خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    من هو الحارث المحاسبي ؟ وما رأي الإمام أحمد فيه .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية من هو الحارث المحاسبي ؟ وما رأي الإمام أحمد فيه .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.11.08 16:30

    من هو الحارث المحاسبي ؟ وما رأي الإمام أحمد فيه

    من هو الحارث المحاسبي ؟

    وهل صحيح ان الامام احمد هجره ؟ وأمر بهجره ؟

    وهل جاء ان الامام أحمد استمع الى بعض مواعظه ؟ والى شئ من شعره ؟

    رحم الله الجميع


    ==============


    قال الحافظ في «تهذيب التهذيب»:

    «وقال أبو القاسم النصرأباذي: بلغني أن الحارث تكلم في شيء من الكلام، فهجره أحمد بن حنبل، فاختفي، فلما مات لم يصل عليه إلا أربعة نفر.

    وقال البرذعى : سئل أبو زرعة عن المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، بدع وضلالات، عليك بالأثر؛ فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب.
    قيل له: في هذه الكتب عبرة!

    فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة.. بلغكم أن مالكا أو الثوري أو الأوزاعي أو الأئمة صنفوا كتبا في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء؟! هؤلاء قوم قد خالفوا أهل العلم؛ يأتونا مرة بالمحاسبي، ومرة بعبد الرحيم الديبلى، ومرة بحاتم الأصم. ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع!» اهـ.

    ذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» في أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتين في سيرة الإمام أحمد:
    «وقال إسماعيل بن إسحاق السراج قال لي أحمد بن حنبل: هل تستطيع أن تريني الحارث المحاسبي إذا جاء منزلك ؟

    فقلت : نعم، وفرحت بذلك، ثم ذهبت إلى الحارث؛ فقلت له : إني أحب أن تحضر الليلة عندي أنت وأصحابك.
    فقال : إنهم كثير؛ فأحضر لهم التمر والكسب.

    فلما كان بين العشاءين جاءوا وكان الإمام أحمد قد سبقهم؛ فجلس في غرفة بحيث يراهم ويسمع كلامهم ولا يرونه؛ فلما صلوا العشاء الآخرة لم يصلوا بعدها شيئا، بل جاءوا بين يدي الحارث سكوتا، مطرقي الرؤس، كأنما على رؤسهم الطير، حتى إذا كان قريبا من نصف الليل سأله رجل مسألة؛ فشرع الحارث يتكلم عليها وعلى ما يتعلق بها من الزهد والورع والوعظ؛ فجعل هذا يبكي؛ وهذا يئن وهذا يزعق.

    قال: فصعدت إلى الإمام أحمد إلى الغرفة؛ فإذا هو يبكي، حتى كاد يغشى عليه، ثم لم يزالوا كذلك حتى الصباح فلما أرادوا الانصراف قلت: كيف رأيت هؤلاء يا أبا عبدالله؟
    فقال: ما رأيت أحدا يتكلم في الزهد مثل هذا الرجل، وما رأيت مثل هؤلاء!! ومع هذا؛ فلا أرى لك أن تجتمع بهم.


    --------------------------------------------------------------------------------

    فوائد:

    1) قال الإمام أحمد: « قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز حين تمر»، وهذا يكون جليا في زمنٍ تكون فيه الغلبة لأهل السنة، فلم يصل على المحاسبي إلا أربعة!

    2) التحذير من كتب أهل الضلال ومن أشخاصهم، ولا يلام من فعل ذلك، كما فعل أبو زرعة.

    3) لا يقال للمحذر: لا تحذر حتى تنصحه، فمن كانت بدعته قد تلبس بها الناس؛ وجب التحذير منه، وتجوز مناصحته وإقامة الحجة عليه.

    4) العبرة فقط في كتاب الله وفي سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وما وافقهما، و«من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة»، وأعجب من قوم يتحرون كتب أهل البدع، بل يربون الشباب عليه، بل يدافعون عنها! وهذا يقال في كل ما قد يصرف الناس عن الكتاب والسنة وما وافهما كالأناشيد الإسلامية.

