خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حفظ الله الجزائر وسائر ديار الإسلام من دعاة الدمار / لفضيلة الشيخ عبد الحميد العربي - زاده الله تعالى توفيقا .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية حفظ الله الجزائر وسائر ديار الإسلام من دعاة الدمار / لفضيلة الشيخ عبد الحميد العربي - زاده الله تعالى توفيقا .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 20.08.08 7:27

    حفظ الله الجزائر وسائر ديار الإسلام من دعاة الدمار

    قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى:
    و الجهل داءٌ قاتل وشفاؤه أمران في التركيب متفقان
    نصّ من القرآن أو من سنة وطبيـب ذاك العالم الرباني.

    "إنكارٌ شديدٌ للتفجيرات التي تعرضت لها الجزائر العاصمة"



    حَفِظَ الله الجزائـرَ من دُعَاة الدّمَار
    وجَعَل كَيْد أَعدَائهَا في تَبَار



    وكتبه الشيخ:
    أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
    كان الله تعالى في عونه

    الحمدُ للهِ الواحد الوتر الرحيم البر، عالم الغيب والشهادة والسّر والجهر، مصعد الكلم الطيب، ومنزل القطر، أحمده وهو أهل الحمد والشكر، وبيده النفع والضر.

    وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المؤمَّل لحطِّ الوزر، ورفع الإصر، وإسبال الستر، وإلهام الصبر، شهادة مرغمة لأهل البدعة والإرهاب والشرك والكفر، وسارّة لأهل السنة المأمورين بالصلاة والصيام والحج والنحر.

    وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل: (أنا ولدُ آدم ولا فخر)، المبعوث من خير العرب؛ وهم قريش أولاد لؤي بن غالب بن فهر.

    أما بعد:

    إنَّ الأعمالَ الإجرامية الخسيسة، التي تعرضت لها الجزائر الأبية، موطن السّلم والمصالحة والأمل والوئام؛ يوم (23 ربيع الأول 1428) على أيدي شرذمة من اليائسين المبتدعين، والقانطين من رحمة الله ربّ العالمين؛ يزيد أهل السّنة الغراء في الجزائر النجلاء تمسكا بمنهج الصّحابة الأبرار، وسيرا على طريقة السّلف الأخيار،

    وقُدُما لكشف فيلق البدعة والفساد والدمار، وعزما على بثّ الصُّلح في الأنفس والأوطان والغِمار، واجتهادا في دحض مخطط دعاة الإرهاب والاستئصال المسنود من الغرب بكل بسالة وصدق وإصرار؛
    استجابة لأوامر الله تعالى العزيز الجبار، وسيرا على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي المختار، وتحقيقا لكليات الإسلام العظيمة والمليئة بالأنوار.

    فيلق منبوذ في كلّ الأرجاء، مكروه في الأنفس، بائس تاعس، يعيش في الحنادس، يلفظ أنفاسه الأخيرة ير يد أن يثبت للعالم من خلاله تململه و تخبطه، ومشروعه الدامس، أنه قادر على هزِّ كيان الدولة، وبث الرُّعب في صفوف مواطنيها، ورمس وطمس معالم الصّلح والأمل الذي أشرق شعاعه -وإن كان خافتا- على تلال وربوع الوطن الحبيب.

    ألست منتهيا عن نحت أثلتنا**ولست ضائرها ما أطّّت الإبل.
    كناطحٍ صخرةً يوما ليوهنها**فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.

    فيلق خاسر كونا وشرعا يأمل أن يدخل بوابة التاريخ ولكن على مفهوم ذلك الرجل الذي تنكبه المؤرخون لإفلاسه في جميع الفنون، فأراد أن يلفت انتباه أهل الصنعة إليه فاختار موسم الحج، ويوم أن أفاض الناس من مزدلفة إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، ارتقى المفلس على حافة بئر زمزم وصرخ بأعلى صوته، فلما التفت إليه المؤرخون قام وبال في البئر، فدوّن أهل الصنعة من المؤرخين في كتبهم أنه في سنة كذا بال فلان بن فلان في بئر زمزم!.

    وهكذا الحال مع فيلق الفساد والإجرام، فإن الدَّوِيَ الذي أفزعوا به الأبرياء شبيهٌ ببول ذلك المفلس في بئر زمزم!.

    ثم الغريب والأنكى، وكارثة الكوارث أن رأس الأفعى، وزعيم القاعدة في المغرب العربي زعموا، ومقدم الفيلق إلى النّار كما صرحوا؛ تجده سامدا رأسه وهو يتلذذ بأشلاء الأبرياء عَلَنا، ويصف غدره وختره بالمسلمين أنه غزوة بدر الكبرى في المغرب العربي كذبا وزورا، وتجنيا على السيرة النبوية العطرة!!،

    ثم يتمادى في حقارته وسفوله، ويقوم بإهداء خِزيه ونذالته إلى المسلمين في العالم كله،

    وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت).

    ولو كان رأس الأفعى واعيا في حديثه، ومدركا لفعله البشع، عالما بمآل جرمه وخطره على الأمة الإسلامية، شاعرا بالخزي الذي جلبه إلى نفسه وإلى أمته الضعيفة، لما والس ودلس ووصف غدره بغزوة نصر الله فيها أهل الحق صدقا، وخذل فيها صناديد الكفر حقا، وكان جديرا به أن يسمي صنعته؛ (غدرة فيلق الموت) للأمة الإسلامية بعد أن مدّ الشعب الجزائري إليه يده.

