خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 7:57

    وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح وتطويح المفاسد والقبائح في أصول النقد والجرح والنصائح(2)
    قضية التفريق بين قبول الجرح والإلزام به، وقضية تمييع مسائل النقد
    !
    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.
    أما بعد:
    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
    فقد كنت وصفت موقع كل السلفيين بأنه موقع ضرار، وذكرت وجه ذلك، ونصحت أصحاب الموقع وهم من طلابي الفلسطينيين، وكذلك المشرف عليه بتنقيته، ومنع أهل الأهواء من الكتابة فيه مثل عماد طارق العراقي ومن على شاكلته، لكني لم أجد منهم آذاناً صاغية، بل تكرر منهم رفض النصيحة عملياً، والعناد، والاستمرار في الغي والانحراف..
    وصار موقع كل السلفيين مكاناً للتأصيلات الفاسدة التي تهدم منهج السلف الصالح الذي يدعي طلابي من الفلسطينيين أنهم ينتسبون إليه، وأنهم يدعون إليه..
    لكن للأسف الشديد فتحوا موقعاً ينقض منهج السلف الصالح، ويؤصل لقواعد عدنان عرعور، وأبي الحسن المأربي، ونحوهما من أهل الأهواء والبدع.
    ومن أواخر ذلك –ولا أقول آخره- ما كتبه عماد طارق العراقي بعنوان : «بين منهجين مبنى الحكم على الرجال هل هو اجتهادي أو نصي» جاء فيه بتأصيلات فاسدة، لا تمت إلى منهج السلف الصالح بصلة..
    وقد بنى ذلك الجاهل المتعالم مقاله على كلام نقله الشيخ علي الحلبي في كتابه –كتاب الفتنة- «منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح وتطويح المفاسد في أصول النقد والجرح والنصائح»، وزاد من كيسه أشياء تخالف ما كان الشيخ علي الحلبي يقرره قديماً للأسف الشديد..
    ونحن نعامل الشيخ عليا الحلبي بما يكرره «من ثمارهم تعرفونهم»، لا سيما وأن المقال المذكور مبني على ما قرره الشيخ علي الحلبي، وفي الموقع الذي تحت إشرافه، وهو مقال مثبت في أعلى مقالات الموقع في المنبر العام ..
    كل ذلك حملني على أن أوجه هذا الرد والنقد للشيخ علي الحلبي مبيناً له تناقضه، وما أدى إليه ما قرره في كتابه من تناقض، مدللاً على ذلك من موقعه وتحت ناظريه ...

    الجرح المفسر المقنع عند الشيخ الحلبي بين القبول والإلزام المشروط والإلزام المحصور بالإجماع!!
    كتب الشيخ الحلبي في كتابه (ص/102) المسألة التاسعة: (الجرح المفسر) ..
    وقد اشتمل على عدة أمور تتلخص في الآتي:
    1- أن مسألة الجرح المفسر ليست سهلة، ومسألة القبول لتفسير الجرح ولو كان بالكذب فإنه قد لا يقبل ثم ذكر عكرمة مولى ابن عباس مثالاً لذلك مع عدم توضيحه للحق في حاله توضيحا كافياً، بل ذكره للتدليل على أن الجرح قد يكون مفسراً ومع ذلك لا يقبل!! مع الإشارة للدفاع عنه إشارة لا يفهمها إلا من رجع إلى مواضع ما أحال إليه

    التعليق:
    معلوم أن هذه المسألة ليست يسيرة، وتمثيلك بعكرمة على أن الجرح قد يكون مفسراً ولا يقبل لم يبين الشيخ الحلبي وجهه، مع أن من طالع التهذيب، أو طالع هدي الساري للحافظ ابن حجر علم أن ما رمي به عكرمة رحمه الله من الكذب عنه
    جوابان:
    الأول: أنه لم يصح تكذيبه في قوله عن ابن عمر رضي الله عنه ولا عن علي بن عبد الله بن عباس لأنه من طريق ضعيف.
    الثاني: أن ما صح منه عن سعيد بن المسيب ونحوه فهو على عادة أهل الحجاز من إطلاق الكذب على الخطأ ، أو يكون مرادهم بالكذب في الرأي وليس في الرواية.
    وانظر المصدرين المذكورين لبيان بطلان من ضعف رواية عكرمة مولى ابن عباس..
    قال أبو جعفر ابن جرير –كما في هدي الساري(ص/429)-: « ولم يكن أحد يدفع عكرمة عن التقدم في العلم بالفقه والقرآن وتأويله، وكثرة الرواية للآثار، وأنه كان عالما بمولاه، وفي تقريظ جلة أصحاب ابن عباس إياه ووصفهم له بالتقدم في العلم وأمرهم الناس بالأخذ عنه ما بشهادة بعضهم تثبت عدالة الإنسان، ويستحق جواز الشهادة، ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح، وما تسقط العدالة بالظن، وبقول فلان لمولاه: لا تكذب علي، وما أشبهه من القول الذي له وجوه وتصاريف ومعان غير الذي وجهه إليه أهل الغباوة، ومن لا علم له بتصاريف كلام العرب».
    والذي استقر عليه عمل أهل الحديث هو قبول حديث عكرمة واعتماده في الصحيح.
    ففي هدي الساري(ص/429) : «وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا منهم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور ويحيى بن معين، ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه، فقال: عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه! قال: وحدثنا غير واحد أنهم شهدوا يحيى بن معين وسأله بعض الناس عن الاحتجاج بعكرمة فأظهر التعجب. وقال علي بن المديني: كان عكرمة من أهل العلم ولم يكن في موالي بن عباس أغزر علما عنه>>

    فليست القضية أن يجرح فلان بالجرح المفسر مع قطع هذا الأمر عن القواعد الأخرى التي قعدها أهل الحديث ومن أهمها هنا: لابد من ثبوت الجرح أو التعديل عمن نقل عنه ذلك.
    ومنها: معرفة مراد الأئمة بألفاظهم وحركاتهم وإشاراتهم ونحو ذلك.

    وأنا هنا لا أنتقد أصل القضية –وهي أن من الجرح المفسر ما يكون مدخولاً إما بعدم صحته عمن نقل عنه، أو يكون في اشتراك في اللفظ، أو يكون منقوضاً من العدل بناقض صحيح.
    ولكن كان لابد من إيضاحها وبيانها دون الاقتصار على الإشارة في الأمور الهامة. فالخلل غالباً ما يأتي كما ذكر الشيخ الحلبي بسبب سوء التصور أو خلل التصرف .. فعدم قبول ما قيل في عكرمة مولى ابن عباس ليس له مدخل في الإلزام بالجرح المفسر على الوجه الذي يشيعه أهل الباطل، بل القضية تتعلق بقبول ذلك الجرح المفسر من عدمه لوجود مانع صحيح من قبوله، أو لا يكون جرحاً أصلاً فضلاً
    عن أن يكون جرحاً مفسراً.

    وعدم قبول أئمة الحديث ممن احتج بعكرمة لتلك التجريحات المفسرة ليس لكونها لا إجماع عليها، فليس لعدم الإجماع هنا مدخل في رد تلك التجريحات.

    والشيخ علي الحلبي قرر أن الجرح المفسر المقنع القناعة الشرعية يجب قبوله، بل ذهب إلى أكثر من ذلك وهو أنه يُلْزَمُ الغير بالأخذ بقول الجارح إذا كان ببينة مقنعة أو بسبب واضح أو بإجماع علمي معتبر!! كما سيأتي بيانه إن شاء الله
    [يتبع]
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 8:07

    وهنا أنبه على قضية وهي: أن أهل الأهواء من المأربيين والعرعوريين قد يستغلون كلام الشيخ علي الحلبي فيما يتعلق بتمثيله بعكرمة رحمه الله ليدافعوا عن اثنين عرفا بالكذب الصريح الثابت عنهم بالدليل الواضح المبين ولا ينكره ولا يتعامى عنه إلا من طمس الله بصيرته أو لم يبلغه وجهله..
    فقد بينت في كتابي إرواء الغليل في الدفاع عن الشيخ العلامة ربيع المدخلي حامل لواء الجرح والتعديل» جملة من أكاذيب المأربي التي من وقف عليها جزم بكذبه، وفجوره وعناده ومكابرته وإصراره على إشاعة الفرى والأكاذيب ..

    2- ومما اشتمل عليه كلام الشيخ علي الحلبي: أنه ذكر عن أحمد بن صالح رحمه الله: أنه لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه، وذكر مثله عن النسائي، ثم قال: فأين باب الجرح المفسر هنا؟!
    ثم قال: ويدلك على عموم هذا : ثم ذكر كلام الخطيب في الكفاية(ص/342) في ذكر بعض أخبار من استفسر في الجرح فذكر ما لا يسقط العدالة، ثم ذكر قصة شعبة وتركه حديث من يركض على برذون... إلى أن علق على كلام للسرخسي فيه: «والذي يصلح نوعان: مجتهد فيه أو متفق عليه» ثم علق الشيخ علي الحلبي في الهامش عند «متفق عليه» بقوله: وهذا عين ما ندندن حوله – ولله الحمد ـ

