خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ( هل من النساء : نبية ؟ )

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية ( هل من النساء : نبية ؟ )

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 28.09.08 15:17


    [ آراء خاطئة ..... وروايات باطلة في سير الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ] :
    تأليف

    فضيلة الشيخ
    عبدالعزيز بن محمد السدحان
    ص/ 29 :

    2 ــ ليس في النساء نبية ، هذا هو القول الصحيح والرجح ــ إن شاء الله ــ ومما يدل عليه :

    أ ــ ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم ) [ النحل : 43 ] وهذا يقتضي الحصر ، فالنبوة محصورة في الرجال .

    ب ــ أن مقام النبوة يقتضي أن تشهر دعوة النبي بالحق ، وأن يُناظَر أهل الباطل ، وأن تكون الدعوة بارزة وشاهرة أمام

    الناس ، وهذا المقام ليس من مقامات النساء بل من مقامات الرجال .

    جـ ـ أن المرأة عليها ما يعطلها ويضعفها من آلام المخاض ، والولادة ، والنفاس ، والحيض ، وماشاكله .

    د ــ أن قضية النبوة والرسالة تستلزم قوامة الرسول على أتباعه وعلى أنصاره ، ولو كان ذلك المقام ــ مقام النبوة ــ

    لامرأة لا ستنكفت نفوس بعض الناس ــ بل كثير من الناس ــ أن يكونوا مطواعين لا مرأة تقودهم .


    ومن باب الفائدة

    وحتى نعرف وجهة النظر الأخرى ، ذهب بعض العلماء كأبي الحسن الأشعري ، والإمام القرطبي ، وابن حزم إلى أن في النساء نبيات .
    فمريم عندهم نبية بالإجماع .
    وعدّ آخرون من النبيات أم موسى ، وسارة ، وحواء .



    واحتجوا لذلك بأدلة منها :

    1ــ أن الله نعالى ذكر اصطفاءه لمريم ــ رحمها الله ــ ( يامريم إن الله اصطفاكِ وطهركِ واصطفاكِ على نساء العالمين ) .

    2ــ أن كل من جاءه الملك فهو رسول أو نبي . ومن المعلوم أن الله أرسل ملكاً إلى مريم ( قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن

    كنت تقياً [18] قال إنما أنا رسول ربكِ لأهب لكِ غلاماً زكياً ) [ مريم : 18 ، 19 ] .

    هذا ــ باختصار ــ مجمل أدلة من قال بنبوة بعض النساء .



    الرد عليهم :


    =====

    1ــ لا يلزم أن كل من اصطفاه الله أن يكون من الأنبياء ، ودليله ( إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) [ آل عمران : 33 ]
    وفي آل إبراهيم وآل عمران ــ قطعاً ــ من ليسوا بأنبياء ولا رسل ، قال تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابقٌ بالخيرات ) [ فاطر : 32 ]

    ومن المعلوم أن الأنبياء لا يظلمون أنفسهم ، فاختلاف طبقات الناس على أقسام ثلاثة يدل على أن بينهم تفاضلاً .
    ومن المعلوم أن النبوة في أعلى مقام ، فإذا كان فيه الظالم لنفسه وفيه المقتصد عُلم أن في اصطفاء الله لعباده من ليسوا بأنبياء ولا رسل .

    2ــ لا يلزم أن كل من أتاه ملك فهو نبي .



    ومما يدل له أحاديث كثيرة ، منها :

    أ ـ حديث الأقرع والأعمى والأبرص ، فقد جاءهم الملك واختبرهم كما أمر الله عز وجل .

    ب ـ ومن ذلك حديث الذي زار أخاً له في الله فأرسل الله على مدرجته ملكاً فقال : هل لك من نعمة تربُها عليه ؟ قال : لا

    إلا أني أحبه في الله . . الحديث .



    ومما يرد على قولهم قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه : ( فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم

    ابنة عمران ) فهذا الحديث يُسقِط نبوة من قال إن أم موسى نبية ، وبأن سارة نبية ، وبأن حواء نبية ، فتبقى مريم .



