خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي )

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 25.10.08 13:20

    نشأة علم مصطلح الحديث وتطوره


    الحمد لله وصلاة والسلام على رسول الله :P.


    أما بعد،،،
    فهذه نُبذة مختصرة عن نشأة علم مصطلح الحديث وتطوره على ممر الأعصار والأزمان وقد جعلتها في سؤال وجواب ليسهل على الطالب حفظها بعد شرحها وفهمها .


    فالله أسأل الإخلاص والقبول والأخذ بأيدينا إلي غاية المأمول .
    س1: متي بدأ تدوين الحديث ؟
    ج1: تدوين الحديث النبوي ورد عن النبي e نصوص تأذن بكتابة الحديث النبوي. ونصوص معارضة فيها النهي عن كتابته.


    فمن النصوص التي تأذن بالتدوين ما في " الصحيحين" من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ:( لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ e مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ" فَقَالَ الْعَبَّاسُ:" إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:" إِلَّا الْإِذْخِرَ" فَقَامَ أَبُو شَاهٍ-رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ- فَقَالَ:" اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:" اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ".قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ مَا قَوْلُهُ اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ e ..) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما([1]).


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1]) قلت: قال العلامة الألباني-رحمه الله- في " الإرواء" (2/249):(أخرجه البخاري ( 1 / 40 - 41 ) ومسلم ( 4 / 110 ) وأبو داود ( 2017 ) وأبو نعيم والبيهقي وأحمد ( 2 / 238 ) من طرق عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة ثنا أبو هريرة . وقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد:(ليس يروى في كتابة الحديث شئ أصح من هذا الحديث ، لان النبي eأمرهم قال:(اكتبوا لأبي شاة ) ما سمع النبي e، : خطبته).وللحديث شاهد مختصر من حديث صفية بنت شيبة سمعت النبي e يخطب عام الفتح : فذكرته . أخرجه ابن ماجه ( 3109 ) بسند جيد ، وعلقه البخاري بصيغة
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي (1) )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 25.10.08 13:28

    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوt قَالَ:(كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ e أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ e بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ e فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ:" اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ")([1]).
    ولاشك ان أول مراحل العلم هو تدوينه وكتابته وها هو قد جاءنا الدليل ناصع على أن النبي e هو أول من أمر بكتابة الحديث وتدوينه تمهيداً لأن يحفظه الصحابة فى الصدور وفى الصحف.
    ومن النصوص التي تنهى عن الكتابة قوله e في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّt أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ:( لَا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ قَالَ هَمَّامٌ أَحْسِبُهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) أخرجه مسلم وأحمد وغيرهما.
    وفي كتاب تقييد العلم للبغدادي المزيد من النصوص في هذا القبيل. وفيهما أيضًا أقوال للعلماء فـــي التوفيق بين هذه الأحاديث ودفع تعارضها الظاهري. من هذه الأقوال إن النهي منصب على كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة مخافة الاختلاط به، فإذا أمن ذلك فلا بأس من كتابته، ويؤيد ذلك أن نسخًا أو صحفًا حديثية عدة قد كتبت في زمن الصحابة كانت هي الأساس للتدوين فيما بعد.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1]صحيح: صححه العلامة الألباني-رحمه الله- في"صحيح سنن أبي داود" ح(3646) (3/318).
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي (1) )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 25.10.08 13:34

    س2: متي بدأ جمع الحديث النبوي ؟
    ج2: بدأ جمع الحديث النبوي على رأس المائة الأولى فيزمن خلافة عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- (99 -101هـ) لما خاف من دروس العلم وذهاب أهله بموت حملته([1]).
    س3: من أول من اعتني بجمع الحديث النبوي ؟
    ج3: أول من اعتني بجمع الحديث النبوي الشريف- بمعنى تدوينه- هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري المدني- رحمه الله-.
    فعن صالح بن كيسان، قال: (اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم، فقلنا: نكتب السنن فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة، فقلت أنا: ليس بسنة فلا أكتبه، قال: فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت)([2]).
    ولما خاف الخليفة عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- من اندراس العلم وذهابه بموت حملته كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم-رحمه الله-:"أن انظر ما كان من حديث رسول الله، e ، أو سنة ماضية أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن([3]) فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله"([4]).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1] انظر " الطبقات لأبن سعد" ، و" تقيد العلم للخطيب البغدادي"، و "سنن الدارمي" بنحوه.
    [2])) انظر " الطبقات لأبن سعد" ، و" تقيد العلم للخطيب البغدادي"، و "الحلية لأبي نعيم ".
    [3]) ) قلت: هي عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، وأمها سالمة بنت حكيم بن هاشم بن قوالة. تزوجها عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان بن نفع بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك فولدت له محمد بن عبد الرحمن وهو أبو الرجال. وقد روى الزهري عن عمرة، وروى عنها عبد الله بن أبي بكر بن حزم ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، وروت عمرة عن عائشة وأم سلمة، وكانت عالمة. الطبقات الكبرى لابن سعد - (ج 8 / ص 480).
    ([4])انظر " الطبقات لأبن سعد" ، و" تقيد العلم للخطيب البغدادي"، و "سنن الدارمي" بنحوه.
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي (1) )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 25.10.08 13:40