    التعليق:
    الشيخ علي الحلبي هداه الله تكلم في بداية المسألة عن مسألة الجرح المفسر، وأنها هامة، وذكر سبب حصول الخلل بإجمال، ثم إذا به يذكر أن ترك رواية الراوي لا تكون إلا بإجماع، ثم يعقب مستنكراً متعجباً: فأين باب الجرح المفسر هنا؟!
    مما يجعل القارئ يفهم أن الإجماع هو المعتمد عند عالمين وإمامين لم يذكرا الجرح المفسر فيكون لمن نظر في الإجماع وأهمل الجرح المفسر سلف من أئمة الحديث!!
    وهذا –إن كان مراد الشيخ علي الحلبي- فهو باطل عظيم يدل على عدم فهم الشيخ علي الحلبي لكلام أئمة الحديث والسنة..
    ولكن أستغرب من صنيع الشيخ علي الحلبي في كلام الإمام أحمد بن صالح، فقد وقع الشيخ علي الحلبي في بتر عجيب، ما كان ينبغي أن يقع له مع اطلاعه على مصدر الكلام، وأن الكلام فيه كاملاً غير منقوص! والله المستعان..
    فاقرأ كلام الإمام أحمد بن صالح كما رواه الخطيب في الكفاية، وكما هو في كتاب الفسوي: [أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أنا عبد الله بن جعفر قال: ثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت أحمد بن صالح وذكر مسلمة بن على فقال: لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه، قد يقال: فلان ضعيف، فأما أن يقال فلان متروك فلا إلا أن يجتمع الجميع على ترك حديثه].
    فكلام الإمام أحمد بن صالح عن وصف الرجل بأنه متروك أي متروك الحديث، وليس للحكم بضعفه أو جرحه جرحاً مفسراً.. لأنه رحمه الله خشي أن يتوهم من وصف الرجل بأنه متروك الحديث أن الإجماع واقع على ذلك، مع أنه لا إجماع على تضعيف فلان. فيفهم من صنيعه أنه يحذر من حكاية الإجماع على أمر لم يقع فيه إجماع، وليس اشتراطه الإجماع لترك الاحتجاج برواية الراوي أو لجرحه.
    أو يفهم من صنيعه أن الراوي لا يستحق أن يوصف بأنه متروك حتى يجتمع الجميع على تركه، أو يجمع أهل بلده على تركه كما في قوله رحمه الله-كما في المعرفة والتاريخ للفسوي(2/253) : «مذهبي في الرجال: أني أذهب إلى أنه لا يترك حديث محدث حتى يجمع أهل مصره على ترك حديثه».
    ولذلك أورد ابن الصلاح كلام الإمام أحمد بن صالح بعد الحديث على المرتبة الرابعة من مراتب الجرح عند أئمة الحديث حيث قال رحمه الله: [الرابعة: قال إذا قالوا " متروك الحديث،أو ذاهب الحديث و كذاب " فهو ساقط الحديث، لا يكتب حديثه، وهي المنزلة الرابع قال الخطب أبو بكر: أرفع العبارات في أحوال الرواة أن يقال " حجة، أو: ثقة " :أو دونها أن يقال " كذاب ساقط " . أخبرنا أبو بكر بن عبد المنعم الصاعدي الفراوي، قراءة عليه بنيسابور قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال:أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ: أخبرنا الحسين بن الفضل: أخبرنا عبدالله بن جعفر: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال : سمعت أحمد بن صالح، قال: لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه. قد يقال: فلان ضعيف، فأما أن يقال: فلان متروك، فلا، إلا أن يجتمع الجميع على ترك حديثه] انتهى كلام ابن الصلاح.
    ومسلمة بن علي اتفق العلماء على ضعفه، بل منهم من وصفه بأنه متروك كالدارقطني والبرقاني .
    تنبيه: إن قال قائل: إن من العلماء من نقل كلام أحمد بن صالح كما ذكره الشيخ علي الحلبي، فلماذا لا يتهمون بالبتر؟
    الجواب:
    أن بعض أولئك العلماء لم يؤثر اختصارهم على المعنى المراد من كلامه عندهم، فلم يجعلوا كلامه مذهباً لأهل الحديث يعطلون به الجرح المفسر، أو يهملون الجرح المبهم ولا ما يوهم ذلك.. وبعضهم نقله عمن نقله ناقصاً فحصل الخلل في النقل..
    أما الشيخ علي الحلبي فقد رجع إلى موضع الرواية بطولها، وأشار إلى بقية الكلام بنقاط!!
    فهذا خلل، ينشأ عنه قصور في الفهم، وخلل في التصور والتصرف! وقد وقع!!
    فلو كان نقله عمن نقله مختصراً لعذرناه ولكن رجع إلى الأصول وأخطأ في الوصول!!

    وأما كلام النسائي فلم نقف على نص كلامه في كتبه، ولا من نقل عنه بإسناده، وإنما نقله حكاية عن مذهبه ابن منده في كتابه شروط الأئمة عن الباوردي.
    قال ابن منده في شروط الأئمة (ص/73) : «وسمعت محمد بن سعد البارودي بمصر يقول: كان من مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه. وكان أبو داود السجستاني كذلك يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف لأنه أقوى عنده من رأي الرجال» انتهى كلام ابن منده.
    فهل في كلام ابن منده اشتراط الإجماع في قبول الجرح المفسر أو الإلزام به؟!!
    فكلام الأئمة في واد وكلام الشيخ علي الحلبي في وادٍ آخر..
    فالقضية هنا في تخريج الحديث، وليست القضية في التصحيح والتضعيف ..
    فإن ابن منده رحمه الله ذكر طبقات الرواة فذكر الطبقة الأولى وهم أهل المعرفة والصحيح، ثم قال(ص/68) : «الطبقة الثانية: وهم الذين قبلهم جماعة من أهل المعرفة والتمييز وردهم آخرون: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس، وسهيل بن أبي صالح، والعلاء بن عبد الرحمن، وأبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة، وسماك الحنفي، وطلحة اليامي، وداود بن الحصين المدني، ومطر الوراق، وزياد الأعلم، وخالد بن دينار أبو خلدة البصري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وحمزة بن حبيب الزيات، وعكرمة بن عمار، وحماد بن الجعد، وشريك بن عبد الله القاضي، وأبو بكر بن عياش، وغيرهم جماعة يكثر تعدادهم لكثرتهم قد أخرج عنهم محمد بن إسماعيل البخاري وتركهم مسلم بن الحجاج أو أخرج عنهم مسلم وتركهم البخاري لكلام في حديثه أو غلو في مذهبه .
    وتبعهم في ذلك أبو داود السجستاني وأبو عبد الرحمن النسائي وجميع من أخذ طريقتهم في الحديث، وقد ذكرت في شرح الرسالة جميع من اتفق محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج على الإخراج عنهما في كتابيهما الصحيح ومن تفرد البخاري بالإخراج عنه ممن لم يخرج عنه مسلم بن الحجاج أو أخرج عنه مسلم ولم يخرج عنه البخاري أو أخرج عنه واحد منهما واستشهد به الآخر.
    وكل هؤلاء مقبولون على مذهب أبي داود السجستاني وأبي عبد الرحمن النسائي إلا نفر نذكرهم ونبين مذهبهم فيهم إن شاء الله تعالى .
    سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج.
    وسمعت محمد بن يعقوب الأخرم وذكر كلاما معناه هذا: قل ما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت من الحديث .
    وسمعت محمد بن سعد البارودي بمصر يقول: كان من مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه .
    وكان أبو داود السجستاني كذلك يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف لأنه أقوى عنده من رأي الرجال».
    فأين اشتراط الإجماع لقبول الجرح المفسر أو الإلزام به؟
    ومن قرأ كلام الحافظ ابن حجر في النكت علم أنه لا يفهم مما نسب للإمام النسائي ما يريد الشيخ علي الاستدلال به، ولا قريب منه..
    قال في النكت على ابن الصلاح(1/482): (وما حكاه ابن الصلاح عن الباوردي أن النسائي يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه، فإنما أراد بذلك إجماعاً خاصاً، وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط، فمن الأولى شعبة وسفيان الثوري، وشعبة أشد منه؛ ومن الثانية يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى أشد من عبد الرحمن؛ ومن الثالثة يحيى بن معين وأحمد، ويحيى أشد من أحمد؛ ومن الرابعة أبو حاتم والبخاري، وأبو حاتم أشد من البخاري، وقال النسائي:(لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه)؛ فأما إذا وثقه ابن مهدي وضعفه يحيى القطان مثلاً، فإنه لا يترك لما عرف من تشديد يحيى ومن هو مثله في النقد) .
    ثم قال، أي ابن حجر: (وإذا تقرر ذلك ظهر أن الذي يتبادر إلى الذهن من أن مذهب النسائي في الرجال مذهب متسع ليس كذلك، فكم من رجل أخرج له أبو داود والترمذي تجنب النسائي إخراج حديثه، كالرجال الذين ذكرنا قَبْلُ أن أبا داود يخرج أحاديثهم وأمثال من ذكرنا، بل تجنب النسائي إخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين).
    فتأمل هذا الكلام من الحافظ ابن حجر لتجد البون الشاسع بين ما أوهمه كلام الشيخ علي الحلبي وما نقله أولئك الأئمة وكتبوه في كتبهم حول المذهب المنسوب للإمام النسائي.
    ثم إن طالب العلم المبتدئ يعلم أن الإمام النسائي ترك أحاديث كثيرين من الرواة المجروحين ممن وثقهم كثير من الأئمة كابن لهيعة، فمع كونهم لم يجتمع النقاد على تركهم، ولا أهل مصر الذين عاش النسائي بين ظهرانيهم مع ذلك نجد النسائي ترك حديثهم فلم يخرج لهم.
    وإذا قيل إن معنى الكلام المنسوب للنسائي رحمه الله يحمل على وصف الرجل بأنه متروك كما هو حال كلام الإمام أحمد بن صالح المصري فلا يكون حينئذ للإجماع مدخل في اشتراط رد رواية الراوي .

    فاشتراط الإجماع لعدم الاحتجاج براوٍ (لقبول الجرح المفسر فيه) أو للإلزام بما ثبت به جرحه المفسر (المقنع) فهو من البدع، ومن قواعد أهل البدع والضلال .

    [يتبع]
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 8:31

    تلاعب عماد طارق العراقي بقضية الجرح والتعديل وتمييعها وتضييعها بناء على تقريرات الشيخ علي الحلبي
    فقد كتب المتعالم عماد طارق العراقي المعروف بتأصيلاته الباطلة - وقد بينت جهله بالعلم الشرعى وانحرافه عن منهج السلف وطعنه في أئمة أهل العلم والحديث في مقالات منشورة مكتوبة- في موقع كل السلفيين مقالا بعنوان: «بين منهجين مبنى الحكم على الرجال هل هو اجتهادي أو نصي»، وخلاصته: إثبات أن مسائل الجرح والتعديل من مسائل الاجتهاد، ومسائل الاجتهاد لا يجوز فيها الإلزام، وكل مجتهد -وإن كان دائرا بين الخطإ والصواب- فهو معذور، ولا يلزم بقول مجتهد آخر..
    ووصل إلى نتيجة في أخر المقال وهو تقعيد قواعد فاسدة متعلقة بهذه المسألة أذكرها مع تنزيل هذه القضية على ما ذكره من نتائج؛ ليعلم عظيم الفساد الذي يحيكه هؤلاء الطَّغَام للدعوة السلفية، ولقواعد السلف الصالح في الجرح والتعديل .
    وهي :
    أولاً: أن مسائل الجرح والتعديل دائرة بين الراجح والمرجوح..
    ثانياً: لا إلزام بمسائل الجرح والتعديل، ولا يسوغ إلزام طالب العلم بالحق الراجح، بل ولا العامي!! إذا كان له نوع نظر وبحث واستدلال، بخلاف ما ترجح عندهم. فحتى العامي أدخله في الموضوع، ومعلوم أن العامة هم الجهلة المقلدة فأدخلهم في الموضوع ليوسع الدائرة، فأصبح العامي –على قاعدة عماد طارق- يرد على أهل العلم، وينقض كلامهم في الرجال، فلسان حال العامي عند حزب الإقصاء الجدد يقول عن العلماء: هم رجال ونحن رجال!!
    ثالثا: لا إنكار في الحكم على الرجال المختلف فيهم تعديلاً أو تجريحاً مهما كانت درجة الخلاف ما دام أنه ليس ثمة إجماع!
    رابعاً: لا طعن على من خالف الراجح في الحكم على الرجال جرحاً وتعديلاً ولو كان بدون بينة أو برهان ما دام أن المسألة خلافية!
    خامساً: الاجتهاد في الحكم على راوٍ بالجرح أو التعديل لا ينقض ولا يقر باجتهاد من عالم آخر ولو كان عنده من الحجج ما عنده..
    سادساً: مسائل الاجتهاد في الجرح والتعديل لا يجرى فيها التأثيم هكذا بدون ضوابط ولا قواعد!
    سابعاً: لا حجة في قول مجتهد في الحكم على راوٍ على مجتهد آخر خالفه في الحكم ما دام أنه ليس ثمة إجماع!!
    ثامناً: لا ينسب لله تعالى حكم في مسائل تعديل وتجريح الرواة المختلف فيهم!!!
    تاسعاً: الحكم على الرواة جرحاً وتعديلاً لا يخير فيها المجتهد!!
    عاشراً: الخلاف في جرح الرواة وتعديلهم لا يزيل الألفة بين المختلفين ولو كان الخلاف قائماً على خلاف الحق والصواب!!
    إذاً هو قدم بمقدمة، وعلى حسب ظنه أنه دلل عليها: أن مسائل الجرح والتعديل من مسائل الاجتهاد، ثم نَزَّلَ عليها قواعد العلماء التي ذكروها في كتب أصول الفقه في مبحث الاجتهاد، وأنا أوقعت عليها ما رام هو إيقاعه ليتبين للمنصف مدى تلاعب هذا الرجل، وأنه على غير هدى، بل هو هدام للسنة، محارب لأهلها، على طريقة الكوثري وأبي رية وأشباههم من منكري السنة أو محاربيها لنصرة أهوائهم ومذاهبهم الباطلة.
    والعجيب أن هذا وأمثاله يأتون إلى كلام العلماء لإثبات الخلاف في نقد الرجال وقدحهم، ويجعلونها منطلقا لتمييع قضية الجرح والتعديل، لأن الصوفي، والخارجي، والرافضي بل حتى الملحد الزنديق إذا ألزمته بحديث صحيح مثل حديث : (إن الأعمال بالنيات) يأتي ويقول: محمد بن إبراهيم التيمى الذى هو عليه مدار الحديث قال فيه الإمام أحمد: أحاديثه مناكير، فالرجل عنده مناكير!! وهذا الحديث من المنكرات!!، فيردون هذا الحديث، مع أنه حديث مجمع على صحته وتلقيه بالقبول.
    فهذا وأمثاله سيفتحون الباب أمام أهل البدع للطعن في السنة الصحيحة المتفق عليها.
    ومعلوم عند أهل السنة والحديث أن قضية الجرح والتعديل ليست قضية اجتهادية محضة لا علاقة لها بالاتفاق والإجماع كما سيأتي توضيحه.
    والمشكلة أن هذا المتعالم ينقل من كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح، وهذا الكتاب مع أنه فيه بعض ما يؤيد هذا الرجل إلا أنه فيه ما ينقضه، وسمة التناقض هذه في كتاب الشيخ على الحلبي واضحة فهو حري أن يوصف بأنه كتاب فتنة .

