خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    "أوثق عرى الإيمان" للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية "أوثق عرى الإيمان" للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 13.07.08 13:58

    رسالة


    أوثق عرى الإيمان



    للشيخ

    سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب



    من كتاب
    مجموع الرسائل

    تحقيق
    د. الوليد بن عبدالرحمن بن محمد آل فريان


    ***





    بسم الله الرحمن الرحيم


    تمهيد


    يخطيء من يظن أن التودد لأعداء الله والسعي في تقريبهم سوف يجلب محبتهم، ويدفعهم إلى أن يبادلوه حباً بحب.يقول الله تعالى في كتابه الكريم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ {118}هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {119}إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا} ([1]).فمن ينتظر منهم الرضى أو ينشده كمن يؤمل من السراب الخادع ماءا، والثقة بودهم وهم كبير وغفلة عن وقائع التأريخ المتكررة في كل زمان ومكان.ولذلك جاءت النصوص الكثيرة تأمر بمقاطعتهم وعداوتهم مهما تظاهروا بالمحبة الكاذبة، التي طالما اصطادوا الناس بشباكها.وفي الوقت نفسه دعت إلى توثيق الصلات بين المسلمين، وإشاعة المحبة والمودة في مجتمعهم، ونبذ أشكال الاختلاف والفرقة، بل اعتبرت المحبة جزءًا أساسياً من الإيمان، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا"([2]).غير أنها وهي تتمتع بالأهمية البالغة في صياغة المجتمعات، وتنعكس آثارها على الكثير من جوانب الحياة، لم تنل ما تستحقه من العناية الموازية لدورها، والمكافئة لأهميتها. فكان من نتائج هذا التجاهل المزري أن خفتت جذوتها، وتقهقرت في النفوس والقلوب، وفقدت المصداقية عند الغالبية من الناس حتى أصبحت المحبة في الله تعالى في نظر كثير من الناس من ضروب الخيال، وأباطيل القصص والأخبار.وليس هذا بالغريب في ظل انحراف عام لازال يخيم بظلامه، وينشر دسائسه في كل مكان.ولكن الغريب حقاً، أن تسري غاشية المرض إلى فئات من الناس ممن يملكون علماً أو عاطفة دينية ويتقلدون شيئاً من أمر المسلمين أو هكذا يخيل إلينا.من أجله يصاب المؤمن بالحزن والأسى، وتتزايد في ذهنه خواطر الشك والارتياب، وقد يندفع تحت وطأة هذه الظروف إلى النظر في موقفه من الأشخاص الذين ربما حمل في قلبه لهم محبة واحتراماً وقتاً من الأوقات.تلك حقائق ساطعة تصدمك بكل أسف أينما اتجهت، إلا أنه من الواجب تلمس أسباب هذه الكارثة، ومحاولة البحث عما يمكن أن يساهم في إزالتها، أو يخفف من خطرها؛ إذ هي من أشد معوقعات الدعوة، والسلاح الذي كثيراً ما يشهر في وجوه الدعاة والمصلحين لعرقلة نشاطهم أو إجهاضه.



    ومن السذاجة أن نتوقع من ظالم مستبد أو مفسد خئون، أن يمد يده لإنقاذ الدعاة من مأزقهم أو يساعد على تجاوز هذه الأزمة بسلام.

    هناك مجموعة من الوسائل لعل من أيسرها القول: بأنه لابد من إعادة النظر في أساليب التربية والتوجيه، لتكتسب صورتها الإسلامية الخالصة من شوائب التقليد والتبعية.وفي تقديري أنه يتعين علينا أيضاً التسليم بارتباط هذه المشكلة بتراكمات طويلة مكتظة بالأخطاء والممارسات الشائنة. من أهمها: الجهل، وافتقاد الناس للقدوة المتمثلة لأخلاق الإسلام في سلوكها وتعاملها إلى جانب ضعف الإيمان.

    ولو حاولنا تتبع كل سبب على حدة لأمكننا الخروج بالنتائج التالية :
    أولاً: أن الجهل الفاضح بأخلاق الإسلام ومثله العليا، وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وشمائله، وسيرة أصحابه والتابعين لهم بإحسان، ممن التزموا بالشريعة وطبقوها تطبيقاً واعياً وأميناً. حال بين البعض وبين القدرة على التعامل على وفق الشريعة ومبادئها الكريمة وأخلاق الإسلام الفذة.