    ثم هذه الأعمال البشعة شرعا وعقلا؛ كان على فيلق الموت أن يزفّها إلى المحافظين في الكونجرس الأمريكي، وإلى اللوبي الصهيوني، وإلى دعاة عقيدة (هرمجيدون)، وإلى فليق مقتضى الصدر الرافضي؛

    لأنهم أول من يستفيد من جرمهم، وأول من يتغذى من خزيهم ويتقوت، ولهذا تجد دول الكفر في قرار أنفسهم، وأحيانا علانا دون خجل يتمنون لدعاة الدمار الزيادة في الإفساد، والمضاعفة في الإجرام.

    إنَّ ابنَ الجزائر الغراءِ -والمحروسةِ بإذن المولى من كيد المفسدين- قد ارتقى إلى مستوى من المعرفة والعلم، ما يخول له التعامل مع دعاة الإبادة الجماعية، وصناع الإرهاب، وأشباح الاستئصال بكل حنكة ودراية، وما يجعله يفرق بين دعاة الحق الذين هم صدقا على منهج السلف الصالح في الأقوال والأعمال، ويسعون إلى بناء أوطانهم بالحكمة والموعظة الحسنة، والذين أخبر الله عنهم بقوله في سورة الأنبياء: [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ]،

    وبين دعاة الإجرام والفساد باسم الدين ومنهج السلف، التائهين في يمّ الشبهات،

    الذين مِن عَمَاهم تراهم يُغَيِّرون أسماء تنظيماتهم في كل عام مرة أو مرتين؛ فمن الجيش الإسلامي، إلى السلفية القتالية، إلى القاعدة في المغرب العربي، إلى...إلى..

    والذين أخبر الله عنهم في سورة القصص فقال: [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ].

    ولن يتمكن صناع الإرهاب إن شاء الله الحكيم من فؤاد ابن الجزائر لهزه وبث الرعب فيه، وملئه بالخور والهلع، بعد ما أدرك مخططهم، ووقف على قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيهم: (كلما خرجوا قطعوا)، وإن كانوا بغدرهم ومكرهم قد أسالوا بعض قطرات دمه، أو شققوا جدران بيته، فإن فؤاده موصول بالله تعالى، وما كان بالله ولله فلن يضره طيش الخاسئين.

    وقد فهم كذلك الشعب الجزائري الأبيّ أنّ الإسلام الحق بريء من حسك فيلق الموت، فنصوصه الشرعية ومقاصده وآدابه المرعية، جاءت بتحريم قتل الأنفس المعصومة، وإزهاق الأرواح الآمنة بالشُّبه، وتدمير الممتلكات، والاعتداء على الأموال والحقوق، والسعي في الأرض بالفساد، واغتيال الأبرياء بشبهة إحياء السنن المهجورة على تصور فيلق الإفساد!

    فقد قال الله تعالى محذرا من هذه الفعال الشنيعة: [وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ]،

    وقد حرّم الإسلام الحنيف الظلم وعده من الكبائر، وأمر بالقسط والعدل حتى مع العدو المشاحن، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ]،

    ونهى بنصوصه النيرة عن سلوك العنف والفظاظة فقال تعالى [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ]،

    وقال نبي المرحمة صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله»، وقال أيضا: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه، ولا نزع من شيء إلا زانه».

    إنّ الشعب الجزائر المسلم حين وصل إلى هذا القِسط من المعرفة نفض يده من صناع الإرهاب بكل أشكالهم وألوانهم، واختار سبيل الإصلاح والسّلم، والتعامل مع الخلق بالتي هي أحسن للتي هي أقوم،

    وتمثّل قول الشاعر:
    نحنُ التّارِكُون لِمَا سَخِطنا**ونحنُ الآخِذون لِمَا رَضِينَا.

    إن الشعب الجزائري المسلم كره العنف والإرهاب والفساد، وتفطن لمنهج دعاة الاستئصال والتغريب والفتنة، وإذا نبذ شيئا فلن يستطع أحد على إجباره للسير خلفه، وقد رضي بالصّلح والسلم بضوابطه الشرعية، وجعله منهج حياة، ولن يقدر أحد أن يحول بينه وبين ما أخذ لعزته وارتفاع شأنه.

    ولا أريد أن أخوض في التحاليل السياسية، وتخمينات الصحافيين الدائرة حول أسباب التفجيرات، ومن وراءها، ومن هي القاعدة، ومن يقف وراءها، وما هي خطورتها على الحوض الإفريقي، وغيرها من الأسئلة؟

    فلهذا الفصل الشائك والمشبوه مربع خاص به، ولكن أريد أن ألفت انتباه القراء الكرام ومن يقف على مقالنا من المنصفين على سبب واحد دون إسهاب زجّ بالمغرر بهم من أبناء الأمة ليتبنوا التفجيرات العشوائية كسبيل لرفع راية الجهاد، وتحرير العباد وتطهير البلاد، والقضاء على المرتدين وأهل العناد، على زعم فيلق الموت ذي الأوتاد!.