    وقبل أن أفصل في الرد على هذا المتعالم العراقي أُذَكِّرُ: أن الكلام في الرواة فيه تفاوت في دقة الشروط الموضوعة، والاطلاع على أحوال الرواة، ويكون تفاوت الحكم عليهم قوة وضعفاً بسبب ذلك .

    أولاً: ذكر عماد العراقي قول ابن طاهر سألت سعد بن على الزنجانى عن رجل فوثقه فقلت:قد ضعفه النسائي فقال: يابني إن لأبي عبد الرحمن شرط في الرجال أشد من شرط البخارى ومسلم.
    ثم قال العراقي: وبهذا يعلم من له أدنى مقدار في الجرح والتعديل مقدار التفاوت الكبير بين أحكام أئمة هذا الفن بالرجال حالهم في ذلك حال اختلاف أئمة الفقه في مسائله كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه في الرد على البكرى وكلامه في يحيى ابن معين والبخارى ومسلم وابن أبي حاتم إلى أن قال: «وأمثالهم في الرجال وصحيح الحديث وضعيفه هو مثل كلام مالك والثورى والأوزاعى والشافعى وأمثالهم في الأحكام ومعرفة الحلال من الحرام

    التعليق:
    لو نظرنا لهذا القول من شيخ الإسلام هل أحكام الإمام مالك رحمه الله الاجتهادية ألا تكون ملزمة في بعض الأحوال في الحلال والحرام إذا كان الدليل معه، إذا كانت الحجة معه، إذا كان راجحا والنص معه؟!!
    كذلك قول ابن معين وقول البخارى قد يكون ملزماً إذا كانت الحجة معه؛ لأنه دين حجة وبرهان، ليس دين تمييع وتضييع كما عليه هذا عماد العراقي وغيره من أشباهه.
    لأن من قواعد السلف رحمهم الله: «وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازع»
    فاذا تنازع عالمان في راو وجب رد هذا التنازع إلى الكتاب والسنة، وينظر:هل الذى جرح به مما دل عليه الكتاب والسنة، أو ما عليه الاعتماد من الكتاب والسنة وهو الإجماع؟
    فقضايا الجرح والتعديل مضبوطة عند أهل الحديث، لها ضوابط، ليست قضية اجتهادية فقط، فإن هذا تضييع للديانة، وخلاف إجماع العلماء، فإن العلماء اتفقوا على جواز الإنكار على من خالف الراجح الذى عليه الدليل، وأخذ بالمرجوح بدون بينة ولا برهان، الإنكار يكون فيه إلزام. حتى الشيخ على الحلبي له كلام في ذلك سبق نقله وسيأتي إن شاء الله
    وفي كلام الزنجاجي رد على ما نقل عن النسائي أن مذهبه أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه، لأن النسائي ترك الاحتجاج برواةٍ وثقهم عدد من الأئمة، لأنه متشدد في باب الجرح والتعديل، شديد التحري والتوقي رحمه الله.. وسيأتي مزيد بيان لهذه القضية، وتوضيح معنى الترك فيما نقل عن النسائي رحمه الله.

    ثانياً: ذكر المتعالم العراقي عماد طارق قول الترمذي في اختلاف الأئمة من أهل العلم بتضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم، ونقل أقوالاً أخرى عن العلماء مردها إلى هذا الأمر
    التعليق:
    مسألة اختلاف أهل العلم في تعديل الرواة وتجريحهم من المسائل التي لا يختلف فيها اثنان، فقضية وجود الخلاف بين العلماء في الجرح والتعديل يعرفها صغار الطلبة، الخلاف والاجتهاد من العلماء هذا معروف..
    لكن لماذا كان ينكر الأئمة على فلانٍ الرواية عن فلان؟ لماذا كانوا يلزمونه بطرح حديث فلان؟
    لماذا كانوا يشنعون على أمثال بقية روايته عن الكذابين والمجاهيل؟ وقد وقعت النكارة في حديثه بسبب هؤلاء، وكذلك بسبب تدليسه عن هؤلاء.. فقد اتفق العلماء على أنهم ينكرون رواية المنكرات عن طريق رواية هؤلاء الضعفاء والمجاهيل.. وكذلك ينكرون على من يوثق من عرف بالضعف والجرح، حتى أنهم يصفون من يتساهل في ذلك بأنه من المتساهلين، وربما لم يجعلوه ممن يعتمد قوله في الجرح
    والتعديل.. فقضية الاجتهاد في الجرح والتعديل لها ضوابط، ولها أصول يرجع إليها، أما أن تترك المسألة سائبة، وأن يقال : إن المسألة اجتهادية، فالكل له أن يجتهد حتى العامي الذي له نظر وبحث!!
    فبهذا يضيع الدين، لأن هذه المسألة إذا أجريناها على ظاهرها لم يسلم لنا كثير من الأحاديث التي اعتمد الأئمة تصحيحها أو تضعيفها..
    والشيخ على الحلبي في كتابه «الإيناس بتخريج حديث معاذ رضي الله عنه في القياس» أنكر على من يزعم أنه يقبل الراوي إذا كان مختلفاً فيه وما لم يحصل إجماع على رد روايته، وانتقص الذي يزعم هذا، وقال: وكأنه لم يقرأ صفحة من كتب الجرح والتعديل..
    ونحن نقول: كأن هذا الكاتب وهو عماد العراقي لم يقرأ صفحة من كتب الجرح والتعديل.. وسيأتي مزيد بيان فيما يأتي ..

