خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

3 مشترك

    ما يخض شهر شعبان

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية ما يخض شهر شعبان

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 09.08.08 12:21


    أيها العُبَّاد أدركوا فضائل شعبان

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .. فإلى من هم أثرٌ لمن سلف من العُبَّاد والصالحين ، إلى من يحذون حذو الطامعين بما عند أرحم الراحمين ، ويقتدون بهدي سيد المرسلين ..

    إلى من يُتابعون خُطى السالكين لدروب النجاة والغنيمة من أعمال البر والإحسان ، إلى مَن رَغِبوا حياة السعداء وأرادوا دار النعيم ، واجتنبوا حياة الأشقياء وحادوا عن طريق الغافلين ..

    فإني أُذَكِّرُ نفسي وإياكم بأيامٍ هي من حياتنا ، بل وتُعرَضُ فيها أعمالنا ، ومع هذا يغفل أكثر الناس عنها فكما صحَّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( شعبان بين رجب ورمضان ، يغفل الناس عنه ، ترفع فيه أعمال العباد ، فأُحِبُّ أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم ) الصحيحة 1898 .


    وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان .. قال : ( ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) رواه النسائي وحسنه الألباني1022.



    فيظهر لنا من ذلك إرشاد نبينا وحبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى استحباب الإكثار مِن الطاعات وصالح الأعمال في أوقات غفلة الناس ، كما أنَّهُ عليه الصلاة والسلام قد خَصَّ عملاً من الأعمال الصالحة ، وعبادة جليلة في شهر شعبان ألا وهي ( عبادة الصوم ) .. والتي لها الشأن العظيم ، ويظهر ذلك جلياً حين نراه يقرنها دائماً بعرض أعمال العباد على الله تعالى ، فكانت هي أحب عبادة له يعملها حين تُعرض أعماله على ربه.


    ولنتأمل ذلك كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تُعرَضُ الأعمال يوم الاثنين والخميس ، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ) .


    فلا شك أنَّ هذا الأمر يجعلنا أشدُّ حرصاً على الإكثار من صالح الأعمال وبالأخص عبادة الصيام ، فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الأيام التي تُعرض فيها أعمالنا على الله جل جلاله.



    وكم نحن والله بحاجة إلى أن يرحمنا ربنا برحمته وهو يرى زلَّاتنا وهفواتنا وسقطاتنا حين تُعرض عليه أعمالنا ؛ فينظر إلينا ـ وهو أعلم بحالنا ـ وما أجمل أن نكون وقتها قد تركنا شهواتنا وطعامنا وأمسكنا عنها صياماً لله تعالى ، أو قائمون في أي عبادةٍ مِن ذِكرٍ أو صدقةٍ أو صلاة ، فَيَغفِرُ لنا ربنا وهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين .


    ألا وإنَّ عِظَمَ شأن الصيام جعل من النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ منه في شهر شعبان كما جاء في الحديث ـ المتفق عليه ـ عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت : ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان ، فإنّه كان يصوم شعبان كلَّه ، وفي رواية : كان يصوم شعبان إلا قليلاً ) .


    وصح عنها ـ أيضاً ـ أنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول : لا يفطر ، ويفطر حتى نقول: لا يصوم ، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان ) .


    وهكذا ـ أيّها العُـبَّاد ـ تُصبِحُ ما هِيِّةَ هذا الشهر قد وضَحَت وتبيِّنت لدى الجميع ، وأنَّ الصيامَ فيها هو أجمل ما يُتقَرَّبُ به ، وإن جُمِعَ معها أعمالاً صالحة فنورٌ على نور ، إلاّ أنَّ هناك تحذيراً نبوياً لمن أراد صياماً بنية الشك أو غيره لما فيه من التنَطُّع والتكلف ..

    فقد جاء عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ كما عند ابن ماجة وصححه الألباني1651 من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان ) .


    وكذا ما جاء عن أبي إسحق عن صلة قال: كنَّا عند عمار بن ياسر فأتي بِشَاةٍ مصلية ، فقال : كلوا .. فتنحَّىَ بعض القوم ، فقال : إني صائم ، فقال عمَّار : ( من صام اليوم الذي يُشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ) ..

    قال : وفي الباب عن أبي هريرة وأنس قال أبو عيسى : حديث عمَّار حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين ، وبه يقول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وكرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يُشَكُّ فيه . ورأى أكثرهم إن صامه فكان من شهر رمضان أن يقضي يوما مكانه..


    ولعل سائلاً يسأل : إذاً لا أصوم بعد المنتصف من شعبان ؟ فيكون الجواب على ذلك ما جاء ـ في سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ في قوله عليه الصلاة والسلام : ( أحصوا هلال شعبان لرمضان ، ولا تخلطوا برمضان ؛ إلا أن يوافق ذلك صياماً كان يصومه أحدكم ، وصوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم ؛ فإنها ليست تغمى عليكم العدة ) ..

    فقوله صلى الله عليه وسلم : ( إلا أن يوافق ذلك صياماً كان يصومه ) فهذا يعني أنَّهُ من كان محافظاً على صيام الاثنين والخميس أو أيّ صيامٍ كان يعتاده ويتنفل به لله تعالى في الأشهُر المنصرمة فإنه يبقى مداوماً على عمله .


    وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم ما قد يُشكِل على الناس في يوم الشك وكيف يُحسَمُ أمره بقوله ـ كما في الحديث المتفق عليه ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) .

    نورٌ يسطع وسط شعبان :



    أحبابنا القُرَّاء .. ومما في هذه الأيام من الفضائل ، والتي يغفل عنها أكثرنا ، هو ما جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ينزل الله تبارك وتعالى ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل نفس إلا إنسان في قلبه شحناء أو مشرك بالله عز وجل .. ) الحديث. قال الألباني صحيح لغيره .

    ومثله حديث معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يطلع الله إلى خلقه ليل النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن ) صححه الألباني .

    وكذلك الحديث الصحيح الذي رواه أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا كان ليلة النصف من شعبان يطلع الله عز وجل إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويترك أهل الضغائن وأهل الحقد بحقدهم ) .



    أيها ـ الإخوة الأكارم ـ إنّها المغفرة ، وأجمِل به مِن عَرضٍ يتنزَّلُ به ذي الفضل والإنعام ، والكرم والإحسان ، يتنافسُ فيه المتنافسون ، ويغفلُ عنه الغافلون ، وعَرْضُ المغفرة هنا يتطلب نزاهةً وطهارةً وسلامةً من الشرك بأنواعه فقد قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً ) النساء48.


    فلنُفتِّش عن أنفسنا جيداً حتى نتأكّد بأنَّ ديننا كلُّه خالصاً لله رب العالمين لا شريك له .. وما أجمل هذا الهدي الرباني ـ بعد ذلك ـ والذي يدعوا إلى التآلف وجمع الكلمة ، ونبذ الفرقة والنزاعات ، وكأنه يريد مِنَ النفوس المؤمنة أن تستقبل شهر رمضان بقلوبٍ متآلفة ، ونفوسٍ متحابة ، مرتبطة بروابط الأخوة ..

    ولذلك مَن أراد المغفرة وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ مُصَدِّقٌ بموعود الله ، مخلصاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ، بعيداً عن القطيعة والشحناء ، وسوء الظن بالناس ، رحيماً بعباد الله لا يحمل حقداً ولا غِلاً على أحد من المسلمين ؛ فإنَّه على خير عظيم وإلى فضل الله تعالى قريب جداً ..


    فلنتسابق جميعاً ـ أيها الأحبة ـ في هذا الخير والهبة الربانية ، ولنُمَرِّن أنفسنا على الطاعة والصبر على العبادة في شعبان ، فنكون أهلاً لخوض المسابقة والتنافس الحقيقي في شهر رمضان المبارك ، سائلين المولى ـ جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه ـ أن يبارك لنا في شعبان وأن يبلِّغنا رمضان ، وأن يجعلنا فيه من العاملين والمقبولين .. اللهم آمين ..

    محبكم / جمال بن عبد الله الزهراني .


    منقول من هنـــــــــــــا


    عدل سابقا من قبل أبو محمد عبدالحميد الأثري في 10.08.08 11:51 عدل 1 مرات
    avatar
    أبو محمد عبد الله السلفي
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    عدد الرسائل : 208
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية ذو صلة

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبد الله السلفي 09.08.08 22:27

    ما يخض شهر شعبان 42077631kn0

    إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [ سورة" آل عمران "الآية(102)]

    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [ سورة "النساء "الآية(1)]

    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [سورة" الأحزاب " الآية(70-71)] .
    ،،، أما بعد ،،،


    فقد قال الله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } [الآية 3 من سورة المائدة].
    وقال تعالى :{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الآية 21 من سورة الشورى].

