ ضَعِيفَةٍ فِي مُقَابَلَةِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَتَرَكْتُهَا لِضَعْفِهَا .اهـ

    قلت :
    وعلى هذا يكون الراجح في هذه المسالة هو قول من قال بنقض الوضوء من أكل لحوم الإبل ، والله تعالى أعلم .


    كتبه الفقير إلى عفو ربه ومغفرته
    إسلام منصور عبد الحميد
    انتهى منه يوم الخميس قبل غروب الشمس 23 جماد الآخر 1424 هـ ، 21 / 8 / 2003 م


    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13247&highlight=%E1%CD%E3+%C7%E1%C5%C8%E1

      الوقت/التاريخ الآن هو 19.05.24 14:41