    ثالثاً: نقل المتعالم العراقي عماد طارق نقل الشيخ على الحلبي في كتابه منهج السلف الصالح(ص/ 108) عن شيخ الإسلام قوله: «وأما الأقوال والأفعال التي لم يعلم قطعا مخالفتها للكتاب والسنة، بل هي من موارد الاجتهاد التي تنازع فيها أهل العلم والإيمان فهذه الأمور قد )تكون قطعية عند بعض من بين الله له الحق فيها لكنه لا يمكنه ان يلزم الناس بما بان له ولم يبن لهم» كما في مجموع الفتاوى(10/388
    التعليق:
    يجب أن يعلم أن هذا المتعالم عماد طارق يكتب ما لا يفهم، ويلبس على الشباب الذين أرادوا السلفية ولكن قعد لهم في الطريق فهو قاطع طريق.. شيخ الإسلام رحمه الله ذكر فصلاً قال فيه: «ومما يناسب هذا الباب قوله: فلان يُسَلَّم إليه حاله أو لا يسلم إليه حاله» لابد أن يفهم من ينقل كلام شيخ الإسلام فيماذا يتكلم شيخ الإسلام؟ يتكلم عن أناس تظهر منهم منكرات مخالفة للشريعة مثل شرب الخمر مثل فعل المنكرات الظاهرة، فهل يسلم إليه حاله، أو لا يسلم إليه حاله؟
    شيخ الإسلام يقول: «فإن هذا كثيرا ما يقع فيه النزاع فيما قد يصدر عن بعض المشايخ والفقراء والصوفية من أمور يقال: إنها تخالف الشريعة فمن يرى أنها منكرة وأن إنكار المنكر من الدين؛ ينكر تلك الأمور، وينكر على ذلك الرجل، وعلى من أحسن به الظن ، ويبغضه ويذمه ويعاقبه».
    هذا الأول والثاني يقول شيخ الإسلام: «ومن رأى ما في ذلك الرجل من صلاح وعبادة كزهد وأحوال وورع وعلم لا ينكرها، بل يراها سائغة أو حسنة أو يعرض عن ذلك»
    فهذا نوع ثانٍ من الناس لا ينكر مثل هذه الأمور مع وضوح حرمتها وبطلانها.
    قال شيخ الإسلام: «وقد يغلو كل واحد من هذين حتى يخرج بالأول إنكاره إلى التكفير والتفسيق في مواطن الاجتهاد، متبعا لظاهر من أدلة الشريعة »
    ولنطبق هذا على الحدادية مثلاً، قد يرون من بعض الناس من أهل السنة أخطاء ومنكرات فيبادرون إلى التكفير والتفسيق في مواطن الاجتهاد والاختلاف، ويكون هذا الرجل معذورا باجتهاده، «متبعا لظاهر من أدلة الشريعة » ، فيأخذ بالظاهر دون أن يفهم الحقيقة فيجمع بين النصوص، وينظر هل هذا مما يعذر فيه أم لا؟ وهل خطؤه عن سهو وغلط أم عن عمد وإصرار؟ هل أقيمت عليه الحجة فيما يحتاج إلى إقامة حجة أم لا؟
    هكذا أهل الغلو من أمثال الحدادية كما أنهم نطقوا بعبارات يفهم منها تكفيرهم للشيخ ربيع ولغيره من المشايخ وللشيخ الألباني رحمه الله ، فبعضهم له عبارات في التكفير.
    قال شيخ الإسلام: «ويخرج بالثاني إقراره إلى الإقرار بما يخالف دين الإسلام مما يعلم بالاضطرار أن الرسول جاء بخلافه اتباعا في زعمه لما يشبه قصة موسى والخضر» وأمثال هؤلاء مثل من يرى البدع الظاهرة والأكاذيب من أبي الحسن المأربي وعدنان عرعور ومع ذلك يصر على تسويغ ما يفعله المبتدعة، وتحسين حاله، ويعرض عن الحجة والبرهان.. فالحدادية غلو، وهؤلاء الذين لا يبدعون أمثال عرعور والمأربي قد غلو وتساهلوا وفرطوا.
    يقول شيخ الإسلام: «والأول كثيرا ما يقع في ذوي العلم لكن مقرونا بقسوة وهوى، والثاني كثيرا ما يقع في ذوى الرحمة لكن مقرونا بضلال وجهل. فأما الأمة الوسط فلهم العلم والرحمة»
    أقول: وهذا الذي عليه السلفيون فهم أهل علم ورحمة.
    قال شيخ الإسلام: « كما أخبر عن نفسه بقوله: (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً) وقال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وقال: (إِنَّمَا
    إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا)، وكذلك وصف العبد الذى لقيه موسى حيث قال: (آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا). والعدل في هذا الباب قولا وفعلا أن تسليم الحال له معنيان:
    أحدهما: رفع اللوم عنه بحيث لا يكون مذموما ولا مأثوما» [علق جامع الفتاوى بقوله: خرم في الأصل أي أن ثمة نقص في الكلام من الأصل الخطي المعتمد].
    «والثاني: تصويبه على ما فعل بحيث يكون محمودا مأجورا.
    فالأول عدم الذم والعقاب، والثاني وجود الحمد والثواب»
    إلى أن قال رحمه الله تعالى: «وأما الأشخاص الذين خالفوا بعض ذلك على الوجوه المتقدمة فيعذرون ولا يذمون، ولا يعاقبون، فإن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله وأفعاله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم» قال: «وما من الأئمة إلا من له أقوال وأفعال لا يتبع عليها، مع أنه لا يذم عليها» ثم قال ما نقله الشيخ على الحلبي وما نقله هذا العراقي: «وأما الأقوال والأفعال التي لم يعلم قطعا مخالفتها للكتاب والسنة ..» فتأمل أخي القارئ أن المسألة من موارد الاجتهاد وتنازع فيها أهل العلم والإيمان، فهل الذي فعله عدنان عرعور وأخذه عليه أهل العلم، وكذلك الذي فعله أبو الحسن المأربي أو غيرهما من أهل الأهواء هل المأخوذ عليهما من المسائل الاجتهادية؟!!
    فمما أخذ على عدنان عرعور : الكذب والافتراء على العلماء، والطعن فيهم، فهل هذا من الاجتهاد؟!
    كذلك ما أخذ على عدنان عرور من تعظيم سيد قطب والثناء البالغ عليه وتغرير الناس به ومدحه ومدح منهجه الضال حتى بعدما أعلن توبته المزعومة، يمدح ما كتبه في معالم في الطريق، وسيد قطب رجل ضال منحرف من أول حياته إلى آخرها –فيما يظهر للناس-معروف بالضلال والانحراف، فالرجل يجعل سيد قطب من أئمة الهدى الذين يقتدى بهم، ويؤصلون لمنهج السلف حتى بعد توبته، ولكنه اعترف بأن له أخطاء!!
    اذاً هناك أقوال وأفعال يعلم قطعاً مخالفتها للكتاب والسنة، و كذلك الرواة في الجرح والتعديل نحن نعرف أن الراوي قد يجرح بالكذب مثلاً ويخترع على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ويقر بأنه كذب، أو يتكلم ببدعة من بدع الروافض أو المرجئة أو الخوارج ويعلن بذلك مخالفته للكتاب والسنة فيجرح بأمر قطعي واضح، ثم لا يعلم بعض المحدثين حاله المسقط لعدالته أو ضبطه فيوثقه ، فهل الذي وثقه دون أن يعلم منه هذا الحال وقد علمه ذلك العالم هل نقول هذه مسائل اجتهادية ؟!
    هذه مسائل قطعية، فذاك العالم معذور لأنه أخطأ، ولم يطلع على ما صار إليه حال الراوي.. كذلك الرواة المختلطون ، فالعالم إذا وثق راوياً قبل اختلاطه ثم اختلط بعد موت هذا المعدل له، والموثق له، وبان حاله، وروى الأحاديث المنكرة والواهية بسبب التخليط فضعفه من المتأخرين من رأى اختلاطه، فهل هذه المسألة اجتهادية؟!! وهل يقال إن أحاديث ذلك المخلط كلها مقبولة لأنه ثقة مع أنه قد وجد الدليل القطعي الموافق للكتاب والسنة أنه يجب ترك هذا الراوي إما لكذبه أو اختلاطه الفاحش ونحو ذلك من الأمور الإجماعية.
    فعلماء الجرح والتعديل عندهم أمور إجماعية في الجرح والنقد، ليست المسألة برمتها بتفاصيلها اجتهادية.
    نعم هناك مسائل قد يجتهد عالم فيرى أن هذه الأحاديث لا تطيح بالراوي والآخر يراها تطيح به هذه مسألة اجتهادية يعذر هذا ولا ينكر على أحدهما لاختلاف العلماء في التصحيح والتضعيف ..

    لكن نأتي لأمور وقعت في الراوي وقوعاً يقدح به في عدالته أو في ضبطه بالإجماع ثم يقال إنهم قد اختلفوا فيه ولا تنكر علي اجتهادي؟ هذا من السفسطة ومن خلاف إجماع العلماء ومن مخالفة الكتاب والسنة .
    يقول شيخ الإسلام : «أما الأقوال والأفعال التي لم يعلم قطعاً مخالفتها للكتاب والسنة بل هي من موارد الاجتهاد»
    ومعلوم أن الشيخ ربيعاً ومشايخ السلفيين إنما يقدحون في المأربي وأشباهه بأمور إجماعية، يقدحون فيهم لأمور خالفوا فيها أهل السنة، كالتكفير، والطعن في العلماء السلفيين، والتكبر عليهم، وإما بكذبهم، وإما بتأييدهم للثوار من الخوارج، ونحو ذلك من الأمور التي وقعوا فيها، أو طعن في الصحابة رضي الله عنهم طعناً، مرةً يزعمون أنهم ترجعوا، ثم لا يتراجعون، ويكذبون في تراجعاتهم.
    فكلام العلماء ببينة وبرهان ليست المسألة مسألة شخصية كما قد يظنها بعض الناس أو بعض العلماء.

    فشيخ الإسلام يقول: «بل هي من موارد الاجتهاد التي تنازع فيها أهل العلم والإيمان، فهذه الأمور قد تكون قطعيةً عند بعض من بين الله له الحق فيها» . إذا ما هي صفة القطعية هنا؟ للأمور التي لا يعلم قطعاً أنها مخالفة للكتاب والسنة، أي أن فيها وجه للخلاف والنظر، فهذه الأمور قد تكون قطعيةً عند بعض من بين الله له الحق فيها، يعني بغلبة الظن يقطع بأن هذا هو الحق، لا محيص عنه؛ كمن يكفر تارك الصلاة لتكاثر الأدلة ووضوحها يقطع بأن تارك الصلاة كافر هي عنده قطعية لكن في أصل المسألة هي من مسائل الاجتهاد ليست من المسائل الإجماعية .
    قال: «لكنه لا يمكنه أن يلزم الناس بما بان له ولم يبن لهم»
    فإذا بين لهم واستبان لهم الأمر ووضح وكابروا وعاندوا هل تبقى المسالة خلافية اجتهادية؟
    لا.
    إلى أن قال شيخ الإسلام : «أو يعرف منه أن الحق قد تبين له وأنه متبع لهواه»..
    فالشيخ علي الحلبي كان من قبل يقول عن محمد حسان: قطبي، قد تبين له الحق في أن الرجل قطبي. فما الذي تركه محمد حسان من قطبيته؟ وهل ما قاله في اتصالهم الهاتفي معه كافٍ في توبته من قطبيته؟ لا سيما أنه ماضٍ في قطبيته في موقعه ومحاضراته كما بينته في مقالي «هل تاب محمد حسان؟».
    وكان الشيخ علي الحلبي يقول عن جمعية إحياء التراث إنها حزبية، أما اليوم فيصفها بأنها سلفية!!! لماذا رجع عن قول الحق إلى التصريح بالباطل؟
    أين الدليل الواضح المفسر الذي يدل على أن هؤلاء تابوا ورجعوا؟!

    [يتبع]
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 9:08

    رابعاً: تغافل عماد العراقي ومن على شاكلته من المتفلسفة في موقع كل السلفيين كأبي الأشبال الجنيدي عن كلام مهم للشيخ علي الحلبي ينقض ما أبرموه، ويفسد عليهم ما قرروه من المنع من الإلزام بقبول الجرح المفسر إلا عند وجود الإجماع!!
    قال الشيخ علي الحلبي في كتابه : «منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح وتطويح المفاسد في أصول النقد والجرح والنصائح» (ص/104) في الهامش: «تنبيه: قلت في بعض مجالسي لا (يُلْزَمُ) أحدٌ بالأخذ بقول جارح إلا ببينة مقنعة، وسبب واضح، أو بإجماع علمي معتبر».
    سبحان الله! هنا يصرح الشيخ علي الحلبي بأنه (لا يُلْزَمُ أحد) يعني لا نُلْزِمُ آخرين (بالأخذ بقول جارح) مثلاً الشيخ ربيع جرح عدنان عروعور، وكذلك الشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان ومشايخ كثيرون جرحوا عدنان عرعور قال: (لا يُلْزَمُ أحد بالأخذ بقول جارح إلا ببينة مقنعة) جاء عرعور بقواعد فاسدة قعدها ونصحه العلماء، ولم يتراجع، وبَيَّنَ بعض العلماء أنه كذاب، ولم يتب من هذا الكذب..
    فهذه بينات مقنعة، وأسباب واضحة، ومفسرة، وصريحة عند العقلاء، ومجمع على أن مثلها يسقط بها، ومع ذلك يأتي اليوم الشيخ علي الحلبي ومن معه لدفع هذا الجرح المفسر الواضح، ويردونه على أهل العلم والإيمان، بل ويأتي بعض بطانة الشيخ علي الحلبي وهو المتعالم عماد طارق العراقي ليطعن في العلماء ويتهمهم بالغلو لأنهم يحكمون على عندنان عرعور بما يستحقه على حسب البينات
    الواضحة المقنعة!! ثم قال علي الحلبي: «أو بإجماع علمي معتبر» إذاً هو لم يجعل الإلزام خاصا بالإجماع،
    فانظروا في هذا النقل في بعض مجالسه يجعل الإلزام مشروعاً في أحد حالات ثلاث –ثنتان تجتمعان وهي الأولى والثانية-:
    الأول: إذا كان ببينة مقنعة.
    الثاني: إذا كان بسبب واضح.
    الثالث: إذا كان بإجماع فلم يحصره بالإجماع، ثم نجد الكلام في أصل الكتاب يدندن حول موضوع الإجماع، وتأصيل لهذه القضية، وعرض للشبهات التي شرحها عماد طارق في
    مقاله!!
    فإما أن يقال: إن الشيخ علي الحلبي لا يحصر شرعية إلزام الغير بقبول الجرح المفسر المقنع بحصول الإجماع، بل كل كلام له فيفسر على غير هذا المعنى فلا يكون كلامه متناقضاً مع ما قرره هنا. أو يقال: إن الشيخ علياً الحلبي عنده تناقض، وكلامه مضطرب. فهو أحياناً يحصر الإلزام بقبول الجرح المفسر بالإجماع، وأحياناً يجعل الإلزام بقبول الجرح عند وجود الجرح المفسر المقنع ولو لم يوجد إجماع

    3- [تتمة ترقيم الرد على الشيخ علي الحلبي] ثم قال الشيخ علي الحلبي : «ففهمها البعض ولا أدري كيف؟! على أصل الجرح، وأنه لابد له من إجماع، وفرق بين (قوله) أو (قبوله)، وبين (الإلزام به) كبير كثير، كما لا يخفى، فمن قبله مقتنعاً به فنعما هو، ومن لم يقبله لعدم (قناعته= الشرعية العلمية) لا يلزم به، وإلا فكيف يُلْزَمُ المختلفان في (واحد) غيرهما؟!..» .
    فيظهر بكل وضوح من كلام الشيخ علي الحلبي أنه إذا كان الجرح مفسراً مقنعاً القناعة الشرعية العلمية فإنه يلزم به .

