خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الله .. الله فى ولاة أمـــوركم !!

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الله .. الله فى ولاة أمـــوركم !! Empty الله .. الله فى ولاة أمـــوركم !!

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.08.08 18:51

    [b]الله .. الله فى ولاة أمـــوركم !!
    [size=28]الدعوة السلفية وولاة الأمور


    وعند هذا الأصل يظهر التباين الواضح والاختلاف الجلى بين السلفى وغيره ممن ادعى تمسكه بالكتاب والنسة وبفهم السلف الصالح .


    قال الله تعالى (( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم )) الآية 59 النساء .

    قال الإمام الطبري رحمه الله في " تفسيره " ( 5/150 ) : ( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعةً ، وللمسلمين مصلحة … إلخ ) أهــ .

    فالسمع والطاعة لولاة الأمر من المسلمين في غير معصيةٍ مجمعٌ على وجوبه عند أهل السنة والجماعة ، وهو أصلٌ من أصولهم التي باينوا بها أهل البدع والأهواء .وقل أن ترى مؤلفاً في عقائد أهل السنة إلا وهو ينص على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر ، وإن جاروا وظلموا ، وإن فسقوا وفجروا ، والإجماع الذي انعقد عند أهل السنة والجماعة على وجوب السمع والطاعة لهم مبنيٌ على النصوص الشرعية الواضحة التي تواترات بذلك :

    يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) رواه الشيخان .

    والمقصود من المعصية هى المعصية المنصوص عليها بصريح القرآن أو السنة الثابتة مثل أن يأمرنا بالزناأ وشرب الخمر أو ترك الصلاة …. إلى آخره فإن كان هذا هو أمر الإمام فلا يسمع له ولا يطاع فى ذلك مع بقاء الأصل وهو عدم الخروج عليه طالما أنه من المسلمين .

    وعن معاوية رضى الله عنه قال : لما خرج أبو ذر إلى الربضة لقيه ركب من العراق فقالوا : يا أبا ذر إعقد لنا لواءً تأتيك الرجال تحته فقال مهلاً يا أهل الإسلام فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( سيكون بعدى سلطان فأعزوه فمن التمس ذله ثغر فى الإسلام ثغرة ولم تقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت (حديث صحيح رواه أحمد وابن أبى عاصم وصححه الألبانى .

    عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعنى ومن يعص الأمير فقد عصانى ) رواه الشيخان .

    وعن أنس قال : نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : قال رسول الله : ( لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب ). حديث صحيح رواه ابن أبي عاصم وصححه الألباني .

    لأن سبهم يفضي إلى عدم طاعتهم في المعروف ، وإلى إيغار صدور العامة عليهم مما يفتح مجالاً للفوضى التي تعود على الناس إلا بالشر المستطير ، كما أن مطاف سبهم ينتهي بالخروج
    عليهم وقتالهم .


    وعن عياض بن غنيم رضى الله عنه قال : قال رسول الله : ( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية وليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك وإلا كان أدى الذي عليه ) . حديث صحيح رواه أحمد وابن أبي عاصم والحاكم والبيهقي وصححه الألباني .

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة في معرض كلامه عن ذلك ما يلي :( ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لايرون الخروج عن الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة. فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته) [ منهاج السنة النبوية: 3/390] .

    وقال العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله:( في جامعه) عندما شرح حديث تميم الداري ( الدين النصيحة) قال: ( وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الأمة عليهم وكراهة افتراق الأمة عليهم والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل والبغض لمن رأى الخروج عليهم وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل ) إلى أن قال رحمه الله : ( معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبة الوثوب عليهم والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك) [ جامع العلوم والحكم: 1/222] .

    وقال الإمام الطحاوي رحمه الله في " العقيدة الطحاوية " : ( ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أُمورنا ، وإن جاروا ، ولا ندعوا عليهم ، ولا ننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضةً ، ما لم يأمروا بمعصيةٍ ، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة ( اهـ

    وقال الإمام البربهاري في كتابه شرح السنة ص (107) : [ وإذا رأيت الرجل يدعوا على السلطان ؛ فاعلم أنَّه صاحب هوى وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح ؛ فاعلم أنَّه صاحبُ سُنَّة ] .