    إنّ الجهلَ بكتابِ الله تعالى، وبسنةِ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكلامِ السّلف في باب الجهاد واسترجاع الحقوق وإقامة شرع الله في الأرض، والإعراض عن سننِ الله الكونية في دفع الظلم والبغي وتحقيق العدل والسلم؛ أوقع كثيرا من أبناء الأمة المغفلين في براثين التأويل الفاسد الذي عمل في أمة الإسلام، وأحدث فيها فتنا صماء أكثر من سيف التعطيل

    فلو جئنا يا رعاكم الله من كل سوء ومحنة لنعد َقَتْلَى المسلمين في حربهم مع الكفار الأصليين، فإنه لا يكاد يُذكر عددُهم بجانب قتلاهم فيما بينهم البين بسبب التأويل الفاسد والاجتهاد البائد والأماني الكاسدة، وما العراق والصومال عنا ببعيد!.

    قال شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ- في مجموع الفتاوى (17/307-308):
    (فان القرآنَ جعله الله شفاءً لما في الصدور، وبياناً للناسِ، فلا يجوز أن يكون بخلاف ذلك، لكن قد تخفى آثار الرسالة في بعض الأمكنة والأزمنة، حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، إما أن لا يعرفوا اللفظ، وإما أن يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه(1)، فحينئذ يصيرون في جاهلية بسبب عدم نور النبوة،
    ومن ههنا يقع الشِّرْك، وتفريق الدين شيعاً كالفتن التي تُحْدِثُ السَّيْفَ.

    فالفتن القولية و العملية هي من الجاهلية بسبب خفاء نور النبوة عنهم، كما قال مالك بن أنس: إذا قل العلم ظهر الجفاء، وإذا قلَّتِ الآثارُ ظهرتِ الأهواءُ.

    ولهذا شبهت الفتن بقطع الليل المظلم، ولهذا قال أحمد في خطبته: "الحمد لله الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ بقايا من أهل العلم"، فالهدي الحاصل لأهل الأرض إنما هو من نور النبوة، كما قال تعالى: [فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى]).

    وقال كذلك -رحمهُ اللهُ- (17/310): (إذا انقطع عن الناسِ نور النبوة وقعوا في ظلمة الفتن، وحدثت البدع والفجور، ووقع الشر بينهم).

    إنّ جهل المغرر بهم بفقه الجهاد(2)، جعلهم يُمَتِّنون لأعمدة الجاهلية في ربوع الأمة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، مما آل بهم إلى الوقوع فريسة في أيدي رؤوس الضلال والفتن؛ يتلاعبون بعقيدتهم ودينهم، ويُصوِّرُون لهم العالم الفسيح كقطعة ليل مظلم، لا تنفع معه أنوار الأكوان، ولا تجدي معه الشمس في كشف ظلمته، ولو وضعت على مقربة شبر منه،

    ويَغرسون فيهم أن السبيل الأمثل لإنقاذ البقية الباقية من أفراد البشرية الذين لم يتدنسوا بالكفر، ولم يقعوا في الردّة على مفهومهم الساذج، وتأويلهم الكاذب؛

    هو مسح ما على وجه الكون من متحرك و جامد عن طريق العماليات الناسفة، ثم إعادة إعمار الأرض على الطريقة التي انقدحت في أذهانهم، والتي لم تخطر على عقول الأوائل والأواخر من علماء الأمة.

    إن العقل الناضج، والسليم من بوائق أهل الضلال قمن أن يمكن صاحبه من التمييز بين التمرة والجمرة، وحري أن يسوقه إلى قارب النجاة، والملاحظ أن فيلق الموت قد تخلى عن عقله، أو سلب منه وجعل بدله هباء لا يميز به بين عدو وصديق، وجار وأخ شقيق!.

    قال العلاّمة ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة (1/384): (والعقل عقلان: عقل غريزة، وهو أبو العِلْم، ومُرَبِّيه، ومُثْمِرُه، وعقل مُكتسَبٌ مستفاد، وهو وَلَدُ العلم، وثمرته، ونتيجته، فإذا اجتمعا في العبد؛ فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واستقام له أمره، وأقبلتْ عليه جيوش السعادة من كل جانب، وإذا فقدهما؛ فالحيوان البهيم أحسن حالًا منه، وإذا انفردا؛ نقص الرجل بنقصان أحدهما)اهـ.

    وأحسب أن فيلق الموت قد فقد العقلين، وإلا لما سلك طريقا لا يبقي على مكتسب ولا يجلب مفقودا أو متأملا!.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: حفظ الله الجزائر وسائر ديار الإسلام من دعاة الدمار / لفضيلة الشيخ عبد الحميد العربي - زاده الله تعالى توفيقا .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 20.08.08 7:43

    إن الاستدلال بنصوص القرآن، والتركيز على سورتي التوبة والأنفال من غير فقه لهما، أو وقوف على تفسير السلف لهما جر فيلق الموت إلى التيه في دهاليز التأويل الفاسد، والخروج عن المنهج القويم في فهم كتاب الله تعالى،

    وجعلهم يتخبطون في سيرهم، ويسحقون ويمحقون كلّ من دلّ التأويل الفاسد أنه كافر جاحد.

    قال الشاطبي رحمه الله : (ألا ترى أن الخوارج كيف خرجوا من الدين كما يخرج السّهم من الصيد المرمي؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم بأنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يعني -والله أعلم- أنهم لا يتفقهون فيه حتى يصل إلى قلوبهم؛ لأن الفهم راجع إلى القلب، فإذا لم يصل إلى القلب لم يحصل فيه فهم على حال، وإنما يقف عند محل الأصوات والحروف المسموعة فقط، وهو الذي يشترك فيه من يفهم ومن لا يفهم)(3).