    س4: متى نشأ علم الحديث؟
    ج4:أقول : إن علم الحديث ينقسم إلى قسمين :-
    القسم الأول : علم الحديث رواية.
    القسم الثانى : علم الحديث دراية.
    أما علم الحديث روايةً فمعناه: كما قال الإمام ابن الأكفاني-رحمه الله- في"إرشاد القاصد"([1])علم يشمل على نقل أقوال النبي e وأفعاله وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها.
    وعلم الحديث درايةً فمعناه : كما قال-رحمه الله-: علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها وحال الرواة وشروطهم، وأصناف المرويات وما يتعلق بها([2]).علم الحديث رواية فإننا نستطيع أن نقول وبمنتهى القوة والثقة واليقين أنه ظهر ونشأ أول ما نشأ فى عهد رسول الله e حين أمر أصحابه بكتابة الحديث .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1]اسم الكتاب " إرشاد القاصد إلي أسني المطالب "، في موضوعات العلوم ألفه شمس الدين محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري الأكفاني السنجاري المتوفي سنة (794هـ).
    [2])) قلت: يفصل الإمام السيوطي-رحمه الله- في " التدريب" (1/40)، ما قاله الإمام ابن الأكفاني-رحمه الله- في تعريف علم الحديث دراية بأنه علم يعرف منه :
    (1) حقيقة الرواية: " وهي نقل السنة ونحوها، وإسناد ذلك إلي من عُزي إليه بتحديث وإخبار وغير ذلك".
    (2) شروط الرواية: " تَحمُّل راويها لما يرويه بنوع من أنواع التحمل من سماع، أو عرض أو إجازة ونحوها" .
    (3) أنواع الرواية: " الاتصال والانقطاع ونحوها" .
    (4) أحكام الرواية: " القبول والرد " .
    (5) حال الرواة: " العدالة، والجرح، وشروطهم في التحمل وفي الأداء" .
    (6) أصناف المرويات: " المصنفات من المسانيد، والمعاجم، والأجزاء وغيرها، أحاديث وآثاراً وغيرهما وما يتعلق بها: وهو معرفة اصطلاح أهلها"
    يتابع!!!!!
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي (1))

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 03.11.08 3:38

    س5: متى بدأ تدوين علمالحديث النبوي دراية- علم مصطلح الحديث-؟
    ج5:أما علم الحديث دراية فإنه لم يتأخر كثيراً عن علم الحديث رواية، فبعد وفاة النبي e كان الصحابة يتناقلون حديث النبي e دونما خوف من كذب أو نسيان لأنهم جميعاً عدول قد مدحهم الله وأثنى عليهم فى كتابه ووعدهم جنته، وكانوا من الكثرة بحيث إذا نسى أحدهم ذكره الآخرون.
    ولكن عندما وقعت الفتنة وظهرت البدع فى الأمة وبدأ الكذب يظهر بين الناس أخذ أصحاب النبي e يحتاطون للأمر ويعدون له عدته فكان أحدهم لا يسمع الحديث إلا بعد أن يسمى رجاله، توثيقاً للرواية ، وكان هذا فى حدود عام أربعين من الهجرة النبوية الشريفة يعنى بعد وفاة النبي e بحوالى ثلاثين عاماً.
    كما ورد عَنْ ابْنِ سِيرِينَ-رحمه الله- قَالَ:((لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنْ الْإِسْنَادِ فَلَمَّا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ قَالُوا سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ))([1]).وقال عبد الله بن المبارك-رحمه الله-:((الْإِسْنَادُ مِنْ الدِّينِ وَلَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ)).وقال-رحمه الله-:(( بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْقَوَائِمُ-يَعْنِي الْإِسْنَاد-))([2]).لكن وجود مثل هذه العبارات لم يكن مؤلفاً عند السابقين بمؤلفات خاصة، فقد سبق تدوين الحديث التدوين بعلم مصطلح الحديث، ولا غرابة أن يكون علم مصطلح الحديث متأخراً في التدوين عن علم الحديث، وربما أن المتقدمين لم يفردوا هذا الفن بالتصنيف لعدم حاجتهم إليه آنذاك، وقد احتيج إليه فيما بعد، فبدئ بالتدوين في هذا العلم الشريف.
    ولقد كان أول من تكلم عن بعض علوم مصطلح الحديث الإمام الشافعي-رحمه الله-(150 ـ 204هـ) كلاماً تقعيدياً وتأصيلياً في كتابه المشهور بـ"الرسالة".
    إذ تكلم عن شروط الحديث الصحيح ، وشروط الراوي العدل ، وبحث الكلام عن الحديث المرسل وشروطه ، وتكلم عن الانقطاع في الحديث ، وتكلم عن جمع السنة ، وأنكر على من رد الحديث وتكلم عن تثبيت خبر الواحد وشروط الحفظ ، وتكلم عن الرواية بالمعنى ، وعن التدليس ومن عرف به ، وتكلم عن زيادة التوثيق في الرواية بطلب إسناد آخر ، وتكلم عن أصول الرواية.
    وإليك طرفاً مما قاله الإمام الشافعي-رحمه الله- في "الرسالة" مما يتصل أوثق اتصال بمصطلح الحديث.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1] مقدمة صحيح مسلم - (ج 1 / ص 34).
    [2] مقدمة صحيح مسلم - (ج 1 / ص 38).
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 03.11.08 3:41