    وفي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ )) ([1]) .

    وفي لفظ لمسلم:(( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ))

    وفي صحيح الإمام مسلم ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ t قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e إِذَا خَطَبَ يَقُولُ:(( أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))

    والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تدل دلالة صريحة على أن الله-سبحانه وتعالى- قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وأتم عليها نعمته ، ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا بعد ما بلّغ البلاغ المبين ، وبيّن للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال .

    وأوضح e: أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى دين الإسلام من أقوال أو أعمال فكله بدعة مردود على من أحدثه ، ولو حسن قصده ، وقد عرف أصحاب رسول الله e هذا الأمر ، وهكذا علماء الإسلام بعدهم ، فأنكروا البدع وحذروا منها ، كما ذكر ذلك كل من صنّف في تعظيم السنة وإنكار البدعة ؛ كالأئمة ابن وضاح ، والطرطوشي ، وأبي شامة ، وغيرهم .

    ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام ، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها ، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله ([2]) .

    أولاً: اعلم أخي الكريم أنه:

    يستحب الصيام في شهر شعبان فقد كان النبي e يصوم من شعبان ما لا يصومه من غيره من الشهور، لما في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ e اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ)) ([3]) .

    وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ t قَالَ:(قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ:" ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ") ([4]) .

    فالحذر الحذر أخي الكريم أن يُرفع عملك إلي الله-سبحانه- وأنت متلبس ببدعة.

    الحذر الحذر أخي الكريم أن يُرفع عملك إلي الله –سبحانه- وأنت كاذب على رسوله e.

    ثانياً:أخي الكريم اعلم أن الكذب على النبيeونسبة ما لم يقله إليه حرام ومستوجب للعذاب سواء كان ذلك في مسائل الحلال أو الحرام، أو في الترغيب، أو الترهيب، أو القصص، أو فضائل الأعمال ([5])لما في الصحيحين من حديث عَلِيٍّ t قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ e:(( لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجْ النَّارَ)) ([6]) .

    ولما روى الإمام مسلم-رحمه الله- في (صحيحه) من حديث سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ t قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ e:(( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى (وفي رواية: يَرَى) أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ (وفي رواية: الكاذِبَين) )) ([7]) .

    ولما روى الإمام أحمد-رحمه الله- في (مسنده) من حديث ابْنِ عُمَرَtقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:((إِنَّ الَّذِي يَكْذِبُ عَلَيَّ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي النَّارِ)) ([8]) .

    ثالثاً:قد أجمع العلماء-رحمهم الله- على أن الواجب رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله U ، وإلى سنة رسول الله e، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الإتباع ، وما خالفهما وجب اطراحه ، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله فضلاً عن الدعوة إليه وتحبيذه

    كما قال الله سبحانه:{ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ }[سورة النساء آية 59] .

    وقال تعالى:{ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ... }[سورة الشورى آية 10]

    وقال تعالى:{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[سورة آل عمران الآية 31]

    وقال U:{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }[سورة النساء الآية : 65].

    والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وهي نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة ، ووجوب الرضى بحكمهما ، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان وخير للعباد في العاجل والآجل { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } أي : عاقبة .

    رابعاً: من البدع التي تحدث في ليلة النصف من شعبان:

    (1) ما اعتاده الناس من الاجتماع لها والاحتفال بها وليس لذلك أصل في الشرع .

    قال العلامة ابن باز-رحمه الله- بعد إيراد كلام الحافظ ابن رجب-رحمه الله- في (لطائف المعارف)(ص200):(وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي e ، ولا عن أصحابه y شيء في ليلة النصف من شعبان).

    وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي-رحمه الله- في كتابه (الحوادث) ما نصه : (وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال : ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول ، ولا يرون لها فضلا على ما سواها) .

    وقيل لابن أبي مليكة-رحمه الله-: إن زيادا النميري يقول : إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر . فقال : لو سمعته وبيدي عصا لضربته . وكان زياد قاصا ، انتهى المقصود.

    ثم قال-رحمه الله-: فلو كانت ليلة النصف من شعبان ،يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي e الأمة إليه ، أو فعله بنفسه ، ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة y إلى الأمة ولم يكتموه عنهم ، وهم خير الناس وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ورضي الله عن أصحاب رسول الله e وأرضاهم ، وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله e ولا عن أصحابه y شيء في فضل ليلة النصف من شعبان ، فعلم أن الاحتفال بها بدعة محدثة في الإسلام ، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة ، ولقد أحسن من قال :
    وخير الأمور السالفات على الهدى*****وشر الأمور المحدثات البدائع. ([9])


    وأعلم أخي المسلم أن مثل هذه الاحتفالات كالاحتفال بليلة النصف من شعبان ، وليلة الإسراء والمعراج المزعومة ، وليلة الرغائب، يكون فيها من الأمور المبتدعة والمحرمة الشيء الكثير ، والتي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، وقد فصل العلامة ابن الحاج-رحمه الله- هذه البدع والمحرمات في هذه الاحتفالات فنلخص من كلامه ما يأتي :

    ما يخض شهر شعبان Bookmouve

    من هنـــــــــــــــا للقراءة أو التحميل
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: ما يخض شهر شعبان

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 10.08.08 11:40

    ما يخض شهر شعبان 17032848gx8

    ما ورد في ليلة النصف من شعبان

    ( دقيقة ونصف )

    الصحيح أن جميع ما ورد فضل ليلة النصف من شعبان ضعيف لا تقوم به حجة, ومنها أشياء موضوعة, ولم يعرف عن الصحابة أنهم كانوا يعظمونها, ولا أنهم كانوا يخصونها بعمل, ولا يخصون يوم النصف بصيام, وأكثر من كانوا يعظمونها أهل الشام -التابعون ليس الصحابة- والتابعون في الحجاز أنكروا عليهم أيضاً, قالوا: لا يمكن أن نعظم شيئاً بدون دليل صحيح.


    فالصواب: أن ليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي، لا تخص بقيام, ولا يوم النصف بصيام, لكن من كان يقوم كل ليلة, فلا نقول: لا تقم ليلة النصف, ومن كان يصوم أيام البيض لا نقول: لا تصم أيام النصف, إنما نقول: لا تخص ليلها بقيام ولا نهارها بصيام.

    رابط تنزيل
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية ذو صلة

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 10.08.08 11:43

    ما يخض شهر شعبان 17032848gx8

    حكم الصيام بعد النصف من شعبان

    دقيقة


    رابط تنزيل
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: ما يخض شهر شعبان

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 11.08.08 10:20

    بعض كلام الشيخ الألباني رحمه الله من بعض كتبه عن
    بدع ليلة النصف من شعبان

    بسم الله الرحمان الرحيم


    الحمد لله وكفى ؛ والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى ؛ وبعد : فهذا كلام أخذته من كتاب ( قاموس البدع ) لأتحف به إخواني الكرام .

    جاء في هذا الكتاب : فصل : بدع الشهور والأيام والليالي
    1 – اتخاذ ليلة النصف من شعبان موسما يجتمع فيه الناس فيها ، ويفعلون فيها من البدع على ما ذكره } القاسمي { - يرحمه الله تعالى - .
    (( إصلاح المساجد )) ص (99) .


    وقال شيخنا – رحمه الله تعالى – في (( الثمر المستطاب )) (2/598-600) : قال ابن الحاج - رحمه الله تعالى - في ( المدخل ) في أثناء الكلام على بدع ليلة النصف من شعبان ( 1 / 308 ) :
    ( ألا ترى إلى ما فعلوه من زيادة الوقود الخارج الخارق حتى لا يبقى في الجامع قنديل ولا شيء مما يوقد إلا أوقدوه حتى إنهم جعلوا الحبال في الأعمدة والشرفات وعلقوا فيها القناديل وأوقدوها ، وقد تقدم التعليل الذي لأجله كره العلماء - رحمهم الله - التمسح بالمصحف والمنبر والجدران . . . إلى غير ذلك ؛ إذ إن ذلك كان السبب في ابتداء عبادة الأصنام وزيادة الوقود فيه تشبه بعبدة النار في الظاهر وإن لم يعتقدوا ذلك ؛ لأن عبدة النار يوقدونها حتى إذا كانت في قوتها وشعشعتها اجتمعوا إليها بنية عبادتها ، وقد حث الشارع - صلوات الله وسلامه - على ترك تشبه المسلمين بفعل أهل الأديان الباطلة حتى في زيهم المختص بهم .

