خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    البيان والإيضاح لأحكام الأضاح (هذا الموضوع نشر لكاتبه في مجلة التوحيد في شهر ذى الحجة 1428هـ)

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية البيان والإيضاح لأحكام الأضاح (هذا الموضوع نشر لكاتبه في مجلة التوحيد في شهر ذى الحجة 1428هـ)

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 21.10.08 13:35

    قَالَ عَلْقَمَةُ : بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللَّهِ بِهَدِيَّةٍ ، فَأَمَرَنِي أَنْ آكُلَ ثُلُثًا ، وَأَنْ أُرْسِلَ إلَى أَهْلِ أَخِيهِ عُتْبَةَ بِثُلُثٍ ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِثُلُثٍ ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ t قَالَ : (( الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا ثُلُثٌ لَك ، وَثُلُثٌ لِأَهْلِك ، وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ )) ، ومَا رُوِيَ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ t فِي صِفَةِ أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ e قَالَ :" يُطْعِمُ أَهْلَ بَيْتِهِ الثُّلُثَ ، وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ الثُّلُثَ ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى السُّؤَّالِ بِالثُّلُثِ "} رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْأَصْفَهَانِيُّ ، فِي الْوَظَائِفِ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ .وَلِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمَا مُخَالِفًا فِي الصَّحَابَةِ ، فَكَانَ إجْمَاعًا.(1) .
    ولا يعطي الجازر منها شيئاً : ولَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ من لحم ، أو شحم ، أو دهن ، أو جلد ، أو غيره لأنها مال أخرجه لله ـ تعالى ـ فلا يجوز الرجوع فيه كالصدقة ، لقوله e : ((من باع جلد أضحيته فلا أضحية له )) .(2) ، وَلَا يُعْطَى الْجَازِرُ بِأُجْرَتِهِ شَيْئًا مِنْهَا .وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ . لمَا رُوى عَنْ عَلِيٍّ t قَالَ :(( أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ e أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ ، وَأَنْ أَقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلَالَهَا ، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا ، وَقَالَ : نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا )). (3) . وَلِأَنَّ مَا يَدْفَعُهُ إلَى الْجَزَّارِ أُجْرَةً عِوَضٌ عَنْ عَمَلِهِ وَجِزَارَتِهِ ، وَلَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِشَيْءٍ مِنْهَا .
    فَأَمَّا إنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِفَقْرِهِ ، أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ ، فَلَا بَأْسَ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْأَخْذِ ، فَهُوَ كَغَيْرِهِ ، بَلْ هُوَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَهَا ، وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهَا .(4) .
    فيما يجتنبه من أراد الأضحية : مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، فَدَخَلَ الْعَشْرُ ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا بَشَرَتِهِ شَيْئًا ، لما في " صحيح " الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ من حديث أُمِّ سَلَمَةَ ـ رضي الله عنها ـ قالت : (( أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ : " إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ " )) وفي لفظ ((مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ)) . (5) .قلت : ففي هذا الحديث النهي عن أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو البشرة لمن أراد أن يضحي من دخول شهر ذي الحجة ، إما برؤية هلاله، أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً حتى يضحي ، وهذا حكم خاص بمن يضحي، أما من يضحى عنه فلا يتعلق به؛ لأن النبي e قال: « وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ » ولم يقل أو يضحى عنه؛ ولأن النبي e كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك .
    وعلى هذا فيجوز لأهل المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من الشعر والظفر والبشرة .
    وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية.
    الذكاة وشروطها : تعريف الذكاة: فعل ما يحل به الحيوان الذي لا يحل إلا بها من نحر، أو ذبح، أو جرح. (6).
    فالنحر للإبل: والذبح لغيرها. والجرح لما لا يقدر عليه إلا به.