    والمراد بالقناعة: القناعة الشرعية التي تكون أدلتها صريحة صحيحة سالمة من المعارض الصحيح.
    فقد يراد بها وضوح الأدلة، وقد يراد بها الهوى.. فالإنسان –أحياناً- لو أتيته بالأدلة الواضحة والنص الصريح على حكم الله في مسالة لا يقتنع، مثل أبو جهل ما اقتنع بأن محمداً رسول الله مع وضوح الأدلة وظهور آيات نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كالقرآن الكريم الذي أعجز فصحاء وبلغاء العرب، وكانشقاق القمر ، رأوه عيانا بيانا.. فالقناعة في مثال أبي جهل –في مراد البعض بلفظ القناعة-: هي الهداية من الله.. لكن القناعة التي بمثلها يقتنع المقتنعون المتجردون المنصفون فهي بسبب الأدلة الواضحة، كأن يقال: إن فلاناً كذاب؛ بأدلة واضحة صريحة وعلى أن المراد به الكذب في اللهجة أو بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس حاملها تعصب ولا هوى، بل بنقول وبينات..وفي كتابي «إرواء الغليل في الدفاع عن الشيخ العلامة ربيع المدخلي حامل لواء الجرح والتعديل» أتيت بكلام المأربي حيث بتر كلام العلماء، وبنى الأحكام بالطعن في العلماء بسبب بتره وكذبه؛ مما يدل على أنه متبع لهواه. فلما نأتي بجرح مفسر واضح مقنع ثم لا يقبله المخالف مع وضوحه وقناعته الشرعية فالشيخ علي يصرح بأنه يلزم بقبول هذا الجرح المفسر..
    5- ثم قال الشيخ علي الحلبي: «وما دليل كل هذا الإلزام؟! وما موقف (الملْزَم)؟!
    قال الإمام الذهبي في السير(11/82) : «وإذا اتفقوا على تعديل أو تجريح فتمسك به»
    وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة(3/98) : «والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ».
    والكلام كله حول (أهل السنة) وفيهم؛ لا في المبتدعة وذويهم فلا تتجنَّ وانظر ما تقدم (ص98) انتهى كلام الشيخ علي الحلبي.
    ثم رجعنا إلى (ص98) وإذا فيه ثلاثة نقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تتضمن التبديع في الامتحان بأشخاص إما للغلو فيهم أو للجفاء فيهم ومن كلام شيخ الإسلام : «وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي: غير كلام الله ورسوله، وما اجتمعت عليه الأمة» .
    فعلق الشيخ علي الحلبي على لفظة «اجتمعت» بقوله: «وهذا قيد مهم جدا لو تأمله دعاة الدعوة السلفية، وحملتها، وحماتها: لهونوا على أنفسهم كثيرا من المضايق والمصايب، ولأغلقوا على أعدائهم كثيراً من المصايد! ومنه قول الحافظ ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم(ص306) : «والمنكر الذي يجب إنكاره ما كان مجمعاً [عليه]. فأما المختلف فيه: فمن أصحابنا من قال: لا يجب إنكاره على من فعله مجتهداً، أو مقلداً لمجتهد –تقليداً سائغاً-» وانظر ما سيأتي قريباً (ص105) انتهى كلام الشيخ الحلبي.
    وإحالته الأخيرة إلى كلامه السابق الذي نقتله وهو موضع النظر والانتقاد للممارسات الشيخ علي الحلبي وعماد طارق العراقي.

    التعليق:
    أ- قول الشيخ علي الحلبي : ««وما دليل كل هذا الإلزام؟! وما موقف (الملْزَم)؟!» يحمل على من ألزم غيره بدون جرح مفسر مقنع القناعة الشرعية العلمية، أو بدون إجماع، أما إذا كان مفسراً مقنعاً حقاً وصدقاً فيجب أن نلزم به المخالف اتباعاً للحق والهدى، وابتعاداً على الباطل والردى .

    وموقف المُلْزَمِ هو الخضوع للحق، وقبول الجرح المفسر المقنع القناعة الشرعية، فإذا رد الجرح المفسر المقنع القناعة الشرعية بدون دليل دل على أنه صاحب هوى، وهو كمن يرد من كان جرحه بالإجماع .

    ب - ما نقله الشيخ علي الحلبي عن الإمام الذهبي وشيخ الإسلام مما لا يخالف فيه أحد يعتد به، فالإجماع حجة شرعية عند أهل السنة، وليس في كلامهما اشتراط الإجماع لقبول الجرح أو لإنكار المنكر كما هو ظاهر
    جـ - كلام شيخ الإسلام حول الامتحان بأشخاص اختلف أهل السنة فيهم اختلافاً سائغاً باجتهاد صحيح، وليس لهوى، وليس مقابل الجرح المفسر المقنع عند أهل السنة..
    وكذلك حول الموالاة والمعادة على مقالات اجتهدها بعض الناس لا ترجع إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
    فمعلوم أن المقالة إذا كانت منصوصة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونازع من نازع في حصول الإجماع عليها كمسألة حرمة الخروج على أئمة الجور فإن هذه المقالة مقالة سلفية (وهي الإنكار على من زعم مشروعية الخروج على أئمة الجور)، منصوص حكمها في الكتاب والسنة، ويوالى ويعادى عليها وإن ذكر من ذكر من العلماء أنها خلافية اجتهادية، وإن خالف فيها من خالف من العلماء..
    فهي من المسائل المنصوص عليها ولو لم يقع إجماع أو وقع ولكن شكك فيه من شكك..

    د - وأما تعليق الشيخ علي الحلبي على لفظة «اجتمعت» بقوله: «وهذا قيد مهم جدا لو تأمله دعاة الدعوة السلفية، وحملتها، وحماتها: لهونوا على أنفسهم كثيرا من المضايق والمصايب، ولأغلقوا على أعدائهم كثيراً من المصايد!»..
    أقول: إن دعاة الدعوة السلفية من العلماء السلفيين ومن سار على طريقتهم يدركون تمام الإدراك مسألة التحذير من أهل البدع والانحراف، ويسعون جاهدين لبقاء الدعوة السلفية صافية نقية من شوائب البدع والأهواء .. فإذا رأوا من يزعم السلفية كجماعة القاعدة أو القطبيين فإنهم يهبون لنصرة السلفية، ورد كيد أدعياء السلفية من تنظيم القاعدة والقطبيين، ويبينون لهم مخالفتهم للكتاب والسنة، ولمنهج السلف الصالح ... ولا يجعلون اعتمادهم الوحيد في الإنكار على تنظيم القاعدة والقطبيين الإجماع! بل مدار إنكارهم على الكتاب والسنة والإجماع .. فإذا وجد النص من الكتاب أو السنة، أو الإجماع لم يسع السلفي المخالفة إن كانت المسألة منصوصة، ولا يوجد معارض صحيح لقول السلف الصالح أو بعضهم، ولا ينتظرون حتى يقفوا على الإجماع.. ومعلوم أن السلفيين يحذرون من أسامة بن لادن، ويصفونه بأنه من الخوارج ولا ينتظرون وقوع الإجماع على ذلك ..وما يقوم به عماد طارق ومن يريد أن يربط الإنكار بالإجماع فهو فتح باب للتكفيريين والخوارج ليحتجوا علينا بأن أسامة بن لادن مختلف فيه!! ولم يحصل الإجماع على تضليله وتبديعه! فماذا سيقول الشيخ علي الحلبي حينها؟!!! فعلى مذهب المنحرف المجرم عماد طارق لا يسوغ للعراقيين أن يبدعوا أسامة بن لادن، ولا أن يصفوه بأنه خارجي لأن الشيخ ابن جبرين –هداه الله- وصفه بالاجتهاد، وأن ما وقع فيه مجرد خطأ مجتهد !!وهكذا حال عدنان عرعور، وأبي الحسن المأربي، ومحمد المغراوي، ومحمد حسان، وأبي إسحاق الحويني فكلهم مع وجود الاختلاف فيهم إلا أنه خلاف غير معتبر، ومخالف لقواعد أهل السنة الذين قرروا فيها أن الجرح المفسر المقنع القناعة
    الشرعية مقدم على التعديل المبهم!!
    هـ - وما نقله الشيخ علي الحلبي عن ابن رجب رحمه الله، مقيد بقيود خارجة عن بحثنا .. فالمنكر إذا فعله من فعله مجتهداً وهو أهل للاجتهاد فهو معذور مأجور أجراً واحداً، ولا يكون الشخص مجتهداً إذا رأى الحق والدليل الواضح والحجة البينة، والجرح المفسر المقنع وأعرض عنه بدون دليل ولا برهان، بل يكون متبعاً لهواه .. وكذلك فقد قيَّد التقليد بأن يكون سائغاً وهو أن يكون المقلِّد جاهلاً بالحكم، وليس عنده قدرة أو ليس عنده وقت للاجتهاد فيقلد من يوثق بعلمه ودينه (من يكون أهلاً للاجتهاد) .. واليوم ترى الطالب يجادل ويناظر عن شخص، فإذا بينت له حاله بالحجج الواضحة، والجروح المفسرة المقنعة، فإذا ضيق عليه الحال، ولم يجد مخرجاً من موافقة العلماء في تبديع المأربي وعدنان عرعور وتضليلهما لجأ إلى التقليد!!!!! فلجوؤه إلى التقليد هنا إنما هو من باب اتباع الهوى، وليصم أذنه عن سماع الحق والهدى والله المستعان.
    وابن رجب رحمه الله لم يقل بعدم الإنكار في المختلف فيه بل قيده بقيد هام حيث قال رحمه الله بعد عدة أسطر: «فدل على أنه يُنْكَرُ كُلُّ مختلفٍ فيه ضعف الخلاف فيه لدلالة السنة على تحريمه، ولا يخرج فاعله المتأول من العدالة بذلك والله أعلم».
    فإذا كان الخلاف ضعيفاً وجب الأخذ بالأقوى دليلاً، لا سيما إن كان منصوصاً فيجب حينئذ الإنكار على المخالف، وإلزامه بالحق والصواب، ولكن إن كان من عمل بالمرجوح ظناً منه أنه حق، وكان مجتهداً في ذلك اجتهاداً صحيحاً، أو مقلداً تقليداً سائغاً –كما سبق بيانه- فلا تسقط عدالته بذلك، ولكن يجب الإنكار عليه.. والله أعلم .