    وانضم على ذلك اجتماع كثير من النساء والرجال والولدان الصغار الذي يتنجس الجامع بفضلاتهم غالبا ، وكثرة اللغط واللغو الكثير مما هو أشد وأكثر وأعظم من ليلة السابع والعشرين من رجب ، وقد تقدم ما في ذلك من المفاسد ، وفي هذه الليلة أكثر وأشنع وأكبر ؛ وذلك بسبب زيادة الوقود فيها ؛ فانظر - رحمنا الله وإياك - إلى هذه البدع كيف يجر بعضها إلى بعض حتى ينتهي ذلك إلى المحرمات ) . ا هـ كلامه .

    وفي ( الباعث على إنكار البدع والحوادث ) ( ص 22 - 23 ) نقلا عن أبي بكر الطرطوشي - رحمه الله - أنه قال : ( ومما أحدثه المبتدعون وخرجوا به عما وسمه المتشرعون ، وجروا فيه على سنن المجوس ، واتخذوا دينهم لهوا ولعبا ، الوقيد ليلة النصف من شعبان ، ولم يصح فيها شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نطق بالصلاة فيها والإيقاد صدوق من الرواة وما أحدثه [ إلا ] متلاعب بالشريعة المحمدية ، راغب في دين المجوسية ؛ لأن النار معبودهم .

    وأول ما حدث ذلك في زمن البرامكة ؛ فأدخلوا في دين الإسلام ما يموهون به على الطغام ؛ وهو جعلهم الإيقاد في شعبان كأنه من سنن الإيمان ، ومقصودهم عبادة النيران ، وإقامة دينهم وهو أخسر الأديان ؛ حتى إذا صلى المسلمون وركعوا وسجدوا كان ذلك إلى النار التي أوقدوا ، ومضت على ذلك سنون وأعصار ، تبعت بغداد فيها سائر الأمصار ، هذا مع ما يجتمع في تلك الليلة من الرجال والنساء واختلاطهم ؛ فالواجب على السلطان منعهم ، وعلى العالم ردعهم . وإنما شرف شعبان ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصومه ؛ فقد صح الحديث في صيامه - صلى الله عليه وسلم - شعبان كله أو أكثره ) .
    ثم قال ابن أبي شامة(1) ( ص 25 ) :
    ( فهذا كله فساد ناشئ من جهة المتنسكين المضلين ؛ فكيف بما يقع من فساد الفسقة المتردين(2) ، وإحياء تلك الليلة بأنواع من المعاصي الظاهرة والباطنة ، وكله بسبب الوقيد الخارج عن المعتاد الذي يظن أنه قربة ، وإنما هو إعانة على معاصي الله - تعالى - وإظهار المنكر ، وتقوية لشعائر أهل البدع ، ولم يأت في الشريعة استحباب زيادة في الوقيد على قدر الحاجة في موضع ما أصلا ، وما يفعله عوام الحجاج يوم عرفة بجبال عرفات وليلة يوم النحر بالمشعر الحرام ؛ فهو من هذا القبيل ، يجب إنكاره ووصفه بأنه بدعة ومنكر وخلاف الشريعة المطهرة ) .
    2 – التزام صيام يوم النصف من شعبان وقيام ليلته .
    ( الاعتصام ) (1/34)(3) .
    ( الرد على التعقيب الحثيث ) ص (50) ( صلاة التراويح ) ص (33،44) ( صحيح الترغيب والترهيب ) (1/54) .
    قال شيخنا – رحمه الله تعالى – فيما علقه على رسالة ( الصراط المستقيم رسالة فيما قرره الثقات الأثبات في ليلة النصف من شعبان ) ص 09) : ... إن العلماء اختلفوا في أحاديث فضل ليلة النصف ، وأن الأكثرية على تفضيلها وهو الحق لثبوت بعض الأحاديث ... على أنه لا يلزم من ذلك – أعني من ثبوت فضلها – أن يخصصها بصلاة خاصة بهيئة خاصة ، لم يخصها الشارع الحكيم بها ، بل ذلك كله بدعة يجب اجتنابها ، والتمسك بما كان عليه الصحابة والسلف الصالح – رضي الله عنهم – ورحم الله من قال :
    وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف


    الحواشي :


    (1) كذا بالأصل ، وهو أبو شامة ، وقبل الكلام المذكور في ( الباعث ) ص (134) قوله : ( قلت ) .
    (2) كذا بالأصل ، وصوابه : ( المتمردين ) ، كذا في ( الباعث ) ص (134 – بتحقيقي ) .
    (3) انظر بدع الصلوات المخترعة . بدعة صلاة الرغائب في ليلة نصف شعبان .


    انتهى من ص (715-717) من ( قاموس البدع مستخرج من كتب الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ) للشيخ مشهور آل سلمان وأحمد الشكوكاني - حفظهما الله - طبعة دار الإمام البخاري / الطبعة الثانية / الدوحة .

    والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل



    نقلاً عن

    شبكة سحاب السلفية
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: ما يخض شهر شعبان

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 11.08.08 10:59

    ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة


    P
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله على سيدنا محمد ، النبي الأمي ، وآله وسلم ، وبالله أستعين وحسبي الله ونعم الوكيل .

