أحدث الصور
الرئيسية
من طرف أبوعبد الله الأثرى 18.09.08 17:20كيف نستقبل شهر رمضان على منهج السلف الصالح
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا
وبعد :-
فإن شهر رمضان من الأشهر التى لها فضل عظيم فى الشريعة الإسلامية وليس أدل على هذا من نزول القرآن الكريم فيه دون غيره من الشهور وقد قال الله تعالى مادحا إياه ( شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه) .
وإن الله تبارك وتعالى قد يذكر الحكم ويذكر الحكمة منه ومن ذلك الصيام فى شهر رمضان كما قال تعالى (يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فالحكمة من الصوم إذن هى تقوى الله -عزوجل- بمعنى أن يزداد إيمان العبد بالله سبحانه وتعالى .
وإذ الأمر كذلك فيجب علينا أن نتعلم شيئا ضروريا وهوالإجابة عن هذا السؤال : كيف نستقبل شهر رمضان على منهج السلف الصالح ؟
ونبسط القول فى الجواب عنه فى هذه النقاط الآتية :-
1- أن نتقى الله تعالى فى السر والعلن وفى كل وقت وحين ، ونستغفره من جميع الذنوب والمعاصى ونتوب إليه ، ونحقق التوبة النصوح لله رب العالمين بجميع شروطها الثلاثة المعروفة عند أهل العلم :بأن نقلع عن الذنب ، ونندم على فعله ، ونعزم ألا نعود إليه أبدا .
فإن كان الأمر يتعلق بأحد من العباد فبالشروط السابقة وأن نرد المظالم إلى أهلها ، قال تعالى ( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) وقال أيضا )ياأيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ) وقال أيضا ( قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).
وقد قال النبى -صلى الله عليه وسلم-:"اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن "،رواه الترمذى بإسناد حسنه أهل العلم ، وكذلك قوله " إن الله عزوجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " ، وقد كان النبى - صلى الله عليه وسلم -يقول " والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة "، رواه البخارى فى صحيحه ،وفى لفظ لمسلم " يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإنى أتوب فى اليوم مئة مرة " .
فإذا كان هذا حال من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يتوب فى اليوم مئة مرة فما ظنك بنفسك يا مسكين ؟ .
2- أن نتمسك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة فهم الطريق حقا للنصر والعزة والتمكين .
من عمل بهم عز وملك ، ومن أعرض عنهم ذل وهلك ، قال تعالى ( يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) وقال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيرا) وقال تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).
وقد ورد فى الصحيحين أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقدعصى الله " .
وفى مسند الشافعى ومستدرك الحاكم ومعجم الطبرانى بسند صحيح أن النبى -صلى الله عليه وسلم - قال:" ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ويدخلكم الجنة إلا وأمرتكم به ، وماتركت شيئا يبعدكم عن الله ويدخلكم النار إلا ونهيتكم عنه " .
3- فر من البدع وأهلها فرارك من الأسد، فإن السلف الصالح - رحمهم الله - ماكانوا يجالسون المبتدعة ولا ينصتون لهم ، ولكن كانوا يذمونهم ويذمون من اتبعهم وسار بسيرهم ، وقد روى أبوداود فى سننه بسند صححه بعض أهل العلم أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) .
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقارن يقتدى
واحذر ما يدعيه البعض أن هناك نوعا حسنا من البدع لا يذم فاعله بل يثاب حسبما يزعمون .
فهذا كلام باطل لا حقيقة له فى الشريعة الإسلامية فإن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال:" كل بدعة ضلالة ".
وكل ههنا تفيد الاستغراق كقول الله تعالى (كل نفس ذائقة الموت ) فلا يقولن قائل أن بعض النفوس لا تموت ، فكذلك البدع كلها مذمومة ومخالفة لشرع الله سبحانه وتعالى .
وقد ورد فى الصحيحين أن النبى - صلى الله عليه وسلم قال - :" من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
وفى لفظ لمسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".
أى مردود ولا يقبل منه هذا العمل لأنه لم يأت على الطريقة والصفة الشريعة بل جاء بطريقة بدعية لذلك لا يقبل منه ذلك العمل .