    وقال الآجري رحمه اللهُ في (الشريعة) الجزء الأول: (فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام -عدلًا كان الإمام أو جائرًا– فخرج، وجمع جماعة، وسلّ سيفه، واستحل قتال المسلمين؛ فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه، ولا بحسْن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج...)اهـ.


    وأيضًا: فقد ثبت عن حذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: (إن مما أتخوف عليكم: رجل قرأ القرآن، حتى إذا رؤيتْ بهجته عليه، وكان ردء الإسلام؛ اعتراه إلى ما شاء الله، فانسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك) قال: قلت: يا رسول الله، أيهما أولى بالشرك: المرمي أو الرامي؟ قال: (بل الرامي).

    لا إله إلا الله ما أقبح الجهل، وما أخطر التأويل الفاسد على الأمة.

    إنني أتعجب من فيلق الموت؛ هل يريد أن يسقط دولة مسلمة قائمة وشامخة المعالم(4) -على ما فيها من جور ونقص وانحراف – ويقيم بعدها دولة جديدة في جميع شؤونها، لأنه لا يرى جزء من الدولة القديمة صالحا، ويصلح أن يضمه إلى الدولة الجديدة؟

    وهل يتصور هؤلاء الحمقى أنهم قادرون على إدارة دولة جديدة لم يطمسها قبلهم إنس ولا جان في خضم التقلبات العالمية، والتحولات الإقليمية؟.

    إن الذي يصنعه فيلق الموت جرَّ ويلات أشد وأنكى على قلب الأمة مما كان يريد إزالته!، ونجد أن أعداء الإسلام والسّلام يفرحون بهذه الفتن في بلاد الإسلام، لأنهم يتذرعون بها للتدخل في شؤون المسلمين تحت أستار عدة منها:
    (حقوق الإنسان)
    و
    (المنظمات الدولية)
    و
    (مكافحة الإرهاب)
    و
    (الديمقراطية)
    ونحو ذلك من السّحك والحسك.

    ألا نعتبر يا فيلق الموت بما حلَّ بالمسلمين في الصومال، وأفغانستان، والعراق بسبب التفجيرات والفتن والتأويل الفاسد؟!

    أليس اللبيب والسعيد من وُعظ بغيره؟

    ألم نتأمل يا قوم في قوله تعالى وهو يحثنا على التأمل والتبصر واستخلاص العبر[أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَءَاثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَاكَانَ لَهُمْ من اللَّهِ مِنْ وَاقٍ].

    إن الإنكار على الحكام الجائرين بالتفجيرات والاغتيالات، والتدمير والانقلابات جر على الإسلام وأبنائه المحن والفتن والنكبات

    فقد قال العلامة ابن قيم الجوزية في (إعلام الموقعين): (..وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنّه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر... ومن تأمل ما جرى للإسلام في الفتن الكبار والصغار؛ رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر، فطلب إزالته، فتولَّد منه ما هو أكبر منه...).

    وقد أنكر الإمام أحمد الخروج على الواثق -الداعيةِ للقول بخلق القرآن، وهو كُفْرٌ بالاتفاق يا دعاة فيلق الموت- وعلّل ذلك رحمه الله بأنه يكره الخروج والفتنة وإراقة الدماء المعصومة، مع خلاء عهد الإمام أحمد من التكتلات العالمية والمنظمات الدولية الصليبية.

    فكيف لو كان الإمام أحمد يعيش بين أظهرنا، ويرى دول الشرّ التي تجيد استثمار الفتن الداخلية للدول، وتتفنن في التلاعب بأبناء الأمة، وتجتهد في إضعاف الدول من الداخل كي يسهل لها التدخل متى شاءت؛ وتتربص بنا الدوائر، وتنتظر الثقب الذي يحدثه دعاة الفتن للتدخل؛ فإنه رحمه الله سيكون نهيه وإنكار أشد وأقوى.

    إن الذي يصنعه فيلق الموت لا يحتاج إلى أدلة كثيرة ليظهر فساده للعيان، بل إن باطل ما يصنع القوم جلي في أدلتهم، واضح في سلوكهم، مكشوف في خططهم؛

    وصدق ( العلامة ) ابن قيم الجوزية حين قال: (وإذا أردت معرفة بطلان المقالة؛ فكرِّر النظر في أدلتها، فأدلتها من أكبر الشواهد على بطلانها، بل العاقل يستغْني بأدلة الباطل عن إقامة الدليل على بطلانه، بل نفس دليله هو دليل بطلانه).

    فالتفجيرات في الأماكن العامة، والاعتداء على الآمنين من أبناء الأمة بالجملة، دليل على بطلان صنيع القوم، وأنه مِن فِعل أهل الإجرام، والجريمة المنظمة، ولا يمكن بحال من الأحوال أن ينسب إلى دين الإسلام، أو أن يكون وسيلة عزٍ لأبناء الأمة.