    ,,, أما بعد ،،،

    نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اتخذها المبتدعة أصلا من الأصول في الاستدلال على مشروعية صلاة ليلة النصف من شعبان التي اشتهرت عند العوام وروجها المتصوفة في البلاد فراجت بمصر والشام وغيرها.
    أولا متن القصة:
    "قال عليّ رضي الله عنه رأيت رسول الله # ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة، ثم جلس بعد الفراغ، فقرأ بأم الكتاب أربع عشرة مرة، و"قل هو الله أحد" أربع عشرة مرة، و"قل أعوذ برب الفلق" أربع عشر مرة، و"قل أعوذ برب الناس" أربع عشرة مرة، وآية الكرسي مرة، و"لقد جاءكم رسول من أنفسكم" الآية، فلما فرغ من صلاته سألته عمّا رأيته من صنيعه، قال: "من صنع مثل الذي رأيت، كان له كعشرين حجة مبرورة، وصيام عشرين سَنَة مقبولة، فإن أصبح في ذلك اليوم صائما كان كصيام سنتين: سنة ماضية وسنة مستقبلة".
    ثانيا التحقيق:
    أخرج هذه القصة البيهقي في "الشُّعب" (3-386) ح(3841) من حديث علي رضي الله عنه حيث قال الإمام البيهقي: أخبرنا عبد الخالق بن علي المؤذن، أخبرنا أبو جعفر محمد بن بسطام القرشي بقرية داية حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن جابر؛ حدثني أحمد بن عبد الكريم، حدثنا خالد الحمصي، عن عثمان بن سعيد بن كثير، عن محمد بن المهاجر، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم قال: قال عليُّ رأيت رسول الله # ليلة النصف من شعبان...." فذكر القصة والقصة أخرجها أيضا الإمام ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-129) قال: أنبأنا إبراهيم بن محمد الأزجي، قال أنبأنا الحسين بن إبراهيم، أنبأنا أبو الحسين علي بن الحسن بن محمد الكرجي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الخطيب، أنبأنا الحاكم أبو القاسم عبد الله بن أحمد الحسكاني، حدثني أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن به.
    قلت: أي بنفس سند الإمام البيهقي حيث يلتقي معه في شيخه (عبد الخالق بن علي المؤذن) والقصة واهية وإسنادها تالف وقد بيّن ذلك الإمام ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-130) حيث قال: "هذا موضوع وإسناده مظلم وكان واضعه يكتب من الأسماء ما وقع له ويذكر قوما ما يعرفون، وفي الإسناد محمد بن مهاجر قال ابن حنبل: يضع الحديث".
    قلت: وأورد ابن عراق هذه القصة في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" (2-94) كتاب الصلاة الفصل الأول وإيراد القصة في الفصل الأول من كتاب الصلاة من تنزيه الشريعة له قاعدة أوردها ابن عراق في المقدمة وذكرها له أهمية كبيرة جدا في التحقيق حيث قال ابن عراق: "وجعلت كل ترجمة غير كتاب المناقب في ثلاثة فصول:
    الأول: فيما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه.
    والثاني: فيما حكم بوضعه وتعقب فيه.
    والثالث: فيما زاد الأسيوطي عن ابن الجوزي.
    قلت: يتبين من هذه القاعدة وإيراد القصة في الفصل الأول من كتاب الصلاة أن القصة كما قال الإمام ابن الجوزي موضوعة ولم يخالف ابن الجوزي في هذا الحكم.
    ونقل ابن عراق تحقيق ابن الجوزي مختصرا حيث قال: "وإسناده مظلم وفيه محمد بن مهاجر".
    قلت: نعم إسناد القصة مظلم والقصة موضوعة ولكن في قول الإمام ابن الجوزي "وفي الإسناد محمد بن مهاجر، قال أحمد بن حنبل: يضع الحديث" وموافقة ابن عراق عليه حيث قال: "وفيه محمد بن مهاجر".
    قلت: هذا قول فيه نظر وإلى طالب هذا الفن بيان ذلك:
    ثالثا "المتفق والمفترق"
    وهو أن تتفق أسماء الرواة وأسماء آبائهم فصاعدا خطا ولفظا وتختلف أشخاصهم كذا في "مقدمة ابن الصلاح" النوع (54).
    وفائدته: معرفة هذا النوع مهم جدا فقد زلق بسبب الجهل به غير واحد من أكابر العلماء" كذا في "التدريب" (2-316).
    قلت: وتظهر أهميته في التمييز بين المشتركين في الاسم فربما يكون أحدهما ثقة والآخر ضعيفا فيضعف ما هو صحيح أو العكس، وهذا ما حدث من الإمامين ابن الجوزي وابن عراق رحمهما الله وهما من أكابر علماء الصنعة وبيان ذلك:
    1 محمد بن مهاجر الذي في سند هذه القصة شيخ عثمان بن سعيد بن كثير كما هو مبين في السند الذي أوردناه آنفا وعثمان هذا أورده الحافظ في "التقريب" (2-9) وقال: "عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي مولاهم أبو عمرو الحمصي ثقة عابد من التاسعة مات سنة تسع ومائتين" اه.
    أما شيخه محمد بن مهاجر فقد بيَّن الإمام المزي في "تهذيب الكمال" (12-407-4399) أنه هو محمد بن مهاجر الأنصاري ثم قال في "تهذيب الكمال" (17-270-2625): "محمد بن مهاجر الأنصاري الأشهبي الشامي أخو عمرو بن مهاجر روى عنه عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي... قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: وعثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين، وعن دحيم، وأبو زرعة الدمشقي وأبو داود ويعقوب بن سفيان "ثقة".
    قلت: لذا أورده الحافظ ابن حجر في "التقريب" (2-211): "ثقة من السابعة مات سنة سبعين ومائة" قلت: "وبهذا يتبين عدم صحة قول الإمام ابن الجوزي رحمه الله: "وفي الإسناد محمد بن مهاجر قال ابن حنبل: يضع الحديث" وقد تبين بالتحقيق أن محمد بن مهاجر هو الأنصاري وتبين قول أحمد بن حنبل فيه أنه ثقة ويتبين أيضا عدم صحة قول ابن عراق.
    2 محمد بن مهاجر الذي يتفق مع الأنصاري في اسمه واسم أبيه.
    هو محمد بن مهاجر الطالقاني أخو حنيف هذا هو الوضاع الذي تشابه على الإمام ابن الجوزي رحمه الله اسمه، قال الإمام الذهبي في "الميزان" (4-49): "محمد بن مهاجر شيخ متأخر وضَّاع. هو الطالقاني يعرف بأخي حنيف يروي عن أبي معاوية وغيره كذّبه صالح جزَرة وغيره" اه.
    وأقره الحافظ ابن حجر في "اللسان" (5-448) (1288-8073) في كل ما قاله الإمام الذهبي إلا أنه تعقبه في التأخر حيث قال: "ووصف المؤلف له بأنه متأخر مخالف لقاعدته، فإن الحد الفاصل عنده بين المتقدم والمتأخر، رأس الثلاثمائة، وهذا كان في حدود الستين ومائتين فهو متقدم، وقد روى أيضا عن ابن عيينة" اه
    قلت: 1 فالحافظ ابن حجر لم يتعقب الإمام الذهبي في قوله: محمد بن مهاجر الطالقاني وضَّاع بل أقره وزاد ما يؤكد الوضع حيث نقل عن الجوزجاني قوله: "يضع الحديث" وعن ابن عقدة قال: "ليس بشيء، ضعيف ذاهب".
    2 التعصب من الحافظ حول قول الذهبي: محمد بن مهاجر الطالقاني متأخر وقال "أنه في حدود الستين ومائتين" فهو متقدم، وقوله "متأخر" مخالف لِقاعدته فإن الحد الفاصل عنده بين المتقدم والمتأخر رأس الثلاثمائة.
    قلت: كلام الحافظ صحيح إذا وضع محمد بن مهاجر الطالقاني أمام قاعدة الذهبي المطلقة.
    ولكن الإمام الذهبي رحمه الله أورده في "الميزان" (4-49) الطالقاني بعد الأنصاري مباشرة للمقارنة فقال: 8217 محمد بن مهاجر الأنصاري فشامي وثقة مشهور يروي عن التابعين.
    8218 محمد بن مهاجر شيخ متأخر وضاع هو الطالقاني.
    قلت: فهذا تأخر نسبي أي أن الطالقاني الوضاع متأخر عن الأنصاري الثقة، فالأنصاري كما قال الذهبي يروي عن التابعين، والطالقاني كما قال الحافظ نفسه روى عن ابن عيينه من اتباع التابعين فذكر التقدم والتأخر في وسط المتفق المفترق يدل على التأخر النسبي للتفريق وبهذا يسلم الإمام الذهبي من التعقب بالمخالفة والقرينة التي تؤيد ذلك قوله عن الأنصاري في آخر ترجمته "يروي عن التابعين ثم ذكر الطالقاني مباشرة بأنه متأخر أي أنه يروي عن اتباع التابعين كما بينا آنفا وهذا تحقيق مهم حيث يجعل الباحث يبحث عن منطقة العلل في السند بعد أن تبين له أن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ثقة وشيخه محمد بن مهاجر الأنصاري ثقة أيضا وهذا ما تبين للإمام البيهقي في "الشعب" (3-387) ح(3841) حيث قال عن الحديث الذي جاءت به القصة: "يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي رواته قبل عثمان بن سعيد مجهولون".
    رابعا: علل أخرى في سند القصة
    1 خالد الحمصي الذي روى عن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي الثقة هو خالد بن عمرو أورده ابن عدي في "الكامل" (3-33) (24-594) وقال: "خالد بن عمرو بن خالد أبو الأخيل السُّلفي الحمصي: روى أحاديث منكرة عن ثقات الناس" وروى عن ابنه أحمد بن أبي الأخيل أنه مات سنة ست وثلاثين ومائتين" اه.
    وقال الذهبي في "الميزان" (1-636-2448):
    "كذبه جعفر الفريابي، ووهاه ابن عدي وغيره".
    قلت: انظر إلى دقيق تحقيق ابن عدي في حكمه على خالد الحمصي بقوله: "روى أحاديث منكرة عن ثقات الناس" ثم انظر إلى تطبيق هذا القول على هذه القصة المنكرة التي رواها خالد الحمصي عن عثمان بن سعيد الحمصي الثقة.
    وخالد الحمصي روى عن محمد بن حرب الحمصي الثقة وهو من طبقه عثمان بن سعيد الحمصي انظر "التقريب" (2-153)، (2-9).
    2 وعلة أخرى في السند: رواية إبراهيم عن علي رضي الله عنه؛ قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (ص10) رقم (23): "قال أبو زرعة: إبراهيم النخعفي عن علي مرسل" اه
    وقال ابن أبي حاتم في رقم (21):
    "سمعت أبي يقول: لم يلق إبراهيم النخعي أحدا من أصحاب النبي # إلا عائشة ولم يسمع منها شيئا فإنه دخل عليها وهو صغير وأدرك أنسا ولم يسمع منه".
    قلت: بهذا التحقيق يتبين أن السند تالف والقصة واهية.
    قصة أخرى لعليّ مع النبي #
    وصلاة ليلة النصف من شعبان
    روي عن النبي # أنه قال: "يا علي، من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد عشر مرات" قال النبي #: "يا علي ما من عبد يصلي هذه الصلوات إلا قضى الله عز وجل له كل حاجه طلبها تلك الليلة". قيل يا رسول الله وإن كان الله جعله شقيا أيجعله سعيدًا؟ قال: "والذي بعثني بالحق نبيا يا عليّ إنه مكتوب في اللوح أن فلان بن فلان خلق شقيا، يمحوه الله عز وجل، ويجعله سعيدا، ويبعث الله إليه سبعين ألف ملك يكتبون له الحسنات، ويمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات إلى رأس السنة ويبعث الله في جنات عدن سبعين ألف ملك أو سبعمائة ألف ملك يبنون له المدائن والقصور ويغرسون له الأشجار مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب المخلوقين... والذي بعثني بالحق إن الله يبعث في كل ساعة من ساعات الليل والنهار وهي أربع وعشرون ساعة سبعين ألف ملك يسلمون عليه ويصافحونه ويدعون له إلى أن ينفخ في الصور ويحشر يوم القيامة مع الكرام البررة...".
    التخريج والتحقيق
    1 الحديث الذي جاءت به هذه القصة أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-127) ثم أخرج طريقين آخرين لهذه الصلاة الألفية أي التي يقرأ فيها ألف "قل هو الله أحد" في مائة ركعة ثم قال: "هذا حديث لا نشك أنه موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل وفيهم ضعفاء بمرة، والحديث محال قطعا، وقد رأينا كثيرا ممّن يصلي عدة الصلاة يفوتهم صلاة الفجر ويصبحون كسالى، وقد جعلها جهلة أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوها من الصلوات، شبكة لمجمع العوام وطلبا لرياسة التقدم، وملأ بذكرها القصاص مجالسهم، وكل ذلك عن الحق بمعزل" اه.
    2 الحديث أورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2-93) وقال: جمهور رواته مجاهيل، وفيه ضعفاء، قال الذهبي: "إنه من وضع علي بن الحسن علي الثوري".
    3 الحديث الذي جاء به هذه القصة أورده الإمام الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" ص(50) ثم قال: "هو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب مالا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون".
    وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة، ورواتها مجاهيل.
    قلت: الطريق الثانية لصلاة النصف من شعبان هي من طريق ابن عمر، زخرجها ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-128)، والطريق الثالثة من طريق أبي جعفر الباقر وأخرجها أيضا ابن الجوزي في "الموضوعات" (2-128) وقد حكم بالوضع على الطرق الثلاث كما بيّنا آنفا.
    الإحياء للغزالي وصلاة ليلة النصف من شعبان
    من أسباب انتشار واشتهار هذه الصلاة ليلة النصف من شعبان في القرى والنجوع وعند المتصوفة أن الغزالي أوردها في "الإحياء" (1-203) حيث قال: "وأما صلاة شعبان: فليلة الخامس عشر منه يصلي مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ كل ركعة بعد الفاتحة قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة وإن شاء صلى عشر ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة قل هو الله أحد، فهذا أيضا مروي في جملة الصلوات كان السلف يصلون هذه الصلاة ويسمونها صلاة الخير، ويجتمعون فيها، وربما صلوها جماعة، روى عن الحسن أنه قال: حدثني ثلاثون من أصحاب النبي # أنه من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة وقضى له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة" اه.
    تحقيق ما أورده الغزالي في الإحياء
    قال الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من أخبار" (1-204):
    "حديث صلاة ليلة نصف شعبان باطل" اه.
    قلت: ولقد بين ذلك الإمام الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" ص(51) حيث قال: "وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء، كصاحب الإحياء وغيره وكذا من المفسرين وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة" اه.
    قلت: وإن تعجب فعجب بعد أن تبين أن صلاة ليلة النصف من شعبان باطلة موضوعة ووقعتها المنسوبة للإمام علي رضي الله عنه واهية، كيف يذكر صاحب الإحياء أن ثلاثين صحابيا من أصحاب النبي # قالوا: "إنه من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه نظرة وقضى له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة"؟
    "بيان منشأ صلاة ليلة النصف من شعبان"
    قال الإمام أبو شامة المقدسي رحمه الله في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" ص(52): "وأصلها ما حكاه الطرطوشي في كتابه. وأخبرني به أبو محمد المقدسي، قال: لم يكن عندنا ببيت المقدس قط صلاة الرغائب هذه التي تصلى في رجب وشعبان، وأول ما حدثت عندنا في سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، قدم علينا في بيت المقدس رجل من نابلس يعرف بابن أبي الحمراء، وكان حسن التلاوة، فقام يصلي في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان، فأحرم خلفه رجل، ثم انضاف إليهما ثالث ورابع فما ختمها إلا وهم جماعة كثيرة، ثم جاء في العام القابل فصلى معه خلق كثير وشاعت في المسجد، وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى، وبيوت الناس ومنازلهم ثم استقرت كأنها سنة إلى يومنا هذا" اه.
    حديث موضوع
    رَوِيَ عن علي رضي الله عنه عن النبي # قال: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى الفجر
    ".
    1 التخريج:
    الحديث أخرجه ابن ماجه (1-444) ح(1388) ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية" (2-561 562) ح(923) والبيهقي في "شعب الإيمان" (3-378) ح(3822) قال ابن ماجه: حدثنا الحسن بن علي الخلال حدثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن أبي سبرة عن إبراهيم بن محمد عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله #: فذكره.
    2 التحقيق
    الحديث "موضوع" وعلته ابن أبي سَبْرَة قال الذهبي في "الميزان" (4-503) ت(10024) أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ضعفه البخاري وغيره وروى عبد الله وصالح ابنا أحمد عن أبيهما قال: كان يضع الحديث، وقال النسائي: متروك وقال ابن معين ليس حديثه بشيء" اه.
    ثم أورد له الإمام الذهبي هذا الحديث وجعله من مناكيره، وضعف هذا الحديث المنذري في "الترغيب" (2-119) والإمام العراقي في "المغني" (1-204 أحياء).
    وقال ابن حبان في "المجروحين" ابن أبي سبرة: "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل كتابة حديثه ولا الاحتجاج به بحال، كان أحمد بن حنبل يكذبه" اه.
    قلت: لذلك قال الشيخ ابن باز في "التحذير من البدع" ص(11): "ومن البدع التي أحدثها بعض الناس بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيص يومها بالصيام وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها فكله موضوع" اه.
    هذا ما وفقني الله إليه وهو وحده من وراء القصد.



