خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    صد عدوان المعتدين عن شريعة رب العالمين (1) (س8)

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية صد عدوان المعتدين عن شريعة رب العالمين (1) (س8)

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.11.08 12:22

    س 8: ما حكم الحلف بغير الله؟ وهل منه ما روي عن النبي e من قوله: "أفلح وأبيه إن صدق"؟
    قلت: و الجواب عن ذلك من وجهين:
    الأول:هذا السؤال ينبغي أن نبسط الجواب فيه وذلك أن القسم بالشيء يدل على تعظيم ذلك المُقْسَم به تعظيماً خاصاً لدى المُقْسٍِِِِِم، ولهذا لا يجوز لأحد أن يحلف إلا بالله تعالى بأحد أسمائه ، أو بصفة من صفاته مثل أن يقول: والله لأفعلن ، ورب الكعبة لأفعلن، وعزة الله لأفعلن، وما أشبه ذلك من صفات الله تعالى أما الحلف بغير الله U مثل أن يقول: وحياتك، أو وحياتي، أو والنبي، أو سيدنا الحسين، أو ما أشبه ذلك، كل هذا محرم بل هو من الشرك؛ لأن هذا النوع من التعظيم لا يصلح إلا لله U ومن عظم غير الله بما لا يكون إلا لله فهو شرك، لكن لما كان هذا الحالف لا يعتقد أن عظمة المحلوف به كعظمة الله لم يكن الشرك شركاً أكبر بل كان شركاً أصغر، فمن حلف بغير الله فقد أشرك شركاً أصغر، قال النبي e: "لا تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت". وقال e: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك". فلا تحلف بغير الله أيّاً كان المحلوف به حتى لو كان النبي e أو جبريل، أو من دونهما من الرسل من الملائكة، أو البشر، أو من دون الرسل فلا تحلف بشيء سوى الله U .
    الثاني: وأما قول النبي e: "أفلح وأبيه إن صدق" فهذه الكلمة "وأبيه" اختلف الحفاظ فيها: فمنهم من أنكرها وقال: لم تصح عن النبي e وبناء على ذلك فلا إشكال في الموضوع لأن المعارض لا بد أن يكون قائماً وإذا لم يكن المعارض قائماً فهو غير مقاوم ولا يلتفت إليه.
    وعلى القول بأنها ثابتة فإن الجواب على ذلك: أن هذا من المشكل، والنهي عن الحلف بغير الله من المحكم ، فيكون لدينا محكم ومتشابه وطريق الراسخين في العلم في المحكم والمتشابه أن يدعوا المتشابه ويأخذوا بالمحكم قال الله تعالى} هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ {. [آل عمران آية: 7].
    ووجه كونه متشابهاً أن فيه احتمالات متعددة:
    1- قد يكون هذا قبل النهي.
    2- قد يكون هذا خاصاً بالرسول، عليه الصلاة والسلام، لبعد الشرك في حقه.
    3- قد يكون هذا مما يجري على اللسان بغير قصد.
    ولما كانت هذه الاحتمالات وغيرها واردة على هذه الكلمة – إن صحت – عن الرسول، عليه الصلاة والسلام، صار الواجب علينا أن نأخذ بالمحكم وهو النهي عن الحلف بغير الله.
    ولكن يقول: بعض الناس إن الحلف بغير الله قد جرى على لساني ويصعب علي أن أدعه فما الجواب؟
    نقول: إن هذا ليس بحجة بل جاهد نفسك على تركه والخروج منه وحاول بقدر ما تستطيع أن تمحو من لسانك هذه الكلمة لأنها شرك والشرك خطره عظيم ولو كان أصغر حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله يقول: "الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر". وقال ابن مسعود t: "لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً". قال شيخ الإسلام: وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة.
    وعلى هذا فيحرم على المسلم أن يحلف بغير الله -سبحانه وتعالى لا بالكعبة، ولا بالنبي e ولا بجبريل، ولا بولي من أولياء الله، ولا بخليفة من خلفاء المسلمين، ولا بالشرف، ولا بالقومية، ولا بالوطنية كل حلف بغير الله فهو محرم وهو نوع من الشرك والكفر(1).
    *********
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) مجموع فتاوى العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- ج2 / أرقام (279، 280، 281) بتصرف.

      الوقت/التاريخ الآن هو 10.05.24 14:33