    5) أهل البدعة همج رعاع، يميلون مع الريح حيث مالت، كلما جاءهم رجل أجدل من رجل وكلامه أجمل من سابقه، تركوا ما جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم- لجدل ذلك الرجل.

    6) لو كان خيرا لسبقونا إليه.. قاعدة تستعمل في كل أمر حادثٍ قد يلتبس على الناس أهو سنة أم بدعة، وكل خير في اتباع من سلف.

    7) سرعة الناس إلى البدع، لأنهم لم يستضيؤوا بنور العلم.. والنفس بطبيعتها تحب الغريب والجديد.

    8) ضرورة التثبت من الأخبار؛ كما فعل الإمام أحمد.

    9) لم يشأ الإمام أحمد أن يراه الناس في مجلس المحاسبي كي لا يغتر بهذا الجهال؛ فيعتبروا حضوره تزكية للمحاسبي، وف هذا تنبيه لأهل الفضل ألا يحضروا مجالس البدعة كي لا يغتر بهم الناس، وكذلك على المسلم أن يبتعد عن مواطن الشبهات.

    10) قد يكون سمت مسلم الصلاح، وقد يكون فعله فعل الزهاد، وقد يكون كلامه مأثراً، وهذا ليس بشيء إن لم يكن على الصراط المستقيم والطريق القويم.

    11) ليس كل قول يهيج النفس، ويدمع العين، ويرقق القلب؛ قولاً موافقا للسنة؛ فقد يبكي الإنسان لأن من حوله بكى، وقد يبكي لما في القول من الحق، أو لما فيه من القرآن والسنة، وقد تبكيه خطرات النفس ووساوس الشياطين.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: من هو الحارث المحاسبي ؟ وما رأي الإمام أحمد فيه .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.11.08 16:42

    و قال الذهبي مُعلقاً على كلام أبي زرعة السابق في ميزان الاعتدال 1/431:

    " وأين مثل الحارث؟فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كالقوت لأبي طالب،وأين مثل القوت!كيف لو رأى بهجة الأسرار لابن جهضم،وحقائق التفسير للسلمي لطار لُبُّه.

    كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في الإحياء من الموضوعات؟!! (يعني كتاب أبو حامد الغزالي الطوسي الإحياء)

    كيف لو رأى الغنية للشيخ عبدالقادر!كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية؟!

    بلى لما كان لسان الحارث لسان القوم في ذلك العصر كان معاصره ألف إمام في الحديث،فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه،ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميس، وابن حانه كان قطب العارفين كصاحب الفصوص وابن سفيان.

    نسأل الله العفو والمسامحة آمين."


    ========


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحارث المحاسبى صاحب مدرسة بدعية يُقال لها (التخيل والتوهم).

    ولعلى أبسط ترجمته قريباً إن شاء الله تعالى.

    فائدة
    الحارث المحاسبى=عمرو خالد
    إذ أن جُل دروس ذلك الهوائى الذى ليس لكلامه خطامٌ ولا زمام ، تتكئ على منهج وكتب الحارث المحاسبى فى (((محاضراته))) بإقرار عمرو خالد نفسه ، ولا ينفك يثنى عليه ويمجده.

    ليت شِعرى لكأن الزمان إستدار وانفض الناس عن التلميذ أو يوشكون كما انفضوا عن شيخه.

    أقول ما قد أسلفت
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أبو مقاتل المصرى


    ==========


    فائدة: عمرو خالد ، هو القائل بتبنيه لفكر الحارث المحاسبى ، فلا تحيد بارك الله فيك ، أرى أن مفاهيمك بحاجة إلى إعادة نظر ، وأعنى بارك الله فيك ردك بدعوا الخلق للخالق.

    لعمر الله

    تكتنى بالأثرى ، وتقول بمقال المبتدعة والصوفية دعوا الخلق للخالق؟!!!!