    مجلة التوحيد : الداعية والقصص الواهية -
    تاريخ: 01/10/2003

    إعداد
    فضيلة الشيخ : علي حشيش


    نقلاً عن
    ما يخض شهر شعبان 2e_juice_03
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية ذو صلة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 11.08.08 15:05

    :: إغتنام الصوم في النصف الأول من شهر شعبان ::

    خطبة جمعة للأخ الفاضل
    أبو عبد الله اليماني
    جزاه الله خيراً وكتب له الأجر الجزيل
    .
    راجعها
    الشيخ الفاضل
    محمد بن عمر بازمول
    - حفظه الله ونفعنا بعلمه -


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله.

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
    (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1).
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71) .

    ألا وإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

    أما بعد، أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى حق التقوى.

    أيها المؤمنون: إنّ المؤمنَ ليتقلبُ في هذا الزمان، ويَمُدُ اللهُ له في الأجل، وكلُّ يوم يعيشُه في هذه الدنيا هو غنيمةٌ له ليتزودَ منه لآخرته، ويبذرَ فيه من الأعمال ما استطاعتُه نفسُه وتحملتُه. فحَريٌّ بالمؤمن الذي يرجو نجاة نفسه مما ستلقاه من المخاوف ألاَّ يَدَعَ فرصةً للطاعة وموسماً مِن مواسم الأعمال الصالحة إلا واغتنمه ليجد ذلك مكتوبا في صحيفة أعماله يوم القيامة .

    ثم اعلموا عباد الله أنّ شهرَ شعبانَ شهرٌ عظيم وموسم من مواسم الأعمال الصالحة التي يغفلُ الناس عنه بين رجبَ ورمضانَ ولا يعمل فيه إلا من وفقه الله تعالى، فعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ: ((ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)) [رواه النسائي]. (حديث حسن تمام المنة / 412).

    ففي هذا الحديث أيها المؤمنون أنّ هذا الشهرَ شهرَ شعبانَ فيه تُرفعُ الأعمالُ الصالحةُ إلى الله عز وجل وإنّ من الأعمال الصالحة التي ترفع إلى رب العالمين: الصومُ فيُستحبُ الصومُ من هذا الشهر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومُ أكثر هذا الشهر لمِا رَوَت عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ) ، وقالت أيضاً رضي الله عنها : ( لم يَكُن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان ) رواهما البخاري في صحيحه ( 4/213 ) ففي هذه الأحاديثِ أيها المؤمنون استحبابُ صومِ أيامٍ من هذا الشهر شهر شعبان اقتداءً بنبينا صلى الله عليه وسلم ورجاءَ أن تُرفع أعمالُنا فيه إلى الله عزّ وجل فتدركُنا رحمتُه ومغفرتُه سبحانه وتعالى .

