المفتي يرد على الصوفي يوسف الرفاعي في هجومه على « ابن باز وابن عثيمين » - رحمهما الله تعالى وأعلى درجاتهما .
[size=28]الحمدلله و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا محمد و على آله و صحبه و من والاه
و بعد
فما زال اهل البدع يشنعون على ائمة السنة منذ قديم الزمان , ولا يخلو ان يكون تشنيعهم جملة من الافتراءات و الاكاذيب و السباب و الشتائم و الله المستعان
و قد شنع المدعو يوسف الرفاعي قبل فترة على مفتي الدنيا شيخ الإسلام الامام العلامة المحدّث ناصر السنة و قامع المبتدعة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز و الامام العلامة فقيه العصر محمد بن صالح العثيمين - رحمهما الله تعالى - بكلام امتلأ بأكاذيب و افتراءات عليهما و وصفهما بأوصاف شنيعة - عليه من الله ما يستحقه -
و قد استنكر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الهجوم الذي وصفه بـ"الشنيع" على الشيخين عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين رحمهما الله، والذي صدر من يوسف الرفاعي وزير شؤون مجلس الوزراء الكويتي الأسبق، وقال إن ما جاء في حديث الرفاعي لإحدى الصحف الكويتية فيه تهم ملفقة وكاذبة ومزورة.
وأكد سماحة المفتي في بيان له بثته وكالة الأنباء السعودية أمس أن كتب الشيخين الجليلين مليئة بالعلم النافع والتوجيه والنصيحة والذب عن حياض الشريعة وتعظيم السنة والذود عنها والرد على من خالفها، وليست كما زعم الرفاعي أنها مليئة بالتكفير والتشريك حسب تعبيره.
==================
وفيما يلي نص البيان كاملا:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد..
فقد اطلعنا على مقابلة صحافية مع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الأسبق في دولة الكويت المفكر الإسلامي يوسف بن هاشم الرفاعي في صحيفة "السياسة" عددها رقم 13486 والصادر يوم السبت 29 ربيع الآخر 1427هـ الذي يوافقه 27 أيار (مايو) 2006م.
وكان مما لفت الانتباه وحزّ في الخاطر كثيرا هجومه الشنيع وغير المبرر على عالمين من أعلام هذه الأمةـ، هما سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز وسماحة الشيخ العلامة محمد العثيمين ـ رحمهما الله ـ ولفق عليهما تهما كاذبة مزورة ولبس على الناس في شأنهما. ولما وقفت على ذلك رأيت لزاما علي الذب عنهما صيانة لعرضهما وأداء لحقهما بعد موتهما وأيضا بيانا للحق وإظهارا له ودحرا للباطل وردا له على قائله
فأقول مستعينا بالله عز وجل :
إن ما نقمه الرفاعي على الشيخين جملة مزاعم وهي على قسمين..
القسم الأول، أمور اتهمهما بها كذبا وبهتانا وهما لم ولا يقولان بها وهي :
1 ـ قوله.. لأن ابن باز يعتبر أن من يحتفل بالمولد فهو مشرك فهذا تطرف.
2 ـ قوله.. ويقول إن من يحتفل بالإسراء والمعراج مشرك فهذا أيضا تطرف.
3 ـ قوله.. من ذهب ليزور المسجد ليزور النبي، صلى الله عليه وسلم، فسفره معصية.
4 ـ قوله عنهما رحمهما الله.. ألم يقولوا إن الوقوف أمام قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، والدعاء شرك.
5 ـ قوله عن كتبهما.. وكتب من يطلقون عليهم أئمة هي كتب تكفير وتشريك.
6 ـ قوله.. وهؤلاء الجماعة جهلة ويتبعون ابن باز ويقولون عنه إنه إمام من الأئمة، رغم أنه أنكر أن الإنسان وصل إلى القمر وقال إن الأرض ليست كروية وأصدر كتابا في ذلك وقال لم أصدق الوصول إلى القمر ولم يصدق ذلك إلا عندما صعد الأمير سلطان صعد مع الرواد الذين ذهبوا إلى القمر وبعدها صدق وقال طالما أن الأمير سلطان رأى بعينه فهذا الكلام يعتبر حقيقيا.. على اعتبار أن بعضهم كان يردد الآية لا تنفذون إلا بسلطان.
وللجواب عن هذه الافتراءات نقول ابتداء :
سبحانك هذا بهتان عظيم ثم لو كان هذا الكلام صادرا من غر جاهل لا يزن الأمور ولا يعرف المآلات ولا يحسن أدب الخلاف ولا يعرف عاقبة من يفتري الكذب ويؤذي عباد الله المؤمنين أقول لو صدر الكلام من مثل هذا الغر الجاهل لهان الأمر لكن هذا الكلام صادر من رجل كان في يوم من الأيام مسؤولاً كبيراً في الدولة ومنتسباً للعلم وله اطلاع على كتب العلماء وكان المؤمل فيه أن ينصب نفسه للدفاع عن علماء الحق لا أن ينتصب للطعن فيهم بالباطل ولنأتي على مطاعنه فقرة فقرة.