    قال-رحمه الله- في (باب خبر الواحد)(1/369): "قال لي قائل: احْدُدْ لي أقلَّ ما تقوم به الحجة على أهل العلم حتى يثبت عليهم خبر الخاصة.
    فقلت: خبر الواحد عن الواحد حتى ينتهي به إلى النبي e ، أو من انتهى به إليه دونه، ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أموراً:
    منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه، معروفاً بالصدق في حديثه، عاقلاً لما يحدث به، عالـماً بما يُحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى؛ لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه: لم يَدْرِ: لعله يحيل الحلال إلى الحرام، وإذا أداه بحروفه فلم يبقَ وجهٌ يخافُ فيه إحالته الحديث.
    حافظاً إذا حدث به مِنْ حفظه، حافظاً لكتابه إذا حدث من كتابه، إذا شَرِكَ أهل الحفظ فـي الحديث وافق حديثهم، بريئاً من أن يكون مدلساً: يحدِّث عمن لقي ما لم يسمع منه، ويحدث عن النبي e ما يحدث الثقات خلافه عن النبي e.
    ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه، حتى ينتهي بالحديث موصولاً إلى النبي e، أو إلى من انتهى به إليه دونه؛ لأن كل واحد منهم مثبتٌ لمنحدثه، ومثبتٌ على من حدث عنه، فلا يستغنى في كل واحد منهم عما وصفت... إلخ".
    ونقل الحافظ ابن حجر-رحمه الله- في مقدمته لكتاب "لسان الميزان"(1/8)، كلامَ الشافعي هذا، ثم قال: "وقد تضمن كلام الشافعي هذا جميع الشروط المتفق عليها بين أهل الحديث في حدِّ من تُقبل روايته" انتهى.
    وقد علق الشيخ أحمد شاكر-رحمه الله- على كلام الشافعي في " الرسالة " بقوله:"... ومن فِقْهِ كلام الشافعي في هذا الباب وُجِدَ أنه جمع كل القواعد الصحيحة لعلوم الحديث "المصطلح"، وأنه أول من أبان عنه إبانة واضحة، وأقوى من نصر الحديث، واحتج لوجوب العمل به، وتصدى للرد علىمخالفيه، وقد صدق أهل مكة وبروا إذ سموه: (ناصر الحديث)،-رضيالله عنه-".
    ثم تبعه الإمام الحافظ عبد الله بن الزبير الحميدي المتوفي سنة (219هـ)(صاحب المسند) شيخ الإمام البخاري والذهلي وهذه الطبقة؛ فقد روى عنه الحافظ أبو بكر بن الخطيب في مواضع من كتابه: "الكفاية في علم الرواية" كلمات هامة في مصطلح الحديث يمكن أن تعد رسالة لطيفة في الموضوع، فيها التعريف الكاشف للحديث الصحيح المحتج به، وحكم الحديث المعنعن، وما يعد جرحاً عاماً في الراوي، وما لا يُعد إلا جرحاً في بعض حديثه، وغير ذلك مما له أهميته.
    وكذا في "الجامع الصحيح" للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري-رحمه الله- (194 ـ 256) جملٌ كثيرةٌ في مسائل مصطلح الحديث، وكذلك في مجموع كتبه كـ "التاريخ"، و"الضعفاء"، فَيُلتَقَط منها جمل جمة من علوم الحديث، لا سيما مباحث الجرح والتعديل.
    ثم تبعه الإمام الحافظ مسلم بن الحجاج-رحمه الله- (240 ـ 261هـ)؛ حيث قدم لكتابه: "الجامع الصحيح"، مقدمة نفيسة تكلم فيها عن بعض القضايا المهمة في علم مصطلح الحديث ؛ إذ تكلم عن تقسيم الأخبار، وعن تقسيم طبقات الرواة من حيث الحفظ والإتقان ، وتكلم عن الحديث المنكر، وعن تفرد الرواة، وعن حكم الأحاديث الضعيفة والروايات المنكرة ، وتكلم عن وجوب الرواية عن الثقات، وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله e ونصب الأدلة على ذلك ، وساق ما يدل على التغليط في النهي عن الرواية عن الكذابين والضعفاء ، والتساهل في الرواية عن كل ما يسمع فتكلم عن أهمية الإسناد ، وعن وجوب جرح الرواة الضعفاء ، وأنه ليس من الغيبة المحرمة ، بل من الذب عن الشريعة المكرمة ، ثم تكلم بإسهاب وتفصيل عن صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن ، حتى أثخن في الجواب عمن اشترط ثبوت اللقيا فيه ، وكذلك كتابه " التمييز " لا يخل من بعض قضايا مصطلح الحديث بسبب أن مسلماً-رحمه الله- مشهور ومعروف بتبسيط العلم مما أداه إلى شرح بعض المصطلحات .
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 03.11.08 3:43