    أيها المؤمنون : قد يتساءل بعض الأخوة فيقولون : هل الصوم في شعبان جائز مطلقاً من أول الشهر إلى نهايته ؟!
    أم هل الصوم يكون في بدايته فقط ؟!
    وهل الناس في صيام هذا الشهر سواء ؟!
    أم يختلفون وتختلف أحكام صومهم فيه ؟!
    وللإجابة على هذه التساؤلات نلخص ما ذكره أهل العلم رحمهم الله في صيام هذا الشهر جمعاً وتوفيقاً بين الأحاديث فنقول:

    الناس في صيام هذا الشهر على أقسام :

    1- فمِنهم مَن لم تَكُن له عَادة في الصيام قَبلهُ ودخل عليه شعبان وهو مستمر في عدم الصيام فهذا ترك فضلاً عظيماً وأمراً مستحباً مرغَّب فيه فلا يحرم نفسه هذا الفضل .

    2- ومنهم من كانت له عادةٌ في الصيام قبل شعبان مثل أن يكون قد اعتاد صيام ثلاثة أيام من كل شهر أو يكون قد اعتاد صيام يومي الإثنين والخميس أو يكون قد اعتاد صوم يوم وإفطار يوم ودخل عليه شعبان فليستمر في صيامه وليواظب على عادته التي كان قد اعتادها .

    3- ومن الناس من لم تكن له عادة في الصيام قبل هذا الشهر لكن لما انتصف شعبان بدأ في الصوم فهذا ننصحه بترك الصيام لأنه ارتكب أمراً منهياً عنه فقد جاء في الحديث الصحيح الوارد في ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا بقي نصفٌ من شعبان فلا تصوموا ) ( المشكاة /1974) .

    4- ومنهم من لم تكن له عادة في الصوم ولكن لما بقي على نهاية شهر شعبان يوم أو يومان صام هذين اليومين أو هذا اليوم من أجل أن يحتاط لرمضان فهذا الأمر الذي فعله عَدَّه العلماء بدعة في دين الله عز وجل لأنه قد أتى بمحدثة لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه رضوان الله عليهم وهو قد وقع في الأمر الذي حذَّّر منه النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يومٍ أو يومين إلا أنْ يكونَ رجل كان يصوم صوماً فليصم ذلك اليوم ) متفق عليه ، فهذا نهي صريح من النبي صلى الله عليه وسلم عن التَّقَدُم على شهر رمضان بيومٍ أو يومين إلا من كان له اعتياد قبل ذلك كما تقدم معنا .

    أيها المؤمنون: كما أنه لا يجوز للمسلم صيام يوم الشكّ وهو اليوم الثلاثون من شعبان إذا لم يُرَ الهلال في ليلته بسبب غَيمٍ أو ساترٍ أو نحوه فيجوز أن يكون من رمضان ويجوز أن يكون من شعبان، فهذا جاء النهي عن صومه صريحاً في قول عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال : ( من صام اليوم الذي يُشَكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ) رواه أبو داود والترمذي وهو حديث صحيح ( الإرواء : 961 )، أما لو تبين بعد ذلك أنه يوم من رمضان فيُقضى مكانه يوماً بعد رمضان، فاحرصوا أيها المؤمنون على الصوم في شعبان واغتنموا هذه الأيام التي جعلها الله تعالى مواسم للخيرات يتزود منها المرء لآخرته .

    اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر زلاتنا وأن تتجاوز عنا وتقيل عثراتنا، وأن تجعلنا ممن غفرت له في هذه الليلةومننت عليه بالعفو والعافية في الدين والدنيا والآخر ة إنك سميع قريب مجيب الدعاء،

    أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين أيها الناس: اتقوا الله تعالى وتمسكوا بكتابه وسنة نبيه ففيهما الكفاية والهدى والنور.

    أيها الإخوة المؤمنون ! اغتنموا هذا الشهر ففيه ترفع الأعمال إلى رب الأعمال فكونوا ممن يُرفع له عمل صالح في هذا الشهر، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت: يا رسول الله ! لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. رواه النسائي الترغيب : 1022 (حسن ).

    قال بعض العلماء: (إن أعمال الأسبوع تعرض على الله تعالى كل اثنين وخميس ، وأعمال السنة كلها تعرض في شعبان) شرح النسائي.بتصرف.

    وقوله: ( يغفُل الناس عنه ) فيه: أنَّ إحياء أزمنة الغفلة فيه أجرٌ كبير إذا ورد فيها الأثر عن نبينا صلى الله عليه وسلم، ومثل ذلك ما ورد في صحيح مسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ " والهرج: هو زمن الفِتَن وكثرة اختلاط أمور الناس ففيها يغفل الناس عن عِبادة الله تعالى، ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: ( مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ ) 1684(حسن لغيره)- الترغيب ، فالسوق مَوْطِنٌ من مَوَاطنِ الغفلة حيث البيع والشراء وغفلة الناس عن ذِكر الله تعالى، والغفلة عن الله وعن مراقبته تُورِثُ الوقوع في المعاصي واقترافها، فصار الذَّاكِرُ فيها لله بلسانه أو بعبادته عظيم الأجر مضاعف الثواب، وهذا لا يحصل إلا لمن كان دائم الحَذَر مما هو مُقْدِمٌ عليه من الأهوال العظيمة في قبره ويوم يقوم العباد لربهم خائفين وَجِلِينَ يطلبون السلامة مما أمامهم مترقبين منازلهم التي سينزلون فيها، ففريق في الجنة وفريق في السعير.

    وقانا الله وإياكم وسائر المسلمين من غضبه وعقابه ومن شرور أنفسنا ومن غفلتنا ومعاصينا، ورزقنا تدارك الأعمار فيما يقرب إليه سبحانه ووفقنا بمنه وكرمه للتوبة والإنابة قبل الممات إنه سميع قريب مجيب الدعاء .

    اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين.

    اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء اللهم أصلح ولي أمرنا ووفقه لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر.

    لا إله إلا أنت سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .


    منقول من هنــــــــــــا
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية قضايا في الصوم ( حكم الصيام بعد المنتصف من شعبان - واحكام الهلال - واخطاء الصائمين )

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 17.08.08 12:43

    قضايا في الصوم
    وهي :
    حكم الصيام بعد المنتصف من شعبان
    واحكام الهلال
    واخطاء الصائمين


    الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :

    إذا انتصف شعبان فلا صوم

    قال صلى الله عليه وسلم : ((إذا انتصف شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان ))
    رواه أصحاب السنن وهو صحيح

    ومعناه لايصوم لمن لم يكن له صوم معتاد قبل هذا في أول شعبان فإنه بعد المنتصف لايصوم استقبلالا لرمضان

    وقال : ((لاتقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه ))متفق عليه
    وهذا يؤكذ تحريم الصوم قبل رمضان بيوم أو يومين إلا لمن كان له صوم معتاد كإثنين وخميس صامه ولو وافق 29 من شعبان

    وقال عمار رضي الله عنه : (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم (صلى الله عليه وسلم ))رواه أبو داود وهو صحيح

    وهذا موقوف له حكم الرفع للنبي عليه الصلاة والسلام فيدل على تحريم يوم الشك وهو ليلة الثلاثين من شعبان ولا يصبح صائما احتياطا كما قال الحنابلة فلو رأى الهلال صامه وإلا فلا يصوم إحتياطا
    والله اعلم
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية تتمة

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 17.08.08 12:45

    أحكام رؤية الهلال في الصيام وغيره

    1- الأصل أن دخول الشهر يكون برؤية الهلال

    2- والأصل فيه شاهدان عدلان في كل شهور السنة

    3- لكن رمضان يمكن يعتد بواحد وشرطه أن يكون مسلم عدلا

    4- أما المسلم المستور فلا يعتد به

    5- واعتبار رؤية الهلال بالعين المجرد

    6- ولااعتبار أبدا للحساب ولا للفلك ولا للتقاويم

    7- فإن غم عليه بسحاب أو قتر أكملنا عدة شعبان ثلاثين يوما

    8- لا نصوم إحتياطا

    ماهي الأدلة على ما مضى :

    الأدلة :

    1- الأصل أن يكون برؤية الهلال :
    قال صلى الله عليه وسلم : ((إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا ))متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما .

    2- شاهدان :

    لما قاله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه : ((فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا ))عند النسائي

    3- يعتد بواحد عدل لرمضان :

    لما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال : (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم اني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه )رواه ابوداوه وصححه ابن حزيمة وابن حبان وهو كذلك وابن عمر عدل ولاشك فاعتد به .