    ومع وضوح مسألة الجرح المفسر عند أهل العلم بالسنة والحديث نجد ممن يكتبون في موقع الضرار (كل السلفيين) الكتابات التي تنتصر للتفريق بين قبول الجرح المفسر وبين الإلزام به!! مع أن الشيخ علياً الحلبي (المشرف على موقع كل السلفيين) والذي يزعمون الانتصار له –نفسه- لا يفرق ذلك التفريق المزعوم، بل يقول بالإلزام بقبول الجرح إذا كان مفسراً ومقنعاً القناعة الشرعية .. فإذا كان الجرح المفسر الواضح المقنع القناعة الشرعية مما يجب قبوله والأخذ به، فإنه ينكر على من لم يقبله، لأنه ترك واجباً، والمفرط في عمل الواجب يُلْزَمُ بعمله، وينكر عليه تفريطه بالواجب..
    نعم قد يكون الجرح قد وصل مفسراً ومقنعاً لعالم من العلماء، ولم يجد له معارضاً شرعياً، ويكون الذي خالفه وصله الجرح ولكن: إما أنه لم يصله مفسراً، أو وجد له معارضاً شرعياً، فحينئذ نحن نلزمه بالحق، ونبين له التفسير الواضح المقنع، ونجيب عن كل معارض، فإن أعرض عن الحق، ولم يُدْلِ بمعارض شرعي، ولم تكن حجته إلا أني أرى خلاف ما ترون! ولم تحصل لي قناعة تصل إلى قلبي!!! فنعلم حينئذ أنه قدم رأيه وهواه على الدليل والحجة والبرهان ..
    لأن الدليل يرد بالدليل، والحجة بالحجة، والبينة بالبينة، وليس بالهوى والرأي المجرد!
    فيجب أن يفهم أن التفريق بين القبول بالحق وبين إلزام من تركه بأن يعمل بالحق تفريق سوفسطائي، لا معنى له؛ لأنه إذا وجب قبوله جاز الإنكار على من لم يقبله، وشرع الإنكار على من تركه كما يجب قبوله، لأنه ترك واجبا شرعيا مع علمه بأنه واجب.
    لكنه لو لم يعرف أنه واجب، ولم يتبين له ذلك فيكون معذوراً حينئذ، لكنه يُعَلَّم ويبين له.

    6- قال الشيخ علي الحلبي: «وفي تهذيب التهذيب (9 / 131) عن أبي علي النيسابوري قال: «قلت لابن خزيمة: لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد؛ فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه؟! فقال رحمه الله: إنه لم يعرفه؛ ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلاً »
    فعلق الشيخ علي الحلبي على قوله : «ما أثنى عليه» بقوله: «وقد لا يفعلُ!».
    التعليق:
    تعليق الشيخ علي الحلبي هنا تعليق قبيح، وفي طياته تعريض بالإمام أحمد أنه قد لا يقبل الحق لو وصل إليه وعلمه!
    ولا أقول إن هذا وقع في قلب الشيخ علي الحلبي أو هو يعتقده، ولكن هذا مضمون التعليق لو كان يعقل ويفهم ما يقول ويكتب!
    فابن خزيمة رحمه الله قد عرف محمد بن حميد بسرقة الحديث، وعلم أنه متهم بتركيب الأسانيد، وأنه ليس بثقة، وهذا العلم قائم على قواعد أهل الحديث، وعلى أصولهم التي اتفقوا عليها، والإمام أحمد لو وصل إليه ما وصل إلى ابن خزيمة من حال محمد بن حميد، ومع اتفاقهم في القواعد والأصول فما الذي سيمنع الإمام أحمد من اعتقاد ما اعتقده ابن خزيمة من الحق في حال محمد بن حميد؟!!
    فلو قال الشيخ علي الحلبي: لو عرف فلان ما عرفنا عن فلان من سرقة الأموال، والحلف الكاذب لطعن فيه كما طعنا فيه، فهل سيقول الشيخ علي الحلبي: وقد لا يفعل؟!! لماذا لا يفعل مع وضوح الأدلة، والبينات ووجود البراهين؟ولا يأتي هنا آت بأنه ربما لم يصله الجرح المفسر المقنع القناعة الشرعية، لأن هذا الأمر مفترض في المثال وأمر مفروغ منه فلا يبقى إلا العناد والمكابرة واتباع الهوى ..
    ولو قلنا: جاء رجل ليشهد عند القاضي فأثبت عند القاضي ببينات ودلائل قطعية أنه فاسق، وتبينت تلك الأدلة للقاضي بما هو مستعد للجواب عنه يوم القيامة، فهل يقال: إذا وصلت تلك الدلائل إلينا والتي هي قطعية في عدم قبول شهادته أننا قد نقبل شهادته ونرمي بتلك الدلائل كلها دون حجة شرعية وبرهان؟!!
    وكأن يقول قائل: إذا علم فلان ما أعلمه عن فلان من الكذب لرد روايته(وليس كلامنا عن المتن أو الإسناد من غير طريقه فقد يكون توبع أو له إسناد آخر صحيح يغنينا عن رواية الكذاب)، فهل يقال: إن العالم إذا علم (وانتبه إلى كلمة «علم») أن فلاناً كذاب وثبت عنده هذا العلم هل سيجعله مقبول الرواية (ويجعله ثقة أو صدوقاً وهو كذاب عنده!) ولا يأخذ بما تبين له وعلمه من كذبه؟!
    فمن هنا أقول: إن تعليق الشيخ علي الحلبي تعليق فاسد، وفيه فتح لباب الهوى والظنون الفاسدة، وليس من العلم الشرعي في شيء..
    وقد روي عن الإمام أحمد أنه لما علم بكذب محمد بن حميد تَرَكَهُ .
    قال ابن حبان في كتاب المجروحين(2/303) : «سمعت إبراهيم بن عبد الواحد البغدادي يقول: قال صالح بن أحمد بن حنبل: كنت يوماً عند أبي إذ دق علينا الباب، فخرجت فإذا أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن وارة يستأذنان على الشيخ، فدخلت وأخبرته، فأذن لهم فدخلوا وسلموا عليه، فأما ابن وارة فباس يده فلم ينكر عليه ذلك، وأما أبو زرعة فصافحة، فتحدثوا ساعة» إلى أن قال: «فقال ابن وارة: يا أبا عبد الله، رأيت محمد بن حميد؟ قال نعم. قال: كيف رأيت حديثه؟ قال: إذا حدث عن العراقيين يأتي بأشياء مستقيمة، وإذا حدث عن أهل بلده مثل إبراهيم بن المختار وغيره أتى بأشياء لا تعرف لا تدري ما هي؟ قال: فقال أبو زرعة وابن وارة: صح عندنا أنه يكذب، قال فرأيت أبي بعد ذلك إذا ذكر ابن حميد نفض يده» .
    وإبراهيم بن عبدالواحد البغدادي لم أر من وثقه ، واتهمه الذهبي رحمه الله بوضع قصة الإمام أحمد وابن معين مع ذاك القاص الذي روى عنهما أحاديث لم يروياها فلما أنكرا عليه قال: «لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما تحققته إلا الساعة» فقال له يحيى: «كيف علمت أني أحمق؟ قال: «كأن ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما؟! قد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين» فوضع أحمد كمه على وجهه وقال دعه يقوم فقام كالمستهزئ
    بهما!
    [يتبع]

    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 9:17

    خامساً: [عدنا إلى ترقيم الرد على عماد طارق]: قال عماد طارق أبو العباس العراقي: «فشيخنا بحمد الله قد بنى كتابه على ما اتفق عليه أئمة المسلمين في مختلف العصور من أن مبنى الحكم على الرجال مرده إلى الاجتهاد، ومبناه عليه، فهومتبدع لأقوال السلف غير مبتدع كما يزعمه أهل البهت والعدوان»
    التعليق:
    كذا كتب عماد طارق: «فهو مبتدع لأقوال السلف» وهي عبارة صحيحة واقعاً، وإن كانت خلاف مراده، فالشيخ علي الحلبي قرر في كتابه أموراً خالف فيها منهج السلف، ليس متبعاً لهم، لأنه لو كان متبعاً لأقوال السلف لما قرر هذه التخاليط في كتابه.
    فيجب أن يعرف الشيخ علي الحلبي أنه قد حصل له من الاضطراب في كتابه ما حصل مما قد بينت بعضه وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله.