    قالوا : يرد على ذلك أن الله وصف مريم بالصديقة ( وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ) [ المائدة : 75 ] ولو كانت نبية

    لوصفها بهذا الوصف ، لأنه أعظم من وصف الصديقية .



    وأما قضية الوحي في قوله : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) [ القصص : 7 ] فلا يلزم منه أن كل من أوحى

    الله إليه أن يكون نبياً ، لأن الوحي قد يكون بمعنى الإلهام كما في خبر أم موسى السابق ، وكذا في قوله تعالى :

    ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ) [ النحل : 68 ] .

    وعلى هذا فيكون القول الصحيح أن الأنبياء جميعاً من الرجال

    وليس في الأنبياء نبية .



    والنقل
    لطفـــــــاً .. من هنــــــــــــــا
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: ( هل من النساء : نبية ؟ )

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 28.09.08 15:38

    ======= تعقيب =======

    بسم الله الرحمن الرحيم

    للأسف فإن البعض ينقل دون أن يعي ما ينقل ولا ما يقال. ودون أن يطلع على ما قاله الخصم. وصدق الذهبي في قوله: الإنصاف عزيز!

    وأجد نفسي مضطراً -إذ ذاك- لأن أعود للمعجم لتعريف كلمة "النبي" لمن لا يعرفها!

    ورد تعريف النبي في القاموس المحيط للفيروز أبادي كما يلي:‏
    النَّبيُّ : النَّبِيءُ، وهو صاحب النُّبوَّة المُخْبر عن اللّه عزّ وجلّ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ج أَنْبِياءُ وأَنْباءٌ ونُبَآءُ، ونَبِيُّونَ.‏

    و جاء في القاموس الوسيط
    ‏(النَّبِيءُ): المخبر عن الله عز وجل [وتبدل الهمزة ياءً وتدغم فيقال: النبيّ]. و النُبُوْءَة اسم من النبيءِ وهي الإخبار عن اللَّه. ويقال النبوَّة بالقلب والإدغام.‏

    و جاء في لسان العرب للعلامة بن منظور

    النَبِيءُ‎:‎

    الـمُخْبِر عن اللّه، عز وجل، مَكِّيَّةٌ، لأَنه أَنْبَأَ عنه، وهو فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ. قال ابن بري: صوابه أَن يقول فَعِيل بمعنى مُفْعِل مثل نَذِير بمعنى مُنْذِر وأَلِيمٍ بمعنى مُؤْلِمٍ. ‏وفي النهاية: فَعِيل بمعنى فاعِل للمبالغة من النَّبَإِ الخَبَر، لأَنه أَنْبَأَ عن اللّه أَي أَخْبَرَ‎.‎‏ قال: ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه. يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنـْبَأَ‎.‎

    قال سيبويه: ليس أَحد من العرب إلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة، بالهمز، غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ، إلاّ أَهلَ مكة، فإنهم يهمزون ‏هذه الأَحرف ولا يهمزون غيرها، ويُخالِفون العرب في ذلك. قال: والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة، يعني لقلة استعمالها، لا لأَنَّ القياس يمنع من‎ ‎ذلك. أَلا ترى إلى قول ‏سيِّدِنا رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه، فقال له: لا تَنْبِر باسْمي، فإنما أَنا نَبِيُّ اللّه. وفي رواية: فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّه ولكنِّي نبيُّ اللّه. وذلك ‏أَنه، عليه السلام، أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه، فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك، وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع، فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ ‏مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ.‏

    ‏ والجمع: أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ. قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ‎:‎

    يا خاتِمَ النُّبَآءِ، إنَّكَ مُرْسَلٌ * بالخَيْرِ،‎ ‎كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا
    إنَّ الإلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً * في خَلْقِه، ومُحَمَّداً سَمَّاكا

    قال الجوهري: يُجْمع أَنْبِيَاء، لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف العلة كَعِيد وأَعْياد، على ما نذكره في المعتل. قال الفرَّاءُ: النبيُّ: هو ‏من أَنـْبَأَ عن اللّه، فَتُرِك هَمزه. قال: وإن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ، وهي الارتفاع عن الأَرض، أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق، فأَصله غير الهمز.‏

    وقال الزجاج: القِرَاءَة المجمع عليها، في الـنَّبِيِّين والأَنـْبِياء، طرح الهمز، وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا. واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي ‏أَخبر.