    4- أما المسلم المستور فلا يعتد بشهادته :

    فقد جاء حديث أخرجه أصحاب السنن عن ابن عباس رضي الله عنه قال أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (إني رأيت الهلال فقال : ((أتشهد أن لاإله إلا الله ))؟ فقال : نعم قال : ((أتشهد أن محمدا رسول الله ))؟قال : نعم قال : ((فأذن في الناس يابلال أن يصوموا غدا ))وصححه ابن خزيمة وابن حبان . والصحيح أن الحديث ضعيف ولايحتج به لأنه من رواية سماك عن عكرمة عن ابن عباس وقد حكم الحفاظ باضطراب روايته سماك عن عكرمة وإن كان سماك نفسه صدوقا قال النسائي بعد أن أورد طريقا أخرى عن الثوري عن سماك عن عكرمة مرسلا ثم قال : والمرسل أولى بالصواب وقال إن انفرد سماك بأصل لايعتد به أو كلاما نحوه وقال ابن حجر في البلوغ : ورجح النسائي إرساله وقال الترمذي مختلف فيه فالصحيح فيه إرساله والمرسل عند المحدثين ضعيف .فلا هذا لااعتداد برؤية المسلم المستور ولابد ان يكون عدلا .

    5- 6-اعتبار الرؤية بالعين المجردة ولا اعتبار للحساب ولا للفلك والتقويمات وغيرها

    لقوله صلى الله عليه وسلم : ((إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا ))وقد تقدم

    فنص على الرؤية بالعين المجردة ولم يأمرنا بالتكلف المنهي عنه وكل هذه الأمور العصرية محدثة من الفلك والحساب وغيرها قال صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وهو في الصحيحين : ((إنا أمة أمية لانكتب ولانحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا والشهر هكذا وهكذا وهكذا وخنس بإصبعه في الثالثة -يعني تسعا وعشرين وثلاثين ))

    وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت قال صلى الله عليه وسلم : ((من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ))

    وهذه الأمور من الإحداث في الدين ومن التكلف ثبت عنه قوله صلى الله عليه وسلم : ((هلك المتنطعون قالها ثلاثا )).

    7- فإن لم نرى الهلال أتممنا شعبان ثلاثين يوما :

    لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ((إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له ))متفق عليه ولمسلم : ((فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين )) وفي بعض الروايات عن أبي هريرة : ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ))واقدروا له : أي أكملوا عدة شعبان ثلاثين .

    8- وفي الغيم لانصوم احتياطا بل نتمم شعبان :

    لما تقدم ففي الحديث : ((فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ))ولم يقل صوموا إحتياطا.
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: ما يخض شهر شعبان

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 17.08.08 12:46

    من أخطاء الصائمين في التربية وفي نهارهم وفطورهم وسحورهم ....

    من أخطاء الصائمين :

    الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد فهذه بعض أخطاء الصائمين كتبتها لتكون عونا لنا عن البعد عما يشوب الصيام ويكر صفوه مما قد يفسده أو يخل به وينقص أجره .

    أولا : أخطاء في التربية :
    -إهمال كبير في التربية للأولاد في المدارس والبيوت : لأنهم أوهموا أنفسهم أنهم في رمضان لايستطيعون النصح والإرشاد وذلك للجهد الذي ألحق بهم في هذا الشهر الكريم فليتهم يقومون بأنفسهم كما يزعمون بكيف يقومون بغيرهم وهذا عذر لامستند له ولا رصيد وقد قال صلى الله عليه وسلم : ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ))ثم إن هؤلاء عماد أمتنا فإن ضاعوا وماعوا فعلى الحياة العفاء فدع عنك ياهذا ماأصبت به من الكسل بل التكاسل وحي هلا على العمل .

    -إهمال الصغار في تعويدهم على الصيام وحجتهم داحضة هي الزعم بأن الولد صغير ولا يتحمل وهذا والله من البعد عن مواطن الأجور وقد كان الصحابة يعودون أبناءهم على الصيام وهم صغار كما قالت الربيع بنت معوذ وكانوا يشغلونهم باللعب من العهن حتى وقت الإفطار .

    ثانيا : في الصيام بالنهار :

    1- لايستاكون بعد العصر ظنا منهم أن بعد الزوال لايجوز الإستياك: ولايصح في النهي حديث
    وقد صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله : ((السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ))ويصح الإستياك قبل الزوال وبعده وهذه عليه جمهور العلماء .

    2- يتكاسلون عن الجماعات او الصلوات عموما فقد يجمعها بعضهم وينامون أكثر النهار زاعمين أن الصوم يضعف عن ذلك بل يضعفون عن القيام بالأعمال الوظيفية فعرفوا في رمضان بالتكاسل والتخاذل ألم يعلم هؤلاء أن أكثر الغزوات الإسلامية والفتوحات كانت في رمضان ؟

    3- ترك قراءة القرآن عند البعض ولزوم البعض لقراءته في رمضان فقط ثم إذا خرج رمضان فكأنه لايعرفه وسبحان الله تعالى أليس هذا هجر للقرآن ؟وقد قال تعالى عن نبيه يشكي قومه : {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا }.

    ثالثا : في ليل رمضان

    1- يطيلون السهر لليل كله دون أن يأخذوا قسطا من الراحة وليتهم يحيونه في الطاعة والتعبد لهان الخطب : لكنهم يحيونه في المعاصي وكافة الملهيات وهم يفرحون بقدوم هذا الشهر الكريم لأجل مايشعرون فيه من السعادة الغامرة في ضياع اوقاتهم ، ولا أقصد أن كل الناس هكذا بل هناك من لايشتغل فيه إلا بطاعة الله والحمد لله فهنيئا لهم ماانتفعوا به من الخير وتزودوا منه ليوم المعاد .

    2- يكثرون من السهر على مايروجه لهم الإعلام من المحرمات كاالتمثيليات القذرة والأغاني الماجنة وغيرها مما يداعب العواطف ويشغلهم عن الشعور الحقيقي بمعنى الصيام الذي هو الإمساك عن المفطرات والجماع بل عن الشهوات وهم يرددون على مسامعهم الحديث الضعيف : (ولكن ساعة وساعة ) وان القلوب تكل ....ومع ذلك فهم يجعلونها ساعة لربك كما قالوا وساعات لشهواتك وملذاتك فأين العدل إن صدقوا لكنه الحرمان والله من الخير فلا والله لالدين نصحوا ولا لخير دلوا .

    3- البعض يترك سنة الجماعة في التراويح بل قد لايقومها وللأسف وقد يقوم بعضها فقط ولا يقوم مع الإمام كل الصلاة حتى يكتب له قيام ليلة كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    رابعا : في الفطور :

    1- يؤخرون الفطور حتى تشتبك النجوم وهذا خلاف السنة فقد قال صلى الله علي وسلم : ((لايزال الناس بخير ماعجلوا الفطور )) : وفي رواية : ((لايزال الدين ظاهرا... ))وحدد النبي صلى الله عليه وسلم وقت الفطور فقال: ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم )) قال شيخ الإسلام : (فمن تأكد من غياب القرص كاملا فإنه يفطر) اهـ .

    2- يدعون ربهم فيقولون : اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت (وهو حديث مرسل لايصح )وقد يأتون بأدعية عديدة أخرى خلاف الوارد فيما صح عنه وإنما صح قوله : ((ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ))وليسعنا ماوسعه عليه الصلاة والسلام .

    3- يأكلون التمر وترا معتقدين أن النبي فعله في الصوم (وفيه حديث لم يصح عنه)والأحاديث الصحيحة لم تحدد العدد ومنها قول أنس رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات فإن لم يجد فعلى تمرات ...) ولم يحدد عددا .

    4- يبدأون بالماء وفيه حديث لايصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بالماء والسنة البدء بما صح به الدليل عن أنس رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل الصلاة على رطبات فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء )والرطب له فائدة أن المعدة تحتاج إلى الشيء الحلو لتتقبل مايأتي عليها بعد ذلك والماء لأجل اليبوسة التي تصيب الكبد فيحتاج مايلينها كما قاله ابن القيم .

    5- يؤخر البعض فطوره إلى مابعد الصلاة وهذا خلاف السنة فكما في حديث أنس السابق أنه كان يأكل الرطب قبل الصلاة ثم يعود ليتم أكله عليه الصلاة والسلام كما ذكر هذا الصنعاني صاحب السبل .

