خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    " سب الدهر بين الإباحة والتحريم "

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية " سب الدهر بين الإباحة والتحريم "

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.01.09 10:31

    " سب الدهر بين الإباحة والتحريم "
    فاصل
    بقلم : أحمد بوادي


    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
    أما بعد :

    جاءت الأحاديث على تحريم سب الدهر ، وأن الساب مقترف لذنب عظيم وإثم كبير .

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "لاَ تَسُبّوا الدّهْرَ. فَإِنّ اللّهَ هُوَ الدّهْرُ".

    وعنه رضي الله عنه قال :
    سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

    "قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: يَسُبّ ابْنُ آدَمَ الدّهْرَ. فإني أَنَا الدّهْرُ. بِيَدِيَ اللّيْلُ وَالنّهَارُ".

    وعنه رضي الله عنه .

    قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:
    "قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ. يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدّهْرِ فَلاَ يَقُولَنّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدّهْرِ فَإِنّي أَنَا الدّهْرُ. أُقَلّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ. فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا".

    وعند البحث والنظر في الآيات والآثار نجد وصفا للدهر من باب الذم .

    قال تعالى : " هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ "

    وقال تعالى : " فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ "
    وقال تعالى : " فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ "

    وقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " سنوات خداعات "

    فكيف يفهم هذا مع النهي عن سب الدهر ، ومتى يكون ساب الدهر آثما ومتى لا يقع في الإثم إن تكلم في الدهر؟؟!!! .

    قال النووي في شرح مسلم :

    قال العلماء:

    وهو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك
    فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر

    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر"
    أي لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها.

    وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى، ومعنى فإن الله هو الدهر أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم.انتهى

    فيفهم من ذلك أن النهي عن سب الدهر ليس على إطلاقه بل على اعتبار الاعتراض على ما يحدث فيه من أحداث فتضاف للدهر فيسب ويشتم

    والله تعالى أنكر عليهم نسبة الحوادث إلى الدهر فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها

    فكان مرجع سبها إلى الله فهو الفاعل

    فلا بد من التفريق بين وصف الدهر على ما يجري فيه من أحداث فيوصف بها

    كقوله تعالى : : " هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ "

    وقوله تعالى : " فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ "
    وقوله تعالى : " فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ "

    وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " سنوات خداعات "

    وبين سب الدهر باعتبار إضافة ما يجري من الأحداث له على أنها الفاعلة كقوله تعالى :

    ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَايُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ﴾

    أوكقول الشاعر : قبـحًا لوجهـك يـا زمـان ... فإنـه وجهٌ لـه في كـل قبـح برقع

    قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم :

    " لا تسبواالدهرفإن الله هوالدهر " كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا : " يا خيبةالدهر " فيسندون تلك الأفعال إلىالدهرويسبونه وإنما فاعلها هو الله تعالى فكأنهم إنما سبواالله عز وجل لأنه فاعل ذلك في الحقيقة فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار لأن الله تعالى هوالدهرالذي يصونه ويسندون إليه تلك الأفعال .

    ومنه يفهم صحة استدلالي في مقال سابق ببيت الشعر الذي قاله المعري :

    فياموت زر إن الحياة ذميمة ... ويا نفس جدي فإن دهرك هازل

    على أن هذا ليس من سب الدهر فالشاعر يحث نفسه على الجد في العمل وعدم الاغترار بالحياة الدنيا لأنها ذاهبة ولا قيمة لوجودها


    وقد وصفها صلى الله عليه وسلم بأنها ملعونة فيكون العمل فيها على غير عبادة الله وطاعته من الهزال الذي هو خلاف الجد الذي حث الشاعر نفسه على الجد فيها
    خاصة وأنه يرثي الحال الذي وصلت إليه الأحوال وتقلباتها في أبياته السابقة وبغض النظر عن معتقده فمعنى البيت صحيح .

    وقد حاول البعض ممن هرع إلى شيخه جوجل أو اتبع هواه بالبحث على ما يدل على تحريم
    سب الدهر من غير أن يفهم حقيقة المسألة

    فأخذ يركض لاهثا وراء كل دليل يفهم منه التحريم من غير أن يفهم ويعي حقيقة هذا التأصيل فينكر علينا بدون أي فهم أو علم لذلك التفصيل ؟؟!!! .

    وقد وجدت من أهل العلم كابن عثيمين رحمه الله وغيره من أهل العلم من يستشهد بهذا البيت

    من غير أي تعريج منهم على التحذير من هذا اللفظ أو بيان على أن هذا من سب الدهر

    بخلاف بيت الشعرالذي للشابي الذي ذكرفيه استجابة القدر لإرادة الشعب ،

    فلم يغفل عنه أهل العلم وطلابه وتكلموا فيه بما يدل على بطلانه وقد كتبت فيه مقالا بينت فيه انحرافه عن الصواب

    بخلاف بيت الشعر هذا الذي للمعري

    والذي لا أعلم أن أحدا من أهل العلم قد أنكر على الشاعر قوله ذاك منذ أن قاله حتى يومنا ليتفطن إليه أحد الأشخاص !!!


    ويجعل الاستشهاد بذلك البيت من كبار المسائل التي غفل عنها علماء الأمة منذ قرون طويله ليتفطن لها هو ؛ ثم يحتج المسكين على أن القول بسكوت كل هؤلاء في كل تلك القرون مع استشهاد البعض منهم بها لا يعتبر دليلا على صحتها ؟؟!!! .
    بينما يعتذر لمن ترحم على النصارى ؟؟!!! .

    ورحم الله الإمام أحمد القائل : إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام .

    وقد فصل ابن عثيمين رحمه الله القول في الحديث عن سب الدهر ومتى يكون مباحا ومتى يكون شركا وحراما

    قال رحمه الله :

    سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام .

    القسم الأول :

    أن يقصد الخبرالمحض دون اللوم : فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده "وما أشبه ذلك
    لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر .

    القسم الثاني :

    أن يسب الدهرعلى أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهرأن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر :
    فهذا شرك أكبرلأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله .

    القسم الثالث :

    أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة :
    فهذا محرم لأنه مناف للصبرالواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سبّ الله مباشرة ، ولوسبّ الله مباشرة لكان كافراً .
    " فتاوى العقيدة " ( 1 / 197 ) .


    كما يمكنك الرجوع إلى تفصيل ذلك من كلامه في كتابه القول المفيد شرح كتاب التوحيد 2 / 422

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

    والنقل
    لطفــــــاً .. من هنـــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 02.05.24 19:44