    وهناك من الأئمة المحدثين من كان يشير إلى بعض قواعد علوم الحديث من تصحيح، أو تضعيف، أو تعليل خلال كلامه على الحديث، كثيراً كان أو قليلاً.
    فمن المكثرين: الإمام الحافظ محمد بن سورة الترمذي-رحمه الله-؛ ففي كتابه المشهور بـ "الجامع" جملة كبيرة من علوم الحديث نجدها مبثوثة في أبوابه، وعند الكلام على أسانيده.
    قال القاضي أبو بكر بن العربي-رحمه الله- في كتابه:"عارضة الأحوذي" : "وليس في قدر كتاب أبي عيسى مِثْلُهُ حلاوةَ مَقْطَعٍ، ونَفَاسَةَ مَتْرَعٍ، وعذوبةَ مشرعٍ، وفيه أربعة عشر علماً فرائد: صنَّف ـ أي الأحاديث ـ على الأبواب ـ وذلك أقرب للعمل ـ وأسند، وصحَّح، وأشهر، وعدد الطرق، وجرَّح، وعدَّل، وأسمى، وأكنى، ووصل، وقطع، وأوضح المعمول به والمتروك، وبين اختلاف العلماء في الرد والقبول لآثاره، وذكر اختلافهم في تأويله، وكل علم من هذه العلوم أصل في بابه، فرْد في نصابه".
    وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد-رحمه الله-: "هذا الذي قاله القاضي أبو بكر-رحمه الله تعالى- في بعضه تداخل، مع أنه لم يستوف تعديد علومه، ولو عدد ما في الكتاب من الفوائد بهذا الاعتبار لكانت علومه أكثر من أربعة عشر؛ فقد حسَّن، واستغرب، وبيَّن المتابعة والانفراد، وزيادات الثقات، وبين المرفوع من الموقوف، والمرسل من الموصول، والمزيد في متصل الأسانيد، ورواية الصحابة بعضهم عن بعض، ورواية التابعين بعضهم عن بعض، ورواية الصاحب عن التابعي، وعدد من روى هذا الحديث من الصحابة، ومن تثبت صحبته ومن لم تثبت، ورواية الأكابر عن الأصاغر، إلى غير ذلك.
    وقد تدخل رواية الصاحب عن التابع تحت هذا، وتاريخ الرواة.
    وأكثر هذه الأنواع قد صُنِّف في كل نوع منها، وفي الذي بيناه ما هو أهم للذكر" انتهى.
    وقد ختم الإمام الترمذي-رحمه الله- ـ أيضاً ـ "جامعه"، بجزء نفيسٍ للغاية، ألحقه به، وعُرِف أخيراً بكتاب: "العلل الصغير"، جاءت فيه المباحث الكثيرة الهامة: في الجرح والتعديل، ولزوم الإسناد، والرواية عن الضعفاء، ومتى يحتج بحديثهم، ومتى لا يحتج؟ وفي الرواية بالمعنى، كما ذُكِر فيه شيء من مراتب بعض المحدثين الكبار، وصور التحمل والأداء، ومن حُكْم الحديث المرسل، واصطلاح الترمذي في وصفه الحديث بالحسن، أو الغريب في كتابه.
    ومن المقلين: الإمام الحافظ سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي المشهور بأبي داود-رحمه الله- (275هـ)؛ حيث حفظ لنا قدراً حسناً من مسائل هذا العلم في "رسالته في وصف سننه" إلى أهل مكة إذ تكلم عن المراسيل وعن حكمها ، وتكلم عن عدد السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وتكلم عن الاحتجاج بالحديث الغريب ، وعن حكم الاحتجاج بالحديث الشاذ ، وتكلم عن الحديث الصحيح ، وعن المنقطع والمدلس ، ومثّل لذلك ، وتكلم عن صيغ السماع والحديث المعلول . وما ذكرته في كلامه عن هذه الأنواع إنما هي رموز.
    وكذا الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن بن شعيب النسائي-رحمه الله- (303هـ)، لم يخل كتابه: "السنن" من بعض مباحث علوم الحديث.
    ففي خلال هذه الحقبة اتضحت معالم هذا العلم ـ علوم الحديث ـ بما ذُكِر من مسائله في كتب الرجال، أو في كتب الحديث، أو في كتب مستقلة ذات موضوع واحد، مثل كتب الإمام علي بن المديني، وأكثرَ الكاتبون في مسائله: فمنهم: الإمام الحافظ الحجة أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمنالدارمي، (181 ـ 255هـ) في المقدمة النفيسة لكتابه: "السنن"، وهوأحد شيوخ الأئمة المحدثين الكبار كالبخاري، ومسلم، وأبي داود،والترمذي، والنسائي،وأبي زرعة الرازي، وأبيحاتمالرازي،وهذهالطبقة العالية الشأن.فإن هذه المقدمة نفيسة الموقع كل النفاسة؛ إذ تعرض فيها للتعريف بصاحب السنة الشريفة سيدنا رسول e، وما كان الناس عليه قبل مبعثه، كما تعرض لذكر أول شأنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وما أكرمه الله به من معجزات، وما خص به من الصفات المحمدية، والأخلاق النبوية، ولذكر وفاته، ولزوم إتباعه، والأدب مع سنته، وأوامره، ونواهيه.
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 03.11.08 3:45