    قال: والأَجود ترك الهمز؛ وسيأْتي في المعتل‎.‎

    ومن غير المهموز: حديث البَراءِ. قلت: ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ، فردَّ عَليَّ وقال: ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ. قال ابن الأَثير: انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ، ويجمع له ‏الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة، ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن، وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين. والرَّسولُ أَخصُّ من النبي، لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ ‏رسولاً‎.‎

    انتهى.

    وسأرد على الرد الأخير لأنه يستوف تقريباً كل شبهات المعارضين.

    1- قال: <<ليس في النساء نبية>>. قلت هذا باطل. والصواب أنه يوجد في النساء نبيات. هذا هو القول الصحيح والراجح إن شاء الله، كما سنبينه بعونه تعالى.

    2- قال: <<أ ــ ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم ) [ النحل : 43 ] وهذا يقتضي الحصر ، فالنبوة محصورة في الرجال .

    قلت: عسر الفهم واضح. فإن الآية تتحدث عن الرسالة {وما أرسلنا}. فالرسالة محصورة في الرجال وليست النبوة، فانتبه.

    قال: <<ب ــ أن مقام النبوة يقتضي أن تشهر دعوة النبي بالحق ، وأن يُناظَر أهل الباطل ، وأن تكون الدعوة بارزة وشاهرة أمام الناس ، وهذا المقام ليس من مقامات النساء بل من مقامات الرجال .>>

    قلت: الكاتب قد خلط بين النبوة الرسالة. فهذه المقتضيات هي للرسالة وليست للنبوة.

    قال: <<جـ ـ أن المرأة عليها ما يعطلها ويضعفها من آلام المخاض ، والولادة ، والنفاس ، والحيض ، وماشاكله .

    قلت: وهذا جوابه أعلاه. والعجب ممن تكلم في هذه المسألة دون أن يعرف الفرق بين النبي وبين الرسول!

    قال: <<د ــ أن قضية النبوة والرسالة تستلزم قوامة الرسول على أتباعه وعلى أنصاره ، ولو كان ذلك المقام ــ مقام النبوة ــ لامرأة لا ستنكفت نفوس بعض الناس ــ بل كثير من الناس ــ أن يكونوا مطواعين لا مرأة تقودهم .

    قلت: هذه قضية الرسالة وليست قضية النبوة.

    قال: <<ومن باب الفائدة وحتى نعرف وجهة النظر الأخرى>>.

    قلت: لا يبدو أن الكاتب قد نقل عن كلام ابن حزم نفسه. ولو فعل لما كتب أكثر ما قال.

    قال: <<ذهب بعض العلماء كأبي الحسن الأشعري ، والإمام القرطبي وابن حزم إلى أن في النساء نبيات ، فمريم عندهم نبية بالإجماع ، وعدّ آخرون من النبيات أم موسى ، وسارة وحواء>>.

    قلت: فالعجب ممن يزعم الإجماع على أن المرأة لا تكون نبية. وقد قال الإمام أحمد: <<من ادعى الإجماع فهو كاذب>>. والعجب أكثر ممن يحكي الخلاف ثم يحكي الإجماع!! وإنما فعلوا ذلك لأنه دليلهم الوحيد على خصومهم. وقد ظهر بطلانه، ولله الحمد.

    وأما أدلة من قال بنبوة النساء، فإليك قول ابن حزم في كتابه "الملل والنحل":

    ما نعلم للمانعين من ذلك حجة أصلاً، إلا أن بعضهم نازع في ذلك بقول الله {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم}. قال أبو محمد‏:‏ وهذا أمر لا ينازعون فيه. ولم يدَّع أحد أن الله تعالى أرسل امرأة. وإنما الكلام في النبوة دون الرسالة.