    إنا لله


    ========


    وهذه مقتطفات مما سطرته في الرد عليه وأرجو من الإخوة أن يعذروني إذا ندت عبارات ليس هذا محلها فقد قمت بالقص واللزق مع بعض التعديل ولا يسعفني الوقت للمراجعة المفصلة وهو في الجملة يفي بالمقصود هنا:

    قال ابن حجر: "وروى الخطيب بسند صحيح أن الإمام أحمد سمع كلام المحاسبي فقال لبعض أصحابه ما سمعت في الحقائق مثل كلام هذا الرجل ولا أرى لك صحبتهم قلت إنما نهاه عن صحبتهم لعلمه بقصوره عن مقامهم فإنه في مقام ضيق لا يسلكه كل واحد ويخاف على من يسلكه أن لا يوفيه حقه".

    ولم يأمر بهجره ها ولكنه نصح الرجل بأن لايصحبهم وقد علل ذلك ابن حجر بما ذكره هنا، وليس فيه لكونه مبتدع أو ضال، فضلاً عن أين يكون ذلك بسبب ما أثنى عليه فيه.

    وأما القصة فقد ذكرها الخطيب في تاريخ بغداد 8/215 فلتنظر وفيها: " فصعدت الغرفة لأتعرف حال أبي عبد الله فوجدته قد بكى حتى غشي عليه فانصرفت إليهم ولم تزل تلك حالهم حتى أصبحوا فقاموا وتفرقوا فصعدت إلى أبي عبد الله وهو متغير الحال فقلت كيف رأيت هؤلاء يا أبا عبد الله فقال ما اعلم اني رأيت مثل هؤلاء القوم ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل"، قلت وقد صحح الذهبي سندها واستنكر متنها، ولعل ذلك يشير إلى أن بعض ألفاظها تجوز فيها ناقلوها من نحو قولهم بكى حتى غشي عليه فإن هذا بعيد ولم يرد في كل روايات الخبر، وقد روي بألفاظ أخرى مقاربة ليس فيها ما يستنكر وهي قريبة مما أشار إليه ابن حجر (انظر ترجمة الإمام أحمد في البداية والنهاية)، وقد أثر عن الإمام أحمد كلام آخر غير هذا في إقراره على طريقته في الزهد والعبادة، وإقراره بشر الحافي، وأمثالهما.

    أما القول بأن الإمام أحمد إنما أنكر على الحارث الإثنين معاً أعني تزهده وتقشفه [وقل هنا أو توهماته وتخيلاته!] بالإضافة إلى سلوكه مسلك الكلابية فجوابه من وجوه:

    الوجه الأول: طالما أن الكلام ينبغي أن يكون مسنداً صحيحاً كما أشرتم فقصة هجر الإمام أحمد للحارث المحاسبي وتخفيه بعدها إلى أن مات في بيته فلم يصل عليه غير أربعة قصة معلقة أشار الذهبي في الميزان إلى ذلك. وإن عنيتم نصحه للرجل في هذه القصة أو مطلق التحذير من صحبته فهذا لا يدل على خروجه من جملة أهل السنة وإن دل فإنما يدل على وجود مخالفة أو معصية عند الرجل لاتخرج به إلى حد المبتدعة ولاتخرج بنا إلى حد هجره حتى الموت.