    ============

    قد يقول قائل : ما هو الحل لكشف مخطط فيلق الموت، وعصمة أبناء الأمة من شبههم؟

    الجواب: يجب على أبناء الأمة حُكاما ومحكومين بعد اللجوء إلى الله، أن يَعُودوا إلى علماء الأمة وطلابها النجباء ليستمدوا منهم المعرفة والسبيل لتبصير التائهين والحيارى

    فإنّ أهل العلم هم زينة الحياة الدنيا

    وقد رفع الله جلّ وعلا منزلتهم في القرآن، فقال: [يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ]

    وجعلهم من أهل الشهادة على وحدانيته، فقال تعالى: [شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ]

    فينبغي على الأمة أن تظهر حاجتها إلى العلماء، ورغبتها الشديدة في الاستفادة من علومهم، فإنّ ذلك :

    أولا : يبعث على تنشيط العالم على البحث والتحقيق، وكشف مخططات فيلق الموت، وصدّ هجماته على الإسلام والمسلمين .

    وثانيا: يحفز أبناء الأمة إلى السعي في تحصيل المنافع والعلوم مادامت الأمة بهذه الخاصية من توقير للعلماء والرفع من شأنهم، وللأمة أسوة بنبيّ الله موسى وهو من أولي العزم من الرسل حين قال لنبي الله الخضر: [قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا].

    قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: (إظهار حاجته إلى المعلم وأنه يتعلم منه مشتاق إلى ما عنده، بخلاف حال أهل الكبر والجفاء(5)؛ الذين لا يظهرون حاجتهم إلى علم المعلم، فلا أنفع للمتعلم من إظهار الحاجة إلى علم المعلم وشكره على تعليمه).

    وروى عبد الرزاق في مصنفه بسنده إلى طاووس أنه قال: (من السّنة أن يوقر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد).

    إن العلماء مرجع الأمة في الأحكام الشرعية، كما قال تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ]

    وقد أمر الله بالرجوع إليهم في الأمور المهمة والعويصة، وما يتعلق بمصالح الأمة في معاشها ودنياها، وما يستجد من النوازل الجديدة، وما يحصل لها من فتن وشرور، تهز أمنها وتضعف كيانها؛ كما قال تعالى: [وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً].
    فإذا حلّت بالأمة فتن(6) وقلاقل فأول ما تفعله بعد لجوئها إلى الله تعالى أن تسأل أهل الذكر عن الحلول الشرعية في معالجة الأزمة، وعن طبيعتها وخطورتها، ونواتجها على أمن الأمة واقتصادها، وهل لها مثيلات في التاريخ الإسلامي، وكيف تمّ علاجها؟، وهكذا...؛


    وهذا الطريقُ السديدُ -وللأسف الشديد- قلّ من يتنبه له ممن بأيديهم زمام الأمر، بل يلجئون أحيانا إلى حلول مستوردة وهجينة، لا تلائم طبيعة المعضلة، ولا تتماشى وأعراف البلاد، وقد تزيد المعضلة تعقيدا وتشابكا

    بل وفي بعض الأحايين يُهمش العلماءُ وطلبة العلم قصدا، وتغرب أقوالهم وتستبدل بأقوال بعض المتطفلين على قضايا الأمة والمشائين وراء الشهرة الإعلامية، والله المستعان.


    قال أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي اللبيب الناصح: (مثل العلماء كمثل النجوم التي يهتدى بها، والأعلام التي يقتدى بها، فإذا تغيبت تحيروا، وإذا تركوها ضلوا)(7).

    إنّ الحكم الصحيح على القضايا والنوازل لا يتأتى إلا بمعرفة الواقع على ما هو عليه، وهذا الواجب قد تحمل عبأه العلماء، فهم مع درايتهم بالفقه في كليات الأحكام، فهم كذلك لهم قدم السبق في معرفة أحكام الحوادث الكلية والوقائع وأحوال الناس.

    قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره (ص198): (فالحكم بالحق يقتضي العلم بالأمور الشرعية، والعلم بصورة القضية المحكوم بها، وكيفية إدخالها في الأحكام الشرعية الكلية، فالجاهل بواحدة من هذه الأمور لا يحل له الإقدام على الحكم بين الناس).

    صدق رحمه الله، فكم مِن مُتحدث عن كارثة الإرهاب عبر القنوات المرئية أو المسموعة، وهو في حقيقة أمره جاهل بكلياتها، غريب عن تحديد مظاهرها، فتراه والعياذ بالله يُشرِّق حينا، ويُغرِّب أخرى، ويلوك عبارات لا يعرف معناها، ويقذف تهما من غير موازينَ شرعيةٍ، ولا ضوابط عقلية سليمة

    وإذا قيل له: ما هذا العلاج الذي فاجأتنا به، ألا ترى أنك زدت به القضية تعقيدا وعفنا، وجعلتها فضى في جراب؟

    نطق متبسما والجهل يصحب أنفاسه: المهم المشاركة فقط!.

    إن الذي يحقُّ له تحقيق المناط وإسقاط الأحكام على النوازل هم العلماء، ولهذا كان أهل العلم يشيدون بالعالم العارف لواقعه :
    فقد مدح القاضي عياض خلفَ المعلم ورفع من شأنه وقال عنه: (كان عالما بنوازل الأحكام)، كما في ترتيب المدارك (2/489).

    وقال الحافظ ابن حجر كما في المجمع المؤسس(3/74) ممتدحا شيخه شهاب الدين أبا هاشم الظاهر المعروف بابن برهان: (وكان كثير الإنذار لكثير مما وقع من الفتن والشرور، لما جبل عليه من الإطلاع على أحوال الناس).