أما الزعم بأن الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ يرى أن من يحتفل بالمولد فهو مشرك فهذا كذب عليه رحمه الله وقد ألف رسالة في حكم الاحتفال بالموالد النبوية وغيرها بين فيها أنها بدعة واستدل لذلك بأدلة قوية يطمئن إليها قلب المؤمن المتجرد وكان مما قال رحمه الله: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بالمولد النبي، صلى الله عليه وسلم، والقيام له في أثناء ذلك وإلقاء السلام عليه وغير ذلك مما يفعل في المولد.. والجواب أن يقال.. لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة، رضوان الله على الجميع، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة وهم أعلم الناس بالسنة وأكمل حبا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومتابعة لشرعه ممن بعدهم.
وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال.. من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي.. مردود عليه وقال في حديث آخر.. عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها، وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، وقال عز وجل: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم". وقال سبحانه "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"، وقال تعالى: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم"، وقال تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
والآيات في هذا المعنى كثيرة وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به زاعمين أن ذلك مما يقربهم إلى الله وهذا بلا شك فيه خطر عظيم واعتراض على الله سبحانه وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين وأتم عليهم النعمة.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ البلاغ المبين ولم يترك طريقا يوصل إلى الجنة ويباعد عن النار إلا بينه للأمة كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال، قال - رسول الله صلى الله عليه وسلم - ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم رواه مسلم في صحيحه. ومعلوم أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - هو أفضل الأنبياء وخاتمهم وأكملهم بلاغا ونصحا فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيّنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأمة أو فعله في حياته أو فعله أصحابه رضي الله عنهم فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء بل هو من المحدثات التي حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها أمته كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين.
وقد جاء في معناهما أحاديث أخر مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الجمعة أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة. رواه الإمام مسلم في صحيحه. والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها عملا بالأدلة المذكورة وغيرها وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات كالغلو في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكاختلاط النساء بالرجال واستعمال آلات الملاهي وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر وظنوا أنها من البدع الحسنة والقاعدة الشرعية.. رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - كما قال الله عز وجل:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا".
وقال تعالى:"وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله". وقد رددنا هذه المسألة وهي.. الاحتفال بالموالد إلى كتاب الله سبحانه فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم - فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا وأمرنا بإتباع الرسول فيه..
وقد رددنا ذلك أيضاً إلى سنة الرسول- صلى الله عليه وسلم - فلم نجد فيها أنه فعله ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين بل هو من البدع المحدثة ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله، صلى الله عليه وسلم، بتركها والحذر منها. وهي موجودة بكاملها في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز، رحمه الله، الجزء الأول ص 178، 182.
والحاضرون لهذه الاحتفالات أجناس، فمنهم من يقع منه الفسق من الاختلاط المحرم، وقد يكون بينهم من يشرب المسكر ومن يتعاطى المعازف وغير ذلك مما ذكره أهل العلم. ومنهم من يحصل منه الشرك وذلك بالغلو في النبي - صلى الله عليه وسلم -ورفعه فوق منزلته وأعطاه بعض خصائص الرب جل وعلا من علم الغيب وإغاثة الملهوف مع أنه ميت في قبره بنص القرآن (إنك ميت وإنهم ميتون) (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون) وغيرها من النصوص الشرعية.
إلا أن أصل الاحتفال بالمولد بدعة، أما ما يقع فيه فيحكم على كل فعل أو قول بحسبه وفقاً للنصوص الشرعية والقواعد المرعية. وهذا لا يعني أن كل من يحتفل بالمولد فإنه مشرك، كما زعم الرفاعي في اتهامه للشيخ ابن باز رحمه الله.
2 ـ زعمه أن الشيخ يرى أن من يحتفل بالإسراء والمعراج فإنه مشرك وهذا باطل وافتراء فإن الشيخ رحمه الله قد ألف رسالة في حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بين فيها بدعية ذلك الاحتفال، وأيد قوله بالأدلة الشرعية الصريحة الصحيحة فلتراجع مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز - رحمه الله - الجزء الأول ص 183، 185. ولم يحكم على من احتفل بهذه الليلة بالشرك.
3ـ وأما زعمه بأن الشيخ - رحمه الله - يقول.. من ذهب ليزور المسجد ليزور النبي- صلى الله عليه وسلم - فسفره معصية، فهذا باطل أيضاً والشيخ - رحمه الله - له فتوى في ذلك بخصوصه، حيث سئل - رحمه الله - ما حكم السفر لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من قبور الأولياء والصالحين وغيرهم، فقال: "لا يجوز السفر بقصد زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -أو قبر غيره من الناس في أصح قولي العلماء لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) متفق عليه.
والمشروع لمن أراد زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بعيد عن المدينة أن يقصد بالسفر زيارة المسجد النبوي فتدخل زيارة القبر الشريف وقبري أبي بكر وعمر والشهداء وأهل البقيع تبعاً لذلك. وإن نواهما جاز لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، أما نية القبر بالزيارة فقط فلا تجوز مع شد الرحال، أما إذا كان قريباً لا يحتاج إلى شد رحال ولا يسمى ذهابه إلى القبر سفراً فلا حرج في ذلك لأن زيارة قبره، صلى الله عليه وسلم، وقبر صاحبيه من دون شد رحال سنة وقربة وهكذا زيارة قبور الشهداء وأهل البقيع وهكذا زيارة قبور المسلمين في كل مكان سنة وقربة لكن من دون شد الرحال لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة، أخرجه مسلم في صحيحه.