    الوجه الثاني: لأهل العلم في سبب ما يروى من هجر الإمام أحمد للمحاسبي حتى موته قولان مشهوران:
    - الأول: هجره بسبب جنوحه نحو علم الكلام، وهذا ذكره الغزالي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية [درء تعارض العقل والنقل 7/147] في معرض نقله لكلام أبي حامد: "قال: وبالغ فيه [يعني الإمام أحمد في الحط على من نظر في علم الكلام] حتى هجر الحارث المحاسبي مع زهده وورعه بسبب تصنيفه كتاباً في الرد على المبتدعة، وقال: ويحك اسكت. أتحكي بدعتهم أولاً ثم ترد عليهم! ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة البدعة والتفكر في تلك الشبهات فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث؟".
    قال حارث الهمام: ولعل الشيخ أبوحامد أخذ ذلك من كلام البيهقي عن سبب الهجر حيث قال كما نقل ابن كثير معلقاً على القصة التي أشرتم إليها: "لأن الحارث بن أسد وإن كان زاهداً فإنه كان عنده شيء من الكلام، وكان أحمد يكره ذلك"، وذلك في تعقيبه على قصة سماع أحمد للحارث وتأثره بما قال عندما دعاه إسحاق السراج وهي التي صححها ابن حجر ونقل تخريج البيهقي الآتي لها في التهذيب إثرها، كما نقله ابن كثير قبله في البداية والنهاية، والوجه الثاني الذي ذكره البيهقي في هذا الخبر في قوله: "أو كره له صحبتهم من أجل أنه لايطيق سلوك طريقتهم وماهم عليه من الزهد الورع"، فلم يجزم بأن سبب نصح أحمد للرجل بعدم سلوك سبيلهم مع إقراره لما رأى من حالهم تأثر المحاسبي بعلم الكلام، ولكنه أمر خاص بذلك الشخص وهو قريب مما اختاره ابن حجر في التهذيب عندما ذكر القصة أعلاه.
    o تنبيه: هذه القصة –وهي غير قصة هجره حتى الموت والتي أنقل فيهاالقولين- حملها ابن كثير على وجه مشابه لما كرهه الإمام أبوزرعة فقال متعقباً البيهقي أثناء ترجمته الإمام أحمد: "قلت: بل إنما كره ذلك لأن في كلامهم من التقشف وشدة السلوك التي لم يرد بها الشرع والتدقيق والمحاسبة الدقيقة البليغة ما لم يأت بها أمر، ولهذا لمّا وقف أبوزرعة الرازي على كتاب الحارث المحاسبي المسمى بالرعاية قال هذا بدعة، ثم قال للرجل الذي حمل جاء بالكتاب عليك بما كان عليه مالك والثوري والأوزاعي والليث ودع عنك هذا فإنه بدعة". ولاشك أن حمل الناس على التقشف وشدة السلوك قسمان قسم ممقوت فيه غلو وهو إيجابه عليهم وتنقصهم بتركه، وقسم محمود إذا اشتغل بالزهد والورع في خاصة نفسه يتحرج به عما اشتبه عليه ولايلزم به أحد من الناس غيره أو يرى فيه نقصاً بتركه، وقد كان ابن عمر –رضي الله عنه- يتورع في مسائل باجتهاده معروفة، وكان غيره من السلف كذلك. فما أنكره الإمام أبوزرعة هو شدة سلوكهم الذي كان (بعضهم) يحمل الناس عليه مع أنه لم يجيء به كتاب، وهذا أنكره على المحاسبي كبار منسوبي التصوف في عصره فضلاً عمن تقدم كما سيأتي بيانه بمشيئة الله، على أن قارئ قصة البرذعي وسؤاله لأبي زرعة [وأصحها ألفاظها ماذكره البرذعي نفسه في سؤالاته لأبي زرعة ص561]، يلحظ مراد أبي زرعة رحمه الله، وهو عدم التساهل أو تسويغ قراءة كتبه وإن كانت في الرقائق خشية أن تجر إلى غيرها، كما أن تأثر المحاسبي بابن كلاب يظهر في سائر كتاباته، فعندما تكون تلك الكتابات مظنة بعد عنها ثم تنطوي على شيء من كلامهم تنطلي على القارئ فكان التحذير منها حسنا.

    - الثاني: من أسباب مايروى من هجر الإمام أحمد للحارث حتى الموت، هو ما تعقب به شيخ الإسلام ابن تيمية أبي حامد حيث قال [درء تعارض العقل والنقل 7/147]: "قلت هجران أحمد للحارث لم يكن لهذا السبب الذي ذكره أبوحامد، وإنما هجره لأنه كان على قول ابن كلاب الذي وافق المعتزلة على صحة طريق الحركات..." ثم قال: "وهذا هو المعروف عند من له خبرة بكلام أحمد من أصحابه وغيرهم من علماء أهل الحديث والسنة، ولأبي عبدالله الحسين والد أبي القاسم الخرقي صاحب المختصر المشهور كتاب في قصص من هجره أحمد، سأل فيه أبي بكر المروزي عن ذلك فأجابه عن قصصهم واحداً واحداً" [7/148]، ولعل الباحث يلحظ أن كلام شيخ الإسلام لم يكن جزافاً بل وقع الكتاب في يده ولهذا نقل في الاستقامة عنه شيئاً مما أشار إليه هنا ببعض تفصيل [ينظر الاستقامة ص206]. ثم قال شيخ الإسلام: "وذكر ذلك أيضاً [يعني أن سبب الهجر هو الذي أشار إليه] أبوبكر الخلال في كتاب السنة، وقد ذكر ذلك ابن خزيمة وغيره ممن يعرف حقيقة هذه الأمور" ولعله يأتي النقل عن السنة [الدرء 7/148 وأيضاً تنظر النبوات له ص46]، وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام هو التحقيق ولعل النصوص التالية يعرض فيها ما يبينه.