    فعلى الأمة والقائمين على شؤونها إذا أرادوا كبح شرّ دعاة الفساد، وتنور أبناء الأمة بخطر التطرف والإرهاب أن يستغلوا منشآت الدولة التعليمية من إذاعة وتلفزيون ومساجد؛ باستضافة العلماء والمشايخ، وكبار طلبة العلم، وبإقامة الدورات في الجامعات والمراكز الثقافية، وبنشر الكتاب الهداف والرزين، وبهذا الطريق السديد نسد فوهة الإرهاب، ونبصر عقول الشباب، والله تعالى يعلم المصلح من المفسد.

    والحمد لله ربّ العالمين.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: حفظ الله الجزائر وسائر ديار الإسلام من دعاة الدمار / لفضيلة الشيخ عبد الحميد العربي - زاده الله تعالى توفيقا .

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 20.08.08 8:03


    علينا أن نعود إلى الله ونترك المعاصي
    كي يعصمنا ربّنا من شر الخوارج والإرهابيين


    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين كالخوارج المارقين، والمرجئة المفرطين، ودعاة الحزبية الزائغين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله.

    أما بعد:
    إن الهمّ الذي ألمّ بالمسلمين في الجزائر البيضاء، وما حلّ بهم من رعب وفزع بعد أن نسوا فصوله، وطووا أيامهم؛ يجعلهم يحاسبون أنفسهم، ويوثقون علاقتهم بربهم جلّ جلاله، ويتخلون عن المعاصي والبدع


    فإن أهل الشرك والبدع والإجرام والإرهاب والإفساد لا يقدرون أن يتسلطوا على أهل الاستقامة والعبادة إلا حين يتركون بعض ما أمر الله به، ويقعون في بعض ما نهى عنه تعالى مولانا،

    وقد أخبر الله تعالى عن حال النصارى لما تنكبوا التعاليم الربانية، واعتنقوا البدع والرهبنة والفجور جاءهم ما يوعدون فقال تعالى : [وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ].

    يا أبناء الأمة رعاكم الله من كل بلية: إن الانفتاح على الغرب، والتبادل الثقافي بين الأمم، والنمو الاقتصادي لا يعني بحال أن نتملص من ديننا، ونترك الفرائض، وننغمس في المحرمات، من غناء ماجن، واختلاط فاجر، وتبرج سافر وما شابه ذلك من البوائق

    فإن الانفتاح المصحوب بسخط الله عاقبته وليمة، ونهايته أليمة، وكسره لن يجبره البنك العالمي، ولا المساعدات الدولية؛ قال تعالى في سورة الأنعام [فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ].

    ولقد ضرب الله تبارك وتعالى بسبأ مثلا، إذ كانوا يعيشون آمنين في بلاد لهم فيها آية؛ جنتان عن يمين وشمال، فلما أعرضوا عن دين الله، وغرقوا في المحرمات مزقهم الله كلّ ممزق وجعلهم أحاديث، وعبرة لكل من أراد أن يعتبر؛ وفي ذلك يقول عز وجل: [لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ. ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ، فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ] [سبأ15-19].

    إنّ انتشار المعاصي في المجتمع يا أبناء الأمة، وظهورَ فقاقيع البدع والشرك مؤشر وجيه لزوال نعمة الأمن، وحلول نقمة الخوف، وتمكن أهل الشر من الإرهابيين من رقاب أهل الخير.

    فقد أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد(1/86) بإسناد صحيح قال: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: (لما فُتحت قبرص فُفرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعزّ اللهُ فيه الإسلام وأهلَه؟ فقال: ويحك يا جبير؟! ما أهون الخلق على الله عزّ وجل إذا أضاعوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى).

    وقال أبو البختري أخبرني من سمع النبي يقول: (لن يهلِك الناس حتى يَعذِروا -يُعذِروا- من أنفسهم)(8).

    ومعنى (يعذروا من أنفسهم)؛ أي تكثر ذنوبهم وعيوبهم، ويَتركون العمل بالحق بعد ظهوره فيستوجبون العقوبة.

    وعن عبد الله بن عباس، عن رسول الله ، فيما روى عن ربّه؛ قال: قال رسول الله (...ولا يَهْلِكُ على الله تعالى إلاّ هَالكٌ)(9).

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في المجموع: (وإذا كان في المسلمين ضعف، وكان عدوهم مستظهرًا عليهم؛ كان ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم: إما لتفريط في أداء الواجبات باطنًا وظاهرًا، وإما لعدوانهم بتعدي الحدود باطنًا وظاهرًا، قال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا]
    ، وقال تعالى: [أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ] وقال تعالى: [وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ]).

    وقال الإمام ابن القيم: (فلو رجع العبد إلى السبب والموجِب؛ لكان اشتغاله بدفعه أجدى عليه، وأنفع له من خصومة من جرى على يديه، فإنه - وإن كان ظالمًا - فهو الذي سلطه على نفسه بظلمه، قال الله تعالى: [أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ].

    وقال الإمام ابن القيم أيضًا: (وكذلك النصر والتأييد الكامل إنما هو لأهل الإيمان الكامل، قال تعالى: [إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ] وقال تعالى:[فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ]، فَمَنْ نَقَصَ إيمانه؛ نَقَصَ نصيبه من النصر والتأييد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله، أو بإدالة عَدُوٍّ عليه؛ فإنما هي بذنوبه: إما بترك واجب، أو فِعل محرم، وهو مِنْ نَقْص إيمانه).