وكان، صلى الله عليه وسلم، يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية) أخرجه مسلم أيضاً في صحيحه. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز، رحمه الله الجزء، الثامن ص 336 337.
4 ـ زعمه بأن الشيخين ابن باز وابن عثيمين يقولان إن الوقوف أمام قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، والدعاء شرك وهذا كذب صريح وتلبيس على العوام فإن الوقوف أمام قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، أمر مشروع لمن كان في المدينة وهي من الزيارة المشروعة، أما دعاء الله أمام القبر مستقبلاً القبر مستدبراً القبلة فهذا غير مشروع، جاء في رسالة من الشيخ ابن باز - رحمه الله - إلى المرموز لاسمه بـ ع.م.ع وفيها قوله رحمه الله ونفيدكم أن الدعاء عند القبور غير مشروع سواء كان القبر قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أو غيره وليست محلاً للإجابة وإنما المشروع زيارتها والسلام على الموتى والدعاء لهم وذكر الآخرة والموت، أحببنا تنبيهك على هذا حتى تكون على بصيرة، وفي إمكانك أن تراجع أحاديث الزيارة في آخر كتاب الجنائز من بلوغ المرام حتى تعلم ذلك وفقنا الله وإياكم لا تباع السنة والعمل بما يرضي الله سبحانه ويقرب لدينه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أ. هـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز، رحمه الله، الجزء السادس ص327.
5 ـ زعمه أن كتب الشيخين مليئة بالتكفير والتشريك حسب تعبيره.. ونحن نقول بل كتبهم مليئة بالعلم النافع والتوجيه والنصيحة والذب عن حياض الشريعة وتعظيم السنة والذود عنها والرد على من خالفها وهذه كتبهم بين أيدينا شاهدة على هذا.
أما التكفير ونحوه فهذا حكم شرعي يتطلب العلم والبصيرة وتوفر شروطه وانتفاء موانعه وإلا فإن الخائض فيه سيهلك. والتكفير والتفسيق ونحوها أحكام جاءت في كتاب الله عز وجل أليس الله عز وجل يقول "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة" ويقول إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وغيرها من الآيات الكثيرة في كتاب الله عز وجل التي توضح بجلاء الحكم في مثل هذه القضايا.
فوجود الحكم بالكفر على أفعال أو أقوال جاء الحكم فيها بالكفر في الكتاب والسنة أو الإجماع هذا حق لا ريب فيه وإتباع للشرع ووضع للأمور في مواضعها بل إن جميع الفقهاء الذي صنفوا في أبواب الفقه يعقدون باباً في أحكام المرتد وهو الذي كفر بعد إسلامه. فهل مثل هذا يكون سبباً للطعن عليهم. ومع هذا فإن الشيخين، رحمهما الله، من أعف الناس لساناً وأقلهم خوضاً وأشدهم احتياطاً في مسائل التكفير والتبديع ومن تتبع كتبهما بتجرد وجد مصداق ما ذكرناه، أما تكفير الناس بعامة أو من دون تثبت فهما ولله الحمد أبعد ما يكون عن هذا السبيل، بل هما قد وقفا وقفة صادقة وقوية أمام التكفيريين بينوا بطلان وفساد اعتقادهم ومنهجهم، رحمهما الله رحمة واسعة.
6 ـ أما زعمه - عفا الله عنه - بأن الشيخ ابن باز، رحمه الله، أنكر وصول الإنسان إلى القمر ولم يصدقه حتى صعد الأمير سلطان إليه وأنه يستدل بقوله تعالى: (لا تنفذون إلا بسلطان).
فهذا من أعجب العجب وذلك أن الشيخ ابن باز، رحمه الله، ألف رسالة في إمكان الصعود إلى الكواكب في الثمانينيات الهجرية وهي موجودة ضمن مجموع الفتاوى له، رحمه الله، الجزء الأول ص 254، 265، وقد بين فيها أنه لا يوجد في الأدلة الشرعية ما يمنع وصول الإنسان إلى الكواكب وهذه الرسالة قد ألفها، رحمه الله، قبل أن يوجد الأمير سلطان بن سلمان، فكيف يزعم الرفاعي بأن الشيخ لم يصدق إلا بعد أن صعد الأمير سلطان إلى القمر.
أما الاستدلال بهذه الآية الكريمة على اعتبار أن سلطان الوارد فيها يقصد به الأمير سلطان فهذا لا يفوه به من يعلم ما يقول ويعقل عن الله عز وجل ورسوله، صلى الله عليه وسلم، الخطاب فكيف يرمى به عالم إمام محدث مجتهد سلم له بالإمامة والفقه والعلم والمعرفة بالنصوص الشرعية علماء عصره. ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.