    وهاكم بعض كلام الأئمة الذين فهموا وقرروا أن هجر أحمد للحارث إنما كان لأحد السببين المذكورين، ولن تجد فيهم واحداً يشير إلى أن السبب ما ذكرتم:

    - قال الذهبي في السير (12/111-112): " قلت المحاسبي كبير القدر وقد دخل في شيء يسير من الكلام فنقم عليه وورد أن الإمام أحمد أثنى على حال الحارث من وجه وحذر منه".

    - قال السبكي متعقباً ابن دقيق في طبقات الشافعية 1/165 :"نبه شيخ الإسلام ابن دقيق العيد أن الخلاف بين كثير من الصوفية وأصحاب الحديث قد أوجب كلام بعضهم في بعض،كما تكلم بعضهم في الحارث المحاسبي وغيره .وهذا في الحقيقة داخل في قسم مخالفة العقائد". ملاحظة: لم أذكر قول العلامة ابن دقيق العيد في الأسباب التي ذكرت لظهور سقوطه فالمحاسبي لايقايس بأحمد وأبي زرعة ليعد ذلك من جملة كلام الأقران بعضهم في بعض.

    - ذكر الخلال في كتاب السنة (ونقله ابن الجوزي في التلبيس أيضاً) عن أحمد بن حنبل أنه قال حذروا من الحارث أشد التحذير الحارث أصل البلية ـ يعني في حوادث كلام جهم ـ ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام‏،‏ حارث بمنزلة الأسد المرابط انظر أي يوم يثب على الناس‏.

    - وقال ابن الجوزي في المنتظم: " كان الإمام أحمد بن حنبل ينكر على الحارث المحاسبي خوضه في الكلام، ويصد الناس عنه، فهجره أحمد فاختفى في داره ببغداد، ومات فيها" [وهذا هو الأثر المعلق الذي اشار إلى ضعفه الذهبي]، ولكن أنت ترى من ذكره يذكر السبب وهو علم الكلام.

    - وقال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية: " وهذا الأصل هو مما أنكره الإمام أحمد على ابن كلاب وأصحابه حتى على الحارث المحاسبي مع جلالة قدر الحارث، وأمر أحمد بهجره وهجر الكلابية

    وقال: احذروا من حارث، الآفة كلها من حارث، فمات الحارث وما صلى عليه إلا نفر قليل بسبب تحذير الإمام أحمد عنه، مع أن فيه من العلم والدين ما هو أفضل من عامة من وافق ابن كلاب على هذا الأصل".

    - وقريباً من نقله السمعاني في الأنساب: " وكان أحمد بن حنبل يكره للحارث نظره في الكلام وتصانيفه الكتب فيه ويصد الناس عنه.

    وقال أبو القاسم النصراباذي: بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام فهره أحمد بن حنبل فاختفى في داره ببغداد ومات فيها".