    6- يكثر الأكل على المعدة فوق الشبع فلايقوى بعد ذلك على العبادة : والإكثار من الطعام خلاف السنة فعن المِقْدَامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبَ ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: «مَامَلأَ آدمِيٌ وِعَاءً شَرَّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلْثٌ لِنَفَسِهِ»رواه الترمذي وقال حسن صحيح وصححه الألباني .

    7- المبالغة في إعداد الأطعمة بأنواعها المختلفة وكأن المقصود من رمضان هو الأكل والشرب :قال تعالى : {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لايحب المسرفين }. وقال تعالى : {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين }

    خامسا : في السحور :

    1- قد يواصل بعضهم فلا يفطر ولايتسحر وهذا خلاف السنة : وقد كره صلى الله عليه وسلم المواصلة بين اليومين إلا من السحور للسحور قال لصحابته : ((إياكم والمواصلة ))قالوا يارسول الله فانت تواصل : ((قال لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني )) وقال لهم : ((فأيكم أراد أن يواصل فإلى السحور )).

    2- بعض الناس لايهتم بالسحور سواء حصل أولا وهذا خلاف مادعى إليه صلى الله عليه وسلم : فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((تسحروا فإن في السحور بركة )) وهذه البركة جاء بيانها في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ))وفي قوله : ((إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين )) وفي قوله : ((إن الله ينزل إلى السماء الدنيا وذلك في الثلث الأخير من الليل فيقول هل من داع فأستجيب له هل من سائل فأعطيه ..))

    ولا يلزم تفريغ وقت طويل له ولا التبذير الذي قد بينا حاله قبل لأن هذا قد يدفع بعض الناس لتركه بل يكفي التمر أو الماء ليتحقق ذلك الأجر فقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((لاتدعوا السحور ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء .. )) وقال صلى الله عليه وسلم : ((نعم سحور المؤمن التمر )).

    3- تبكير بعض الناس بالسحور قبل الفجر بكثير وهو خلاف السنة : ففي صحيح البخاري عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم )-قلت : والواقع أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تسحر عند زيد بن ثابت رضي الله عنه لكن هذا من أدب صحابته معه عليه الصلاة والسلام فأين نحن اليوم ؟ياحسرة على العباد ......-قال زيد ثم قمنا للصلاة قال أنس كم كان بين السحور والصلاة قال قدر قراءة خمسين آية ) .قلت :خمسين بقراءته عليه الصلاة والسلام لابهذنا اليوم فقد كان يمد الآية ويقف على رؤوسها فماأعظمه وأجله بأبي هو وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وماأضعفنا وأحوجنا للسنة والله .

    4- قد يخص بعض الناس السحور بأدعية خاصة ولا بعلم دعاء خاصا بالسحور فلا ينبغي التعدي إلا لو دعى لأمر عارض لايريد تخصيص السحور فالدعاء المطلق لكل وقت لايخص وقتا دون وقت قال تعالى : {وقال ربكم ادعوني استجب لكم }.

    والله اعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم


    وكتب
    أبو عاصم عبد الله الغامدي
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية ذو صلة

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 20.08.08 15:59

    بدعة ليلة النصف من شعبان


    الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد نبي التوبة والرحمة.

    أما بعد: فقد قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا الآية من سورة المائدة، وقال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الآية من سورة الشورى وفي الصحيحين عن عائشة عن النبي قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وفي صحيح مسلم عن جابر ، أن النبي كان يقول في خطبة الجمعة:

    ( أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا بعدما بلغ البلاغ المبين، وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال، وأوضح أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى دين الإسلام من أقوال أو أعمال، فكله بدعة مردود على من أحدثه، ولو حسن قصده، الإسلام من أقوال أو أعمال، فكله بدعة مردود على من أحدثه، ولو حسن قصده، وقد عرف أصحاب رسول الله الأمر، وهكذا علماء الإسلام بعدهم، فأنكروا البدع وحذروا منها، كما ذكر ذلك

    كل من صنف في تعظيم السنة وإنكار البدعة كابن وضاح ، والطرطوشي، وأبي شامة وغيرهم.

    ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها .

    أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله وورد فيها أيضا آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب، في كتابه: "لطائف المعارف" وغيره .

    والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة.

    وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام: أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية . وأنا أنقل لك: أيها القارئ، ما قاله بعض أهل العلم في هذه المسألة، حتى تكون على بينة في ذلك .

    وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب: رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله- عز وجل، وإلى سنة رسول الله ، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خالفهما وجب اطراحه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، فضلا عن الدعوة إليه وتحبيذه، كما قال سبحانه في سورة النساء : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ }

    وقال تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ الآية من سورة الشورى، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } الآية من سورة آل عمران .

    وقال عز وجل: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا ... } .

    والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة، ووجوب الرضى بحكمهما، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان، وخير للعباد في العاجل والآجل .

    وأحسن تأويلا: أي عاقبة. قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله تعالى - في كتابه: "لطائف المعارف" في هذه المسألة - بعد كلام سبق- ما نصه: "وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها .

    وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان، اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله منهم، ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، منهم: عطاء، وابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم .

    وقالوا: ذلك كله بدعة واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين:

    أحدهما:
    أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد. كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم، ويتبخرون ويتكحلون، ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ذلك ببدعة، نقله حرب الكرماني في مسائله.

    والثاني: أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى، إلى أن قال: ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان .

    ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان: من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه (في رواية) لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي وأصحابه، واستحبها (في رواية)، لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود لذلك وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف، لم يثبت فيها شيء عن النبي ولا عن أصحابه، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام"انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب .

    وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي ولا عن أصحابه شيء في ليلة النصف من شعبان، وأما ما اختاره الأوزاعي من استحباب قيامها للأفراد، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول، فهو غريب وضعيف .

    لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعا، لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفردا أو في جماعة، وسواء أسره أو أعلنه. لعموم قول النبي : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها .

    وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي في كتابه: "الحوادث والبدع" ما نصه: "وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم، قال: ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على ما سواها ".

    وقيل لابن أبي مليكة : إن زيادا النميري يقول: (إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر)، فقال: (لو سمعته وبيدي عصا لضربته) وكان زياد قاصا، انتهى المقصود

    وقال العلامة : الشوكاني في: (الفوائد المجموعة) ما نصه: "حديث: (يا علي من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات قضى الله له كل حاجة ) إلخ

    وهو موضوع ، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون .

    وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة ورواتها مجاهيل، وقال في: "المختصر" : حديث صلاة نصف شعبان باطل، ولابن حبان من حديث علي : " إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها " ضعيف .

    وقال في "اللآلئ" : " مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات " مع طول فضله، للديلمي وغيره موضوع .

    وجمهور رواته في الطرق الثلاث مجاهيل ضعفاء قال: واثنتا عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة موضوع وأربع عشرة ركعة موضوع.

    وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب (الإحياء) وغيره وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه الليلة- أعني: ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة .

    ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلي سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم بني كلب، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها، لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه" انتهى المقصود.

    وقال الحافظ العراقي : " حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله وكذب عليه" .

    وقال الإمام النووي في كتاب "المجموع" : "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب: (قوت القلوب)، و(إحياء علوم الدين)، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك" .

    وقد صنف الشيخ الإمام: أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابا نفيسا في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جدا، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كلام في هذه المسألة، لطال بنا الكلام، ولعل فيما ذكرنا كفاية ومقنعا لطالب الحق.

    ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر .

    بل .. هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة ، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجعل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وما جاء في معناها من الآيات، وقول النبي : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .

    وما جاء في معناه من الأحاديث، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : " لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يومها بالصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم "

    فلو كان تخصيص شيء من الليالي، بشيء من العبادة جائزا، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها. لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ، فلما حذر النبي من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص.

    ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين عن النبي علي أنه قال: " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "

    فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة، لأرشد النبي الأمة إليه، أو فعله بنفسه، ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة إلى الأمة، ولم يكتموه عنهم، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عن أصحاب رسول الله وأرضاهم، وقد عرفت آنفا من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله ، ولا عن أصحابه شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة، بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب، التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة .

    كما لا يجوز الاحتفال بها، للأدلة السابقة، هذا لو علمت، فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف، وقول من قال: أنها ليلة سبع وعشرين من رجب، قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة، ولقد أحسن من قال:

    وخير الأمور السالفات على الهدى *** وشر الأمور المحدثات البدائع


    والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبد الله بن باز

      الوقت/التاريخ الآن هو 03.05.24 4:26