    7-من الرد على الشيخ علي الحلبي-: والعجيب أيضا من تناقض الشيخ علي الحلبي ما ذكره عماد طارق عن الشيخ علي الحلبي -مما يدل على أن هذا العراقي لا يفهم ما يكتب، ولا يفهم ما يقرأ، متخبط- قال الشيخ علي الحلبي في آخر المبحث في الجرح المفسر: «ورأيت للعلامة الأصولي الفقيه أبي بكر السرخسي المتوفى سنة(490هـ) تفصيلا حسنا في الجرح المفسر لم أره لغيره، قال:«وأما ما يكون
    من أئمة الحديث؛ فهو الطعن في الرواة، وذلك نوعان: مبهم ومفسر: ثم المفسر نوعان: ما لا يصلح أن يكون طعنا، وما يصلح أن يكون.
    والذي يصلح نوعان: مجتهد فيه أو متفق عليه»
    فقوله: «والذي يصلح» أي أن يكون طعناً في الرواة وجارحاً لهم «نوعان: مجتهد فيه» فذكر أن المجتهد فيه يجرح ويؤثر، ولا يكون راجعاً للهوى والأمزجة المختلفة!! فليست المسالة اجتهادية ضايعة مايعة بدون تأصيلات..
    فالعلماء اختلفوا في الجرح والتعديل، واختلفوا في بعض أسباب الجرح والتعديل، لكن اتفقوا في أصول الجرح والتعديل، وهي التي طالبت الشيخ علي الحلبي من قبل أن يكون مستوفيا لهذه الأصول..
    فالأصول التي أجمع عليها العلماء كالجرح بالكفر، والجرح بالفسق، والفاسق عند العلماء هو مرتكب الكبيرة، ولم يتب منها، وكذلك المصر على الصغائر، ومن الكبائر: الكذب، كذلك الجرح بكثرة الأخطاء وفحشها منه، وكذلك الذي يخطئ ويصر على خطئه مع بيان الحق له. فهذه من الأمور التي اتفق العلماء على ترك رواية الراوي لأجلها، وهذه بعض الأصول. فمسائل الجرح والتعديل مسائل مضبوطة بضوابط عند المحدثين، وهذه الضوابط مستندة إلى الكتاب والسنة والإجماع.
    فمن قواعد أهل العلم: أنه لا يقبل خبر الفاسق، وهذا دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو من المسائل المنصوص عليها... فإذا جاء الشيخ علي الحلبي أو غيره وقال: أنا أقبل أبا الحسن المأربي، وأقبل روايته، فنقول له: قد خالفت الكتاب والسنة والإجماع.. فليست مسالة اجتهادية، حتى لو وجد عالم قال عن المأربي: إنه صادق، أو غير فاسق ،
    فنقول: هذه مسالة خلافية، والله يقول: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} فننظر: هل المأربي فاسق أم لا؟ فلا يكفي أن نقول هذه المسالة خلافية ونسكت، هذا لا يكفي
    وكذلك القاضي إذا اختلف في عدالة شاهدٍ عنده، فيقول بعضهم إنه فاسق، والآخر يقول: ليس بفاسق، فهل يقول القاضي: مادام الأمر خلافياً فلا ألزم بالقول بفسق الشاهد، والأصل العدالة؟! هل يقول القاضي مثل هذا الكلام الباطل؟!! كذلك الرواة عند أهل الحديث قد أجمعوا على أنه لا بد من خلو الراوي من الفسق وأسبابه، وهذا إجماع بين العلماء..
    فالمأربي ثبت أنه كذاب، وأنا أتيت بالأدلة الواضحة عند من له عقل أن هذا الرجل كذاب، وجاء علي حسن وقال: هذا رجل عدل، فهل انتهى الموضوع؟!!
    الجواب: لا. بل نقول: الشيخ علي الحلبي خالف الإجماع، وهو الإجماع بأن من المفسقات الكذب الصريح الذي عليه الدليل الواضح..
    فإن كان عنده جدال في نسبة الكذب إلى المأربي فليبينه، ونحن نقبل الحق، وإذا أخطأنا يرد علينا مثل غيرنا، لكن أن يقول ذلك تحكماً فهذا لا يقبل.. لابد من الدليل والبرهان...
    من القضايا التي لم ينبه أو لم يتنبه لها هذا العراقي :
    أولاً: من هو الشخص الذي يقبل اجتهاده؟ هل هو من أئمة الجرح والتعديل؟
    فإذا كان الرجل ليس من أهل الجرح والتعديل، أو من الذين لا عناية لهم بالجرح والتعديل فهل يعارض قوله بقول العالم الذي تخصص في الجرح والتعديل؟ فإذا كان الجارح أو الرافض للجرح من أهل الجرح والتعديل ننظر في بقية الضوابط الأخرى.. وهذا مما لم يذكره ولم ينبه عليه عماد طارق العراقي، وإنما أراد-مما يظهر من فعله، والله أعلم بنيته - التفَلُّتَ والتسيب في هذه المسألةوأمثالها.
    الأمر الثاني: ينظر في أحوال الجارحين والمعدلين، لأنه لابد أن يعلم أن من المعدلين من هو متشدد. ومنهم من هو معتدل. ومنهم من هو متساهل؛ فهل الذي زكى هذا المبتدع أو هذا المجروح متساهل؟
    وإذا كان الذي بيَّن أن فلاناً من المبتدعة من المتشددين، ولكن عنده دليل أو من المعتدلين فهل يضرب كلامه بكلام المتساهل؟!! فابن حبان رحمه الله وثق مئات المجاهيل، وغيره يقول عنهم: مجهول، أولا يعرف، فما رأي الشيخ علي الحلبي وعماد طارق العراقي حينئذ؟
    هل المسالة تصبح فوضى، ونصحح أحاديث المجاهيل لأنه لم يتفق على رد حديثهم؟!
    فهل هذا المذهب الجديد الذي يزعم عماد العراقي أن الشيخ علي الحلبي متبع لأقوال السلف فيه هو منهج السلف؟
    فهل منهج السلف قبول رواية المجاهيل، وعدم الإنكار على من يصححه بحجة أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد؟!!
    فالاجتهاد له أصول مجمع عليها لابد من سلوكها..
    الأمر الثالث –وقد سبقت الإشارة إليه-: يجب أن يراعى في مسائل الجرح والتعديل:
    أن من أسباب الجرح ما هو متفق عليه بين الأمة المحمدية. كالجرح بالكذب الصريح، والوضع على رسول الله - عليه الصلاة والسلام - وكالفسق بالزنا أو شرب الخمر ونحو ذلك
    فهذه أمور أتفق عليها العلماء، فإذا كان الراوي كذاباً، وجيء بالدليل على ذلك، ووثقه آخرون دون ذكر الدليل ولا البينة، ولا رد ما قيل في هذا الرواي من التكذيب الصريح، فهل يقال حينئذ: إننا أحرار في انتقائنا، ولا ينكر علينا؟
    الجواب: لا. لأن الإجماع منعقد على أن الكذاب لا يقبل خبره. والله عز وجل يقول" {يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} الآية ، فهنا يجب أن نتبين من خبره، ولا يجوز لنا أن نقبله، وهذا حكم الله - عز وجل - في أمثال هذا من الفاسقين، فالكذب فسق، فلابد أن نعلم أنه تاب، أو أن ما قيل فيه من الكذب غير صحيح ، كما نُسب إلى عكرمة - رحمه الله - من الكذب وعرفنا أنه أريد بالكذب المخالفة والخطأ في أمر معين كمخالفة قوله للحق، فيحمل على لغة أهل الحجاز مثلاً ، كقول عبادة بن صامت - رضي الله عنه - كذب أبو محمد لمّا قال إن الوتر واجب ، يعني أخطأ في رأيه، أو «كذب أبو السنابل»، يعني أخطأ .
    كذلك ما نسب إلى الحارث الأعور من الكذب ، قال بعض الأئمة: كذبه الشعبي في رأيه، فأحيانا قد يصدر التكذيب ولكن يراد به الرأي فلا تعارض حينئذ بين الأئمة ، ولا يقال: إن هذا الراوي يرد خبره لكذبه، لأن التكذيب إنما جاء بمعنى الخطأ والمخالفة للحق وليس بمعنى الكذب في اللهجة، أو الكذب في النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه..
    لكن هل: كذَّبَ أهل السنة أبا الحسن المأربي لرأيه فقط؟ لا. والله، بل لبتره، وكذبه الصريح المصر عليه إلى اليوم، ولم يتب منه، ولم
    يعلن البراءة مما كذب وبتر فيه بكل وضوح. فالقول بأن الكلام في الرواة من مسـائل الاجتهادية واتخاذ هذا الأمر وسيلة
    إلى عدم الإلزام بأقوال العلماء في جرح الرواة وتعديلهم؛ فهذا باطل من القول، وهو من البدع الحادثة، وهو من بدع الديمقراطية اليوم ! ومن بدع أهل الجهل والضلال، ومن منهج أعداء السنة أمثال أبي رية لهدم السنة، لأنهم توصلوا إلى نتيجة بسبب عدم ضبط هذه المسائل والإيمان بها فزعموا أن الأئمة
    مضطربون في الرواة ولم يضبطوا ذلك، وعليه فالأحاديث مضطربة!!
    فما يرومه عماد طارق وما يسعى إليه من تمييع مسائل الجرح والتعديل، وأن مطلق الخلاف فيها يجعلها عرضة لعبث العابثين، ولعب اللاعبين، من الجهلة والمثقفين (العامة ذوي البحث والنظر!!) وأخذ ما يهوون من الأقوال دون حجة أو برهان؛ لهو المنهج الاعتزالي الجديد باسم السلفية الجديدة (خَلَفِيَّةِ) الإقصاء والتنفير لأهل العلم السلفيين، ووصفهم بأنهم فرقة الإقصاء والتبديع..
    وعماد طارق وأشباهه أولى بأن يكونوا فرقة الإقصاء الجديدة، فهاهم يُقْصُونَ قواعد أئمة الحديث بحجة أنها مسائل اجتهادية ولا إنكار في مسائل الاجتهاد، ومن يضلل الله فما له من هاد والله المستعان.
    وبمنهج عماد طارق الإقصائي (إقصاء قواعد أهل السنة وإحلال قواعد أهل الاعتزال) تصبح الأمور فوضى، فتصحح الأحاديث الموضوعة ! لأنه سيأتي أقوام مثل عماد طارق ويأخذون بالأقوال المرجوحة الباطلة ! ويعمدُ إلى الرواة الذين اختلف فيهم في لسان الميزان ، وميزال الاعتدال فإذا وجدوا أي راوي وضاع أو كذاب قيل فيه: ثقة، يمكن أن يأخذ حكمه أنه ثقة، ثم يصحح هذا الحديث، وتصبح الأحاديث الصحيحة المتناقضة كثيرة ، وتكون وسيلة للطعن في السنة وهدمها .. ولكن الله عز وجل قيض لهذا الدين من يرد كيد أمثال هذا العراقي ، ويبين أن هذه القاعدة فاسدة ، وأن الشيخ علياً الحلبي رغم أخطائه وتناقضه إلا أن في كلامه في هذه المسـألة ما يبطل دندنة الجنيدي ودندنة عماد طارق من أساسها ، فله في موضعين التأكيد على أن الإلزام يكون بغير الإجماع، فيكون بالجرح المفسر، وفي هذا يكون الشيخ علي موافقاً لمنهج السلف .

    فاتقوا الله يا من تدافعون وتحسنون ظنكم بأتباع منهج الاقصاء الجديد المتمثل في عماد طارق ومن معه ويفرقون السلفيين ويطعنون في علمائهم ! ، ويتقصدون ذلك لكن بأسلوب ملتوي ، يدل على ضلالهم وتلبيسهم وانحرافهم، واحذروا من أهل البغي والضلال..
    ونقول ما قاله عماد طارق –لكن بالحق لا بالمغالطة-: [وبعد هذا العرض الموجز علمنا حقيقة الفرق بين المنهجين ، منهج السلف الذي قرره الشيخ ربيع وأمثاله ، ومنهج بعض المعاصرين الممتهنين لتصنيف المسلمين والسلفيين ، وهو منهج أمثال عماد طارق، والمنهج الحادث هو منهج عماد طارق وأشباهه وأما منهج السلف والحمد لله الذي عليه العلماء فهو محفوظ بحفظ الله له وتعيش له الجهابذة ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ]
    أسـال الله أن يهدي هذا الرجل وأن يصلحه ويرده للسنة رداً جميلاً..
    وأنصح الشيخ علي الحلبي أن يتقي الله في نفسه، وأن لا يجعل أمثال هذا الجاهل ينظرون للشباب، ويجعلونه في مثابة الشيوخ، وهو متعالم جاهل، جار في مضمار أهل الاعتزال ومن سار على نهجهم من متعصبة، وأعداء للسنة ..
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .
    كتبه: أبو عمر أسامة بن عطايا العتيبي
    29/ 4 / 1430هـ