    وقال رحمه الله كما في الصواعق: (وبهذا يزول الإشكال الذي يورده كثير من الناس على قوله تعالى: [وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا]، ويجيب عنه كثير منهم بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلًا في الآخرة، ويجيب آخرون بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلًا في الحجة.
    والتحقيق:... أن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل، فإذا ضَعُف الإيمان؛ صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم،

    فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بحسب ما تركوا من طاعة الله تعالى، فالمؤمن عزيز، غالب، مؤيَّد، منصور، مَكْفِيٌّ، مدفوع عنه بالذات أين كان ولو اجتمع عليه مَنْ بأقطارها، إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته، ظاهرًا وباطنًا، وقد قال تعالى: [وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ]، وقال تعالى: [فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ]،

    فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعمالهم، التي هي جُنْدٌ من جنود الله، يحفظهم بها، ولا يفردها عنهم، ويقتطعها عنهم، كما يَتِرُ الكافرين والمنافقين أعمالهم، إذا كانت لغيره، ولم تكن موافقة لأمره).اهـ.

    فالله أسأل أن يطهر أوطاننا من البدع والمعاصي
    وأن يرزق أهلها الإيمان الخالص، والعمل الصالح
    وأن يجنب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الفتن والمحن والإحن
    إنه ربي تعالى ولي ذالك والقادر عليه.

    والحمد لله رب العالمين.

    وكتبه الشيخ :
    أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
    [size=18][size=21]

    ************ **
    الهامش:
    (1)إنّ الفيلق الذي يزعم أنّه يسعى إلى تطهير الجزائر أو المغرب العربي أو شمال إفريقيا أو الكرة الأرضية! من الكُفر والردة جاهلٌ بمعاني نصوص الكتاب والسنة، ووحشي الفهم لوضعي الأمة، متنكب لمنهج السلف في باب الجهاد، سجين لأفكار المنحرفين عن الصراط، وأكثر ما عنده كلام وآراء وخرص لأناس حالهم لا ينفك عن حال المعارضين لدولهم في العالم من أجل الكرسي والإمامة، فيلق آل أمره أن اتخذت هواجس الأفكار، وسوانخ الخواطر والآراء علما وحكما وسياسة وسبيلا لاسترجاع الخلافة الغائبة، ولا شكّ أن من كان هذا مبلغه من العلم فهو كما قال القائل:
    نزلوا بمكّة في قبائل هاشم ** ونزلت بالبطحاء أبعد منزل.
    وقد وصف العلاّمة ابن تيمية نظائر هؤلاء فقال: (إنّهم طافوا على أرباب المذاهب ففازوا بأخسِّ المطالب، ويكفيك دليلا على أنّ هذا الذي عندهم ليس من عند الله [لما] ترى فيه من التناقض والاختلاف ومصادمة بعضه لبعض، قال تعالى [وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا]).

    (2) قال شيخُ الإسلام رحمه الله: (وقتل الآدميّ من أكبر الكبائر بعد الكفر، فلا يباح قتله إلاّ لمصلحة راجحة، وهو أن يُدفع بقتله شرٌ أعظم من قتله، فإذا لم يكن في وجود هذا الشرّ لم يكن قتله، قال تعالى في سورة المائدة: [مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ]، فلم يبح القتل إلاّ قوَداً، أو لفساد البغاة وسعيهم في الأرض بالفساد، مثل: فتنة المسلم عن دينه، وقطع الطريق، وأمّا ذنبُهُ الّذي يختص به ولا يتعدّى ضرره إلى غيره؛ فهذا لا يُسمى فسادا).
    (3) الإعتصام (3/145 ط/ مشهور حسن).

    (4) إنّ دعاة الإرهاب والخروج وتكفير الخلق بالصغيرة والكبيرة جعلوا أصل أصولهم ذكر عيوب الحُكام، ونشرها في وسائل الإعلام: وأن الدين لا تقوم له قائمة إلا بإسقاط الأنظمة الحاكمة بالتمرد والعصيان وإراقة الدماء
    ولهذا هرعوا إلى تفجير قصر الحكومة، وما امتدت إليه أيديهم!.

    إن صنيع القوم مخالف للأدلة الشرعية الساطعة، ومباين للواقع المعيش، ومن الأدلة: قوله جل وعز في سورة الرعد ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾ وقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي أمامة الذي رواه الحاكم: (لتُنْقضَنَّ عُرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة؛ تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة).

    وفي هذا الحديث الصحيح أخبر فيه صلى الله عليه وسلم أن أول شعائر الدين ذهابا الحكم بما أنزل الله، وبين في نفس الحديث أن كثيرًا من شعائر الدين تبقَى بعد ذهاب الحكم، والشيء لا يذهب كله بذهاب أوله كما في هذا الحديث، فظهر بذلك أنه ليس الأمر كما يقولون: ذهاب الحكم؛ ذهاب الدين كله،

    وعليه تصير الدول الإسلامية على مفهومهم العفن دول كفر شبيهة بروما وباريس، آخذين هذا العفن من رأسهم سيد قطب المصري

    الذي يقول في ظلال القرآن (4/2122): (إنّه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم، قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي)

    ويقول كذلك: كما في ظلال القرآن (3/1634 ): (إن المسلمين اليوم لا يجاهدون، ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون)

    ويقول كذلك: كما في الظلال (4/2009): (إن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم)

    ويقول كما في كتابه العدالة الاجتماعية (ص:250): (وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام لا نرى لهذا الدين وجوداً، إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله ـ سبحانه ـ بالحاكمية في حياة البشر ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة، وأن نجهر بها، وألاّ نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثيرين الذين يحبون أن يستيقنوا كيف يكونون مسلمين فهؤلاء في حقهم أن يستيقنوا كيف يكونون مسلمين).