    فوجب طلب الحق في ذلك بأن ينظر في معنى لفظة النبوة في اللغة التي خاطبنا الله بها عز وجل. فوجدنا هذه اللفظة مأخوذة من الأنباء، وهو الإعلام. فمن أعلمه الله عز وجل بما يكون قبل أن يكون أو أوحي إليه منبئا له بأمر ما، فهو نبي بلا شك.

    وليس هذا من باب الإلهام الذي هو طبيعة كقول الله تعالى ‏"‏ وأوحى ربك إلى النحل ‏".‏ ولا من باب الظن والتوهم الذي لا يقطع بحقيقته إلا مجنون. ولا من باب الكهانة التي هي من استراق الشياطين السمع من السماء فيرمون بالشهب الثواقب، وفيه يقول الله عز وجل ‏"‏ شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ‏"‏. وقد انقطعت الكهانة بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا من باب النجوم التي هي تجارب تتعلم. ولا من باب الرؤيا التي لا يدري أصدقت أم كذبت.

    بل الوحي الذي هو النبوة قصد من الله تعالى إلى إعلام من يوحي إليه بما يعلمه به. ويكون عند الوحي به إليه حقيقة خارجة عن الوجوه المذكورة يحدّث الله عز وجل لمن أوحى به إليه علماً ضرورياً بصحة ما أوحي به. كعلمه بما أدرك بحواسه وبديهة عقله سواء لا مجال للشك في شيء منه: إما بمجئ المَلَك به إليه، وإما بخطاب يخاطب به في نفسه. وهو تعليم من الله تعالى لمن يعلمه، دون وساطة معلِّم. فإن أنكروا أن يكون هذا هو معنى النبوة، فليعرّفونا ما معناها. فإنهم لا يأتون بشيء أصلاً! فإذاً ذلك كذلك.

    فقد جاء القرآن بأن الله عز وجل أرسل ملائكة إلى نساءٍ، فأخبروهن بوحي حق من الله تعالى. فبشروا أم إسحاق بإسحاق عن الله تعالي. قال عز وجل ‏"‏ وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ‏".‏ فهذا خطاب الملائكة لأم إسحاق عن الله عز وجل بالبشارة لها بإسحاق ثم يعقوب، ثم بقولهم لها أتعجبين من أمر الله. ولا يمكن البتة أن يكون هذا الخطاب من ملك لغير نبي بوجه من الوجوه.

    ووجدناه تعالى قد أرسل جبريل إلى مريم أم عيسى عليهما السلام بخطابها. و قال لها ‏"‏ إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ‏"‏. فهذه نبوة صحيحة بوحي صحيح، ورسالة من تعالى إليها. وكان زكريا عليه السلام يجد عندها من الله تعالى رزقا واردا تمنى من أجله ولدا فاضلا.

    ووجدنا أم موسى عليهما الصلاة والسلام قد أوحى الله إليها بإلقاء ولدها في اليم، وأعلمها أنه سيرده إليها ويجعله نبيا مرسلا. فهذه نبوة لا شك فيها وبضرورة العقل. يدري كل ذي تمييز صحيح: أنها لو لم تكن واثقة بنبوة الله عز وجل لها، لكانت بإلقائها ولدها في اليم برؤيا تراها أو بما يقع في نفسها أو قام في هاجستها، في غاية الجنون والمرار الهائج. ولو فعل ذلك أحدنا، لكان غاية الفسق أو في غاية الجنون مستحقاً لمعاناة دماغه في البيمارستان! لا يشك في هذا أحد. فصح يقينا أن الوحي الذي ورد لها في إلقاء ولدها في اليم، كالوحي الوارد على إبراهيم في الرؤيا في ذبح ولده. لكنه لو ذبح ولده لرؤيا رآها أو ظن وقع في نفسه، لكان بلا شك فاعل ذلك من غير الأنبياء فاسقا في نهاية الفسق أو مجنونا في غاية الجنون. هذا ما لا يشك فيه أحد من الناس. فصحّت نبوتهن بيقين.