    المقال على ملف وورد:
    http://www.otiby.net/book/files/elemia/waqfat.doc

    منقول من سحاب السلفية
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 9:19

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
    فقد اتصل بي أحد الإخوة الفضلاء من الفلسطينيين وأخبرني أن المتعالم عماد
    طارق قد رد علي بمقال، وقد استهجن فيه الأخ أسلوب ذاك العراقي من قلة أدب
    وطعن في الشيخ ربيع حفظه الله ورعاه ..
    واستفسر عن قضية الإلزام بالجرح المفسر، وقال: إن أبا العباس قد وصفني بأني أخلط بين قبول الجرح المفسر والإلزام به !
    فبينت للأخ أن عماد طارق لا يفهم، وقد بينت كلام الشيخ علي الحلبي الواضح
    في أنه قال بأن الجرح يلزم -بضم الياء وفتح الزاي- به إذا كان مفسراً أو بسبب واضح أو بإجماع ..
    وقلت إن الشيخ علي الحلبي هو الذي ضبط كلمة ( يُلْزَم) وكلامه ظاهر جداً
    في أنه يتكلم عن إلزام الغير بقبول الجرح، وليس فقط (قبول الجرح) ..
    فلو كان ضبط كلمة (يَلْزَم) -بفتح الياء- لكان حديثه عن قبول الجرح لا الإلزام به ..
    وقلت للأخ: قد رددت على عماد طارق بالحجة والبرهان، وبينت جهله وانحرافه، فلم يبق له إلا التهويش والجدل والخصام والسب والشتم ..
    فهذا عماد طارق مفروغ منه حيث قد تبين لكل سلفي عاقل يعرف العلم ودرسه
    ودرس مقالات هذا المتعالم: أن عماد طارق ضال منحرف، ويحرم نشر كتاباته
    التي يبث بها سمومه، ويسعى بها -ظاهراً- لاستئصال منهج السلف، وإحلال منهج
    أهل البدع عوضه ...
    * * **
    ثم فتحت موقع الضرار والفتنة (موقع كل السلفيين) وقرأت مقال ذاك العراقي
    المتعالم فإذا فيه الجدل والخصومات والمخادعة والمكر الكبار مع الغفلة
    الشديدة التي أصيب بها الشيخ علي الحلبي ومن يملك الموقع من الفلسطينيين
    الذين كانوا سابقاً من طلابي فوا حسرتا على أمثال هؤلاء الطلبة العاقين،
    الذين يفتحون المجال لأهل الفساد والضلال لينشروا ضلالهم في موقعم ..
    ثم يتبجحون أنهم زاروا الرئيس أبو مازن باسم السلفية!
    فبقاء موقع كل السلفيين على هذا المنوال سينتهي بهم إلى البدعة والضلال، ولن يبقى لهم من السلفية إلا مجرد الدعوى ..
    وقد بدأت الشكوك تساورني في أصل سلفيتهم ؛ حيث إنهم بموقعهم يسيرون في فلك
    عدنان عرعور القطبي، وربيبه عماد طارق العراقي العرعوري، ومحمد حسان
    القطبي، وأبي إسحاق الحويني القطبي ..

    فأصبح موقعهم مرتعاً للقطبيين ..

    فما هو مصيرهم وهذا اتجاههم ومسيرهم ؟!!

    اللهم سلم سلم ..

    فهذا تحذيرات وإنذارات لهم علهم أن يرجعوا ويتوبوا ويصلحوا ما أفسدوا ..

    أسأل الله أن يهديهم ويصلحهم ويردهم إلى الحق ردا جميلاً..


    والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 9:22

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :

    فمراعاة لعقول كثير من الشباب الذين قد يغترون بتلبيسات أهل الجدل
    والخصومات في الدين مثل عماد طارق العراقي أردت أن أعلق على كلامه كاشفاً
    لشبهاته :

    1- ما يتعلق بعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما كنت انتقدت الشيخ علي
    الحلبي لعدم بيانه وإيضاحه المسألة حق البيان كما قلت في ردي: [ عدم
    توضيحه للحق في حاله توضيحا كافياً]

    فهل ذكر اتهام عكرمة بالكذب من قبل من لم يحتج به مع ذكر من احتج به هكذا إجمالاً من التوضيح الكافي عند أهل الفهم الوافي؟!!

    علي الحلبي ذكر اتهام عكرمة بالكذب دون أن يوضح أن هذا الاتهام باطل إما
    لعدم ثبوته عمن نُسِبَ إليه أو بحمل (الكذب) على معنى الخطأ على لغة أهل
    الحجاز أو معنى الكذب في الرأي وليس في اللهجة ..

    فهل بَيَّن الشيخ علي الحلبي شيئاً من هذا؟


    لا والله ما بين ولا وضح ، وإنما أحال وأشار فقط ..


    * * * # # # * * *


    مع أني بينت أن إيراد الشيخ علي الحلبي لعكرمة من باب التمثيل على أن
    الجرح قد يكون مفسراً ومع ذلك لا يقبل لم يبين ما وجهه أصلاً، وإنما ضرب
    كلام الأئمة بعضه ببعض لمجرد إثبات الخلاف، وأن المعدل لم يقبل جرح الجارح
    مع تفسيره دون أن يبين ما هو سبب عدم القبول ..

    وهذه غمغمة لا يستفيد منها طلبة العلم استفادة صحيحة وإنما هو حكاية لأمر معلوم ولكن الفائدة تكمن فيما وراء التمثيل ...

    فخلاصة كلام الشيخ علي الحلبي أن البخاري احتج بعكرمة لإنه لم يثبت عنده
    شيء مما جرح به مع أنه جرح جرحاً مفسراً (بالكذب) ، وأن مسلماً ترك
    الاحتجاج بعكرمة لكلام الإمام مالك فيه وجرحه له ثم ختم ذلك بقوله: "أم
    أنه اختلاف في قبول -أو رد- (جرح مفسر = الكذب) رضيه واحد، ورده الآخر"

    فماذا يستفيد طالب العلم من هذا؟

    لأن طالب العلم سيسأل: الأمة مجمعة على أن الجرح المفسر المقنع القناعة
    الشرعية والذي لا يعارض بمعارض صحيح أنه يجب قبوله، فلماذا لم يقبل الإمام
    البخاري الجرح في عكرمة وقبل مسلم شيئاً منه؟

    فهل في كتاب الشيخ علي الحلبي جواب عن هذا السؤال فيما يتعلق بعكرمة؟


    الشيخ علي الحلبي إنما ذكر أنه ثمة خلاف في الاحتجاج بعكرمة، وأنه جرح
    جرحاً مفسراً، ومع ذلك لم يقبل جماعة من العلماء ذلك الجرح المفسر، ولم
    يبين سبب عدم القبول للجرح المفسر ..

    وهذا هو الذي بينته في كلامي، وانتقدت الحلبي على التقصير فيه... فافهم ..


    وسبب الانتقاد هنا : أن أهل البدع اليوم لما نأتي بحجج العلماء في جرح
    عدنان عرعور المفسر المقنع الواضح الذي يجب قبوله وعدم رفضه ورده، نجد من
    يرفض ذلك الجرح بحجة أن العلماء اختلفوا في رجال جرحوا جرحاً مفسراً ومع
    ذلك لم يقبل جماعة من العلماء ذلك الجرح!!


    فلا يجادلوننا بالدليل والبرهان، وإنما يجادلوننا بالغمغمة والفلسفة والسفسطة!!

    طيب اختلفوا فكان ماذا؟ فهل هذا الخلاف حجة لرد أمر اتفق عليه العلماء
    وأجمعوا عليه من وجوب قبول الجرح المفسر المقنع القناعة الشرعية؟!!

    والعجيب أنهم أنفسهم يُقِرُّونَ ويُقَرِّرُونَ أن الجرح المفسر المقنع
    القناعة الشرعية يجب قبوله ومع ذلك يعرضون عنه بحجة وجود الخلاف!!!!!!

    ثم إذا ضيق عليهم السلفيون المسالك، وأبانوا لهم الحق الواضح المبين قالوا
    -عماد طارق ومن على شاكلته- : لا تلزمنا بقبول الجرح المفسر المقنع
    القناعة الشرعية، لأننا لسنا في شرطة عسكرية!! ولا نقبل الأوامر المشايخية
    النجدية والحجازية!! ولا يحق لأحد كائنا من كان أن يلزمنا بهذا الحق
    الواضح المبين!! ويجب أن تفرقوا بين القبول والإلزام!


    فهؤلاء الضُّلاَّل لم يقبلوا الحق والهدى ، وأنفت نفوسهم أن يلزمهم أهل السنة السلفيون باتباع الحق والهدى ..

    فهم يبغونها أهوائية ديمقراطية ضائعة مائعة ..

    وحسبي الله ونعم الوكيل على أهل الجهل والسفسطة ..

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: وقفات مع كتاب الشيخ علي الحلبي منهج السلف الصالح...(2) والتحذير من تمييع عماد طارق مسائل النقد!

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 29.05.09 9:25

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

    فقد اطلعت على مقال لأبي الأشبال الجنيدي هداه الله وأصلحه ملأه بالسب
    والشتم في شخصي، ووصفني بأوصاف قبيحة لن أعامله بالمثل، لأني أرجو من الله
    أن يتوب عليه فيهديه ويعتذر، وإلا فآخذ حقي منه عند الله عز وجل ، وما عند
    الله خير وأبقى ..

    لقد كرر هذا الأخ قضية التفريق بين القبول للجرح المفسر والإلزام به،
    والحقيقة أن الشيخ علياً الحلبي ذكر أن الجرح المفسر المقنع يُلزَمُ الشخص به..

    فقضية الإلزام بالجرح المفسر المقنع قضية محسومة عند العلماء، حتى عند
    الشيخ علي الحلبي الذي قال بكل وضوح: [لا (يُلْزَمُ) أحدٌ بالأخذ بقول
    جارح إلا ببينة مقنعة، وسبب واضح، أو بإجماع علمي معتبر]

    فكلام الشيخ علي الحلبي واضح جداً في أن الجرح المفسر المقنع يُلْزَمُ به، ويجب قبوله أيضاً..

    فأنا أسأل الجنيدي وغيره ممن يفرقون هذا التفريق المبتدع بين القبول والإلزام به: هل كلام الشيخ علي الحلبي الذي ذكرته حق أم باطل؟

    هذه قضية ..

    القضية الأخرى: المنازعة في تفسير الجرح، وهل هو مقنع أم لا ؟

    هذه مسألة أخرى غير المسألة السابقة ، وهي تعود لبعض أوصاف تلك القضية،
    كما أن الخلاف قد يحصل بما يكون جرحاً وما لا يكون، فلا يكون ذلك سبباً
    لإبطال قضية الجرح أو رده مطلقاً لوجود الخلاف فيما يجرح وما لا يجرح..

    فكما أن بعض الجرح المفسر قد يقبل، فهناك جرح مفسر غير مقبول كأن يكون
    الجارح ممن لا يعتمد قوله في الجرح والتعديل، أو لم يثبت إلى قائله، ونحو
    ذلك من الضوابط لهذه القضية..

    ووجود تلك الضوابط لا يعني إبطال ومنع قبول الجرح المفسر المقنع أو المنع من الإلزام به..

    فتكثير الأخ الجنيدي من أمثلة عدم قبول الجرح المفسر لا يستفاد منه إبطال
    (قاعدة) و (أصل) قبول الجرح المفسر المقنع فضلاً عن الإلزام به...

    فالأخ الجنيدي وأشباهه للأسف لم يفهموا هذه القضية، وخلطوا فيها خلطاً
    عجيباً، وناقضوا كلام الشيخ علي الحلبي وهذا من الغرائب والعجائب والله المستعان..

    وهناك أخطاء كثيرة جدا في مقاله -سوى السب والشتم- أخشى إن أطلت في بيانها
    الآن أن تكون مانعاً لهم من فهم هذه المسألة، والانتقال إلى مناوشات
    ومجادلات خارجة عن أصل الموضوع ..
    فأرجو منهم أن يفهموا كلامي هذا ..

    فإذا لم يفهموه أن يعرضوه على الشيخ علي الحلبي ليفهمهم إياه عل الله أن
    يفتح عليهم، ويريحوا السلفيين من الجدل والخصومات في الأمور الدينية
    المقررة عند أهل السنة..
    والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمدكتبه: أبو عمر أسامة بن عطايا العتيبي
    منقول من سحاب السلفية

      الوقت/التاريخ الآن هو 27.04.24 18:00