    فهذا كلامهم فيه كلهم يجعله من هذه الجهة إلاّ أنتم حفظكم الله فما هي حجتكم في أن أحمد هجره لتصوفه؟

    الوجه الثالث: ما أنكره الإمام أحمد والإمام أبوزرعة على المحاسبي أنكره عليه أئمة التصوف أيضاً فهذا سري السقطي كان يحذر ابن أخته الجنيد بن محمد –رحمة الله على الجميع- من شقائق الحارث المحاسبي [ينظر درء التعارض 7/148]

    فانظر كيف كان شيخ الصوفية سري يحذر مما كان يحذر منه أحمد بن حنبل وأبوزرعة رحمهم الله، فضلاً عن من جاء بعدهم عدوا ما كان عليه الحارث ذنباً تاب منه كمعمر بن زياد والكلابآذي على ما سيأتي.

    ومن المعلوم أن نسبة مذهب أو طائفة أو جماعة إلى بدعة لاتكون بوقوع واحد من أفرادهم فيها، فلا يصح أن ينسب الحنابلة إلى التجسيم بفرض التسليم جدلاً بأن أحدهم كان مجسماً

    ولايصح نسبة الشافعية إلى الأشعرية لأن أحد أئمتهم كان كذلك

    ... فهل يا ترى من عمم الحكم ومنع التفريق علم بحجة أن القوم على عقيدة من ثبتة عنده عليه التهمة؟

    (أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى * ألاتزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى).

    الوجه الرابع: لقد تاب الحارث المحاسبي مما أخذ عليه، وبقي كسري السقطي والجنيد وأمثالهم من شيوخهم المتقدمين أرباب الطرق المستقيمة، "ذكره معمر بن زياد في أخبار شيوخ أهل المعرفة والتصوف

    وذكر أبوبكر الكلابآذي في كتاب التعرف لمذاهب التصوف عن الحارث المحاسبي أنه كان يقول: إن الله يتكلم بصوت، وهذا يناقض قول ابن كلاب" [ينظر درء التعارض 7/148-149، والاستقامة ص208، ومنهاج السنة 1/424 وقد ذكر في غيرها].

    ولعل هذا أحد الأسباب التي جعلت الأئمة لايخرجونه من جملة أهل السنة كما سيأتي.

    الوجه الخامس: مع بدعة الحارث هذه (سواء الكلامية في اعتقادي أو الصوفية في اعتقادك) لم يخرجه أهل العلم من جملة أهل السنة، بل حاله كحال كثير من الأئمة منهم الأشعري نفسه الذي مات على السنة وصنف الإبانة والمقالات [رغم أن فيهما مسائل أخذت عليه فيهما]

    وقريب منه الحافظ ابن حجر الذي تأثر بالأشاعرة في بعض مسائل الصفات، ومنهم الإمام النووي ومنهم آخرون لم يلتزموا مناهج المخالفين لأهل السنة وإن تأثروا بها فلم يخرجهم ذلك عن جملة السلف أو أهل السنة، فليس من منهج أهل السنة أن كل من وقع في كفر فهو كافر أو بدعة فهو مبتدع

    وقد مضى نقل شيخ الإسلام في هذا المعنى، ولهذا تجد أن الإمام ابن تيمية وهو شيخ الإسلام المنافح عن عقيدة أهل السنة ينص على أن الحارث المحاسبي كان أعلم بالسنة والحديث وأقوال الأئمة من الأشعري [الدرء 7/98]، وقد كان الأشعري عنده من جملة مثبتتة أهل السنة فتأمل.

    بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصفدية: "ولهذا كان في كلام السلف كأحمد والحارث المحاسبي وغيرهما اسم العقل يتناول..."إلخ [2/257]

    فانظر كيف عده من السلف، وقال مرة: "والمنصوص عن أئمة الدين أن العقل غريزة كما ذكر ذلك أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما" [الصفدية 2/331]

    فانظر كيف جعله من أئمة الدين، وانظر كذلك الرد على المنطقيين ص94

    ولهذا قال الذهبي رحمه الله بعد أن ذكر قول الإمام أبوزرعة متعقباً: "وأين مثل الحارث؟!" [ميزان الاعتدال 2/164].

    فهذه خمسة أوجه تبين أوجه ما قيل في الحارث المحاسبي من طعن، وتبين أنه لا يساعد من استدل به على إخراجه من جملة أهل السنة

    والحمد لله.

    النقل
    لطفــــــــاً .. من هنــــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 02.05.24 12:45