    وتوجد ـ أيضاً ـ جملة من ألفاظ الجرح والتعديل، والمصطلح، في كتاب "الثقات" للعجلي: أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي ثم الطرابلسي (261هـ)-رحمه الله-.
    وكذلك في كتاب: "تاريخ أبي زرعة الدمشقي" (200 ـ 281هـ)-رحمه الله- كلام كثير جداً في الرجال، ومسائل من علوم المصطلح، بل هو محشو حشواً بتلك الفوائد والمسائل، حتى إن تلميذه أبا بكر الخلال أحمد ابن أحمد بن هارون-رحمه الله- (311هـ) سمى كتاب شيخه هذا: "كتاب التأريخ وعلل الرجال"؛ ففيه نُقُول في مسائل هامة من علم مصطلح الحديث من كلام أئمة القرن الثاني والثالث، كالإمام التابعي محمد بن شهاب الزهري (124هـ)-رحمه الله-، وكلام الإمام الأوزاعي (157هـ)- رحمه الله-، وكلام الإمام مالك (179هـ)-رحمه الله- ومن كلام كثير سواهم.
    وقد جاء في كلام هؤلاء الأئمة: التوثيق، والتضعيف، والجرح والتعديل، والتفضيل لبعض الرواة الثقات على بعض، وذكر من يدلس، ومن لا يدلس، والمفاضلة بين الحافظ والأحفظ، والفقيه وغير الفقيه...، وحكم التحديث، والإخبار، والإجازة، والقراءة على العالم والسماع منه، وكيف يروى عنه في ذلك، وذِكْر مصطلح بعض المحدثين كدحيم شيخ أبي زرعة الدمشقي، وذِكْر من حظي بالصحبة واللقاء، والإدراك للنبي e وعدمه، وذِكْر الموالي ومواليهم، والأسماء المتفقة والمفترقة، وأنساب الرواة، وألقابهم، وكناهم، وبيان مواليدهم، ووفياتهم، وبعض شيوخهم، والجرح ببدعة القدرية والخوارج، وبالزندقة، وباللصوق بالسلطان والخروج عليه، وغير ذلك من المسائل الهامة المفيدة.
    وكذلك في كتاب "المعرفة والتأريخ" للحافظ الإمام يعقوب بن سفيان الفَسَوي-رحمه الله- (200 ـ 277 هـ) جملة صالحة من علوم المصطلح منثورة في خلال بحوثه، يقف عليها الباحث المتتبع بيسر وسهولة.
    وكذا للحافظ العلامة أبي بكر أحمد بن عمر بن عبد الخالق البزَّار-رحمه الله- (290هـ) جزءٌ في معرفة من يُترك حديثه، أو يقبل، ذكره الحافظ العراقي، ونقل عنه في شرحه "للألفية".
    ثم جاء من بعدهم الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي-رحمه الله- المتوفى سنة ( 321 هـ) إذ ألف رسالة في الفرق بين التحديث والإخبار ، والفرق بين المعنعن والمؤنن ، وهي موجودة في " شرح مشكل الآثار " .
    ثم جاء من بعدهم الحافظ محمد ابن حبان البُستي-رحمه الله- المتوفى سنة ( 354 هـ) إذ كتب بعضاً من مسائل مصطلح الحديث في عدد من كتبه فقد ذكر في مقدمة كتابه " الثقات " الرواة اللذين يجوز الاحتجاج بخبرهم وساق شروطهم ، ثم قال : (( فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعرى عن الخصال الخمس التي ذكرتها فهو عدل ، يجوز الاحتجاج بخبره)). ثم ذكر شروط الموثق عنده . أما كتابه " المجروحين " فقد ذكر في مقدمته أنواع الجرح ، فكانت عشرين ، أما كتابه الأعظم " الصحيح على التقاسيم والأنواع " فقد ضمنه بعض قضايا المصطلح المهمة في مقدمته النفيسة ، إذ أجمل شرطه في عنوان الكتاب ، ثم بسط كلامه عن هذه الشروط ودافع عن منهجه في التصحيح ، ثم تكلم عن أقسام الأخبار من حيث طرقها ، وتكلم عن اختلاف الرفع والوقف ، والوصل والإرسال ، وتكلم على زيادات الثقات في الأسانيد والمتون ، ثم تكلم عن رواية أهل البدع ، وعن حكم الرواية عنهم ، وتكلم عن المختلطين وعن حكم الرواية عنهم ، وتكلم عن المدلسين ، وعن عدالة الصحابة وهكذا تعددت التآليف، وتنوعت التصانيف، وكثرت الروافد والأصول .
    وفي القرن الرابع أيضاً كتب الإمام أبو سليمان حـمـد بن محمد بن إبراهيم الخطابي-رحمه الله- (388 هـ) مقدمة كتابه: "معالم السنن"، ومع كونها صغـيـرة إلا أنها تعتبر أول باكورة في تقسيم الحديث إلى ثلاثة أقسام: صحيح، وحسن، وضعيف.
    ثم كتب ـ أيضاً ـ الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي-رحمه الله- (403هـ) مقدمة كتابه: "مختصر الموطأ عن مالك"، المعروف بـ "الملخَّص" تناول فـيـها مسائل في: الاتصال والانقطاع، وصيغ الأداء، والرفع وأنواعه، ونحوها.
    وفي منتصف القرن الرابع توجهت أنظار بعض العلماء إلى جمع تلك المباحث والقواعد المتفرقة في كتاب جامع ناظم لمسائل هذا العلم العظيم ـ علوم الحديث ـ.
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي (1))

