خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    ( من صور إغواء الشيطان لأهل الإيمان ) من كلام ابن القيم العلامة الإمام

    avatar
    أم عبد الله السلفية
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    انثى عدد الرسائل : 232
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالبة علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 07/05/2008

    الملفات الصوتية ( من صور إغواء الشيطان لأهل الإيمان ) من كلام ابن القيم العلامة الإمام

    مُساهمة من طرف أم عبد الله السلفية 03.08.08 17:57


    قال العلامة شمس الدين ابن القيم الجوزية –رحمه الله تعالى- في كتابه الماتع "بدائع الفوائد" ( 2 / 260 – 262 ) :

    "...
    ومن شره أنه قعد لابن آدم بطرق الخير كلها فما من طريق من طرق الخير إلا والشيطان مرصد عليه يمنعه بجهده أن يسلكه فإن خالفه وسلكه ثبطه فيه وعوقه وشوش عليه بالمعارضات والقواطع فإن عمله وفرغ منه قيض له ما يبطل أثره ويرده على حافرته ويكفي من شره أنه أقسم بالله ليقعدن لبني آدم صراطه المستقيم وأقسم ليأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم .

    ولقد بلغ شره أن أعمل المكيدة وبالغ في الحيلة حتى أخرج آدم من الجنة ثم لم يكفه ذلك حتى استقطع من أولاده شرطة النار من كل ألف وتسعة وتسعين ثم لم يكفه ذلك حتى أعمل الحيلة في إبطال دعوة الله من الأرض وقصد أن تكون الدعوة له وأن يعبد من دون الله .

    فهو ساع بأقصى جهده على إطفاء نور الله وإبطال دعوته وإقامة دعوة الكفر والشرك ومحو التوحيد وأعلامه من الأرض .

    ويكفي من شره أنه تصدى لإبراهيم خليل الرحمن حتى رماه قومه بالمنجنيق في النار فرد الله تعالى كيده عليه وجعل النار على خليله بردا وسلاما .

    وتصدى حتى أراد اليهود قتله وصلبه فرد الله كيده وصان المسيح ورفعه إليه .

    وتصدى لزكريا ويحيى حتى قتلا .

    واستثار فرعون حتى زين له الفساد العظيم في الأرض ودعوى أنه ربهم الأعلى .

    وتصدى للنبي صلى الله عليه وسلم وظاهر الكفار على قتله بجهده والله تعالى يكبته ويرده خاسئا .

    وتفلت على النبي صلى الله عليه وسلم بشهاب من نار يريد أن يرميه به وهو في الصلاة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول ألعنك بلعنة الله .

    وأعان اليهود على سحرهم للنبي صلى الله عليه وسلم .

    فإذا كان هذا شأنه وهمته في الشر فكيف الخلاص منه إلا بمعونة الله وتأييده وإعاذته .

    ولا يمكن حصر أجناس شره فضلا عن آحادها إذ كل شر في العالم فهو السبب فيه .

    ويكن ينحصر شره في ستة أجناس لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحدا منها أو أكثر :


    الشر الأول :
    شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله ؛ فإذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه واستراح من تعبه معه وهو أول ما يريد من العبد فلا يزال به حتى يناله منه فإذا نال ذلك صيره من جنده وعسكره واستنابه على أمثاله وأشكاله فصار من دعاة إبليس ونوابه فإذا يئس منه من ذلك وكان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه نقله إلى .

    المرتبة الثانية من الشر :
    وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي ؛ لأن ضررها في نفس الدين وهو ضرر متعد وهي ذنب لا يتاب منه ، وهي مخالفة لدعوة الرسل ودعا إلى خلاف ما جاءوا به وهي باب الكفر والشرك فإذا نال منه وجعله من أهلها بقي أيضا نائبه وداعيا من دعائه فإن أعجزه من هذه المرتبة وكان العبد ممن سبقت له من الله موهبة السنة ومعاداة أهل البدع والضلال نقله إلى :

    المرتبة الثالثة من الشر :
    وهي الكبائر على اختلاف أنواعها ؛ فهو أشد حرصا على أن يوقعه فيها ولا سيما إن كان عالما متبوعا فهو حريص على ذلك لينفر الناس عنه ثم يشيع من ذنوبه ومعاصيه في الناس ويستنيب منهم من يشيعها ويذيعها تدينا وتقربا بزعمه إلى الله تعالى وهو نائب إبليس ولا يشعر .