    وقال في تفسيره (3/1451)، حاثاً شباب الأمة على الخروج والفتنة: (إنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم، بإحداث الانقلاب المشهود، والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها)

    وقال أيضا في ظلال القرآن (2/1057): (لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية، وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه تنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم…، لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلاّ الله، وإن ظل فرق منها يردد على المآذن لا إله إلاّ الله، دون أن يدرك مدلولها…، البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله، بلا مدلول ولا واقع… وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا في دين الله).

    ولما استقر ضلال سيد قطب في قلوب دعاة التكفير بالكبيرة والصغيرة صار اهتمامهم بالحاكمية هو شغلهم الشاغل، ولا تجدهم يعنون بباقي الواجبات، وحق الله على البريات، بل ربما جعل بعضهم الدعوة إلى التوحيد والعقيدة؛ مضيعة للوقت، ونفخة في رماد، وأن قضية العصر التي يجب أن تجمع لها الجهود هي: الإطاحة بالأنظمة القائمة، وأن الهرم يؤتى عليه من أعلى، حتى ولو أدى الأمر إلى تحويل الدول الآمنة إلى نسخة شبيهة بالصومال.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإذا صَلُح ذو السلطان؛ صلحت أمور الناس، وإذا فسد؛ فسدت بحسب فساده، ولا تفسد من كل وجه، بل لا بد من مصالح، إذْ هو ظل الله، لكن الظل تارة يكون كاملا مانعًا من جميع الأذى، وتارة لا يمنع إلا بعض الأذى، وأما إذا عُدِم الظل؛ فسد الأمر).

    فأهل السنة والجماعة راضون ببعض الظل، ويسعون إلى جلب الباقي بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، ويحذرون الأمة ومن حرّ ولهيب دعاة الفساد والإرهاب والاستئصال، والخروج على السلطان.

    (5) لقد لمسنا من بعض الجهات غفر الله لها، أنها تريد تغريب الحل الشرعي لقضية الإرهاب، ومنه تغريب العلماء وطلبة العلم عن المشاركة في نسف مخطط دعاة الدمار، وهذا صنيع يدل أن القوم جهال بحقيقة الإرهاب وأهدافه، وسبل معلجاته، وأنهم عندهم نقص واضح في معرفة التاريخ، والمحن التي ابتليت بها الأمة الإسلامية، فإن الإرهاب قبل أن يكون سيارة مفخخة، أوكمينا في طريق، أو كومة من دمار، كان فكرا يجول بالخواطر والأفئدة، له مستنده الفكري وكتبه ومراجعه، فللقضاء عليه يجب أن يضرب أساسُه، وأن يؤتى عليه من أصله، وأن يُعرى مِن كل مستند أو مرجعية، فانتبهوا يارعاكم الله، وعدوا إلى مشروع أهل السنة والجماعة في علاج قضايا الإرهاب والتطرف بالتعاون مع العلماء وطلبتهم النجباء في تطهير المجتماعات من هذه الظواهر الخطيرة.

    (6) إن الفتن العمياء تمنع الناس من معرفة الحق، وتحري الصواب: ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (... فلا بد من عِلم بالحق، وقصْدٍ له، وقدرة عليه، والفتنة تُضادُّ ذلك: فإنها تمنع معرفة الحق، أو قصده، أو القدرة عليه، فيكون فيها من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل، حتى لا يتميز لكثير من الناس، أو أكثرهم، ويكون فيها من الأهواء والشهوات ما يمنع قصد الحق وإرادته، ويكون فيها من ظهور قوة الشر ما يُضْعِف القدرة على الخير)

    (7) إسناده صحيح أخرجه الآجري في الشريعة (1/435 برقم114)، والدارمي في سننه (برقم405 تحقيق حسين الداراني)، وابن سعد في الطبقات (9/184 ط/ الخانجي)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (برقم243)، وغيرهم من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة.

    (8) إسناده صحيح: أخرجه الإمام أبو داود (برقم4347/كتاب الملاحم)، والإمام أحمد في المسند (4/260)، (5/293) وأبو القاسم عبد الله البغوي في (الجعديات) (1/ 62 برقم 132)، والحسين بن مسعود البغوي في شرح السنة (14/349 برقم 4157) من طرق عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري به
    (9)إسناده صحيح على شرط مسلم؛ أخرجه الإمام أحمد (1/279)، وأبو عوانة (1/84-85)، وابن منده في الإيمان (1/495 برقم381) من طريق جعفر بن سليمان، حدثنا الجعد أبو عثمان، عن أبي رجاء العُطاردي، عن ابن عباس به.وأصل الحديث بدون الزيادة في الصحيحين


    [/size]

      الوقت/التاريخ الآن هو 28.04.24 18:53