خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    النَّصِيحَةُ إلى إِخوَانِي النُّبَلَاءِ, وَأَبْنَائِي الفُضَلَاءِ- لفضيلة الشيخ : أبى عبد الله محمد بن سعيد رسلان- حفظه الله تعالى

    أبو عبد الرحمن عبد المحسن
    أبو عبد الرحمن عبد المحسن
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 601
    العمر : 41
    البلد : مصر
    العمل : طالب
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية النَّصِيحَةُ إلى إِخوَانِي النُّبَلَاءِ, وَأَبْنَائِي الفُضَلَاءِ- لفضيلة الشيخ : أبى عبد الله محمد بن سعيد رسلان- حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو عبد الرحمن عبد المحسن 18.08.08 19:06


    النَّصِيحَةُ
    إلى إِخوَانِي النُّبَلَاءِ, وَأَبْنَائِي الفُضَلَاءِ





    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ


    إلى إخوانِي النُّبَلَاءِ, وأبنَائِي الفُضلاءِ, مِنْ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ, الدَّاعِينَ إلى اللهِ على مِنهاجِ النُّبوةِ.

    السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
    أمَّا بعدُ:
    فإنِّي أَحْمَدُ إليكم اللهَ الذي أكرمنا بمعرفةِ الحقِّ, وأنعمَ علينا باتِّباعِهِ, فكم ممَّن عَرَفَ الحقَّ صَدَفَ عنه, فاستحوذَ عليه الشيطانُ فكان مِنْ أتباعِهِ.


    وأسألُهُ - تعالى - لي ولكم: الثباتَ على الهُدَى, والسَّلامةَ من الرَّدَى, والحفظَ من الأذى, والاستقامةَ على النَّهجِ الذي زاغَ أهلُ الأهواءِ عن اجتماعِهِ.

    وتعلمون - أدامكم اللهُ على الحقِّ دُعاةً إليه على مِنهاجِ النُّبوةِ - أنَّ أهلَ الأهواءِ مازالت أفراخُهُم ينجُم ناجِمُهَا, ويَرْجُمُ أهلَ الحقِّ - بالافتراءِ - راجمُهَا, منذ خرجَ على الأمَّةِ شيوخُهُم القُدَامى: ابنُ سبأٍ, وذو الخويصرةِ, وغَيلان القدريُّ, ومَعبدٌ الجهنيُّ, وبِشرٌ المريسيُّ, وابنُ أبي دؤاد, وغيرُهُم ممَّن ترى إلى اليومِ أشباهَهُم ينعِقُونَ ببدعِهِم في كلِّ وادٍ نعيقَ الغِربانِ على الخرائبِ, ويسلكون فيها مسالِكَ الضِّبَاعِ تستمرئُ الجِيَفَ غَرْثَى سَوَاغِب.

    وتعلمون - ثَبَّتكم اللهُ على مِنهاجِ النُّبوةِ الذي دَلَّكم عليه وأرشدَكم إليه - أنَّ أهلَ الغلوِّ وإخوانَ الضَّلالةِ لا يفرحونَ بشيءٍ فَرَحَهُم بالانزلاقِ في جدالِهم؛ لأنَّهم أهلُ المِرَاءِ والحَيْدَةِ, وأنَّهم ينصبون شباكَهم لِيَعْلَقَ فيها مَنْ خَدَعَتْهُ حِيَلُهم فَدَخَلَ نَافِقَاءَهم فأحكموا صَيْدَه.

    ولقد مضت سُنَّةُ الأئمةِ على سَنَنِ الهُدَى أَلَّا يجادلوا أهلَ الجهلِ من أهلِ الهوى, فقال الإمامُ أحمدُ رحمه الله عندما طُلِبَ منه أنْ يُنَاظِرَ ابنَ أبي دؤاد: «لا أعرفه مِنْ أهلِ العلمِ فأناظره».

    واكتفى الإمامُ في ذلك المقامِ ببيانِ الحقِّ ومضى راشدًا.

    وحملت الأيامُ والليالي - بعدُ - خَبَثَ القومِ, وجِيَفَ أفكارِهِم فألقته حيث ألقت رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ.

    ومازالت الضِّبَاعُ القَرِمَةُ - في كلِّ عصرٍ - عن تلك الجِيَفِ نابشة, تزكُمُ الأنوفَ بنتن ريحِها, ونَجِسِ خَبَثِهَا, حتى يخرج آخرُهم مع الدَّجَّال.

    ومَنْ له إلمامٌ بطرفٍ من تاريخِ أهلِ الأهواءِ والزيغِ, ومَنْ له معرفةٌ بمسالِكِ فكرِهم, وطريقةِ تفكيرِهم يعلمُ أنَّ أعدلَ ما سَلَكَهُ من السُّبُلِ في معالجةِ زيغِهم وضلالِهم: أنْ يُظْهِرَ الحقَّ بدليلِهِ, ويلزمَ أعلامَ الهُدَى بسبيلِهِ.