    حتى وإن بلغوا مبلغاً كبيراً في معرفة الأحكام الشرعية. وهذا من الحصاد المرير للقراءة العمياء الباهتة، ونتيجة مؤلمة للمناهج الدراسية السائدة التي تعنى بالأحكام النظرية، وتنسى غرس الأخلاق والشمائل.


    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: "أوثق عرى الإيمان" للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 13.07.08 13:59

    ثانياً: تلعب القدوة دوراً هاماً في بناء الإنسان، وتؤثر على تحديد وجهته الدينية والنفسية خاصة في المراحل الأولى؛ لأن من طبيعة الإنسان التفاعل مع محيطه والتشبه بمن يكن لهم احتراماً.


    وإلى هنا أشار القرآن الكريم بقوله : { وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ }([3]).


    وحين تفتقد القدوة الحسنة فما أيسر أن تحل القدوة السيئة مكانها، ومن أجل ذلك أمر الله تعالى بأن نجتهد في اختيار القدوة، فقال { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ }([4]).وقال: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}([5]) يعني إبراهيم ومن بعده من الأنبياء عليهم السلام. والعلماء هم الامتداد المنشود للأنبياء، والوارثون لعلمهم وأخلاقهم، والمؤتمنون على تبليغ الرسالات. وإذا ما غابوا عن أداء هذا الدور الطليعي، انشغالاً بأنفسهم أو مصالحهم الخاصة وتجاذب المغانم، أو استولى عليهم الخوف والتخاذل. فقد خانوا الله ورسوله وخانوا الأمانة، وشاركوا في هدم الدين وتقويض المجتمع الإسلامي بأسره، وهذه من أعظم الجنايات وأفدح الخطوب.


    ثالثاً: يتصل الإيمان بالعمل كاتصال الإيمان بالإسلام، أو كارتباط التوحيد العلمي بالتوحيد العملي.


    قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا }([6]).


    فمتى تعرض الإيمان لنقص أو أصابه طائف من الشيطان، فما أسرع التقصير في العمل. وإذا وقع تفريط في التطبيق، فإنه ينال من الإيمان ويفت في كيانه.


    وضعف الإيمان داء وبيل، استطاع بفضله الكائدون الدس على الإسلام، وامتطاء أبنائه لإلحاق الضرر بهم وبدينهم ومصالحهم. وهذا يستوجب أن نتعرف على أهم ما يزيد الإيمان ويقويه. وقبل ذلك يجب أن نعلم: أن الإيمان منحة من الله تعالى؛ كما قال : {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ}([7]).


    وقال: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا}([8]).


    وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الآخرة إلا من أحب" ([9]).


    وأن السواد الأعظم في كل زمان ومكان بعيدون عن شرع الله وهديه، كما قال : {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }([10]).


    فمما يزيد الإيمان: التفكر في مخلوقات الله، والنظر إليها بتأمل وتدبر. قال تعالى : {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ {6} وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ {7} تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ }([11]) فلا يخشى الله تعالى إلا عالم بصير؛ قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }([12])، وقال : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ }([13]).


    وغير خاف أن النظر في الكون وما اشتمل عليه من قوانين بالغة الدقة والانتظام عبادة من أجل العبادات وأزكاها.


    وجميع العبادات العملية والقلبية هي السبيل النافع إلى زيادة الإيمان، وطريق الصفاء القلبي والروحي.


    والعبادة اسم كبير تنطوي تحته حياة الإنسان بجميع حركاتها وسكناتها؛ كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162}لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ }([14]).



    مع تحقق النية الصالحة التي لا يخالطها شرك أو رياء.

    لتحميل الكتاب
    "أوثق عرى الإيمان" للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى Book_file_enabled

    نقلاً عن
    موقع الدرر السنية

    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية رد: "أوثق عرى الإيمان" للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 15.07.08 18:48

    Cool

      الوقت/التاريخ الآن هو 11.05.24 15:05