خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    لا يقال فلان شهيد

    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 47
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية لا يقال فلان شهيد

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 28.06.08 23:33






    لا يقال فلان شهيد




      بيَّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أُوحِيَ إليه من ربّه:
      أنَّ الله: "يقبض العلم ـ في آخر الزّمان ـ بقبض العلماء "حتى إذا لم
      يُبْقِ عالمًا اتّخذ الناس رؤوسًا جهَّالاً، فَسُئِلوا، فأفتوا بغير علم، فَضَلّوا
      وأضلّوا" متفق عليه.



      وقد وصل المسلمون ـ بعد القرون المفضّلة ـ إلى
      حال قريبة من هذا المآل المظلم منذ ظهور الفاطميّين ثم العثمانيّين ومَنْ بينهما
      ولكنَّ الله "يبعث لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدّد لها دينها"
      بالعودة به إلى أصله، فضلاً منه وإحسانًا.



      وفي هذا العصر احتلَّ بعض طلاب العلم والفكر ـ ممن لا يملكون من العلم
      أكثر من ألقابه المستوردة ـ، وبعض القُصَّاص من الواعظين ـ الذين لا يملكون أكثر
      من شُهْرَتهم بين العَوَامّ وأشباههم بحفظ الشّعر وغرائب القصص والأمثال ولحن
      القول ـ مجلس العالم بشرع الله والدّاعي إلى سبيله على بصيرة من كتابه وسنّة رسوله
      وفقه أئمة الدين.



      وقبل أيام قدّمت لنا جريدة الحياة في عددها 14268بتاريخ 30/1/1423هـ
      نوعًا جديدًا من الرّؤوس المُنْتَحِلة لمجالس العلم والفتوى لم ينتظروا اتّخاذ
      النَّاس إبّاهم رؤوسًا ولا سؤالهم، فأفتوا بغير علم، بل ونقضوا فتاوى كبار العلماء
      التي لا توافق أهواءهم.



      قال شاعر مشهور يخاطب المفجّرين المنتحرين:


      يشهــد الله أنكم
      شهداء
      يشهــد الأنبياء والأولياء



      والله يعلم أن هذا افتراء عليه وعلى أنبيائه وهم خير أوليائه.


      ويخاطب العلماء وعلى رأسهم المفتي العام لدولة التوحيد والسنة:


      قل لمن دبّجو الفتاوى رويدًا
      ربّ فتوى تضجّ منها السّماء



      دون أن يأتي بكتاب ولا أثارة من علم ينقض ما جاءوا به من محكم الكتاب
      وصحيح السنة وفقه أئمة القرون المفضّلة في نصوصهما، بل دعا بدعوى الجاهلية: إرفعوا
      أقلام العلم الشرعي واطووا صُحُفَه وكمُّوا أفواه المستفتين والمفتين والفقهاء،
      ودعوا الحكم للهوى وحده:



      حين يدعو الجهاد يصمت حِبْر
      حيـن يدعو الجهاد لا استــفتــاء






      ويَراعٌ والكتب والفقهاء
      الفتاوى يــوم الجهــاد الدّمـــاء



      والعلم بشرع الله يحمله من كل خَلَفٍ عُدُوْلُه، وليس منهم شعراء
      الظنون والعواطف فقد قال الله تعالى فيهم:
      {وَالشُّعَرَاءُ
      يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ *
      وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}
      [الشعر: 224 - 226].


      ومن هذا المثال يتبيّن أن الشعراء يتّبعون الغاوين أيضًا، فَهُم في
      الغواية يعمهون؛ فلا يَصْلحون ـ بأيّ حال ـ مفتين، ولا ناقدين لفتاوى العُلماء،
      شرعًا ولا عقلاً.



      وهذا الشاعر نفسه ـ هدانا الله وإياه ـ حكم على طلاب العلم الفكريّين
      في (صوت الكويت 10/5/1410هـ): (أن يَبْقوا في مجالات تخصّصهم وألاَّ
      يَزُجُّوا بأنفسهم في بحار السّياسة حتى لا يَغْرَقوا ويُغْرِقوا شبابنا الحائر
      معهم)؛ فماله لا يقبل فتواه لغيره فيبقى في تَـخَصُّصه السياسي، مع أن السّياسة
      تقوم على الظّنّ فلكلٍّ أن يرى فيها رأيه، وإذا كان من العلم بالسّياسة تشجيع
      التّفجير الانتحاري المعتدي الغادر الذي لا يميّز بين صغير وكبير ولا بين بريء
      ومذنب، فلن يكون الجهل بها أسوأ.



      أمَّا شرع الله فنجد اليقين عنه في كتاب الله تعالى:{وَلَا
      يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
      أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا
      عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}

      [المائدة: 2]،
      {وَلَا
      يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
      لِلتَّقْوَى}
      [المائدة: 8]. وفي صحيح البخاري باب 77 من كتاب الجهاد 56: (لا يقال فلان شهيد)،
      وحديث: "الله أعلم بمن يُجَاهد في سبيله، والله أعلم بمن يُكْلَم في
      سبيله"، وحديث الرجل من أصحاب النّبي صلى الله عليه وسلم وفي عسكره لا يترك للمشركين
      شاذّة ولا فاذّة إلا اتّبعها يَضْرِبُها بسيفه، حتى قال بعض الصّحابة: ما أجزأ
      منَّا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما
      إنّه من أهل النار"؛ لأنّه قتل نفسه. وفي صحيح مسلم ذِكْر غلام النبي صلى
      الله عليه وسلم الذي قُتِل يوم خيبر فقال بعض الصحابة: هنيئًا له الشهادة يا رسول
      الله، فقال: "كلاَّ والذي نفس محمد بيده، إن الشملة لتلتهب عليه نارًا أخذها
      من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم"، ورواه البخاري بلفظ آخر. هذا في
      الغزو مع النّبي صلى الله عليه وسلم "لتكون كلمة الله هي العليا"، فكيف
      بالقتال للأرض والهوية وحمية الجاهلية والحزبيّة؟ والله الموفق.



      20/2/1423هـ /الشسخ سعد الحصين






      الوقت/التاريخ الآن هو 08.05.24 3:38