    قال الراغبُ: «إذا ابتُليتَ بمُهَارِشٍ مُمَاحِكٍ مُنَاوِشٍ, قَصْدُهُ اللَّجَاجُ لا الحِجَاجُ, ومرادُهُ مُنَاوَأَةُ العلماءِ, ومُمَارَاةُ السُّفََهَاءِ, كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تعلَّمَ العلمَ ليُبَاهيَ به العلماءَ, ويُمَارِيَ به السفهاءَ, ويَصْرِفَ به وجوهَ النَّاسِ, أدخَلَهُ اللهُ جهنَّم»(1).

    قال الشاعرُ:
    تَرَاهُ مُعِدًّا للخِلَافِ كأنَّهُ بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّلُ


    فحقُّك أنْ تَفِرَ منه فِرَارَك من الأساودِ والأسودِ, فإن لم تَجْد من مزاولتِهِ بُدًّا, فَكَابِرْ إنكارَهُ الحقَّ بإنكارِكَ الباطلَ, ودفاعَهُ الصدقَ بدفاعِكَ الكذبَ, معتبرًا في ذلك قولَه تعالى: {وَمَكَرْنَا مَكْراً} [النمل : 50], وقولَه: {وَمَكَرَ اللّهُ} [آل عمران : 54], وقولَه تعالى حكايةً عن المنافقين: {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة : 14-15], وقولَه تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف : 5].

    وبَالِغْ في ذلك معه, وإيَّاك أنْ تعرِّجَ معه إلى بَثِّ الحكمةِ, وأنْ تذكر له شيئًا من الحقائقِ ما لم تتحقَّقْ له قلبًا طاهرًا لائقًا بالحكمةِ, وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيه كَلْبٌ»(2).

    فإنَّ لكلِّ تربةٍ غَرْسًا, ولكلِّ بناءٍ أُسًّا, وما كلُّ الرءوسِ تستحقُ التيجان, ولا كلُّ طبيعةٍ تستحقُ إفادةَ البيان.

    وإنْ كان لا بُدَّ فاقتصر معه على إقناعٍ يبلُغُهُ فهمُهُ, فقد قيل: كما أنَّ لُبَّ الثمارِ مباحٌ للنَّحْلِ, والتبنَ معدودٌ للأنعامِ, كذلك لُبُّ الحكمةِ مُعَدٌّ لذوي الألبابِ وقشورها مجعولةٌ للأنعام, وكما أنَّه من المُحالِ أنْ يَشُمَّ الأَخْشَمُ(3) رَيْحَانًا فمُحَالٌ أن يفيدَ الحمارُ بيانًا»(4).

    ونصيحتي لإخوانِي النُّبلاءِ, وأبنائِي الفُضلاءِ, مِنْ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ الدَّاعين إلى اللهِ على مِنهاجِ النُّبوةِ:

    أنْ يُيَمِّمُوا القَصْدَ جادِّينَ, وأنْ يَعْمُروا الأوقاتَ بالعلمِ والعملِ, وأنْ يَدَعُوا أهلَ الأهواءِ والخَطَلِ, على جِيَفِ طِباعِهم عاكفين.

    وأنْ يُرَتِّلُوا كثيرًا قولَه تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} [الرعد : 17].

    وأنْ ينظروا مُمْعِنين في قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «ما ضَلَّ قومٌ بَعْدَ هُدًى كانوا عليه إلَّا أُتوا الجَدَلَ. ثُمَّ تَلَا صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف : 58]»(5).

    وفي قولِهِ صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبضِ الجنَّةِ لمن تركَ المِرَاءَ وإنْ كان مُحِقًّا, وببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لمن تركَ الكذبَ وإنْ كان مازحًا, وببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حَسُنَ خُلُقُهُ»(6).

    وليعلموا: «أنَّ المجادِلَ المدافعَ يقعُ في نفسِهِ عند الخوضِ في الجدالِ أَلَّا يقنعَ بشيءٍ, ومَنْ لا يُقْنعُهُ إلَّا أَلَّا يقنعَ, فما إلى إقناعِهِ سبيلٌ, ولو اتفقت عليه الحكماءُ بكلِّ بَيِّنَةٍ, بل لو اجتمعتْ عليه الأنبياءُ بكلِّ معجزةٍ كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام : 111]»(7).

    فليجتهد أبنائِي من طُلَّابِ العلمِ في الجِدِّ استعدادًا لاختبارات (معهد الفرقان), وتهيُّؤًا لاستقبال رمضان.

    وأمَّا أهلُ الغلوِّ فَذَرُوهم في طُغيانِهِم يعمهون, ودَعُوهم لأحقادِهم وفِرَاهُم يَعْلُكُون, ولَيَعْلَمُنَّ نبأَهُ بعد حين, إنْ شاءَ اللهُ ربُّ العالمين.
    وكتب أبو عبد الله محمد سعيد رسلان
    الخميس 13 من شعبان 1429هـ
    14 من أغسطس 2008م
    منقول
    من هنــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 07.05.24 14:24