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 09.11.08 13:29

    س6: من هو أول من صنف في هذا الفن إستقلالاً؟
    ج6:أول من دوَّن فيه تدويناً مستقلاً الحافظ القاضي الإمام البارع الذواقة أحد أئمة هذا الشأن:القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاَّل الفارسي الرَّامَهُرْمُزي، (265 ـ 360 هـ)-رحمه الله-، فألَّف فيه كتابه الرائد الماتع الشهير بـ "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي"، وهو كتاب جليل عظيم النفع جمع فيه مادة ضخمة منوعة في فنون الرواية وآدابها.وهو كتاب غير مختص لجمع أنواع علوم الحديث كلها ، ولم يقصد من وضعه ذلك ، إنما هو كتاب متصل بسنن الرواية والطلب والكتابة ومناهجها ، فهو يبحث في أبوابه الأولى في مقدمات عن علم مصطلح الحديث ثم أوصاف طالب الحديث وبعض شروطه وما يتعلق به ، ثم تكلم عن العالي والنازل من الأسانيد وما يتعلق به من الرحلة وعدمها ، ثم تكلم عمن جمع بين الرواية وتكلم بإجادة وتفصيل عن طرق التحمل وصيغ الأداء ثم تكلم عن اللحن والرواية بالمعنى والمعارضة والمذاكرة والمنافسة وغيرها ، واعتمد على نقل الأخبار عن السلف الماضين بالأسانيد ، حتى امتدحه أئمة هذا الشأن في صنيعه في هذا الكتاب ، فقد قال فيه الإمام الذهبي-رحمه الله-:(( مصنف كتاب المحدث الفاصل بين الراوي والواعي ، وما أحسنه من كتاب ، قيل : إن السلفي كان لا يكاد يفارق كمه ، يعني في بعض عمره)).
    وكذلك لأبي عبد الله بن منده الحافظ (395هـ)-رحمه الله- "جزء" في شروط الأئمة في القراءة، والسماع، والمناولة، والإجــازة ذكره الحافظ سبط ابن العجمي في كتابه: "التبيين لأسماء المدلسين".
    ثم جاء من بعده أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري-رحمه الله- المتوفى سنة ( 405هـ) ، فألف كتابه " معرفة علوم الحديث " وكتابه هذا أنفس بكثير من كتاب الرَّامَهُرْمُزي-رحمه الله-، وأكثر جودة ؛ لاستيعابه أغلب أنواع علم الحديث وتقسيمه ذلك وتفصيله لأنواعه حتى عده بعضهم أنه رائد التأليف في مصطلح الحديث .فجاء كتاب الحاكم وكأنه مختص بما كان أهمله كتاب الرَّامَهُرْمُزي-رحمه الله- من الاعتناء بمصطلح الحديث، وشرح معناه، وضرب الأمثلةله.
    وقد تكلم-رحمه الله-عن العالي والنازل، والموقوف والمرسل والمنقطع، والمعنعن، والمعضل، والصحيح، والسقيم، وغير ذلك من الأنواع، التي بلغت عنده اثنين وخمسين نوعا
    ثم جاء من بعده تلميذه الحافظ أبو نعيم أحمد بن علي الأصفهاني المتوفى سنة (430هـ)-رحمه الله- ، فزاد على ما كتب الحاكم وتعقبه في بعض الأمور ، بكتاب أسماه : "المستخرج على كتاب الحاكم " لكنه لم يبلغ الغاية فيه فأبقى فيه – كما يقول ابن حجر – أشياء للمتعقب .
    ثم جاء من بعده الحافظ أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي المتوفى سنة (446هـ)-رحمه الله-، فألف كتابه " الإرشاد في معرفة علماء الحديث " ، وقد ذكر في مقدمة هذا الكتاب شيئاً من دقائق علم مصطلح الحديث ، فتكلم عن الحديث الصحيح ، وشرح شيئاً عن العلة ، وتكلم عن الشذوذ وعن الأفراد وعن المنكر والشاذ ، وتحدث عن العلو والنـزول ، وتحدث عن طبقات الحفاظ وأئمة هذا الشأن ، ونقاد الأثر ، وطبقات فقهاء الصحابة وغيرهم .