    ووجدنا الله تعالى قد قال وقد ذكر من الأنبياء عليهم السلام في سورة كهعيص ذكر مريم في جملتهم ثم قال عز وجل ‏"‏ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ‏".‏ وهذا هو عمومٌ لها معهم لا يجوز تخصيصها من جملتهم.

    وليس قوله عز وجل {وأمه صديقة} بمانع من أن تكون نبية. فقد قال تعالى {يوسف أيها الصديق}.‏ وهو مع ذلك نبي رسول. وهذا ظاهر، وبالله تعالى التوفيق.

    ويلحق بهن عليهن السلام في ذلك امرأة فرعون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير. ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون"، أو كما قال عليه الصلاة والسلام. والكمال في الرجال لا يكون إلا لبعض المرسلين عليهم الصلاة والسلام، لأن من دونهم ناقص عنهم بلا شك. وكان تخصيصه صلى الله عليه وسلم مريم وامرأة فرعون تفضيلاً لهما على سائر من أوتيت النبوة من النساء بلا شك. إذ من نَقُصَ عن منزلة آخَر ولو بدقيقة، فلم يكمل. فصح بهذا الخبر أن هاتين المرأتين كملتا كمالاً لم يلحقهما فيه امرأة غيرهما أصلاً، وإن كنّ بنصوص القرآن نبيات. وقد قال تعالى ‏{تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض}. فالكامل في نوعه، هو الذي لا يلحقه أحد من أهل نوعه. فهم من الرجال الرسل الذين فضلهم الله تعالى على سائر الرسل، ومنه نبينا وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام بلا شك للنصوص الواردة بذلك في فضلهما على غيرهما. وكمل من النساء من ذكر عليه الصلاة والسلام‏.‏


    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: ( هل من النساء : نبية ؟ )

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 28.09.08 15:39

    ======== ردّ ========

    الشيخ الفاضل محمد الأمين..

    لعل التفريق عندكم من أسبابه الرئيسة اعتبار أن من الفروق المعتبرة بين النبي والرسول، الإرسال أو كما يقولون الأمر بالتبليغ، ولكن إذا صح أن كلاً من النبي والرسول مرسل صح الحصر في دليل الجمهور، وسقط هذا الفرق الذي هو أصل حجة المخالفين وقامت المحجة، قال الله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته..) الآية فصح أن كلاً من النبي والرسول مرسل، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام.

    والله أعلم..


    ============= ردّ =============


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله وبعد:

    الإخوة الكرام: أذكر بأن لكل أن يرجح ما شاء من الأقوال مادام قد أعد الحجة أمام الله تعالى لهذا القول!

    ولكن لا يجوز بحال أن نصل إلى التكلف في الإثبات أو النفي أو محاولة تأويل النصوص لتوافق ما نريد.

    فالذي يصل إلى مرحلة التأويل يعني أنه لا يجد مساعداً في الظاهر فيلجأ إلى هذا التأويل وهذا يعني انه عدم الحجة إلا من خلال التأويل! فإما أن يقر بظاهر النص أو يؤوله على أن يكون الدافع ضرورياً في حقيقة الأمر من نص صريح واضح لا لبس فيه أما الرغبة في ترجيح قول على آخر فهذا ليس من الضروريات التي تبيح صرف النص عن ظاهره!

    والذي تعجبت له هنا هو تأويل بعض الإخوة الكرام سددهم الله للوحي الذي أوحاه الله تعالى إلى أم موسى بأنه بمعنى الإلهام -ومالهم به من علم إن هم إلا يظنون!-

    فالآيات الكريمة صريحة في أن الله تعالى (أوحى) إلى أم موسى، وأنه (وعدها) بأن يرد ابنها وأن يجعله من المرسلين، ثم بينت الآيات الكريمة أن الله تعالى حقق وعده وعلمت ذلك. مما يدل على أنه (وحي) حقيقي.