4- ولذلك احرص على أن تصلى الصلوات فى رمضان وغيره فى المساجد التى تقام فيها السنة وتدحض البدعة ، ولا تصلى فى معاطن البدع فى المساجد التى عرفت للحزبيين والمنحرفين كالإخوان المسلمين والتبليغ والصوفية ، حتى لا تتأثر بهم وتكثر من سوادهم ، وحتى لا يغتر بك أحد من العوام إن كنت ممن يقتدى بك .
5- احذر العرف الفاسد الذى ينتشر عند كثير من المسلمين وهو التهنئة بقدوم شهر رمضان كقول ( كل عام وأنتم بخير - وكل سنة وأنتم طيبون - رمضان كريم ) فهذه الأمور من المحدثات المنكرات والذى ينظر فى سير السلف الصالح - رحمهم الله - يجد أنهم ما كانوا يفعلون تلك الأمور .
والأحاديث المروية فى جواز التهنئة بدخول شهر رمضان ضعيفة أو موضوعة ولا تثبت عن النبى– صلى الله عليه وسلم - فيجب علينا أن نحذرها ونحذر منها ، وأما الدعاء فلا بأس به .
6- واحذر أيضا ما يفعله العوام بسبب قلة علمهم وجهلهم بحال السلف الصالح - رحمهم الله - إذا جاء شهر رمضان فيكون استقبالهم له بتعليق ( الرايات والأنوار والفوانيس وما شابه ذلك).
بل فى الآونة الأخيرة تجد أن هذه الفوانيس والأنوار مصحوبة بالأغانى والمزامير فحدثنى بربك أيكون استقبال شهر الطاعات بالمحاذير والمنكرات ؟
تالله إنها لأحدى الكبر .
7- احذر جهاز التلفزيون وكل ما يعرض فيه من أشياء محرمة ومخالفة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فالتمثيل مخالف للشرع وخارم للمروءة والذى يشاهده كذلك .
وللأسف حتى القنوات الفضائية التى تسمى بالدينية لا تخلوا من مخالفات شرعية:-
أولها: فى الشيخ المحاضر فقل أن تجد محاضرا على تلك القنوات سليم المنهج .
وثانيها: عدم الاهتمام بنشر العقيدة الصحيحة ومنهج السلف الصالح وزجر المبتدعة فهؤلاء لا يتكلمون فى العقيدة والمنهج ولايردون على مبتدع ، ولو رد أحدهم مرة فرده كما لولم يرد وذلك لأن فاقدالشىء لايعطيه.
وثالثها: وجود الأغانى التى يسمونها زورا وبهتانا (الأناشيد الإسلامية )ووالله إنها لمن المحدثات .
8- احذر كذلك المواقع القذرة على الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) فلا تدخلها فى رمضان ولاغيره .
وكذلك احذر الدخول فى مواقع المشبوهين من الحزبيين والمنحرفين التى تبث فى شباب الأمة الأفكار الباطلة والهدامة والخروج على ولاة الأمور وإيقاع التخريب والتفجير فى الدول الإسلامية وغيرها ، كمواقع دعاة الإخوان المسلمين وغيرهم .
فهؤلاء أشد خطرا والله من الدخول فى المواقع القذرة وذلك لأن البدعة أشد خطرا من المعصية .
فالمعصية يعلم فاعلها أنه على معصية لله ويسأل الله الهداية إذا نهاه أحد عما يفعل .
ولكن صاحب البدعة يظن أنه على الحق وربما قاتل عليها كالخوارج مثلا .
وقد قررهذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
9- ينتشر عند المصريين فى رمضان - خاصة - مشروب يعرف باسم ( البوظة (وهذا المشروب يقوم صانعه بتخميره حتى تتغير أوصافه .
ومثل هذا لايجوزفى تلك الحال لأنه أصبح كالخمر.
إذن : فيجب علينا أن نبتعد عن هذه المشروبات التى لا تجوز فما أحله الله لنا كثيرا جدا ، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
10- احرص على أن تصلى مع الإمام قيام الليل (التراويح) فى رمضان كاملا فقد ورد فى مسند الإمام أحمد بسند صحيح أن النبى -صلى الله عليه وسلم -قال: " من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ".