    وسئل الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله كما في كتاب " مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة " ( ص 31 ) عن من يمتنع عن الدعاء لولي الأمر فقال : ( هذا من جهله ، هذا من الجهل ..الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات ومن النصيحة لله ولعباده . والنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له إن دوساً عصت قال : " اللهم اهد دوساً وأت بهم ، اللهم اهد دوساً وأتِ بهم " ، يدعو للناس بالخير والسلطان أولى من يدعى له ، لأن صلاحه صلاح للأمة فالدعاء له من أهم الدعاء ، ومن أهم النصح .. )

    وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله- : ( فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان ، وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور ؛ فهذا عين المفسدة ، وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس ، كما أن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى ، وكذا ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء ، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها ، فإذا حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر؛ ضاع الشرع والأمن ؛ لأن الناس إن تكلم العلماء ؛ لم يثقوا بكلامهم ، وإن تكلم الأمراء ؛ تمردوا على كلامهم ، وحصل الشر والفساد ، فالواجب أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه ذوي السلطان ، وأن يضبط الإنسان نفسه ، وأن يعرف العواقب ، وليعلم أن من يثور إنما يخدم أعداء الإسلام ؛ فليست العبرة بالثورة ولا بالانفعال ، بل العبرة بالحكمة ، ولست أريد بالحكمة السكوت عن الخطأ ، بل معالجة الخطأ ؛ لنصلح الأوضاع ؛ لا لنغير الأوضاع ؛ فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها ). اهـ. [ نقلاً عن رسالة حقوق الراعي والرعية ] مجموع خطب للشيخ ابن عثيمين .


    ماذا لو جاروا علينا وظلمونا ؟

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " ( 28 / 179 ) : [ وأما ما يقع من ظلمهم وجورهم بتأويل سائغ أو غير سائغ فلا يجوز أن يزال لما فيه من ظلم وجورٍ ، كما هو عادة أكثر النفوس تزيل الشر بما هو شرٌ منه ، وتزيل العدوان ، بما هو أعدى منه ، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم ، فيصبر عليه ، كما يصبر عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ظلم المأمور والمنهي في مواضع كثيرةٍ كقوله تعالى : ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ) إلخ .. ]

    وقال الإمام النووي رحمه الله في " شرح صحيح مسلم " ( 12/ 229 ) : ( وأما الخروج – يعني على الأئمة ـ وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين ، وإن كانوا فسقة ظالمين ، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته ، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق ، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل وحكى عن المعتزلة أيضاً فغلط من قائله مخالف للإجماع ، قال العلماء وسبب عدم انعزاله ، وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء ، وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزلة أكثر منها في بقائه ) اهـ .

    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين " [ إذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه ، وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره ، وإن كان الله يبغضه ، ويمقت أهله ، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم ، فإنه أساس كل شر ، وفتنة إلى آخر الدهر ، وقد استأذن الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، وقالوا : أفلا نقاتلهم ؟ فقال : " لا ما أقاموا الصلاة " ، ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل ، وعدم الصبر على منكر ، فطلب إزالته ، فتولد منه ما هو أكبر ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها .. إلخ ] أهــ .


    ولقد كان موقف سلفنا الصالح من المنكرات الصادرة من الحكام وسطاً بين طائفتين :

    إحداهما : الخوارج والمعتزلة ، الذين يرون الخروج على السلطان إذا فعل منكرا ً .

    والأخرى : الروافض الذين أضفوا على حكامهم قداسة ، حتى بلغوا بهم مرتبة العصمة .

    وكلا الطائفتين بمعزلٍ عن الصواب ، وبمنأى عن صريح السنة والكتاب .

    ووفق الله أهل السنة والجماعة – أهل الحديث – إلى عين الهدى والحق ، فذهبوا إلى وجوب إنكار المنكر ، لكن بالضوابط الشرعية التي جاءت بها السنة ، وكان عليها سلف هذه الأمة .
    ومن أهم ذلك وأعظمه قدراً أن يناصح ولاة الأمر سراً فيما صدر عنهم من منكراتٍ ، ولا يكون ذلك على رؤوس المنابر وفي مجامع الناس ، لما ينجم عن ذلك – غالباً – من تأليب العامة ، وإثارة الرعاع ، وإشعال الفتن ، وهذا ليس دأب أهل السنة والجماعة ، بل سبيلهم ومنهجهم : جمع قلوب الناس على ولاتهم ، والعمل على نشر المحبة بين الراعي والرعية ، والأمر بالصبر على ما يصدر عن الولاة من استئثارٍ بالمال أو ظلمٍ للعباد ، مع قيامهم بمناصحة الولاة سراً ، والتحذير من المنكرات عموماً أمام الناس دون تخصيص فاعلٍ ، كالتحذير من الزنى عموماً ، ومن الربا عموماً ، ومن الظلم عموماً … ونحو ذلك .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الله .. الله فى ولاة أمـــوركم !! Empty رد: الله .. الله فى ولاة أمـــوركم !!