    فقد قال الله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)

    إلى أن قال سبحانه: (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون)

    فهناك وعد تلقته أم موسى -عليهما السلام- وليس مجرد إلهام بفعل معين! وهذا يمنع -أيها الإخوة الكرام- من القول بأن المقصود بالوحي هو الإلهام المجرد!

    وإن جاز لي الاجتهاد هنا -ولست بذاك-! فإنني -مهما شطح بي الخيال!- لا استطيع تصور امرأة تعقل تلقي طفلها الرضيع في اليم من تلقاء نفسها إلا إذا كانت ممن رفع عنهم القلم! أو أنها فعلت ذلك بوحي من الله تعالى -وليست أم موسى بالأولى فهي الأخرى ولا شك! وعلى هذا فلا أستطيع إلا القول بأن أم موسى تلقت وحياً من الله تعالى.

    ولكنني لا أعلم أحداً من الصحابة والتابعين قال (بنبوة) النساء

    ،
    ولأن الأمر لم يقل به سلف فلا نستطيع القول به.

    أما الوحي

    فلا يعني النبوة بالضرورة وكذلك مخاطبة الملك لرجل أو امرأة لا يعني النبوة لعدم وجود نص يقول بذلك شرعاً

    ولعدم وجود ما يقول بذلك من السلف. فليسعنا ما وسع السلف

    والله تعالى أعلم.


    ============= ردّ ================


    أخي الكريم شكر الله لك ولكن ربما حملت على بعض من قال أن الوحي هنا إلهام بتعجل فإن قوله هذا ليس تأويلاً فالوحي من حيث الأصل يطلق على كل إلقاء علم في إخفاء سواء أكان ذلك بالإشارة أو العبارة أوإلهام أو غير ذلك. ولهذا ثبت الوحي حقيقة للنحل (وأوحى ربك إلى النحل)، وأوحى زكرياء لقومه (فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً)، وأحى الله في كل سماء أمرها، وأوحى إلى الأرض قال العجاج وله صحبة:
    وحّى لها القرار فاستقرت * رب البلاد والعباد القنت
    وقد قال الله (يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها)، وكل ذلك على الحقيقة والله أعلم.



    ========= ردّ ========


    في صحة نسبة هذا القول إلى أبي الحسن الأشعري نظر


    وقد ذكر الإمام أبو العباس النميري

    وهو من هو معرفة بأقوال الناس

    (وقد حكى الإجماع على انه لم يكن في النساء نبية غير واحد كالقاضي أبي بكر بن الطيب والقاضي أبي يعلى وأبي المعالي الجويني وخلاف ابن حزم شاذ مسبوق بالإجماع فإن دعواه أن أم موسى كانت نبية هي ومريم قول لا يعرف عن أحد من السلف والأئمة)

    بل ذ?ر تلميذه العماد في تفسيره

    ( والذي عليه الجمهور أن الله لم يبعث نبيا إلا من الرجال قال الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى } وقد حكى الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله الإجماع على ذلك)

    فالأشعري نقل الإجماع على قول الجمهور

    قال العماد في موضع آخر

    (
    الذي عليه أهل السنة والجماعة وهو الذي نقله الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري عنهم أنه ليس في النساء نبية وإنما فيهن صديقات)