    ثم جاء من بعدهم حافظ المشرق الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت (392 ـ 463 هـ) فأكثر، وأوعبَ، وأطالَ، ونَــوَّعَ؛ وقد قال عنه ابن نقطة الحنبلي-رحمه الله-: "له مصنفات في علوم الحديث لم يُسبق إلى مثلها ولا شبْهها عند كل لبيب. إن المتأخرين من أصحاب الحديث عيالٌ على أبي بكر الخطيب"-رحمه الله-، فصنف في قوانين الرواية كتابه المسمى " الكفاية في علم الرواية " كما كتب في أدب الرواية كتاباً سماه " الجامع لآداب الشيخ والسامع " ، وكان للخطيب البغدادي دور واسع في مصطلح الحديث ، وألف كتباً مستقلةً قي أغلب فنون علم مصطلح الحديث ، وبذلك أجمع المنصفون على أن كل من جاء بعده كان عالة على كتبه .
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: سلسلة السير المأجور لغاية المأمول (علم مصطلح الحديث التطبيقي )

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 09.11.08 13:33

    ثم جاء من بعدهم الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المتوفى سنة (507هـ)-رحمه الله- فألف كتاباً في العلو والنزول .
    ثم جاء الحافظ القاضي عياض اليحصبي السبتي (479 ـ 544 هـ)-رحمه الله- فألف كتابه الماتع: "الإلماع إلى معرفة أصول الرِّواية وتقييد السَّماع" كتاب مختص بأصول الرواية (طرق التحمُّل وحجيتها)، وتقييد السماع (كألفاظ الأداء)، وما يتعلق بذلك، وبعض الآداب وما شابهها..
    ثم جاء بعده قاضي الحرمين أبو حفص الميَّانِشيّ: عمر بن عبد المجيد بن عمر القرشي، نزيل مكة (583 هـ)-رحمه الله- وكتب رسالته الصغيرة المسماة بـ "ما لا يسع المحدث جهله"، وهي رسالة مختصرة جداً، وغالبها نقل واختصار من كتابَيْ: "معرفة علوم الحديث" للحاكم، و"الكفاية" للخطيب، ولم تَخلُ من فائدةٍ.
    هذه هي المؤلفات التي تناولت علم مصطلح الحديث واستمر الحال عليها حتى جاء الحافظ ابن الصلاح: أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشَّهْرَزُورِي، الشافعي (577 ـ 643 هـ)-رحمه الله- فألف كتابه العظيم في علوم الحديث المسمى بـ "معرفة أنواع علم الحديث"، وقد اشتهر أخيراً بـ "مقدمة ابن الصلاح"، ووقف التأليف في "علوم الحديث"، عند كتابه هذا، فإنه جمع فيه عيونه، واستوعب فيه فنونه.
    وغدا هذا الكتاب ـ لمحاسنه الجمة، وتفوقه على كل من سبقه ـ المنهل العذب المورد في المصطلح لكل حديثي ومحدث وعـالم، وتوجه العلماء من بعده إليه بشرحه، أو اختصاره، أو تحشيته، أو نظمه.
    قال الحافظ السيوطي-رحمه الله- عنه: "... إلى أن جاء الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، فجمع "مختصره" المشهور، فأملاه شيئاً بعد شيء لما ولي تدريس دار الحديث الأشرفية ـ بدمـشق ـ فهذب فنونه، ونقح أنواعه، ولخصها، واعتنى بمؤلفات الخطيب، فجمع متفرقاتها، وشتات مقاصدها، فصار على كتابه المعوَّل، وإليه يرجع كل مختصر ومطول". انتهى.
    وعنه يقول الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: "فهذب فنونه، وأملاه شيئاً بعد شيء؛ فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب، وضم إليها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره؛ فلهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرِك عليه ومقتَصر، ومعارضٍ له ومنتصر!".
    فإذا علم هذا فإننا نجد أهل العلم لم يألوا جهداً في العناية بكتاب ابن الصلاح ـ هذا ـ ولذا تضافرت جهودهم في الاهتمام به شرحاً، أو نظماً، أو اختصاراً، أو تنكيتاً، أو تعليقاً، أو تعقيباً، وهكذا لم يبرحوا عن متابعة خدمة هذا الكتاب الجليل، وهو كذلك؛ فقد أتعب ابن للصلاح-رحمه الله- من بعده، وحاز سعده؛ حيث أصبح كتابه همّاً للاحقين، ومفزعاً للطالبين، والله يؤتي الفضل من يشاء من العالمين، والحمد لله رب العالمين.

