خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    البيان والإيضاح لأحكام الأضاح (هذا الموضوع نشر لكاتبه في مجلة التوحيد في شهر ذى الحجة 1428هـ)

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية البيان والإيضاح لأحكام الأضاح (هذا الموضوع نشر لكاتبه في مجلة التوحيد في شهر ذى الحجة 1428هـ)

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 21.10.08 13:30

    t قَالَ (( ضَحَّى النَّبِيُّ e بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ )) (1) قَالَ الإمام الْكِسَائِيّ ـ رحمه الله ـ: الْأَمْلَح هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وَالْبَيَاض أَكْثَر.كما جاء عند الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (1967) : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ )) قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ : (مَعْنَاهُ أَنَّ قَوَائِمه وَبَطْنه وَمَا حَوْل عَيْنَيْهِ أَسْوَد ) (2) .

    وعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى t رَسُولِ اللَّهِ e : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e كَانَ إِذَا ضَحَّى اشْتَرَى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ )) (3) .

    عمن تجزئ : تجزىء الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومن شاء من المسلمين ؛لما روي الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (1967) من حديث عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ : أن النبيe : ((أَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ )) . فإذا ضحى الرجل بالواحدة من الغنم الضأن أو المعز عنه وعن أهل بيته أجزأ عن كل من نواه من أهل بيته من حي وميت، فإن لم ينو شيئاً يعم أو يخص دخل في أهل بيته كل من يشمله هذا اللفظ عرفاً أو لغة، وهو في العرف لمن يعولهم من زوجات وأولاد وأقارب، وفي اللغة: لكل قريب له من ذريته وذرية أبيه وذرية جده وذرية جد أبيه .

    ويجزىء سبع البعير أو سبع البقر عما تجزىء عنه الواحدة من الغنم، فلو ضحى الرجل بسبع بعير أو بقرة عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك؛ لما روي الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (1381) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ t قَالَ : (( نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ e عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ )).(4) .

    شروط ما يضحي به :الأضحية عبادة وقربة إلى الله تعالى فلا تصح إلا بما يرضاه سبحانه ، ولا يرضى الله سبحانه من العبادات إلا ما جمع شرطين :

    الأول : الإخلاص لله تعالى .

    الثاني : المتابعة لرسول الله e .

    ولا تكون الأضحية على أمر النبي e إلا باجتماع شروطها وانتفاء موانعها .

    وشروطها أربع :

    الأول : أن تكون ملكاً للمضحي .

    الثاني : أن تكون من الجنس الذي عينه الشارع من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها .

    الثالث : بلوغ السن المعتبر شرعاً بأن تكون ثنيَّاً إن كان من الإبل أو البقر أو المعز ، وجذعاً من الضأن ، لما روي الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (1963) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :((لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ )) .(5) .

    ـــــــــــــــــ
    (1) متفق عليه : الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ح ( 5558 ) ، والإمام مسلم ـ رحمه الله ـ ح ( 1966) .
    (2) " شرح مسلم للنووي " (5/1310) .
    (3) صحيح : رواه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في " مسنده " ح ( 25937 ) ، صححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في " سنن ابن ماجة " ح (3122) .
    (4) " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ11 ، 12) .
    (5) " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ5 ) .
    **********************************************************************************************************************************************تابع
    قلت :وَثَنِيُّ الْغَنَمِ مِنْ الضَّأْنِ والْمَعْزِ إذَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ ، وَالْبَقَرَةُ إذَا صَارَ لَهَا سَنَتَانِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ ، وَالْإِبِلُ إذَا كَمَلَ لَهَا خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّادِسَةِ ، وَالْجَذَعُ (1) مِنْ الضَّأْنِ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَدَخَلَ فِي السَّابِعِ . (2) .

    الرابع :أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة : لِمَا في حديث الْبَرَاءُ t قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ e فَقَالَ: (( أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ (وفي رواية : لَا تُجْزِئُ )؛ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي ( وفي رواية : الْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي )) .(3) .

    بيان العيوب المانعة من الإجزاء :

    1ـ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا : هي الَّتِي قَدْ انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا ، أو برزت ، والعمياء أولى بعدم الإجزاء .

