المـــقـــدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه و على آله وصحبه و سلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد...
فالحوار من الأساليب التربوية المهمة؛ ذلك لأن الكلمات المؤمنة والأحاديث الطيبة لها أثر في النفوس، وتترك بصماتها في الأفئدة والعقول؛ ولهذا أمر الله تعالى نبيه بالحوار فقال: (وجادلهم بالتي هي أحسن )النحل ، الآية : 125.فحاور عليه أفضل الصلاة و السلام وجادل بالحكمة والموعظة الحسنة؛ بل جعل الكلمة الطيبة التي هي وحدة بناء الحوار نوعاً من الصالحات، وضرباً من ضروب الطاعات والقربات، فقال صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة".
وقد عُني القرآن الكريم بالحوار عناية بالغة، حيث بلغ عدد المرات التي كررت فيها "قال" أكثر من خمسمائة مرة، وهذا أمر لا غرابة فيه ؛إذ إن الحوار هو الطريق الأمثل للإقناع، والإقناع هو أساس الإيمان الذي لا يمكن أن يفرض فرضاً، وإنما ينبع من داخل الإنسان؛ ومشكاة النبوة قد تضمنت أيضاً الكثير من الحوارات التي حاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بكلمات نورانية تأسر القلوب وتقنع العقول وتعظ النفوس. والأسرة المسلمة أولى المحاضن التربوية في الإفادة من أسلوب الحوار في غرس المفاهيم التربوية وتثبيت وتقوية الأسس العقدية وبناء الشخصية الإسلامية، والوقاية من نزغات الشيطان التي تطرأ على اللسان لا سيما وقد كثرت المشكلات الأسرية التي قد يكون من أسبابها في أحيان كثيرة، كلمة طائشة وعبارة نابية وحوار غاضب ولغ فيه الشيطان فكان بعد ذلك النزاع والخلاف والشقاق الذي انتهى بدوره إلى هجر وفراق؛بل ربما تحول إلى طلاق!!
والذي ينظر إلى حوارات السلف الصالح التي كانت تدور في بيوتهم يجد فيها نفائس إيمانية ولطائف تربوية ينبغي أن تكون منهجاً لنا في حواراتنا مع أهلينا، نقتبس من مشكاتها ونسير على ضوئها أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.
وقد تضمنت هذه الرسالة عشرة حوارات في القرآن والسنة وبعض ما روي عن السلف مع ذكر بعض ما اشتملت عليه من لفتات تربوية ، وحرصت أن يكون الجانب الأكبر منها في موضوع العشرة الزوجية.
هذا والله أسأل أن ينفع بهذه الكلمات إخواني المسلمين، وأن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن لا يحرمنا من دعوة أخ أو أخت لنا في ظهر الغيب أن يغفر الله لنا ذنوبنا، ويثبت على الحق أقدامنا، وأن يتوفانا مسلمين، ويلحقنا بالصالحين، وأن يسبغ علينا رحمته، ويدخلنا جنته مع السابقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه :
مازن بن عبد الكريم الفريح
الرياض:11652/ ص.ب87782
هاتف: 4918251