ولا تستعجل فتنصرف فتحرم الأجر .
وأعجب لأقوام ينصرفون عن هذا الأجر العظيم - كأنه قام ليلة كاملة - إلى الأفلام والمسلسلات واستماع الأغانى الماجنة وكلها أمور محرمات ومنكرات .
11- احرص على الإكثار من قرآءة القرآن الكريم ، فإن قرآءته لها أجر عظيم كما ورد فى سنن الترمذى بسند صحيح أن النبى -صلى الله عليه وسلم - قال:"من قرأحرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: الم حرف ،ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ".
ويزداد الأمر أهمية إذا كان كما هو ملاحظ أن أكثر المسلمين الآن لا يقرأون - فى ماعدا رمضان - إلا أقل القليل من القرآن الكريم .
وينبغى علينا أن نستغل هذه الأوقات فى حفظ كلام رب الأرض والسماوات ، وحتى يتسنى لنا وجود حفظة لكتاب الله تعالى ونحاول القضاء على ماانتشر فى البلاد الإسلامية من القرآءة فى الصلاة بالمصحف.
فهذا وإن كان جائزا بضوابط شرعية لكنه لا يخرج لنا حفظة لكتاب الله تعالى كابن مسعود وأبى ابن كعب وزيد ابن ثابت وغيرهم من السلف الصالح رضى الله تعالى عنهم .
12- احرص على تعلم عقيدتك ومنهجك السلفى الصحيح فهو الذى فيه السلامة والنجاة عند رب العالمين .
وذلك عن طريق المشايخ الثقات وكتب السلف الصالح.
ودعك من مشايخ أهل الزيغ والبدع والأهواء وكتبهم والتى هى عبارة عن فلسفيات وعقليات مخالفة لشريعة رب الأرض والسماوات .
13- إذا لم تستطع القرآءة - سواء قرآءة القرآن أوكتب العقيدة والمنهج الصحيح - فاستمع لها من أحد المشايخ الثقات الأثبات مباشرة أو عن طريق الأشرطة المسجلة .
إذا لم تستطع شيئا فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيع
وإياك ثم إياك أن تهمل ذلك الطريق فليس ورائه أدنى خير .
فتنبه فإن عدم استماع العلماء الثقات ومطالعة كتب السلف الصالح زيغ وضلال أى ضلال والعياذ بالله تعالى .
14- أقبل على شهر رمضان بحب للطاعة والصوم ولا تتضجر وتعتبره سجنا لك ، بل يجب عليك الامتثال لأمر الله تعالى ، لأن بعض الشعراء كان يعتبر شهر رمضان سجنا له عن ملذاته والتى منها شرب الخمر فكان يقول :
رمضان ولى هاتها يا ساق *** مشتاقة تسعى إلى مشتاق
أقول : فوالله لو أن السجن يمنع العبد من معصية الله تعالى لكان ممدوحا حينئذ ولا شك .
15- لا تكثر من الطعام فى الإفطار والسحور فوق القدر المطلوب وخاصة فى الإفطار حتى لا تجهد معدتك وتصاب بالخمول ومن ثم لا تنشط لصلاة العشاء والقيام ) التراويح) ولكن كل قليلا وبعد أن ترجع من صلاة العشاء والقيام (التراويح) إذا شعرت بأثر الجوع فكل مرة أخرى .
16- على كل مسلم أن يلتزم برؤية هلال بلده فى أول الشهر وفى آخره .
ولا يصومن على رؤية بلد أخرى حتى لا يحدث فتنة بين المسلمين .
فليصم مع جماعة المسلمين الذين معه فى دولته متى صاموا ، ويفطر معهم متى أفطروا .
وأنبه : أن القول بأن لكل بلد - دولة - مطلعهم قول قوى ومعمول به من قديم عند السلف الصالح
. هذا ما أردت بيانه من التوجيهات عسى الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه
أبو عبد الله الأثرى
وكتبه
أبو عبد الله الأثرى