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.08.08 18:52

    والأدلة على أن النصيحة لولاة الأمر تكون سراً لا علانية ما يلي :

    جَلدَ عياض بن غُنْيمٍ صاحبَ داراً حين فُتحت ، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض ، ثم مكث ليالي ، فأتاه هشام بن حكيم ، فاعتذر إليه ، ثم قال هشام لعياض : ألم تسمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إن من أشد الناس عذاباً أشدهم عذاباً في الدنيا للناس" ؟ فقال عياض بن غنم : يا هشام بن حكيم ، قد سمعنا ما سمعت ، و رأينا ما رأيت ، أو لم تسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
    "من أراد أن ينصح لسلطانٍ بأمرٍ فلا يبد له علانيةً ، و لكن ليأخذ بيده ، فيخلو به ، فإن قبل منه فذاك ، و إلا كان قد أدى الذي عليه له " و إنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترىء على سلطان الله ، فهلا خشيت أن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله تبارك و تعالى ؟ " أخرجه الإمام أحمد وابن أبي عاصم في " السنة " وغيرهما ، وصححه الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة " ( 2 / 508 ) .

    ومما يدل على ذلك أيضاً ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قيل له : " ألا تدخل على عثمان لتكلمه ؟ فقال : ( أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه ) " . هذا سياق مسلم .
    قال القاضي عياض رحمه الله كما في " فتح الباري " للإمام ابن حجر رحمه الله ( 13/57 ) : ( مراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام لما يخشى من عاقبة ذلك ، بل يتلطف به
    ، وينصحه سراً فذلك أجدر بالقبول ) اهـ .

    وقال العلامة الألباني رحمه الله في تعليقه على " مختصر صحيح مسلم " ( ص335 ) : ( يعني المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ ، لأن في الإنكار جهاراً ما يُخشى عاقبته كما اتفق في الإنكار على عثمان جهاراً إذ نشأ عنه قتله ) اهـ .

    وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل ، فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله ، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها لا حاكم و لا غير حاكم .


    ماذا لو لم نستطع مناصحة من ولاهم الله أمرنا ؟

    قال ابن عبد البر فى التمهيد ( 21 / 287 ) : ( إن لم يتمكن نصح السلطان ، فالصبر والدعاء ، فإنهم كانوا – يعني الصحابة – ينهون عن سب الأمراء : أخبرنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين البغدادي قال : حدثنا عبدالله بن محمد بن عبد الحميد قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا يحيى بن يمان قال : حدثنا سفيان عن قيس بن وهب عن أنس بن مالك قال : كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوننا عن سب الأمراء ) أهــ .

    وبهذا يتضح جلياً موقف السلفيين من ولاة الأمور سواء ٌ كانوا من أهل العدل أو من أهل الجور والظلم فلاننزع يداً من طاعتهم ومن فارق الجماعة قيد بر فمات فميتته ميتة جاهلية والعياذ بالله !

    بل أن الحاكم الكافر المحكوم بكفره ذهب أهل العلم إلى طاعته مالم يأمر بمعصية .. لماذا ؟

    قال الشيخ عبد العزيز بن باز فى تعليق له على محاضرة " لزوم الجماعة وخطر التفرقة والإختلاف " [ وهكذا لو أطاع ولاة الأمور وهم كفار في أمر جائز، لا لأنهم يحلون أو يحرمون- كما جاء في حديث عدي ، بل أطاعهم؟ لأنه يرى المصلحة في طاعتهم، ولو كانوا كفاراً ، كأن أمروه بأن يسلك الطريق الفلاني، فمثلا سيارة تأتي من هذه الطريق وسيارة تأتي من هذه الطريق؟ فنظموا للناس الطرق وأمروهم أن يسلكوها حسب التنظيم، فعلى الناس أن يلتزموا بهذه الأمور التي فيها مصالحهم، ولا يسمى هذا عبادة لهذه الولاية، وهذا ا لأمير، أو لمدير الشرطة، أو لفلان. هذه أمور مباحة فيها مصالح الأمة وفيها مصالح الرعية إذا فعلوها؟ لأن فيها المصلحة، فليست- عبادة للدولة، وليست عبادة لمدير الشرطة وليست عبادة لرجل المرور، بل هي مباحة في مصالح العباد. وهكذا لو فرضوا ضريبة، وهم كفار أو دولة كافرة أو مسلمة، جعلوا ضريبة على العباد في بيته أو في دكانه أو في مزرعته ضريبة تؤدى كل سنة أو كل شهر وألزموه بها، ليست عبادة ، ولكن لأجل دفع شرهم ، أو لأنه رأى مصلحة في دفعها إليهم ، كأن يعينهم على مشاريعهم الطيبة، فليست عبادة لهم، فإن فعلها لله بأن يعينهم على الخير صارت عبادة لله، وإن دفعها لهم ليعينهم على المصلحة العامة لا لله، بل للمصلحة العامة، أو خوفا من شرهم فليست هذه عبادة لهم، فهذه أمور عادية ] أهـ .