    ثم جاء بعده الإمام الحافظ الفقيه أبو زكريا محي الدين يحيى بن شرف الدين النووي (631 ـ 676هـ)-رحمه الله-، فألف كتابه " الإرشاد" ، اختصره من علوم الحديث لابن الصلاح، ثم " التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير"، وهو اختصار للإرشاد .
    ثم جاء بعده الإمام الحافظ، المحدث، المؤرخ، عماد الدين، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع القرشي الدمشقي الشافعي (701ـ774هـ)-رحمه الله-، فألف كتابه " اختصار علوم الحديث" الذي كتب له الشهرة باسم " الباعث الحثيث " وهو عبارة عن اختصار مقدمة ابن الصلاح.
    ثم جاء بعده الإمام البلقيني وهو عمر بن رسلان بن نصير (724 ـ 805هـ)-رحمه الله-، فألف مختصر مع التهذيب والزيادة يسمي: " محاسن الاصطلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح ".
    ثم جاء بعده الإمام الحافظ عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن أبو الفضل الزين العراقي (725ـ806هـ)-رحمه الله- فقام على مقدمة ابن الصلاح من بين نظم وشرح للنظم ونكت فكان " نظم الدرر في علم الأثر" المعروفة بـ"ألفية العراقي" ثم " فتح المغيث بشرح ألفية الحديث" ثم " التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح" المعروف بـ" نكت العراقي".
    ثم جاء بعده تلميذه الإمام الحافظ شهــاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، المشهــور بابــن حجـر (773 ـ 852 هـ) -رحمه الله- ، أمير المؤمنين في الحديث فألف كتابه " الإفصاح عن نكت ابن الصلاح " ثم جاءت رسالته المختـصـرة الجامعة التي سماها: "نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر"، ثم شرحها بالكتاب الذي اشتهر ـ أيضـاً ـ باسم: "نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر"، فاتجهت أنظار العلماء إليه، وعوَّلوا في علم المصطلح عليه؛ لاختصاره وتنسيقه، وتمحيصه وتحقيقه، واحتوائه لزيادة جملة هامة من أنواع علم الحديث خلت عنها مقدمة الحافظ ابن الصلاح؛ فمن ثم صارت "نخبة الفكر"، وشرحها محل الدرس والنظر من علماء الأثر، فكثر شراحها، ومختصروها، وكاتبوا حواشيها، وناظموها، كثرة بالغة كادت تبلغ ما بلغته مقدمة ابن الصلاح؛ فلا يحصى كم ناظم لها ومختصر، ومستدرك عليها ومقتصر، ومعارض لها ومنتصر.
    ثم جاء بعده تلميذه الإمام الحافظ شمس الدين السخاوي(831 ـ 902هـ)-رحمه الله-، فألف كتابه " فتح المغيث في شرح ألفية الحديث" .
    ثم جاء بعده الإمام عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (849 ـ 911هـ)-رحمه الله-، فألف كتابه " تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" وله-رحمه الله- ألفية أيضا كان يعتز بها جدا، ثم شرحها في كتاب سماه " البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر" .

      الوقت/التاريخ الآن هو 10.05.24 15:32