    2ـ الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا : هي الَّتِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهَا : فَهِيَ الَّتِي بِهَا مَرَضٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ زَوَالِهِ ، وما أخذتها الولادة حتى تنجو ، وما أصابها سبب الموت : كالمنخنقة ، والموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع أولى بعدم الإجزاء .

    3ـ الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا : هِيَ الَّتِي بِهَا عَرَجٌ فَاحِشٌ ، وَذَلِكَ يَمْنَعُهَا مِنْ اللِّحَاقِ بِالْغَنَمِ فَتَسْبِقُهَا إلَى الْكَلَإِ فَيَرْعَيْنَهُ وَلَا تُدْرِكُهُنَّ ، فَيَنْقُصُ لَحْمُهَا ، والزمني وهي العاجزة عن المشي لعاهة ، والمقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين أولى بعدم الإجزاء .

    4ـ وَالْعَجْفَاءُ أو الْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي : هِيَ الَّتِي لَا مُخَّ لَهَا فِي عِظَامِهَا ؛ لِهُزَالِهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا لَحْمَ فِيهَا ، إنَّمَا هِيَ عِظَامٌ مُجْتَمِعَةٌ .

    قال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ : (هذه الْعُيُوبُ الْأَرْبَعَةُ ، فَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي أَنَّهَا تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ ) . (4) .

    فيما يؤكل منها وما يفرق : يشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي، ويتصدق لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ }. [الحج آية: (28)] (5)، وقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَـنِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْنَـهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. [الحج آية: (36)] فالقانع السائل المتذلل، والمعتر المتعرض للعطية بدون سؤال، وعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ e : ((كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا )) . (6) والإطعام يشمل الهدية للأغنياء والصدقة على الفقراء، وعَنْ عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قالت : أَنَّ النبي e قال : ((كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا )) . (7). وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في مقدار ما يأكل ويهدي ويتصدق، والأمر في ذلك واسع، وَالِاسْتِحْبَابُ أَنْ يَأْكُلَ ثُلُثَ أُضْحِيَّتِهِ ، وَيُهْدِيَ ثُلُثَهَا ، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا ، وَلَوْ أَكَلَ أَكْثَرَ جَازَ قَالَ الإمام أَحْمَدُ ـ رحمه الله ـ: نَحْنُ نَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ t: (( يَأْكُلُ هُوَ الثُّلُثَ ، وَيُطْعِمُ مَنْ أَرَادَ الثُّلُثَ ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِالثُّلُثِ )) .

    ــــــــــــــــ
    (1) قلت : قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : وَسَمِعْت أَبِي يَقُولُ : سَأَلْت بَعْضَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ :" كَيْفَ تَعْرِفُونَ الضَّأْنَ إذَا أَجْذَعَ ؟ قَالَ : لَا تَزَالُ الصُّوفَةُ قَائِمَةً عَلَى ظَهْرِهِ مَادَامَ حَمَلًا ، فَإِذَا نَامَتْ الصُّوفَةُ عَلَى ظَهْرِهِ ، عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَجْذَعَ " " المغني " ( 10/545) .
    (2) " المغني " ( 10/545) .
    (3) صحيح : رواه الخمسة ، وقال الإمام الترمذي ـ رحمه الله ـ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ :" وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ " وصححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في " الإرواء " ح ( 1148) .
    (4) " المغني " ( 10/545) ، " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ6 ) .
    (5) قلت : قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ : [وقد احتج بهذه الآية الكريمة مَن ذهب من العلماء إلى أن الأضحية تُجزَّأ ثلاثة أجزاء: فثلث لصاحبها يأكله [منها] ، وثلث يهديه لأصحابه، وثلث يتصدق به على الفقراء؛ لأنه تعالى قال: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ } . وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "فكلوا وادخروا وتصدقوا" . وفي رواية: "فكلوا وأطعموا وتصدقوا "] أهـ . " تفسير ابن كثير " : ( 3/223) ط دار التراث .
    (6) متفق عليه : الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ح ( 5143 ) ، والإمام مسلم ـ رحمه الله ـ ح ( 3648) .
    (7) صحيح : رواه الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح ( 3637 ).

      الوقت/التاريخ الآن هو 19.05.24 22:50