    ويشترط للذكاة شروط تسعة:
    الشرط الأول:أن يكون المذكي عاقلاً مميزاً، فلا يحل ما ذكاه مجنون، أو سكران، أو صغير لم يميز، أو كبير ذهب تمييزه ونحوهم.
    ـــــــــــــــــــــ
    (1)" المغني " ( 10/550) ، " سبل السلام " للإمام الصنعاني ـ رحمه الله ـ (4/1425) ، " رسائل فقهية " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ64- 67) .
    (2) حسن : حسنه العلام الألباني ـ رحمه الله ـ في " صحيح الجامع " ح (6118) .
    (3) متفق عليه : الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ح ( 1707 ) ، والإمام مسلم ـ رحمه الله ـ ح ( 1317) .
    (4) " المغني " ( 10/551)، " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ21 ، 22) .
    (5) صحيح : رواه الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح ( 1977، 1978 ).
    (6) " القاموس الفقهي " (1/137) ، " شرح منتهى الإرادات " (11/378) ، " كشاف القناع عن متن الإقناع " ( 21/230) .
    *****************************************************************************************************************************************************************************تابع

    الشرط الثاني: أن يكون المذكي مسلماً، أو كتابياً وهو من ينتسب إلى دين اليهود أو النصارى.
    فأما المسلم :فيحل ما ذكاه سواء كان ذكراً أم أنثى، عدلاً أم فاسقاً، طاهراً أم محدثاً .
    وأما الكتابي: فيحل ما ذكاه بالكتاب والسنة والإجماع :
    أما الكتاب :فقوله تعالى: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ }[المائدة آية: (5)].
    وأما السنة :عَنْ أَنَسٍ t : (( أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ e بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا )) .(1) .، و عَنْ أَنَسٍt : ((أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ e إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ(2) فَأَجَابَهُ )) .(3).
    وأما الإجماع :قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ؛ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ .(4).
    وقال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ (وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبَاحَةِ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } .يَعْنِي ذَبَائِحَهُمْ .وقَالَ الإمام الْبُخَارِيُّ ـ رحمه الله ـ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ t:" طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ " .(5).
    وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ .
    وأما سائر الكفار غير أهل الكتاب فلا يحل ما ذكوه لمفهوم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } ، ولا يلزم السؤال عما ذبحه المسلم أو الكتابي كيف ذبحه، وهل سمى عليه أو لا، بل ولا ينبغي لأن ذلك من التنطع في الدين، والنبي e أكل مما ذبحه اليهود ولم يسألهم ، لما في صحيح الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ : من حديث عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَاـ ((أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : لِلنَّبِيِّ e إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ : " سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ "قَالَتْ وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ )) (6)، فأمرهم النبي e بأكله دون أن يسألوا مع أن الآتين به قد تخفي عليهم أحكام الإسلام، لكونهم حديثي عهد بكفر.
    الشرط الثالث:أن يقصد التذكية لقوله تعالى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ }[المائدة آية: (3)] والتذكية فعل خاص يحتاج إلى نية، فإن لم يقصد التذكية لم تحل الذبيحة، مثل أن تصول عليه بهيمة فيذبحها للدفاع عن نفسه فقط .
    الشرط الرابع:أن لا يكون الذبح لغير الله، فإن كان لغير الله لم تحل الذبيحة، كالذي يذبح تعظيماً لصنم، أو صاحب قبر، أو ملك، أو والد ونحوهم لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ} إلى قوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاَْزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ }[المائدة آية: (3)]، ولقوله e : ((لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ )) (7) .
    الشرط الخامس:أن لا يسمي عليها اسم غير الله مثل أن يقول باسم النبي، أو جبريل، أو فلان، فإن سمى عليها اسم غير الله لم تحل وإن ذكر اسم الله معه لقوله تعالى: { وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[المائدة آية: (3)]. وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ tقَالَ : ((قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ e قَالَ : اللَّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ " أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ " )) .(8).
    ــــــــــــــــ
    (1) صحيح : رواه الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (5834 ).
    (2) وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ : الشحم المذاب إذا تغير رائحته .
    (3)صحيح : أخرجه الإمام أحمد في " مسنده " ح ( 12724) ، وصححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في " السلسلة الصحيحة " ح (1102) (3/93).
    (4) " المغني " (10/514) ، "ومجموع فتاوى شيخ الإسلام " (9/240) .[/size
    [size=12](5) صحيح الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ كتاب " الذبائح والصيد " باب (ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَشُحُومِهَا ) ( 3/38) ط مكتبة الصفا .
    (6) صحيح : رواه الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (5083).
    (7) صحيح : رواه الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (3658) من حديث على t .
    (8) صحيح : رواه الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (5300) .

      الوقت/التاريخ الآن هو 19.05.24 1:35