    وسُئل : لو افترضنا أن هناك خروجاً شرعياً لدى جماعة من الجماعات ، هل هذا يبرر قتل أعوان هذا الحاكم وكل من يعمل في حكومته مثل الشرطة والأمن وغيرهم ؟

    فأجاب : [ سبق أن أخبرتك أنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين :
    أحدهما : وجود كفر بواح عندهم فيه من الله برهان .
    والشرط الثاني : القدرة على إزالة الحاكم إزالة لا يترتب عليها شر أكبر، وبدون ذلك لا يجوز ] .

    وهذا هو المتقرر عند أهل السنة والجماعة أن الخروج على ولى الأمر الكافر لايجوز إلا بالشرطين السابقين ، فالأول أن نرى كفراً بواحاً لنا فيه من كتاب الله برهان .. وهنا لنا وقفة بسيطة مع قضية تكفير المعين سواءٌ كان حاكماً أم غيره والتى اختلط فيها الحابل بالنابل وكثرت حولها الشبه والأقاويل فأقول نقلاً عن أهل العلم وماتوفيقى إلا بالله :

    قبل التكفير يجب أن :

    أولاً : نأتى بدلالة الكتاب والسنة على أن القول أو الفعل الصادر من المعين موجبٌ للكفر فمثلاً لانكفر مسلماً بمعصيةٍ مالم يستحلها كما يفعل المعتزلة و التكفيريون أو نكفر حاكماً حكم بغير ماأنزل الله دون أن أن يعلن أن حكمه مساوٍ أو هو خيرٌ من حكم الله عز وجل كفعل خوارج هذا العصر وأفراخهم من الجهادية والجماعات المنحرفة الذين يفسرون آيات ونصوص الحكم بغير ما أنزل الله بتفسير الخوارج ، معرضين عن تفسير سلف الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان .

    ثانياُ : أن نتأكد من أن هذا الحكم ينطبق على المعين – القائل أو الفاعل – بحيث تتم فى حقه الشروط وتنتفى الموانع .

    فقد يقع شخصٌُ فى الكفر إما بقولٍ أو بفعلٍ ولاينطبق اسم الكفر عليه إما لعدم توفر شرطٍ أو لانتفاء مانع من ذلك !

    فلا يحكم على معينٍ بالكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية مما دلت عليه النصوص وأقوال أهل السنة وبل ويشترط فهم الحجة وليس مجرد التبليغ فقط على الراجح من أقوال أهل العلم .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى جـ 3 ص 229 ( وهذا مع أنى دائماً ومن جالسنى يعلم ذلك منى أنى من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التى من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى ، وإنى أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها : وذلك يعم الخطأ فى المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية ) .

    ثم نأتى للشروط الواجب تحققها فى الشخص المعين بعد إتيانه بقولٍ أو عملٍ مكفرٍ حتى يحكم عليه بالكفر وهى :

    أن يكون بالغاً عاقلاً .
    أن يقع منه القول أو الفعل المكفر بإرادته واختيارٍ منه .
    أن تبلغه فى ذلك الحجة التى يكفر بخلافها .
    أن لايكون متأولاً .

    أما مسألة أن يفتى عالماً بكفر شخصٍ سواءٌ كان حاكماً أوغيره فهذا لايلزمنا الأخذ بقوله إلا للجاهل المقلد الذى ليس له قدرة على البحث والإستدلال ، أما سواه فقد يكون هذا الشخص كافراً عند هذا العالم وليس كذلك عند سواه ..