    فإن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم هذا إذا أحبوا إشاعتها وإذاعتها فكيف إذا تولوا هم إشاعتها وإذاعتها لا نصيحة منهم ولكن طاعة لإبليس ونيابة عنه .

    كل ذلك لينفر الناس عنه وعن الانتفاع به وذنوب هذا ولو بلغت عنان السماء أهون عند الله من ذنوب هؤلاء فإنها ظلم منه لنفسه إذا استغفر الله وتاب إليه قبل الله توبته وبدل سيئاته حسنات .

    وأما ذنوب أولئك فظلم للمؤمنين وتتبع لعورتهم وقصد لفضيحتهم والله سبحانه بالمرصاد لا تخفى عليه كمائن الصدور ودسائس النفوس ، فإن عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى :

    المرتبة الرابعة :
    وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إياكم ومحقرات الذنوب فإن مثل ذلك مثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض" صحيح .

    وذكر حديثا معناه أن كل واحد منهم جاء بعود حطب حتى أوقدوا نارا عظيمة فطبخوا واشتووا ولا يزال يسهل عليه أمر الصغائر حتى يستهين بها فيكون صاحب الكبيرة الخائف منها أحسن حالا منه فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة نقله إلى :

    المرتبة الخامسة :
    وهي إشغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب بل عاقبتها فوت الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها .

    فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة وكان حافظا لوقته شحيحا به يعلم مقدار أنفاسه وانقطاعها وما يقابلها من النعيم والعذاب نقله إلى :

    المرتبة السادسة :
    وهو أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل فيأمره بفعل الخير المفضول ويحضه عليه ويحسنه له إذا تضمن ترك ما هو أفضل وأعلى منه .

    وقلّ من يتنبه لهذا من الناس ؛ فإنه إذا رأى فيه داعيا قويا ومحركا إلى نوع من الطاعة لا يشك أنه طاعة وقربة فإنه لا يكاد يقول إن هذا الداعي من الشيطان .

    فإن الشيطان لا يأمر بخير ويرى أن هذا خير فيقول هذا الداعي من الله وهو معذور ولم يصل علمه إلى أن الشيطان يأمر بسبعين بابا من أبواب الخير

    إما ليتوصل بها إلى باب واحد من الشر .

    وإما ليفوت بها خيرا أعظم من تلك السبعين بابا وأجل وأفضل .

    وهذا لا يتوصل إلى معرفته إلا بنور من الله يقذفه في قلب العبد يكون سببه تجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وشدة عنايته بمراتب الأعمال عند الله وأحبها إليه وأرضاها له وأنفعها للعبد وأعمها نصيحة لله تعالى ولرسوله ولكتابه ولعباده المؤمنين خاصتهم وعامتهم .

    ولا يعرف هذا إلا من كان من ورثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونوّابه في الأمة وخلفائه في الأرض .

    وأكثر الخلق محجوبون عن ذلك فلا يخطر بقلوبهم .

    والله تعالى يمن بفضله على من يشاء من عباده ؛ فإن أعجزه العبد من هذه المراتب الست وأعيا عليه سلط عليه حزبه من الإنس والجن بأنواع الأذى والتكفير والتضليل والتبديع والتحذير منه وقصد إخماله وإطفائه ليشوش عليه قلبه ويشغل بحربه فكره وليمنع الناس من الانتفاع به .

    فيبقى سعيه في تسليط المبطلين من شياطين الإنس والجن عليه ولا يفتر ولا يني فحينئذ يلبس المؤمن لأمة الحرب ولا يضعها عنه إلى الموت ومتى وضعها أسر أو أصيب فلا يزال في جهاد حتى يلقى الله .

    فتأمل هذا الفصل وتدبر موقعه وعظيم منفعته واجعله ميزانك تزن به الناس وتزن به الأعمال ؛ فإنه يطلعك على حقائق الوجود ومراتب الخلق والله المستعان وعليه التكلان " أهــ

    avatar
    أبوعبدالملك النوبي الأثري
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 849
    العمر : 44
    البلد : مصر السنية
    العمل : تسويق شركة كمبيوتر
    شكر : -1
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    الملفات الصوتية رد: ( من صور إغواء الشيطان لأهل الإيمان ) من كلام ابن القيم العلامة الإمام

    مُساهمة من طرف أبوعبدالملك النوبي الأثري 04.08.08 0:58

    اللهم لا تجعلنا من ضعاف النفوس
    جزاكم الله خيرا

      الوقت/التاريخ الآن هو 27.04.24 19:33