    فالحمد لله


    =========== ردّ ===========


    تنبيه
    جاء في فتح الباري

    ( وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ : ( اِصْطَفَاك عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ) عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَبِيَّة ، وَيُؤَيِّد ذِكْرهَا فِي سُورَة مَرْيَم بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ بِهِ الْأَنْبِيَاء ، وَلَا يَمْنَع وَصْفهَا بِأَنَّهَا صِدِّيقَة فَإِنَّ يُوسُف وُصِفَ بِذَلِكَ مَعَ كَوْنه نَبِيًّا ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْأَشْعَرِيّ أَنَّ فِي النِّسَاء نَبِيَّات . وَجَزَمَ اِبْن حَزْم بِسِتّ : حَوَّاء وَسَارَة وَهَاجَر وَأُمّ مُوسَى وَآسِيَة وَمَرْيَم ، وَلَمْ يَذْكُر الْقُرْطُبِيّ سَارَة وَلَا هَاجَر ، وَنَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي آخِر " الرَّوْض " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الصَّحِيح أَنَّ مَرْيَم نَبِيَّة ، وَقَالَ عِيَاض : الْجُمْهُور عَلَى خِلَافه . وَذَكَر النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " عَنْ إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ نَقَلَ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ مَرْيَم لَيْسَتْ نَبِيَّة ، وَنَسَبَهُ فِي " شَرْح الْمُهَذَّب " لِجَمَاعَة ، وَجَاءَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ لَيْسَ فِي النِّسَاء نَبِيَّة وَلَا فِي الْجِنّ ، وَقَالَ السُّبْكِيّ : اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة وَلَمْ يَصِحّ عِنْدِي فِي ذَلِكَ شَيْء . )
    وفي موضع آخر

    ( وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( إِنَّ اللَّه اِصْطَفَاك ) عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَبِيَّة وَلَيْسَ بِصَرِيحِ فِي ذَلِكَ ، وَأُيِّدَ بِذِكْرِهَا مَعَ الْأَنْبِيَاء فِي سُورَة مَرْيَم ، وَلَا يَمْنَع وَصْفهَا بِأَنَّهَا صِدِّيقَة فَقَدْ وُصِفَ يُوسُف بِذَلِكَ . وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْأَشْعَرِيّ أَنَّ فِي النِّسَاء عِدَّة نَبِيَّات ، وَحَصَرَهُنَّ اِبْن حَزْم فِي سِتّ ، حَوَّاء وَسَارَة وَهَاجَر وَأُمّ مُوسَى وَآسِيَة وَمَرْيَم . وَأَسْقَطَ الْقُرْطُبِيّ سَارَة وَهَاجَر ، وَنَقَلَهُ فِي " التَّمْهِيد " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الصَّحِيح أَنَّ مَرْيَم نَبِيَّة . وَقَالَ عِيَاض : الْجُمْهُور عَلَى خِلَافه . وَنَقَلَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " أَنَّ الْإِمَام نَقَلَ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ مَرْيَم لَيْسَتْ نَبِيَّة . وَعَنْ الْحَسَن : لَيْسَ فِي النِّسَاء نَبِيَّة وَلَا فِي الْجِنّ . وَقَالَ السُّبْكِيّ الْكَبِير : لَمْ يَصِحّ عِنْدِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة شَيْء ، وَنَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي آخِر " الرَّوْض " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء .)

    انتهى


    والذي في كتاب السهيلي

    (وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي [ ص 428 ] مَرْيَمَ الصّدّيقَةِ فَإِنّهَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ نَبِيّةٌ نَزَلَ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ بِالْوَحْيِ وَلَا يُفَضّلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ غَيْرُهُمْ وَمَنْ قَالَ لَمْ تَكُنْ نَبِيّةً وَجَعَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى : { وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ } [ آلُ عِمْرَانَ : 42 ] مَخْصُوصًا بِعَالَمِ زَمَانِهَا ، فَمِنْ قَوْلِهِ إنّ عَائِشَةَ وَخَدِيجَةَ أَفَضْلُ مِنْهَا ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سَائِرِ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - إنّهُنّ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَنَزَعُوا فِي تَصْحِيحِ هَذَا الْمَذْهَبِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاَللّهُ أَعْلَمُ )
    انتهى

    فتأمل

    ( كثير من العلماء ) وبين ( أكثر الفقهاء )

    وما جاء في الفتح من قوله
    (وَنَقَلَهُ فِي " التَّمْهِيد " عَنْ أَكْثَر الْفُقَهَاء ) عبارة قلقلة لا أدري ما الصواب فيها
    فليس في التمهيد شيء من هذا والله أعلم


    =========== ردّ =======

      الوقت/التاريخ الآن هو 07.05.24 21:14