    قال الشيخ الألبانى رحمه الله وهو أشد العلماء بعداً عن تكفير المعينين ( ليس شرطاً أبداً أن من كفر شخصاً وأقام عليه الحجة أن يكون كل الناس معه فى التكفير ، لأنه قد يكون هو متأولاً ، ويرى العالم الآخر أنه لايجوز تكفيره ، وكذلك التفسيق والتبديع ، فهذه الحقيقة من فتن العصر ومن تسرع بعض الشباب فى إدعاء العلم ، المقصود أن هذا التسلسل وهذا الإلزام غير لازم أبداً ، هذا باب واسع قد يرى العالم الأمر واجباً ويراه ليس كذلك ، وماأختلف العلماء من قبل ومن بعد ولادته إلا لأنه من باب الاجتهاد ، لايلزم الآخرين ان يأخذوا برأيه ، الذى يلزم بأخذ برأى الآخر إنما هو المقلد الذى لاعلم عنده وهو الذى يجب عليه أن يقلد ، أما من كان عالماً فالذى كفر أو فسق أوبدع فلا يلزمه أبداً أن يتابع ذلك العالم ) أهــ .

    والشرط الثانى من شروط الخروج إذا ثبت كفر الحاكم أن لايحدث منكراً أكبر من تغيير الحاكم وخلعه وهذا لايكاد يتحقق فى زماننا هذا ، فكيف بالله عليكم الخروج على دولةٍ من الدول بأسلحتها ودباباتها وطائراتها وجنودها الذين يعدون بمئات الآلاف . ولذا ينهال أهل البدع من الخوارج والتكفيريين والجهاديين بأقذع الشتائم والسباب والألقاب على السلفيين الذين يرون بطاعة ولى الأمر وإن ظلم وبغى وحتى وإن كفر مالم يأمر بمعصية ويسمونهم – أى السلفيين - أذناب بغلة الملك وعلماء السوء وعلماء الحيض والنفاس والعملاء لماذا ؟ لأنهم أطاعوا من ولاه الله أمرهم وبايعوه فى المنشط والمكره ولاينازعون الأمر أهله وهذا فى نظر العاقل – فضلاً عن العالم – هو أفضل لوحدة المسلمين ودرءً للمفسدة والفتنة والله الهادى إلى سبيل الرشاد .

    ولو أخذنا شريحة من شرائح الخروج على ولاة الأمور ومانالنا منها من فتن ومفاسد يدمى لها القلب وخراب ودمار وإستنزافٍ للأرواح يندى له الجبين لأخذنا فتنة الخوارج التى أحدثها سفهاء الأحلام مرضى النفوس فى بنغازى وغيرها فى سنوات مضت حيث خرجوا على ولاة الأمر وأباحوا السرقة والقتل والتشريد ظانين أن هذا من الدين وأنهم فى جهاد مع الكفار بعد أن لبس عليهم علماءهم القعديين وأمراءهم الجهال وألبسوا لهم الباطل فى لباس الحق وبشروهم ووعدوهم بالشهادة والجنة المزعومة فانطبق عليهم قول الله عز وجل ( أولئك الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ) .. فوالله إنها لأيام عصيبة وموجعة لاردها الله ، ضاقت بنا الأرض بما رحبت وسئم من أفعالهم – لاكثرهم الله - حتى العوام ، وذهب ضحية جهلهم وقلة حيلتهم الكثير من الأبرياء من أهل السنة والعوام والله الموعد !!!

    وأعود وأذكر نفسى ومن يقرأ كلامى هذا بهذا الأثر العظيم ألا وهو : [ جَلدَ عياض بن غُنْمٍ صاحبَ دارا حين فُتحت ، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض ، ثم مكث ليالي ، فأتاه هشام بن حكيم ، فاعتذر إليه ، ثم قال هشام لعياض : ألم تسمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إن من أشد الناس عذاباً أشدهم عذاباً في الدنيا للناس" ؟ فقال عياض بن غنم : يا هشام بن حكيم ، قد سمعنا ما سمعت ، و رأينا ما رأيت ، أو لم تسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " :من أراد أن ينصح لسلطانٍ بأمرٍ فلا يبد له علانيةً ، و لكن ليأخذ بيده ، فيخلو به ، فإن قبل منه فذاك ، و إلا كان قد أدى الذي عليه له " و إنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترىء على سلطان الله ، فهلا خشيت أن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله تبارك و تعالى ؟ " أخرجه الإمام أحمد وابن أبي عاصم في " السنة " وغيرهما ، وصححه الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة " ( 2 / 508 (] .. فنعوذ بالله من أن نكون قتلى السلطان .



    وكتبه أبو همام ناصر القطعانى


    نقلاً عن
    الله .. الله فى ولاة أمـــوركم !! Albaidha1

    لطفـــــاً .. من هنــــــــــــا
    [/size][/b]

      الوقت/التاريخ الآن هو 29.03.24 9:46